أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


جرائم الشرف بين همجية القاتل وخطأ الحكام الإداريين

بقلم : عماد بن حسن المصري

في كل مجتمعات العالم المترامي الأطراف هناك نوعان من الحكم ، حكم الدولة الدينية ، وحكم الدولة المدنية ، وأصحاب هذين النظامين سعداء كل بقانونه ، سواء أكان هذا القانون سماوياً أو وضعياً ، وسواء أكانوا يرضون عن الدولة المدنية أو الدينية أو يرفضونها ، إلا أنهم ينفذون أحكام النظام بحذافيره .
وحكم الله ( الدولة الدينية ) هو الذي يجب أن يصار إليه ، ويجب أن ينفذ ( بيد الدولة ) لا بيد همج رعاع لا يعرفون لغة إلا لغة الضغط على الزناد .
وينقسم حكم الله عز وجل في قضايا الزنا إلى نوعين :
أ. زنى المحصن ( أي المتزوج ) ففيه الرجم لكلا الطرفين إن كانا متزوجين ، والتنفيذ بيد الحاكم أو من ينوب عنه .
ب. زنى البكر ، فهذا النوع يجلد الزاني سواء أكان ذكراً أو أنثى مئة جلدة ويغرب عام ، والتغريب هو قول الجمهور ، وخالف أبو حنيفة في ذلك وأصحابه بأن التغريب زيادة على نص القرآن ، وهو قوله تعالى : ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ) واعتبروا الحديث الذي فيه التغريب منسوخ ، وعللوا ذلك بأن التغريب يفتح باب الزنا .
ولسنا هنا لمناقشة المسألة الفقهية ، بل لإثبات نص الله عز وجل المثبت في حق الزانيين سواء كانا محصنين أو غير ذلك .
ولقد تنبهت الحكومة الأردنية إلى هذا الخطر الداهم المحدق ، الذي بدأ يضرب بهمجيته جذور المجتمع الأردني ، فأصدر الملك عبدالله بن الحسين المرسوم الملكي التالي :
مرسوم ملكي بإلغاء مادة من قانون العقوبات للحد من جرائم الشرف :
أصدر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني مرسوماً يقضي بالموافقة على قرار مجلس الوزراء تعديل المادتين ( 340 ) و ( 342 ) من قانون العقوبات إذ تم استبدال العذر المحل من المادة ( 340 ) بالسبب المخفف حيث كانت المادة تنص قبل التعديل ( يستفيد من العذر المحل ، من فاجأ زوجته أو إحدى محارمه خلال التلبس بالزنا ، مع شخص آخر وأقدم على قتلهما أو جرحهما أو إيذائهما كليهما أو أحدهما . كما يستفيد مرتكب القتل أو الجرح أو الإيذاء من العذر المخفف إذا فاجأ زوجته أو إحدى أصوله أو فروعه أو إخوانه مع آخر على فراش غير مشروع ) .
وبحسب مراحل قانونية فإن القانون أعطى المشرع سلطة القاضي إيقاع عقوبة جزائية على مرتكب الجريمة بموجب نص المادة ( 245 ) بعد تعديلها مع الأخذ بعين الاعتبار بالأسباب المخففة القانونية أو التقديرية ، لاغياً بذلك العذر المحل الذي يلغي صفة الإجرام من الفعل ويجعله مبرراً .
وفي ما يتعلق بالمادة ( 242 ) فإنه ، أي المشرع ، اعتبر من قتل أو أصاب بالجراح أو بأي فعل مؤذ ارتكب لدفع شخص دخل أو حاول الدخول ليلاً إلى منزل آهل بالسكان أو بيت السكن بتسلق السياج أو الجدران أو المداخل أو كسرها أو باستعمال مفاتيح مقلدة أو مصطنعة أو أدوات خاصة ، وإذا وقع الاعتداء نهاراً فلا يستفيد إلا من العذر المحل بعد أن كانت عذراً مخففاً ليجعل فعله مبرراً وغير محرم .
ويذكر أن تعديل المادة ( 340 ) من قانون العقوبات استبقته العديد من المحاولات عبر السنوات الماضية لإلغاء المادة أو تعديلها إذ رد مجلس النواب السابق مشروع قانون يقضي بإلغاء المادة .
ولقد كانت المادة السابقة سيئة السمعة والذكر تنص على ما يلي :
1. يستفيد من العذر المحل ، من فاجأ زوجته أو إحدى محارمه حال التلبس بالزنا مع شخص آخر وأقدم على قتلهما أو جرحهما أو إيذائهما كليهما أو إحداهما .
2. يستفيد مرتكب القتل أو الجرح أو الإيذاء من العذر المخفف إذا فاجأ زوجه أو إحدى أصوله أو فروعه أو أخواته مع آخر على فراش غير مشروع .
وبسبب هذا النص القديم يتراخى قتلة الشرف وهو يرتكبون جرائمهم ، وكانت القطاعات النسائية قد ناضلت طوال سنوات لإنجاز هذا التغيير القانوني ، فيما رفضته غالبية ساحقة من قادة القبائل ووجهاء العشائر .
وبالتبديل الأخير تم استبدال العذر المحلل من المادة ( 340 ) بالسبب المخفف حيث كانت المادة تنص قبل التعديل يستفيد من العذر المحلل من فاجأ زوجته أو إحدى محارمه حال التلبس بالزنا مع شخص آخر وأقدم على قتلها أو جرحها أو إيذائهما كليهما أو أحدهما كما يستفيد مرتكب القتل أو الجرح أو الإيذاء مع العذر المخفف إذا فاجأ زوجته أو إحدى أصوله أو فروعه أو إخوانه مع آخر على فراش غير مشروع .
والتعديل الجديد منح القاضي سلطة إيقاع عقوبة جزائية على مرتكب الجريمة بموجب نص المادة ( 340 ) بعد تعديلها مع الأخذ بعين الاعتبار بالأسباب المخففة القانونية أو التقديرية لاغياً بذلك العذر المحلل الذي يلغي صفة الإجرام عن الفعل ويجعله مبرراً .
ولكني ومن منطلق حرصي الدائم والدؤوب كوني أردني ومسلم لا زلت أأمل من الملك المعظم فصل - الكلمة التي أدخلت على نص مجرمي الشرف كأي مجرم قتل أردنياً على الأرض الأردنية ، فإلى متى نقتل بدم بارد أبرياء وبريئات على مسج أو صورة محمول مركبة مفبركة ؟ وإلى متى نضع إثم البريئات في رقاب المجتمع ؟
ازدياد الجرائم :
وتشير إحصائيات صادرة عن جهات رسمية إلى أن نسب جرائم الشرف في الأردن آخذة في التصاعد ويصل المعدل السنوي للجرائم الواقعة بدعوى الدفاع عن الشرف حوالي 25 جريمة قتل .
من جانب تشريعي قامت الحكومة في عام 2001 بتعديل المادة ( 340 ) من قانون العقوبات التي كانت تتيح لمرتكبي جرائم القتل المرتبطة بقضايا الدفاع عن الشرف ، الحصول على أحكام مخففة .

خطأ الحكام الإداريين :
ومع احترامي الشديد لكل حكامنا الإداريين ، فإني أحملهم مسؤولية تفشي قتل النساء البريئات على أيدي أهليهم كيف لا ؟ وهم المسؤولون أولاً وأخيراً ، أمام الله ، ثم أمام وزير الداخلية ، فمجلس الوزراء ، حتى لو لم يكن هناك قانون يسند آرائهم فهم من منطلق إنساني وجب عليهم حقن دماء أولئك السيدات - أو الفتيات القصر الصغيرات - فلماذا يمنع المتصرف بعض نشاطات الإخوان المسلمين ، أو أحزاب المعارضة ؟ ولا يستخدم نفس القانون بإحالة الفتاة إلى السجن ولو قضت عمرها كله فيه خير من قتلها على يدي سفاح لا يفهم إلا لغة الزناد .
ثم : نحن نطالب الحكومة الموقرة بالإسراع بإقامة بيوت لهؤلاء - الطفلات البريئات - لحمايتهم من غول اسمه - جرائم الشرف - .
وكم انتابني شعور بالغربة في وطني حينما قرأت عم إحدى الفتيات الصغيرات ذات السادسة عشرة قتلت وهي بريئة وتبين أنها عذراء فإلى متى ؟ سؤالاً أخصه بين يدي الحكومة فهل من مجيب ؟؟