أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




بسم الله الرحمن الرحيم

وقفة مع آية ...

كتبتها

أم عبد الرحمن بنت خليل


وَقَفَتْ أمام المرآة تتأمّل وجهها وقد خطت السُّنون على محياها جهد الأيام ، وحولَ عينيها مشاكل الزمن ، وعلى مفارق شعرها متاعب الدهر، وكأنها تحمل همّ العالم أجمع ! فبَدَتْ أكبر من عمرها بكثير.
تفاجأت من مظهرها وتساءلت في نفسها: كم مضى علي وقتٌ لم ألاحظ هيأتي؟؟ أهكذا أبدو ؟؟!
نظرت الى يمينها حيث أدوات الزينة وحليها، والتفتت الى يسارها حيث ثيابها مكدسة!!
ياه مسكين زوجي العزيز كم مضى وقت طويل لم يَرَنِي متزينة،
إن خرجت فبجلبابي وإن عدت فبثياب البيت!! عملي في المؤسسة أنساني أنوثتي... لابد من اجازة نعم لابد من إجازة...
لن أخرج اليوم، سيظل صغيري في حضني، لن أوقظه باكراً من سريره الدافئ، لن أوصله لدار الحضانة تحت المطر، ولن أضعه بين يدي مربّيات غريبات عنه، لن أسمع صوت بكائه يملأ أذناي وهو ينادي ماما!! وأنا أغادر حزينة وصدى صوته يقطع فؤادي، مسرعة،كي لا أتأخر عن عملي.
اليوم أنا سأرتب البيت، أنا سأنظف السجاد، وأمسح الأرض، لن أتصل بالتي تساعدني. أنا سأقف لأعد الطعام، سأختار طعاماً لذيذاً يحبّه الجميع وليس من الوجبات السريعة.
رأيت الابتسامة على وجه صغيرتي عندما فتحت لها أنا الباب، لن تضطر بعد اليوم أن تنتظرني وحيدة إلى أن أعود، بل وَجَدَت الطعامَ جاهزاً، لم تأكله بارداً، حدثتني عن يومها المدرسي وأنا أستمع لها بكل شوق ولهفة، لن أقول لها: فيما بعد! أنا متعبة!
لن أغلق باب غرفتي بوجه أبنائي لأرتاح، اليوم أنا سأدرّسها، سأمسح على رأسها وأقبّلها وأشجّعها وأنا أراها تبذل كل ما في وسعها لترضيني.
اليوم سأستقبل زوجي متزيّنة، لن يراني منكوشة الشعر رثة الثياب، بل سأتناول طعام الغذاء معه، لن يأكل وحده بعد اليوم، سنشرب الشاي سويًّا!! سأستمع إليه، كم هو محدِّث بارع! لم أسمعه كذلك منذ الخطوبة.
ياه! كم بيتي رائع! ولمساتي تزين كل ما فيه!! كم أحب عائلتي الصغيرة وأنا أرى علامات الشكر تشع من قلوبهم!!
الحمد لله الذي أدركت كل هذا قبل أن يأتي يوم كلنا لا ندرك ما سيصيبنا فيه!
الآن - والآن فقط - فهمت معنى قوله تعالى:{... وقرن في بيوتكن ...}.