أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ جِهَادٌ عَظِيمٌ 20شوال1433
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَعَزَّ مَنْ أَطَاعَهُ وَاتَّقَاه ، وَأَذَلَّ مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ فَعَصَاه ، النَّاصِرُ لِدِينِهِ وَمَنْ وَالاه ، الْقَائِلُ فِي مُحْكَمِ آيَاتِهِ (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُوْنَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُوْنَ بِالْمَعْرُوْفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُوْنَ) وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَخَلِيلُهُ وَمُصْطَفَاهُ الْقَائِلُ (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيما ًكَثِيراً إِلَى يَوْمِ الدِّينِ .
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ , وَقُومُوا بِمَا أَمَرَكُمُ اللهُ بِهِ مِنَ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ , فَإِنَّهُ وَاجِبٌ لا خِيَارَ لَنَا فِيه !
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ شَرَفٌ لَنَا نَحْنُ أُمَّةَ الإِسْلامِ , وَمَنْقَبَةٌ عَظِيمَةٌ وَمَزِيَّةٌ شَرِيفَةٌ , وَرِفْعَةٌ لَنَا بَيْنَ الأُمَمِ وَسَبَبٌ لِلْخَيْرِيَّةِ , قَالَ سُبْحَانَهُ (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)
إِنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَظِيْفَةُ نَبِيِّنَا مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَلَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَ اللهِ جَلَّ وَعَلا (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ , يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ)
إِنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ عَلامَةٌ عَلَى الإِيمَانِ , وَتَرْكَهُ عَلامَةٌ عَلَى النِّفَاقِ !!! فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ , وَيَفْعَلُونَ مَا لا يُؤْمَرُونَ , فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فُهُوَ مُؤْمِنٌ , وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ , وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ , وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ)
إِنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ سَبَبَانِ مِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ وَالتَّأْيِيدِ وَتَرْكُهُمَا سَبَبٌ لِلذُّلِّ وَالْخُذْلانِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى : (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ , الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ)
إِنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ سَبَبَانِ مِنْ أَسْبَابِ اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ وَتَرْكُهُمَا سَبَبٌ لِلرَّدِّ وَالْحِرْمَانِ , عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ , وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ , أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ , ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ هُوَ وَالأَلْبَانِيُّ .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ نَوْعَانِ مِنْ أَنْوَاعِ الصَّدَقَةِ , فَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالأُجُورِ , يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي , وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ , وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ ! قَالَ (أَوَ لَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ ؟ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً , وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً , وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً , وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً , وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ , وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
إِنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ النَّجَاةِ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ , وَتَرْكُهُمَا مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الْهَلاكِ وَعُمُومِ الْعُقُوبَاتِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ)
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ فِي الْقِيَامِ بِالأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ حَسْماً لِمَوَادِ الشَّرِّ وَالْفَسَادِ , وَقَمْعَاً لِأَهْلِ الْمَعَاصِي وَالْعِنَادِ !
إِنَّ فِي الْقِيَامِ بِالأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ أَمَاناً مِنْ مُشَارَكَةِ الْعَاصِينَ فِي وِزْرِ الْمَعْصِيَةِ وَعَارِهَا , وَفِيهِ إِعْزَازٌ لِدِينِ الإِسْلامِ وَحَرَاسَةٌ لَهُ وَلِأَهْلِهِ , وَفِي تَرْكِهِ سَلْبُ الْمُلْكِ وَإِبْدَالُ الْعِزِّ بِالذُّلِّ وَالأَمْنِ بِالْخَوْفِ وَلا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ .
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ أَنْ قَدْ حَضَرَهُ شَيْءٌ ! فَتَوَضَّأَ وَمَا كَلَّمَ أَحَدَاً , ثُمَّ خَرَجَ , فَلَصَقْتُ بِالْحُجْرَةِ أَسْمَعُ مَا يَقُولُ , فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ لَكُمْ : مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ قَبْلَ أَنْ تَدْعُونِي فَلا أُجيبُكُمْ وَتَسْأَلُونِي فَلا أُعْطِيكُمْ وَتَسْتَنْصِرُونِي فَلا أَنْصُرُكُمْ) رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ لِغَيْرِهِ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : هَذِهِ بَعْضُ فَضَائِلِ هَذِهِ الشَّعِيرَةِ الْعَظِيمَةِ وَالْمَنْقَبَةِ الْجَزِيلَةِ , فَهَنِيئَاً لِمَنْ قَامَ بِهَا , وَمَا أَسْعَدَ مَنْ اتَّصَفَ بِهَا ! وَتَحِيَّةً لِأُولَئِكَ الرِّجَالِ الذِينَ هَذِهِ مُهِمَّتُهُمْ وَذَلِكَ هُوَ عَمَلُهُمْ ! هَنِيئَاً لِرِجَالِ الْحِسْبَةِ وَأَعْضَاءِ الْهَيْئَةِ , الذِينَ بَذَلُوا أَوْقَاتَهُمْ وَأَمْضَوْا أَعْمَارَهُمْ يُجَاهِدُونَ فِي هَذَا السَّبِيلِ , وَيُنَاضِلُونَ فِي ذَلِكَ الطَّرِيقِ وَجَزَاهُمْ عَنِ الإِسْلامِ وَالْمُسْلِمِينَ خَيْرَ الْجَزَاءِ ! وَتَبًّا لِمَنْ تَنَقَّصَهُمْ , وَسُحْقًا لِمَنْ ذَمَّهُمْ , وَأَبْعَدَ اللهُ مَنْ كَرِهَهُمْ !
وَأَسْعَدَ اللهُ مَنْ وَقَفَ مَعَهُمْ , وَسَلَّمَ اللهُ مَنْ سَانَدَهُمْ , وَغَفَرَ اللهُ لِمَنْ نَاصَحَهُمْ وَأَرْشَدَهُمْ فَإِنَّهُمْ بَشَرٌ قَدْ يُخْطِئُونَ , وَأُنَاسٌ قَدْ لا يُصِيبُونَ , وَالدِّينُ النَّصِيحَةُ , وَالْمُؤْمِنُ مِرْآةُ أَخِيهِ , وَرَحِمَ اللهُ امْرَأً أَهْدَى إِلَيْنَا عُيُوبَنَا , لَكِنْ : عَلَى سَبِيلِ النَّصِيحَةِ لا عَلَى سَبِيلِ الْفَضِيحَةِ !
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ . أَمَّا بَعْدُ : فَاعْلَمُوا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : أَنَّ هَذِهِ الشَّعِيرَةَ الْعَظِيمَةَ لَيْسَتْ مُقْتَصِرَةً عَلَى رِجَالِ الْهَيْئَاتِ , بَلْ هِيَ لِكُلِّ مَنِ اقْتَفَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دِينِهِ وَتَبِعَهُ فِي شَرْعِهِ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : نَخْتِمُ خُطْبَتَنَا بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ لِسَمَاحَةِ الشَّيْخِ الْعَلَّامَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ , حَيْثُ قَالَ :
إِنَّ مَوْضُوعَ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ مَوْضُوعٌ عَظِيمٌ ، جَدِيرٌ بِالْعِنَايَةِ , لِأَنَّ فِي تَحْقِيقِهِ مَصْلَحَةَ الأُمَّةِ وَنَجَاتَهَا ، وَفِي إِهْمَالِهِ الْخَطَرَ الْعَظِيمَ وَالْفَسَادَ الْكَبِير ، وَاخْتِفَاءَ الْفَضَائِلِ ، وَظُهُورَ الرَّذَائِلِ !
وَقَدْ أَوْضَحَ اللهُ جَلَّ وَعَلا فِي كِتَابِهِ الْعَظِيمِ مَنْزِلَتَهُ فِي الإِسْلامِ ، وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ مَنْزِلَتَهُ عَظِيمَةٌ ، حَتَّى إِنَّهُ سُبْحَانَهُ فِي بَعْضِ الآيَاتِ قَدَّمَهُ عَلَى الإِيمَانِ ، الذِي هُوَ أَصْلُ الدِّينِ وَأسَاسُ الإِسْلامِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) وَلا نَعْلَمُ السِّرَّ فِي هَذَا التَّقْدِيمِ ، إِلَّا عِظَمُ شَأْنِ هَذَا الْوَاجِبِ ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَظِيمَةِ الْعَامَّةِ ، وَلا سِيَّمَا فِي هَذَا الْعَصْرِ ، فَإِنَّ حَاجَةَ الْمُسْلِمِينَ وَضَرُورَتَهُمْ إِلَى الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ شَدِيدَةٌ , لِظُهُورِ الْمَعَاصِي , وَانْتِشَارِ الشِّرْكِ وَالْبِدَعِ فِي غَالِبِ الْمَعْمُورَةِ !
وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي عَهْدِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَهْدِ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَفِي عَهْدِ السَّلَفِ الصَّالِحِ يُعَظِّمُونَ هَذَا الْوَاجِبَ ، وَيَقُومُونَ بِهِ خَيْرَ قِيَامٍ ، فَالضَّرُورَةُ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَشَدُّ وَأَعْظَمُ ، لِكَثْرَةِ الْجَهْلِ وَقِلَّةِ الْعِلْمِ وَغَفْلَةِ الْكَثِيرِ مِنَ النَّاسِ عَنْ هَذَا الْوَاجِبِ الْعَظِيمِ . وَفِي عَصْرِنَا هَذَا صَارَ الأَمْرُ أَشَدَّ ، وَالْخَطَرُ أَعْظَمَ ، لانْتِشَارِ الشُّرُورِ وَالْفَسَادِ ، وَكَثْرَةِ دُعَاةِ الْبَاطِلِ ، وَقِلَّةِ دُعَاةِ الْخَيْرِ فِي غَالِبِ الْبِلادِ ... وَجَمِيعُ الرُّسُلِ بُعِثُوا يَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى تَوْحِيدِ اللهِ ، الذِي هُوَ أَعْظَمُ الْمَعْرُوفِ ، وَيَنْهَوْنَ النَّاسَ عَنِ الشِّرْكِ بِاللهِ ، الذِي هُوَ أَعْظَمُ الْمُنْكَرِ ... انْتَهَى كَلامُهُ رَحِمَهُ اللهُ !
أَيُّهَا الْمُسْلِمُ الْعَاقِلُ : إِيَّاكَ ثُمَّ إِيَّاكَ أَنْ يَمْنَعَنَّكَ مِنَ الْقِيَامِ بِهَذِهِ الشَّعِيرَةِ الْعَظِيمَةِ خَوْفُ النَّاسِ أَوْ مُدَاهَنَتُهُمْ , فَاللهُ أَحَقَّ أَنْ تَخْشَاهُ إِنْ كُنْتَ مُؤْمِنًا , وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَرْجُوهُ إِنْ كُنْتَ صَادِقاً , وَاعْلَمْ أَنَّ فَلاحَكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ هُوَ بِالْقِيَامِ بِهَذَا الْعَمَلِ الصَّالِحِ , وَالْقُرْبَةِ الْكَبِيرَةِ , وَالْمَنْزِلَةِ الرَّفِيعَةِ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُ الْعَاقِلُ : قُمْ بِهَا فِي بَيْتِكَ , فَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَهُمْ عَنِ الْمْنُكَرِ , قُمْ بِهَا فِي حَيِّكَ وَمَسْجِدِكَ , قُمْ بِهَذِهِ الشَّعِيرَةِ فِي عَمَلِكَ وَفِي سُوقِكَ وَمَزْرَعَتِكَ وَفِي تِجَارَتِكَ , وَأَبْشِرْ بِالْفَلاحِ وَالنَّجَاحِ وَالرِّضْوَانِ مِنَ اللهِ !
وَعَلَيْنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ نَكُونَ رَفِيقِينَ فِي أَمْرِنَا وَنَهْيِنَا وَأَنْ نَخْتَارَ الْوَقْتَ الْمُنَاسِبَ , وَالأُسْلُوبَ الأَمْثَلَ , وَالطَّرِيقَةَ الْحَكِيمَةَ , وإِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ , وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ , مَا جُعِلَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ ، وَمَا نُزِعَ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ !!!
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْماً نَافِعاً وَعَمَلاً صَالِحاً , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنا دِينَناَ الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا وَأَصْلِحْ لَنا دُنْيَانا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا وَأَصْلِحْ لَنا آخِرَتَنا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنا وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنا فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنا مِنْ كُلِّ شَرٍّ ... اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ , اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْ صَحَابَتِهِ وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِم إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُم بِعَفْوِكَ وَمَنِّكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .

<div style="padding:6px"> الملفات المرفقة
: (الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ جِهَادٌ عَظِيمٌ).pdf&rlm;
: 220.2 كيلوبايت
: <font face="Tahoma"><b> pdf