أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


السلام عليكم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على رسوله الأمين المبعوث بالآيات الباهرة رحمة للعالمين و الصلاة على آله و أصحابه الطاهرين إلى يوم الدين .
و بعد ....
فإن من أعظم النعم أن يوفق الله سبحانه عبده المؤمن للاشتغال بالقرآن الكريم تلاوة و حفظا و فهما و تدبرا وأعظم من ذلك أن يوفقه الله سبحانه للعمل بما علم حتى يكون علمه حجه له لا حجة عليه.
و من هذه النقطة يبدأ هذا الموضوع و هو يتعلق بالحديث التالي :
قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلّم: «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ في الدُّنْيَا فإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيةٍ تَقْرَؤُهَا». سنن أبي داود(حسن صحيح )
و الموضوع يتضمن مباحث في عدة محاور هي :
(1)من هو (صاحب القرآن ) في هذا الحديث هل الذي يحفظه عن ظهر قلب أم الذي يقرأ من المصحف ؟؟؟.
(2)هل هناك أحاديث صريحة تدعو المسلم لحفظ القرآن عن ظهر قلب ؟؟؟
(3) من هوصاحب القرآن الذي يقال له (اقْرَأْ وَارْتَقِ) هل هو الذي يحفظه عن ظهر قلب فقط أم هو الذي يحفظه و يعمل به ؟؟؟
(4)ما معنى حديث («الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ. وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ، لَهُ أَجْرَانِ».
هل هذا معناه أن الذي يتتعتع بالقرآن أجره أكثر من أجر الماهر بالقرآن ؟؟؟
(5) أيهما أفضل القرءة من المصحف أم القراءة عن ظهر قلب ؟؟؟
(6) ما معنى حديث ( حسنوا القرآن بأصواتكم ) ؟؟؟
(7) ما معنى حديث (ليس منا من لم يتغن بالقرآن ) و ما معنى التغني بالقرآن ؟؟؟
(8) هل يتحتم علينا الاستماع لكل قارئ يقرأ القرآن لأنه لو طهرت قلوبنا ما شبعنا من كلام ربنا أم يستحب لنا أن نبحث عن القارئ الذي تخشع له قلوبنا ؟؟؟ و هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يسمع القرآن من بعض الصحابة ؟؟
هذه هي المحاور الأساسية للموضوع و أسأل الله التوفيق و السداد في شرحها و توضيحها ،
و بيان أقوال العلماء المتعلقة بها .
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
المحور الأول
(1)من هو (صاحب القرآن ) في هذا الحديث هل الذي يحفظه عن ظهر قلب أم الذي يقرأ من المصحف ؟؟؟
هذا السؤال أجاب عنه الامام ابن حجر الهيثمي فقد جاء في الفتاوى الحديثية ما يلي :
مطلب: «يقال لصاحب القرآن إقرأ وارق ورتل» ( الحديث)
92 ـ وسئل الامام الهيثمي نفع الله به عن قوله صلى الله عليه وسلّم: «يقال لصاحب القرآن يوم القيامة اقرأ وارق ورتِّل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية»
مَنْ المخصوص بهذه الفضيلة هل هم من يحفظ القرآن في الدنيا عن ظهر قلبه ومات كذلك، أم يستوي فيه هو ومن يقرأ في المصحف،؟؟ وعن قول صاحب «العُباب»: وورد أن الملائكة لم يعطوا فضيلة حفظ القرآن فهم حريصون على استماعه من الإنس، وسبقه إلى ذلك ابن الصلاح، والقصد تبيين الطريق التي ورد منها هل هو حديث نبويّ أو غير ذلك؟
فأجاب رضي الله عنه بقوله:
الخبر المذكور خاصّ بمن يحفظه عن ظهر قلب لا بمن يقرأ في المصحف لأن مجرد القراءة في الخط لا يختلف الناس فيها، ولا يتفاوتون قلة وكثرة، وإنما الذي يتفاوتون فيه كذلك هو الحفظ عن ظهر قلب، فلهذا تفاوتت منازلهم في الجنة بحسب تفاوت حفظهم، ومما يؤيد ذلك أيضاً، أنَّ حفظ القرآن عن ظهر قلب فرض كفاية على الأمة، ومجرد القراءة في المصحف من غير حفظ لا يسقط بها الطلب فليس لها كبير فضل كفضل الحفظ، فتعيَّن أنه أعني الحفظ عن ظهر قلب هو المراد في الخبر، وهذا ظاهر من لفظ الخبر بأدنى تأمل، وقول الملائكة له «اقرأ وارق» صريح في حفظه عن ظهر قلب كما لا يخفى،
وقول ابن الصلاح، وقد ورد أن الملائكة لم يعطوا فضيلة قراءة القرآن فهم حريصون الخ، فأما كونهم لم يعطوا ذلك فكأنه أخذه من أحاديث تشير إليه، لكن اعترضه غير واحد وساقوا من القرآن والسنة ما يعارضه، ومن ثم صرح غير واحد بخلافه
، لكنني في «شرح العباب» أجبتُ عما أوردوه عليه، وأما حرصهم على استماعه من الإنس فهو صريح الأحاديث الصحيحة.
الفتاوى الحديثية ص113
(ملاحظة صاحب كتاب العباب هو المزجد اليمني و قد شرحه الامام الهيثمي في كتاب سماه
( الإيعاب في شرح العباب ) .
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
و للحديث بقية إن شاء الله تعالى.