أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


لا يصح أن نقول فلان هو الذي أسس المذهب الفلاني بل المذاهب تتكون عبر الزمن
موسوعة الألباني في العقيدة (9/ 648)
[1799] باب بيان نشأة مذهب المعتزلة
وضلال قول الجبرية والقدرية
سؤال: بالنسبة لو تعطينا نبذة عن فرقة المعتزلة، من هم الذين اتفق عليهم من قبل معتزلة؟
الشيخ: من هم أيش؟
مداخلة: من الذين أسسوا فرقة المعتزلة، هل هم من السلف الصالح؟
الشيخ: لا: حاشاهم، هو من هؤلاء الرؤوس واصل بن عطاء، منهم الجهم بن صفوان ...
مداخلة: الجهم بن صفوان على العكس.
الشيخ: المهم، عطني بالكم أنا بدي أرجع لكم شيء هو من الحقائق.
مداخلة: زين العابدين، أبو محمد النفس الزكية.
الشيخ: شو بهم هادول؟
مداخلة: هل هم هادول المعتزلة الأصلية؟
الشيخ: راح أقول لك يا أخي لا يجوز أن نقول إن مذهب المعتزلة أسسه فلان بعينه، مذهب الجبرية أسسه فلان بعينه، لا هي مذاهب، يأتي رجل برأي نفترض أن هذا الرأي موافق للسنة، فيتبعه الناس ويؤيدونه وينصرونه، لا يقال هو دعا إلى هذا المذهب، وإنما هو رأي تبناه وكان صواباً، ثم تبعه العلماء وطلاب العلم والناس جميعاً، وهذا يعود إلى ما ذكرناه آنفاً بالنسبة للأئمة الأربعة.
على العكس تماماً الآن لا يمكن أن يقال: أسس مذهب المعتزلة هو شخص موسوعة الألباني في العقيدة (9/ 649)
واحد، أول من دعا مثلاً إلى القول بخلق القرآن هو شخص معروف حتى شو اسمه؟
مداخلة: الجهم.
الشيخ: الجهم وقتل وذبح، لكن هذا.
مداخلة: الجعد بن درهم.
مداخلة: نعم شيخنا.
الشيخ: هذا ضحي به.
مداخلة: خالد القسري.
الشيخ: أي نعم، فهذا أول من دعا إلي إيه؟ إلى أن كلام الله مخلوق، لكن هذا الرأي تبنته المعتزلة، لكن المعتزلة ما صاروا معتزلة لأنه تبنوا هذا الرأي، لا تبنوا آراء أخرى كثيرة، وكثيرة جداً، منها مثلاً: أنهم يقولون: الإنسان يخلق أفعال نفسه، منها مثلاً: أنهم يقولون إن الله عز وجل لا يراه المؤمنون يوم القيامة خلافاً للآية الكريمة: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (القيامة:23).
القصد هذه المذاهب تتشكل وتتأسس على مضي الزمن، فلا يصح أن يقال أن المذهب الحنفي مثلاً هو أسسه أبو حنيفة، لا. أبو حنيفة كان له أصحاب أبو يوسف، محمد بن الحسن، زفر الخ.
كذلك المذاهب الأخرى، السؤال حينئذ يكون خطأ، وإن كان لا يترتب من ورائه يعني فائدة تذكر، وإنما الفائدة أن تعرف إنه مذهب المعتزلة صواب فنتبعه، أم ضلال فنجتنبه، هذا هو الصواب الصحيح من السؤال، والجواب يكون: المعتزلة هم بلا شك طائفة من المسلمين ولكنهم انحرفوا عن العقيدة الصحيحة السلفية في كثير من الجوانب، ومنها ما ذكرت آنفاً، وهم حينما قالوا: إن الإنسان موسوعة الألباني في العقيدة (9/ 650)
يخلق أفعال نفسه أرادوا بذلك الرد على طائفة من الطوائف الأخرى وهم الجبرية، الجبرية يقولون: إن الإنسان مجبور على الخير والشر، وهذا ضلال، قابل هذا الضلال المعتزلة بضلال آخر: لا: الإنسان يخلق أفعال نفسه.
والصواب طبعاً: هو عقيدة أهل السنة الذين يرون أن الإنسان ليس مجبوراً في كل شيء، هو مختار في كثير من أعماله، مجبور في كثير من أفعاله، ولكن حيث وجد الاختيار وجد التكليف، وحيثما وجد الإجبار رفع عنه التكليف، لماذا؟ لوجود علة المؤاخذة أو لفقدانها، حيث يوجد الاختيار فهو علة المؤاخذة، وحيث يوجد الإجبار فلا مؤاخذة.
المعتزلة يقولون: الإنسان يخلق أفعال نفسه، هو كذب وافتراء على الله؛ لأن الله هو الخالق ولا شريك له، الجبرية عكس هؤلاء يقولون: كما قال شاعرهم يصف ربهم:
ألقاه في اليم مكتوفاً ثم قال له ... إياك إياك أن تبتل بالماء
هكذا نحن معشر المسلمين اللي بنصلي وبنصوم غصباً عنا؟ لا والله، قال تعالى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (الكهف:29).
مداخلة: ... لو سمحت والله مسألة مرتبطة في هذا الموضوع وهو أن المعتزلة جابوا آيات قرآنية، والجبرية جابوا آيات قرآنية، يعني يلتبس فيها الأمر، المعتزلة مثلاً قالوا: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} (المدثر:38)، الجبرية قالوا: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (الصافات:96).
الشيخ: وما تعملون، نعم.
مداخلة: يعني ظاهر الآيات يؤيد رأي كل جهة يعني.
موسوعة الألباني في العقيدة (9/ 651)
الشيخ: يعني يؤيد التناقض؟
مداخلة: بدنا نحن توضيح لهذا الشيء.
الشيخ: ها هذا ليس مجاله بارك الله فيك، بس لازم أنت تحضر في بالك، لازم تحط في بالك قوله عز وجل: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} (النساء:82). فوجود هذا الاختلاف في مذهبين رأساً يجب أن تحكم بأنه مستحيل أن يكون في الشرع الإسلامي خاصة في القرآن الكريم، لكن أرى أنني لا بد أن أجيب جواباً مختصراً جداً.
شو الآية اللي قلتها أنت: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} (المدثر:38).
مداخلة: يعني ظاهرها: التخيير.
الشيخ: معليش، ونحن قلنا آنفاً شو عقيدة أهل السنة؟
مداخلة: الاختيار, في اختيار وجبر.
الشيخ: طيب، أنت الآن هل تعتقد معنا أنه في اختيار وفي جبر، ولا ما تعتقد؟
مداخلة: بالتأكيد.
الشيخ: طيب، إذن فنحن لسنا معتزلة نحن عم بنقول بقول الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} (المدثر:38)، صدق الله، لكن الآن يأتي: هل هذا الإنسان الذي اكتسب خيراً فسيجزى خيراً، أو اكتسب شراً فيسيجزى شراً، هل هو فعل هذا [جبراً] ... ولَّا ربنا عز وجل خلقه بشراً سوياً، ومكنه وقدره، وخلق فيه قدرة يتمكن بها من التصرف بما يريد من خير أو شر؟
كما قال تعالى: {أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} (الواقعة:59)، لا، هو الخالق،