أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


دراسات/العدد الثالث والستون- رمضان 1428 هـ

مقال قديم قيم فيه شرح لأوضاع العراق الدينية خلال خمسين سنة مضت

جهود علماء العراق في الردّ على الشيعة الحلقة السابعة والأخيرة



عبد العزيز بن صالح المحمود

منذ ثورة 17 تموز/ يوليو 1968م (حكم حزب البعث) وحتى احتلال العراق سنة 2003م
خاص بالراصد



العراق في ظل حكم البعث من سنة 1968 لغاية 1973:
استطاع حزب البعث العربي الإشتراكي القيام بانقلاب، والإطاحة بحكومة عبد الرحمن محمد عارف، بمساعدة مجموعة غير بعثية، وكان الانقلاب بقيادة الضابط البعثي أحمد حسن البكر، وهذه ليست المحاولة الأولى للبعثيين للمجيء للسلطة فقد سبق للبعث من قبل الاشتراك مع تيار عبد السلام محمد عارف، وهو تيار عروبي إسلامي، للإطاحة بحكومة عبد الكريم قاسم سنة 1963م.
جاء حزب البعث إلى الحكم مع لفيف من القوميين والوطنيين الذين كانوا يَعدون الناس بعدم الإنفراد بالسلطة، بَيْد أن هذه الوعود لم تدم سوى 13 يوما، ومن ثم جاءت ثورة سميت الثورة التصحيحية في 30 تموز 1968م، وسيطر حزب البعث على كل مفاصل السلطة الرئيسية، وعين شخصية شيعية بعثية مجرمة هي ناظم كزار مديرا للأمن[1]، فشرع بتصفية خصوم حزب البعث من قوميين وعروبيين غير بعثيين كالناصريين، ومن شيوعيين وإسلاميين سنة (جماعة الإخوان وحزب التحرير) أو إسلاميين شيعة بكل أصنافهم وأكراد وتركمان، وكانت التصفية تأخذ أشكالا وأصنافا؛ من تعذيب وقتل وسجن واغتيال وتلفيق تهم تسهيل الهروب من البلاد، وأصابت التصفيات والبطش شتى طبقات المجتمع العراقي ولكن نصيب السياسيين كان هو الأوفر.
دخلت البلاد في دوامات تصفية وإرهاب، وكان ناظم كزار أول شخص يمنح رتبة عسكرية من لاشيء (رتبة لواء) وكانت هذه سابقة في الجيش العراقي لم تعهد من قبل، وكان الهدف هو سيطرة البعث على دوائر الأمن، ولم يكن حزب البعث طائفيا أبدا – كما صورته المعارضة الشيعية - بل كان يؤمن بحزبه فحسب.
وكانت علاقة حزب البعث سيئة بكل التيارات والحركات الإسلامية المنظمة وغير المنظمة السنية أو الشيعية، ولذلك تقلصت نشاطات التيارات الدينية بشكل عام.
وفي المرحلة من 1968م حتى أواخر السبعينيات لم يكن هناك نشاط ملموس في مقاومة التشيع بسبب القبضة الأمنية لحزب البعث على العراق والتي كانت موكلة لشخصية شيعية بعثية مجرمة في بداية الأمر (1968-1973م) هي ناظم كزار مدير الأمن؛ لأن لحزب البعث نظرة سلبية تجاه الكيانات الدينية، فهو ينظر لها ككيانات رجعية غير قادرة على حكم البلاد والعباد وهي تشبه إلى حد ما نظرة الشيوعيين إلا أنها لا تحمل فكرة الإلحاد.
وعلاقة حزب البعث بالتيارات الدينية (السنية أو الشيعية) يمكن إجمالها بما يلي:
*في الفترة المحصورة بين نشوب الثورة ولغاية سنة 1970م كان مجيء الحزب صدمة لكل التيارات الدينية سواء لحركة الإخوان أو حزب التحرير أو حزب الدعوة أو بقية الأحزاب الشيعية الصغيرة[2]، وفي البداية حاول الحزب أن يخدع حركة الإخوان فعيّن عبد الكريم زيدان المرشد العام للإخوان في العراق وزيرا للأوقاف في قائمة ثورة 17 تموز، ولكنه رفعه بعد 13 يوما ثم نحي بعد ذلك، وكانت بداية حزب البعث شرسة فقد تم فيها قتل أحد علماء العراق، بعد اعتقاله وهو الشيخ عبد العزيز البدري.
والشيخ البدري كان له صله بالحزب الإسلامي وحزب التحرير مع سلفية في منهجه، وقد أثار قتله ضجة في الأوساط الدينية السنية، كما حاولت مجموعة من الإخوان، والقوميين الإسلاميين والتحريرين منهم صالح سرية[3] وعبد الغني الراوي (إسلامي عروبي) والعقيد محمد فرج الجاسم وجماعة من العسكريين الإخوان، القيام بانقلاب في سنة 1970م لكنه فشل، فهرب بعضهم وأعدم آخرون، وحزب الإخوان كان قد انقسم تجاه الثورة قسمين: بعضهم كعبد الكريم زيدان ومجموعة معه رفضوا القيام بمحاولة انقلاب ضد البعثيين بحجة عدم وجود القدرة والكفاءة لحكم العراق، في حين تعاون العسكر مع بعض الوطنيين والقوميين للقيام بالانقلاب المذكور سابقا.
واشتدت الاعتقالات داخل جماعة الإخوان، فأصدر المرشد العام قرارا بحل الجماعة إلى إشعار آخر، ووُضع بعض منهم تحت الإقامة الجبرية (عبد الكريم زيدان) وهرب آخرون، وبقي كادر الحزب مجمدا عن العمل الحزبي ويمارس نشاطه بصورة فردية في المساجد.
*أما حزب التحرير فقد جمد عمله كذلك لأن الاعتقالات طالت بعض أفراده القلائل في العراق.
*أما النشاط الشيعي فكان بشكل رئيسي محصورا بحزب الدعوة مع وجود بعض الأحزاب الشيعية تنشط في مراكز الشيعة كالنجف وكربلاء، والكاظمية في بغداد، وكان فكر حزب الدعوة الأنشط من بين الأحزاب الشيعية واستطاع أن يكوّن خلايا عديدة تعمل لبلورة نشاط شيعي سياسي ديني في العراق، وتشكيل معارضة شيعية دينية، وقد نشط الشيعة في الستينيات وبداية السبعينيات وأسسوا مكتبات شيعية، وخلايا للشباب، واستقطبوا الطبقة الوسطى من طلبة العلم من الحوزة وليس العلماء الكبار، واستغل الحزب الممارسات الشيعية أيام عاشوراء من مقتل الحسين وأربعينيته وركضة طويريج[4]وفرحة الزهرة[5] وغيرها من الطقوس، التي تستغل لتجميع الشباب وتأجيج الشيعة لمعارضة الحكومة، وقد فهم حزب البعث هذا الأمر، لذلك راقب هذه الطقوس بدقة وحاول منعها أحيانا وقام باعتقالات في صفوف حزب الدعوة، وصلت ذروتها سنة 1974م كما سنذكر.

والجهد الذي يمكن رصده في هذه المرحلة هو ما قامت به الدعوة السلفية الفتية من نشر للتوحيد في الأرياف وشملت الدعوة السنة والشيعة على السواء، وقد تقبل الكثير دعوة التوحيد وبدأت عوائل شيعية كاملة تتحول إلى التسنن، وتعود لمبادئ الإسلام من التوحيد والسنة الصحيحة، ولم يكن التحول نتيجة مناقشات ومناظرات بل بسبب فطرة كثير من الشيعة واستجابتهم الجيدة لاسيما وأن الدعوة السلفية كانت تنتقد كل البدع على حد سواء، سواء كانت من أصول شيعية أو سنية.
وكانت الحركة السلفية[6] آنذاك حديثة التكوين، وكانت تعمل بصورة فردية وتقتصر على الجانب الدعوي لذا لم تكن مكشوفة ومعروفة للأجهزة الأمنية.

العراق من سنة 1973 ولغاية سنة 1979م:

كانت الصحوة الإسلامية قد بدأت بالظهور في كل العالم؛ في مصر وسورية والأردن، وبدأ دور المملكة العربية السعودية الإسلامي بالظهور، وساعدها على ذلك تصاعد مواجهة المد الشيوعي و بداية عصر الرخاء المالي في العالم العربي. وانعكاس هذا على العراق كان واضحا، فقد نشطت الدعوة الإسلامية فيها وأصبحت الخارطة الدينية السنية تقاد من قبل التوجهات الآتية:
حركة الإخوان التي رغم أنه قد تم حلها وتجميد قيادتها، أو مغادرة بعضهم البلاد إلا أن القواعد اتجهت للتثقيف الذاتي واهتمت بالمحافظة على أفرادها والقيام ببعض الأعمال الخيرية كبناء المساجد وغيرها.
وحزب التحرير فتقلص دوره كذلك بعد مقتل الشيخ عبد العزيز البدري.
أما الحركة السلفية فظهرت فيها شخصيات بارزة منها المهندس رعد عبد العزيز أبو بكر، وسعدون القاضي، وقاسم العاني رحمه الله ومحمود المشهداني وقاسم الكبيسي رحمه الله وشهاب محمد أمين وإبراهيم المشهداني وغيرهم، وهؤلاء بلوروا كيان الدعوة السلفية في العراق فيما بعد، وقد عمل هذا الكيان وغيره من السلفيين الذين رفضوا العمل المنظم كعبد الحميد نادر وبقايا تلاميذ الشيخ عبد الكريم الصاعقة في العراق على نشر دعوتهم وعلى تحويل عائلات شيعية كاملة إلى الإسلام الحق (السني) في شتى المحافظات حتى في جنوب العراق، وكان لجهل الدولة بهذا الكيان وعمله دور في نجاحه وبقائه، إذ أن الدولة كان جل تركيزها في الجانب السُني على حركتي الإخوان والتحرير المحظورتين.

وفي هذه المرحلة بدأت الدعوة السلفية تسير باتجاهين:
الأول: تأسيس عمل دعوي منظم لكن ليس حزبيا، سمي فيما بعد بجماعة التوحيد[7].
الثاني: عمل دعوي رفض العمل الجماعي وبقي يعمل بشكل فردي من خلال الجمعيات الموجودة وممن تبنى هذا العمل: عبد الحميد نادر وبقايا تلامذة الشيخ عبد الكريم الصاعقة كالشيخ عدنان والشيخ نوري وغيرهما[8]، والمحدث صبحي السامرائي في جمعية الآداب الشرعية لنشر الدعوة السلفية.
ولا يفوتنا ذكر مساهمة الشيخ حمدي السلفي المحقق المعروف في إدخال الدعوة السلفية للأكراد في شمال العراق وكان على علاقة جيدة بالدعوة السلفية في بقية أنحاء العراق .
• وفي الفترة الواقعة بين سنة 1970 الى سنة 1979محصلت عدة أمور على الساحة والمجتمع العراقيحيث كان حزب البعث يحاول تثبيت نفسه بالقوة داخل المجتمع والدولة العراقية وكان التوجه الديني داخل المجتمع العراقي و المجتمعات العربية في تراجع، أما التيار القومي العلماني بكل أنواعه وكذلك التيار الشيوعي واليساري ففي نمو وازدهار، وتراجع المجتمع كثيرا عن دينه سواء كان ذلك عند السنة أوالشيعة، وكانت التيارات الدينية تحاول إرجاع المجتمع إلى فطرته والى الدين وتصحيح الصورة التي شوهت الدين سواء من قبل حامليه أو أعدائه.
أما التيار الشيعي فكان يواجه بطش أجهزة الأمن بقيادة الشيعي البعثي ناظم كزار، الذي كان همه الأول ليس الإسلاميين بل التيار الشيوعي، والكردي القومي، والقومي من غير حزب البعث، وكذلك التيار الإسلامي كان له نصيب من البطش، لكن دون نصيب الآخرين.
وحدثت عدة تغيرات داخل حزب البعث منها محاولة ناظم كزار الانقلاب من خلال اغتيال رئيس الجمهورية ووزيري الدفاع والداخلية لكن المحاولة فشلت ولم يقتل فيها سوى وزير الدفاع حمادي شهاب، وجرح فيها وزير الداخلية سعدون غيدان وحاول كزار الهرب إلى إيران ولكن ألقي القبض عليه عند الحدود الإيرانية وتم إعدامه هو ومجموعته، وبدأ نجم صدام حسين بالظهور أكثر.
أما إيران في عهد الشاه محمد رضا بهلوي فقد عادت العراق ودعمت حزب الدعوة وأهم من ذلك كله دعمها لأكراد العراق حتى أنهكت الدولة العراقية بعد حرب دامت أكثر من 40 سنة اضطرت العراق لأن يعقد اتفاقية الجزائر مع الشاه سنة 1975م لإيقاف دعمه للأكراد مقابل حصوله على جزء من شط العرب.
ومما لا يفوتنا ذكره أن حزب البعث قام بإعدام مجموعة من قيادات حزب الدعوة منهم عارف البصري في سنة 1974م ، وكانت هذه نكسة من نكسات الحزب، الذي سلك من بعدها طريقا آخر غير المواجهة لبناء خلاياه وكانت وتيرة تطوره سريعة.
ونشط حزب الدعوة رغم حدوث انقسامات داخلية، وكوّن خلايا في جنوب البلاد ووسطها والقليل منها في الشمال وأنشأ كذلك خلايا نسائية، كما جند الشيعة بعض الشباب وشرعوا بتكوين خلايا عسكرية مدربة.

وضع حزب الدعوة من عام 1979 الى قيام الحرب العراقية الإيرانية سنة 1980:
في سنة 1979م حدث شيء غيّر وجه العراق، فقد تنازل الرئيس أحمد حسن البكر بالرئاسة إلى نائبه صدام حسين، وتغيرت أمور كثيرة داخل تركيبة حزب البعث، وفي ذلك العام حدثت تغيرات ما زلنا نعيش تأثيراتها منها الثورة الإيرانية ومجيء حكم شيعي ديني داخل إيران بقيادة خميني.
وخميني كان منفيا من إيران في زمن الشاه الى تركيا ثم الى العراق سنة 1965م وبقي خاملا غير متفاعل مع العراق حتى مع مجيء البعثيين وحاول حزب البعث في منتصف السبعينيات التعاون مع الخميني لضرب حكومة شاه إيران التي كانت العدو الأول للعراق آنذاك، وذكر برزان التكريتي الأخ غير الشقيق لصدام حسين أنه كان على علاقة متميزة بخميني ودعاه لكي يلقي برنامجا بالفارسية ضد نظام الشاه[9].
وكان صدام حسين نفسه عندما بدأ يظهر نجمه في سنة 1973م داخل حكومة حزب البعث يتبنى تقديم دعم مادي ومعنوي للخميني واصدر له صحيفة (15 خرداد) التي خصصت للهجوم على شاه إيران، وبينما كان الحزب يعدم عناصر حزب الدعوة كان يسمح للخميني في بيته بالنجف باستقبال كل الشخصيات الإيرانية المعارضة مثل أبي الحسن بني صدر وصادق قطب زادة وموسى الصدر[10]. وكانت أجهزة الأمن العراقية تقدم الحماية للخميني وابنه، كما كانت تقدم له كل وسائل الإتصال بكل النشاطات داخل إيران حتى التدريب العسكري والسلاح [11].
ولذلك فرح حزب البعث بثورة الخميني سنة 1979، وأرسل صدام برقية تهنئة "بإنتصار الثورة الإيرانية المجيدة على نظام الشاه" لمهدي بازركان رئيس الوزراء الإيراني/ وكان ذلك بالطبع قبل اندلاع الحرب العراقية الإيرانية سنة 1980.
هذ الفعل والسلوك من تيار حزب البعث القومي لنا معه وقفة، فالحزب أهمل الدين بل وحاربه ومجّد المد القومي وجعله المقياس الأول والأخير لمعرفة الأمور، وكان عداء الحزب للشاه قد دفعه لتقوية ودعم الخط الديني الشيعي الإيراني دون أي حساب لما ستؤول إليه الأمور لضعف الحسابات الدينية والتركيز على فكرة الشعوبية، لأنها الفكرة الوحيدة في عقل القوميين تجاه الفرس، وبالمقابل نعاني في أيامنا هذه إهمالا للبعد القومي والشعوبية عند الإيرانيين من قبل التيار الديني وأهل العلم عندما يتناولون القضية الشيعية.
و الحقيقة أن إيران تحمل في طيات مشروعها توجها مذهبيا طائفيا مع توجه قومي.
عودة لموقف حزب البعث من ثورة خميني، ففرح الحزب لم يستمر ولم يدم، فقد تحركت إيران لتصدير ثورتها الإسلامية (الشيعية) الى الدول الإسلامية وكانت البداية في العراق، وتحول حزب الدعوة وأشكاله من التنظيمات الشيعية إلى أداة لتصدير الثورة، وظهر هذا الحزب بصورته الحقيقية ؛ وقام بتفجيرات ضد الآمنين وفي مناطق الزحام واغتيالات للبعثيين[12] و توزيع منشورات وتظاهرات وإثارة بلبلة وقلاقل تمهيدا لثورة شيعية تشابه الثورة في إيران، وكان حزب الدعوة نشطا في تنظيمه وخلاياه التي كانت مرتبة بشكل دقيق من الصعب كشفها جميعا، وكانت المطابع ببغداد تطبع العشرات بل المئات من الكتب التي تربي جيلا شيعيا ثوريا[13]، وحان وقت الحصاد، ووصل الحال أن أرسل الخميني رسالة الى أحد كبار المفكرين الشيعة (محمد باقر الصدر) يدعوه فيها للبقاء في العراق وعدم المجيء لإيران، وتعجب الصدر من الرسالة لأنه لم يكن يفكر بمغادرة العراق، والغريب أن رسالة خميني أذيعت في القسم العربي بإذاعة طهران بتاريخ 19/5/ 1979م كبرقية مرسلة من الخميني حجزتها الحكومة العراقية، وحاول الصدر أن يتصل بخميني أو مساعديه ليفهم الأمر فلم يوفق[14] وبقي هذا اللغز محيرا حتى عند قيادات حزب الدعوة.
قرر الصدر في بداية الأمر المواجهة مع السلطة، وكان يتوقع انتفاضه تشبه انتفاضة الشيعة سنة 1914م.
وتوجهت الوفود الشيعية للنجف على مدى تسعة أيام متواصلة، والأجهزة الأمنية تراقب الوضع بقلق، وأمرت بعد تفاقم الوضع باعتقال الصدر، الذي كان قبل اعتقاله قد أمر حزب الدعوة بالقيام بمظاهرات كبيرة في العراق، وفعلا تم اعتقاله بتاريخ 12/6/1979م ونقل الى مديرية الأمن في بغداد للتحقيق معه بشأن برقية الخميني وقدوم الوفود للبيعة وسبب إرساله وفدا للخميني للتحريض ضد الحكومة العراقية، ومع ذلك رأت الحكومة إطلاق سراحه لتخفيف الإحتقان الشيعي.
واعتبر الصدر أن الإفراج عنه ضعفا من الحكومة فأصدر بيانه المعروف والذي طالب الحكومة بإطلاق الحريات وعودة الشعائر الحسينية وعدم إجبار الناس على الانتماء لحزب البعث. وضيق الخناق على الصدر فأمر بالقيام بمظاهرات أملا منه بقيام ثورة في العراق كثورة إيران فقررت الحكومة اعتقاله هو وأخته وتم إعدامه سنة 1980م في شهر نيسان وقامت الحكومة بمطاردة أتباع المرجعية وحزب الدعوة.
ومن الجدير بالذكر أن حزب الدعوة كان قد أعد ـ وبمساعدة إيران ـ خططا متنوعة للقيام بمحاولات انقلاب لكنها لم تفلح، وكان قرار القيادة الجديدة لحزب الدعوة بعد إعدام الصدر، طلب الدعم العسكري من إيران؛ إما بإدخال السلاح للعراق، وإما بالتدخل المباشر بإسناد عسكري مع غطاء إعلامي وسياسي إقليمي، وتم الاتفاق على ذلك مع إبراهيم يزدي وزير خارجية إيران آنذاك، وكان مسرح الاتفاقات سوريا وطهران مرورا بالدول العربية الخليجية.
رحبت إيران بالفكرة وأناطت لسفيرها في العراق محمود دعائي التنفيذ، وفعلا تم الإتفاق على دفعة مالية أولى (مليون دولار) على أن تصرف في خدمة الأعمال العسكرية والدعوية، بيد أن السفير لم يفعل ذلك وادعى أن لا علم له بهذه الصفقة، وأصبح حزب الدعوة في موقف لا يحسد عليه.
لكن لماذا فعلت إيران ذلك؟! الأمر لا يزال فيه غموض حتى عند قيادات حزب الدعوة[15].
تعرض نظام الدولة للاهتزاز بفعل توجهات حزب الدعوة الخطيرة فقد ملئت بغداد والمحافظات بشعارات على الجدران وعمليات مسلحة ضد الكادر الحزبي (حزب البعث) ومنشورات[16] .
كان رئيس الدولة آنذاك هو أحمد حسن البكر وقد انقسمت قيادة حزب البعث، ولكن القيادة تحولت لصدام حسين لأسباب يطول ذكرها.
وأصدر صدام في 13/8/1979م قرارا بالعفو عن جميع المسجونين السياسيين والموقوفين في مديرية الأمن العام لبيان حسن نيته تجاه الشعب عامة وحزب الدعوة خاصة وشمل العفو الآلاف.
أجرى حزب الدعوة تقييما لما جرى لكوادره ومقدار الخسائر الحاصلة فوجد أن الاعتقالات شملت الكادر الثانوي أما القيادات المهمة فلا تزال في مأمن وأن الحزب لا يزال قويا في الساحة العراقية[17].
تابع "الدعوة" نشاطه من جديد بواسطة الكتابة على الجدران ومهاجمة حزب البعث واستمر وضع الهياج الذي شرحناه في إعدام الصدر، وجهز "البعث" خططا مُحكمة لمعرفة شبكات الدعوة السرية واعتقلت كوادر قيادية في الحزب دون ضجة وكانت الحكومة تخفي أسماء المعتقلين لزيادة حيرة أتباع الحزب، فقررت قيادة الدعوة المواجهة المسلحة وقررت الدولة مواجهة الهجمة بقسوة وبدأت الحكومة بالإعدام العلني لكوادر الحزب بمحاكم سريعة واعتقلت آلاف مؤلفة من شيعة الدعوة وهوجمت كل مراكز الحزب من مكتبات وغيرها، ومنعت عشرات المؤلفات الشيعية الحركية.
أصبح حزب الدعوة مهزوما، ولم يبق له إلا القيام بانقلاب عسكري إلا أن القيادي عبد الأمير المنصوري صاحب المخطط اعتقل، وكشف تنظيم الدعوة برمته نتيجة لاعترافات هذا القيادي وعرفت أسماء عشرات الضباط المنتمين لحزب الدعوة.
كان صدام شخصيا مهتما بالأمر ويتابعه بدقة، وكان هدفه القضاء على حزب الدعوة، حاضنة الشيعة[18]، ونجح في ذلك، لكن المهمة لم تكن سهلة على الدولة كما يتصور كثير من العراقيين؛ لأن حزب الدعوة كان قوة منظمة مدعومة روحيا من المرجعية الشيعية في النجف بدءا من محسن الحكيم إلى محمد باقر الصدر.

التنظيم العسكري لحزب الدعوة:
كان الاهتمام بالتنظيم العسكري قد ازداد عند حزب الدعوة بعد عام 1975م رغم رقابة الاستخبارات العسكرية العراقية داخل الجيش وساعد على ذلك الفكر الشيعي الباطني واستعمال التقية، وأخطر ما حصل هو انخراط عدد لا بأس به من عناصر الحزب داخل القوة الجوية والدفاع الجوي وقد استطاعت استخدام الوسائل الحديثة في الاتصالات والتي لا يمتلكها سوى هذا القسم في الجيش.
وازداد الأمر خطورة بعد ثورة خميني عام 1979م مما شجع عبد الأمير المنصوري للتخطيط لمحاولة انقلاب فشلت والقي القبض عليه، كما استطاعت الاستخبارات في كركوك كشف خلايا داخل القوة الجوية.
وكانت هناك تعليمات بتدمير كل ممتلكات الجيش واغتيال القادة العسكريين، وهذا العمل يجب أن يفضح دائما لأن تدمير الجيش العراقي وتحطيم قادته هدف خسيس.
والسؤال: لمصلحة من هذا العمل؟ لمصلحة من يحطم الجيش العراقي؟
لقد كان هناك مخطط لتدمير سرب طائرات جاثم في قاعدة الإمام علي في الناصرية من (طراز 21، 23 ميك) كما كان هناك سرب طائرات مع قاذفة من طراز (تي يو 22) توبوليف مع مفارز هليوكوبتر، وبلغ حجم الطائرات المراد حرقها 45 طائرة إلا أن تريث قيادة حزب الدعوة وكشف الحقائق حالا دون ذلك، وهذه المعلومات لم تؤخذ من كتاب محايد أو مكتوب من قبل حزب البعث بل من كتابات ووثائق حزب الدعوة التي نشرها الحزب نفسه[19].
كل هذا كان قبل اندلاع الحرب العراقية الإيرانية. ونتساءل: لماذا يعتبر الحزب تخريبه للدولة العراقية وجيشها نضالا، والجيش العراقي منذ نشأته ولغاية سنة 1979م لم يقم بقمع الشيعة!
لماذا تكتم هذه الحقائق من قبل من يتعاون مع حزب الدعوة كالإخوان المسلمين وحزب التحرير. لقد كان الحزب يعمل على تخريب البلاد كي يستلمها هو دونا عن غيره، ثم بعد ذلك يعتبر عمليات الإعدام التي نفذت بحق أتباعه من الجرائم .
ولا أدري ماذا يسمي الناس تدمير ممتلكات الدولة؟ وكم حجم الوطنية التي يتمتع بها هذا الحزب؟
لقد اعترف حزب الدعوة بمحاولة اغتيال صدام حسين عدة مرات وقد اعترف بذلك حزب البعث أيضا، ففي سنة 1981م وبعد اندلاع الحرب العراقية الإيرانية، قرر مجموعة من أتباع حزب الدعوة عمل انقلاب بالترتيب مع عدد كبير من المنتمين لحزب الدعوة في صفوف الجيش وكان هناك تنسيق مع الحكومة الإيرانية التي قررت إسناد هذا الانقلاب بالتنسيق مع مهدي عبد مهدي بحيث تقدم إيران دعما جويا تشغل من خلاله الجيش العراقي بينما تقوم قوات الدعوة بالزحف على بغداد من جهة محافظة ديالى بيد أن المحاولة كشفت وتم اعتقال عدد كبير من كوادر الحزب في الجيش وقررت الحكومة الهجوم على منطقة جيزان الجول بحملة عسكرية قوامها 20 الف عسكري مسندة بالطائرات المروحية.

بعد اندلاع الحرب في 22/9/1980م شارك كوادر حزب الدعوة بصد هجوم الجيش العراقي وكانت إيران تستغل من الناحية الإعلامية هذا الوجود العراقي وقتاله معها، وتنشر أن حربها هي لتحرير العراق والدليل وجود عدد من العراقيين (حزب الدعوة) بالقتال الى جانب الجيش الإيراني.
كما شارك بعض هؤلاء بأعمال التجسس لحساب إيران داخل العراق سواء داخل صفوف الجيش في جبهات القتال أو في المدن الحدودية . وانتهى أمر هذا المعسكر سنة 1983م بعد أن قررت إيران إغلاقه.
ومن أجل المواجهات العسكرية أسس حزب الدعوة في سنة 1979م تنظيما عسكريا سماه (الحركة الإسلامية في العراق) ونتيجة للضربات التي كان يتعرض لها الحزب على يد الحكومة العراقية فقد حاول أن يعيد النظر بقيادته ويعيد ترتيب التنظيم.
تدخل إيران الخمينية في حزب الدعوة
حزب الدعوة منذ تأسيسه لم يكن مرتبطا بشكل قوي بفكر الثورة الخمينية، ففكر محمد باقر الصدر يختلف عن أفكار آيات الله سواء في النجف أو إيران، وخلاصة فكره تمثل بالتأثر بأفكار السنة الثوريين مثل أفكار سيد قطب وأبي الأعلى المودوي وبعض أفكار حزب التحرير، وإسقاط هذه الأفكار على أفكار الشيعية، وقد كتب في بواكير حياته عن الحكم وأنه لابد أن يكون شورى متأثرا في ذلك بفكر النائيني وغيره الموافق لفكرة اقامة الدولة بغيبة المهدي[20].
وكان الصدر يرى أن العمل الدعوي لا معنى له بدون دولة، وكان ثوري الفكر يدعو للإنقلاب والتخلص من الحكومات الحالية، ويرى التحشيد لمواجهة الحكومات لحين إسقاطها. بيد أن فكر الصدر بدأ يتراجع شيئا فشئيا خوفا من مراجع الشيعة غير العرب، لاسيما وأنه كان يرى التعاون مع الجماعات السنية كجماعة الإخوان والتحرير، خلافا لكثير من التوجهات المرجعية.
كما أن حزب الدعوة لم يكن ارتباط قوي ماليا وسياسيا ودينيا بإيران، وقد تجاوز كثيرا من أزماته لأن مرجعية محسن الحكيم لغاية سنة 1970م شكلت داعما للصدر وللدعوة. ورغم أن الصدر والدعوة وقفا مع ثورة إيران والخميني بتصريحات قوية بعد قيام الثورة، إلا أن إيران كانت تفكر بالسيطرة بشكل كلي على الحزب وإبعاد كل العناصر التي تعارض ذلك.
وتعاون حزب الدعوة مع إيران حتى قاتل منتسبو الحزب معها في حربها ضد العراق، إلا أن إيران لم يكفها هذا فنسقت مع محمد باقر الحكيم أحد مؤسسي حزب الدعوة لتشكيل فصيل داخل إيران يتبع لها، سمي "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق"، كما أقحمت شخصيات ذات ولاء إيراني مثل محمد مهدي الآصفي وكاظم الحائري في حين كان يقف في المقابل علي الكوراني ومحمد هادي السبيتي .
وكانت إيران تريد حزب يتبنى فكرة ولاية الفقيه، وحزب الدعوة لم يكن كذلك، وكانت تريد أن يكون الحزب تابعا لها في كل شيء وهذا ما رفضه "الدعوة" وفي نفس الوقت نشأت منظمة أمل في لبنان، التي تشبه في علاقاتها مع إيران "الدعوة" لذا حاربت إيران أمل لتنشئ حزب الله التابع لها قلبا وقالبا بينما حزب الدعوة ومنظمة أمل ليستا كذلك.
عودة الى حزب الدعوة وما تلقاه من ضربات مزقت تنظيمه بيد أنه لم ينته وعاد لترتيب صفوفه وربط نفسه بقيادات غادرت الى خارج البلاد وفق الخارطة التالية :
- البصرة ارتبطت بالكويت .
- النجف بإيران .
- الموصل بلبنان .
- الحلة (بابل) بالإمارات .
- الجامعة (بالأردن) .[21]
كانت إيران تسلك طرقا من أجل سيطرة أتباعها على الحزب بعدة وسائل منها: إعادة الإنتخابات داخل صفوف الحزب بغية إبعاد العناصر غير المرتبطة بإيران.
وفي سنة 1981م اقترح الحزب تشكيل وفد لزيارة خميني بغية التخفيف من حدة الصراع وفعلا تم هذا وتبين أن ثمة سوء علاقة نشبت بين إيران ومحمد باقر الصدر قبل إعدامه سببها شخصية إيرانية هي مهدي الهاشمي المسؤول في الحكومة الإيرانية عن حركات التحرر، والذي كان لا يثق بالصدر ولا بالحركات السياسية العراقية (الشيعية) وشيئا فشيئا حرم "الدعوة" من الدعم الإيراني الحقيقي.
وفي عام 1981م اعتقل أكبر شخصية قيادية في حزب الدعوة وهو المهندس محمد هادي السبيتي والذي كان يقطن في الأردن فقد القت السلطات الأردنية القبض عليه وسلمته الى العراق بعد محاولات ووساطات لمنع تسليمه[22].
وضعف "الدعوة" شيئا فشيئا وطورد أتباعه إبان الحرب العراقية الإيرانية واستطاع حزب البعث أن يحطم هذا الحزب الذي لو بقي لكان قادرا على تشكيل حكومة شيعية في العراق على غرار الثورة الإسلامية في إيران ولشكّل تاريخا جديدا للعراق وللمنطقة لأن "الدعوة" حزب ثوري انقلابي ولكانت أحداث اليوم في العراق جرت منذ الثمانينات من قتل وذبح، فنحن لا ننسى أن الذين حكموا العراق من الشيعة هم قيادات حزب الدعوة (إبراهيم الجعفري وجواد المالكي) وخط مقتدى الصدر هو الأقرب للدعوة إذ أن مرشدهم كاظم الحائري من قيادات الدعوة. وقد لطف الله بالعراق واستعمل حزب البعث ليبطش بحزب الدعوة ويستعمله الله لهذه الأمة التي ربما لو كان غيره لما نجح بالقضاء على هذا الحزب الطائفي الذي أثر بالحركات السنية كالإخوان والتحرير وكانت تتعاطف معه، وتعتبره حزبا إسلاميا.

الجماعات السنية الدينية بين 1979- 1990م:
في عام 1979م ألقي القبض على عناصر الجماعة السلفية المنظمة في الموصل وتوبع الأمر في بغداد والبصرة وكانت أجيال العاملين في حقل الدعوة السلفية بين جيل الأربعينيات والخمسينيات، واحتارت الدولة في تصنيفهم؛ فهي جماعة لا يوجد لها توجهات انقلابية وليس لها طموح بتكوين دولة ولا هي جماعة صوفية ولا هم من حزب التحرير ولا جماعة الإخوان المسلمين، بل هم حالة جديدة غير معروفة عند الأمن العراقي، لذا أسمتهم الحكومة (جماعة الموحدين) لاهتمامهم بالتوحيد والعقيدة ومؤلفات محمد بن عبد الوهاب لذا صدرت عليهم أحكام بالسجن تتراوح بين سنة وخمس سنوات بتهمة إنشاء جمعية غير مرخصة. وسبب تخفيف الحكم عليهم هو ما كان حزب الدعوة يفعله في ذات الوقت من قتل وتخريب وأعمال عنف فاعتبرت هذا الجماعة السنية جماعة مسالمة خرجت على القوانين في العمل، وكان بين السلفيين عسكريون (سعدون القاضي، محمود المشهداني)، ففصلوا من الجيش وسجنوا في سجن أبو غريب المعروف.
وفي داخل السجن انقسم أتباع التيار السلفي حسب توجهاتهم ونفسياتهم إلى:
- جماعة نائب الأمير رعد عبد العزيز (أبو بكر البغدادي) التي تهتم بالعلم وترى أن ما فعل كان فيه أخطاء غير قليلة، و لا ترى هذه المجموعة المواجهة والثورية.
- جماعة أمير الجماعة إبراهيم المشهداني (أبو مصعب) وتبعه محمود المشهداني وسعدون القاضي وهم جماعة تتميز بالضعف العلمي والتهور والثورية.
وكان لأفراد الجماعة ممن بقوا خارج السجن علاقات قوية بالمئات من الشباب من جيل الستينات، وقد أثر هذا الانقسام على من بالخارج.
وأثناء وجود أتباع الجماعة السلفية في السجن بداية الثمانينات برزت مجموعات سلفية أخرى غير منظمة وليس لها صلة بمجموعات السجن، إضافة للمؤيدين لجماعة الموحدين في السجن، وقامت هذه المجموعات بأعمال دعوية في المساجد وسافرت إلى القرى ودعت وعلمت فيها، مستغلة انشغال الحكومة بحزب الدعوة كخطر أساسي، والمجتمع العراقي كان في وضع استثنائي فقد أصبح جل الشباب في الجيش العراقي، وأصبحت المهام المدنية يقوم بها المصريون القادمون من مصر كعمالة وكانت أعدادهم بالملايين.
وكان من أهم نتائج هذه الجهود الدعوية كثرة تسنن الشيعة على يد الدعوة السلفية كأفراد وعوائل، وأصبح هناك جيل كامل من دعاة السلفية من أصول شيعية، يقدر عددهم بربع مليون شيعي تسنن وأصبح كم كبير منهم دعاة في حين كان تعداد العراق قرابة 15-17 مليون نسمة.
وحينئذ توجهت الدعوة السلفية إلى عقر دار الشيعة في جنوب العراق؛ في الناصرية والديوانية والعمارة والبصرة وبابل[23]، وحتى النجف وكربلاء، وتسنن كثير من أفراد الشيعة ومن أبرز من قام بهذا الدور في الجنوب الشيخ خليل الحياني في الناصرية. وكانت الحكومة تغض الطرف عن التحركات السلفية لأنها لا تعارض توجهات الحكومة في مواجهة إيران بل تؤيدها.
واستمر الوضع هكذا إلى أواسط الثمانينات حيث خرج جميع أفراد التنظيم السلفي من السجن بعد انتهاء مدة محكوميتهم، وشرعوا بتنشيط التنسيق بهدوء مع المجاميع التابعة لهم والتي لم تزج بالسجن، وأكثر هؤلاء كانوا من جيل أوائل الستينيات أو نهاية الخمسينيات وباشروا بالعمل وكان من هؤلاء محمد حسين الجبوري وفائز (من جيل الخمسينات).
ثم شرعوا بإقامة علاقات مع بقية السلفيين في الساحة لتتكون ساحة سلفية قوية انتشرت بالعراق بسرعة وبقوة، وساهمت في تسنن كم كبير من الشيعة في جميع المحافظات، وكان التيار الصوفي يتراجع نتيجة لضربات التيار السلفي له وكان تيار الإخوان يتراجع كذلك في المساجد، إذ تحول كثير من الإخوان للتيار السلفي، كما تبنى كثير من الإخوان الطرح السلفي لأنه هو المقبول في الساحة السنية، ومن أشهر أصحاب هذا التوجه الشيخ سامي رشيد الجنابي وإياد عدنان الحمداني.
بدأ التيار السلفي بطباعة الكتب السلفية محلياً بعد أن كانت تستورد من الخارج وبقلة، وممّن قام بتأليف المؤلفات السلفية عجاج الكروي رحمه الله والذي قتل في الحرب العراقية الإيرانية، وعبد الباسط حسين من الموصل، وظهر بعض المحققين كإياد عبد اللطيف القيسي ومرشد الحيالي وأحمد عدنان الحمداني ومحمود عمران وغيرهم.
فطبعت كتب لشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وطبع كتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ووزع مجانا وظهرت مكتبة إحياء التراث لصاحبها صلاح السامرائي (خليط بين السلفية والإخوان) مع الشيخ خليل الحياني.
وأصبح هناك نشاط سلفي محلي قوي، إلا أن هذا التوسع أدى إلى عدة انقسامات أثرت فيما بعد على الدعوة:
- الانقسام الأول الذي ذكرناه سالفا والذي حصل في السجن بين الأمير ونائبه (إبراهيم المشهداني ورعد عبد العزيز) واستمر هذا الانقسام حتى بعد الخروج من السجن .
- كما ظهر انقسام أخطر بزعامة فائز، ليكوّن جماعة سلفية مرتبطة به تحمل خليطاً من الأفكار السلفية وفكر حزب التحرير، وتأثرت هذه المجموعة بشخصية فائز وفكره الخاص الذي هو عبارة عن شذوذات ونقد للدعاة والعلماء أدخلت الساحة السلفية في صراعات، وكانت مجموعة فائز تكبر وتنتشر لأنه اعتمد طريقةً تشبه طريقة جماعة التبليغ في الدعوة والانتشار، ونتج عن انتشارهم أمران:
- انتشار الدعوة في أماكن متعددة في البلاد .
- انقسام حاد داخل الصف السلفي .
وكان فائز يهاجم جماعة الإخوان بقسوة وشدة مما أدى إلى تعاون بعض السلفيين والإخوان وخط الشيخ
سامي على إيقاف تمدد مجموعة فائز .
في نفس الوقت كانت الحكومة تراقب عن كثب تحركات فائز؛ لأنه كان يواجه الشيعة مواجهات عملية مما كثر حوله الأعداء واستمر فائز إلى سنة 1990م، حيث ألقي القبض عليه وبعد ثلاثة شهور تم إعدامه هو وأربعة من رفاقه في شهر تشرين الثاني، وتم تحطيم مجموعة فائز كلها.
أما جماعة الإخوان المسلمين فاستمرت بتجميد حزبها لكن مجموعة من جيل الخمسينات والستينات حاولت بالتنسيق مع إخوان الأردن إعادة التنظيم لكن القيادة رفضت وأصر هؤلاء وعملوا منذ سنة 1981م الى سنة 1987م في هذا التنظيم الذي كان بقيادة الدكتور عبد المجيد السامرائي وعصام الراوي رحمه الله، وعلاء مكي وفاضل السامرائي وغيرهم، ولكن القي القبض عليهم وحكم عليهم بأحكام بالمؤبد وما دونه، ثم أطلق سراحهم في سنة 1990م بعفو، وكان أصحاب هذا التوجه متأثرين بأفكار الداعية المعروف محمد أحمد الراشد لذا فإن توجهاتهم كانت تحوي كثيرا من المفاهيم السلفية.
أما التيارات الشيعية فكانت أقرب للموت والسبات، وتعرضت الى تحطيم ونقد شديد في العراق والعالم الإسلامي، لذا آثرت شريحة كبيرة من الشيعة عدم التدين (الشيعي) أو التحول الى التسنن (السلفية).


الموقف من الحرب العراقية الإيرانية:
بعد نشوب الحرب العراقية الإيرانية سنة 1980 وعسكرة الشعب العراقي، انقسمت الجماعات الدينية السنية تجاه الحرب كالتالي:
- التيار السلفي أيّد الحرب، لأنها محاربة للفكر الشيعي وإيقاف زحف ثورة الخميني، ورغم بساطة الدعوة السلفية في ذلك الوقت إلا أن المفردات العقدية ومناهج السلفيين أهّلتهم لأخذ موقف تجاه الحرب.
- الإخوان المسلمون وقفوا موقف الرافض للحرب لأنهم اعتبروها قتالا بين مسلم ومسلم، ولأنه كان لهم موقف سابق مؤيد للثورة الإيرانية تبعا لبقية جماعات الإخوان في العالم الإسلامي، وهنا ثمة قضية مهمة في فكر الإخوان: أن فكرة الصراع هي بين العلمانية والإسلام، لذا فإنهم يضعون الشيعة في الطرف الإسلامي وكذا ثورة الخميني، بينما يقف حزب البعث في الطرف العلماني، وبهذه البساطة في فهم الصراع ضاعت الأجيال الإسلامية.
- حزب التحرير كان رافضاً للحرب بسبب موقفه المؤيد لثورة خميني والشيعة، واعتبار أن الخميني والشيعة جزء من المنظومة الإسلامية، بينما حزب البعث معروف بإشتراكيته ومعاداته للإسلام.
- الجماعات الصوفية كان رأيها متبايناً من الحرب وتأثيرها على الجماهير ضعيف غير مؤثر.

سياسة حكومة البعث في حرب الفكر الخميني:
تبنت حكومة البعث بهذه المرحلة جهوداً فكرية لتحطيم الفكر الشيعي والتوجهات الإيرانية، وضرب الفكر الثوري لدعم المعركة مع إيران، فعقدت الندوات الفكرية والدينية التي استضافت مفكرين ودعاة وعلماء من جميع العالم الإسلامي لمواجهة فكر الخميني بالتصريح، والتشيع بالتلميح، لأن العراق لم يرد معاداة الشيعة العراقيين، بل اعتمدت حكومة البعث نظرية التشيع العربي والصفوي، لأنها تتناسب مع الفكر القومي (البعثي) و تصلح للخطاب مع الجزء الشيعي من الشعب العراقي، وكان طرحا ذكيا وازن الأمور دون ضجة داخل المجتمع العراقي (الخليط من السنة والشيعة) وصدرت في هذه الفترة عدة مؤلفات بعدة مناهج:
- منهج علمي يتناول خطر التشيع مع تفصيل التشيع إلى فارسي وعربي أو إلى صفوي وعربي، مثل كتاب (التشيعبين مفهوم الأئمة والمفهوم الفارسي) لمحمد البنداري، كما قام البنداري بترجمة كتاب (كشف الأسرار) للخميني، وكتاب محمد منظور إسلامي (الثورة الإيرانية في ميزان الإسلام)، وكتابات وليد الأعظمي[24]السيف اليماني وألف جمع من أساتذة الجامعات كتاب (نهج خميني في ميزان الفكر الإسلامي). في نحر الأصفهاني صاحب كتاب الأغاني). (
- ومنهج ثانٍ يتبنى كتبا كانت تطبع وتتناول مخاطر الفارسية على العروبة والإسلام وتركز على جانب الشعوبية والجانب القومي، مع مدح توجهات حزب البعث العربية، ونقد للخميني باعتباره دجالا وأن الثورة الخمينية تتستر بالدين لأغراض سياسية، وهذا توجه غير سليم إسلاميا مثل كتاب (دماء على نهر الكرخا) لحسن السوداني (قيل أنه حسن علوي)، وكتب فاضل البراك (المدارس اليهودية والإيرانية في العراق) و(تحالفات الأضداد) وغيرها وكانت بعض هذه المؤلفات تطبع داخل العراق وبعضها خارجه.
- ونوع ثالث: نشر وتحقيق كتب تاريخية تتناول إيران والتشيع بصورة غير مباشرة مثل (ذرائع العصبيات العنصرية في إثارة الحروب وحملات نادر شاه على العراق) لمؤلف مجهول، بتحقيق العلامة محمد بهجة الأثري، وكتاب (حوادث بغداد والبصرة للسيد عبدالرحمن بن عبدالله السويدي) تحقيق المحقق العراقي المعروف عماد عبد السلام رؤوف.
كما نشرت دراسات تاريخية جادة حول الفرق للكاتب عبد الله سلوم السامرائي:[25](، وللمؤرخ العراقي فاروق عمر كتابات ودراسات دقيقة لفضح التوجه الشعوبي. (الغلو والفرق الغالية في الحضارة الإسلامية) و(القاديانية والاستعمار الإنجليزي
كما لا ننسى الدور الرائع للدكتور بشار معروف في هذا المضمار، كما دخل للعراق كم كبير من مؤلفات إحسان إلهي ظهير، وبعض الكتب التي تتناول التشيع وإيران .
ما بعد مرحلة غزو العراق للكويت:
بعد انسحاب القوات العراقية من الكويت سنة 1990، قامت حكومة البعث بالتركيز على التيار السلفي الذي نشط في البلاد سيما جماعة فائز، وكان غزو العراق للكويت هو نهاية شهر العسل بين العراق وبين دول الخليج مما ساعد على توجيه بوصلة العداء إلى دول الخليج، وهذا بدوره أدى إلى ضرب التوجه السلفي، فاعتقل عناصر جماعة فائز في شهر آب/ أغسطس 1990، وتم استدعاء آلاف الدعاة السلفيين والطلب منهم بالتوقيع على تعهد بعدم العمل بالفكر الوهابي، وكانت هذه المرة الأولى الذي يظهر هذا الاسم في الساحة وعند أجهزة الأمن، وكان للتيار الصوفي ولبعض تيارات الإخوان وبعض القادمين من الخارج من السورين القاطنين في السعودية (سيما عداب الحمش) وكذا الشيعة دور في تشويه سمعة السلفية والوهابية عند أجهزة الأمن، ورافق ذلك حملة قوية في أجهزة الإعلام لمهاجمة السعودية وآل سعود وحكام الخليج ودعوة محمد بن عبد الوهاب.
وهاجمت أجهزة الأمن آنذاك التيار السلفي بقسوة، بل أنيطت محاكمة عناصر جماعة فائز، لضباط شيعة وتم إعدامهم بوقت قياسي (3 أشهر).
كانت الدعوات السلفية في العراق ترفض دخول العراق للكويت بينما أيدت جماعة الإخوان هذا الفعل تبعا لإخوان الأردن، بينما اعتبر محمد أحمد الراشد، القاطن في الإمارات وقتها، أن هذا غباء وأنه عمل سيحطم المنطقة (كما في مجلة العين الخاصة به).
وأيدت الجماعات الصوفية صداما والذي كان نائبه عزت الدوري يسيطر عليها ويشارك الصوفية بضرب التيار السلفي، وانتعش التيار الشيعي داخل الدولة لذلك أخذ يساهم بتشويه صورة التيار السلفي .
ورغم موقف حكومة البعث القاسي من السلفيين الذين كانوا يعتبرون دخول صدام للكويت جريمة، إلا أن هذا لم يمنع توجه مجموعة من الشباب السلفي للتطوع لمحاربة القوات الأمريكية عقب انسحاب صدام من الكويت ومحاولة القوات الأمريكية عمل إنزال داخل العراق لاجتياح بغداد وإسقاط النظام، ولكن الحكومة منعتهم ولم يتم ذهاب المتطوعين إلى الناصرية لمواجهة القوات الأمريكية.
واستغل شيعة الجنوب هزيمة صدام في غزو الكويت، فقاموا في شهر آذار/ مارس 1991م بانتفاضة في الجنوب في البصرة وميسان والقادسية والمثنى وذي قار وكربلاء والنجف وبابل، وكان حزب الدعوة والمجلس الأعلى وغيرهما من الحركات الشيعية المحرك الرئيسي لهذه الانتفاضة بيد أن المجلس الأعلى وبضغط خليجي سحب نفسه منها، وشهدت هذه المناطق عمليات قتل وتخريب استمرت قرابة الشهر حتى كادت هذه المناطق تسقط بشكل شبه كلي بيد الشيعة، الذين حاولوا استمالة القوات الأمريكية لصفهم، بل طلبت قيادات شيعية من الأمريكان إسقاط صدام، وعقدت مؤتمرا في بيروت لهذا الغرض، لكن السعودية وبعض دول الخليج والدول العربية تدخلت لوقف إسقاط صدام حتى لا تتمكن التيارات الشيعية الدينية من السيطرة على البلد الأمر الذي يعني سيطرة إيران على العراق بعد هزيمتها المرة من الجيش العراقي سنة 1988م.
توقف الزحف الأمريكي وشرعت الحكومة العراقية باستعادة عافيتها لمواجهة هذه الانتفاضة الشعبانية (نسبة لشهر شعبان) الشرسة وكان يرافقها هيجان كردي في الشمال، وفعلا تم القضاء على هذه الانتفاضة وأعدم آلاف المشاركين فيها، وذهب أفراد الشيعة ضحايا لأطماع وتخطيط قيادات شيعية فاسدة تبحث عن السلطة والحكم، كما سبق أن غرر حزب الدعوة من قبل بآلاف الشيعة بثورة غير مدروسة ليكونوا قرابين للسلطة.
وهكذا نجحت الحكومة بالتصدي للتمدد الشيعي مرة أخرى.

مرحلة ما بعد الحصار:

وضع الشيعة: بسبب فرض الحصار على العراق، هاجر كثير من الشعب العراقي للخارج. وبدأت تتشكل معارضة عراقية شيعية كردية مع أفراد من السنة خارج العراق تحلم بإسقاط النظام على يد الأمريكان. وكان تواجد المعارضة في إيران وسوريا ولبنان وبعض دول الخليج (السعودية، الكويت، الإمارات) وبريطانيا وبعض الدول الأوربية وأمريكا. ومن هناك بدأ الشيعة بعمل مدروس شارك به جمهرة من العلمانيين والمتدينين الشيعة والأكراد لبلورة عدة أفكار وبثها في الدول الغربية لتكوين قناعة لتغيير الواقع العراقي منها:
- أن الشيعة أكثرية في العراق وأن السنة لا يشكلون سوى 20% من سكان العراق.
- أن هذه الأكثرية (الشيعية) ظُلمت على مدى سبعين عاما منذ تشكل الدولة العراقية، ولابد أن تأخذ دورها من جديد.
- أن الحكومة البعثية هي حكومة طائفية (سنية) أقصت الشيعة.
- أن شيعة العراق ليس لهم علاقة بإيران.
هذه المزاعم استخدمت من قبل المعارضة بكثافة وبثت في وسائل الإعلام وألفت فيها كتب وتقارير، وساعد على تثبيتها بعض السنة الأغبياء مثل بعض ساسة دول الخليج بغية التخلص من صدام (نظرة ضيقة وقتية) فقامت بدعم المعارضة الشيعية وأصبحت أراضيهم مسرحا للمعارضة وقدمت لهم التسهيلات المالية واللوجستية وغيرها.
كان العلمانيون الشيعة والعامة متأثرون بفكرة أنهم مظلومون في العراق، وأنهم أكثرية مهمشة وهي الأفكار التي كثـفت المعارضة بثها، فشرعوا بالعمل ضد الدولة والتغاضي في المحافظات الجنوبية عن النشاطات الشيعية المشبوهة.
و في هذه المرحلة أيضاً، نشطت الدعوات الشيعية مستغلة الحصار، وبدأت بنشر كتب دعائية للتشيع في أوساط السنة وأصبح هناك صراع شعبي واضح بين السنة والشيعة المتدينين. وكانت المواجهات بين الشيعة والدعوة السلفية سلمية وعلمية تأخذ جانب المناظرات والمحاججة، وكان همّ الشيعة في هذه المرحلة نشر الشبهات في الشارع، والسنة يحاولون إزالة الشبهات ويردون عليها، ولم يكن للحكومة أي دور يذكر في محاربة التشيع سوى متابعة التوجهات الإيرانية المباشرة.
وانتشرت في السوق العراقي الكتب المسمومة مثل كتب التيجاني السماوي وغيره وبدأت بعض الكتب الشيعية تنتشر بطريقة التصوير (الاستنساخ) وكانت الدعوة السلفية هي من يجاهد لمقارعة المد الشيعي الذي بدأ يزداد يوما بعد يوم، وبدأ التخطيط لتدريس آلاف الشباب في الحوزة ودفع تكاليف دراستهم ومصاريف عائلاتهم، وكانت أموال الخمس تتدفق من الخليج ومن شيعة أوربا وأمريكا لهذا الهدف، بينما غرق سنة الخليج في سباتهم رغم أن هذه المعلومات وصلت للعلماء وبُيّن لجمع منهم أن وضع العراق لا يسر، وأن الشيعة لهم رغبة في السيطرة الفكرية على العراق وانه لابد من دعم مالي قوي للدعاة السنة لاسيما السلفيين، وان أوضاع الحصار تعد مكسبا للشيعة وليس للسنة.
ومع اشتداد الحصار والحاجة المادية بدأت إيران بالتدخل في العراق بعد استعادة عافيتها من الحرب العراقية الإيرانية، وحاول حزب الدعوة والمجلس الأعلى التخطيط لعمليات اغتيالات فنجحوا بإصابة عدي ابن صدام حسين.
وكان للعامل الاقتصادي بسبب الحصار دور في تسهيل اختراق العراق من قبل الأحزاب المعارضة ومن قبل إيران ومن قبل مخابرات الدول الغربية، وأضافت الحكومة العراقية إلى أخطائها خطأ جديدا حيث قامت بالسماح للإيرانيين بزيارة العتبات المقدسة عند الشيعة، في محاولة لفك الحصار على العراق مما سهل دخول وخروج المخابرات الإيرانية (الإطلاعات) وغيرهم لدراسة وضع العراق، كما كان لمنطقة الأهوار دور فاعل في إتعاب الحكومة العراقية لأنها مأوى للهاربين ومأوى للتدخل الإيراني العسكري غير المباشر؛ لذا سعت الدولة لتجفيف الأهوار لضمان السيطرة عليها.
وبدخول عام 1997م بدأت مرحلة جديدة فقد شرع الشيعة بعملية اغتيالات لبعض الدعاة السنة سيما في الجنوب والوسط، وممن اغتيل الشيخ نوري حامد الدليمي، شقيق الشيخ الدكتور طه حامد الدليمي، في منطقة (المحمودية) جنوب بغداد، وغيره كثير، إضافة إلى محاولات اغتيال لبعض أئمة المساجد المعروفين بمقارعتهم للتشيع.

وضع الدعوة السلفية: رغم الحصار استمرت الدعوة السلفية بالنشاط والدعوة، وفي أوائل التسعينيات ازدادت الضربات الأمنية على الدعوة السلفية فاعتقل العشرات، وأعدم الداعية المعروف محمود سعيدة والداعية تلعة الجنابي، وحبس الداعية المعروف فتحي عبد الله الموصلي، والشيخ المحدث عبد المجيد السلفي وغيرهم كثير، وغادر البلد آخرون منهم: رعد عبد العزيز (الداعية المعروف) وإياد عبد اللطيف (الداعية والمحقق) ليدعموا الحركة السلفية من الخارج لأن الأوضاع الاقتصادية أثرت في الدعاة وأصبحت الإغاثة ودعم للدعاة هما الأصل، وكان من بواكير هذا الدعم تأسيس مجلة الحكمة سنة 1993م بالتعاون مع وليد الحسين الزبيري (سعودي من أصل عراقي) ومجموعة من الأساتذة كالدكتور عمر الأشقر من الأردن، والشيخ عبد الرحمن عبد الخالق من الكويت، لتكون مجلة الحكمة مؤسسة لتكوين فكر سلفي معتدل بعيدا عن الصراعات التي برزت بين التيارات السلفية في السعودية والأردن والكويت بعيد حرب الخليج، وغاية أخرى هي التعريف بالدعوة السلفية العراقية ورموزها من خلال نشر كتاباتهم وأبحاثهم.
وعانى الدعاة السلفيون في الداخل من كثرة الاعتقالات، إلا أن دعوتهم زحفت نحو أماكن لم يضعف فيها التدين، فبنيت المساجد وأعد الدعاة وعقدت المناظرات بين السنة والشيعة، وكسبت الدعوة أعدادا جديدة من الشيعة للتسنن وظهر عدد من الكتاب السلفيين المتخصصين بمواجهة التشيع كأبي مريم الأعظمي الذي ألف أقوى رد على كتاب المراجعات (الحجج البينات) وكتب جمع من الشباب ردودا مختصرة على كتب التيجاني السماوي (ثم اهتديت وغيرها) لكنها لم تنتشر خارج العراق، وشرع الشيعة بمواجهة السنة بشبهات كثيرة نجح الشباب السلفي بردها ومواجهتها.
وكان لكاتب هذه المقالات دور في محاولة نشر المخطوطات التي تواجه التشيع، إلا أنه لم يوفق إلاّ في العام الماضي ونشرت في مصر.
والأمر الثاني أن الإغاثة لم تكن تدخل العراق إلا لبعض الجماعات السلفية المحدودة بمعونة بعض الفضلاء من أصول عراقية في الخليج. ورفضت دول الخليج أن تساعد العراق خلال حصاره بل رفضت الحكومة السعودية أي إعانة للعراق من قبل الجمعيات السعودية، ولم تنجح إلا محاولات الإغاثة التي قام بها بعض الفضلاء من العراقيين في المهجر في أوربا وأمريكا، وبدعم الدعاة السلفيين تحسن وضع المقارعة للتشيع، بيد أن المساعدات لم تشمل جميع التيار السلفي وهذا يدل على سعة التيار في العراق.
ونجح الشيعة بتشويه صورة الدعوة السلفية وساعدهم على ذلك التيارات الصوفية بالاستعانة بعزة الدوري الذي كان يبغض التيار السلفي كما ساعدهم أيضاً رغبة جماعة الإخوان بالتخلص من وجود التيار السلفي المنافس لهم في المساجد، كما ساعدهم على ذلك أيضاً أخطاء أفراد التيار السلفي السلوكية كالتشدد والغلظة في مسائل الهدي الظاهر ومسائل جزئية وثانوية فقهية ركز عليها أكثر مما ينبغي.

الجهود المبذولة لمواجهة التشيع في هذه الفترة :
في فترة الحصار برز عدد من الشباب ممن كان لهم جهود قيمة في وقف زحف التشيع بل تسنن عدد لا بأس به من الشيعة مثل:
- الداعية الدكتور طه حامد الدليمي، الذي وقف للتشيع بالمرصاد وأنشأ موقع القادسية الإلكتروني في الرد على الشيعة، وألف عددا كبيرا من الكتب ، كما ألقى محاضرات قيمة في سبل مواجهة التشيع ودحضه.
- الأخ عبد الملك عبد الرحمن الشافعي صاحب كتاب (الفكر التكفيري عند الشيعة حقيقة أم افتراء؟) الذي طبع في مصر هو ومجموعة مؤلفات قيمة أخرى له، وهو من أصول شيعية.
- الأخ علاء الدين البصير وهو طالب علم من أصول شيعية كانت له جهود قيمة في دراسة التشيع ونقده، وألف فيما بعد عدة مؤلفات طبعت في مصر.
- الأخ محمد عودة، الذي قتلته قوات بدر سنة 2004م.
- الأخ ناصح عبد الرحمن أمين، الذي قتل على يد فيلق بدر وهو مؤلف كتاب (إسراء معالإمام الثاني عشر) المطبوع في دار الرضوان بمصر .
وهناك العديد من الأبحاث والردود على التشيع لمجموعة كبيرة من الشباب والدعاة ممن لم تتح ظروف العراقي نشرها، وقسم نشر بأسماء مستعارة، وكذلك جهود راقم هذه المقالات وأغلب هؤلاء يكتبون بأسماء مستعارة خوفا من رصد الشيعة لهم من خلال الحكومة سابقا.
وكان لجهود الشيخ صبحي السامرائي في تعريف الشباب بحقيقة التشيع دورا لا ينسى، كما لا ننسى جهود الشيخ حمدي عبد المجيد السلفي في أواخر التسعينات في التحذير من التشيع في مناطق شمال العراق.
كما كان لحركة الإخوان في أواخر التسعينات جهود من خلال دعم مجموعة من الشباب لمواجهة التشيع وهو وإن كان جهدا محدودا ولكنه تطور مهم في دعوة الإخوان.
كما أن ثمة عددا كبيرا من الدعاة لم يتجهوا للتأليف رغم سعة علمهم بالتشيع ولكنهم آثروا التدريس والنقد ونشر الفكر السني ودحض الشبهات والتشكيك بالفكر الشيعي وزعزعته.
وبرزت ظاهرة جديدة عند بعض الكتاب من أصول إخوانية كعلاء الدين المدرس وغيره للتقريب بين الشيعة والسنة بشكل مغاير للتقريب المصري، ولتقريب الهوة بين السنة والشيعة بشكل نظري، وهذا الفكر لقي قبولا ورفضا في آن واحد وألفت فيه كتب عديدة، وأعيد نشرها بعد الاحتلال، وهذه المؤلفات لا تخلو من بحوث قيمة، وكانت تركز على نقد التشيع الصفوي فقط.

دخول التطرف للعراق وعلاقته بقضية التشيع :
لم يكن التيار السلفي متطرفا، ولم يظهر التطرف في العراق إلا في أواخر الثمانينات، على يد مهندس انتمى للسلفية وهو كبير السن، وبدأ يقرر أشياء خطيرة في التكفير وأنه لا يوجد بلد إسلامي إلا السعودية، وأن الملك فهد هو أمير المسلمين الوحيد. وحاول هذا المهندس أن يفتي بأن صلاة الجمعة ليست واجبة في العراق. واستمر هذا التيار رغم قلة أتباعه بيد أنه أثر على وحدة الصف السلفي وزاده فرقة.
كما لا يفوتني أن أذكر بأن بعض العراقيين كان قد سافر إلى أفغانستان في نهاية الثمانينات منهم سلفيون ومنهم إخوان مسلمون، فقد ذهب الشيخ سامي رشيد الجنابي وإياد عدنان الحمداني وكلاهما من سلفيي الإخوان المسلمين، وذهب محمد حسين الجبوري وغيره من الشباب السلفي، وقد عاد بعضهم في أوائل التسعينات وبقي آخرون خارج البلاد .
بيد أن التطرف لم ينتشر في العراق إلا بعد سنة 1997م، عقب ظهور مشكلة الاختلاف في مفهوم الإيمان، ومسألة تكفير الحكام، وغير ذلك، وكانت مسألة نظرية بحتة ظهرت في السعودية والأردن، ورد عليها في السعودية وغيرها. وانقسم السلفية تجاهها إلى سلفي مرجئ وسلفي تكفيري حسب الرأي المقابل، وألفت فيها كتب وردود. وشغلت هذه القضية الدعوة السلفية فترة من الزمن وتسربت هذه الفكرة إلى العراق محدثة نفس الانقسام ومضعفة التيار السلفي الذي كان يواجه التشيع صفا واحد في حين استهلكته هذه المعارك الجانبية، وانعكست هذه القضية تجاه مفهوم التشيع نفسه، هل الشيعة كفار أم لا؟ وهل هم كفار أصليون أم مرتدون؟ ومن منهم غير كافر؟ إلى غير ذلك من الأفكار التي انعكست على سلوك الجماعات سيما بعد سقوط بغداد سنة 2003 ودخول هؤلاء في صراع مسلح مع الأمريكان ومع الشيعة.
وقد ذكرت هذه التفاصيل عن الدعوة السلفية لأنها الدعوة التي واجهت التشيع وأي انقسام داخلها كان يؤدي إلى ضعف الجهود في مقاومة خطط التشيع، وأن الأفكار الخطرة تعطي نتائج خطرة.
وكان في سنة 1999م أن سافر إلى الأردن بعض المجموعات السلفية وهناك حصلوا على مجموعة مؤلفات للجماعات المصرية المسلحة المتطرفة مثل (إعداد العدة) وغيرها والتي كانت تطبع في دار البيارق في الأردن، اضافة لكتب أبي محمد المقدسي وأبي بصير وأبي قتادة الفلسطيني وغيرهم، وقاموا بنشر هذه الكتب في العراق بالطباعة والتصوير.
وانتشر هذا الفكر في جميع المحافظات العراقية، وأصبحت البيئة مهيأة لوجود تنظيم القاعدة في المستقبل. وهذا الفكر كانت له رغبة بمواجهة التشيع عسكريا إلا أن قوة السلطة حالت دون ذلك، وتم على يد هؤلاء تفجير مجموعة من الأضرحة في الموصل ثم تفجير محل خمور، مما دعا الحكومة لاعتقال أعضاء منهم والحكم عليهم بالمؤبد.
ومما لا يفوتنا ذكره أن للسلطة العراقية معرفة دقيقة سيما من خلال أجهزتها الأمنية لتكوينات الحوزة وجهود التشيع الخفية، كشف ذلك من خلال الوثائق التي ظهرت بعد الاحتلال، ولم تستفد عمليا منها في مواجهة التشيع إلا قليلا.

تفاقم الوضع بين 1998-2003م:

كان الجيل الإسلامي في العراق يعاني من شدة مواجهة الحكومة له بدعوى الوهابية خاصة من قبل التيار الصوفي مستعينة بنائب رئيس الجمهورية عزة الدوري الذي شدد على ضرب التيار السلفي ورفع شعار أن التشيع أقل خطرا من الدعوة الوهابية ودفعه نفاقا بعض المتصوفة.
وكان لوقوف بعض الجماعات الإسلامية مع الحكومة دور سيئ في تفاقم الوضع وكانت الحكومة دائما تعتقل عشرات بل مئات الدعاة مما اضطر الكثير منهم للسفر خارج القطر هربا.
كان وضع الشيعة في العراق يزداد سوءا فقد أبرز المرجع الشيعي محمد صادق الصدر (والد مقتدى) كمرجع عربي دعمته الحكومة، فكثر تابعوه وأصبح ظاهرة مخيفة، فقد قام بإقامة صلاة الجمعة للشيعة وبدأ الشيعة يتجمعون حوله، وأزعج وجوده إيران كذلك لأنه من أصول عربية، واغتيل هو وأولاده في شباط/ فبراير سنة 1999م ولا يعلم هل قتلته إيران أم الحكومة العراقية لكبر حجم اتباعه!!
بيد أن الوضع الشيعي أصبح خطرا فقد ظهرت تنظيمات شيعية خفية تساهلت الحكومة معها، أو الأصح أن الحكومة أصبحت أضعف من أن تواجهها خاصة في المناطق الجنوبية، فقد تساهل رجال الأمن الشيعة مع قيام بني جلدتهم باغتيالات، والاعتداء على السنة وعلى المسؤولين الحكوميين وعلى ضرب الدعاة، فقد اغتيل في هذه المرحلة الداعية المعروف محمد اسكندر[26]وغيره.
كما كان هناك تنظيم دقيق داخل الشيعة مستعد لسقوط الحكومة؛ ففي السنين الأخيرة قبل سقوط العراق وردت أخبار من أن الشيعة يقومون بعمل قوائم لأهل السنة في المناطق الشيعية وفي المناطق الجنوبية، وقد ظهر بعد السقوط أثر هذه القوائم في عمليات التهجير والاغتيال.
كما امتلأ الشارع بالكتب الشيعية القادمة من إيران ولبنان وغيرهما، وكانت أموال الخمس ـ كما أسلفنا ـ تتدفق على العراق من الخليج، كما كان لخطأ الحكومة العراقية بتسهيل دخول الزوار الإيرانيين بوفرة بحجة تحسين السياحة الدينية، دور في دخول عدد غفير من عناصر المخابرات الإيرانية الذين خططوا لأشياء كثيرة.
وكان العراق يسهل أيضا للشيعة الخليجين الدخول للعراق من طريق الأردن بمنحهم بطاقات خاصة للدخول حتى لا يظهر الختم العراقي على الجواز الخليجي، طمعا بتحريك العجلة الاقتصادية، لكنهم أهملوا ما يُدخل مع هؤلاء من أموال تصب في دعم الشيعة.
أما السنة سيما الدعاة فلم يكن لهم دعم إلا النزر اليسير وكثرت الدعوات لعلماء الخليج عامة والسعودية لنجدة دعاة العراق، خاصة أن وضع العراق ينذر بسوء، وأن أي انهيار للحكومة سينتج عنه سيطرة الشيعة، ولكن لا حياة لمن تنادي وهذا يعبر عن مدى غباء الحكومات الخليجية التي لم تفكر إلا بإسقاط صدام ولم تفكر بالخطر الشيعي وتحسب حسابه، وهو ما عرفت حقيقته بعد السقوط، ولات حين مندم.
وكل المخاطر التي برزت بعد السقوط لم تكن صدفة بل خطط له من قبل، من قبل التنظيمات الشيعية والمخابرات الإيرانية، ولم يقف لهذه المخططات الإجرامية إلا الشباب المسلم والسلفي بالدرجة الأولى، ولم يكن معين لهم إلا الله بعد أن تقاعست دور الجوار السنية عن البحث عنهم ونصرتهم فضلاً عن التعرف بهم أصلا!! وكان الدعاة هم من حمل هذا الهم ولم يحمله من العلماء ولا المفكرين إلا من رحم الله.
ولعلي بعد هذه الحلقات السبع أكون قد فتحت الباب لغيري كي يكتبوا عن هذه الجهود القيمة للعلماء والدعاة والمفكرين ولغيرهم لمقاومة التشيع الذي ظهر خطره جليا بعد الاحتلال الأمريكي.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين،،


هوامش

[1]- مصطلح الأمن في العراق يختلف عن كثير من الدول فينما يطلق الأمن على رجال الشرطة يطلق على الأمن في العراق على المخابرات.
[2]- أول ما تأسس في العراق من الأحزاب الشيعية حزب الدعوة ثم حدثت فيه انقسامات كان أولها انقسام تنظيم بغداد سنة 1960 فقد انشقت لجنة الكرادة (ضاحية من ضواحي بغداد ذات أكثرية شيعية وسمي التنظيم الجديد (جند الإمام) بقيادة سامي العسكري، ولا زال هذا التنظيم موجودا ليومنا هذا.
[3]- من أصل فلسطيني، عاش في العراق وانتمى لحركة الإخوان وهرب بعد المحاولة الإنقلابية في العراق إلى سوريا ثم الى الأردن وانتمى لحزب التحرير وتوجه لمصر وقام بمحاولة انقلاب عسكري على الرئيس المصري أنور السادات فأعدم.
[4]- مدينة قريبة من كربلاء يقوم الشيعة بالمشي والركض إليها من كربلاء لنيل أجر معين حسب طقوس الشيعة.
[5]- يوم استشهاد خليفة المسلمين عمر بن الخطاب، والزهرة هي فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها.
[6]- لم يكن اسم السلفية معروفا في العراق آنذاك ولا الوهابية على المستوى الحكومي والشعبي.
[7]- هذه التسمية أطلقتها الحكومة على الجماعة بعد اعتقال أفرادها سنة 1979م ، وسنتكلم بتفصيل أكثر عنها.
[8]- مرت ترجمة أكثرهم في القسم السادس.
[9]- مقال لعلي نوري زادة, جريدة الشرق الأوسط 24/9/2005م
[10]- إيران بين التاج والعمامة لأحمد مهابة (ص224)، كتاب الحرية ، القاهرة.
[11]- الطائفية والسياسة في العالم العربي لفرهاد ابراهيم (ص271) مكتبة مدبولي.
[12]- طبعا ثورية حزب الدعوة كحال الحركات الإسلامية المتأثرة بالفكر اليساري تبرر قتل المدنيين والأبرياء مقابل قتل من يستحق القتل بنظرهم.
[13]- أي لم تكن تركز على الجانب الطائفي بل على ثورية الفكر الإسلامي وضرورة رجوع الحكم للإسلام، وضرورة القيام بإنقلاب في المجتمع المسلم.
[14]- سنوات الجمر لعلي المؤمن (165) ، حزب الدعوة الاسلامية حقائق ووثائق ، صلاح الخرسان (276).
[15]- حزب الدعوة الاسلامية ،صلاح الخرسان (298-300).
[16]- الشهيد الصدر سنوات المحنة وايام الحصار ، محمد رضا النعماني (289)
[17]- حزب الدعوة للخرسان (305).
[18]- العراق الواقع وآفاق المستقبل لوليد الحلي (26).
[19]- حزب الدعوة الاسلامية للخرسان (327-330).
[20]- مذكرات محمد مهدي الحكيم (37).
[21]- الشهيد الصدر سنوات المحنة وايام الحصار لمحمد رضا النعماني (317).
[22]- سنوات الجمر لعلي المؤمن (233).
[23] - مع ملاحظة أنثلث سكان البصرة سنة و20% من سكان بابل سنة .
[24] - وليد الأعظمي من جماعة الإخوان وكان عنده حس عروبي إسلامي وبغض للتوجه الشعوبي.
[25] - كان بعثيا وترك حزب البعث وتوجه لدراسات فرق الغلو .
[26] - شيعي تحول إلى تسنن واخذ يدعو داخل الوسط الشيعي.