قد أثارني رد أختنا الرئيسة على موضوع الأخت الرهيبة ( زمن المهاترات والمظاهرات )..
عندما بدأت في إعطاء أوصاف غير مناسبة أو لائقة لفقه الواقع..!!
وبعد التروي والبحث خرجت بما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فقد كثر الكلام عن( فقه الواقع ) وانقسم الناس فيه ما بين ذام ومادح وما بين مفرط ومفرط إلى مؤيد ومعارض وكأن من يريد الكلام في هذه المسألة لا بد أن يكون على طرف نقيض من الآخر وكأن الاعتدال مرفوض ليس في هذه المسألة فحسب بل في كل المسائل التي يجري الحوار فيها ولا حول ولا قوة إلا بالله ....
فقل المنصف وندر المعتدل وشح المتوسط وكأنه لا بد من الغلو والتساهل والحقيقة أنه لا بد من احترام الذات أولا واحترام الآخرين وآرائهم ثانيا وعدم مصادرة أفكار الآخرين والسخرية منهم ورميهم بالتهم فمن كان هذا حاله فلا طائل من التحاور معه لأن نهاية أمره الجدال والخصومة فهذا يترك ليستقر به جدله إلى حيث ينتهي به جدله لوحده ولسوف يشعر بمرارة جدله لوحده .
أما بالنسبة لفقه الواقع فهو مرتبط بفقه الشرع أصلا فلابد من كل حادثة أو واقعة أن يستفصل عنها وعن ملابساتها حتى تنزل منزلتها ويعطى الحكم الشرعي المناسب لها وبدون ذلك لا يمكن التوصل إلى الحكم الصحيح عليها فرحم الله عمر بن عبد العزيز حيث يقول يحدث الله للناس أقضية لم تتكن فيمن سبقهم على حسب ما يحدثون من الفجور لكن المشكلة تكمن في أناس ينادون إلى فهم للواقع من دون ارتباط للشرع ومن دون أن يكون تأهيل علمي سابق لهذا المفتي أو ذاك العالم ! بل مجرد أن الإنسان يكثر من القراءة في الكتب الفكرية ومطاعة المجلات والجرائد ومتابعة الأخبار المرئية والمسموعة فإنه يحصل له (فقه الواقع ) وهذا غلط كبير ووهم خادع لا يمكن أن يقبله إنسان عاقل يحترم عقله وعقول الآخرين , والحقيقة أن فقه الواقع قد عظم كثيرا ولكن على حساب ماذا ؟! على حساب الفقه الشرعي , على حساب الكتاب والسنة وقد صدر من هؤلاء هداهم الله أقوال شنيعة فيها لمز للعلماء الذين عنوا للتمسك بالكتاب والسنة بأنهم علماء حيض , علماء نفاس ... لا علم لهم بالواقع ولا صلة لهم به والحقيقة شاهده على دحض مثل هذه الشبه والافتراءات.. وقد قال بعضهم وهو يصف شيخه بأنه مكتبة ضخمة من المعرفة ولكن يعلوها الغبار , ولو أورد عليه أحد صغار طلبة العلم شبهة معاصرة لم يمكنه ردها ... ولا شك أن في هذا القول التجني على العلم والعلماء بل التجني على الشرع المطهر.. وفي المقابل أيضا إدعاء أنه فقه الواقع فقه دخيل لم يكن يعرف في العصور المفضلة.. بكل صراحة هذا قول عار من الدليل والتاريخ شاهد بعدم صحة هذا , فالرسول صلى الله عليه وسلم معلم البشرية الأول ينزل الناس منازلهم والوقائع في أماكنها ..فحينما أراد أن يعيد بناء البيت على قواعد إبراهيم وأن يجعل له بابين ولكنه لم يفعل ذلك لأنه أخبر عائشة أم المؤمنين بأن قومها حديثو عهد بشرك فقد يكبر عليهم هذا الأمر فلا يطيقونه فيفتنوا إلى دينهم .. أيضا موقفه مع الشاب الذي جاء يستأذنه في الزنا وعلاجه لهذا الموقف بالحكمة لأنه يعلم أن هذا شاب والشباب يحكمه هيجان الشهوة وقلة العلم بالضوابط الشرعية التي تعالج ذلك. وموقفه من الأعرابي الذي بال في طائفة المسجد ورفقه به لأنه يعلم أن هذا الأعرابي جاء من بيئة بدوية جافية بعيدة عن التمدن والتحضر. وموقفه مع الذين طلبوا منه أن يجعل لهم ذات أنواط..ومعالجته لبوادر الشرك في هذه القصة وعدم مؤاخذتهم على ذلك بل توجيههم التوجيه السليم.
فمن خلال هذا يتبين أن فقه الواقع مكمل ومساعدة لفقه الشرع ولا ينبغي التهاون به وإطراحه مطلقا بل ما جاء الشرع بتأييده يقبل ومالا فلا.
أسأل الله لي ولكم ولإخواني المسلمين التوفيق في كل متا نقول ونكتب ونعمل.
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
وتقبلوا خالص تحياتي..
أخوكم/ برق نجد