أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الهدف من طرح الموضوع:
1- النصح لكتاب الله تعالى.
2- الاستفادة من الإخوة النجباء والمشايخ الفضلاء بما عندهم من ملاحظات وفوائد وتعليقات.
3- تحفيز المختصين والمعتنين بهذا الموضوع للتعاون والتكاتف لإكماله لنصل إلى الحل النهائي لإشكال هذا السند.

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة:
الحمد لله رب العالمين، واصل المنقطعين، ومغيث الملهوفين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وإمام الموصولين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين، أما بعد:
فيقول الفقير إلى رحمة مولاه/ مصطفى بن شعبان- عفا الله تعالى عنه وسدد خطاه ... لقد كان للمنظومات العلمية أثرها الكبير في تنظيم دراسة العلوم الشرعية وترسيخ قواعدها في أذهان الدارسين، ولذلك اعتنى العلماء قديما وحديثا بنظم قواعد سائر العلوم في منظومات شعرية، لما يتميز به القالب الشعري من سهولة حفظه، وحلاوة جرسه، ولعِظَم ثمرته باستحضار قواعد الفنون ... واجتمعت كلمتهم على أنه مَن حفظ المتون حاز الفنون.
وكان متن (تحفة الأطفال) للشيخ سليمان بن حسين الجمزوري الشهير بالأفندي من أشهر متون التجويد التي تداولها القراء والحفاظ بالحفظ والمدارسة بدءًا من القرن الثالث عشر وحتى أيامنا هذه ... ولا يزال يزداد شهرة وقبولا مع هذه النهضة القرآنية والعلمية المباركة في تلقي العلوم الشرعية رواية ودراية.
وكان من تقدير الله- تعالى- أن تشتهر التحفة بين حملة القرآن بمصر في الحقبة المذكورة شهرة فائقة من خلال حفظها وشرحها، دون التعريج على روايتها بالأسانيد أو ذكرها في الإجازات وذكر أسماء سلسلة القراء الذين تحملوها بعضهم عن بعض إلى ناظمها ... ولضعف هذا الجانب في القرون المتأخرة بين طلبة العلم عامة وبين القراء خاصة لم نجد ما يسعفنا من الأسانيد والإجازات القديمة وكتب التراجم والتواريخ لوصل سند التحفة بصورة صحيحة تتمشى مع قواعد الرواية .. وزاد من صعوبة الأمر أن العلامة الجمزوري ليست لنا إليه أسانيد متصلة في القرآن الكريم فيما نعلم إلى الآن، ولم نقف على إجازة منه لأحد تلاميذه أو من أحد تلاميذه لمن أخذ عنهم إلى الآن فيما نعلم، فأصبح السند إليه منقطعًا في التحفة وغيرها.
إلا أن بعض أهل العلم وطلبته كانوا قد اجتهدوا في وصل سندها على أنحاء شتى وبسياقات متنوعة ... ولم تحصل هذه الاجتهادات على رضا كثير من المختصين ... وكان الغالب يسير على قاعدة التيسير والتسهيل في روايتها وأن الأمر لا يحتاج لتشديد ... فسند يقارب الصواب أولى- عندهم- من لا شيء ... وأخذ الطلبة ينقلون بعضهم من بعض دون تبصر ومراجعة ونظر ...
لكن الأمر في الآونة الأخيرة تحسن نوعا ما، حيث اقتنع كثير من الطلبة والشيوخ بأن التحفة لا يوجد لها سند متصل بناظمها ... وبعضهم يفهم ذلك بدقة وبعضهم لديه فهم مشوَّش ... وكنت أتمنى أن يجعلني الله تعالى سببا في وصل سندها ... مع قناعتي التامة بأن هذا يحتاج- بعد توفيق الله تعالى- إلى كثير من الاطلاع والبحث والتفتيش ... وعلى مدار مدة ليست بالقليلة تجمعت لدي بعض المعلومات ثم تكاملت شيئا فشيئا إلى أن قاربَت الوصول للغاية المنشودة بشكل كبير ... إلا أني رأيت مؤخرًا أن أطرح ما توصلت إليه على إخواننا ومشايخنا ونتذاكر فيه سويًّا، ويصير بحثًا جماعيًّا تتكاتف فيه الجهود لنصل إلى أصح صياغة لسند رواية هذا المتن ...
وها أنا ذا ألخص لحضراتكم بحثي حول سند تحفة الأطفال للجمزوري:
- عناصر البحث:

أولا: طبقة الآخذين عن الجمزوري:

الأول: نصر الهوريني:
الثاني والثالث: ولدان للشيخ مجاهد الأحمدي:

ثانيا: طبقة الآخذين عن تلاميذ الجمزوري:


الآخذون عن الهوريني:


ثالثا: الأسانيد المعاصرة المتصلة بالرواة عن الهوريني


رابعًا: ملاحظات ومقترحات


خامسًا: تلخيص أهم فوائد البحث

_______________________________________________
أولا: طبقة الآخذين عن الجمزوري:
الأول: العلامة نصر الهوريني:
علم معروف من أعلام اللغة والأدب وتحقيق التراث، ت 1291هـ على المشهور، ولا يعلم تاريخ ولادته، جاور بالمسجد الأحمدي في بداية طلبه للعلم، وكان موجودًا به عام 1227هـ ، وحضر بعض دروس الشيخ سليمان الجمزوري كما يفهم من كلامه الآتي في مَطَالِعِه ... حيث قال: « ... هذا، وقد رأيت سنة 1227 أيام مجاورتي بالمقام الأحمدي بطنتدا في حاشية شيخنا الجمزوري- الشهير بالأفندي- على تحفة الأطفال وشرحها له تفصيلا في (لدى) وهو أنها تكتب بالياء إن كانت بمعنى (في) وتكتب بالألف إن كانت بمعنى (عند)، وقرره كذلك في درسه ... » اهـ. بحروفه([1])
قال الفقير مصطفى شعبان: فقوله: « شيخنا الجمزوري » وقوله : « وقرره كذلك في درسه» ظاهره أن الجمزوري قرر لهم المعلومة مباشرة في دروسه والهوريني حاضر، وأنه تتلمذ عليه أثناء مجاورته بالمسجد الأحمدي آنذاك.
ولكن يلاحظ أيضًا أنه يحتمل أن يكون حضر دروسه هذه كاملة ويحتمل حضوره لبعضها ... وفي مثل هذا الأدق أن يقال: أن الهوريني يروي تحفة الأطفال وشرحها فتح الأقفال والحاشية المشتملة على تقريرات الجمزوري على شرحه المذكور سماعا على الجمزوري لبعضها إن لم يكن لجميعها. والله أعلم.
هذا بالنسبة لأول تلميذ وقفت عليه للشيخ الجمزوري.

الثاني والثالث: ولدان للشيخ مجاهد الاحمدي:
وقد وجدت بمكتبتي في حاشية مخطوطة على فتح الأقفال لأحد العلماء المعاصرين للجمزوري- على ما يظهر- أن الجمزوري كان يقوم بتعليم وتحفيظ ولدين من أولاد شيخه/ السيد مجاهد الأحمدي الذي أخذ عنه السلوك.
ولكن لم يذكر فيها مَن هما وهل ختما عليه أم لا ... فيبقى أن المزيد من البحث قد يكشف عنهما وعن طبيعة أخذهما وتعلمهما على الجمزوري.
هذا ما وقفت عليه إلى الآن بالنسبة للآخذين عن الجمزوري ...
ونخلص منه إلى أن الهوريني ثبت أخذه عن الجمزوري لشيئ من التحفة وشرحها وحاشية الجمزوري عليها، فنجزم بأنه تلقى بعضها سماعا عن الجمزوري إن لم يكن جميعها.

*******


ثانيا: طبقة الآخذين عن تلاميذ الجمزوري:


الآخذون عن الهوريني:

1- حسن عبد الرازق باشا المصري ت 1325هـ: قال عبد الستار الدهلوي في فيض الملك المتعالي 1/502 : « .. حضر في الأزهر على شيوخ منهم: نصر الهوريني ... ».
2- مؤمن بن السيد حسن بن مؤمن الشبلنجي (1252- كان حيا 1322): قال في فيض الملك المتعالي 3/1743 : « .. حضر علي الهوريني شرح الشيخ خالد على الآجرومية ...».
3- سيد بركات بن يوسف عريشة الهوريني: له كتاب (الجوهر الفريد في رسم القرآن المجيد) فرغ منه 1286هـ محفوظ بالأزهرية برقم 301765، وكان له اشتغال بالقرآن وعلومه حيث ألف كتابه هذا مختصِرًا فيه شرحَ الجعبري على عقيلة الشاطبي وانتهى منه 1286هـ .. ثم عرضه على أكابر المقرئين (كالعلامة المتولي والعلامة الجريسي الكبير) لتعلقه بالقرآن وعلومه ... وعرضه على العلامة (نصر الهوريني) لتعلقه بالرسم والخط من جهة أخرى، وقد نسب الشيخ نصر الهوريني لنفسه قائلا عنه (شيخنا الشيخ نصر الهوريني أبو الوفا) لوحة 2/أ

- ملاحظة: لم أقف إلى الآن على نص يؤيد إجازة الهوريني لأحد من هؤلاء الثلاثة.

4- الشيخ العلامة الفقيه المسنِد الكبير/ إبراهيم السقا([2])خطيب الجامع الأزهر ت 1298: لم أقف على أخذه لشيء من العلم عن الهوريني، وإنما وقفت على ما أخبر به تلاميذ الدكتور الأزهري عبد المنعم تعيلب الفقيه المفسر المتوفى قريبًا، حيث ذكر لي تلميذه الأستاذ/ محمد سعيد عبد البر أن الشيخ تعيلب أخبرهم مرارًا بأنه يروي عن العلامة محمد بن سليمان القاضي الشرعي وهو عن والده الشيخ سليمان بن إبراهيم النوري عن إبراهيم السقا عن نصر الهوريني وغيره ...
5- وأخبرهم أيضًا الشيخ تعيلب بأن الشيخ المعمر محمد دويدار الكفراوي يروي كذلك عن نصر الهوريني ...
- والعهدة في إثبات رواية كل من السقا ودويدار عن الهوريني على الأخ محمد سعيد فيما أخبر به عن الدكتور تعيلب .. وأخبرني الأخ محمد المذكور أن هناك بعض تلاميذ الدكتور تعيلب لديهم معلومات أخرى بهذا الصدد ومنهم: دكتور خلدون ودكتور محمد جودة كلاهما بمدينة جدة ...
والخلاصة: أن الاتصال بالهوريني يتحقق بواسطة السقا ودويدار- فيما أعلم ... وما بقي إلا وصل أسانيدنا بهما وهو سهل ميسور على من له عناية بباب الرواية.


ثالثا: الأسانيد المعاصرة المتصلة بالرواة عن الهوريني

1- أما الاتصال بالشيخ إبراهيم السقا: فما أكثر الأسانيد الموصلة إليه بعلو وبنزول ...
ومن ذلك: رواية الشيخ المقرئ المسند/ علي بن محمد توفيق النحاس عن والده عن بخيت المطيعي عن عبد الرحمن الشربيني وحسن الطويل ومحمد البسيوني ثلاثتهم عن إبراهيم السقا ... (سند ثلاثي للنحاس)
وبه إلى المطيعي عنه مباشرة (سند ثنائي للنحاس)
ويروي تلاميذ عبد الله الغماري عنه عن محمد إمام السقا عن والده إبراهيم السقا ...
ومن أعلى ما وقفت عليه:
رواية الشيخ عبد الرحمن الحبشي عن محمد أبي النصر الخطيب عنه ...
ومثله رواية عبد الرحمن الكتاني عن المطيعي عنه ...
والكتاني عن جده عبد الكبير عنه ...
وغير ذلك من الاتصالات بالسقا ...

2- أما الاتصال بمحمد دويدار الكفراوي: فيروي عنه أحمد الغماري وعبد الله الغماري وجاد بدر الدين التلاوي المعمر والد الشيخ محمد عبد الرحيم بن جاد بدر الدين .. ولعل الإخوة الفضلاء عندهم المزيد ممن يروي عنه غير هؤلاء ... ثم ننتقي من بين الرواة عنه مَن نوصل أسانيدنا به.


رابعًا: ملاحظات ومقترحات

1- ينبغي التركيز في تلقي المتن والشرح على المشايخ المسندين ممن لهم إجازات رواية تمر بالهوريني أو السقا أو دويدار.
2- وأقترح جلب واستدعاء إجازات رواية للمشايخ المقرئين المتقنين العالمين بالتجويد والأداء فهم خير من يقرئ التحفة وشرحها ويفيد فيها ... لأنهم أهل الدراية المتحققين بها ... لكن ينقصهم الإذن بالرواية ... فنستجيز لهم من أعلام المجيزين المسندين ... وهذا سيفيدنا كثيرا - معاشر أهل الرواية من القراء - عندما نريد قراءة كتب التخصص على أهلها مع عدم فوات فرصة روايتها بالسند من طريقهم.
3- إخواني ... لابد من تكثيف الجهود في مسألة الاطلاع على الكتب المطبوعة والمخطوطة في التاريخ والتراجم والاثبات والأسانيد وغيرها والتعاون في ذلك ... لاسيما في الفترة ما بين القرنين التاسع والرابع عشر الهجريين ... فنحن لا يوحى إلينا ... فلابد من الأخذ بالأسباب وكثرة المطالعة للتراث المطبوع والمخطوط ... مع حسن الانتقاء ودقة استخراج الفوائد ... ثم المدارسة والمذاكرة مع الإخوان وتبادل المعلومات ... حتى تنحل الإشكالات ... وتوصل المنقطعات ... وحتى نخدم تاريخ المسلمين وأسانيدهم التي هي من الخصائص المميزة لهم.
4- وأقترح التركيز أثناء البحث على الإمام الجمزوري ومن في طبقته وطبقة تلاميذه ممن جاور بطنطا في هذه الفترة ... وكذلك مخطوطات الجامع الأحمدي ... وإجازات أهل طنطا وما حولها ...
5- وجدتُّ في المعجم المختص لمرتضى الزبيدي في ترجمة الشيخ علي الميهي- شيخ الجمزوري- (ص554): أن الزبيدي اجتمع به كثيرا وسمع هو على الزبيدي بعض دروس الصحيح والمسلسل بالأولية وبعض الأحاديث وطلب منه الإجازة فأجازه الزبيدي عامة.
فيستفاد من هذا- من وجهة نظري- أن إجازة الرواية كانت تحظى باهتمام شيوخ الجمزوري والمحيطين به في تلك الفترة ... فيغلب على الظن أنه كانت له بها علاقة ولو ضعيفة ... مما يدعو لمزيد من الأمل في الحصول على معلومات مفيدة في هذا الباب، والله أعلم.

**************


خامسًا : تلخيص أهم فوائد البحث

1- أن العلامة الجمزوري كان من المتصدرين للإقراء والتدريس بالجامع الأحمدي، وأن من تلاميذه النابغين: العلامة نصر الهوريني.
2- أن الجمزوري كان حيًّا عام 1227هـ.
3- أن له حاشية على شرحه على التحفة، ولكن لم نقف عليها إلى الآن.
4- أنه كان يقوم- مع جلالة قدره في القراءات وتحريراتها- بتحفيظ الأطفال وتعليمهم.
5- أن هناك اتصالا جزئيا بالتحفة وشرحها والحاشية التي عليه بالسماع للبعض وأما الباقي فيفتقر إلى ثبوت اتصال من مصدر آخر.

وغير ذلك من الفوائد التي لا تخفى عليكم إن شاء الله تعالى.


وأترك المجال الآن للمناقشة وإبداء الرأي والملاحظات حتى نستفيد جميعا.


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


وكتبه/ مصطفى بن شعبان


[email protected]


[1])) انظر: المطالع النصرية: ص235، ط. مكتبة السنة بالقاهرة، تحقيق د. طه عبد المقصود. وص 112-113 من طبعة بولاق، مع ملاحظة عدم وجود هذا النص في النسخة الخطية التي بخط الهوريني نفسه حيث انتقل من الكلام على الأسماء المبنية إلى الكلام على (مهما) وأن بعض النحاة كابن مالك زادها على الخمسة المتقدمة ... إلخ ، ولم يتطرق للكلام على (لدى) ونَقْلِ ما رآه وسمعه من شيخه الجمزوري ... فلعله أضافه لاحقًا عند الطبع ، والله أعلم.
- وفي هذا النص عدة فوائد، منها: إثبات أن الجمزوري كان حيًّا سنة 1227هـ، وأن له حاشية تضمنت تقريرات وتعليقات على شرحه المشهور فتح الأقفال على نظمه الأشهر تحفة الأطفال، وأنه كان من المدرسين بالجامع الأحمدي.

[2])) وكان العلامة إبراهيم السقا من المقرظين لكتاب المطالع النصرية للهوريني.