أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمار وملك الغابة



تيسير الغول
دخل الأستاذ غرفة الصف، فقد وعد طلابه أن يحكي لهم قصة رمزية، بعد أن اشترط عليهم أن يعرفوا الهدف منها. فمن استطاع منهم أن يفكّ رمزيتها أعطاه جائزة قيّمة، فوافق الطلاب على ذلك.
قال الأستاذ: يُحكى أنّ ملك الغابة أصابه الجوع الشديد فاستدعى الثعلب مستشاره الخاص، وقال له: أيّها الثعلب أريد منك أن تحضر لي عشاءً، فأنا في مخمصة وجوع شديدين. فقال له الثعلب: أمرك يا سيدي، فسوف أحضر لك فريسة كبيرة مشبعة تفوق كل توقعاتك.
ذهب الثعلب إلى الحمار وقال له: أيّها الحمار إنّ مولاي الملك يطلبك في الحال، فقد قرر أن يلبسك تاجاً جزاء ولائك وإطاعتك وصبرك وجلدك وحسن سيرتك عبر سنوات عمرك.
فرح الحمار لهذا الخبر وانطلق مسرعاً مع الثعلب ليحظى بالتاج من ملك الغابة، فلمّا دخل الحمار إلى عرين الأسد انقضّ الأسد عليه وقطع إحدى أذنيه وأكلها، فهرب الحمار مسرعاً واستطاع أن يفلت من الأسد بأعجوبة غريبة، إلاّ أنّ الأسد أمر الثعلب أن يعود ويحضر الحمار من جديد، فقال له الثعلب: كيف أستطيع أن أقنعه بالعودة وقد نال ما نال. فقال له الأسد: هل جننت أيّها الثعلب؟ أأنت تقول ذلك وأنت المراوغ المحنك، والمخطط النجس والماكر الخبيث الذي يتقن فنون التحايل؟ هيا اذهب واحضره فوراً قبل أن تكون أنت عشائي بدلاً منه.
ذهب الثعلب إلى الحمار وقال له: أيّها الحمار الغبي، لماذا هربت من مجلس الأسد؟ فقال له الحمار: أما رأيت كيف هجم علي سيدي الملك وأراد أكلي؟ فقال له الثعلب: يا لك من حمار أبله، لقد أراد الملك أن يقطع أذنيك حتى يلبسك التاج، فأنت كما تعلم كبير الأذنين ولا تستطيع أن تلبس التاج إلاّ إذا قطعت أذنيك. هذا هو جزاء المعروف؟ فاقتنع الحمار لسذاجته وحمقه وعاد إلى ملك الغابة من جديد ودخل عرينه مرة أخرى. فانقضّ عليه الأسد بعد أن غافله من الخلف، فقطع ذيله هذه المرة والتهمها، ولكن وبمعجزة أخرى فريدة استطاع الحمار أن يفلت من الأسد ويبتعد هارباً نحو النجاة، إلاّ أنّ ذلك لم يثن الأسد عن طلبه مرة أخرى، فقال للثعلب وبلهجة لا تخلو من الغضب: هيا أيّها الثعلب اذهب وأحضره مرّة أخرى وإلاّ كنت فريستي هذه المرة، وإيّاك أن تناقشني بالطريقة التي ستقنعه بالعودة إليّ، فأنت هنا من أجل الاحتيال والكذب والدجل ولا أظنك ستعدم الوسيلة في إحضار ذلك المغفل الحمار.
رجع الثعلب إلى الحمار وقال له: أيّها الحمار لماذا هربت مرة أخرى، وقد أراد سيدي الملك أن يسدي لك معروفاً باقتلاع ذيلك حتى تستطيع أن تجلس وتتربّع على الكرسي إلى جانبه؟ أما علمت أنّ ذيلك يعيق جلوسك على الكرسي بطريقة مريحة؟ أهذا جزاء المعروف؟ لقد غضب الأسد منك غضباً شديداً لولا أنني أكّدت ولائك ومحبتك له، وقد وعدته أن تأتي معي تقديراً لحسن النية والطاعة المطلقة التي تتمتع بها على مرّ الزمان.
اعتذر الحمار للثعلب وقال له: ليسامحني سيدي ملك الغابة، فقد ظننت ظنّ السوء وإنّي ألوم نفسي الآن أشد اللوم على ما اقترفت من سوء نيّة.
دخل الحمار إلى عرين الأسد مرة ثالثة، ولكنه للأسف لم ينج هذه المرّة فقد هجم الملك على رقبته ودقّ عنقه بأنيابه الطويلة الحادة، فكان وليمة كبيرة أشبعت ملك الغابة حتى أنّه أبقى بعض الفتات والعظام لمستشاره اللئيم وصديقه الحميم الثعلب الماكر.
قال الأستاذ: انتهت يا أبنائي القصة على أن نناقش ما فيها من حكم في الحصة القادمة إن شاء الله. وإلى أن يحين ذلك الوقت أستودعكم الله وأتمنّى لكم السلامة والعمر المديد. والسلام.