جرحى يحملون دائما حقائبهم ممتلئةً بالذكريات وبالأنين
ممتلئةً بعبرات منهمرة بالحزن
وأخرى محتبسة بالصدر
اتخذوا من الصمت لغتهم
يحبسون أنفسهم بين جوانحهم
يبكونها !!
ما زالت الصورة مستيقظة في دفاتر الذاكرة
كنا عاشقين
رتب لنا العشق موعدا خارج حدود الزمن هذا ...
بعيدا حيث جزر العشق
ما زالت كلماتها تشرق لي صباحي ...
كلمات كانت تعزفها لي على قيثارة الروح
لترددها القلوب العاشقة ...
كلمات تدركها العيون دون أن تبوح بها الشفاه.....
أي حب هذا الذي كنا نعيشه ...؟!!
وأي جرح هذا تركه لنا الزمان ؟!!
أحاول ألا أبكي.....
لكن الدموع ...
تتساقط من عيني مطرا...
أبكي عمري الفقيد بدونك ...
كنت أسمع عن الجرح ولا أعرفه
عن الدمع الساخن وأجهله
عن الليل والسهر
كنت أجهل بأني أشرف على رحيل طويل
ولم أكن أعرف أن هذه القوافل مكبلة بالحزن والعذاب.
قادني الحزن إلى رحلة طويلة
جعلت الليل قصيدي ونديمي وشرفتي
وكأن تلك البساتين التي كنت ألهو فيها
أقطف منها أزهاري تحت قطرات المطر
أتبع خطى فراشة الحب فيها
وهي تداعب قلبي الصغير
أصبحت جزيرة من جزر الجراح
قد غدت إكليلا من الشجن.
أصبحت أعرف كيف يكون الحزن
يعيش داخل سراديب النفس
ينهش بقاياها
وكيف يتغذى الألم بنهم من روح تنزف شيئا فشيئا ..
لأول مرة أعرف إنسانا يضحك وهو يغرق..
لأول مرة أعرف إنسانا يبتسم حين يُخنق...
لأول مرة أعرف إنسانا يحيا والقلب منه يُسرق....
لأول مرة أعرف إنسانا ماتت فيه الروح ومازال يعشق.....
أصبحت أعرف كيف تستولي الجراح على نبضات الروح
وعُدت لأسأل ...
لماذا ؟
لماذا أصبحتُ أسير مع قوافل الجرحى؟
لماذا كنتُ أنتظرهم عند الغروب لأسألهم الحكايا؟
لماذا اقتربتُ من جزيرة العشق أنبش أسرارها؟
ظننتُها وردةً بلا شوك!!!
كان عليّ أن أعلم أن ذلك هو القدر
كنت أجهل حقيقته بأرضنا
بسمائنا وبأعماقنا...
وانتهت رحلتي لأعود إلي جزيرة الجرحى
ظللت أبحث عن الحنان الذي افتقدته بعد غيابها
و ارتحالها إلى جزيرة أخرى
كنت أتوق إلى أن أتحسس هذا الطيف
الذي يلازمني طريقي
لم أجرؤ على الاقتراب
وغرقتُ في لُجة الحزن
تسوقني العبرات والذكريات
حتى اقتربت منه فجأة رأيته
نعم رأيته
هاهو طيف قمريتي يشع نوراً
أدركت حينها أن ثمة حنانا خالدا
أستطيع أن أهفو إليه كلما فاضت جراحي
كلما زلزلني هذا الحزن
كلما لفني ذلك الخوف
وكلما جلست في هذا المكان أتأمل الصمت الغارق في
يرتحل بي عبر كل جزر الجراح والخوف
يطل علي ليل يغزل خطوات خائفة ونبضات مرتعشة
لأراني وقد عادت تلك القمرية
لتسكن في
ومن لي غيرها لينزع مني أحزاني وخوفي
والآن
أركن إلى الصمت...
أرى العيون قد هجعت
وأنا جالس أعاتب النجوم
وأنوارها ساهرة تقص علي حكايات قوافل العاشقين ....
والقمر ضائـع في دفاتره
يكتب لنسمة الفجر الناعسة قصته القديمة منتشيا..ينتظرها..
لم ينساها..
ماذا أرى؟
نجم مختبئ عن أعين الناس
يكفكف هذا الدمع المحتبس في قلمـي ينبش عيون الزهر
وكأنه يخشى أن تبتل هذه الورقة وهي تحتفي بأشجاني
وتضطر هي الأخرى للرحيل..
وماذا أرى أيضا؟
عصفور قد هرب من إلفه ليربت على كتفي
إنه هدية من حبيبتي
أرسلتها مع أول نسمات الفجر الذي لم يستفق بعد من سباته
عصفور يحط على جرحى مثقلةُ بجراحها
تهدي إلي باقة من الشوق
فما زلتُ أذكركـ
أذكركـ
فتهرب عناقيد الشجون
تبحث لنفسها عن ضفة أخرى..
أذكركـ
يهتز نبضُ يغورُ ألم
وأحلم
أحلمُ بلقياكـ
والخطوُ يسبقني إليكـ
فقد أصبحتُ للحزن
روحاً كفكفَت باقاتِ النور..
وظلت نازفةً ملء كفيها !
فالقلب أصبح في احتراق
والحزن أصبح يوقد مدائن الريح
نازفا
نازفا
أراكـ قادمة من بعيد
أراكـ
تبحثي عن العشق الغارق في ..!!
أراكـ
والبحر ينفض الأسرار الهاربة
يدثركـ بالجراح ...
أراكـ قادمة من بعيد تبحثي لنفسكـ عن موطن يحتويكـ
فمازلت أشم عطر غيابكـ ...
في تلون أيامي .. وطول ليلي...
:
ما زال غيابكـ أنة تنادي .. تمحو كل عيد..
فكل شيء يعيدني إليكـ ..
كل شيء يبقيني فيكـ..
وكلما هممت بمغادرة مملكتكـ
تعثرت بكـ.
لا أدري كيف الفكاكـ من عشق تمكن مني
حتى أصبح يسكن القلب والروح...
أجل ...
عشقتكـ
ثم .. ماذا ..؟!
ثم افترقنا..
ومنذ يوم الافتراق
ما زالت مدينتي تحلم بالزهور
تحلم أن يرحل عنها الضباب...
تحلم أن ترتوي بغير الدموع.....
آه من زماننا ...
آه... مسكونين نحن بأوجاعنا ...
نعم مازال نبض الوجع يدق في كل ساعة من أيامنا...
تعيش بداخلنا غصة ألم ...
إلى أين أمضي وعمري أصبح محمل بالأحزان ...
ما زلت أتذكر كلماتكـ
حين قلت لي ....
يا Abooodi لا تحزن فقد خُلقت الأحلام
كي لا تتحقق...........
ولكني يا حبيبتي أعلم أنكـ هنا
على مقربة مني..
لكني لا أعرف لماذا تبوحين لي بالصمت وتمضي؟
تنبشي في متاهاتي
حبيبتي...
مازلتُ أتذكر حين كنتي تهمسين لي
والنجوم بيننا تغرد كعادتها
والليل المكتمل قد بدا كجزيرة تحتوينا
مازلتُ أتذكر ابتسامتكـ التي كانت تشعرني بالأمان
ما زلتُ أتذكر يوم أهديتني قلبكـ لأضعه في قلبي
أخفيه عن الجراح..
مازلت أتذكركـ قادم كالمطر
وقصيدةُ الحب تشتعل بقلوبنا
مازلتُ أتذكر يوم ألقيتُ بصمتي بين ذراعيكـ
وصرختُ ملء جرحي
كيف أغرقت خوفي ومحوت عني
غبارَ الألــم..؟
مازلت أذكر ذلك اليوم ..
"يوم الرحيل "
يومها أقسمت على العودة إلي..
كلما هجع الليل ورحل النهار
ما زلتُ أذكر أحلامكـ التي كانت تراقصني على أنغام قوس الرحمن..
مازلتُ أذكر همسك صباحاً ومساء..
وأنتي ترسمي بريشة الفجر لوحةً كتبتي فيها كل قصائدكـ قبل الرحيـل....
:
حبيبتي
الليل لم يعد كما كان...
برحيلك غابت عني قصائدكـ وقصائده..
حتى الشمس بعد أول يوم من رحيلكـ الطويل
تركت ضوءها راقدا في قلب البحر
ربما لأنها أبت أن يرى أحد لون الحزن الذي كسا وجهها..
أرهقها رحيلكـ !!
ومنذ ذلك اليوم
لزمت الصمت بالرغم من أنها ما تزال تشرق في موعدها...
حتى البحر
منذ أول يوم من رحيلكـ الطويل
رحلتي في سفن الصمت إلى أقرب جزيرة بقلبي
تحدها شمالا مدائن الوجع
وجنوبا مدائن العشق
وغربا مدائن الوحدة
وشرقا مدائن الشوق
حتى القمر الذي كان يجالسنا يا حبيبة القلب
كان هو الآخر بعد أول لحظة وداع
جمع حقائبه وأخذ راحلته
وانطلق مسرعا وقد امتطى جوادَ روحكـ....
إلى أين؟ لا أعلم !!
ذهبت للبحث عنه على ضفة البحر
لكنه سرعان ما استبد به الشوق فعاد إلي
كان يعرف أنني الآن أحتاج إلى من يؤنس صمتي ووحدتي
دغدغتني نسائم شوق قادمة من هناك
من مكان لا تسكنه سوى روحينا
أراك يا حبيبتي وكأنكـ تناديني لأهمس لكـ..
اشتقتُ لكـ..
اشتقتُ لكـ..
اشتقتُ لكـ..
وهذه النبضة المرتعشة تزعزع قلبي...
تنزعه عن مكانه وزمانه وحتى عني..
حبيبتي
أتدرين؟
برحيلكـ ابتعدتُ عني وعن زمني..
ولكن عشقكـ لن يبتعد عني وعن قلبي
فكل شيء يحن إليكـ..
حديث الغصون والنجوم بدونكـ جذع خرافـة..
وجهكـ أراه محفورا علي دفاتري..
لا ترحل كثيرا..
فقد وضعتك دائما بالقافلة التي تسافر عبر أوردتي
تنثر زهور الأمل لتحيي الأرض بعد موتها..
فأنت الحب
وستظل أنت الحب الذي علمني كيف أشدو وأبعثر خوفي ودمعي
أنثرهما في شقوق النسيان
:
..حبيبتي..
لن أنسي عندما أهديتني قلبكـ
لحظتها تعاهدنا على حفظ العهد..
ورسمنا على الرمل المبتل ذلك العهد الجميل ...
فقلبي يا حبيبتي لم يعد لـي
لأنني وهبته لكـ.. ولقصائدي...
--------------------------------------------------------------------------------
--------------------------------------------------------------------------------
أتريد عودة ذلك الحنان ؟
وتحقيق تلكم الأحلام ؟
وتنظيم نبض قلبك الهيمان ؟
واعادة ملكك والصولجان ؟
أنظر الى الضوء الخافت هناك ...
اسلك طريقه ....
ستجد قلبك ينتفض ...
ودمعك ينسكب ....
لأنك عرفت طريقا ينهي تلك الرواية
ويجدد حياتك .. فتلك هي البداية
بداية طريق قافلة الأمان
والركوب على متنها بالمجان
ولكن الشرط فيها .. حب الملك الديان
هذا الحب الخالد
الذي يعيد حنانك المفقود
ويحقق حلمك الموعود
وينظم نبض قلبك من جديد
حين يستقر به حبا يلين له الحديد