أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد:
افي ظل ما يحيط بالأمة من محن وابتلاءات سؤال يطرح نفسه داخل قلوب الكثير من أفراد هذه الأمة
ممن أنساهم إلى حد كبير هول الأحداث وعظمتها عظمته الله وقدرته فقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال
فماذا أجاب الله عن هذا السؤال؟؟؟

وقبل أن نأتي بالإجابة بدليلها من الكتاب و السنة
نبين أن الكتابة هنا نوعين...
كتابة كونية وكتابة شرعية..و لكل منهما غاية وهدف إذا تحقق عاد بالخير الكثير على الأمة بشكل عام وعلى الأفراد بشكل خاص..
فأما كتابة القتال فهي الكتابة الشرعية ومعناها هنا الأمر بقتال الكفار ومجاهدتهم على هذه الأمة وقد فرضت أول ما فرضت على بني إسرائيل في التوراة وكان ربنا قبل ذلك يخرج الفئة المؤمنة من الأرض ثم يحيق العذاب بالأمم الظالمة ثم فرض الجهاد على أهل الكتاب فقالوا اذهب أنت وربك فقاتلا أنا هاهنا قاعدون
أما صحابتنا رضوان الله عليهم فقالوا اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون..
و لست بصدد نقاش هذا الأمر من الناحية الفقهية وذكر أنواع الجهاد ولكنها كلمات يحتاجها الإنسان ليزيد ثقته بالله وبنصره من جانب ومن جانب آخر يسارع إلى الامتثال لهذه الأمر بأعلى همه وأفضل مقصد.
...وقبل أن يجيب الله جل جلاله عن هذا السؤال يبين أمرا هاما قد غاب ويغيب عن الكثير منا عندما يرى أهل الكفر يمعنون في القتل والإبادة وممارسة أشد أنواع التعذيب والإهانة على إخواننا في كل مكان –وهو أن هذه الدنيا مهما طال البقاء فيها وسواء كان المقيم شقيا أو منعما فإن البقاء قليل جدا إذا ما قورن بجزاء يوم القيامة ونعيمها أو عذابها ومهما بلغ أهل الباطل في نعيمهم فإن غمسة في النار ستنسيهم أي نعيم مر بهم وبالمقابل فإن غمسة في نعيم الجنة تنسي أي بؤس وشقاء مر على الإنسان
ثم يبين ربنا جل جلاله أن الموت إذا جاء أجله فإنه يدرك الإنسان ولو كان في بروج مشيدة فلا الفرار من الزحف يؤخره ولا الخوض في صفوف الأعداء يقدمه لكنه في النهاية شرف إن أدرك صاحبه وهو يقاتل أعداء الله يشرف به من يشاء من عباده ويكتب لهم به حياة أبديه سعيده في أجواف طير خضر على قناديل معلقة عن يمين العرش فيقول جل جلاله :((وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77) أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا [النساء/77، 78]))
...ثم يبين الله الحكم من القتال في مواطن أخرى وأن في القتال نوع من أنواع تعجيل العقوبة للكفار على أيدي المؤمنين وشرف كبير لكل مؤمن أن يختاره الله ليكون سيفه الذي يضرب به أعداءه فمعدن الحديد واحد لكن فرق بين الحديد عندما يكون سيفا مصقولا تضرب به هامات الكفار وتزال به عروشهم وبين ان يكون صفيحة ترمي بعد الاستفادة من محتوياتها هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن في الجهاد خزي للكفار, فهم إما أن يموتوا على أيدي المسلمين أو يعيشوا خزايا مقهورين فيعودوا مكبوتين إلى أهليهم فيشفي الله بذلك صدور المؤمنين ويذهب ما بها من غيظ على أعداءهم الذين حاربوا دين الله واستحلوا محارمه وفتنوا أولياءه عن دينهم وربنا مع ذلك يبين أن في القتال إظهار لدين الله وإعزاز له وربما تاب الله على أهل الكفر ودخلوا في دينه أن رأوا هيبته وصولته وانتصاره فيقول جل جلاله: قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16 [التوبة/14-16

...ثم يبين سبحانه أنه لو شاء لانتصر لدينه كما انتصر من قوم نوح بالغرق ومن قوم عاد بالريح ومن قوم ثمود بالصيحة ...لكن الجهاد الذي هو ذروة سنام الدين في الحقيقة بلاء للمؤمن ليعلم الله مدى استعداده لتلبية نداء ربه فهو آخر ما يمكن أن يبذله المؤمن فداء لدينه فليس بعد الموت عمل ولا تضحية وليس بعده ابتلاء ولا فتنة وكما قال رسولنا صلى الله عليه وسلم كفى ببارقة السيف فتنة وقد قيل استوى الناس في العافية فلما نزل البلاء تباينوا فيعلم الله من هو الصادق ومن هو الكاذب ويعلم من هوالمؤمن ومن المنافق ثم يمحص ايمان المؤمن الصادق وينقيه من الشوائب
ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4 [محمد/4]


أما القتل أو الموت وهو النوع الثاني والمقصود به هنا الكتابة الكونية وهي ما كتبه الله سبحانه في اللوح المحفوظ من مقادير الخلائق والتي لا تتغير ولا تتبدل وترد ولا تصد عن صاحبها ولو كان في بروج مشيدة
فكل إنسان قد كتبه اجله قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ثم كتب وهو في رحم أمه ثم كتب في ليلة القدر
والله هو الذي يحيي ويميت ليس غيره
وكما ذكرت سابقا أن الله إن أراد بعبد خيرا قبض روحه في ساحة الوغى مقبل غير مدبر فيغفر له مع أو قطره دم ولا يشعر بألم القتل إلى غير ذلك من خصال الشهيد
والذي نشاهده انه وان كان أهل الباطل قد أمعنوا في تقتيل المؤمنين بغير ذنب إلا أن يقولوا ربنا الله يهدمون منازلهم و ينتهكون محارمهم
إلا أن الموت والهلاك ليس خاصا بأهل الإيمان فقط
فالزلازل والفيضانات والعواصف والبراكين والانهيارات الثلجية والأمطار والسيول لا تنقطع أخبارها عنا أبدا وخصوصا في بلاد الكفر وربما في كثير منها يكون هذا من كيد الله سبحانه لأولياءه المؤمنين ونتقامه من أعداءه
وكلنا يرى الخوف والحزن والجوع والعطش فإنا كنا نألم فهم يألمون كما نألم لكننا نرجو من الله مالا يرجون
وبلاؤنا إن صبرنا عليه أجرنا في الدنيا والآخرة
اما هم فمصائبهم هي عقوبة عاجلة وعذاب أدنى دون العذاب الأكبر الذي ينتظرهم يوم القيامة...

في النهاية وعندما نتأمل في سورة التوبة
نجد أن ترتيب مواضيعها على هذا النحو
براءة من المشركين
جهاد للكافرين
فضيحة للمنافقين
وهي اسباب ونتائج حتمية لما بعدها
فالبراءة من المنافقين لا تتم حتى نجاهدهم
وفي الجهاد رفع لقيمة الأمة وعزها
وعندما تظهر شوكة الأمة ويعزها الله يبزغ نجم النفاق من قبل أعداءها
فالعز كل العز في الجهاد والذل والهوان في ترك الجهاد والرضى بالزرع والأخذ بأذناب البقر