النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: هنا توضع كل ما يخص الأجازة الصيفية

  1. #1
    * زهرة غرابيل *
    تاريخ التسجيل
    May 2005
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    331

    هنا توضع كل ما يخص الأجازة الصيفية

    رسالة إلى مصطاف

    محمد بن عبدالله الهبدان


    أيها الأخ المبارك : هذه رسالة كتبتها بمداد الحب وسطرتها وقد سكبت فيها من روحي لعلها تصل إلى روحك .. لا بل تصل إلى سويداء قلبك فتلامس شغافه .. كتبتها وأنا أسائلك أن تصحبني بعقلك الذي يمنعك من ارتكاب كل قبيح , بعيداً عن التشنجات والمغالطات والمهاترات التي لا تغني من الحق شيئاً ..
    إني أريدك يا أخي أن تأخذ ما سأطرحه عليك بكل موضوعية , وبكل إنصاف بدون أي انحياز لرغبات النفس وشهواتها فالعدل مطلوب والإنصاف واجب والظلم ظلمات يوم القيامة ..
    أيها الأخ المبارك : إن موضوعي معك هو ما تفكر فيه الآن , وتبحث عن مكان يناسبك ويلائمك أنت وأسرتك وربما أعددت العدة له .. نعم هو النزهة والترفيه عن النفس .. إننا لا نعتب عليك بادئ ذي بدء أن تفكر في هذا الموضوع فالنفس مجبولة على ذلك وهي فطرة الله التي فطر الناس عليها ولا نعتب عليك أن تأخذ أسرتك وأولادك في نزهة برية أو رحلة خلوية أو غيرها , وإن غير ذلك يعتبر مصادمة للواقع ولذا عندما لقي حنظلة رضي الله عنه أبا بكر قال له نافق حنظلة , قال أبو بكر : سبحان الله! ما تقول ؟ قال قلت : نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالجنة , حتى كأنا رأي عين , فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات , فنسينا كثيراً قال أبو بكر : فوالله , إنا لنلقى مثل هذا , فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم , قلت : نافق حنظلة يا رسول الله ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وما ذاك؟) قلت : يا رسول الله ! نكون عندك , تذكرنا بالنار والجنة , حتى كأنا رأي عين , فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات , فنسينا كثيراً ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده إن لو تدمون على ما تكونون عندي في الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم , ولكن يا حنظلة ! ساعة وساعة – ثلاث مرات ) إذن لا بد من الترويح عن النفس .. لابد من التخفيف عنها .. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ساعة وساعة ..
    وهنا أخي العزيز يأتي دور الأهواء والرغبات في فهم كلام النبي صلى الله عليه وسلم ( ساعة وساعة ) وصدق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حينما قال : ( أخاف عليكم اثنتين : اتباع الهوى , وطول الأمل , فإن اتباع الهوى يصد عن الحق , وطول الأمل ينسي الآخرة ).
    ساعة وساعة .. نعم ساعة وساعة لكن هل يعني ذلك أنها ساعة للطاعة وساعة للمعصية !؟ هل المراد ساعة لربك , وساعة لنفسك تفعل فيها ما تشاء وتختار !؟ إن هذا المفهوم لا يمكن أن يحتمله كلام النبي صلى الله عليه وسلم , أو أن يفهم منه إذ كيف يتصور أن يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بمعصية ربه , والتعدي على حدوده ؟! وانتهاك محارمه ؟! أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يغضب لنفسه , ولكن إذا انتهكت محارم الله اشتد غضبه , واحمر وجهه .. فكيف يأذن إذاً بالمعصية وهذا منهجه ؟ وهذه طريقته ؟ سبحانك هذا بهتان عظيم .. إن المفهوم الصحيح لقول النبي صلى الله عليه وسلم ساعة وساعة هو ساعة لطاعة الله عز وجل , وساعة يلهو بلهو مباح كما هو ظاهر الحديث والذي يوافق روح الشريعة الغراء .. يقول الله عز وجل : { وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ } [القصص : 77] هاهو ربك عز وجل يأمرك أن تستعمل ما وهبك من المال الجزيل والنعمة الطائلة في طاعة ربك والتقرب إليه بأنواع القربات التي يحصل لك بها الثواب في الدار الآخرة { وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا } مما أباح الله فيها من المآكل والمشارب والمساكن والمناكح .. فأي دين أعظم من هذا ؟ وأي شريعة أكمل من هذه الشريعة ؟ التي راعت بين جوانب الحياة كلها وأعطت كل ذي حق حقه .
    أيها الأخ العزيز : إن الإسلام لا يقف في وجهك حجر عثرة عن التنزه والترفه إذا كان ذلك وفق الضوابط الشرعية التي تكفل لك ولأسرتك السلامة والعافية في الدارين ..
    ولكن إذا صاحب ذلك تفريط وإفراط هنا يأتي التحذير والمنع لا من أجل حرمانك من التمتع ؟ كلا , بل من أجل المحافظة عليك من أن تحيط بك السيئات من كل جانب فتهلك فتكون من الخاسرين .. ما أجمل والله أن تكون النزهة عامرة بذكر الله عز وجل والمحافظة على فرائض الله .. ما أجمل أن يكون لك بهذه النزهة عبرة ومدكر فكما أنك لا تبني في هذه النزهة قصوراً ولا تؤمل فيها آمالاً , لأنك على يقين من أن لك داراً في المدينة ستعود إليها .. كذلك فإن عليك أن تعلم أن هذه الدنيا دار فناء وأن لك دار أخرى تنت

  2. #2
    * زهرة غرابيل *
    تاريخ التسجيل
    May 2005
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    331

    لشباب والإجازة

    الشباب والإجازة

    الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله


    الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه . أما بعد
    فبمناسبة الإجازة الحالية فإنه يسرني أن أوصي الشباب خاصة والمسلمين عامة بتقوى الله عز وجل أينما كانوا واستغلال هذه الإجازة فيما يرضي الله عنهم ويعينهم على أسباب السعادة والنجاة ، ومن ذلك شغل هذه الإجازة بمراجعة الدروس الماضية والمذاكرة فيها مع الزملاء لتثبيتها والاستفادة منها في العقيدة والأخلاق والعمل ، كما أوصي جميع الشباب بشغل هذه الإجازة بالاستكثار من قراءة القرآن الكريم بالتدبر والتعقل وحفظ ما تيسر منه؛ لأن هذا الكتاب العظيم هو أصل السعادة لجميع المسلمين ، وهو ينبوع الخير ومنبع الهدى ، أنزله الله سبحانه تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ، وجعله سبحانه هاديا للتي هي أقوم ورغب عباده في تلاوته وتدبر معانيه كما قال سبحانه :{ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَ} وقال تعالى :{ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ }وقال عز وجل :{ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}

    فنصيحتي للشباب ولجميع المسلمين أن يكثروا من تلاوته وتدبر معانيه وأن يتدارسوه بينهم للعلم والاستفادة وأن يعملوا به أينما كانوا ، كما أوصي الشباب وجميع المسلمين بالعناية بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظ ما تيسر منها ولا سيما في هذه الإجازة مع العمل بمقتضاها . لأنها الوحي الثاني والأصل الثاني من أصول الشريعة .

    كما أوصي جميع الشباب بالحذر من السفر إلى بلاد غير المسلمين لما في ذلك من الخطر على عقيدتهم وأخلاقهم . ولأن بلاد المسلمين في أشد الحاجة إلى بقائهم فيها للتوجيه والإرشاد والتناصح والتعاون على البر والتقوى والتواصي بينهم بالحق والصبر عليه .

    وأوصي جميع المدرسين في هذه الإجازة باستغلالها في إقامة الحلقات العلمية في المساجد والمحاضرات والندوات لشدة الحاجة إلى ذلك ، كما أوصيهم جميعا بالتجول للدعوة إلى الله في البلدان المحتاجة لذلك حسب الإمكان ، وزيارة المراكز الإسلامية والأقليات الإسلامية في الخارج للدعوة والتوجيه ، وتعليم المسلمين ما يجهلون من دينهم وتشجيعهم على التعاون فيما بينهم والتواصي بالحق والصبر عليه ، وتشجيع الطلبة الموجودين هناك على التمسك بدينهم والعناية بما ابتعثوا من أجله والحذر من أسباب الانحراف ، مع وصيتهم بالعناية بالقرآن الكريم حفظا وتلاوة وتدبرا ، وعملا بالسنة المطهرة حفظا ومذاكرة وعملا بمقتضاها .

    وأسأل الله أن يوفق المسلمين شيبا وشبابا وأساتذة . وطلابا وعلماء وعامة لكل ما فيه صلاحهم وسعادتهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة إنه جواد كريم . وصلى الله وسلم على عبده ورسوله وصفوته من خلقه نبينا محمد وآله وصحبه .

    نشرت بمجلة الدعوة العدد 1023 الاثنين 25 ربيع الثاني 1406 هـ للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .

  3. #3
    * زهرة غرابيل *
    تاريخ التسجيل
    May 2005
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    331

    كيف تقضي وقتك في الصيف

    كيف تقضي وقتك في الصيف

    د. طارق بن محمد الطواري
    أستاذ الشريعة في جامعة الكويت
    إمام وخطيب مسجد الرفاعي - السلام (الكويت)


    إن وقتك هو عمرك الحقيقي وهو مادة حياتك الابدية في النعيم أو الجحيم وهو مادة عيشك في الرخاء أو الضنك وهو يمر عليك مر السحاب دون أن تشعر به فليل ثم نهار ثم نهار فليل وسرعان ما ينتهي الشهر فتستلم راتبك وتتعاقب عليك الجمع وتمر عليك الفصول ربيع فخريف صيف فشتاء .
    دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثوان .
    فما كان من وقتك لله وبالله فهو الحياة والعمر وما كان غير ذلك فليس محسوبا من حياتك وله عشت منعما آكلا نائما قطعته بالسهر والاماني الباطلة والبطالة الزائلة فالموت خير لك من الحياة .
    وقد قال تعالى : (( والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الانعام والنار مثوىً لهم )) محمد12
    نعم إن الحياة التي لا غاية فيها ولا هدف لها إنهم الأصفار والأرقام في حياة أنفسهم وحياة مجتمعهم يموتوا فلا يذكروا ويحضروا فلا يعرفوا أنهم من لم يقدم لنفسه ولا لدينه ولا لأمته شيئا فعاش أنانيا ميتا ومات منسيا قد أهدروا أوقاتهم دونما هدف وقد قال صلى الله عليه وسلم ( اغتنم خمسا قبل خمس : حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك )
    وقال الحسن البصري رحمه الله ( ياابن آدم انما أنت أيام فاذا ذهب يومك ذهب بعضك )
    وقال ( أدركت أقواما كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصا على دراهمكم ودنانيركم)
    قال ابن هبيرة :
    والوقت أنفس ما عنيت بحفظه وأراه أسهل ما عليك يضيع

    وهذا الصيف على الأبواب وقد عرف بأنه محرقة الوقت وقاتل الفراغ وربما الحسنات لمن ضيع
    فإياك بحرق الوقت ورصيد الحسنات
    في السفر إلى بلاد الاباحية والحرام فأنت بذلك تجني على نفسك وأهلك وتهون لهم الفاحشة من حيث لا تدري
    ان كثير من المكاتب السياحية تنشط في الصيف لتعينك على حرق الوقت والخلاص من الملل على الشواطئ وفي النوادي والملاهي والاسواق والتنقل بين الموانئ والمطارات
    لقد التقيت بكثير من العائدين من هذه الرحلات وهم يعترفون أنه لم يكن للصلاة حظ في سفرهم لا في الخشوع ولا في الوقت والانتظام .
    وانهم لم يكونوا سفراء لدينهم وامتهم بل اختفوا وراء لباس الاجانب حياء وتنكرا
    ولم تحافظ بناتهم على مصدر عزهم وحجابهم بل خلطوا الالوان والاوراق مع غيرهم
    لقد تسبب الصيف بخسارة فادحة غير محسوبة في الوقت والمال والقيم والمبادئ وأهمها في ضياع رصيد الحسنات وزيادة رصيد السيئات
    وهذا لا يعني منع التنزه والترفه والسياحة ولكن بعد عرض ذلك كله على شريعة الله لمعرفة ما يحبه الله ويرضاه وما يبغضه ويأباه والله الموفق

  4. #4
    * زهرة غرابيل *
    تاريخ التسجيل
    May 2005
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    331

    فمن أيّ المراتب أنت ؟

    فمن أيّ المراتب أنت ؟

    أبو مصعب

    لماذا تفرح بالإجازة ؟
    وبأي شيءٍ تنوي استغلالها ؟
    هل لك برنامج معين في الإجازة ؟
    إجابات هذه الأسئلة وغيرها تتفاوت وتتغاير بحسب توجه الشخص وميوله وطاقته وهمته ، (( وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا )) وكلّ إناءٍ بما فيه ينضح . فالناس في الإجازة على ثلاثة مراتب ، فمنهم الظالم لنفسه ومنهم المقتصد ومنهم السابق بالخيرات ،

    فأما القسم الأول فنفوسهم إلى كلّ ما يُغضب الله منشرحة وإلى الطاعات والقربات متثاقلة يبارزون الله بشتى أنواع المعاصي ، منهم من قد أعدّ العدة وهبّ إلى ساحات الخنا والفسوق وإلى ديار الكفر والفجور ، ومنهم من تسكع بالشوارع والأسواق فجعل همّه وغايته أذية عباد الله وانتهاك أعراضهم ، جند بالنهار ركبان بالليل همم عالية وطموحات دونها الثريا ولكن ليست في مرضاة الله ولا في سبيله .

    وأما القسم الثاني فهم الذين اكتفوا بالفرائض واجتنبوا كثيراً من المعاصي ، ليس لهم طموح ولا هدف واضح ولا همّة في الزيادة والاستزادة من نوافل العبادات والطاعات ، مكثرون من المباحات وقد يشتغلون بتوافه الأمور ، فالوقت والصحة لا يعنيان لهم شيئاً ويفرحون بالإجازة لأجل النوم والراحة والدعة .

    وأما القسم الثالث فهم أعلى المراتب وأفضلها وأهلها من الأتقياء الأنقياء الأصفياء هم خاصة الله وأحباءه لا يرضون بالدنية ولا بالقليل من الأعمال همم تُناطح القمم عرفوا الوقت وثمّنوه فلكلّ دقيقة منه لها شأن عندهم ، استنشقوا بقلوبهم عبق سير أسلافهم فشحذوا بها الهمم وتنافسوا . فيا تُرى ما هي أحوال أسلافهم مع الوقت ؟ وكيف كانوا يقضونه ؟ وما هي نضرتهم للفراغ ؟

    يقول ابن مسعود رضي الله عنه : إني لأكره أن أرى الرجل فارغا ، لا في عمل الدنيا ، ولا في عمل الآخرة .
    كان ابن الجوزي رحمه الله من شدة حرصه على الوقت يجعل بريَ الأقلام في أوقات مجالسة من يزوره ، وقد أوصى يوماً ابنه فقال :واعلم يا بني أنّ الأيام تبسط ساعات ، والساعات تبسط أنفاساً ، وكل نَفَسٍ خِزانة ، فاحذر أن يذهب نَفَسٌ بغير شيء ، فتَرى في القيامةِ خزانةً فارغة فتندم .
    والوقتُ أنفسُ ما عُنيتَ بحفظه *** وأراه أسهل ما عليك يضيعُ
    قال الحسن البصري رحمه الله : أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشدّ منكم على دراهمكم ودنانيركم .
    عامر بن عبد قيس – أحد التابعين – قال له رجل مرة : كلّمني . فقال له : أمسك الشمس ! وما ذلك إلا ليشعره بقيمة الوقت .
    قال موسى بن إسماعيل : لو قلت لكم إني ما رأيت حماد بن سلمة ضاحكا قط صدقتكم ، كان مشغولا بنفسه ؛ إما أن يُحدِّث ، وإما أن يقرأ ، وإما أن يسبح ، وإما أن يصلي . كان قد قسم النهار على هذه الأعمال .

    فماذا عسانا أن نقول نحن بعد هذا وفينا من يتفنّن في تضييع الأوقات بتوافه الأمور والأشياء ، بل وبما يُغضب الله ، والله يقول : (( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ))
    قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره : أي إذا فرغت من أمور الدنيا وأشغالها وقطعت علائقها فانصب إلى العبادة وقم إليها نشيطا فارغ البال وأخلص لربك النية والرغبة .

    وقال صلى الله عليه وسلم : ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة ، والفراغ ) . رواه البخاري .
    فهاهما النعمتان قد اجتمعتا في هذه الأيام عند الكثيرين ، فأروا الله يا عباد الله من أنفسكم خيراً ، واعلموا أنه سيأتي يوم يندم المُحسن على ساعةٍ لم يزدد فيها إحسانا ، هذا حال المُحسن في تفريطه لساعة فما ظنّك بحال من أمضى سنيناً يبارز الله بشتى أنواع المعاصي ، ( يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ) ، فإلى متى التسويف يا هذا وماذا تنتظر إلا غناً مطغياً أو فقراً منسياً أو مرضاً مفسداً أو هرماً مفنداً أو موت مجهزاً أو الدجال فالدجال شرّ غائب يُنتظر أو الساعة والساعة أدهى وأمر .
    يا من يعد غداً لتوبته *** أعلى يقين من بلوغ غدِ ؟
    المرء في زللٍ على أملٍ *** ومنية الإنسان بالرصدِ
    أيام عمرك كلها عدد *** ولعلّ يومك آخر العددِ

  5. #5
    ~ [ المديـــر العـــام ] ~
    الصورة الرمزية خــــالـــــد
    تاريخ التسجيل
    Jan 2004
    الدولة
    الريـاض
    المشاركات
    57,989
    [align=center]

    بسم الله الرحمن الرحيم
    خطبة الجمعة في المسجد الحرام بمكة المكرمة
    لفضيلة الشيخ : عبدالرحمن السديس

    بتاريخ : 25- 5-1424هـ

    وهي بعنوان : الإجازة الصيفية والسفر للخارج


    الحمد لله، من علينا بشريعة الكمال فلم يجعل لها عوجا، نحمده سبحانه أن جعل في ديننا يسرًا وفسحة ولم يدع فيه حرجا، وأبان لنا أمور الحلال والحرام ونصب لها أدلة وحججا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من دان بها صدقا ولهجا، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبد الله ورسوله، أفضل من مشى في مناكب الأرض داعيا إلى الله مبتهجا، فدونه الأهل والأموال والأولاد، وفداه أنفسًا ومهجًا، وصلوات الله تترا عليه وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره مهتديًا ومنتهجًا، وسلم تسليمًا طيبًا مباركًا إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فيا عباد الله، خير الوصايا الوصية بتقوى الله رب البرايا، فتقواه سبحانه أنفع الذخائر للمسلم وأبقاها، وآكد المطالب وأقواها، في قفوها منازل الحق والتوفيق، وفي التزامها الاهتداء إلى الرأي الثاقب الوثيق، فاتقوا الله -رحمكم الله- في كل أحوالكم، في حلكم وارتحالكم، وظعنكم وانتقالكم، ومن تنكب سواء التقوى انقلب خاسئاً وهو حسير، فلبئس المولى وبئس العشير.

    أيها المسلمون، في دوامة التنامي الحضاري السريع، وفي خضم التقدم التقني المذهل، في أعقاب هذا العصر الوثاب، وما قابل ذلك من انحسار ملحوظ, بل وذريع في الجانب القيمي والأخلاقي والنفسي بِأَخَرة، أورث ذلك كله توسعاً مذموماً، وانفتاحاً محموماً، في كثير من المجالات، واستحكام أنماط وعادات في الحياة المعاصرة، وحدوث ظواهر مستجدة لم تكن على قدر من حسبان سلفنا الصالح رحمهم الله.

    ولتلك الموروثات المعاصرة في شريعتنا -بمقاصدها وأهدافها- ضوابطها وأحكامها وآدابها، كما أسفرت هذه المدنية المادية عن تبرّم فئام من الناس من المُكث في بلدانهم والاستقرار في أوطانهم، والتطلع بِنَهَمٍ إلى التنقل بين كثير من الأقطار, وحثّ عصا الترحال لجَوْب عدد من الأصقاع والأمصار، كل بحسب مقصده ومراده وبغيته ومراده، وما أن يأفل نجم العام الدراسي، وينبلج صبح الفصل الصيفي، وتتوسط شمس الإجازة كبد السماء، وتسفع الوجوه بفيحها وبوارها, وتشتد لفحات الهواجر، ويلتهب رَأْد الضحى، حتى ينزع الناس إلى مواطن الأفياء الظليلة الندية، والمياه الشفافة الرقراقة، والأجواء المخملية النضرة، إجماماً للنفوس، وتطلباً لمتناهي سكونها وهدوئها.

    وفي غمرة هذه الأوقات المحتدمة تتبدّى ظاهرة جدّ مقلقلة، وتبرز قضية على غاية من الأهمية، جديرة بأن تسبر أغوارها، وتجلى مزاياها وعوارها، كيف وقد غالى في فهمها أقوام ومعانيها، وشطوا عن حقيقتها ومراميها، وأكبر الظن -يا رعاكم الله- أنها قد خالجت أذهانكم, ولم تعد خافية على شريف علمكم، تلكم -دام توفيقكم- هي قضية السفر والارتحال، والسياحة والانتقال.

    معاشر المسلمين، الأصل في السفر الإباحة، والأسفار قسمان:

    سفر للمعصية -عياذاً بالله- وسفر للطاعة، وسفر الطاعة يتضمن الواجب كسفر الحج وتحصيل الرزق عند انعدامه ونحو ذلك، ومنه ما هو مستحب كزيارة البقاع المقدسة، ومنه زيارة ذوي القربى وصلة الرحم والحب في الله، والسفر لطلب العلم وزيارة أهله، وإغاثة الفقراء والمنكوبين.

    وأما السفر المباح فما كان للتطبب, والاتجار والتسبب، وما كان للسياحة والنزهة وترويح النفوس وتجرد عن نية الثواب والطاعة، فالأمور بمقاصدها، ولكل امرئ ما نوى، والنية إذا حسنت تُحيل العادات إلى عبادات، وإذا عرفت فالزم.

    إخوة العقيدة، إن السفر الذي احتُسب فيه الأجر والثواب, وحُرص فيه على الطاعة وأنزه الآراب لهو بحق روضة للعقول, وبلوغ للأنس المأمول، وهو مَجْلاة للسأم والكلال، وبُعد عن الرتابة والنمطية والإملال، وفضاء رحب للاعتبار والادكار، قُلْ سِيرُواْ فِى ٱلأرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ ٱلْخَلْقَ[العنكبوت:20].

    إبان السفر تتجلى عظمة الخالق البارئ سبحانه، فتخشع له القلوب أمام بديع خلق السماوات والأرض، أمام بديع خلق الطبيعة الخلابة, وتسبّحه الروح لمفاتنها الأخّاذة الجذابة، أراض شاسعة فِيح، أنبتت أجمل زهر بأطيب ريح، رياض أُنُف، وحدائق غلب، ونخيل باسقات، وواحات مُورقات، رواسٍ شمّاء، وأرض مدحية وسماء, وأنهار تجري بأعذب ماء.

    أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ ٱلسَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ[النمل:60]، أَمَّن جَعَلَ ٱلأرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلاَلَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِىَ وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَءلـٰهٌ مَّعَ ٱللهِ[النمل:61].

    فسبحان الله -عباد الله- مشاهد في الطبيعة ذائعة، ومخلوقات بديعة رائعة، تدهش الألباب، وفي إتقانها العجب العجاب، تفعم النفس والقلب مسرّة وابتهاجاً، لكن شريطة أن تكون على ممس من القلب والروح والفكر، وسبحان الله، كم يغلب على كثير من الناس أن يمروا بهذه المناظر وكأنهم إزاءها دون نواظر. أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى ٱلأرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ ءاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلاْبْصَـٰرُ وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِى فِى ٱلصُّدُورِ[الحج:46].

    يقول الإمام أبو الوفاء ابن عقيل رحمه الله: "فنعوذ بالله من عيون شاخصة غير بصيرة، وقلوب ناظرة غير خبيرة".

    إخوة الإيمان، ومن الحثّ اللطيف على السفر النافع المفيد قول الثعالبي رحمه الله: "من فضائل السفر: أن صاحبه يرى من عجائب الأمصار, وبدائع الأقطار, ومحاسن الآثار ما يزيده علماً بقدرة الله تعالى, ويدعوه شكراً على نعمه".

    إن العُلا حدثتني وهي صادقة فيما تحدث أن العز في النُقَل

    وهل بلغ الصحابة الأجلاء، والسلف النبلاء، والأئمة الفقهاء، ما بلغوا من ذُرا القمم, وقصب السبق بين الأمم إلا بالرحلة في طلب الحديث، وتحصيل العلوم والمعارف.

    ومن المعروف أن الكُحْل نوع من الأحجار كالثرى يُرمى على الطرق, فإذا تغرّب جُعِل بين الجفن والحدق.

    أيها المصطافون، أيها المسافرون، يا من عزمتم على جَوْب الأمصار والأقطار، وركوب الأجواء والبحار، واقتحام الفيافي والقفار، وتحدي الشدائد والأخطار, تلبّثوا ملياً، وتريثوا فيما أنتم بسبيله، وليكن في نواياكم أسوتكم ونبيكم ، حيث ارتحل من مكة إلى المدينة، حاملاً النور والضياء والهدى والإصلاح، وكذلك صحابته الكرام في أثره، حيث كانوا لنشر رسالتهم الربانية المشرقة أجل السفراء، وسار في ركابهم جلّة العلماء، فشقّوا الأرض شقاً، وذرعوها سفراً وتسياراً، طلباً للعلم والإفادة, والصلاح والزهادة، وتَصَعُّداً في مراقي الطهر والنبل، كل ذلك على كثرة المخاوف، وشُح الموارد، وخشونة المراكب، وقلة المؤانس, فهلاّ اعتبرنا بهم وشكرنا الباري جلّ في علاه على نعمه السوابغ.

    وفي زمننا هذا المتضخم بالدعة والرفاه، وجدب النفوس من الآمال الغوالي أصبح السفر والتنقل ظاهرة جديرة بالاهتمام والتذكير بالآداب الشرعية والضوابط المرعية.

    كيف وبعض الناس يمتطون هذه الأيام متون الطائرات وأوفر المركبات، أإلى صلة الأرحام والقرابات؟ كلا، أإلى طلب العلم والأخذ من العلماء؟ كلا، أإلى الأعمال الخيرية والدعوية؟ كلا، أإلى مواطن الطهر والفضيلة؟ بكل الحُرقة: لا وكلا، بل إلى مستنقعات الآثام والشرور, ومباءات المعاصي والفجور, لمبارزة الملك الديان, بالذنوب والعصيان، حيث أملى لهم الشيطان, أن هاتيك المنتجعات والشُطآن هي أدواء علاج الملل من حر الصيف اللافح، وأجواء الترفيه والسياحة والاصطياف.

    أي دين وقيم عند من يسافرون إلى مباءات الأوبئة الفتاكة أجاركم الله؟! التي أسعرتها معطيات الحضارة السافرة، وألهبتها الشبكات الحديثة المذهلة، وأذكاها الجفاف الروحي، واليباب الفكري والترف المادي الساحق، فكان هذا الفهم الخاطئ لمعنى السفر والسياحة، التي آضت عند بعض المنهزمين صناعة للتفلت من القيم, والتنصل من المبادئ والثوابت، في الوقت الذي تحولت فيه السياحة المعاصرة إلى استراتيجيات بنّاءة تخدم المثل والمبادئ, وتُبني على الفضائل العليا لتحقيق المصالح العظمى، مما كان سبباً في خلط الأوراق لدى كثيرين, بين السياحة البريئة والترويح المشروع وبين ضدها، وبضدها تتميز الأشياء.

    حتى صُرفت فئام من الأمة عن تأريخها وأصالتها وتراثها ولغتها، فأضحوا مُزَعاً تائهين أسرى الذيلية والتقليد والتبعية، والتقاليد المستوردة النشاز, حين هبت أعاصير الشهوات والملذات، وثارت لوثات الخلل الفكري والأخلاقي والانحرافات على جملة من السلوكيات في كثير من المجتمعات فتركتها في دياجير الظلمات.

    وبنحو ذلك بعض الفتيات والأسر ممن حُرموا متانة الدين وقوة الأخلاق, وعمق الأصالة والأعراق، حيث هتك بعضهن -هداهن الله- حجاب الطهر والاحتشام، ومما زاد الطين بلة والداء علة، اصطحاب البنين والبنات من المراهقين والمراهقات الذين سرعان ما تنغرز في أفئدتهم تلك الأوضاع الفاضحة والمشاهد المتهتكة.

    فيا سبحان الله! كيف تقضي المرأة سحابة عامها كريمة معززة ثم تسافر لتطّرح خمارها وحياءها، فاتنة مفتنة.

    أتقضي الفتاة ربيع عامها في جو مصون محافظ ثم تسافر لتبدد حياءها وحشمتها؟!

    هل نحن -رجالاً ونساءً- في شك من ديننا؟! أولسنا على ثقة من قيمنا وثوابتنا؟!

    إذن لماذا هذا الانفصام في الشخصية, والتناقض والازدواجية في قضايانا الاجتماعية.

    وإنكم لتأسفون أن يعلق كل هذا على مشجب الترويح والترفيه, زعموا، ومحل الصواب أن هذا ضرب من خيانة الأمانة في التربية والتنشأة والله عز وجل يقول: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَـٰنَـٰتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ[الأنفال:27].

    وهؤلاء وأمثالهم في كل مكان -إلا من رحم الله- كالغراب الأعصم, لا يعودون من أسفارهم إلا بكآبة المنظر, وسوء المنقلب, وندامة المعتقد الذي استعاذ منه المصطفى ، لطّخوا أبصارهم فيما حرم الله، حتى غار منها ماء الحياء ورواؤه، وجمعوا إلى العصيان عقوق ازدهار الأوطان، وهل أبرز صوراً من الإرهاب والإخلال بأمن المجتمع إلا ضروب من الأسفار, غير منضبطة بما في الشريعة والأسفار.

    وللأوطان في دم الشرفاء الأحرار حقوق واجبة وديون مستحقة مما يعظم المسؤولية في رعايتها حق رعايتها وتنشئة الأجيال على أمنها وعنايتها.

    أمة الإسلام، وأنّى تندمل جروحنا النازفة وشروخُنا الراعفة وفي الأمة من لا يبالي بدين ولا قيم ولا أمن ولا ذمم, فليت شعري! أبمثل هذا تبنى المجتمعات ويشاد صرح الحضارات؟! وليت شعري! أبمثل هذا تعمر الأوقات وتدوم الخيرات والبركات وتستجلب البهجة والسعادة والمسرات؟!.

    أيها المسافرون، إن النار حفت بالشهوات، فلا يكلِمنّ الشيطان دينكم بدعوى الترويح والاصطياف في بقاع وبيئة شائكة، ويا بغاة الشر كفوا وأقصروا، وتذكروا وازدجروا، وإلى الذين اضطروا إلى السفر وعزموا عليه الله الله في إقامة شعائر دينكم والاستمساك بأخلاقكم والولاء لعقيدتكم وأمتكم في عزة وإباء، وليكن منكم في السويداء أن دينكم وقيمكم في الذُرا جمالة وجلالا، وفي القمة عزة وكمالاً، فكونوا له خير سفراء وطبقوه خير منهاج وأحسن مثالاً.

    أيها الأحبة في الله: شُكر النعم رباق تمنعنا من الإباق, وإننا لنشكر المنعم المتفضل سبحانه أن طهر ديار الحرمين من كثير من الأدران, وبسط في أرجائها ظلال الأمن والأمان, كما نلهج بالشكر له جل جلاله وهو أهل الشكر أن خص بلادنا المباركة بالجمال الخلاب, والمناخ الآسر الجذاب, تصدر ذلك أمن وارف الظلال تفتقده كثير من الأصقاع, فحبذا المروج الخضراء, ونقاء النسيم والهواء, والمواقع المنمنمة الفيحاء, والجداول المنسابة بالري والماء, مما يحقق المقصد المشروع من السفر والسياحة في أوفر أسباب الحشمة والوقار والعفاف, وفي سياج منيع للدين والفضيلة, وفي بُعد عن أسباب الشر والفساد والرذيلة.

    أينما أرسلت رائد الطرف في هذا الثرى الأفيح، وكيف بكم إذا كانت السياحة تعبدية في عرصات الحرمين الشريفين, إنها الطهر والنماء والرقي في معارج الخير والسناء وذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء[الجمعة:4].

    ولقد منّّ الله على بلاد الحرمين الشريفين -حرسها الله- فجعلها واحة إيمان, ودوحة أمن وأمان، حباها الله من مقومات السياحة الحسية والمعنوية ما ليس لغيرها, ويأتي في الذؤابة منها تحكيم الشريعة التي فيها تحقيق مصالح العباد في أمور المعاش والمعاد, ودرء المفاسد عنهم والحفاظ على دينهم وأنفسهم وأموالهم وعقولهم وأعراضهم، ومجانبة مسالك العنف والإرهاب، والقتل والإرعاب، وإراقة الدماء المعصومة بغير وجه حق، والتعرض للمسلمين والمعاهدين والمستأمنين باعتداء أو إيذاء ونحو ذلك من صور الإفساد في الأرض، وبروز النسف والتفجير والعنف والتدمير, ويزيد الأمر خطورة حينما يصل الإجرام ذروته، في أفضل البقاع مكة المكرمة والمدينة النبوية المنورة اللتَيْن لهما من الحرمة والمكانة والقدسية ما لا يخفى على كل ذي بصيرة، ومما زاد الأمر ضِغثاً على أبالة، مصاحف مفخخة، ومساجد متخذة وكر للجريمة والتستر على أصحابها عياذاً بالله.

    لكن الله بلطفه وكرمه، ثم بالجهود الموفقة المبذولة من ولاة الأمر نصر الله بهم دينه، أحبط هذه المحاولات الإرهابية البائسة، وكشف عوارها ومن يقفوا وراءها.

    ألا فلتدومي سالمة يا أرض الحرمين الشريفين، ولتعيشي هانئة يا موئل العقيدة ومأرز الإيمان، فلقد أثبتِّ بفضل الله الخروج من الأزمات أكثر تماسكاً وأشد تلاحماً بحمد الله، ولتبقي بإذن الله على مر الدهور, وكر العصور شامةً في دنيا الواقع, ومثلاً يُحتذى, وأنموذجاً يقتفى في الأمن والأمان, وبذلك تتضح لك أخي السائح المبارك, والمسافر الكريم صورة الارتباط الوثيق بين الأمة والسياحة والسفر والأمان.

    ألا شاهت وجوه الأعداء المتربصين, وخسئت أعمال المعتدين المفسدين المجرمين, وردّ الله كيد الكائدين إلى نحورهم, وحفظ الله بلادنا وسائر بلاد المسلمين من شر الأشرار, وكيد الفجار, إنه خير مسؤول, وأكرم مأمول.

    أقول قولي هذا, وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافة المسلمين والمسلمات من كل الذنوب والخطيئات، فاستغفروه, وتوبوا إليه, فهو أهل التقوى وأهل المغفرة.



    الخطبة الثانية:

    الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، هدانا إلى أقوم السنن والآداب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة منيب أواب، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله خير من خشي ربه بالغيب وإليه أناب، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين سواقب الأحساب، وعلى الصفوة الخيرة من الأصحاب, وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

    أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واعلموا -رحمكم الله- أن شريعتنا الغراء قد أحاطت المسافر بجملة من الأحكام والآداب ابتداء من العزم على السفر وإلى غاية الإياب منه، منها:

    أولاً: الإخلاص لله، وحسن المقصد وشرف الغاية ونبل الهدف، ومنها ثانياً: إذن الوالدين ورضاهما، قال الإمام الحافظ ابن حجر رحمه الله: "ويحرم السفر بغير إذنهما، لأن الجهاد إذا منع مع فضيلته فالسفر المباح أولى".

    ثالثاً: التماس الوصية والدعاء من أهل الصلاح والفضل، عن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله، إني أريد سفراً فزودني، قال: ((زودك الله التقوى))، قال: زدني، قال: ((وغفر ذنبك)) قال: زدني بأبي أنت وأمي، قال: ((ويسر لك الخير حيثما كنت))، الله أكبر يا لها من وصية, ما أعظمها وأجمعها.

    رابعاً: توخي المرافق المطاوع الموافق الذي يدلك على الله مظهره, ويذكرك إن غفلت مخبره، وما سُمي السفر سفراً إلا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال ومعادنهم وطباعهم.

    خامساً: الحرص على أدعية السفر فهي حصن حصين وكافية واقية من كل سوء بإذن الله، فيُسن للمسافر إذا استوى على راحلته أن يقول: سُبْحَـٰنَ ٱلَّذِى سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَىٰ رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ[الزخرف:13، 14].

    ((اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى..)) الحديث.

    وبعامة فعلى المسافر أن يكثر من ذكر الله عز وجل ودعائه, يقول عليه الصلاة والسلام فيما رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه: ((ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده))، ويجتهد المسافر في تمثل أدعية السفر ومعرفة مواطنها.

    سادساً: فقه أحكام السفر وآدابه تعلماً ومُساءلة لأهل العلم, وقوفاً على أحكام السفر وآدابه, كرخصة المسح على الخفين وقصر الصلاة وجمعها ومُدة ذلك وكيفيته ومعرفة اتجاه القبلة والمحافظة على الصلاة في أوقاتها وغير ذلك.

    أخي المسافر الكريم، وإذا قضيت نهمتك من سفرك فعجل بالرجوع إلى أهلك واسلك طريق العودة غير متوانٍ إلى ديارك، يقول : ((السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه فإذا قضى أحدكم نهمته فليعجل إلى أهله)) خرّجه مسلم من حديث أبي هريرة.

    ألا فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن هذه الأحكام والآداب والأذكار لا تزال تحكم المسلم في شريعته ودينه في السفر كما في الحضر رفعاً للمشقة والإصر، وتذكيراً له بأنه موصول بخالقه في أي زمان وعلى أية حال, والله المسؤول أن يسلم المسافرين في جوه وبره وبحره من المسلمين, وأن يعيدهم إلى بلادهم سالمين غانمين, إنه جواد كريم.

    هذا وصلوا وسلموا –رحمكم الله- على سيد الأولين والآخرين، وخاتم الأنبياء والمرسلين، وأفضل المقيمين والمسافرين، نبينا محمد بن عبد الله، كما أمركم بذلك ربكم رب العالمين ...

    [/align]




    [email protected]



    حياكم بتويتري
    kdosary

    أنت الزائر رقم :

  6. #6
    ]! قلم راقي ![ الصورة الرمزية alsomiri
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    146
    كتب الله لكم الأجر والمثوبه وجزاكم الله خير الجزاء

    اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض

  7. #7

    ~ [ المشرفة العامة ] ~

    الصورة الرمزية أمل عبدالعزيز
    تاريخ التسجيل
    Jan 2003
    الدولة
    $بيتــــــــنا$
    المشاركات
    27,500
    ,
    ,
    ,
    أسأل الله العلي العظيم أن يثيبكم الخير على ماكتبتما ياأختي خادمة الدعوة وياأخي خالد

    وعسى الله العلي العظيم أن ينفعنا بكل حرف فيها إنه على ذلك قدير,,,
    [poem=font="Simplified Arabic,5,crimson,bold,normal" bkcolor="black" bkimage="" border="ridge,7,crimson" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]

    ياقلبي المتعب لك شهور منصاب=وين الفرح ؟ ماعنّه الوقت خبّر
    لاتلتفت للي يقولون لك طاب=ولا إذا قالوا تصبّر .. تصبّر
    إنت إنكسرت وخانتك فزعة أصحاب=وعمر الزجاج إللي انكسر ماتجبّر


    [/poem]






    خصخصة وتشفيــر منتديات غرابيـــل

    :واو:


    الدرس السابع من دروس الشعر النبطي ( الهلالي والمنكوس ) ... أمل عبدالعزيز ...




  8. #8
    * زهرة غرابيل *
    تاريخ التسجيل
    May 2005
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    331

    البرنامج الصيفي الرائع فتياتنا .. في الصيف متعة وفائدة

    البرنامج الصيفي الرائع
    فتياتنا .. في الصيف متعة وفائدة
    إعداد : أحد للإنتاج الإعلامي والتوزيع وتسجيلات الطلائع






    اليوم / الوقت 10-11
    صباحا 11-12
    صباحا 12-2
    ظهراً 4-7
    عصراً 7-10
    مساءاً
    السبت قراءة حرة كتاب أو مجلة أو قصة هادفة

    ولا تنسي صلاة الضحى


    ممارسة هواية مفيدة إعداد وجبة الغداء أو مساعدة الوالدة في إعدادها
    ولا تنسي سماع شريط نافع أو إذاعة القرآن في هذه الأثناء

    مشاهدة فيديو / حاسب آلي ممارسة بعض الأعمال المنزلية
    الأحد كتابة مقال أو إعداد مسابقة ثقافية ممارسة هواية مفيدة زيارة الأقارب
    ( ولا تنسي المسابقة)
    الإثنين تعلم مهارة جديدة حفظ آيات من كتاب الله تطبيق أحد البرامج لتطوير الذات( قراءة – استماع –مشاهدة )
    الثلاثاء تطبيق أحد البرامج لتطوير الذات( قراءة – استماع –مشاهدة ) مشاهدة فيديو / حاسب آلي زيارة الأقارب
    ( ولا تنسي المسابقة
    الأربعاء تعلم مهارة جديدة تطبيق أحد البرامج لتطوير الذات( قراءة – استماع –مشاهدة ) جلسة مع الصديقات
    ( ولا تنسي المسابقة
    الخميس حفظ آيات من كتاب الله زيارة الجدة أو أم الزوج أو امرأة كبيرة في الأسرة اجتماع مع الأسرة
    ( ولا تنسي المسابقة )
    الجمعة قراءة سورة الكهف زيارة الأقارب ( ولا تنسي المسابقة ) تطبيق أحد البرامج لتطوير الذات ( قراءة – استماع –مشاهدة )

    • تذكري أختي الفاضلة تجديد نيتك في كل عمل تعملينه ....حتى ينقلب العمل المباح الذي لا أجر له إلى عمل فيه أجر كبير كمطالعة الصحف بنية التعرف على أحوال الأمة وزيارة الأقارب بنية صلة الرحم .. وهكذا
    • من الممكن استبدال الأنشطة خلال فترة العصر من 4-7 بالمشاركة في منتدى صيفي أو حلقة تحفيظ القرآن الكريم .
    • لو تمكنت أختي الفاضلة من توفير 10 دقائق في كل يوم لحفظ خمس آيات لانتهت الإجازة وقد زاد رصيدك من الحفظ بمقدار 450 آية وأي خير أفضل من هذا وكل واحدة حسب همتها .
    • يمكنك في الربع ساعة الأخيرة قبل النوم أداء ركعتين أو أربع أو أكثر حسب الهمة ثم الوتر بركعة واحدة إذا كنت لا تستطيعين القيام قبل أذان الفجر .
    • لا تنسي إضافة ربع ساعة بعد صلاتي الفجر والعصر لأذكار الصباح والمساء وإياك والتفريط فيها ففيها حفظك وأمانك .
    • عند ممارسة الأعمال المنزلية ( كالطبخ والتنظيف والغسيل والكي ) لا تنسي أن يبقى المذياع مفتوحا على إذاعة القرآن الكريم فإن فيها الكثير من البرامج النافعة الممتعة أو تشغيل شريط مفيد.
    • لم لا تعودين نفسك على البذل ولنجعل 10 ريالات أو خمسة أو حتى ريال واحداً في حصالة الخير ثم نصرف هذا المال أسبوعياً أو شهرياً في أوجه الخير .
    • سيعطي البرنامج بإذن الله أفضل النتائج إذا اتسم تطبيقك له بالجدية ولا بأس بالمرونة في التطبيق فاستبدال وقت بآخر ليس إشكالاً ولكن إذا استمريت بتقديم التنازلات سيفقد هذا البرنامج متعته وفائدته .

    أمثلة لبعض الوسائل المساعدة لتطبيق برنامج فتياتنا .. في الصيف متعة وفائدة :

    الهوايات المفيدة مهارات جديدة أشرطة فيديو كتب قصص أشرطة كاسيت المجلات النافعة أمثلة لبعض برامج تطوير الذات
    فيديو كاسيت كتب
    الرسم
    القراءة
    الأعمال الفنية
    كتابة القصص
    كتابة المقالات
    الخياطة
    الرياضة المنزلية











    الخط
    الحاسب الآلي
    الكتابة
    الرسم
    لغات أجنبية
    الأعمال الفنية
    أشغال يدوية
    الطبخ











    مواقف نسائية
    المؤتمر العالمي للمرأة
    سلسلة قصص الأنبياء
    سلسلة السيرة النبوية
    سلسلة منوعات قرطبة
    أفلام الطبيعة والعلم سلسلة العائلة السعيدة
    سلسلة أين نحن من هؤلاء
    جولة في رياض العلم والمعرفة
    شخصية المرأة المسلمة
    من الذكريات
    وحي القلم
    الطرق الجامعة للقراءة النافعة
    الجواب الكافي
    الرحيق المختوم
    الأخلاق الفاضلة قصص التوابين
    العائدات إلى الله
    الفرج بعد الشدة
    المرأة الإسفنجية














    الفتاة ألم وأمل
    أختاه هل تريدين السعادة
    المحرومون
    المدلجون
    ياسامعا لكل شكوى
    خمس مسائل تهم المرأة
    يا فتاة








    الأسرة
    الشقائق
    الدعوة
    الفرحة
    تحت العشرين
    ولدي
    المجتمع
    الإصلاح
    البيان
    السمو











    النجاح في الحياة للسويدان
    منهجية التغيير له أيضاً















    دعوة للنجاح
    السعادة الزوجية للمطوع
    كن مطمئناً للراشد
    السحر الحلال للدويش
    فهم النفسيات للمطوع
    الوقت والنجاح للأميري
    كيف تصبح متفائلاً للراشد


    كيف تطيل عمرك الإنتاجي

    الفوضوية في حياتنا

    دليلك الشخصي للسعادة
    للقعيد













    ولا تنسي أن :
    • جميع الوسائل المساعدة المذكورة أعلاه أمثلة لما يمكن تطبيقه ومن الممكن زيادتها أو استبدالها بغيرها .
    • مساعدة الوالدة في إعداد الوجبات إما بمساعدتها بشكل عام أو بإعداد طبق خفيف أو طبق من الحلوى .
    • المنتديات الصيفية ودور تحفيظ القرآن الكريم منتشرة في جميع مدن المملكة وفي كثير من الأحياء الرئيسية في هذه المدن .
    • يمكن وضع الاجتماعات الدورية للعائلة في خانة زيارة الأقارب ويمكن توزيعها على الأعمام والأخوال وأقاب الزوج .. الخ .
    • المسابقات الثقافية المنوعة من أجمل الوسائل وأمتعها لاستغلال الوقت بالمتعة والفائدة والأجر فحاولي إعداد مسابقة أسبوعية لطرحها أثناء اجتماع الأقارب أو الصديقات ويمكنك إعدادها على شكل بطاقات أو إجراء مسابقة بين فريقين أو حسب الأرقام أو الحروف كما يمكنك الاستعانة بكتب وبطاقات المسابقات الجاهزة والتي تباع في المكتبات .
    • في الصيف تكثر مناسبات الزواج وهي فرصة للقيام بأعمال دعوية فعالة من خلال توزيع الأشرطة والكتيبات .


    --------------------------------------------------------------------------------

    تنبيهات سريعة من أخوكم صوت الدعوة :
    1. زيارة الحرمين الشريفين وأداء مناسك العمرة من أعظم الوسائل لاستغلال الوقت.
    2. توجد حالياً أشرطة جديدة ومتميزة يفضل الحصول عليها .
    3. يمكن تطبيق بعض الأفكار الدعوية في المنزل وهي متوفرة في صفحة أفكار دعوية للنساء من موقع صيد الفوائد .
    4. أنصحك بزيارة صفحة أفكار ووسائل لاستغلال الإجازة الصيفية
    http://www.saaid.net/mktarat/egazh/index.htm
    5. تتوفر أماكن للنساء في أغلب الدورات العلمية ولله الحمد فلا تضيعي الخير .

  9. #9
    * زهرة غرابيل *
    تاريخ التسجيل
    May 2005
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    331
    هوى المصايف



    محمد أبو الهيثم


    بسم الله نبدأ, وعلى هدي نبيه صلى الله عليه وسلم نسير,

    أحبتي في الله, كم هو جميل أن يطل علينا صيف جديد, ببسمة مشرقة رقراقة, تعدنا بعطلة ممتعة, واستراحة من عناء الكد وتعبه.

    الإنسان بحاجة فعلية إلى تجديد النشاط, وترويح النفس, فكم هو جميل ما نسمعه من بعض الصالحين من رفقاء درب العزة وطريق الالتزام يروون لنا مدى تمتعهم في عطلتهم في رحاب الكعبة المشرفة, وفي ربوع المدينة النبوية المنورة, حتى تتوق الأنفس وتتشرف لهذه المتعة بين أحضان الطهر والنقاء,

    وكثيرًا ما يروي لنا آخرون عن مآسٍ موجعات وأحداث مؤلمات وخزي وملمات, عادوا بها بعد انتهاء الصيف, فهذه فتاة تعرفت على شاب على أحد الشواطئ, وزاد التعارف بينهما إلى ارتكاب الفاحشة, ثم يعدها الشاب بالزواج, وتتكرر اللقاءات, حتى يتجرأ الوغد, ليحضر رفقاء دربه السيئ ليشاركوه فيها, ترفض الفتاة, وتذكره بأنها له وحده, فيضحك في وجهها ضحكة الذئب, فتكون النهاية المؤلمة بينه وبينها, أحدهما مقتول والآخر مقتص منه.

    فتاة أخرى تذهب برفقة أخيها إلى إحدى دول الجوار لقضاء العطلة, ثم تتعرف على شاب, تترك أخاها وتهرب مع فتاها, يبحث الأهل ويبحثون, ويشاع بأن الفتاة قد اختطفت, وبعد أيام طويلة تعود الفتاة تجر وراءها أذيال الخزي والملامة, انقضت اللذة ودامت الحسرة والعبرة والعار.

    فتاة تصر على الذهاب مع قريناتها إلى معسكر صيفي تابع للجامعة على إحدى الشواطئ التي تبعد مئات الكيلومترات عن بلدتها, تحاول إقناع خطيبها الشاب فيرفض بشدة خوفًا عليها, تذهب رغم رفضه, تعود الفتاة من معسكرها, فينهي الخطيب خطبتها, فتخسر من كانت تحب من أجل قضاء نزهة عابرة, ولا يبقى بعدها إلا الندامة على ما فات.

    رجل أعمال ثري يذهب لأحد الصالحين ممن عرفوا بالعلم, ليرقيه ويقرأ عليه من كتاب الله, عسى أن يُذهب ما به من بأس, وأثناء العلاج بالرقية الشرعية, يعترف الرجل الموقر للشيخ الجليل بأن من أسباب ما ابتلي به, أنه كان يصطحب ابنته ذات الاثنتين والعشرين ربيعًا إلى بعض شواطئ العراة الصيفية, لقضاء عطلة الصيف, وكان يمشي عاريًا تمامًا وابنته بجواره عارية كذلك!!

    بعض المجتمعات الإسلامية التي يفتخر أهلها بشريعة الإسلام, ما أن تبدأ العطلة الصيفية حتى يبدأ أهل البيت يعدون العدة للذهاب لإحدى دول الجوار, ومع صعود الطائرة تتطاير معها أقنعة الوجه, والعباءات الساترة, ليظهر ما كان مستورًا, أما أثناء الرحلة, فرب البيت يبحث عن نزواته, ظانًا أنه أذكى الناس, وهو لا يعرف أن أهل بيته كذلك يُفعل بهم مثل ما يفعل بالناس, فالكل يبحث عن شهوته في غياب الوازع الديني وفي غياب نخوة الأب المسئول, والجزاء من جنس العمل, فكما تدين تدان, وكما تعبث بأعراض الغير, يعبث الغير بعرضك.

    أحدهم أرسل هذه الرسالة التي نشرت من سنوات في إحدى الجرائد الخليجية وعسى أن يكون فيها عبرة لكل راع ومسئول عن رعيته وقد نشرت الرسالة بعنوان: عاقبة إهمال الزوجة والأولاد:

    طحنتني الدنيا من كثر ما رأيت, وأحمل في صدري الكثير مما يتصور من أسرار الناس, ولا أستطيع في كثير من الأحيان أن أكتبها؛ لأنها أمانة, لكن إذا جاء منهم ما يفيد برغبتهم في نشرها، فهو قرارهم، ولهم أجر من الله أن يحذروا إخوانهم وأخواتهم, كتب لي صديق قديم من إحدى بلدان الخليج: أخي الدكتور كمال الصبحي... السلام عليكم, أتابع عمودكم اليومي في جريدة .......... وأرتاح كثيرًا لقراءته, وهذه أول مرة أكتب إليك فيها، على الرغم من أنه ربطتني بك في يوم من الأيام علاقة صداقة ومحبة، قبل افتراقنا لكثرة الأشغال, يمكنك نشر ما سأخبرك به, وأنت بطبيعة الحال تعرف القصة أصلاً، بسبب علاقتك بأصدقاء مشتركين, لطالما حذرتني, لا أزال أتذكر يوم قلت لي: أتمنى أن لا تغرق السفينة التي تقودها, ثم هاهي الأيام توضح مدى خطئي. شغلتني الدنيا يا دكتور, كلما كسبت مالاً، فكرت في المال الذي سأكسبه بعده... جري... جري... جري... وكأنني سآخذ معي لقبري كل المال الذي أجمعه, وفي جريي، نسيت عائلتي الصغيرة... زوجتي وأبنائي, كنا عائلة متحابة, وعندما اغتنيت وانشغلت اعتقدت أنني قادر على إسعادهم بالمال وحده, اشتريت شاليهًا على البحر, في البداية كنت أقضي وقتًا لا بأس به معهم, أولادي الصغار يلعبون حتى يتعبون, ثم ينامون, ومع كثرة الأشغال، أصبحت أقول لهم: اذهبوا مع أمكم وسوف ألحقكم, وبطبيعة الحال لا ألحقهم.

    وهكذا مرت الشهور، وأنا أعتقد أنهم على ديدنهم القديم فيما يفعلونه في الشاليه, عدت قبل فترة من إحدى سفرياتي وصفقاتي على غير ميعاد, وأحببت أن أفاجئهم, لم أجدهم في البيت, سألت خادمة بقيت في المنزل عنهم، فقالت: إنهم في الشاليه, ركبت سيارتي، ووصلت إليهم في الساعة الثانية صباحًا, كان الشوق يملأني, وجدت أبنائي نائمين ولم أجد زوجتي, وعندما أيقظت الخادمة من النوم، وجدتها مرتبكة, وبقيت طوال الليل أنتظر، أنظر من كل فتحة في المنزل, ومع تباشير الصباح، جاءت تمشي مع رجل غريب, عندما فتحت الباب، وجدتني، وارتبَكَت, أجلستها بهدوء، وسألتها السؤال الذي يملأني: لماذا؟ ما الذي كان ينقصك؟ بدأت في البكاء، وبعد أن هدأت، قالت: أنت السبب, كنا مستورين، عايشين، سعيدين, ثم أحضرتنا ورميتنا في هذا المكان، حيث كل واحد ينظر, كنت محتاجة لك، ومع الزمن... وكثرة النظرات... وكثرة التعليقات، وأنت تعرف الباقي.

    وافترقنا بكل هدوء حفاظًا على سمعة الأبناء والعائلتين, لكنني بعد أن جلست إلى نفسي، وذهبت إلى ذلك الشاليه مرات عديدة، فهمت ما تقصده, إن أي إنسان يترك زوجته وأبناءه لوحدهم في مثل ذلك المكان، إنما يتركهم لذئاب لا يخافون الله.

    إن الكثيرين منا يقولون: إن زوجاتنا وبناتنا لا يمكن أن يفعلن مثل هذا, لكن السؤال: زوجاتنا وبناتنا من هؤلاء اللواتي نراهن يمشين بدون ستر، وينظرن...؟! إن نصيحتي لكل إنسان: لا تترك زوجتك وبناتك عرضة للمخاطر بسبب كثرة الأعمال، وتجنب الانفتاح وقلة الحياء والاختلاط بالطبقة السفيهة التي ترمي شباكها بحثًا عن صيد تتسلى به لفترة قبل أن تتخلص منه لكي تبدأ التسلي بصيد آخر.

    إن النار اليوم تشتعل في قلبي بعد أن خسرت حياتي وزوجتي، وإذا كان من أحد ألومه، فهو نفسي التي كانت راعية، فلم تعرف كيف تحافظ على رعيتها!
    أ. هـ

    بعد هذا العرض أحبابي في الله , فهذه نصيحة لكل مسلم من محب مشفق على عرض ينتهك, وكرامة تداس, وشرف يسلب, ودين يكاد أن يسلب أو يقل في قلب صاحبه. نعم كلنا بحاجة إلى الراحة والاستمتاع بعطلتنا, فهذا من حقوق النفس, ولكن إياك أن تنسى حق الله, فحقوق النفس يجب أن تكون على صراط الله المستقيم ومنهجه القويم, فلنحاول أن نجعل من العطلة فرصة لتجديد النفس تجديدًا حقيقيًا, بصفاء الود والوصال مع الخالق جل جلاله, ما أمتع العطلة في رفقة صالحة, وما أروع الأنس برحاب الله, وما أجمل كبح النفس بما يحبه الله ويرضاه, يقول أحد السلف واصفًا لنعيم الطاعة ومحبة الله سبحانه: "لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم لجالدونا عليه بالسيوف", فلنجعلها فرصة لعقد الصلح مع الخالق سبحانه, واعلم أنه يفرح بعودتك إليه, ولو تقربت إليه ذراعًا لتقرب إليك باعًا ولو أتيته تمشي لأتاك هرولة ...نعم أتاك هرولة ..وهو خالق الأكوان ومدبرها, يفرح بعودتك أنت أيها العبد الفقير, ما أحلى الإجازة في رحاب الله.

    أترككم في أمان الله وعونه, ولا تنسوا إخوانكم في فلسطين والعراق والشيشان وأفغانستان, وفي كل بقعة وأرض يحارب فيها الإسلام, أستودعكم الله.

    المصدر : طريق الإسلام

  10. #10
    * زهرة غرابيل *
    تاريخ التسجيل
    May 2005
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    331
    مصايف لبنان



    د. نهى قاطرجي


    إذا كان أذان المغرب يعتبر إيذاناً من الله عز وجل بانتهاء النهار وتعبه وبدء الليل وسكونه، وذلك وفقاً لما جاءت به الآية الكريمة : " وجعلنا النهار معاشاً * وجعلنا نومكم سباتاً " ، سورة النبأ ، الآيتان 9،10 فإن أذان المغرب في بعض مصايف لبنان يعدّ إيذاناً ببزوغ نهار جديد تبدأ ملامحه بالوضوح بعد صلاة العشاء ليصل إلى ذروته بعد الساعة الثانية عشر ليلاً، ولينتهي مع صوت المؤذن وهو يصدح بأذان الفجر .

    إن هذا الوضع باتت تتسابق على تطبيقه مصايف لبنان والذي يعتبره البعض عملاً إيجابياً لما فيه من تشجيع للسياحة ، وباتت البلديات تنفق لأجله الأموال الطائلة ، كما تقدم من أجل تشجيعه التسهيلات العديدة لأصحاب رؤوس الأموال من أجل استثمار أموالهم في مناطق أراضي هذه البلديات.

    إن مما يُلحظ في هذا الموضوع هو اقتصار الخدمات السياحية ، في مفهوم البعض ،على المقاهي والمطاعم والنوادي الليلية المختلفة الأشكال والديكورات والأسماء ، حتى أن بعض هذه المقاهي لم تعد تكتف باحتكار البر بل انتقلت إلى البحر والسماء ، في محاولة منها لجلب أكبر عدد من الزوار ، فتجد هنا سفينة راسية يخدمها بحارة يعملون على تأمين الراحة للمسافرين ... وهناك مطعم استعار من الجنة اسمها ، وحوّل اللبن المصفى إلى خمر ومنكر ... وهنالك...

    إن هذا الوضع الذي يزداد خطورة سنة بعد سنة يستدعي منّا وقفة محاسبة أمام محاولة البعض تلبيس الحق بالباطل عبر الادعاء بأن ما يحدث هو ظاهرة سياحية ، وأنه لو لم يكن الأمر كذلك لفقد الوطن نسبة كبيرة من الدخل الذي يحتاجه لسد العجز المالي الذي يعانيه ، ولتحولت بالتالي تلك السياحة إلى بلدان ومناطق أخرى يجد فيها السائح سعادته وينفق فيها ماله ، وأن السياحة تعتبر مورداً أساسياً للبنان الذي لا يملك من الموارد الصناعية والتجارية والزراعية ما يملك منها غيره ، لذا تميّز لبنان عن غيره بالخدمات السياحية والمناخ اللطيف .

    وفي محاولة لردّ مزاعم هؤلاء نقول ما يلي :
    1- كذب الادعاء بأن ما يحصل ليس بأمر جديد ، إذ إن هذا أمر لا يمكن الأخذ به على إطلاقه، ذلك لأن الفساد والإباحية المنتشرَين اليوم لم يُعرفا على هذا النحو من الوضوح والمجاهرة من قبل ، فلقد كان للسهر ولفعل المنكرات أماكن خاصة معروفة مستترة عن الأعين، لا يدخلها إلا من يقصدها ، في حين تبقى المناطق الأخرى في منأى عن الفساد ، مما يتيح للسائح الذي يبحث عن السياحة الحقيقية الموجودة في الطبيعة والمناخ المعتدل أن يقضي عطلة ممتعة في ظل إحساس تام بالأمان له ولعائلته .
    أما اليوم فلا يستطيع هذا السائح ، كما المواطن ، أن يمنع حواسه عن رؤية وسماع المنكرات المنتشرة قسراً أمامه ... وإن فكّر في هذا الأمر فمن المؤكد أنه سيضطر إلى أن يصاب بتشنج عضلي نتيجة اضطراره إلى غض البصر الدائم ، وذلك لأن الإباحية في اللباس المقترنة بالموضة لم تعد مقتصرة على فئة معينة من النساء، بل هي ظاهرة عامة تكاد تكون مشتركة بين فئة كبيرة من النساء على مختلف مشاربهم وطوائفهم وأعمارهم ... هذا إضافة إلى الإباحية في تصرفات الشباب والفتيات الذين يملأون مقاعد المقاهي ، والذين لا تتجاوز أعمارهم في بعض الأحيان أعمار الورود ...
    ويضاف إلى ذلك أبواق المعازف والأغاني التي تصل آفاقها قسراً إلى داخل البيوت ، والتي لا تخلو من الإباحية هي أيضاً ... خاصة مع قيام بعض المغنين ، مسايرة للسهارى ، بتحويل بعض الكلمات إلى أخرى تتوافق مع مناخ السهرة ... فيتحول الشاي إلى خمر ... والغزل إلى إباحية ... فكيف يستطيع المرء أن يمنع نفسه من سد آذانه عن السماع... وهو إن نجح في ذلك فكيف سيستطيع أن يسد أذنيه عائلته وأبناءه عن السماع ؟
    2- العمل على مراعاة مطالب فئة معينة من الشباب الضائع ... وإهمال لمطالب فئة كبيرة من الناس ، سواء من داخل البلاد أو من خارجها، الذين يرفضون هذا الوضع، ويسوؤهم ما وصل إليه هذ البلد من فساد وفجور انعكس سلباً على سمعة البلد الخارجية التي تتبرع بنقلها محطات تلفازية أرضية وفضائية إضافة إلى بعض الصحف والمجلات ، حتى بات أي شخص من خارج البلد يستغرب إذا علم بوجود مسلمين متدينين ملتزمين في هذا البلد ... ولقد وصل الاستغراب بأحدهم ، وهو المهاجر المقيم بإحدى الدول الأوروبية المنفتحة ، أن أكد بأن الإباحية الموجودة في هذا البلد لا توجد في تلك البلاد نفسها التي تعتبر المصدّرة والسبّاقة في نشر الفساد.
    أما على الصعيد الداخلي فقد انعكس هذا الوضع على المواطن اللبناني خوفاً وقلقاً على القيم والأخلاق الأسرية والاجتماعية التي يؤمن بها ويربي أبناءه عليها ، إضافة إلى إحساسه بفقدان أدنى حقوقه الوطنية والإنسانية ، ومن أهمها الحق بالراحة والسكون ، ذلك لأن السائح الذي يأتي للوطن لفترة محددة ، يكون في الغالب متفرغاً للسياحة والاستجمام ، ينام متى يشاء ويستيقظ متى يشاء ، أما ابن البلد فلا يستطيع ذلك، لأنه ملتزم بعمل يومي يحتاج نتيجته للتزود بقسط من الراحة كي يواصل عمله بشكل طبيعي في اليوم التالي ، الأمر الذي لا يتوافر خلال فترة الصيف مما ينعكس سلباً على المواطن وعمله ... وإذا أخذنا بعين الاعتبار ذلك الإنسان المريض الذي يحتاج إلى الراحة يمكن أن ندرك معاناة هذا المواطن المسكين.

    نقطة أخيرة من المفيد الرد عليها والتذكير بخطورتها في هذه المرحلة ، وهي ادعاء البعض بأن ما يجري ليس جديداً على هذا البلد ، فلقد كانت هذه المناطق طوال عهدها ، وقبل الحرب الأهلية ، مشهورة بخدماتها السياحية وبحفلاتها التي يحضرها أشهر المطربين والمغنين ... وقد تناسى هؤلاء أو جهلوا أو بالأحرى لم يعتبروا بما نتج عن تلك الحرب من خراب هائل قضى على البنى التحتية ومعظم البنى الفوقية لتلك المناطق ، والتي احتاجت إلى سنوات طويلة كي يعاد إعمارها من جديد ... ألا يستحق ما حصل سابقاً أن يقف المرء وقفة تدبر مع الأسباب وراء هذا الدمار الذي ظهر في تلك المناطق ، والتي تظهر معالمها في الآية الكريمة : " إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليه القول فدمرناها تدميرا" ، سورة الإسراء ، آية 16.

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. من وأخيراا الأجازة بدأت
    بواسطة غلا أبوها في المنتدى منتدى الأخبار
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 20-02-2009, 01:49 PM
  2. تمديد الأجازة السنويه
    بواسطة محمد الدغيري في المنتدى منتدى الأخبار
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 29-03-2008, 12:25 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •