العام الهجري!!
قبل أكثر من ألف وأربعمائة و ثلاثين عامًا هاجر النبي صلى الله عليه و سلم من مكة إلى المدينة، مهاجرا بدينه و نفسه من ديار الشرك و الأوثان , وديار الظلم و الحصار و الطغيان إلى موطن الأمن و الأمان و السلم و السلام و موطن العدل و الإخاء ، وكان يرافقه في الهجرة أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ و ذلك عندما اشتد إيذاء قريش له و قد نام في فراشه ليلة الهجرة علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ أما عبد الله بن آبي بكر الصديق و أخته أسماء فقد بادرا في خدمة النبي صلى الله عليه و سلم , و على الرغم من الأحداث العصيبة التي مرت بالرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ و صاحبه أيام الهجرة من الكرب و البلاء , وشدة إيذاء الكفار لهما و للمسلمين عامة , فإن الله ـ عز و جل ـ ينصر أولياءه المؤمنين , فقد نجي الله رسوله و صاحبه من الكفار على الرغم أنهم في الغار حوله , و لكن الله أعمى قلوبهم و أبصارهم , قال الله تعالى : ( إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه و أيده بجنود لم تروها و جعل كلمة الذين كفروا السفلى و كلمة الله هي العليا و الله عزيز حكيم ) 40 التوبة و عندما نستقبل عاما جديدا ليذكرنا بحادثة عظيمة مرت على المسلمين ألا وهي هجرة النبي صلى الله عليه و سلم إلى المدينة , و تكوين دولة إسلامية في بلد إسلامي منهجها الدين الإسلامي , شع منها نور الإسلام إلى إرجاء المعمورة الذي أنقذ البشرية من الجور و عبادة الأوثان و العباد إلى عبادة رب العباد و كان الحدث التاريخي و العمل العظيم الذي قام به الفاروق ـ رضي الله عنه ـ عندما كان خليفة للمسلمين , حيث جمع الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ و استشارهم في تأريخ الوقائع و الأحداث , فأرخوا من هجرة الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ فأصبح من ذلك العهد يسمى ـ التاريخ الهجري ـو لكن مما يرد على ألسنة الكثير من الناس قولهم : كيف نستقبل العام الهجري الجديد ؟ أو , كيف نودع العام الهجري ؟! و ذلك بالتوبة إلى الله ! أو أن يخصص ذلك بالأعمال الصالحة من صدقة و محاسب النفس على المعاصي و التقصير , و رد الحقوق لأهلها , و تخصيص ذلك بالمواعظ و الأذكار , دون غيره من باقي الأيام أو الشهور , و هذا لم يرد عن الرسول صلى الله عليه و سلم , و لا صحابته ـ رضوان الله عليهم ـ فالمسلم ينبغي عليه أن يقتدي بسنة المصطفى صلى الله عليه و سلم , و ما ثبت فيها حيث حثنا على اغتنام الخير في شهر رمضان و تحري ليلة القدر , و في يوم عاشوراء , و في العيدين , و أن يغتنم فرص الطاعات و الخيرات التي تمر عليه , و يحافظ على الفرائض و , و يبادر إلى النوافل كل حين , و أن يكون قريبا من الله , و أن يحاسب نفسه دائما قال تعالى : ( و اعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) 99/الحجر , فينبغي على المسلم أن يأخذ الدروس و المواعظ و العبر من الهجرة النبوية, و كيف بدأ الإسلام ضعيفا فأعزه الله ! و كيف كان الرسول صلى الله عليه و سلم مطاردا مهاجرا , قد لقي في سبيل الدعوة الأذى و الشدائد , فنصره الله و آواه ! و كيف كانت الدعوة , و ما وجده الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ من إيذاء في سبيل الدعوة , و ألا يجتهد المسلم في عبادات لم ترد فيها النصوص الدينية خشية من البدع في الدين .
عبد العزيز السلامة / أوثال