أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , له الحمد الحسن والثناء الجميل , وأصلي وأسلم على خير خلق الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
فهذا تقرير موجز طلب مني بحثه في السنة المنهجية لمرحلة الدكتوراه يتعلق بعلاقة التنصير بالفرق الضالة ، فكتب على عجل ولايخلو من الخلل.
أسأل الله أن ينفع به كاتبه وقارئه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كتبه:
أبوعبدالرحمن
عادل بن عبدالرحمن













فهذا التقرير الموجز يوثق الدور الذي يقوم به المستشرقون في إحياء مناهج وأفكار الفرق الضالة , حيث لا يخفى على المطلع على كتابات المستشرقين ومناهجهم وأهدافهم وجود الهدف الديني الذي يقوم على محاربة دين الحق من خلال وسائل وطرائق متعددة ، منها ما يتعلق بتقريرنا هذا من ناحية محاول إحياء مناهج وأفكار تلك الفرق في مقابل التشويه لصورة أصحاب المعتقد الحق وهم أهل السنة والجماعة .
وسلك المستشرقون في مجال إحياء مناهج وأفكار تلك الفرق عدة طرق ووسائل منها ما يلي:
 تحقيق الكتب ونشرها :
نلاحظ أن المستشرقين يمارسون الانتقاء حين يرغبون بتحقيق بعض الكتب أو نشرها , حيث يتجهون إلى الكتب التي تستهدف إذاعة آراء معينة لتيارات مضللة , وذلك بهدف إفقاد المسلم ثقته في دينه والتشبيه عليه .
حيث إنك تكاد تجزم بأن هذه الكتب لم تطبع أو تحقق لخدمة الأدب العربي مثلاً مثل كتاب : الأغاني ، وأخبار الحلاج وغيرها من الكتب التي تمتلئ بما يعارض الدين ومعتقداته.( )
 إظهار تلك الفرق ورجالها بصورة المصلح المظلوم :
عمد المستشرقون إلى إبراز تاريخ الفرق الضالة وتصويرها بصورة المصلح المظلوم , وأن ما قاموا به من مطالبات وثورات إنما كانت لإصلاح الحال وإزالة الجور .
وهذا حق كما في منهج القرآن : ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون * ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ) .
ويصف المستشرقون بالمقابل المؤرخين المسلمين بأنهم قد تحاملوا على تلك الفرق ورجالها .( )
 الثناء على تلك الفرق ورجالها :
عمل المستشرقون على الإعلاء من شأن الفرق الضالة أياً كان توجهها.
حيث أسبغوا الثناء على المبتدعة كالمعتزلة والباطنية والفلاسفة.
وحاولوا إظهارهم بصورة المفكرين المتنورين وأصحاب الفكر الحر الذين انتفضوا على جمود ذلك العصر وتخلفه وكانوا ضحية للفقهاء الجامدين والحكام المتزمتين .
ويربطونهم بمفكري النهضة الأوروبية الذين انتفضوا في وجه الاستبداد الديني والظلم والتعسف الذي مارسه رجال الدين والكنيسة المتحكمون بالمجتمع وثقافته.( )
بل يصفون بالذكاء حتى من رمي بالزندقة ويمارسون الثناء في حقه كأبي حيان التوحيدي وأبي العلاء المعري , ويحاولون تبرئتهم من تهمة الزندقة .( )
 غض الطرف عن انحرافاتهم :
في مقابل هذا الثناء الذي مارسه المستشرقون في حق هذه الفرق الضالة ورجالها , نجد أنهم غضوا الطرف عن انحرافاتهم, وحين يذكرون شيئاً من ذلك فإنما يذكرونه عرضاً وبلا تأكيد عليه بل بتسطيح كبير لهذه القضية .
بينما نجدهم في حال ذكر سير المسلمين حقاً يتكلفون الحصول على ما يمكن نقده وتضخيمه لتحقيق مآربهم والوصول إلى أهدافهم.( )
 محاولة إضفاء الشرعية على تلك الفرق :
حينما يكتب المستشرقون عن الإسلام تجدهم يوردون وبكثرة المصطلحات الخاصة بالمبتدعة وإبرازها،ولذا تجدهم يكثرون مثلاً من ألفاظ التصوف في دائرة المعارف الإسلامية مثل ( أوتاد ) و ( البردة ) و ( الحضرة ) و ( الحقيقة ) وغيرها من ألفاظ الصوفية .
وأيضاً في نفس الدائرة تجدهم يفردون الفرق الصوفية بمواد مستقلة وكذلك الطرق الصوفية .
حتى إن المطلع على الدائرة يظن أن التصوف جزء من الإسلام لا يتم بدونه .( )
أمثلة على إبراز مناهج وأفكار الفرق الضالة ورجالها :
 المعتزلة :
تشترك المعتزلة مع المستشرقين في قضية التشكيك في صحة الأحاديث كما حصل مع النظام والعلاف ولذا نجد المعتزلة كانوا موقع إعجاب المستشرقين الذين أمطروهم بوابل المديح وأهدوهم شهادات الإحسان والإكبار.
فهذا شتينر يلقبهم بقوله : " المفكرون الأحرار في الإسلام ".( )
وحين يتكلمون عن رموز المعتزلة تجدهم يصفونهم بخلاف الواقع ففي دائرة المعارف مثلاً نجدهم يثنون على ابن أبي دؤاد ويصفونه بالتسامح والإنسانية النادرين علما بأنه حث المعتصم على قتل الإمام أحمد وأن دمه في عنقه .
كما وصفوا المعتزلي ثمامة بن أشرس بإمام أهل الفكر الحر وهو من قال عنه الإمام البغدادي:"انفرد عن سائر أسلافه المعتزلة ببدعتين أكفرته الأمةكلها فيها " ( ) .
 الفلاسفة :
يلاحظ المتتبع لكتابات المستشرقين انبهارهم بفلاسفة المشرق وقد يكون من أسباب ذلك تخصص كثير من المستشرقين في علم الفلسفة مما وافق هوى في قلوبهم أدى بهم إلى تعظيم أولئك الفلاسفة ووصفهم بأصحاب الفكر الحر ( ).
ولذا تجدهم يمدحونهم دون أن يذكروا موقف علماء المسلمين منهم .( )
 الصوفية :
يحاول المستشرقون دوماً أن يبرزوا ما لدى المتصوفة المبتدعة من آراء حتى تكون من المسلمات لدى المسلمين , وبأنها هي الإسلام الحق , ويسبغون على رؤوس التصوف عبارات الثناء والتمجيد كابن عربي وغيره من غلاة الصوفية الذين يؤمنون بالحلول ووحدة الوجود ( ).
وهذا الأمر لا زال يمارس كما في تقرير راند الذي يمثل استشراقاً جديداً .( )
 الشيعة :
من خلال كتابات بعض المستشرقين تجد الثناء على المذهب الشيعي ووصفه بأنه التوجه الذي يحمل صفة العدل .
بل نراهم في دائرة المعارف يزكونهم ويفضلونهم على أهل السنة.
ولا أدري كيف يستقيم ذلك والرافضة يرفضون نقل حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم من الصحابة بل ويصفونهم بالكفر.( )
 الثناء على رموز الضلال ومؤلفاتهم :
يتنوع منهج المستشرقين في تعظيم وتمجيد الفرق الضالة توجهاً ورأياً ورموزاً.
ولذلك تجدهم يعلون من شأن من لا يستحق ذلك من أصحاب البدع والأهواء .
فمن ذلك مثلاً ثناؤهم المنقطع النظير على الأصفهاني صاحب كتاب الأغاني وهو الرافضي الذي ملأ كتابه بالخلاعة والمجون وقلة الدين.
وأيضاً إسباغهم الثناء والمدح على الرافضي الخائن ابن العلقمي الذي مالأ هولاكو لإسقاط الخلافة العباسية ووصفه بالاشتهار بالعلم والاستقامة .( )
ولا أدري أي استقامة في الدين يوصف بها من يخون من استوزره.
أثر هذا التوجه الاستشراقي :
الواقع يبين أن ثمة فئاماً من المسلمين استقوا كثيراً من المعلومات من كتابات المستشرقين فصارت كالمسلمات بالنسبة لهم فيثيرونها في مقالاتهم ويذكرونها في محاضراتهم.
ومن ذلك على سبيل المثل ما قدمه نصر أبو زيد في مؤتمر عالمي حول الإسلام في هولندا حين قدم ورقة بعنوان " الإسلام والتحديث " حيث أشار إلى بعض الفرق كالشيعة والمعتزلة ووصفهم بأنهم الحزب الليبرالي وأصحاب الفكر الحر كما يحصل من المستشرقين بالضبط مما يدل على أثر ذلك عليه .( )
وقل مثل ذلك في حق من يسمون أنفسهم بالعقلانين الذين تعلقوا بما كتبه المستشرقون وما أثاروه من ثورة الفكر لدى المعتزلة وغيرهم حتنى استنوا بسنتهم وساروا على خطاهم.
ولذا من اللازم بث هذه الحقائق وتوعية كل أحد بهذا المنهج الذي قد يكون خافياً على كثير من المسلمين .
وألا يعتمدوا على كتابات المستشرقين أو يستقوا منها أحكاماً .
والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .