أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - حديث ضعيف - قرأن كريم


تَعَالَوْا نَتَّفَقَهُ
فِيْ تَفْسِيرِ كَلامِ اللهِ وَبَيْانُ مَعَاْنِي مُفرداتهِ
فِيْ آي الذِكْرِ الحَكِيمِ [ الجزءُ الأولُ]
[ الفاتحةُ – البقرةُ – آل عِمْرَاْن]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ عَلَى نَبينَا مُحمَّدٍ صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ والهِ وأصحابهِ أجمعين ومن سارَ عَلَى نَهْجهِم واعْتقدَ بمعتقدِهِم :
أما بعد : أعظمُ كتابٌ ، كتابُ اللهِ – عَزَّ وَجَلَّ – لأنهُ كَلامهُ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا.
فانطلاقاً مِمَّا تَقدمَ أحبُ أنْ نُسلطَ الضَوءَ عَلَى بعضِ جَوُانبِهِ فَي التَّفسيرِ لِبَعْضِ الآياتِ لا كُلها وَمَعاني بعْضِ المفردات الَّتِي لابدْ لطالبِ العلمِ مِن النظرِ فِيْهَاْ .
ذكر ابن رجب ذيل طبقات الحنابلة :1 / 344 عن شيخ الإسلام ابن تيمية :
وقال: قد فتح الله علي في هذا الحصن في هذه المرة من معاني القرآن، ومن أصول العلم بأشياء، كان كثير من العلماء يتمنونها، وندمت على تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآن، ثم إنه منع من الكتابة، ولم يترك عنده دواة ولا قلم ولا ورق، فأقبل على التلاوة والتهجد والمناجاة والذكر.أ.هـ
فتأمَلْ فِي كَلامهِ - رحمهُ اللهُ – ندامتَهُ عَلَى ضِياعِ وَقتهُ بعيداً عن مَعاني القران ، ومنعهُ مِنْ الكِتابة وسحب جميع أدَواتهُ مِنْ قلمٍ وَوَرَقِ مع أنه كَانَ مَعَ القُرانِ.
وَسُئل مَعالي فَضيلة الدكتور – سَعد بِن نَاصر الشَّثريّ – حفظهُ اللهُ -:
هناك ضعف في إدراك معاني نصوص القرآن والسنة ؟
الجواب : هذا الضعف ناتج من ثلاثة أشياء ، أهم الأسباب ثلاثة أمور :
- أولها البعد عن القرآن والسنة ، [واللي] يبعد عن القرآن والسنة كيف تقول أنه لا يفهم أصلا هو ما عنده .
إذا نظرنا في حال سلفنا الأول كم يقرؤون من القرآن ؟ ما هي طريقتهم في تباحث السنة ؟ يمر على الواحد مئات الأحاديث في اليوم الواحد ، ويقرأ الأجزاء العدة في [ اليوم ] الواحد .
والحال عندنا - نسأل الله يعفو بس - .
- السبب الثاني : عدم امتلاك آلة الفهم ، تقول أبغي أفهم وأنت ما عندك آلة لازم تعرف الآلة ، والآلة في شيئين :
1- علم الأصول .
2- والثاني : في معرفة معاني اللغة ، الكلمات اللغوية الواردة في الكتاب والسنة، تلقى الواحد يقرأ السورة ما يعرف ايش معناها ولا يُفَكِّر يسأل عنها -(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)- [الفلق/1] ايش معنى الفلق ؟ -(مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ* وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ)- [الفلق/2-3] ايش معنى غاسق ، وقب . -(وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ)- [الفلق/4] ايش معنى النفاثات ؟ ايش معنى العقد ؟ ما يَدْرِي كل يوم يَقْرَأُهَا ولا يُفَكِّر ، ما عنده آلة للفهم ولا يتحرك قلبه في محاولة الفهم .
- السبب الثالث : تَسَلُّطُ الشياطين على القلوب ؛ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، ماسكين هذا القلب علشان ما يفهم شيء ، تلقاه يصلي ويقوم يصلي ويسمع قراءة الإمام وهو في وديان من أودية الدنيا ، تقول له وايش قرأ الإمام ؟ قال ما أدري .
لماذا تسلطت علينا هذه الشياطين ؟ البعد عن الله عزوجل -(نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ)- [التوبة/67]-(فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ)- [البقرة/152]، سمة الشيطان الوسواس الخناس ، يُوَسْوِسُ في الصدور إذا غَفَلَ الناس عن ذكر الله ، ولذلك أَوْرَادُ الناس قليلة تسبيحهم قليل تهليلهم قليل من ثَمَّ تَسَلَّطَتْ الشياطين على قلوبهم .
تَسَلُّطُ الشياطين كما أنه بِسَبَبِ الغفلة أيضا بِسَبَبِ الذنوبِ والمعاصي لذلك قال تعالى : -(كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)- [المطففين/14] يعني غُطِّيَ على قلوبهم بسبب ما كَسَبُوهُ من الآثام .أهـ
و حَالنا أنتم أعرف بِها ، فَلا أزيد غيرَ أن أقولُ : عَاملنا اللهُ بِلطْفِهِ مَعَ تَقصِيرنا فِكتابهِ، و أفرطنا فِي أمرنا . وأسألُ اللهُ أنْ لا نَدِّخُل فِمَا شَكَاهُمْ النَبي صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسلمَ (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) [الفرقان : 30]
قال العلامة السعدي في "تفسير" :1 / 582 : منادياً لربهِ وشاكياً لهُ إعراضُ قومهِ عما جاءَ بهِ، ومتأسفاً على ذلك منهم: { يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي } الذي أرسلتني لهدايتهم وتبليغهم، { اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا } أي: قد أعرضوا عنه وهجروه وتركوه مع أن الواجب عليهم الانقياد لحكمه والإقبال على أحكامه، والمشي خلفه .أهـ
فهذهِ الخطوةُ نعيشُ فِيها فتَعَالَوْا نَتَّفَقَهُ فِيْ تَفْسِيرِ كَلامِ اللهِ وَبَيْانُ مَعَاْنِي مُفرداتهِ فِيْ آي الذِكْرِ الحَكِيمِ.
نحن أمس الحاجة للرجوع للقران
ملاحظتان مهمتان :
1- لن أقف على كل الآيات إلا آيات سورة الفاتحة ويمكن يتغير هذه الرأي ، والتزم بترتيب السورة .
2- هناك كثير من اعتبارات لاختيار الآيات وليس بشرط ذكر السبب . والاعتبار من ناحية التفسير والقراءات والنحو والصرف والبيان وأحكام ، مستندا في ذلك على ذكر القائل والكتاب المنقول عنه للتحري والأمانة والتوثيق العلمية غالباً.
والكلام لابد أن يكون كاملاً في آيات سورة الفاتحة (7) :
(1) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ذكره الحافظ السيوطي في الدر المنثور:6/354: وعزاه إلى عبد الرزاق وابن سعد وابن أبي شيبه وابن أبي حاتم عن الشعبي، وأعقبه برواية ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران ولفظها: «إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكتب باسمك اللهم حتى نزلت ? إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنِّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ?».
في رواية عن عاصم عَن أَنَسٍ ، كان رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلم يَكتُبُ بِاسمِك اللَّهمّ حَتَّى نَزَلَت : {بِسمِ الله مَجراها ومُرساها} فكتب بسم الله.
سُئل الإمام الدارقطني في"العلل":12 / 103 عنها :
فَقال : يَروِيهِ ابن حُمَيدٍ الرّازِيُّ ، عَن مِهران بنِ أَبِي عُمَر ، عَن سُفيان الثَّورِيِّ ، عَن عاصِمٍ ، عَن أَنَسٍ ووَهِم فِيهِ.
والصَّوابُ عَن عاصِمٍ ، عَنِ الشَّعبِيِّ مرُسلاً.أهـ

(2) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ :
وفي الدال: الفتح ، والكسر لمجاورة اللام ، والضم .
الحمد : هو الثناء باللسان على الجميل الإختياري ، وبقيد الاختيار فارق المدح ، فإنه يكون على الجميل ، وإن لم يكن الممدوحُ مختاراً كمدح الرجل على جماله ، وقوّته ، وشجاعته .
وقال صاحب الكشاف : إنهما أخوان ، والحمد أخصّ من الشكر مَورداً ، وأعمّ منه متعلقاً . فموردُ الحمدُ اللسان فقط ، ومتعلقه النعمةُ ، وغيرها ، ومورد الشكر اللسانُ ، والجَنَانُ ، والأركانُ ، ومتعلقه النعمة وقيل : إن مورد الحمد كمورد الشكر ، لأن كلَّ ثناء باللسان لا يكون من صميم القلب مع موافقة الجوارح ليس بحمدٍ بل سخرية واستهزاء . وأجيب بأن اعتبار موافقة القلب ، والجوارح في الحمد لا يستلزم أن يكون مورداً له بل شرطاً . وفرّق بين الشرط ، والشطر. انتهى ما نقله الشوكاني "القدير" من قول صاحب الكشاف.
وذهب الإمام الطبري إلى أن الحمد والشكر بمعنى واحد ، قال العلامة ابن عطية في "المحرر"وذلك غير مرضي .
ربِّ :له عددة معاني :
فمما جاء بمعنى المعبود قول الشاعر [ غاوي بن عبد العزى ] :
أربّ يبولُ الثعلبان برأسه ... لقد هانَ من بالَتْ عليه الثَّعالبُ
ومما جاء بمعنى القائم بالأمور الرئيس فيها قول لبيد :
وأهلكن يوماً ربَّ كندة وابنَهُ ... وربَّ معدٍّ بين خَبْتٍ وعَرْعَرٍ
ومما جاء بمعنى الملك قوله النابغة :
تخبُّ إلى النعمان حتّى تنالَهُ ... فدى لك من ربٍّ طريفي وتالدي
ومن معنى الإصلاح ، قال الشاعر الفرزدق : [ البسيط ] .
كانوا كسالئةٍ حمقاء إذْ حقنتْ ... سلاءَها في أديمٍ غيرِ مَرْبُوبِ
العالمين : لفظة العالم جمع لا واحد له من لفظه وهو مأخوذ من العلم والعلامة لأنه يدل على موجده ، كذا قال الزجاج .
نقل صاحب روائع البيان عن الفرّاء وأبو عبيدة إنهما قالا : العالَمُ عبارة عمن يعقل ، وهم أربعة أمم : ( الإنس ، والجنّ ، والملائكة ، والشياطين ) ولا يقال للبهائم : عالَم لأن هذا الجمع جمع من يعقل خاصةً ، قال الأعشى : ( ما إن سمعت بمثلهم في العالمين ) .
وقال بعض العلماء : كلّ صنف من أصناف الخلائق عالمٌ ، فالإنس عالم ، والجنّ عالم ، والملائكة عالم ، والطير عالم ، والنبات عالم ، والجماد عالم . . الخ فقيل : ربّ العالمين ليشمل جميع هذه الأصناف من العوالم .
قال ابن الجوزي : العالم عند أهل العربية : اسم للخلق من مبدئهم إلى منتهاهم ، فأمّا أهل النظر ، فالعالَم عندهم : اسمٌ يقع على الكون الكلّي المُحْدَث من فلَك ، وسماءٍ ، وأرضٍ وما بين ذلك وفي اشتقاق العالَم قولان :
أحدهما : أنه من العلم ، وهو يقوّي قول أهل اللغة .
والثاني : أنه من العلامة ، وهو يقوّي قول أهل النظر .
فكلُ ما في هذا الكون دالّ على وجود الصانع ، المدبّر ، الحكيم كما قال الشاعر :
فيا عجباً كيف يُعْصى الإله ... أم كيف يَجْحده الجاحد؟
ولله في كل تحريكة ... وتسكينةٍ أبداً شاهد
وفي كل شيء له آية ... تدلّ على أنّه واحد

(3) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ : قال ابن عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنهُ قال : [هُمَا اسْمَانِ رَقِيْقَانِ أحَدُهُمَا أرَقُّ مِنَ الآخَرِ]
قال الطبراني في "تفسيره" ولو قال : لَطِيْفَانِ لكان أحسنَ.أهـ
وأنظر الفرق ما بين الرقيق واللطيف تلمس الاعتبار من حيث صفة لله عزو جل والظاهر والله اعلم من هذا الباب فضل الإمام الطبراني .
لهذا أشار الخطابي فقال : وهذا مشكل، لأن الرقة لا مدخل لها في شي من صفات الله تعالى.
وقال الحسين بن الفضل البجلي: هذا وهم من الراوي، لأن الرقة ليست من صفات الله تعالى في شي، وإنما هما اسمان رفيقان أحدهما أرفق من الآخر، والرفق من صفات الله عز وجل، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطى على العنف" نقله الإمام القرطبي في "تفسير":1 / 106.
ولكن أيهم ابلغ قالابن الأنباري في الزاهر: الرحيم أبلغ من الرحمن
ورجحه ابن عساكر بوجوه منها أن الرحمن جاء متقدما على الرحيم ولو كان أبلغ لكان متأخرا عنه لأنهم في كلامهم إنما يخرجون من الأدنى إلى الأعلى فيقولون فقيه عالم وشجاع باسل وجواد فياض ولا يعكسون هذا لفساد المعنى لأنه لو تقدم الأبلغ لكان الثاني داخلا تحته فلم يكن لذكره معنى.
وهذا قدر ذكره الزمخشري وأجاب عنه بأنه من باب الإرداف. أهـ.

(4) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قال الراغب : « والمِلْك - أي بالكسر - كالجنس للمُلْك - أي بالضم - فكل مِلْك - بالكسر - مُلك ، وليس كل مُلك مِلكاً » ، فعلى هذا يكون بينهما عمومٌ وخصوصٌ مطلقٌ ، وبهذا يُعرف الفرقُ بين مَلِك ومالِك ، فإن مَلِكاً مأخوذ من المُلْك - بالضم ، ومالِكاً مأخوذ من المِلْك بالكسر .
وقيل : الفرقُ بينهما أن المَلِك اسمٌ لكل مَنْ يَمْلِكُ السياسة : إمَّا في نفسِه بالتمكُّن من زمام قُواه وصَرْفِها عَنْ هواها ، وإمَّا في نفسه وفي غيره ، سواءٌ تولَّى ذلك أم لم يتولَّ .
قال الحلبي "المصون" قال يجوز أن يكونَ صفةً أيضاً أو بَدَلاً ، وإن كان البدلُ بالمشتقِّ قليلاً ، وهو مشتقٌّ من المَلْك بفتح الميم ، وهو الشدُّ والربط ، قال الشاعر :
مَلَكْتُ بها كَفِّي فَأَنْهَرْتُ فَتْقَها ... يَرَى قائمٌ مِنْ دونِها ما وراءها
ويومِ الدين : أُجري الظرف مجرى المفعول به ، والمعنى على الظرفية : أي الملك في يوم الدين ، ويجوز أن يكون المعنى ملك الأمور يوم الدين ، فيكون فيه حذف .

(5) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اختلفوا في"إِياك": هل هو من قَبيل الأسماءِ الظاهرة أو المضمرةِ؟ فالجمهورُ على أنه مضمرٌ ، وقال الزجاج : « هو اسم ظاهر » ، وترجيحُ القولين مذكورٌ في كتب النحو .
والقائلونَ بأنه ضميرٌ اختلفوا فيه على أربعةِ أقوال ، أحدُها : أنه كلَّه ضميرٌ . والثاني : أن : « إيَّا » وحدَه ضميرٌ وما بعده اسمٌ مضافٌ إليه يُبَيِّنُ ما يُراد به من تكلمٍ وغَيْبَةٍ وخطاب ، وثالثُها : أن « إيَّا » وحدَه ضميرٌ وما بعدَه حروفُ تُبَيِّنُ ما يُراد به . ورابعها : أنَّ « إيَّا » عمادٌ وما بعده هو الضمير ، وشَذَّت إضافتُه إلى الظاهرِ في قولهم : « إذا بلغ الرجلُ الستين فإياه وإيَّا الشَوابِّ » بإضافة « إيا » إلى الشَوابِّ ، وهذا يؤيِّد قولَ مَنْ جَعَلَ الكافَ والهاءَ والياءَ في محل جرٍّ إذا قلت : إياك إياه إياي .
وقد أَبْعَدَ بعضُ النحويين فَجَعَل له اشتقاقاً ، وهذا نص ما ذكره الحلبي في "الدر المصون في علم الكتاب المكنون ".

(5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ الهداية لها معاني متعددة وجزم الثعالبي على رجعوها كلها إلى الإرشاد قال : لكنها تتصرف على وجوه يعبر عنها المفسِّرون بغير لفظ الإِرشاد وكلها إِذا تأملت راجِعةٌ إلى الإرشاد.
والصراط في اللغة : الطريقُ الواضِحُ؛ ومن ذلك قول جَرِيرٍ :
أَمِيرُ المُؤْمِنيِنَ على صِرَاطٍ ... إِذَا اعوج المَوَارِدُ مُسْتَقِيمِ.
قرأ ابنُ كَثير برواية قنبل ، والكسائي عن طريق رويس « السراط » بالسين في الموضعَين ، وقرأ الباقون « الصراط » بالصاد ، وهي لغة قريش
(6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ .
قال ابو السعود في "تفسيره":1 / 15:فإن نِعمةَ الإسلام عنوانُ النعم كلِّها ، فمن فاز بها فقد حازها بحذافيرها .

وأخيراً :
قال القطان : هذه هي سورة الفاتحة ، وقد تكفّل نصفُها الأول ببيان الحقيقة التي هي أساس هذا الوجود : تقرير ربوبية الله للعاملين ورحمته ورحمانيته ، وتفرُّده بالسلطان يوم الدين؛ وتكفّل نصفها الثاني ببيان أساس الخطة العلمية في الحياة ، سواء في العبادات أو المعاملات .
فالعبادة لله ، الاستعانة به ، والهداية منه بالتزام طريق الله ، والبعد عن طريق الجادين والضالين المتحدّين .
هذا والمتتبع للقرآن جميعه ، الواقف على مقاصده معارفه ، يرى أنه جاء تفصيلاً لما أجملته هذه السورة الكريمة .
بهذا كانت « فاتحة الكتاب » و « أمَّ القرآن » و « السبع المثاني » والسورة الوحيدة التي طُلبت من المؤمنين في كل ركعة من كل صلاة .

تَمَّ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ