أولستُ يتيماً
كم هو شعور عميق ومؤلم أن يشعر الإنسان مِناّ باليُتم .. اليُتم الذي يُعطي حياتنا لون داكن غريب ٌ عجيب مُستأصل لكل ذره من ذراتِ الفرح فيهِ...
عندما يُقبل علينا بكل شراسةً ووحشيه غائراً مُكشراً عن أنيابهِ فينقض علينا ليتركنا نترنحُ مُحطمين مكسوري الجناح .. اليُتم هو ذلك الوقت ُ العصيب الذي يجتاحنا
وفيهِ نلتفتُ يُمنةً ويُسره باحثين عمن يحتوينا ويحتضننا يمنحنا صدراً دافئاً نرتمي فيه.. يستمعُ لنا ويمتصُ كلماتنا وجدانياً يتفاعلُ معها يفهمنا بل يُقدر مشاعرنا ويُخفف
من وطأة الألم الذي بات يسكُننا .. عندما نحتاجُ إلى يدٍ حانيه تُربت على أكتافنا مواسيةً لنا فلا نجدها .. عندما نُدرك أننا مذبوحين بسكينِ الغدرِ وأن جراحنا تنزف بغزارة
فنبحثُ عن ذلك القلب الحنون الذي يُهدهدنا ويواسينا فلا نجده ...عندما نفقدُ الصدر الدافئ المملوء بالحبِ والعطف والحنان فيلفنا فراغ عاطفي وشجن لايريد أن ينفك عنا
عندما تتحول دموعنا إلى وادٍ يجري بأحزانهِ الغزيره فتُحفر خنادق الأسى على خدودنا تحذوها جبال من الأحزان والهموم .. عندما نغرق في بحر الكروب والآلآم والخطوب
فلا نجد من يلتفت لبؤسنا وأسانا .. عندما يتحول الأمل والوعود إلى أحلام تتلاشى كالسراب .. عندما يخمد بركان الحب في حياتنا .. عندما نُطعن في ذي غفله من أقرب الناس
إلينا عندما لانجد من يحترمنا من نصارحه ويصارحنا .. يبكي لبُكائنا .. يفرح لفرحنا .. وإذا أخطأنا نصحنا ووجهنا ..إن اليًتم بمفهومهِ الواسع العميق ليس فقط من فقد والديه
..اليتيم هو ذلك الشعور القاتل الذي يلُفنا بعباءتهِ السوداء ينتابنا عندما نستشعر بمدى المعاناة التي نعيشها وحيدون
يتم عندما تتحولُ الأمومة إلى تخلي وأنانيه...والأخوة إلى وحشيةِ ونذاله والأبوة إلى قساوةً وقوه ..والخِل منا ينسى خليله إنه اليتم ولكن من نوعٍ آخر
اليُتم هو الضياع يجتاحنا على حين غُره ... اليُتم عندما لانجد من يكون بجانبنا وقت حاجتنا حينها نشعر باليتم الذي ينخر عظامنا كنخر السوس الذي لايرحم
نعم إنه اليتيم هو من فقد هذه المعاني والأحاسيس الجميله المستقاة من عاطفةِ الأبوه والأمومه ومحيط الأسرة والتي تجعل مركبة الحياة تسير بأمان
عندما تفقد كل هذه المعاني الرائعه عن حياتنا حينها ندرك اننا أيتامٌ أيتام....
طفلة السماء