نحتاج بعضا من الألم
لو منحت نفسك بعضا من (الألم) وتأملت هذه الحياة من منظورها الدنيوي لعرفت قيمة ان تسمو بالنفس نحو رفعتها المتمثلة ببساطتها تلك البساطة التي جسدها لنا الأنبياء بادىء ذي بدىء واصبحت فيما بعد ديدن العارفين والعظماء اما لماذا الشعور بالألم؟؟ وما علاقته بالتواضع فذلكم سؤال؟؟ يطرح نفسه عندما تشعر أن (الأنا) قد بدأت تسطوا على مشاعرك وتحيلك من حيث لاتدري الى رب الخورنق والسدير ذلك الشعور المتعالي الذي جسده لنا صوت ذلك الأعرابي القادم من وهج الصحراء وقفرها الموحش عندما يعاقر الخمر فتفقده التوازن وتشعل فيه لهيب النشوة المفرطة فيرفع صوته الواهم والحالم في آن واحد:
إذا سكرت فأني رب الخورنق والسدير.
وإذا صحوت فأني رب الشويهة والبعير.
نعم أن الأنا عندما تقودنا الى عالمها المترفع تغيب واقعنا وترسم لنا خطوطا معوجة ولكننا نراها مستقيمة وبذلك المنطق ندوس بنشوتها على كل حقيقة تصادفنا في هذا الحياة وبذلك المنطق تأله المتألهون فكان فرعون انموذجا تمثل لنا في جبروته غير المتناهي.. ذلك الجبروت لم يوقفه سوى الألم المتمثل بغرقه مما جعله يرى الحياة بمنظورها الحقيقي مما دعاه أن يقول آمنت برب موسى وهارون متنازلا عن وهم اصطنعه لنفسه ولكن بعد فوات الأوان.
نعم ان الألم مازال يتجسد لنا في صور كثيرة وعديدة ولكل انسان ألمه الخاص به؟؟ ولو أننا احتوينا آلامنا احتواء مكبرا ووظفناه في منهجية الحياة لاختصرنا الطريق الى المعرفة السلوكية بكلمات قليلة ولم نضطر أن نخدع النفس بالوهم القادم الينا من عزة النفس المصطنعة والواهمة في آن واحد ولنا قدوة في أنبياء ورسل هذه الأرض جميعا صلوات الله عليهم ورضوانه.. فهم جسدوا لنا مفهوم السمو بالنفس تجسيدا عمليا فكانت حركاتهم وسكناتهم إرهاصا للتواضع بأجمل صورة الانسانية.. قال الرسول صلى الله عليه وسلم (أفضل العبادة التواضع) وأتاه صلى الله عليه وسلم رجل فكلمة فأخذته رعدة فقال صلى الله عليه وسلم له: هون عليك فأني لست بملك أنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد.. بتلك المفاهيم يجب أن ننتصر على غلواء النفس وترفعها وإذا لم تستجب لك فعليك ببعض من الألم الذي يمنحك الذكرى بأنك مجرد إنسان مقبل على الفناء ولكل منا طريقته في اختيار ذلك الوخز المنبه الذي يعيد للنفس بعضا من التوازن ويمنحها الضوء المفقود من إنسانيتها لعل وعسى أن ينجو من كبوته وقد قيل لكل جواد كبوة؟؟
رد مع اقتباس
