80بالمائة يوافقن على الاقتراح ويرمين الكرة بملعب الوزارة حل مشكلات «المعلمات» و«العاطلات»
رهن «التقاعد المبكر» "التقاعد المبكر" يوفر أموال الوزارة
محمد الزهراني ـ الدمام

في الوقت الذي تجلس فيه خريجات تربويات في منازلهن، فترة قد تتجاوز 15 سنة بعد التخرج، انتظاراً للوظيفة "الحلم"، التي قد تأتي وقد لا تأتي، تصر قوانين وزارة التربية والتعليم على أن تعمل المعلمة في مهنتها 30 سنة على الأقل، حتى تحصل على راتب تقاعدي "جيد"، في "مفارقة عجيبة" بحسب معلمات وأزواجهن، الذين يرون أن الوزارة لو لجأت إلى عملية حسابية بسيطة، ستدرك أن السماح للمعلمة الواحدة بالتقاعد في سن مبكرة، سيحل معه مشكلتين، الأولى تخص المعلمة المتقاعدة، التي تريد التفرغ لبيتها وأبنائها، والثانية، تخص خريجة الجامعة "العاطلة" التي تفقد الأمل يوماً بعد آخر أن تصبح عاملة، تستفيد من شهادتها وتفيد. وفي استفتاء، شمل نحو 50 معلمة، ثبت أن 80 بالمائة منهن يتطلعن إلى إصدار قرار من وزارة التربية والتعليم، بتخفيض سن تقاعد المعلمة إلى خمس عشرة سنة من الخدمة، منتظرات، معهن أزواجهن، أن يأتي اليوم الذي يطبق فيه هذا القرار، وترتاح المعلمة في بيتها، ترعى أبناءها وزوجها، مؤكدين أن المعلمة المتزوجة بعد خدمتها خمس عشرة سنة، قد كثرت مشاغلها وارتباطاتها سواء مع الأبناء أو الزوج أو القيام بالمنزل على وجه العموم.
مطالب الأسرة
وترى المعلمة عبير الغامدي، أن "المعلمة هي في الأصل زوجة وأم وربة منزل، وهي وبعد قضاء ما يقارب خمس عشرة سنة في التعليم، تكون قد شكلت مع زوجها أسرة ليس بالبسيطة، مما يزيد مشاغلها وهمومها، وهي رغم ذلك تسعى إلى التوفيق بين مطالب الأسرة وبين واجبات العمل، ولهذا من المفترض أن يتاح لها التقاعد بعد خمس عشرة سنة، حتى تتفرغ لأسرتها وخصوصاً إذا ما علمنا أنها ليست المسؤولة الأولى عن نفقة المنزل، فهي في عصمة زوج يقوم هو على تلبية رغبات المنزل وتوفير متطلباته". وتدعو الغامدي وزارة التربية والتعليم بدراسة المقترح ومن ثم الموافقة عليه حتى ينفذ، قائلة: "المعلمة تريد أن تتفرغ لمنزلها وأسرتها"، متمنية أن "تعطى المعلمة راتباً قدره ثمانية آلاف ريال كراتب ثابت بعد أن تتقاعد مباشرة، ويستمر هذا الراتب معها طيلة حياتها"، وقالت: "يمكن عمل استفتاء عام على هذا المقترح، تشارك فيه المعلمات جميعهن، لمعرفة آرائهن حول تقاعدهن المبكر، أو يمكن ترك المجال مفتوحاً أمام المعلمات لاختيار الأنسب لهن، بين التقاعد المبكر أو الاستمرار في العمل.
8 آلاف
وتذكر أمل الغانم أن "قضية الرواتب ليست الهم الأكبر لوزارة التربية والتعليم، لأنه ومع تطبيق هذا المقترح، فإن الوزارة سوف تستفيد من ناحيتين، فهي تضمن بقاء السقف الأعلى من راتب المعلمة كما هو، في حال تقاعدها في سن الـ40، إذ يستقر لها الراتب كاملاً، وسيكون راتب تقاعدها أيضاً ثابتا، بحيث لا يتجاوز 8 آلاف ريال، أما لو استمرت في الخدمة، فراتبها سيزيد، وبالتالي راتب تقاعدها سيزيد هو الآخر"، مضيفة :"وبهذا فإن الوزارة تعرف أن كل معلمة تتقاعد سيصرف لها ثمانية آلاف ريال فقط، وهنا مسألة في غاية الأهمية، ألا وهي فتح المجال لعشرات الآلاف من الخريجات المتكدسات في منازلهن، واللاتي ربما مضى على تخرجهن أكثر من عشر سنوات، ولم يتوظفن، فعند تطبيق هذا المقترح فإن المجال يتيح لعدد كبير من الخريجات العمل بدلاً من المعلمات المتقاعدات، وبرواتب أقل بكثير مما تتقاضاه المعلمات اللاتي يواصلن أكثر من خمس عشرة سنة". وتؤكد الغانم أنها "واثقة من أن وزارة التربية والتعليم، بالتعاون مع وزارة الخدمة المدنية، لو أثارتا الموضوع وشكلتا لجنة لبحثه، فإن النتائج ستكون إيجابية، وستوصي اللجان بتطبيق المقترح واعتماده حتى يصبح قراراً نافذاً".
آلاف الخريجات
ويذكر علي القمعري (زوج إحدى المعلمات) أن "القرار سيتيح المجال للخريجات اللاتي طالما انتظرن فرصة التوظيف التي أصبحت أشبه بالحلم، وقال: "لنا أن نتخيل كيف سيفتح هذا القرار المجال لعشرات الآلاف من الخريجات للعمل بدلاً من أولئك المتقاعدات".
ويشير القمعري إلى قضية تكدس الخريجات في المنازل والسلبيات التي حدثت وستحدث جراء تزايدهن في المجتمع ويذكر أن "هذه المشكلة تبقى في المقام الأول مسؤولية وزارة التربية والتعليم، لأنها أتاحت المجال للطالبات للالتحاق بكليات التربية والمتخصصة في مجال التعليم وأضافت لهن ساعات تربوية تخولهن للعمل في الميدان التعليمي وبعد ذلك تخلت عنهنّ ولم تلتفت للكثير منهنّ"، مضيفاً: "إنني أجزم أن هناك آلاف الخريجات اللاتي مضى على تخرجهن أكثر من عشر سنوات، ولم يجدن فرصة التعيين، ولو حتى عن طريق التعاقد".
حق المعلمة
ويشير القمعري إلى أن "المعلمة إذا خدمت خمس عشرة سنة، فإنها تتقاعد إذا رغبت، ويصرف لها مبلغ كراتب تقاعدي يضمن لها حياة كريمة، وتستدعى الخريجات اللاتي لم يجدن فرصة التعيين بدلاً عن المتقاعدات، لأن الكثير منهنّ ربما لم يتزوجن وظروف أسرهن سيئة ومن الضروري تعيينهنّ حتى لا تذهب سنوات دراستهن في الجامعة سدى". ويقول علي الرياني (زوج معلمة ) "أتمنى أن يترك المجال للمعلمة لتختار بين المواصلة في العمل، أو التقاعد المبكر، وقال: إن "النظام الآن لا يضمن حق المعلمة إذا تقاعدت قبل خمس عشرة سنة، بل يلزمها بالعمل إلى أن تصل مدة خدمتها نحو الثلاثين سنة، حتى تضمن راتباً معقولاً بعد التقاعد". ويرى الرياني أنه من الممكن أن "يستفاد من المعلمات الخريجات حديثاً، اللاتي يمتلكن طاقات هائلة وحماساً كبيراًَ لممارسة المهنة، فهنّ دماء جديدة سوف تدخل بحماس يجعلهنّ متميزات". ويشير الرياني إلى أن مأساة الخريجات المتكدسات أخذت في الازدياد، لأن ما تعيّنه وزارة الخدمة المدنية أقل بكثير مما تضخه الجامعات، وكما نشاهد الآن، فإن عدد الخريجات بدأ يأخذ أرقاماً مخيفة، وهؤلاء الخريجات سيشكلن مأساة في المجتمع، وخصوصاً إذا لم يوفق بعضهن بالزواج أو العمل في أي وظيفة أخرى".


المصدر