صفحة 3 من 11 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 45 من 159

الموضوع: صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

  1. #31
    كـافخ لهـــا
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    قلـ وأهداب ـب
    المشاركات
    4,366

    رد: صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    فَصْلٌ فِي أَسْمَائِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ

    وَكُلّهَا نُعُوتٌ لَيْسَتْ أَعْلَامًا مَحْضَةً لِمُجَرّدِ التّعْرِيفِ بَلْ أَسْمَاءٌ مُشْتَقّةٌ مِنْ <85> صِفَاتٍ قَائِمَةٍ بِهِ تُوجِبُ لَهُ الْمَدْحَ وَالْكَمَالَ .
    فَمِنْهَا مُحَمّدٌ وَهُوَ أَشْهَرُهَا وَبِهِ سُمّيَ فِي التّوْرَاةِ صَرِيحًا كَمَا بَيّنّاهُ بِالْبُرْهَانِ الْوَاضِحِ فِي كِتَابِ جَلَاءُ الْأَفْهَامِ فِي فَضْلِ الصّلَاةِ وَالسّلَامِ عَلَى خَيْرِ الْأَنَامِ وَهُوَ كِتَابٌ فَرْدٌ فِي مَعْنَاهُ لَمْ يُسْبَقْ إلَى مِثْلِهِ فِي كَثْرَةِ فَوَائِدِهِ وَغَزَارَتِهَا بَيّنّا فِيهِ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي الصّلَاةِ وَالسّلَامِ عَلَيْهِ وَصَحِيحَهَا مِنْ حَسَنِهَا وَمَعْلُولِهَا وَبَيّنّا مَا فِي مَعْلُولِهَا مِنْ الْعِلَلِ بَيَانًا شَافِيًا ثُمّ أَسْرَارَ هَذَا الدّعَاءِ وَشَرَفِهِ وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ الْحِكَمِ وَالْفَوَائِدِ ثُمّ مُوَاطِنَ الصّلَاةِ عَلَيْهَا وَمُحَالّهَا ثُمّ الْكَلَامِ فِي مِقْدَارِ الْوَاجِبِ مِنْهَا وَاخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ وَتَرْجِيحِ الرّاجِحِ وَتَزْيِيفِ الْمُزَيّفِ وَمَخْبَرُ الْكِتَابِ فَوْقَ وَصْفِهِ .
    وَالْمَقْصُودُ أَنّ اسْمَهُ مُحَمّدٌ فِي التّوْرَاةِ صَرِيحًا بِمَا يُوَافِقُ عَلَيْهِ كُلّ عَالِمٍ مِنْ مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ .
    وَمِنْهَا أَحْمَد وَهُوَ الِاسْمُ الّذِي سَمّاهُ بِهِ الْمَسِيحُ لِسِرّ ذَكَرْنَاهُ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ .
    وَمِنْهَا الْمُتَوَكّلُ وَمِنْهَا الْمَاحِي وَالْحَاشِرُ وَالْعَاقِبُ وَالْمُقَفّي وَنَبِيّ التّوْبَةِ وَنَبِيّ الرّحْمَةِ وَنَبِيّ الْمَلْحَمَةِ وَالْفَاتِحُ وَالْأَمِينُ .
    وَيَلْحَقُ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ الشّاهِدُ وَالْمُبَشّرُ وَالْبَشِيرُ وَالنّذِيرُ وَالْقَاسِمُ وَالضّحُوكُ وَالْقَتّالُ وَعَبْدُ اللّهِ وَالسّرَاجُ الْمُنِيرُ وَسَيّدُ وَلَدِ آدَمَ وَصَاحِبُ لِوَاءِ الْحَمْدِ وَصَاحِبُ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْمَاءِ لِأَنّ أَسْمَاءَهُ إذَا كَانَتْ أَوْصَافَ مَدْحٍ فَلَهُ مِنْ كُلّ وَصْفٍ اسْمٌ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُفَرّقَ بَيْنَ الْوَصْفِ الْمُخْتَصّ بِهِ أَوْ الْغَالِبِ عَلَيْهِ وَيُشْتَقّ لَهُ مِنْهُ اسْمُ وَبَيْنَ الْوَصْفِ الْمُشْتَرَكِ فَلَا يَكُونُ لَهُ مِنْهُ اسْمٌ يَخُصّهُ .
    <86> وَقَالَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعَمٍ : سَمّى لَنَا رَسُول اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نَفْسَهُ أَسْمَاءً فَقَالَ : أَنَا مُحَمّدٌ وَأَنَا أَحْمَدُ وَأَنَا الْمَاحِي الّذِي يَمْحُو اللّهُ بِي الْكُفْرَ وَأَنَا الْحَاشِرُ الّذِي يُحْشَرُ النّاسُ عَلَى قَدَمِي وَالْعَاقِبُ الّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيّ
    وَأَسْمَاؤُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نَوْعَانِ
    أَحَدُهُمَا : خَاصّ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ مِنْ الرّسُلِ كَمُحَمّدٍ وَأَحْمَدَ وَالْعَاقِبِ وَالْحَاشِرِ وَالْمُقَفّي وَنَبِيّ الْمَلْحَمَةِ .
    وَالثّانِي : مَا يُشَارِكُهُ فِي مَعْنَاهُ غَيْرُهُ مِنْ الرّسُلِ وَلَكِنْ لَهُ مِنْهُ كَمَالُهُ فَهُوَ مُخْتَصّ بِكَمَالِهِ دُونَ أَصْلِهِ كَرَسُولِ اللّهِ وَنَبِيّهِ وَعَبْدِهِ وَالشّاهِدِ وَالْمُبَشّرِ وَالنّذِيرِ وَنَبِيّ الرّحْمَةِ وَنَبِيّ التّوْبَة .
    وَأَمّا إنْ جُعِلَ لَهُ مِنْ كُلّ وَصْفٍ مِنْ أَوْصَافِهِ اسْمٌ تَجَاوَزَتْ أَسْمَاؤُهُ الْمِائَتَيْنِ كَالصّادِقِ وَالْمَصْدُوقِ وَالرّءُوفِ الرّحِيمِ إلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ .
    وَفِي هَذَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ النّاسِ إنّ لِلّهِ أَلْفُ اسْمٍ وَلِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَلْفُ اسْمٍ قَالَهُ أَبُو الْخَطّاب بْنُ دِحْيَة َ وَمَقْصُودُهُ الْأَوْصَافُ .


  2. #32
    كـافخ لهـــا
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    قلـ وأهداب ـب
    المشاركات
    4,366

    رد: صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    فَصْل فِي شَرْحِ مَعَانِي أَسْمَائِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ

    <87> أَمّا مُحَمّدٌ فَهُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ حَمِدَ فَهُوَ مُحَمّدٌ إذَا كَانَ كَثِيرَ الْخِصَالِ الّتِي يُحْمَدُ عَلَيْهَا وَلِذَلِكَ كَانَ أَبْلَغ مِنْ مَحْمُودٍ فَإِنّ مَحْمُودًا مِنْ الثّلَاثِيّ الْمُجَرّدِ وَمُحَمّدٌ مِنْ الْمُضَاعَفِ لِلْمُبَالَغَةِ فَهُوَ الّذِي يُحْمَدُ أَكْثَرَ مِمّا يُحْمَدُ غَيْرُهُ مِنْ الْبَشَرِ وَلِهَذَا - وَاَللّهُ أَعْلَمُ - سُمّيَ بِهِ فِي التّوْرَاةِ لِكَثْرَةِ الْخِصَالِ الْمَحْمُودَةِ الّتِي وُصِفَ بِهَا هُوَ وَدِينُهُ وَأُمّتُهُ فِي التّوْرَاةِ حَتّى تَمَنّى مُوسَى عَلَيْهِ الصّلَاةُ وَالسّلَامُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ وَقَدْ أَتَيْنَا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى بِشَوَاهِدِهِ هُنَاكَ وَبَيّنّا غَلَطَ أَبِي الْقَاسِم السّهَيْلِيّ حَيْثُ جَعَلَ الْأَمْرَ بِالْعَكْسِ وَأَنّ اسْمَهُ فِي التّوْرَاةِ أَحْمَد.
    [ هَلْ أَحْمَدُ تَفْضِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ أَوْ مَفْعُولٌ ]
    وَأَمّا أَحْمَدُ فَهُوَ اسْمٌ عَلَى زِنَةِ أَفْعَلِ التّفْضِيلِ مُشْتَقّ أَيْضًا مِنْ الْحَمْدِ . وَقَدْ اخْتَلَفَ النّاسُ فِيهِ هَلْ هُوَ بِمَعْنَى فَاعِلٍ أَوْ مَفْعُولٍ ؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ هُوَ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ أَيْ حَمْدُهُ لِلّهِ أَكْثَرُ مِنْ حَمْدِ غَيْرِهِ لَهُ فَمَعْنَاهُ أَحْمَدُ الْحَامِدِينَ لِرَبّهِ وَرَجّحُوا هَذَا الْقَوْلَ بِأَنّ قِيَاسَ أَفْعَلَ التّفْضِيلِ أَنْ يُصَاغَ مِنْ فِعْلِ الْفَاعِلِ لَا مِنْ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ عَلَى الْمَفْعُولِ قَالُوا : وَلِهَذَا لَا يُقَالُ مَا أَضْرَبَ زَيْدًا وَلَا زَيْدُ أَضْرَبَ مِنْ عَمْرٍو بِاعْتِبَارِ الضّرْبِ الْوَاقِعِ عَلَيْهِ وَلَا : مَا أَشْرَبَهُ لِلْمَاءِ وَآكَلَهُ <88> لِلْخُبْزِ وَنَحْوِهِ قَالُوا : لِأَنّ أَفْعَلَ التّفْضِيلِ وَفِعْلَ التّعَجّبِ إنّمَا يُصَاغَانِ مِنْ الْفِعْلِ اللّازِمِ وَلِهَذَا يُقَدّرُ نَقْلُهُ مِنْ فَعَلَ و فَعِلَ الْمَفْتُوحِ الْعَيْنِ وَمَكْسُورِهَا إلَى فَعُلَ الْمَضْمُومِ الْعَيْنِ قَالُوا : وَلِهَذَا يُعَدّى بِالْهَمْزَةِ إلَى الْمَفْعُولِ فَهَمْزَتُهُ لِلتّعْدِيَةِ كَقَوْلِك : مَا أَظْرَفَ زَيْدًا وَأَكْرَمَ عَمْرًا وَأَصْلُهُمَا : مِنْ ظَرُفَ وَكَرُمَ . قَالُوا : لِأَنّ الْمُتَعَجّبَ مِنْهُ فَاعِلٌ فِي الْأَصْلِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِعْلُهُ غَيْرَ مُتَعَدّ قَالُوا : وَأَمّا نَحْوُ مَا أَضْرَبَ زَيْدًا لِعَمْرٍو فَهُوَ مَنْقُولٌ مِنْ فَعَلَ الْمَفْتُوحِ الْعَيْنِ إلَى فَعُلَ الْمَضْمُومِ الْعَيْنِ ثُمّ عُدّيَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ بِالْهَمْزَةِ قَالُوا : وَالدّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَجِيئُهُمْ بِاللّامّ فَيَقُولُونَ مَا أَضْرَبَ زَيْدًا لِعَمْرٍو وَلَوْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى تَعَدّيهِ لَقِيلَ مَا أَضْرَبَ زَيْدًا عَمْرًا لِأَنّهُ مُتَعَدّ إلَى وَاحِدٍ بِنَفْسِهِ وَإِلَى الْآخَرِ بِهَمْزَةِ التّعْدِيَةِ فَلَمّا أَنْ عَدّوْهُ إلَى الْمَفْعُولِ بِهَمْزَةِ التّعْدِيَةِ عَدّوْهُ إلَى الْآخَرِ بِاللّامّ فَهَذَا هُوَ الّذِي أَوْجَبَ لَهُمْ أَنْ قَالُوا : إنّهُمَا لَا يُصَاغَانِ إلّا مِنْ فِعْلِ الْفَاعِلِ لَا مِنْ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ عَلَى الْمَفْعُولِ .
    وَنَازَعَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ وَقَالُوا : يَجُوزُ صَوْغُهُمَا مِنْ فِعْلِ الْفَاعِلِ وَمِنْ الْوَاقِعِ عَلَى الْمَفْعُولِ وَكَثْرَةُ السّمَاعِ بِهِ مِنْ أَبْيَنِ الْأَدِلّةِ عَلَى جَوَازِهِ تَقُولُ الْعَرَبُ : مَا أَشْغَلَهُ بِالشّيْءِ وَهُوَ مِنْ شَغَلَ فَهُوَ مَشْغُولٌ وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ مَا أَوْلَعَهُ بِكَذَا وَهُوَ مِنْ أَوْلَعَ بِالشّيْءِ فَهُوَ مُولِعٌ بِهِ مَبْنِيّ لِلْمَفْعُولِ لَيْسَ إلّا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ مَا أَعْجَبَهُ بِكَذَا فَهُوَ مِنْ أُعْجِبَ بِهِ وَيَقُولُونَ مَا أَحَبّهُ إلَيّ فَهُوَ تَعَجّبٌ مِنْ فِعْلِ الْمَفْعُولِ وَكَوْنُهُ مَحْبُوبًا لَكُ وَكَذَا : مَا أَبْغَضَهُ إلَيّ وَأَمْقَتَهُ إلَيّ .
    وَهَاهُنَا مَسْأَلَةٌ مَشْهُورَةٌ ذَكَرَهَا سِيبَوَيْهِ وَهِيَ أَنّك تَقُولُ مَا أَبْغَضَنِي لَهُ وَمَا أَحَبّنِي لَهُ وَمَا أَمْقَتَنِي لَهُ إذَا كُنْتَ أَنْتَ الْمُبْغِضَ الْكَارِهَ وَالْمُحِبّ الْمَاقِتَ فَتَكُونُ مُتَعَجّبًا مِنْ فِعْلِ الْفَاعِلِ وَتَقُولُ مَا أَبْغَضنِي إلَيْهِ وَمَا أَمْقَتَنِي إلَيْهِ وَمَا أَحَبّنِي إلَيْهِ إذَا كُنْت أَنْتَ الْبَغِيضُ الْمَمْقُوتُ أَوْ الْمَحْبُوبُ فَتَكُونُ مُتَعَجّبًا مِنْ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ عَلَى الْمَفْعُولِ فَمَا كَانَ بِاللّامِ فَهُوَ لِلْفَاعِلِ وَمَا كَانَ ب إلَى فَهُوَ لِلْمَفْعُولِ . وَأَكْثَرُ النّحَاةِ لَا يُعَلّلُونَ بِهَذَا . وَاَلّذِي يُقَالُ فِي عِلّتِهِ وَاَللّهُ أَعْلَمُ إنّ اللّامَ <89> تَكُونُ لِلْفَاعِلِ فِي الْمَعْنَى نَحْوُ قَوْلِك : لِمَنْ هَذَا ؟ فَيُقَالُ لِزَيْدٍ فَيُؤْتَى بِاللّامِ . وَأَمّا إلَى فَتَكُونُ لِلْمَفْعُولِ فِي الْمَعْنَى فَتَقُولُ إلَى مَنْ يَصِلُ هَذَا الْكِتَابَ ؟ فَتَقُولُ إلَى عَبْدِ اللّهِ وَسِرّ ذَلِكَ أَنّ اللّامَ فِي الْأَصْلِ لِلْمِلْكِ وَالِاخْتِصَاصِ وَالِاسْتِحْقَاقِ إنّمَا يَكُونُ لِلْفَاعِلِ الّذِي يَمْلِكُ وَيَسْتَحِقّ وَ إلَى لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ وَالْغَايَةُ مُنْتَهَى مَا يَقْتَضِيهِ الْفِعْلُ فَهِيَ بِالْمَفْعُولِ أَلْيَقُ لِأَنّهَا تَمَامُ مُقْتَضَى الْفِعْلِ وَمِنْ التّعَجّبِ مِنْ فِعْلِ الْمَفْعُولِ قَوْلُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ فِي النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم
    فَلَهُوَ أَخْوَفُ عِنْدِي إذْ أُكَلّمُه

    وَقِيلَ إنّكَ مَحْبُوسٌ وَمَقْتُولٌ
    مِنْ خَادِرٍ مِنْ لُيُوثِ الْأُسْدِ مَسْكَنُهُ

    بِبَطْنِ عَثّرَ غِيلٌ دُونَهُ غِيلُ </SPAN>
    فَأَخْوَفُ هَاهُنَا مِنْ خِيفَ فَهُوَ مَخُوفٌ لَا مِنْ خَافَ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ مَا أَجَنّ زَيْدًا مِنْ جُنّ فَهُوَ مَجْنُونٌ هَذَا مَذْهَبُ الْكُوفِيّينَ وَمَنْ وَافَقَهُمْ .
    قَالَ الْبَصْرِيّونَ : كُلّ هَذَا شَاذّ لَا يُعَوّلُ عَلَيْهِ فَلَا نُشَوّشُ بِهِ الْقَوَاعِدُ وَيَجِبُ الِاقْتِصَارُ مِنْهُ عَلَى الْمَسْمُوعِ قَالَ الْكُوفِيّونَ : كَثْرَةُ هَذَا فِي كَلَامِهِمْ نَثْرًا وَنَظْمًا يَمْنَعُ حَمْلَهُ عَلَى الشّذُوذِ لِأَنّ الشّاذّ مَا خَالَفَ اسْتِعْمَالَهُمْ وَمُطّرِدَ كَلَامِهِمْ وَهَذَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِذَلِكَ قَالُوا : وَأَمّا تَقْدِيرُكُمْ لُزُومَ الْفِعْلِ وَنَقْلَهُ إلَى فَعُلَ فَتَحَكّمٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَمَا تَمَسّكْتُمْ بِهِ مِنْ التّعْدِيَةِ بِالْهَمْزَةِ إلَى آخِرِهِ فَلَيْسَ الْأَمْرُ فِيهَا كَمَا ذَهَبْتُمْ إلَيْهِ وَالْهَمْزَةُ فِي هَذَا الْبِنَاءِ لَيْسَتْ لِلتّعْدِيَةِ وَإِنّمَا هِيَ لِلدّلَالَةِ عَلَى مَعْنَى التّعَجّبِ وَالتّفْضِيلِ فَقَطْ كَأَلِفِ فَاعِلٍ وَمِيمِ مَفْعُولٍ وَوَاوهُ وَتَاءِ الِافْتِعَالِ وَالْمُطَاوَعَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الزّوَائِدِ الّتِي تَلْحَقُ الْفِعْلَ الثّلَاثِيّ لِبَيَانِ مَا لَحِقَهُ مِنْ الزّيَادَةِ عَلَى مُجَرّدِهِ فَهَذَا هُوَ السّبَبُ الْجَالِبُ لِهَذِهِ الْهَمْزَةُ لَا تَعْدِيَةِ الْفِعْلِ .
    قَالُوا : وَاَلّذِي يَدُلّ عَلَى هَذَا أَنّ الْفِعْلَ الّذِي يُعَدّى بِالْهَمْزَةِ يَجُوزُ أَنْ يُعَدّى <90> بِحَرْفِ الْجَرّ وَبِالتّضْعِيفِ نَحْوُ جَلَسْت بِهِ وَأَجْلَسْته وَقُمْت بِهِ وَأَقَمْته وَنَظَائِرُهُ وَهُنَا لَا يَقُومُ مَقَامَ الْهَمْزَةِ غَيْرُهَا فَعُلِمَ أَنّهَا لَيْسَتْ لِلتّعْدِيَةِ الْمُجَرّدَةِ أَيْضًا فَإِنّهَا تُجَامِعُ بَاءَ التّعْدِيَةِ نَحْوُ أَكْرِمْ بِهِ وَأَحْسِنْ بِهِ وَلَا يُجْمَعُ عَلَى الْفِعْلِ بَيْنَ تَعْدِيَتَيْنِ . وَأَيْضًا فَإِنّهُمْ يَقُولُونَ مَا أَعْطَاهُ لِلدّرَاهِمِ وَأَكْسَاهُ لِلثّيَابِ وَهَذَا مِنْ أَعْطَى وَكَسَا الْمُتَعَدّي وَلَا يَصِحّ تَقْدِيرُ نَقْلِهِ إلَى عطو : إذَا تَنَاوَلَ ثُمّ أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ هَمْزَةُ التّعْدِيَةِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى فَإِنّ التّعَجّبَ إنّمَا وَقَعَ مِنْ إعْطَائِهِ لَا مِنْ عَطْوِهِ وَهُوَ تَنَاوُلُهُ وَالْهَمْزَةُ الّتِي فِيهِ هَمْزَةُ التّعَجّبِ وَالتّفْضِيلِ وَحُذِفَتْ هَمْزَتُهُ الّتِي فِي فِعْلِهِ فَلَا يَصِحّ أَنْ يُقَالَ هِيَ لِلتّعْدِيَةِ .
    قَالُوا : وَأَمّا قَوْلُكُمْ إنّهُ عُدّيَ بِاللّامِ فِي نَحْوِ مَا أَضْرَبَهُ لِزَيْدٍ . . . إلَى آخِرِهِ فَالْإِتْيَانِ بِاللّامِ هَاهُنَا لَيْسَ لِمَا ذَكَرْتُمْ مِنْ لُزُومِ الْفِعْلِ وَإِنّمَا أُتِيَ بِهَا تَقْوِيَةً لَهُ لَمّا ضَعُفَ بِمَنْعِهِ مِنْ التّصَرّفِ وَأُلْزِمَ طَرِيقَةً وَاحِدَةً خَرَجَ بِهَا عَنْ سُنَنِ الْأَفْعَالِ فَضَعُفَ عَنْ اقْتِضَائِهِ وَعَمَلِهِ فَقَوِيَ بِاللّامِ كَمَا يَقْوَى بِهَا عِنْدَ تَقَدّمِ مَعْمُولِهِ عَلَيْهِ وَعِنْدَ فَرْعِيّتِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ هُوَ الرّاجِحُ كَمَا تَرَاهُ .
    فَلْنَرْجِعْ إلَى الْمَقْصُودِ فَنَقُولُ تَقْدِيرُ أَحْمَدَ عَلَى قَوْلِ الْأَوّلِينَ أَحْمَدُ النّاسِ لِرَبّهِ وَعَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ أَحَقّ النّاسِ وَأَوْلَاهُمْ بِأَنْ يَحْمَدَ فَيَكُونُ كَمُحَمّدٍ فِي الْمَعْنَى إلّا أَنّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنّ مُحَمّدًا هُوَ كَثِيرُ الْخِصَالِ الّتِي يُحْمَدُ عَلَيْهَا وَأَحْمَدُ هُوَ الّذِي يَحْمَدُ أَفْضَلَ مِمّا يَحْمَدُ غَيْرُهُ فَمُحَمّدٌ فِي الْكَثْرَةِ وَالْكَمّيّةِ وَأَحْمَدُ فِي الصّفَةِ وَالْكَيْفِيّةِ فَيَسْتَحِقّ مِنْ الْحَمْدِ أَكْثَرَ مِمّا يَسْتَحِقّ غَيْرُهُ وَأَفْضَلَ مِمّا يَسْتَحِقّ غَيْرُهُ فَيُحْمَدُ أَكْثَرَ حَمْدٍ وَأَفْضَلَ حَمْدٍ حَمِدَهُ الْبَشَرُ . فَالِاسْمَانِ وَاقِعَانِ عَلَى الْمَفْعُولِ وَهَذَا أَبْلَغُ فِي مَدْحِهِ وَأَكْمَلُ مَعْنَى . وَلَوْ أُرِيدَ مَعْنَى الْفَاعِل لَسُمّيَ الْحَمّادَ أَيْ كَثِيرُ الْحَمْدِ فَإِنّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَ أَكْثَرَ الْخَلْقِ حَمْدًا لِرَبّهِ فَلَوْ كَانَ اسْمُهُ أَحْمَدَ بِاعْتِبَارِ حَمْدِهِ لِرَبّهِ لَكَانَ الْأَوْلَى بِهِ الْحَمّادُ كَمَا سُمّيَتْ بِذَلِكَ أَمَتُهُ .
    وَأَيْضًا : فَإِنّ هَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ إنّمَا اُشْتُقّا مِنْ أَخْلَاقِهِ وَخَصَائِصِهِ <91> الْمَحْمُودَةِ الّتِي لِأَجْلِهَا اسْتَحَقّ أَنْ يُسَمّى مُحَمّدًا صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَحْمَدُ وَهُوَ الّذِي يَحْمَدُهُ أَهْلُ السّمَاءِ وَأَهْلُ الْأَرْضِ وَأَهْلُ الدّنْيَا وَأَهْلُ الْآخِرَةُ لِكَثْرَةِ خَصَائِلِهِ الْمَحْمُودَةِ الّتِي تَفُوقُ عَدّ الْعَادّينَ وَإِحْصَاءَ الْمُحْصِينَ وَقَدْ أَشْبَعْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِ الصّلَاةُ وَالسّلَامُ عَلَيْهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَإِنّمَا ذَكَرْنَا هَاهُنَا كَلِمَاتٍ يَسِيرَةً اقْتَضَتْهَا حَالُ الْمُسَافِرِ وَتَشَتّتُ قَلْبِهِ وَتَفَرّقُ هِمّتِهِ وَبِاَللّهِ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التّكْلَانُ .
    [ تفسير معنى المتوكل ]
    وَأَمّا اسْمُهُ الْمُتَوَكّلُ فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيّ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَرَأْت فِي التّوْرَاةِ صِفَةَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ عَبْدِي وَرَسُولِيُ سَمّيْتُهُ الْمُتَوَكّلَ لَيْسَ بِفَظّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سَخّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا يَجْزِي بِالسّيّئَةِ السّيّئَةَ بَلْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ وَلَنْ أَقْبِضَهُ حَتّى أُقِيمَ بِهِ الْمِلّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا : لَا إلَهَ إلّا اللّهُ وَهُوَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَحَقّ النّاسِ بِهَذَا الِاسْمِ لِأَنّهُ تَوَكّلَ عَلَى اللّهِ فِي إقَامَةِ الدّينِ تَوَكّلًا لَمْ يُشْرِكْهُ فِيهِ غَيْرُهُ .
    [ تَفْسِيرُ الْمَاحِي ]
    وَأَمّا الْمَاحِي وَالْحَاشِرُ وَالْمُقَفّي وَالْعَاقِبُ فَقَدْ فُسّرَتْ فِي حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ فَالْمَاحِي : هُوَ الّذِي مَحَا اللّهُ بِهِ الْكُفْرَ وَلَمْ يَمْحُ الْكُفْرَ بِأَحَدٍ مِنْ الْخَلْقِ مَا مُحِيَ بِالنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَإِنّهُ بُعِثَ وَأَهْلُ الْأَرْضِ كُلّهُمْ كَفّارٌ إلّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَهُمْ مَا بَيْنَ عُبّادِ أَوْثَانٍ وَيَهُودَ مَغْضُوبٍ عَلَيْهِمْ وَنَصَارَى ضَالّينَ وَصَابِئَةٍ دَهْرِيّةٍ لَا يَعْرِفُونَ رَبّا وَلَا مَعَادًا وَبَيْنَ عُبّادِ الْكَوَاكِبِ وَعُبّادِ النّارِ وَفَلَاسِفَةٍ لَا يَعْرِفُونَ شَرَائِعَ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا يُقِرّونَ بِهَا فَمَحَا اللّهُ سُبْحَانَهُ <92> بِرَسُولِهِ ذَلِكَ حَتّى ظَهَرَ دِينُ اللّهِ عَلَى كُلّ دِينٍ وَبَلَغَ دِينُهُ مَا بَلَغَ اللّيْلُ وَالنّهَارُ وَسَارَتْ دَعْوَتُهُ مَسِيرَ الشّمْسِ فِي الْأَقْطَار .
    [ تَفْسِيرُ الْحَاشِرِ ]
    وَأَمّا الْحَاشِرُ فَالْحَشْرُ هُوَ الضّمّ وَالْجَمْعُ فَهُوَ الّذِي يُحْشَرُ النّاسُ عَلَى قَدَمِهِ فَكَأَنّهُ بُعِثَ لِيُحْشَرَ النّاس .
    [ تَفْسِيرُ الْعَاقِبِ ]
    وَالْعَاقِبُ الّذِي جَاءَ عَقِبَ الْأَنْبِيَاءِ فَلَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيّ فَإِنّ الْعَاقِبَ هُوَ الْآخِرُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْخَاتَمِ وَلِهَذَا سُمّيَ الْعَاقِبَ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَيْ عَقِبَ الْأَنْبِيَاءِ جَاءَ بِعَقِبِهِمْ .
    [ تَفْسِيرُ الْمُقَفّي ]
    وَأَمّا الْمُقَفّي فَكَذَلِكَ وَهُوَ الّذِي قَفّى عَلَى آثَارٍ مَنْ تَقَدّمِهِ فَقَفّى اللّهُ بِهِ عَلَى آثَارِ مَنْ سَبَقَهُ مِنْ الرّسُلِ وَهَذِهِ اللّفْظَةُ مُشْتَقّةٌ مِنْ الْقَفْوِ يُقَالُ قَفَاهُ يَقْفُوهُ إذَا تَأَخّرَ عَنْهُ وَمِنْهُ قَافِيَةُ الرّأْسِ وَقَافِيَةُ الْبَيْتِ فَالْمُقَفّي : الّذِي قَفّى مَنْ قَبْلَهُ مِنْ الرّسُلِ فَكَانَ خَاتَمَهُمْ وَآخِرَهُمْ .
    [ نَبِيّ التّوْبَة ]
    وَأَمّا نَبِيّ التّوْبَةِ فَهُوَ الّذِي فَتَحَ اللّهُ بِهِ بَابَ التّوْبَةِ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَتَابَ اللّهُ عَلَيْهِمْ تَوْبَةً لَمْ يَحْصُلْ مِثْلُهَا لِأَهْلِ الْأَرْضِ قَبْلَهُ .
    وَكَانَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَكْثَرُ النّاسِ اسْتِغْفَارًا وَتَوْبَةً حَتّى كَانُوا يَعُدّونَ لَهُ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرّة ٍ رَبّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيّ إنّكَ أَنْتَ التّوّابُ الْغَفُورُ
    وَكَانَ يَقُولُ يَا أَيّهَا النّاسُ تُوبُوا إلَى اللّهِ رَبّكُمْ فَإِنّي أَتُوبُ إلَى اللّهِ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرّةٍ وَكَذَلِكَ تَوْبَةُ أُمّتِهِ أَكْمَلُ مِنْ تَوْبَةِ سَائِرِ الْأُمَمِ وَأَسْرَعُ <93> قَبُولًا وَأَسْهَلُ تَنَاوُلًا وَكَانَتْ تَوْبَةُ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنْ أَصْعَبِ الْأَشْيَاءِ حَتّى كَانَ مِنْ تَوْبَةِ بَنِي إسْرَائِيلَ مِنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ قَتْلُ أَنْفُسِهِمْ وَأَمّا هَذِهِ الْأُمّةُ فَلِكَرَامَتِهَا عَلَى اللّهِ تَعَالَى جَعَلَ تَوْبَتَهَا النّدَمَ وَالْإِقْلَاعَ .
    [ نَبِيّ الْمَلْحَمَة ]
    وَأَمّا نَبِيّ الْمَلْحَمَةِ فَهُوَ الّذِي بُعِثَ بِجِهَادِ أَعْدَاءِ اللّهِ فَلَمْ يُجَاهِدْ نَبِيّ وَأُمّتَهُ قَطّ مَا جَاهَدَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأُمّتُهُ وَالْمَلَاحِمُ الْكِبَارُ الّتِي وَقَعَتْ وَتَقَعُ بَيْنَ أُمّتِهِ وَبَيْنَ الْكُفّارِ لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهَا قَبْلَهُ فَإِنّ أُمّتَهُ يَقْتُلُونَ الْكُفّارَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ عَلَى تَعَاقُبِ الْأَعْصَارِ وَقَدْ أَوْقَعُوا بِهِمْ مِنْ الْمَلَاحِمِ مَا لَمْ تَفْعَلْهُ أُمّةٌ سِوَاهُمْ .
    [ نَبِيّ الرّحْمَة ]
    وَأَمّا نَبِيُ الرّحْمَةِ فَهُوَ الّذِي أَرْسَلَهُ اللّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ فَرُحِمَ بِهِ أَهْلُ الْأَرْضِ كُلّهُمْ مُؤْمِنُهُمْ وَكَافِرُهُمْ أَمّا الْمُؤْمِنُونَ فَنَالُوا النّصِيبَ الْأَوْفَرَ مِنْ الرّحْمَةِ وَأَمّا الْكُفّارُ فَأَهْلُ الْكِتَابِ مِنْهُمْ عَاشُوا فِي ظِلّهِ وَتَحْتَ حَبْلِهِ وَعَهْدِهِ وَأَمّا مَنْ قَتَلَهُ مِنْهُمْ هُوَ وَأُمّتُهُ فَإِنّهُمْ عَجّلُوا بِهِ إلَى النّارِ وَأَرَاحُوهُ مِنْ الْحَيَاةِ الطّوِيلَةِ الّتِي لَا يَزْدَادُ بِهَا إلّا شِدّةَ الْعَذَابِ فِي الْآخِرَةِ .
    [ الْفَاتِح ]
    وَأَمّا الْفَاتِحُ فَهُوَ الّذِي فَتَحَ اللّهُ بِهِ بَابَ الْهُدَى بَعْدَ أَنْ كَانَ مُرْتَجًا وَفَتَحَ بِهِ الْأَعْيُنَ الْعُمْيَ وَالْآذَانَ الصّمّ وَالْقُلُوبَ الْغُلْفَ وَفَتَحَ اللّهُ بِهِ أَمْصَارَ الْكُفّارِ وَفَتَحَ بِهِ أَبْوَابَ الْجَنّةِ وَفَتَحَ بِهِ طُرُقَ الْعِلْمِ النّافِعِ وَالْعَمَلِ الصّالِحِ فَفَتَحَ بِهِ الدّنْيَا وَالْآخِرَةَ وَالْقُلُوبَ وَالْأَسْمَاعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَمْصَارَ .
    [ الْأَمِين ]
    وَأَمّا الْأَمِينُ فَهُوَ أَحَقّ الْعَالَمِينَ بِهَذَا الِاسْمِ فَهُوَ أَمِينُ اللّهِ عَلَى وَحْيِهِ وَدِينِهِ وَهُوَ أَمِينُ مَنْ فِي السّمَاءِ وَأَمِينُ مَنْ فِي الْأَرْضِ وَلِهَذَا كَانُوا يُسَمّونَهُ قَبْلَ النّبُوّةِ الْأَمِينَ .
    [ الضّحُوكَ الْقَتّال ]
    وَأَمّا الضّحُوكُ الْقَتّالُ فَاسْمَانِ مُزْدَوَجَانِ لَا يُفْرَدُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ <94> فَإِنّهُ ضَحُوكٌ فِي وُجُوهِ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ عَابِسٍ وَلَا مُقَطّبٍ وَلَا غَضُوبٍ وَلَا فَظّ قَتّالٌ لِأَعْدَاءِ اللّهِ لَا تَأْخُذُهُ فِيهِمْ لَوْمَةُ لَائِمٍ .
    [ الْبَشِيرُ ]
    وَأَمّا الْبَشِيرُ فَهُوَ الْمُبَشّرُ لِمَنْ أَطَاعَهُ بِالثّوَابِ وَالنّذِيرُ الْمُنْذِرُ لِمَنْ عَصَاهُ بِالْعِقَابِ وَقَدْ سَمّاهُ اللّهُ عَبْدَهُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ مِنْهَا قَوْلُه : وَأَنّهُ لَمّا قَامَ عَبْدُ اللّهِ يَدْعُوهُ [ الْجِنّ : 20 ] وَقَوْلُهُ تَبَارَكَ الّذِي نَزّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ [ الْفُرْقَانُ : 1 ] وَقَوْلُهُ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى [ النّجْمُ 10 ] وَقَوْلُهُ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمّا نَزّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا [ الْبَقَرَةُ 23 ] وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصّحِيحِ أَنّهُ قَالَ أَنَا سَيّدُ وَلَدِ آدَمَ [ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ] وَلَا فَخْرَ وَسَمّاهُ اللّهُ سِرَاجًا مُنِيرًا وَسَمّى الشّمْسَ سِرَاجًا وَهّاجًا .
    [ الْمُنِير ]
    وَالْمُنِيرُ هُوَ الّذِي يُنِيرُ مِنْ غَيْرِ إحْرَاقٍ بِخِلَافِ الْوَهّاجِ فَإِنّ فِيهِ نَوْعُ إحْرَاقٍ وَتَوَهّجٍ .


  3. #33
    كـافخ لهـــا
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    قلـ وأهداب ـب
    المشاركات
    4,366

    رد: صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    فَصْلٌ فِي ذِكْرَى الْهِجْرَتَيْنِ الْأُولَى وَالثّانِيَةُ

    <95> لَمّا كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ وَخَافَ مِنْهُمْ الْكُفّارُ اشْتَدّ أَذَاهُمْ لَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَفِتْنَتُهُمْ إيّاهُمْ فَأَذِنَ لَهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْهِجْرَةِ إلَى الْحَبَشَةِ وَقَالَ إنّ بِهَا مَلِكًا لَا يَظْلِمُ النّاسَ عِنْدَهُ فَهَاجَرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَأَرْبَعُ نِسْوَةٍ مِنْهُمْ عُثْمَانُ بْنُ عَفّانَ وَهُوَ أَوّلُ مَنْ خَرَجَ وَمَعَهُ زَوْجَتُهُ رُقَيّةُ بِنْتُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَقَامُوا فِي الْحَبَشَةِ فِي أَحْسَنِ جِوَارٍ فَبَلَغَهُمْ أَنّ قُرَيْشًا أَسْلَمَتْ وَكَانَ هَذَا الْخَبَرُ كَذِبًا فَرَجَعُوا إلَى مَكّةَ فَلَمّا بَلَغَهُمْ أَنّ الْأَمْرَ أَشَدّ مِمّا كَانَ رَجَعَ مِنْهُمْ مَنْ رَجَعَ وَدَخَلَ جَمَاعَةٌ فَلَقُوا مِنْ قُرَيْشٍ أَذًى شَدِيدًا وَكَانَ مِمّنْ دَخَلَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ مَسْعُودٍ .
    [ الْحَصْرُ فِي الشّعْبِ ثُمّ وَفَاةُ خَدِيجَةَ فَعَمّهِ فَخُرُوجُهُ لِلطّائِفِ ]
    ثُمّ أَذِنَ لَهُمْ فِي الْهِجْرَةِ ثَانِيًا إلَى الْحَبَشَةِ فَهَاجَرَ مِنْ الرّجَالِ ثَلَاثَةٌ وَثَمَانُونَ رَجُلًا إنْ كَانَ فِيهِمْ عَمّار ُ فَإِنّهُ يُشَكّ فِيهِ وَمِنْ النّسَاءِ ثَمَانِ عَشْرَةَ امْرَأَةً فَأَقَامُوا عِنْدَ النّجَاشِيّ عَلَى أَحْسَنِ حَالٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا فَأَرْسَلُوا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ اللّهِ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ فِي جَمَاعَةٍ لِيَكِيدُوهُمْ عِنْدَ النّجَاشِيّ فَرَدّ اللّهُ كَيْدَهُمْ فِي نُحُورِهِمْ فَاشْتَدّ أَذَاهُمْ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَحَصَرُوهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ فِي الشّعْبِ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ ثَلَاثَ سِنِينَ وَقِيلَ سَنَتَيْنِ وَخَرَجَ مِنْ الْحَصْرِ وَلَهُ تِسْعٌ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً وَقِيلَ ثَمَانِ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً وَبَعْدَ ذَلِكَ بِأَشْهُرٍ مَاتَ عَمّهُ أَبُو طَالِب ٍ وَلَهُ سَبْعٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً وَفِي الشّعْبِ وُلِدَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَبّاسٍ فَنَالَ الْكُفّارُ مِنْهُ أَذًى شَدِيدًا ثُمّ مَاتَتْ خَدِيجَةُ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَسِيرٍ فَاشْتَدّ أَذَى الْكُفّارِ لَهُ فَخَرَجَ إلَى الطّائِفِ هُوَ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَدْعُو إلَى اللّهِ تَعَالَىُ وَأَقَامَ بِهِ أَيّامًا فَلَمْ يُجِيبُوهُ وَآذَوْهُ وَأَخْرَجُوهُ وَقَامُوا لَهُ سِمَاطَيْنِ فَرَجَمُوهُ بِالْحِجَارَةِ حَتّى أَدْمَوْا كَعْبَيْهِ فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رَاجِعًا إلَى مَكّةَ وَفِي طَرِيقِهِ لَقِيَ عَدّاسًا النّصْرَانِي ّ فَآمَنَ بِهِ وَصَدّقَهُ وَفِي طَرِيقِهِ أَيْضًا بِنَخْلَةَ صُرِفَ إلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ الْجِنّ سَبْعَةٌ مِنْ أَهْلِ نَصِيبِينَ فَاسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ وَأَسْلَمُوا وَفِي طَرِيقِهِ تِلْكَ أَرْسَلَ اللّهُ إلَيْهِ مَلَكَ الْجِبَالِ يَأْمُرُهُ <96> بِطَاعَتِهِ وَأَنْ يُطْبِقَ عَلَى قَوْمِهِ أَخْشَبَيْ مَكّةَ وَهُمَا جَبَلَاهَا إنْ أَرَادَ فَقَالَ : لَا بَلْ أَسْتَأْنِي بِهِمْ لَعَلّ اللّهَ يُخْرِجُ مِنْ أَصْلاَبِهِم مَنْ يَعْبُدُهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا
    [ الْإِسْرَاءُ ]
    وَفِي طَرِيقِهِ دَعَا بِذَلِكَ الدّعَاءِ الْمَشْهُورِ اللّهُمّ إلَيْك أَشْكُو ضَعْفَ قُوّتِي وَقِلّةَ حِيلَتِي . . . الْحَدِيثُ ثُمّ دَخَلَ مَكّةَ فِي جِوَارِ الْمُطْعَمِ بْنِ عَدِيّ ثُمّ أُسْرِيَ <97> بِرُوحِهِ وَجَسَدِهِ إلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ثُمّ عُرِجَ بِهِ إلَى فَوْقِ السّمَوَاتِ بِجَسَدِهِ وَرُوحِهِ إلَى اللّهِ عَزّ وَجَلّ فَخَاطَبَهُ وَفَرَضَ عَلَيْهِ الصّلَوَاتِ وَكَانَ ذَلِكَ مَرّةً وَاحِدَةً هَذَا أَصَحّ الْأَقْوَالِ .
    وَقِيلَ كَانَ ذَلِكَ مَنَامًا وَقِيلَ بَلْ يُقَالُ أُسْرِيَ بِهِ وَلَا يُقَالُ يَقَظَةً وَلَا مَنَامًا .
    وَقِيلَ كَانَ الْإِسْرَاءُ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ يَقَظَةً وَإِلَى السّمَاءِ مَنَامًا . وَقِيل : كَانَ الْإِسْرَاءُ مَرّتَيْنِ مَرّةً يَقَظَةً وَمُرّةً مَنَامًا .
    وَقِيلَ بَلْ أُسَرِيّ بِهِ ثَلَاثَ مَرّاتُ وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْمَبْعَثِ بِالِاتّفَاقِ .
    وَأَمّا مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ شَرِيكِ أَنّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إلَيْهِ فَهَذَا مِمّا عُدّ مِنْ أَغْلَاطِ شَرِيكِ الثّمَانِيَةِ وَسُوءِ حِفْظِهِ لِحَدِيثِ الْإِسْرَاءِ . وَقِيلَ إنّ هَذَا كَانَ إسْرَاءَ الْمَنَامِ قَبْلَ الْوَحْيِ . وَأَمّا إسْرَاءُ الْيَقَظَةُ فَبَعْدَ النّبُوّةِ وَقِيلَ بَلْ الْوَحْيُ هَاهُنَا مُقَيّدٌ وَلَيْسَ بِالْوَحْيِ الْمُطْلَقِ الّذِي هُوَ مَبْدَأُ النّبُوّةِ وَالْمُرَادُ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إلَيْهِ فِي شَأْنِ الْإِسْرَارِ فَأُسْرِيَ بِهِ فَجْأَةً مِنْ غَيْرِ تَقَدّمِ إعْلَامٍ وَاَللّهُ أَعْلَمُ .
    [ دَعْوَةُ الْقَبَائِلِ وَالْهِجْرَةُ إلَى الْمَدِينَة ]
    فَأَقَامَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِمَكّةَ مَا أَقَامَ يَدْعُو الْقَبَائِلَ إلَى اللّهِ تَعَالَى وَيَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَيْهِمْ فِي كُلّ مَوْسِمٍ أَنْ يُؤْوُوهُ حَتّى يُبَلّغَ رِسَالَةَ رَبّهِ وَلَهُمْ الْجَنّةُ فَلَمْ تَسْتَجِبْ لَهُ قَبِيلَةٌ وَادّخَرَ اللّهُ ذَلِكَ كَرَامَةً لِلْأَنْصَارِ فَلَمّا أَرَادَ اللّهُ تَعَالَى إظْهَارَ دِينِهِ وَإِنْجَازَ وَعْدِهِ وَنَصْرَ نَبِيّهِ وَإِعْلَاءَ كَلِمَتِهِ وَالِانْتِقَامَ مِنْ أَعْدَائِهِ سَاقَهُ إلَى الْأَنْصَارِ لَمّا أَرَادَ بِهِمْ مِنْ الْكَرَامَةِ فَانْتَهَى إلَى نَفَرٍ مِنْهُمْ سِتّةٌ وَقِيلَ ثَمَانِيَةٌ وَهُمْ يَحْلِقُونَ رُءُوسَهُمْ عِنْدَ عَقَبَةِ مِنًى فِي الْمَوْسِمِ فَجَلَسَ إلَيْهِمْ وَدَعَاهُمْ إلَى اللّهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ <98> فَاسْتَجَابُوا لِلّهِ وَرَسُولِهِ وَرَجَعُوا إلَى الْمَدِينَةِ فَدَعَوْا قَوْمَهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ حَتّى فَشَا فِيهِمْ وَلَمْ يَبْقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إلّا وَفِيهَا ذِكْرٌ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ .
    فَأَوّلُ مَسْجِدٍ قُرِئَ فِيهِ الْقُرْآنُ بِالْمَدِينَةِ مَسْجِدُ بَنِي زُرَيْقٍ ثُمّ قَدِمَ مَكّةَ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ مِنْهُمْ خَمْسَةٌ مِنْ السّتّةِ الْأَوّلِينَ فَبَايَعُوا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى بَيْعَةِ النّسَاءِ عِنْدَ الْعَقَبَةِ ثُمّ انْصَرَفُوا إلَى الْمَدِينَةِ فَقَدِمَ عَلَيْهِ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ مِنْهُمْ ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ رَجُلًا وَامْرَأَتَانِ وَهُمْ أَهْلُ الْعَقَبَةِ الْأَخِيرَةِ فَبَايَعُوا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى أَنْ يَمْنَعُوهُ مِمّا يَمْنَعُونَ مِنْهُ نِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ فَتَرْحَلُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ إلَيْهِمْ وَاخْتَارَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَأَذِنَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِأَصْحَابِهِ فِي الْهِجْرَةِ إلَى الْمَدِينَةِ فَخَرَجُوا أَرْسَالًا مُتَسَلّلِينَ أَوّلُهُمْ فِيمَا قِيل : أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِيّ
    وَقِيلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ فَقَدِمُوا عَلَى الْأَنْصَارِ فِي دُورِهِمْ فَآوَوْهُمْ وَنَصَرُوهُمْ وَفَشَا الْإِسْلَامُ بِالْمَدِينَةِ ثُمّ أَذِنَ اللّهُ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْهِجْرَةِ فَخَرَجَ مِنْ مَكّةَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوّلِ وَقِيلَ فِي صَفَرٍ وَلَهُ إذْ ذَاكَ ثَلَاثٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ الصّدّيق ُ وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ وَدَلِيلُهُمْ عَبْدُ اللّهِ بْنُ الأُرَيْقِط اللّيثِيُ فَدَخَلَ غَارَ ثَوْرٍ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ فَأَقَامَا فِيهِ ثَلَاثًا ثُمّ أَخَذَا عَلَى طَرِيقِ السّاحِلِ فَلَمّا انْتَهَوْا إلَى الْمَدِينَةِ وَذَلِكَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوّلِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ نَزَلَ بقُبَاء فِي أَعْلَى الْمَدِينَةِ عَلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ .
    وَقِيلَ نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الهدم . وَقِيلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ وَالْأَوّلُ أَشْهَرُ فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَأَسّسَ مَسْجِدَ قُبَاءَ ثُمّ خَرَجَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَدْرَكَتْهُ الْجُمُعَةُ فِي بَنِي سَالِمٍ <99> فَجَمَعَ بِهِمْ بِمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ مِائَةٌ ثُمّ رَكِبَ نَاقَتَهُ وَسَارَ وَجَعَلَ النّاسَ يُكَلّمُونَهُ فِي النّزُولِ عَلَيْهِمْ وَيَأْخُذُونَ بِخِطَامِ النّاقَةِ فَيَقُولُ خَلّوا سَبِيلَهَا فَإِنّهَا مَأْمُورَةٌ فَبَرَكَتْ عِنْدَ مَسْجِدِهِ الْيَوْمَ وَكَانَ مِرْبَدًا لِسَهْلٍ وَسُهَيْلٍ غُلَامَيْنِ مِنْ بَنِي النّجّار ِ فَنَزَلَ عَنْهَا عَلَى أَبِي أَيّوبَ الْأَنْصَارِيّ ثُمّ بَنَى مَسْجِدَهُ مَوْضِعَ الْمِرْبَدِ بِيَدِهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِالْجَرِيدِ وَاللّبِنِ ثُمّ بَنَى مَسْكَنَهُ وَمَسَاكِنَ أَزْوَاجِهِ إلَى جَنْبِهِ وَأَقْرَبُهَا إلَيْهِ مَسْكَنُ عَائِشَة َ ثُمّ تَحَوّلَ بَعْدَ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ دَارِ أَبِي أَيّوبَ إلَيْهَا وَبَلَغَ أَصْحَابَهُ بِالْحَبَشَةِ هِجْرَتُهُ إلَى الْمَدِينَةِ فَرَجَعَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةٌ <100> وَثَلَاثُونَ رَجُلًا فَحُبِسَ مِنْهُمْ بِمَكّةَ سَبْعَةٌ وَانْتَهَى بَقِيّتُهُمْ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْمَدِينَةِ ثُمّ هَاجَرَ بَقِيّتُهُمْ فِي السّفِينَةِ عَامَ خَيْبَرَ سَنَةَ سَبْعٍ .


  4. #34
    كـافخ لهـــا
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    قلـ وأهداب ـب
    المشاركات
    4,366

    رد: صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    فَصْلٌ فِي أَوْلَادِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ

    أَوّلُهُمْ الْقَاسِم ُ وَبِهِ كَانَ يُكَنّى مَاتَ طِفْلًا وَقِيلَ عَاشَ إلَى أَنْ رَكِبَ الدّابّةَ وَسَارَ عَلَى النّجِيبَةِ . ثُمّ زَيْنَب وَقِيلَ هِيَ أَسَنّ مِنْ الْقَاسِمِ ثُمّ رُقَيّة ُ وَأُمّ كُلْثُومٍ وَفَاطِمَة ُ وَقَدْ قِيلَ فِي كُلّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنّ إنّهَا أَسَنّ مِنْ أُخْتَيْهَا وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ أَنّ رُقَيّةَ أَسَنّ الثّلَاثِ وَأُمّ كُلْثُومٍ أَصْغَرُهُنّ .
    <101> ثُمّ وُلِدَ لَهُ عَبْدُ اللّهِ وَهَلْ وُلِدَ بَعْدَ النّبُوّةِ أَوْ قَبْلَهَا ؟ فِيهِ اخْتِلَافٌ وَصَحّحَ بَعْضُهُمْ أَنّهُ وُلِدَ بَعْدَ النّبُوّةِ وَهَلْ هُوَ الطّيّبُ وَالطّاهِرُ أَوْ هُمَا غَيْرُهُ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ . وَالصّحِيحُ أَنّهُمَا لَقَبَانِ لَهُ وَاَللّهُ أَعْلَمُ .
    وَهَؤُلَاءِ كُلّهُمْ مِنْ خَدِيجَة َ وَلَمْ يُولَدْ لَهُ مِنْ زَوْجَةِ غَيْرِهَا . ثُمّ وُلِدَ لَهُ إبْرَاهِيم بِالْمَدِينَةِ مِنْ سُرّيّتِهِ مَارِيَةَ الْقِبْطِيّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنْ الْهِجْرَةِ وَبَشّرَهُ بِهِ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَاهُ فَوَهَبَ لَهُ عَبْدًا وَمَاتَ طِفْلًا قَبْلَ الْفِطَامِ وَاخْتَلَفَ هَلْ صَلّى عَلَيْهِ أَمْ لَا ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ . وَكُلّ أَوْلَادِهِ تُوُفّيَ قَبْلَهُ إلّا فَاطِمَةَ فَإِنّهَا تَأَخّرَتْ بَعْدَهُ بِسِتّةِ أَشْهُرٍ فَرَفَعَ اللّهُ لَهَا بِصَبْرِهَا وَاحْتِسَابِهَا مِنْ الدّرَجَاتِ مَا فُضّلَتْ بِهِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ .
    وَفَاطِمَةُ أَفْضَلُ بَنَاتِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَقِيلَ إنّهَا أَفْضَلُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وَقِيلَ بَلْ أُمّهَا خَدِيجَةُ وَقِيلَ بَلْ عَائِشَةُ وَقِيلَ بَلْ بِالْوَقْفِ فِي ذَلِكَ .


  5. #35
    كـافخ لهـــا
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    قلـ وأهداب ـب
    المشاركات
    4,366

    رد: صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    فَصْلٌ فِي أَعْمَامِهِ وَعَمّاتِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ

    فَمِنْهُمْ أَسَدُ اللّهِ وَأَسَدُ رَسُولِهِ سَيّدُ الشّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ وَالْعَبّاس وَأَبُو طَالِبٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ مَنَافٍ وَأَبُو لَهَبٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْعُزّى وَالزّبَيْر وَعَبْدُ الْكَعْبَةِ وَالْمُقَوّم وَضِرَارُ وَقُثمُ وَالْمُغِيرَةُ وَلَقَبُهُ حِجْلٌ وَالْغَيْدَاقُ وَاسْمُهُ <102> مُصْعَب وَقِيلَ نَوْفَلٌ وَزَادَ بَعْضُهُمْ الْعَوَامّ وَلَمْ يُسْلِمْ مِنْهُمْ إلّا حَمْزَةُ وَالْعَبّاسُ .
    وَأَمّا عَمّاتُهُ فَصَفِيّةُ أُمّ الزّبَيْرِ بْنِ الْعَوّام ِ وَعَاتِكَةُ وَبَرّةُ وَأَرْوَى وَأُمَيْمَةُ وَأُمّ حَكِيمِ الْبَيْضَاءِ . أَسْلَمَ مِنْهُنّ صَفِيّةُ وَاخْتُلِفَ فِي إسْلَامِ عَاتِكَةَ وَأَرْوَى وَصَحّحَ بَعْضُهُمْ إسْلَامَ أَرَوَى .
    وَأَسَنّ أَعْمَامِهِ الْحَارِثُ وَأَصْغَرُهُمْ سِنّا : الْعَبّاسُ وَعَقَبَ مِنْهُ حَتّى مَلَأَ أَوْلَادُهُ الْأَرْضَ . وَقِيلَ أُحْصُوا فِي زَمَنِ الْمَأْمُونِ فَبَلَغُوا سِتّمِائَةِ أَلْفٍ وَفِي ذَلِكَ بُعْدٌ لَا يَخْفَى وَكَذَلِكَ أَعْقَبَ أَبُو طَالِبٍ وَأَكْثَرَ وَالْحَارِثُ وَأَبُو لَهَبٍ وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ الْحَارِثَ وَالْمُقَوّمَ وَاحِدًا وَبَعْضُهُمْ الْغَيْدَاقَ وَحِجْلًا وَاحِدًا .


  6. #36
    كـافخ لهـــا
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    قلـ وأهداب ـب
    المشاركات
    4,366

    رد: صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    فَصْلٌ فِي أَزْوَاجِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ

    [ خَدِيجَة ُ ]
    أُولَاهُنّ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِد الْقُرَشِيّةُ الْأَسَدِيّةُ تَزَوّجَهَا قَبْلَ النّبُوّةِ وَلَهَا أَرْبَعُونَ سَنَةً وَلَمْ يَتَزَوّجْ عَلَيْهَا حَتّى مَاتَتْ وَأَوْلَادُهُ كُلّهُمْ مِنْهَا إلّا إبْرَاهِيمَ وَهِيَ الّتِي آزَرَتْهُ عَلَى النّبُوّةِ وَجَاهَدَتْ مَعَهُ وَوَاسَتْهُ بِنَفْسِهَا وَمَالِهَا وَأَرْسَلَ اللّهُ إلَيْهَا السّلَامَ مَعَ جِبْرِيلَوَهَذِهِ خَاصّةً لَا تُعْرَفُ لِاِمْرَأَةٍ سِوَاهَا وَمَاتَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ .
    [ سَوْدَةُ ]
    ثُمّ تَزَوّجَ بَعْدَ مَوْتِهَا بِأَيّامٍ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ الْقُرَشِيّةَ وَهِيَ الّتِي وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ .
    [ عَائِشَةُ ]
    ثُمّ تَزَوّجَ بَعْدَهَا أُمّ عَبْدِ اللّهِ عَائِشَةَ الصّدّيقَةَ بِنْتَ الصّدّيق ِ الْمُبَرّأَةَ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ حَبِيبَةَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصّدّيقِ وَعَرَضَهَا عَلَيْهِ الْمَلَكُ قَبْلَ نِكَاحِهَا فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ وَقَالَ هَذِهِ زَوْجَتُك تَزَوّجَ بِهَا فِي <103> شَوّالٍ وَعُمْرُهَا سِتّ سِنِينَ وَبَنَى بِهَا فِي شَوّالٍ فِي السّنَةِ الْأُولَى مِنْ الْهِجْرَةِ وَعُمْرُهَا تِسْعُ سِنِينَ وَلَمْ يَتَزَوّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا وَمَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ غَيْرَهَا وَكَانَتْ أَحَبّ الْخَلْقِ إلَيْهِ وَنَزَلَ عُذْرُهَا مِنْ السّمَاءِ وَاتّفَقَتْ الْأُمّةُ عَلَى كُفْرِ قَاذِفِهَا وَهِيَ أَفْقَهُ نِسَائِهِ وَأَعْلَمُهُنّ بَلْ أَفْقَهُ نِسَاءِ الْأُمّةِ وَأَعْلَمُهُنّ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَكَانَ الْأَكَابِرُ مِنْ أَصْحَابِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَرْجِعُونَ إلَى قَوْلِهَا وَيَسْتَفْتُونَهَا . وَقِيلَ إنّهَا أَسْقَطَتْ مِنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سِقْطًا وَلَمْ يَثْبُتْ .
    [ حَفْصَةُ ]
    ثُمّ تَزَوّجَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ بْنِ الْخَطّاب ِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ وَذَكَرَ أَبُو دَاوُد أَنّهُ طَلّقَهَا ثُمّ رَاجَعَهَا .
    [ زَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَة ]
    ثُمّ تَزَوّج زَيْنَبَ بِنْتَ خُزَيْمَة بْنِ الْحَارِثِ الْقَيْسِيّةِ مِنْ بَنِي هِلَالِ بْنِ عَامِرٍ وَتُوُفّيَتْ عِنْدَهُ بَعْدَ ضَمّهِ لَهَا بِشَهْرَيْنِ .
    [ أُمّ سَلَمَةَ]
    ثُمّ تَزَوّجَ أُمّ سَلَمَةَ هِنْدَ بِنْتَ أَبِي أُمّيّةَ الْقُرَشِيّةَ الْمَخْزُومِيّة َ وَاسْمُ أَبِي أُمّيّةَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَهِيَ آخِرُ نِسَائِهِ مَوْتًا . وَقِيلَ آخِرُهُنّ مَوْتًا
    صَفِيّةُ .
    [ مَنْ وَلِيَ تَزْوِيجَ أُمّ سَلَمَةَ ؟]
    وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ وَلِيَ تَزْوِيجَهَا مِنْهُ ؟ فَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطّبَقَاتِ : وَلِيَ تَزْوِيجَهَا مِنْهُ سَلَمَةُ بْنُ أَبِي سَلَمَة َ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهَا وَلَمّا زَوّجَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَلَمَةَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ أُمَامَةَ بِنْتَ حَمْزَةَ الّتِي اخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيّ وَجَعْفَرٌ وَزَيْدٌ قَالَ : هَلْ جَزَيْتُ سَلَمَةَ يَقُولُ <104> ذَلِكَ لِأَنّ سَلَمَةَ هُوَ الّذِي تَوَلّى تَزْوِيجَهُ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِهَا ذُكِرَ هَذَا فِي تَرْجَمَةِ سَلَمَةَ ثُمّ ذُكِرَ فِي تَرْجَمَةِ أُمّ سَلَمَة عَنْ الْوَاقِدِيّ : حَدّثَنِي مُجَمّعُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ خَطَبَ أُمّ سَلَمَةَ إلَى ابْنِهَا عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ فَزَوّجَهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُوَ يَوْمئِذٍ غُلَامٌ صَغِيرٌ .
    وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَد ِ : حَدّثَنَا عَفّانُ حَدّثَنَا حَمّادُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ حَدّثَنَا ثَابِتٌ قَالَ حَدّثَنِي ابْنُ عُمَرَ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمّ سَلَمَةَ أَنّهَا لَمّا انْقَضَتْ عِدّتُهَا مِنْ أَبِي سَلَمَةَ بَعَثَ إلَيْهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَتْ مَرْحَبًا بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنّي امْرَأَةٌ غَيْرَى وَإِنّي مُصْبِيَةٌ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي حَاضِرًا . . . الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَقَالَتْ لِابْنِهَا عُمَرَ قُمْ فَزَوّجْ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَزَوّجَهُ وَفِي هَذَا نَظَرٌ فَإِنّ عُمْرَ هَذَا كَانَ سِنّهُ لَمّا تُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تِسْعُ سِنِينَ ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَتَزَوّجَهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي شَوّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ فَيَكُونُ لَهُ مِنْ الْعُمْرِ حِينَئِذٍ ثَلَاثُ سِنِينَ وَمِثْلُ هَذَا لَا يُزَوّجُ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرهُ وَلَمّا قِيلَ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ قَالَ مَنْ يَقُولُ إنّ عُمَرَ كَانَ صَغِيرًا ؟ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيّ : وَلَعَلّ أَحْمَدُ قَالَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَقِفَ عَلَى مِقْدَارِ سِنّهِ وَقَدْ ذَكَرَ مِقْدَارَ سِنّهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُؤَرّخِينَ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ .
    وَقَدْ قِيلَ إنّ الّذِي زَوّجَهَا مِنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ابْنُ عَمّهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطّاب ِ وَالْحَدِيثُ قُمْ يَا عُمَرُ فَزَوّجْ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم وَنَسَبُ عُمَرَ وَنَسَبُ أُمّ سَلَمَةَ يَلْتَقِيَانِ فِي كَعْبٍ فَإِنّهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ بْنِ نُفَيْلِ بْنِ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رُزَاحٍ بْنِ عَدِيّ بْنِ كَعْبٍ وَأُمّ سَلَمَةَ بِنْتُ أَبِي <105> أُمّيّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ بْنِ مُرّةَ بْنِ كَعْبٍ فَوَافَقَ اسْمُ ابْنِهَا عُمَرَ اسْمَهُ فَقَالَتْ : قُمْ يَا عُمَرُ فَزَوّجْ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَظَنّ بَعْضُ الرّوَاةِ أَنّهُ ابْنُهَا فَرَوَاهُ بِالْمَعْنَى وَقَالَ فَقَالَتْ لَابْنِهَا وَذُهِلَ عَنْ تَعَذّرِ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِصِغَرِ سِنّهِ وَنَظِيرُ هَذَا وَهْمُ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَرِوَايَتِهِمْ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ : قُمْ يَا غُلَامُ فَزَوّجْ أُمّك قَالَ أَبُو الْفَرَجِ ابْنُ الْجَوْزِيّ وَمَا عَرَفْنَا هَذَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ وَإِنْ ثَبَتَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ عَلَى وَجْه الْمُدَاعَبَةِ لِلصّغِيرِ إذْ كَانَ لَهُ مِنْ الْعُمْرِ يَوْمئِذٍ ثَلَاثُ سِنِينَ لِأَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَزَوّجَهَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَمَاتَ وَلِعُمَرِ تِسْعُ سِنِينَ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا يَفْتَقِرُ نِكَاحُهُ إلَى وَلِيّ .
    وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا يَشْتَرِطُ فِي نِكَاحِهِ الْوَلِيّ وَأَنّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ .
    [ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ ]
    ثُمّ تَزَوّجَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَة وَهِيَ ابْنَةُ عَمّتِهِ أُمَيْمَةَ وَفِيهَا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى : فَلَمّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوّجْنَاكَهَا [ الْأَحْزَابُ 37 ] وَبِذَلِكَ كَانَتْ تَفْتَخِرُ عَلَى نِسَاءِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَتَقُولُ زَوّجَكُنّ أَهَالِيكُنّ وَزَوّجَنِي اللّهُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ .
    وَمِنْ خَوَاصّهَا أَنّ اللّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَانَ هُوَ وَلِيّهَا الّذِي زَوّجَهَا لِرَسُولِهِ مِنْ فَوْقِ سَمَوَاتِهِ وَتُوُفّيَتْ فِي أَوّلِ خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ وَكَانَتْ أَوّلًا عِنْدَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَة وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَبَنّاهُ فَلَمّا طَلّقَهَا زَيْدٌ زَوّجَهُ اللّهُ تَعَالَى إيّاهَا لِتَتَأَسّى بِهِ أُمّتُهُ فِي نِكَاحِ أَزْوَاجِ مَنْ تَبَنّوْهُ .
    [ جُويْريَة ]
    وَتَزَوّجَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ جُويْريَة بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ المُصْطَلِقِيّة وَكَانَتْ مِنْ <106> سَبَايَا بَنِي الْمُصْطَلِق ِ فَجَاءَتْهُ تَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى كِتَابَتِهَا فَأَدّى عَنْهَا كِتَابَتَهَا وَتَزَوّجَهَا .
    [ أُمّ حَبِيبَة]
    ثُمّ تَزَوّجَ أُمّ حَبِيبَةَ وَاسْمُهَا رَمْلَةُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ صَخْرِ بْنِ حَرْبٍ الْقُرَشِيّةُ الْأُمَوِيّةُ . وَقِيلَ اسْمُهَا هِنْدُ تَزَوّجَهَا وَهِيَ بِبِلَادِ الْحَبَشَةِ مُهَاجِرَةً وَأَصْدَقَهَا عَنْهُ النّجَاشِيّ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ وَسِيقَتْ إلَيْهِ مِنْ هُنَاكَ وَمَاتَتْ فِي أَيّامِ أَخِيهَا مُعَاوِيَةَ .
    هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ الْمُتَوَاتَرُ عِنْدَ أَهْلِ السّيَرِ وَالتّوَارِيخِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ نِكَاحِهِ لِخَدِيجَةَ بِمَكّةَ وَلِحَفْصَةَ بِالْمَدِينَةِ وَلِصَفِيّةَ بَعْدَ خَيْبَر َ .
    [ تَوْهِيمُ حَدِيثِ عَرْضِ أَبِي سُفْيَانَ أُمّ حَبِيبَةَ عَلَيْهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ]
    وَأَمّا حَدِيثُ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمّارٍ عَنْ أَبِي زُمَيْلٍ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ أَنّ أَبَا سُفْيَانَ قَالَ لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَسْأَلُكَ ثَلَاثًا فَأَعْطَاهُ إيّاهُنّ مِنْهَا : وَعِنْدِي أَجْمَلُ الْعَرَبِ أُمّ حَبِيبَةَ أُزَوّجُكَ إيّاهَا . فَهَذَا الْحَدِيثُ غَلَطٌ لَا خَفَاءَ بِهِ قَالَ أَبُو مُحَمّدِ بْنِ حَزْمٍ : وَهُوَ مَوْضُوعٌ بِلَا شَكّ كَذَبَهُ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمّار ٍ وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ وَهْمٌ مِنْ بَعْضِ الرّوَاةِ لَا شَكّ فِيهِ وَلَا تَرَدّدٍ وَقَدْ اتّهَمُوا بِهِ عِكْرِمَةَ بْنَ عَمّارٍ لِأَنّ أَهْلَ <107> التّارِيخِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنّ أُمّ حَبِيبَةَ كَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جَحْشٍ وَوَلَدَتْ لَهُ وَهَاجَرَ بِهَا وَهُمَا مُسْلِمَانِ إلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ ثُمّ تَنَصّرَ وَثَبَتَتْ أُمّ حَبِيبَةَ عَلَى إسْلَامِهَا فَبَعَثَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى النّجَاشِيّ يَخْطُبُهَا عَلَيْهِ فَزَوّجَهُ إيّاهَا وَأَصْدَقَهَا عَنْهُ صَدَاقًا وَذَلِكَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ مِنْ الْهِجْرَةِ وَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ فِي زَمَنِ الْهُدْنَةِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَثَنَتْ فِرَاشَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَتّى لَا يَجْلِسَ عَلَيْهِ وَلَا خِلَافَ أَنّ أَبَا سُفْيَانَ وَمُعَاوِيَةَ أَسْلَمَا فِي فَتْحِ مَكّة َ سَنَةَ ثَمَانٍ .
    وَأَيْضًا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنّهُ قَالَ لَهُ وَتُؤَمّرُنِي حَتّى أُقَاتِلَ الْكُفّارَ كَمَا كُنْت أُقَاتِلُ الْمُسْلِمِينَ قَالَ نَعَمْ . وَلَا يُعْرَفُ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمّرَ أَبَا سُفْيَانَ الْبَتّةَ .
    وَقَدْ أَكْثَرَ النّاسُ الْكَلَامَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَتَعَدّدَتْ طُرُقُهُمْ فِي وَجْهِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الصّحِيحُ أَنّهُ تَزَوّجَهَا بَعْدَ الْفَتْحِ لِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ وَلَا يُرَدّ هَذَا بِنَقْلِ الْمُؤَرّخِينَ وَهَذِهِ الطّرِيقَةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَ مَنْ لَهُ أَدْنَى عِلْمٍ بِالسّيرَةِ وَتَوَارِيخِ مَا قَدْ كَانَ .
    وَقَالَتْ طَائِفَةٌ بَلْ سَأَلَهُ أَنْ يُجَدّدَ لَهُ الْعَقْدَ تَطْيِيبًا لِقَلْبِهِ فَإِنّهُ كَانَ قَدْ تَزَوّجَهَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَهَذَا بَاطِلٌ لَا يُظَنّ بِالنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَلَا يَلِيقُ بِعَقْلِ أَبِي سُفْيَان َ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ .
    وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ الْبَيْهَقِيّ وَالْمُنْذِرِيّ : يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَبِي سُفْيَانَ وَقَعَتْ فِي بَعْضِ خُرَجَاته إلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ كَافِرٌ حِينَ سَمِعَ نَعْيَ زَوْجِ أُمّ حَبِيبَةَ بِالْحَبَشَةِ فَلَمّا وَرَدَ عَلَى هَؤُلَاءِ مَا لَا حِيلَةَ لَهُمْ فِي دَفْعِهِ مِنْ سُؤَالِهِ أَنْ يُؤَمّرَهُ حَتّى يُقَاتِلَ الْكُفّارَ وَأَنْ يَتّخِذَ ابْنُهُ كَاتِبًا قَالُوا : لَعَلّ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَقَعَتَا مِنْهُ بَعْدَ الْفَتْحِ فَجَمَعَ الرّاوِي ذَلِكَ كُلّهُ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ وَالتّعَسّفُ وَالتّكَلّفُ الشّدِيدُ الّذِي فِي هَذَا الْكَلَامِ يُغْنِي عَنْ رَدّهِ .
    وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لِلْحَدِيثِ مَحْمَلٌ آخَرُ صَحِيحٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : أَرْضَى أَنْ تَكُونَ زَوْجَتَك الْآنَ فَإِنّي قَبْلُ لَمْ أَكُنْ رَاضِيًا وَالْآنَ فَإِنّي قَدْ رَضِيتُ فَأَسْأَلُك <108> أَنْ تَكُونَ زَوْجَتَك وَهَذَا وَأَمْثَالُهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ سُوّدَتْ بِهِ الْأَوْرَاقُ وَصُنّفَتْ فِيهِ الْكُتُبُ وَحَمَلَهُ النّاسُ لَكَانَ الْأَوْلَى بِنَا الرّغْبَةَ عَنْهُ لِضِيقِ الزّمَانِ عَنْ كِتَابَتِهِ وَسَمَاعِهِ وَالِاشْتِغَالِ بِهِ فَإِنّهُ مِنْ رُبْدِ الصّدُورِ لَا مِنْ زُبْدِهَا . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَمّا سَمِعَ أَبُو سُفْيَانَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ طَلّقَ نِسَاءَهُ لَمّا آلَى مِنْهُنّ أَقْبَلَ إلَى الْمَدِينَةِ وَقَالَ لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَا قَالَ ظَنّا مِنْهُ أَنّهُ قَدْ طَلّقَهَا فِيمَنْ طَلّقَ وَهَذَا مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهُ .
    وَقَالَتْ طَائِفَةٌ بَلْ الْحَدِيثُ صَحِيحٌ وَلَكِنْ وَقَعَ الْغَلَطُ وَالْوَهْمُ مِنْ أَحَدِ الرّوَاةِ فِي تَسْمِيَةِ أُمّ حَبِيبَةَ وَإِنّمَا سَأَلَ أَنْ يُزَوّجَهُ أُخْتَهَا رَمْلَةَ وَلَا يَبْعُدُ خَفَاءُ التّحْرِيمِ لِلْجَمْعِ عَلَيْهِ فَقَدَ خَفِيَ ذَلِكَ عَلَى ابْنَتِهِ وَهِيَ أَفْقَهُ مِنْهُ وَأَعْلَمُ حِينَ قَالَتْ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ هَلْ لَك فِي أُخْتِي بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ ؟ فَقَالَ أَفْعَلُ مَاذَا ؟ قَالَتْ تَنْكِحُهَا .
    قَالَ : أَوَتُحِبّينَ ذَلِكَ ؟ قَالَتْ لَسْت لَك بِمُخْلِيَةٍ وَأَحَبّ مَنْ شَرِكَنِي فِي الْخَيْرِ أُخْتِي قَالَ : فَإِنّهَا لَا تَحِلّ لِي . فَهَذِهِ هِيَ الّتِي عَرَضَهَا أَبُو سُفْيَانَ عَلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَسَمّاهَا الرّاوِي مِنْ عِنْدَهُ أُمّ حَبِيبَةَ . وَقِيلَ بَلْ كَانَتْ كُنْيَتُهَا أَيْضًا أُمّ حَبِيبَةَ وَهَذَا الْجَوَابُ حَسَنٌ لَوْلَا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَا سَأَلَ فَيُقَالُ حِينَئِذٍ هَذِهِ اللّفْظَةُ وَهْمٌ مِنْ الرّاوِي فَإِنّهُ أَعْطَاهُ بَعْضَ مَا سَأَلَ فَقَالَ الرّاوِي : أَعْطَاهُ مَا سَأَلَ أَوْ أَطْلَقَهَا اتّكَالًا عَلَى فَهْمِ الْمُخَاطَبِ أَنّهُ أَعْطَاهُ مَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ مِمّا سَأَلَ وَاَللّهُ أَعْلَمُ . <109>
    [ صَفِيّةُ ]
    [ جَوَازُ جَعْلِ عِتْقِ الْمَرْأَةِ صَدَاقَهَا ]
    وَتَزَوّجَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ صَفِيّةَ بِنْتَ حُيَيّ بْنِ أَخْطَبَ سَيّدِ بَنِي النّضِيرِ مِنْ وَلَدِ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ أَخِي مُوسَى فَهِيَ ابْنَةُ نَبِيّ وَزَوْجَةُ نَبِيّ وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وَكَانَتْ قَدْ صَارَتْ لَهُ مِنْ الصّفِيّ أَمَةً فَأَعْتَقَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا فَصَارَ ذَلِكَ سُنّةً لِلْأَمَةِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَنْ يَعْتِقَ الرّجُلُ أَمَتَهُ وَيَجْعَلُ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا فَتَصِيرُ زَوْجَتَهُ بِذَلِكَ فَإِذَا قَالَ أَعْتَقْت أَمَتِي وَجَعَلَتْ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا أَوْ قَالَ جَعَلْت عِتْقَ أَمَتِي صَدَاقَهَا صَحّ الْعِتْقُ وَالنّكَاحُ وَصَارَتْ زَوْجَتَهُ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى تَجْدِيدِ عَقْدٍ وَلَا وَلِيّ وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَكَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ .
    وَقَالَتْ طَائِفَةٌ هَذَا خَاصّ بِالنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُوَ مِمّا خَصّهُ اللّهُ بِهِ فِي النّكَاحِ دُونَ الْأَمَةِ وَهَذَا قَوْلُ الْأَئِمّةِ الثّلَاثَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ وَالصّحِيحُ الْقَوْلُ الْأَوّلُ لِأَنّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ حَتّى يَقُومَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ وَاَللّهُ سُبْحَانَهُ لَمّا خَصّهُ بِنِكَاحِ الْمَوْهُوبَةِ لَهُ قَالَ فِيهَا : خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [ الْأَحْزَابُ 50 ] وَلَمْ يَقُلْ هَذَا فِي الْمُعْتَقَةِ وَلَا قَالَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِيَقْطَعَ تَأَسّي الْأُمّةِ بِهِ فِي ذَلِكَ فَاَللّهُ سُبْحَانَهُ أَبَاحَ لَهُ نِكَاحَ امْرَأَةِ مَنْ تَبَنّاهُ لِئَلّا يَكُونَ عَلَى الْأُمّةِ حَرَجٌ فِي نِكَاحِ أَزْوَاجِ مَنْ تَبَنّوْهُ فَدَلّ عَلَى أَنّهُ إذَا نَكَحَ نِكَاحًا فَلِأُمّتِهِ التّأَسّي بِهِ فِيهِ مَا لَمْ يَأْتِ عَنْ اللّهِ وَرَسُولِهِ نصٌ بِالِاخْتِصَاصِ وَقَطْعِ التّأَسّي وَهَذَا ظَاهِرٌ .
    وَلِتَقْرِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَسْطِ الْحِجَاجِ فِيهَا - وَتَقْرِيرِ أَنّ جَوَازَ مِثْلِ هَذَا هُوَ مُقْتَضَى الْأُصُولِ وَالْقِيَاسِ - مَوْضِعٌ آخَرُ وَإِنّمَا نَبّهَنَا عَلَيْهِ تَنْبِيهًا .
    [ مَيْمُونَةُ ]
    ثُمّ تَزَوّجَ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ الْهِلَالِيّةَ وَهِيَ آخِرُ مَنْ تَزَوّجَ بِهَا تَزَوّجَهَا بِمَكّةَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ بَعْدَ أَنْ حَلّ مِنْهَا عَلَى الصّحِيحِ .
    وَقِيلَ قَبْلَ إحْلَالِهِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ وَوَهِمَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فَإِنّ السّفِيرَ بَيْنَهُمَا بِالنّكَاحِ أَعْلَمُ الْخَلْقِ بِالْقِصّةِ وَهُوَ أَبُو رَافِعٍ وَقَدْ أَخْبَرَ أَنّهُ تَزَوّجَهَا حَلَالًا وَقَالَ كُنْت أَنَا السّفِيرَ بَيْنَهُمَا وَابْنُ عَبّاسٍ إذْ ذَاكَ لَهُ نَحْوُ الْعَشْرِ سِنِينَ أَوْ فَوْقَهَا وَكَانَ غَائِبًا عَنْ الْقِصّةِ لَمْ يَحْضُرْهَا وَأَبُو رَافِعٍ رَجُلٌ بَالِغٌ وَعَلَى يَدِهِ دَارَتْ الْقِصّةُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهَا وَلَا يَخْفَى أَنّ مِثْلَ هَذَا التّرْجِيحِ مُوجِبٌ لِلتّقْدِيمِ <110> وَمَاتَتْ فِي أَيّامِ مُعَاوِيَةَ وَقَبْرُهَا بسَرِفَ .
    [ رَيْحَانَةُ ]
    قِيلَ وَمِنْ أَزْوَاجِهِ رَيْحَانَةُ بِنْتُ زَيْدٍ النّضَرِيّة . وَقِيلَ الْقُرَظِيّة سُبِيَتْ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَة َ فَكَانَتْ صَفِيّ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوّجَهَا ثُمّ طَلّقَهَا تَطْلِيقَةً ثُمّ رَاجَعَهَا .
    وَقَالَتْ طَائِفَةٌ بَلْ كَانَتْ أَمَتَهُ وَكَانَ يَطَؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ حَتّى تُوُفّيَ عَنْهَا فَهِيَ مَعْدُودَةٌ فِي السّرَارِيّ لَا فِي الزّوْجَاتِ وَالْقَوْلُ الْأَوّلُ اخْتِيَارُ الْوَاقِدِيّ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ شَرَفُ الدّينِ الدّمْيَاطِي ّ . وَقَالَ هُوَ الْأَثْبَتُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ . وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ فَإِنّ الْمَعْرُوفَ أَنّهَا مِنْ سَرَارِيّهِ وَإِمَائِهِ وَاَللّهُ أَعْلَمُ .
    فَهَؤُلَاءِ نِسَاؤُهُ الْمَعْرُوفَاتُ اللّاتِي دَخَلَ بِهِنّ وَأَمّا مَنْ خَطَبَهَا وَلَمْ يَتَزَوّجْهَا وَمَنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ وَلَمْ يَتَزَوّجْهَا فَنَحْوُ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُنّ ثَلَاثُونَ امْرَأَةً وَأَهْلُ الْعِلْمِ بِسِيرَتِهِ وَأَحْوَالِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا يَعْرِفُونَ هَذَا بَلْ يُنْكِرُونَهُ وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَهُمْ أَنّهُ بَعَثَ إلَى الجونية لِيَتَزَوّجَهَا فَدَخَلَ عَلَيْهَا لِيَخْطُبَهَا فَاسْتَعَاذَتْ مِنْهُ فَأَعَاذَهَا وَلَمْ يَتَزَوّجْهَا وَكَذَلِكَ الْكَلْبِيّةُ وَكَذَلِكَ الّتِي رَأَى بِكَشْحِهَا بَيَاضًا فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَاَلّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ فَزَوّجَهَا غَيْرَهُ عَلَى سُوَرٍ مِنْ الْقُرْآنِ هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ وَاَللّهُ أَعْلَمُ .
    وَلَا خِلَافَ أَنّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تُوُفّيَ عَنْ تِسْعٍ وَكَانَ يُقَسّمُ مِنْهُنّ لِثَمَانٍ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَزَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ وَأُمّ سَلَمَةَ وَصَفِيّةُ وَأُمّ حَبِيبَةَ وَمَيْمُونَةُ وَسَوْدَةُ وَجُوَيْرِيَة .
    وَأَوّلُ نِسَائِهِ لُحُوقًا بِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ سَنَةَ عِشْرِينَ وَآخِرُهُنّ مَوْتًا أُمّ سَلَمَةَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتّينَ فِي خِلَافَةِ يَزِيدَ وَاَللّهُ أَعْلَمُ .



  7. #37
    كـافخ لهـــا
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    قلـ وأهداب ـب
    المشاركات
    4,366

    رد: صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    فَصْلٌ فِي سَرَارِيّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ

    <111> قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ كَانَ لَهُ أَرْبَعٌ مَارِيَةُ وَهِيَ أُمّ وَلَدِهِ إبْرَاهِيمَ وَرَيْحَانَةُ وَجَارِيَةٌ أُخْرَى جَمِيلَةٌ أَصَابَهَا فِي بَعْضِ السّبْيِ وَجَارِيَةٌ وَهَبَتْهَا لَهُ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ .
    فَصْلٌ فِي مَوَالِيهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ

    فَمِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بْنِ شَرَاحِيلَ حِبّ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَعْتَقَهُ وَزَوّجَهُ مَوْلَاتَهُ أُمّ أَيْمَن َ فَوَلَدَتْ لَهُ أُسَامَةَ . وَمِنْهُمْ أَسْلَمُ وَأَبُو رَافِعٍ وَثَوْبَانُ وَأَبُو كَبْشَةَ سُلَيْمٌ وَشُقْرَانُ وَاسْمُهُ صَالِحٌ وَرَبَاحٌ نُوبِيّ وَيَسَارٌ نُوبِيّ أَيْضًا وَهُوَ قَتِيلُ الْعُرَنِيّينَ وَمِدْعَمٌ وَكِرْكِرَة نُوبِيّ أَيْضًا وَكَانَ عَلَى ثَقَلِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَكَانَ يُمْسِكُ رَاحِلَتَهُ عِنْدَ الْقِتَالِ يَوْمَ خَيْبَرَ .
    وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيّ أَنّهُ الّذِي غَلّ الشّمْلَةَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَقُتِلَ فَقَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنّهَا لَتَلْتَهِبُ عَلَيْهِ نَارًا وَفِي الْمُوَطّأِ أَنّ الّذِي غَلّهَا <112> مِدْعَمٌ وَكِلَاهُمَا قُتِلَ بِخَيْبَرِ وَاَللّهُ أَعْلَمُ . وَمِنْهُمْ أنْجَشَةُ الْحَادِي وَسَفِينَةُ بْنُ فَرّوخَ وَاسْمُهُ مِهْرَانُ وَسَمّاهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَفِينَةَ لِأَنّهُمْ كَانُوا يُحَمّلُونَهُ فِي السّفَرِ مَتَاعَهُمْ فَقَالَ : أَنْتَ سَفِينَةُ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ أَعْتَقَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَالَ غَيْرُهُ أَعْتَقَتْهُ أُمّ سَلَمَةَ .
    <113> وَمِنْهُمْ أَنَسَةُ وَيُكْنَى أَبَا مِشْرَحٍ وَأَفْلَحُ وَعُبَيْدٌ وَطَهْمَانُ وَهُوَ كَيْسَانُ وَذَكْوَانُ وَمِهْرَانُ وَمَرْوَانُ وَقِيلَ هَذَا خِلَافٌ فِي اسْمِ طَهْمَانَ وَاَللّهُ أَعْلَمُ . وَمِنْهُمْ حُنَيْنٌ وسندر وَفَضَالَةُ يَمَانِيّ ومأبور خَصِيّ وَوَاقِدٌ وَأَبُو وَاقِدٍ وقسام وَأَبُو عسيب وَأَبُو مُوَيْهِبَةَ . وَمِنْ النّسَاءِ سَلْمَى أُمّ رَافِعٍ وَمَيْمُونَةُ بِنْتُ سَعْدٍ وخضرة وَرَضْوَى وَرَزِينَةُ وَأُمّ ضُمَيْرَةَ وَمَيْمُونَةُ بِنْتُ أَبِي عسيب وَمَارِيَةُ وَرَيْحَانَةُ .
    فَصْلٌ فِي خُدّامِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ

    فَمِنْهُمْ أَنَسُ بْن مَالِكٍ وَكَانَ عَلَى حَوَائِجِهِ وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ مَسْعُودٍ صَاحِبُ نَعْلِهِ وَسِوَاكِهِ وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيّ صَاحِبُ بَغْلَتِهِ يَقُودُ بِهِ فِي الْأَسْفَارِ وَأَسْلَعُ بْنُ شَرِيكٍ وَكَانَ صَاحِبَ رَاحِلَتِهِ وَبِلَالُ بْنُ رَبَاحٍ الْمُؤَذّنُ وَسَعْدٌ مَوْلَيَا أَبِي بَكْرٍ الصّدّيق ِ وَأَبُو ذَرّ الْغِفَارِيّ وَأَيْمَنُ بْنُ عُبَيْدٍ وَأُمّهُ أُمّ أَيْمَنَ مَوْلَيَا النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَكَانَ أَيْمَنُ عَلَى مِطْهَرَتِهِ وَحَاجَتِهِ .


  8. #38
    كـافخ لهـــا
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    قلـ وأهداب ـب
    المشاركات
    4,366

    رد: صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    فَصْلٌ فِي كُتّابِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ

    أَبُو بَكْر وَعُمَرُ وَعُثْمَان ُ وَعَلِي ّ وَالزّبَيْر ُ وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَأُبَيّ بْنُ كَعْبٍ وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ الْأَرْقَمِ وَثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمّاسٍ وَحَنْظَلَةُ بْنُ الرّبِيعِ الْأُسَيْدِيّ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ . وَقِيلَ إنّهُ أَوّلُ مَنْ كَتَبَ لَهُ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَكَانَ أَلْزَمَهُمْ لِهَذَا الشّأْنِ وَأَخَصّهُمْ بِهِ . <114>


  9. #39
    كـافخ لهـــا
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    قلـ وأهداب ـب
    المشاركات
    4,366

    رد: صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    فَصْلٌ فِي كُتُبِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الّتِي كَتَبَهَا إلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي الشّرَائِعِ

    فَمِنْهَا كِتَابُهُ فِي الصّدَقَاتِ الّذِي كَانَ عِنْدَ أَبِي بَكْر ٍ وَكَتَبَهُ أَبُو بَكْرٍ لِأَنَسِ بْنِ مَالِك ٍ لَمّا وَجّهَهُ إلَى الْبَحْرَيْنِ وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْجُمْهُورِ . وَمِنْهَا كِتَابُهُ إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ وَهُوَ الْكِتَابُ الّذِي رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِه ِ وَالنّسَائِيّ وَغَيْرُهُمَا <115> مُسْنَدًا مُتّصِلًا وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ مُرْسَلًا وَهُوَ كِتَابٌ عَظِيمٌ فِيهِ أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ مِنْ الْفِقْهِ فِي الزّكَاةِ وَالدّيَاتِ وَالْأَحْكَامِ وَذِكْرِ الْكَبَائِرِ وَالطّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَأَحْكَامِ الصّلَاةِ فِي الثّوْبِ الْوَاحِدِ وَالِاحْتِبَاءِ فِيهِ وَمَسّ الْمُصْحَفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .
    قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : لَا شَكّ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَتَبَهُ وَاحْتَجّ الْفُقَهَاءُ كُلّهُمْ بِمَا فِيهِ مِنْ مَقَادِيرِ الدّيَاتِ . <116> وَمِنْهَا كِتَابُهُ إلَى بَنِي زُهَيْرٍ . وَمِنْهَا كِتَابُهُ الّذِي كَانَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ فِي نُصُبِ الزّكَاةِ وَغَيْرِهَا .


  10. #40
    كـافخ لهـــا
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    قلـ وأهداب ـب
    المشاركات
    4,366

    رد: صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    فَصْلٌ فِي كُتُبِهِ وَرُسُلِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى الْمُلُوكِ

    لَمّا رَجَعَ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ كَتَبَ إلَى مُلُوكِ الْأَرْضِ وَأَرْسَلَ إلَيْهِمْ رُسُلَهُ فَكَتَبَ إلَى مَلِكِ الرّومِ فَقِيلَ لَهُ إنّهُمْ لَا يَقْرَءُونَ كِتَابًا إلّا إذَا كَانَ مَخْتُومًا فَاِتّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضّةٍ وَنَقَشَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ مُحَمّدٌ سَطْرٌ وَرَسُولُ سَطْرٌ وَاَللّهِ سَطْرٌ وَخَتَمَ بِهِ الْكُتُبَ إلَى الْمُلُوكِ وَبَعَثَ سِتّةَ نَفَرٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فِي الْمُحَرّمِ سَنَةَ سَبْعٍ .
    [ الْكِتَابُ إلَى النّجَاشِيّ ]
    فَأَوّلُهُمْ عَمْرُو بْنُ أُمَيّةَ الضّمْرِيّ بَعَثَهُ إلَى النّجَاشِيّ وَاسْمُهُ أَصْحَمَةُ بْنُ أَبْجَر َ وَتَفْسِيرُ أَصْحَمَةَ بِالْعَرَبِيّةِ عَطِيّةٌ فَعَظّمَ كِتَابَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثُمّ أَسْلَمَ وَشَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقّ وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ النّاسِ بِالْإِنْجِيلِ وَصَلّى عَلَيْهِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَوْمَ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ بِالْحَبَشَةِ هَكَذَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الِوَاقِدِيّ وَغَيْرُهُ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ هَؤُلَاءِ فَإِنّ أَصْحَمَةَ النّجَاشِيّ الّذِي صَلّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَيْسَ هُوَ الّذِي كَتَبَ إلَيْهِ هَذَا الثّانِي لَا يُعْرَفُ إسْلَامُهُ بِخِلَافِ الْأَوّلِ فَإِنّهُ مَاتَ مُسْلِمًا .
    وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِه ِ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَتَبَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى <117> كِسْرَى وَإِلَى قَيْصَر َ وَإِلَى النّجَاشِيّ وَإِلَى كُلّ جَبّارٍ يَدْعُوهُمْ إلَى اللّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ بِالنّجَاشِيّ الّذِي صَلّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَالَ أَبُو مُحَمّدِ بْنُ حَزْمٍ : إنّ هَذَا النّجَاشِيّ الّذِي بَعَثَ إلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَمْرَو بْنَ أُمَيّةَ الضّمْرِيّ لَمْ يُسْلِمْ وَالْأَوّلُ هُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ سَعْدٍ وَغَيْرِهِ وَالظّاهِرُ قَوْلُ ابْنِ حَزْمٍ .
    [ الْكِتَابُ إلَى هِرَقْلَ ]
    وَبَعَثَ دِحْيَةَ بْنَ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيّ إلَى قَيْصَرَ مَلِكِ الرّومِ وَاسْمُهُ هِرَقْلُ وَهَمّ بِالْإِسْلَامِ وَكَادَ وَلَمْ يَفْعَلْ وَقِيلَ بَلْ أَسْلَمَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ .
    وَقَدْ رَوَى أَبُو حَاتِمِ بْن حِبّانَ فِي صَحِيحِه ِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ : مَنْ يَنْطَلِقُ بِصَحِيفَتِي هَذِهِ إلَى قَيْصَرَ وَلَهُ الْجَنّةُ ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ : وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ ؟ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَقْبَل فَوَافَقَ قَيْصَرَ وَهُوَ يَأْتِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ قَدْ جُعِلَ عَلَيْهِ بِسَاطٌ لَا يَمْشِي عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَرَمَى بِالْكِتَابِ عَلَى الْبِسَاطِ وَتَنَحّى فَلَمّا انْتَهَى قَيْصَرُ إلَى الْكِتَابِ أَخَذَهُ فَنَادَى قَيْصَرُ مَنْ صَاحِبُ الْكِتَابِ ؟ فَهُوَ آمِنٌ فَجَاءَ الرّجُلُ فَقَالَ أَنَا . قَالَ فَإِذَا قَدِمْتَ فَأْتِنِي فَلَمّا قَدِمَ أَتَاهُ فَأَمَرَ قَيْصَرُ بِأَبْوَابِ قَصْرِهِ فَغُلّقَتْ ثُمّ أَمَرَ مُنَادِيًا يُنَادِي : أَلَا إنّ قَيْصَرَ قَدْ اتّبَعَ مُحَمّدًا وَتَرَكَ النّصْرَانِيّةَ فَأَقْبَلَ جُنْدُهُ وَقَدْ تَسَلّحُوا حَتّى أَطَافُوا بِهِ فَقَالَ لِرَسُولِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ تَرَى أَنّي خَائِفٌ عَلَى مَمْلَكَتِي ثُمّ أَمَرَ مُنَادِيَهُ فَنَادَى : أَلَا إنّ قَيْصَرَ قَدْ رَضِيَ عَنْكُمْ وَإِنّمَا اخْتَبَرَكُمْ لِيَنْظُرَ كَيْفَ صَبْرُكُمْ عَلَى دِينِكُمْ فَارْجِعُوا فَانْصَرِفُوا وَكَتَبَ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنّي مُسْلِمٌ وَبَعَثَ إلَيْهِ بِدَنَانِيرَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ : كَذَبَ عَدُوّ اللّهِ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ وَهُوَ عَلَى النّصْرَانِيّةِ وَقَسّمَ الدّنَانِير .
    [ الْكِتَابُ إلَى كِسْرَى ]
    وَبَعَثَ عَبْدَ اللّهِ بْنَ حُذَافَةَ السّهْمِيّ إلَى كِسْرَى وَاسْمُهُ أَبْرَوِيزُ بْنُ هُرْمُزَ بْنِ <118> أَنُوشِرْوَانَ فَمَزّقَ كِتَابَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ : اللّهُمّ مَزّقْ مُلْكَه فَمَزّقَ اللّهُ مُلْكَهُ وَمُلْكَ قَوْمِهِ .
    [ الْكِتَابُ إلَى الْمُقَوْقِسِ ]
    وَبَعَثَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ إلَى الْمُقَوْقِسِ وَاسْمُهُ جُرَيْجُ بْنُ مِينَاءَ مَلِكُ الإسكندرية عَظِيمُ الْقِبْطِ فَقَالَ خَيْرًا وَقَارَبَ الْأَمْرَ وَلَمْ يُسْلِمْ وَأَهْدَى لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَارِيَةَ وَأُخْتَيْهَا سِيرِينَ وَقَيْسَرَى فَتَسَرّى مَارِيَةَ وَوَهَبَ سِيرِينَ لِحَسّانِ بْنِ ثَابِت ٍ وَأَهْدَى لَهُ جَارِيَةً أُخْرَى وَأَلْفَ مِثْقَالٍ ذَهَبًا وَعِشْرِينَ ثَوْبًا مِنْ قَبَاطِيّ مِصْرَ وَبَغْلَةً شَهْبَاءَ وَهِيَ دُلْدُلُ وَحِمَارًا أَشْهَبَ وَهُوَ عُفَيْرٌ وَغُلَامًا خَصِيّا يُقَالُ لَهُ مأبور . وَقِيلَ هُوَ ابْنُ عَمّ مَارِيَةَ وَفَرَسًا وَهُوَ اللّزَازُ وَقَدَحًا مِنْ زُجَاجٍ وَعَسَلًا فَقَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ : ضَنّ الْخَبِيثُ بِمُلْكِهِ وَلَا بَقَاءَ لِمُلْكِهِ
    [ الْكِتَابُ إلَى مَلِكِ الْبَلْقَاءِ ]
    بَعَثَ شُجَاعَ بْنَ وَهْبٍ الْأَسَدِيّ إلَى الْحَارِثِ بْنِ أَبِي شَمِرَ الْغَسّانِيّ مَلِكِ الْبَلْقَاءِ قَالَهُ ابْنُ إسْحَاقَ وَالْوَاقِدِيّ . قِيلَ إنّمَا تَوَجّهَ لِجَبَلَةَ بْنِ الْأَيْهَم ِ . وَقِيلَ تَوَجّهَ لَهُمَا مَعًا . وَقِيلَ تَوَجّهَ لِهِرَقْلَ مَعَ دِحْيَةَ بْنِ خَلِيفَةَ وَاَللّه أَعْلَمُ .
    <119> وَبَعَثَ سَلِيطَ بْنَ عَمْرٍو إلَى هَوْذَةَ بْنِ عَلِيّ الْحَنَفِيّ بِالْيَمَامَةِ فَأَكْرَمَهُ . وَقِيلَ بَعَثَهُ إلَى هَوْذَةَ وَإِلَى ثُمَامَةَ بْنِ أَثَالَ الْحَنَفِيّ فَلَمْ يُسْلِمْ هَوْذَةُ وَأَسْلَمَ ثُمَامَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهَؤُلَاءِ السّتّةُ قِيلَ هُمْ الّذِينَ بَعَثَهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ .
    [الْكِتَابُ إلَى عَامِلِي عُمَانَ ]
    وَبَعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ إلَى جَيْفَرٍ وَعَبْدِ اللّهِ ابْنَيْ الجُلَنْدَى الْأَزْدِيّيْنِ بِعُمَانَ فَأَسْلَمَا وَصَدَقَا وَخَلّيَا بَيْنَ عَمْرٍو وَبَيْنَ الصّدَقَةِ وَالْحُكْمِ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَلَمْ يَزَلْ فِيمَا بَيْنَهُمْ حَتّى بَلَغَتْهُ وَفَاةُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ .
    [الْكِتَابُ إلَى مَلِكِ الْبَحْرَيْنِ ]
    وَبَعَثَ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيّ إلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى الْعَبْدِيّ مَلِكِ الْبَحْرَيْنِ قَبْلَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ الْجِعْرَانَةِ وَقِيلَ قَبْلَ الْفَتْحِ فَأَسْلَمَ وَصَدَقَ .
    [الْكِتَابُ إلَى الْيَمَنِ ]
    وَبَعَثَ الْمُهَاجِرَ بْنَ أَبِي أُمَيّةَ الْمَخْزُومِيّ إلَى الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ الْحِمْيَرِيّ بِالْيَمَنِ فَقَالَ سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِي .
    [ بُعُوثٌ أُخْرَى ]
    وَبَعَثَ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِي ّ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إلَى الْيَمَنِ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنْ تَبُوكَ .
    وَقِيلَ بَلْ سَنَةَ عَشْرٍ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوّلِ دَاعِيَيْنِ إلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ عَامّةُ أَهْلِهَا طَوْعًا مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ . ثُمّ بَعَثَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلِيّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ إلَيْهِمْ وَوَافَاهُ بِمَكّةَ فِي حَجّةِ الْوَدَاعِ . وَبَعَثَ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ الْبَجَلِيّ إلَى ذِي الْكَلَاعِ الْحِمْيَرِيّ وَذِي عَمْرٍو يَدْعُوهُمَا إلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَا وَتُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَجَرِيرٌ عِنْدَهُمْ .
    <120> وَبَعَثَ عَمْرَو بْنَ أُمَيّةَ الضّمْرِيّ إلَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذّابِ بِكِتَابٍ وَكَتَبَ إلَيْهِ بِكِتَابٍ آخَرَ مَعَ السّائِبِ بْنِ الْعَوّامِ أَخِي الزّبَيْرِ فَلَمْ يُسْلِمْ . وَبَعَثَ إلَى فَرْوَةَ بْنِ عَمْرٍو الْجُذَامِيّ يَدْعُوهُ إلَى الْإِسْلَامِ . وَقِيلَ لَمْ يَبْعَثْ إلَيْهِ وَكَانَ فَرْوَةُ عَامِلًا لِقَيْصَرَ بِمَعَانَ فَأَسْلَمَ وَكَتَبَ إلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِإِسْلَامِهِ وَبَعَثَ إلَيْهِ هَدِيّةً مَعَ مَسْعُودِ بْنِ سَعْدٍ وَهِيَ بَغْلَةٌ شَهْبَاءُ يُقَالُ لَهَا : فِضّةُ وَفَرَسٌ يُقَالُ لَهَا : الظّرِبُ وَحِمَارٌ يُقَالُ لَهُ يَعْفُورُ كَذَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ وَالظّاهِرُ - وَاَللّه أَعْلَمُ - أَنّ عُفَيْرًا وَيَعْفُورَ وَاحِدٌ عُفَيْرٌ تَصْغِيرُ يَعْفُورَ تَصْغِيرَ التّرْخِيمِ . وَبَعَثَ أَثْوَابًا وَقَبَاءً مِنْ سُنْدُسٍ مُخَوّصٍ بِالذّهَبِ فَقَبِلَ هَدِيّتَهُ وَوَهَبَ لِمَسْعُودِ بْنِ سَعْدٍ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيّةً وَنِشًا . وَبَعَثَ عَيّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيّ بِكِتَابٍ إلَى الْحَارِثِ وَمَسْرُوحٍ وَنُعَيْمٍ بَنِي عَبْدِ كُلَالٍ مِنْ حِمْيَرَ .


  11. #41
    كـافخ لهـــا
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    قلـ وأهداب ـب
    المشاركات
    4,366

    رد: صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    فَصْلٌ فِي مُؤَذّنِيهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ

    وَكَانُوا أَرْبَعَةً اثْنَانِ بِالْمَدِينَةِ بِلَالُ بْنُ رَبَاح ٍ وَهُوَ أَوّلُ مَنْ أَذّنَ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَعَمْرُو بْنُ أُمّ مَكْتُومٍ الْقُرَشِيّ الْعَامِرِيّ الْأَعْمَى وَبِقُبَاءٍ سَعْدُ الْقَرَظِ مَوْلَى عَمّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَبِمَكّةَ أَبُو مَحْذُورَةَ وَاسْمُهُ أَوْسُ بْنُ مُغِيرَةَ الْجُمَحِي ّ وَكَانَ أَبُو مَحْذُورَةَ مِنْهُمْ يُرَجّعُ الْأَذَانَ وَيُثَنّي الْإِقَامَةَ وَبِلَالٌ لَا يُرَجّعُ وَيُفْرِدُ <121> الْإِقَامَةَ فَأَخَذَ الشّافِعِيّ رَحِمَهُ اللّهُ وَأَهْلُ مَكّةَ بِأَذَانِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَإِقَامَةِ بِلَالٍ وَأَخَذَ أَبُو حَنِيفَة َ رَحِمَهُ اللّهُ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ بِأَذَانِ بِلَالٍ وَإِقَامَةِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَأَخَذَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللّهُ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ بِأَذَانِ بِلَالٍ وَإِقَامَتِهِ وَخَالَفَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللّهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ إعَادَةِ التّكْبِيرِ وَتَثْنِيَةِ لَفْظِ الْإِقَامَةِ فَإِنّهُ لَا يُكَرّرُهَا .


  12. #42
    كـافخ لهـــا
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    قلـ وأهداب ـب
    المشاركات
    4,366

    رد: صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    فَصْلٌ فِي أُمَرَائِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ

    مِنْهُمْ بَاذَانُ بْنُ سَاسَانَ مِنْ وَلَدِ بَهْرَامَ جُوّرَ أَمّرَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى أَهْلِ الْيَمَنِ كُلّهَا بَعْدَ مَوْتِ كِسْرَى فَهُوَ أَوّلُ أَمِيرٍ فِي الْإِسْلَامِ عَلَى الْيَمَنِ وَأَوّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ مُلُوكِ الْعَجَمِ .
    ثُمّ أَمّرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَعْدَ مَوْتِ بَاذَانَ ابْنَهُ شَهْرَ بْنَ بَاذَانَ عَلَى صَنْعَاءَ وَأَعْمَالِهَا .
    ثُمّ قُتِلَ شَهْرٌ فَأَمّرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى صَنْعَاءَ خَالِدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ .
    وَوَلّى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْمُهَاجِرَ بْنَ أَبِي أُمَيّة الْمَخْزُومِيّ كِنْدَةَ وَالصّدِفَ فَتُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَلَمْ يَسِرْ إلَيْهَا فَبَعَثَهُ أَبُو بَكْر ٍ إلَى قِتَالِ أُنَاسٍ مِنْ الْمُرْتَدّينَ .
    <122> وَوَلّى زِيَادَ بْنَ أُمَيّةَ الْأَنْصَارِيّ حَضْرَمَوْتَ . وَوَلّى أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ زَبِيدَ وَعَدَنَ وَالسّاحِلَ . وَوَلّى مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ الْجَنْدَ . وَوَلّى أَبَا سُفْيَانَ صَخْرَ بْنَ حَرْبٍ نَجْرَانَ . وَوَلّى ابْنَهُ يَزِيدَ تَيْمَاءَ . وَوَلّى عَتّابَ بْنَ أَسِيدً مَكّةَ وَإِقَامَةَ الْمَوْسِمِ بِالْحَجّ بِالْمُسْلِمِينَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَلَهُ دُونَ الْعِشْرِينَ سَنَةً . وَوَلّى عَلِيّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ الْأَخْمَاسَ بِالْيَمَنِ وَالْقَضَاءَ بِهَا . وَوَلّى عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عُمَانَ وَأَعْمَالَهَا . وَوَلّى الصّدَقَاتِ جَمَاعَةً كَثِيرَةً لِأَنّهُ كَانَ لِكُلّ قَبِيلَةٍ وَالٍ يَقْبِضُ صَدَقَاتِهَا فَمِنْ هُنَا كَثُرَ عُمّالُ الصّدَقَاتِ .
    وَوَلّى أَبَا بَكْرٍ إقَامَةَ الْحَجّ سَنَةَ تِسْعٍ وَبَعَثَ فِي إثْرِهِ عَلِيّا يَقْرَأُ عَلَى النّاسِ سُورَةَ ( بَرَاءَةَ فَقِيلَ لِأَنّ أَوّلَهَا نَزَلَ بَعْدَ خُرُوجِ أَبِي بَكْرٍ إلَى الْحَجّ . وَقِيلَ بَلْ لِأَنّ عَادَةَ الْعَرَبِ كَانَتْ أَنّهُ لَا يَحُلّ الْعُقُودَ وَيَعْقِدُهَا إلّا الْمُطَاعُ أَوْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ . وَقِيلَ أَرْدَفَهُ بِهِ عَوْنًا لَهُ وَمُسَاعِدًا . وَلِهَذَا قَالَ لَهُ الصّدّيقُ أَمِيرٌ أَوْ مَأْمُورٌ ؟ قَالَ بَلْ مَأْمُورٌ وَأَمّا أَعْدَاءُ اللّهِ الرّافِضَةُ فَيَقُولُونَ عَزَلَهُ بِعَلِيّ وَلَيْسَ هَذَا بِبَدْعٍ مِنْ بَهْتِهِمْ وَافْتِرَائِهِمْ .
    <123> وَاخْتَلَفَ النّاسُ هَلْ كَانَتْ هَذِهِ الْحَجّةُ قَدْ وَقَعَتْ فِي شَهْرِ ذِي الْحِجّةِ أَوْ كَانَتْ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ أَجْلِ النّسِيءِ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ وَاَللّهُ أَعْلَمُ .


  13. #43
    كـافخ لهـــا
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    قلـ وأهداب ـب
    المشاركات
    4,366

    رد: صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    فَصْلٌ فِي حَرَسِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ

    فَمِنْهُمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ حَرَسَهُ يَوْمَ بَدْر ٍ حِينَ نَامَ فِي الْعَرِيشِ وَمُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ حَرَسَهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَالزّبَيْرُ بْنُ الْعَوّامِ حَرَسَهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ .
    وَمِنْهُمْ عَبّادُ بْنُ بِشْرٍ وَهُوَ الّذِي كَانَ عَلَى حَرَسِهِ وَحَرَسَهُ جَمَاعَةٌ آخَرُونَ غَيْرُ هَؤُلَاءِ فَلَمّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ [ الْمَائِدَةَ 67 ] خَرَجَ عَلَى النّاسِ فَأَخْبَرَهُمْ بِهَا وَصَرَفَ الْحَرَسَ .


  14. #44
    كـافخ لهـــا
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    قلـ وأهداب ـب
    المشاركات
    4,366

    رد: صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    فَصْلٌ فِيمَنْ كَانَ يَضْرِبُ الْأَعْنَاقَ بَيْنَ يَدَيْهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ

    عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالزّبَيْرُ بْنُ الْعَوّامِ وَالْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو وَمُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَعَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ وَالضّحّاكُ بْنُ سُفْيَانَ الْكِلَابِيّ
    وَكَانَ قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ الْأَنْصَارِيّ مِنْهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشّرْطَةِ مِنْ الْأَمِيرِ وَوَقَفَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ عَلَى رَأْسِهِ بِالسّيْفِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ <124>


  15. #45
    كـافخ لهـــا
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    قلـ وأهداب ـب
    المشاركات
    4,366

    رد: صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    فَصْلٌ فِيمَنْ كَانَ عَلَى نَفَقَاتِهِ وَخَاتَمِهِ وَنَعْلِهِ وَسِوَاكِهِ وَمَنْ كَانَ يَأْذَنُ عَلَيْهِ

    كَانَ بِلَالٌ عَلَى نَفَقَاتِهِ وَمُعَيْقِيبُ بْنُ أَبِي فَاطِمَةَ الدّوْسِيّ عَلَى خَاتَمِهِ وَابْنُ مَسْعُودٍ عَلَى سِوَاكِهِ وَنَعْلِهِ وَأَذِنَ عَلَيْهِ رَبَاحٌ الْأَسْوَدُ وَأَنَسَةُ مَوْلَيَاهُ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ .


صفحة 3 من 11 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •