الأخوة الاعزآء..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

قبل أن نبحر في رحله شيقه مع الكاتب والشاعر ( فاروق جويدة ) ..
عن حال أصدقاء اليوم .. نقف قليلاََ .. مع أحد الشعراء .. وهو يصف ..
لنا حاله .. وهو يرى أن صداقة اليوم وقد اعتراها الزيف والكذب ..
وتعددت فيها الأقنعه وطغت عليها المصالح ..فالشاعر يرى أنه غريب ..
في هذا الزمان .. رغم تمسكه بمبادئه وصدقه ووفائه .. الا انه ..
يرى أن الحضارة وأن هذا الزمن قد غيّر الانسان في علاقاته مع الآخرين
فأنعدم الصدق والوفاء والاخلاص .. وفُـقدت الصداقة الحقيقية
فيعبّر الشاعر ( نادر العماني ) عن ذلك فيقول :

صديقي.. رغم تصديق الصداقه صار كذب وزيف
أجيك بوجهي الأول .. ما أجيك بوجهي الثاني
عشاني جيتك اكبر من حدود الكذب والتزييف
كتبت الذات في ذات الوضوح .. أبيك تقراني
أنا نذر البراءة مااحتواني غير صدق الريف
دريت أو ما دريت اللي على قلبي على لساني
معزيت المبادي وأثرني..عند المبادي ضيف
وشربت الصـدق من فنجالها الميمون وأكفاني
اذا صدقي تعدّه ضعف..أنا فعلاََ أكون اضعيف
عشانه .. ساس تكويني .. وفي اعماق وجداني
يخالجني شعورٍ .. ما تطوله قبضة التوصيف
أحس أني زمن.. وان الزمن.. قام ايتعداني
وأعرف ان الزمن قاسي وحدّه مثل حد السيف
لو ان السيف يشرب ما روى من دم الانساني
أخذت أبحث عن الراحة وأنا في ديرة التكليف
وصارت مثل عمري حين ازيد..ايزيد نقصاني
ألا يا رغبة التوبة..وألا يالعنة التسويف
أنا المجني عليه"بحربه أهدافه"وأنا الجاني
صديقي والوفا ثالث وأنا وأنت والشتا والصيف
أجيك بوجهي الأول .. وأصافح.. وجهك الثاني !!

ويقول شاعر آخر .. وهو يصف لنا حال صديق الرخاء فقط .. ويحذرنا
من بعض الأصناف .. خاصة من فقد الأخلاق والقيم .. فيقول :

أما رأيت أناسـاََ .. كيف تحسبهم __ في صـفوة العيش احباباََ واخوانا
ان يضحك الدهر قالوا أنت سيدنا __ وأظهروا الودّ.. تقديراََ وعرفانا
لكن.. اذا مالت الأيام أو عـبست __ كانوا عليك..مع الأيام..أعـوانا
يا كم رأيتُ صنوفاََ.. لست أحصرهم __ وسل خبيراََ بهم.. ان شئت برهانا

قد يألف المـرء من أمسى يشابهه __ والحـرُ .. لا يرتضي الجهال خلاّنا
تأبى الأسود.. طعاماََ سيئاََ عـفنا __ وتجذب الجيفة النكراء..غـربانا
ولا يؤاخي دنيئاََ قـط .. ذو شـيمٍ __ ولن يصادق ليث الغاب .. ثعبانا
كم في الرياض زهـوراََ ريحها عبقٌ __ والوحل .. يفرز أعطانا وديدانا
فان رأيت امرءََ شـهماََ .. له قيمٌ __ يرعى الجميل..فقد أبصرت انسانا


أما شاعرنا المبدع ( فاروق جويدة ) فسوف اترككم ..
تستمتعون بهذا الحوار الشيق .. حول هذا الموضوع ..

(( قالت : ما الذي يكشف معادن الأصدقاء ..؟
قـلت : أعرف صديقي في وقت محنتي .. أجده بجواري في ساعة حزني ..
أشعر بيده تمتد وتنتشلني من دوامة سقوطي .. حين تظلم الدنيا ..
وتغلق أبوابها أجده أمامي ممسكاََ بشمعة صغيرة يحاول أن يفتح أبواب
سجني المغلقه ..
الصداقة معدن نقي نختبر صلابته في ساعات الشدة .. قد تجد حولك ..
آلاف الأصدقاء اذا أقمت لهم حفلاََ .. ولكنك قد لا تجد شخصاََ واحداََ
منهم اذا واجهتك مشكلة ..
هناك أشخاص يعرفونك ويتقربون اليك ما دمت واقفاََ على قدميك ..
حتى اذا سقطت انفضوا من حولك .. أما الأصدقاء الأصدقاء فقد لا تراهم
في أوقات سعادتك .. ولكنك تجدهم حولك في ساعة محنتك ..

وأنا أحزن كثيراََ كلما ضاع مني صديق .. أشعر بأن خسارة المال تعوض
ولكن خسارة الناس لا تعوض .. قد تخسر مالاََ وتعوضه .. ولكن خسارة ..
الصديق لا تعوض ..

قالت : كيف أختبر أصدقائي ؟ انني أحياناََ أجد حولي مهرجاناََ ..
البشر والكل يدعي أنه صديق .. كيف أعرف من يخدعني ومن يحبني ؟

قـلت : ليست هناك وسائل محددة لكشف زيف الصداقات .. وخاصة ..
أن الأقنعه أصبحت كثيرة .. والأدوار متشابهة .. والناس يجيدون ..
التمثيل .. ولهذا فأنا أجلس عادة في الصف الأخير .. لكي أشاهد ..
المسرح .. والكل يؤدي دوره .. وأنتظر لكي أرى نهاية الرواية ..
وعادة أجد أن ما بقى بين يدي من الأصدقاء أقل مما تصورت .. وأنا ..
أحزن كثيراََ كلما خانني أو تخلى عني صديق ؛ فالصداقة مثل الحب ..
عمل اختياري .. لا أنا فرضت عليه صداقتي ولا هو أجبرني على أن أكون
صديقاََ له .. وليس في الصداقة اتفاق مسبق ولكن هناك اختيار ..
قد تحكمه الصدفه أو العقل .. ان الصداقة مثل الحب تقتحم أيامنا ..
وقد يخدعك صديق نصف عمرك وتكتشف أنه لم يكن أكثر من أكذوبه كبيرة
وأن لغة المصالح هي التي ربطت بينكما .. وعندما سقطت المصالح ..
سقط معها آخر أركان الصداقة ..

قالت : كيف أختار أصدقائي ..؟
قـلت : نحن نعيش الآن آخر الزمان .. ولهذا مطلوب منكِ أن تبحثي ..
بين عشرات الأكوام من الأوراق المالية المزيفة عن ورقة واحدة ..
صحيحة ..
مطلوب منك الا تحاولي أن تقطفي الزهرة الجميلة لأن وراء عطرها ..
ثعباناََ كبيراََ ..
مطلوب منكِ ألا تتركي خزائن أسرارك بين أيدي صديق قد يبيعك في أول
مزاد .. وقد يعرض أسرارك في أول " بوتيك" يلتقى فيه مع رفاق السوء
وما أكثر المذابح التي يتعرض لها الناس في جلسات الأصدقاء ..
يستباح العمر والسمعه والقيمة .. وفي كل ليلة ضحية جديدة تتسلل ..
في أعماقها الخناجر .. والكل يتحدث باسم الصداقة ..

الصداقة احساس عميق في داخلنا .. وليست مجرد أجندة تليفونات ..
تجمع مئات الأرقام وعشرات العناوين وآلاف المصالح .. قد لا تجد ..
في أجندة تليفونك اسماََ واحداََ تأتمنه على لحظة صدق أو سر من أسرارك

لا بد أن يكون الانسان حريصاََ في اختيار أصدقائه .. وخاصة في زماننا
الغريب الذي يبيع كل الأشياء .. ويمتهن كل المشاعر .. ويستبيح ..
كل القيم .. وليس معنى ذلك أن كل الصداقات سقطت .. وكل الأصدقاء ..
باعوا .. ولكن أعدادهم صارت قليلة .. فما أكثر الناس حولك ..
وما أقل الأصدقاء .. الأصدقاء ..
أشعر بوحدة شديدة كلما سقط مني صديق .. تزداد برودة الأيام ..
ويزداد صقيع العمر .. وتكسو تلال الجليد مساحة كبيرة في أعماقي ..
وكلما كفنت صديقاََ في قلبي تمنيت لو أعدت له الحياة .. لو وجدته ..
فجأة يستعيد نبضه وينهض واقفاََ .. أتمنى وأنا أوسده أيام عمري ..
أن أسمع كلمة عتاب .. أو رجاء .. أو تراجع ..
ما أكثر أصدقائي الذين واؤيتهم في أعماقي .. وأنا حزين ..
خسارة الصديق خسارة عمر .. والعمر لا يرجع أبداََ الوراء .......


..منتقآآآهـ لإرواحكم الطاهرة..