كثير ما يولد اللقاء بالناس خواطر في النفس وذلك لأن العقول تختلف, فهذا الذكي وذاك الغبي وهذا صاحب رسالة وذاك صاحب بدعة, وهذه هي الحياة تسير وفق منضومة وترية تهز وتضرب على وتره الحياة الحساس وفق سنن كونية .
سؤال تولد في ذهني:- ما هو مفهوم الحياة ؟؟
لماذا أنت تعيش ؟؟؟
لماذا تذهب وتأتي ؟؟
ولست أقصد هنا تعريف الحياة فالكل يعرف هذا والجميع في هذا المضمار سواء , فالكل يأكل ويشرب ليعيش , لكن أقصد هنا بماذا تميزت عن ال***** والنبات .
دعنا نتذكر جميعاً , إنه العقل وما أدراك العقل !!
لست هنا لأتكلم عن العقل وتركيبه وفوائده و أهميته من ناحية بيولوجية طبية , إنما شرعت في هذه الأسطر لأتكلم من ناحية شرعية سمت بالإنسان إلى أعلى المراتب بإعطائه العقل, ونفسية ترسم صورة واضحة للملاء من طريقة تعامله مع المجتمع .
مفهوم الحياة عند كثير من الناس أصبح يقتصر على قصراً كبيراً و سيارة فارهة ومكاتب وعقارات وسفر ورحلات وو..... ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . فهذا مثال صارخ عن انحطاط العقول وكونها أصبحت لا ترى من هذه الدنيا إلا الزخارف والكماليات , عشقوا الحياة لقصورها ولسيارتها ولأموالها...... فهذا والله هو الخسران المبين .
لا ننكر جمال الحياة وبهجتها وتلون أطرافها وجمال نسائها ولكن يجب أن نأخذ في الحسبان ما تمليه عليه عقولنا السليمة – إن استمرت إلى هذا الزمان – وفطرنا الإسلامية .
أخي :-
عمر الإنسان بين الستين والسبعين فيا من تقرأ هذا الموضوع , قف مع نفسك وقفات , وقل ماذا ذهب من عمري وماذا بقي ؟؟؟
وهذا على افتراض أنك أخذت نصيبك من العمر في هذه الدنيا كاملا فلم يفاجئك الموت بغتة .
يجب أن تسأل نفسك هذا السؤال اليوم وليس غدا فربما سبقك الأجل ليسألك السؤال ؟؟
فإلى متى الهموم في أمة محمد دنيوية صغيرة . فلا تكاد لها أن تلامس نوراً فكيف لها أن تضيء شمعة .
يجب علينا أن نكتب الكتب و ندون القصائد لاستصلاح مفهوم الحياة الذي غيره الزمان وحوله من محطة عبور أو شجرة يستظل بها الإنسان ثم يمضي ويتركها إلى ............ .
هذه دعوة لتكون سماوياً في فكرك ورقي حياتك فتمضي إلى ما أمرك الله به من توازن في طلب الدنيا وجعلها طريقاً إلى الآخرة .
وهذه نماذج قد جعلت من نفسها مدرسة للجميع لتخبرهم معنى الحياة الحقيقي .
قال النبي صلى الله عليه وسلم لا بن عمر رضي الله عنهما ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) رواه البخاري وزاد الترمذي ( وعد نفسك من أصحاب القبور).
الدنيا في أعين الصحابة لم تكن غاية، ولم تكن هدفًا، بل كانت وسيلة إلى إرضاء الله, كانت الدنيا بحق معبرًا إلى الآخرة، ومن ثَم كانت وسيلة إلى تنفيذ كل ما أمر الله به .فهاهم الصحابة قد جعلوا من أنفسهم مدارس في توازن الدنيا والآخرة فمنهم الغني الذي اشترى الجنة بماله ومنهم من ضحى بمهجته فداء لهذا الدين ,فلم تشغلهم الدنيا عن الآخرة ولم تلههم أموالهم وتجارتهم عن الآخرة , فهنيئاً لهم الدنيا والآخرة .
فأين منا من ضحى بفكره , بقلمه لينشر مفهوم الحياة الحقيقي الذي سوف نسود به العالم بإذن الله .
وقفة :-
وأكثر من أثر في داخلي ليثبت في قلبي معنى الحياة الحقيقي هو والدي رحمه الله فكم كان الحديث يأخذنا عن الدنيا وملذاتها وكيفية الابتعاد عنها وعدم الاغترار بها . فقد كان رحمه الله مع رقي منصبه ورفعة جاهه ابعد ما يكون عن الدنيا وكأنه يقول مالي وللدنيا , وهاهو اليوم قد اتخذ من القبر بيتاً وانتهت بذلك رحلته في هذه الحياة فرحمك الله رحمة واسعة وأدخلك فسيح الجنات فقد علمتني وأنت حياً وعلمتني وأنت ميتاً أشياء وأشياء في فن التعامل مع الآخرين وكيفية كسبهم وملك قلوبهم وهذه هي الحياة الحقيقية أن تجعل لك بعد الموت ذكراً وتجعل لك رصيداً من الحسنات لا يتوقف فهنئاً ثم هنياً فليتني أحظى بما حظيت .
خاتمة :-
نريد أن يكون فكرنا دعوياً وخصوصاً إلى الإسلام فالناس في أمس الحاجة إلى هذا النور .
وهذه ليست دعوة للتخلي عن الدنيا ولكنها دعوة في التوازن, فكما أنه لا يرضيك أن تشعر بالنقص في الدنيا فكن ممن لايرضى من الجنة الا بالفردوس الأعلى .
الأسباب لكيفية الوصول لهذه المعاني السامية
1ـ النظر في الدنيا وسرعة زوالهاوفنائها ونقصها وخستها وما في المزاحمة عليها من الغصص والنغصوالأنكاد.
2ـ النظر في الآخرة وإقبالهاومجيئها ودوامها وبقائها وشرف ما فيها من الخيرات.
3ـ الإكثار من ذكر الموت والدارالآخرة.
4ـ تشييع الجنائز والتفكر فيمصارع الآباء والإخوان وأنهم لم يأخذوا في قبورهم شيئا من الدنيا ولم يستفيدوا غيرالعمل الصالح.
5ـ التفرغ للآخرة والإقبال علىطاعة الله وإعمار الأوقات بالذكر وتلاوة القرآن.
6ـ إيثار المصالح الدينية علىالمصالح الدنيوية.
7ـ البذل والإنفاق وكثرةالصدقات.
8ـ ترك مجالس أهل الدنياوالاشتغال بمجالس الآخرة.
9ـ الإقلال من الطعام والشرابوالنوم والضحك والمزاح.
10ـ مطالعة أخبار الزاهدين وبخاصةسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.