شرفة مغلقة
حين استيقظ لم يشأ أن يفتح عينيه لتبقى أحلامه دافئة و ربما معطرة بالهواء الليلي لبادية غادرها بقي مستلقياً ليترك وهدة صغيرة على سريره ترسم جسده الذي لم ينم كسابق أيامه ، الفراش جديد و غطاؤه الزهري ناعم كراحتي طفل رضيع ، انتظر صياح الديك في بيت الجيران ,الوقت مبكر,ولهاث الفجر القادم ما زال خافتاً وبطيئاً,حماره الذي نسيه مربوطاً خارج السياج لم ينهق ليذكره بوحدته .عاد النوم إلى قلبه مرة أخرى إلا أن جرس المرياع الذي تململ أيقظه ، لكن ما أثار دهشته سرعة دقاته و انتظامها و ضجيج لسيارات كان يسمع أصداءها عبر التلال و هي قادمة لنقل الماء أو و هي بعيدة لا ترى .
نهض مذعوراً مرتبكاً ، مد يده إلى حافة الفراش فاستقبلها الفراغ و عادت مليئة بالهواء لتبحث عن خنجره الذي قضى عمره وهو ينقله بين حزامه في النهار و تحت وسادته في الليل يشحذه بعناية و يجربه بجذع شجرة أو كومة تراب قفز من فوق السرير باتجاهٍ ما.
فوجئ بالستائر الشفيفة المنسدلة برخاوة ودلال على النوافذ التي تلوح له بمناديل الليل الأخيرة ؛فوجئ بالأبواب التي يخترق زجاجها الضوء الناعس للممر,وبالمرآة التي شاهد فيها رجلاً آخر بوجه جديد,وبدلة نوم سكرية,وضع يده في جيبيها ,نظر إليها متفحصاً,ابتسم قليلاً وخجل من مظهره الذي ستضحك منه زوجته حين تأتي .تذكر ذلك الطفل وهو يستكشف الشعاب العميقة في غفلة أهله,فتش في المطبخ عن الموقد وأكوام الحطب ليغلي القهوة ,إلا أن بريق الجدران رده إلى النافذة ليفتحها ,ويُدخل الشمس إلى قصرها ,لكن البناء المقابل كان أكثر شموخا ًوعلواً من نافذته,فاحتضنته وألقت بظلها على يأسه الطازج .