بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انقل لكم هذا المقال الذي قرأته وتمنيت ان تشاركوني تقييم ما ورد فيه ...
--------------------------------------------------------------------------
إلى متى تبقى السعودية مناهضة للسينما وأهلها؟!
د. رضا عبد السلام علي
[mark=#FFFF66]تنويه: الرجاء قراءة المقال كاملا.ً[/mark]
[mark=#FFFF66]
[/mark]
العالم والدنيا بأثرها تتغيرولم تتغير السعودية، فلا تزال تعيش الماضي، في وقت يتلهف فيه السعوديون، خاصةالنساء والأطفال، لقدوم الصيف للسفر للخارج، لدخول السينمات في الدول العربيةوالغربية والشرقية، فلما لا تعترف المملكة بالواقع، وتفتح المجال لدور السينماوالسينمائيين، وكل إنسان حر في تصرفه. كما أن السينما لم تعد مجرد وسيلة تسلية بقدرما هي الآن صناعة، تدر عائداً يفوق عشرات المشروعات الصناعية، مثل تلك القائمة فيالجبيل وينبع؟! فبعض أفلام هوليود تصل عائداتها إلى المليار دولار في العام!
كل هذه التساؤلات أثارتها مؤخراً قناة عالمية تبث برامجهابالعربية (وهي القناة التي رفضت بث إعلان دعم لشعبنا في غزة خلال العدوان الأخير). فقد فتحت حواراً دار حول عنوان المقال، وتبارى المشاركون بين رافض ومعارض للفكرة،بل وللأسف الشديد شهدنا من بين المنددين بوضع المملكة، بعض المنتسبين إلى بلادالحرمين الشريفين!! ممن أعماهم المال والثراء، وأنساهم أنفسهم وقيمهم وأبسط أموردينهم، فاللهم اكفنا شر فتنة المال.
صعب على الفاسدين والمفسدين، أن يروا بقعة واحدة طاهرة نظيفة علىهذا الكوكب، أرض خالية من دنس ورجس بقايا ومصاصة المجتمعات، المسمون بأهل الفنوالسينما، خاصة إذا كانت البقعة التي نتحدث عنها هي أطهر أرض الله قاطبة (بلادالحرمين الشريفين)، تلك البلاد التي تهفوا إليها النفوس في مشارق الأرض ومغاربها،وتدمع العيون لمجرد ذكر اسمها، فالمطلوب الآن أن يدنسها المفسدون والماجنون فيالأرض، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
إن التجربة العالمية وعلى مدى القرن المنقضي، تؤكد بما لا يدعمجالاً للشك - وأقولها بثقة تامة وبمسئولية أمام الله - على أن الفن وتحديداًالسينما، لعبت دوراً حاسماً في جر المجتمعات نحو الانهيارات الأخلاقية والقيمية بلوالاقتصادية. وتسعفني هنا مقدمة العلامة العربي المسلم "ابن خلدون" والتي أكد فيهاعلى أن المجتمعات تمر في تطورها بمراحل تشبه حياة الإنسان، حيث تدخل الأمم في مرحلةالشيخوخة والانهيار عندما تنهار فيها منظومة القيم والأخلاق، ويحتل أسافل وأراذلالمجتمع قمة الهرم الاجتماعي، في حين يحل العلماء والمجدين في قاع ذلك الهرم، فيهذه المرحلة، على الأمم أن تعلن عن انتهاء رحلتها.
أليس هذا هو الواقع المعاش في مختلف دول العالم؟ هل يستطيع عاقلأو منصف أن يفسر كيف يحصل ماجن أو ماجنة على مئات الملايين من الدولارات نظيرتمثيله لمدة لا تتعدى ساعة أو ساعتين، في حين لا يستطيع العالم في معمله (وليسالعالِمة) توفير حاجاته وحاجات أسرته الأساسية؟ هل في هذا عقل أو منطق. هل يستطيعإنسان محترم يحترم نفسه إنكار حقيقة أن الهرم الاجتماعي مقلوب؟ أترك ألإجابة إلىضمير كل منصف.
أتذكر أن محكمة النقض المصرية وأنا دارس للقانون - وحتى عام 1931م - كانت تحظر دخول المشخصاتية (الممثلين) إلى قاعات المحاكم! ومن يبحث عن الحقيقةعليه التأكد من ذلك... الآن وفي وقتنا الراهن، يستطيع الماجن أو الماجنة أن تحل كلالعُقَد بمجرد مكالمة هاتفيه أو توقيع على أوتوجراف، فبأيديهم مفاتيح الجنة، بلوالتعيين في مؤسسات لم يكنوا ليجرؤوا على تخطي عتبتها يوماً ما، ولما لا فهم مقربونمن علية القوم ورجال السلطة (بضم السين وليس فتحها). ما هذا الانهيار؟ ما هذاالانحطاط؟ ثم تأتي هذه القناة المسمومة وتطالب السعودية بفتح الباب لرموز الفسادوالانحطاط، ليفسدوا البلاد والعباد، ويدمروا الحرث والنسل، حيث ثبت لهم عدم كفايةالفضائيات وشبكات الإنترنت.
شاهدت منذ فترة لقاءً مع أحد علماء مصر، الذي كان يتحدث في إحدىالفضائيات وبحسرة شديدة على ما آل إليه حال شعوبنا وفلذات أكبادنا، وخاصة الشبابمنهم، فقد كان عائداً من الخارج من حفل أقيم تكريماً له عن بحث علمي، وعند نزولهبمطار القاهرة، رأى – وعلى غير العادة - الآلاف في صالة الانتظار، وإذا بالجماهيرتنطلق نحوه، عندها شعر بسعادة بالغة، لأنه أخيراً بات يحظى باعتراف بلده كعالم،ولهذا أتى الآلاف لتحيته، وفجأة رأي الجميع كادوا أن يدوسوه بالأقدام، إذ كان يدخلخلفه أحد ممثلي السينما الهندية؟! قال هذا العالم، وقفت أنظر بحسرة، ليس على نفسي،لأنني أعرف ويعرف أهل العلم قدري، ولكن حسرتي على أمتي التي باتت تجد قدوتها ليس فيالعالم والمفكر ورجل الدين المفوه، وإنما في لاعب الكره والممثل والراقصة والغانية،فأنى لتلك الأمة أن تتقدم!!
يا أحبائي، أتساءل: ماذا أضافت السينما للإنسانية؟ لا أنكر أنهناك بعض الأفلام الجيدة والهادفة، ولكن كم تمثل تلك القلة القليلة من الأفلام منبين ملايين الأفلام التي هدمت المجتمعات هدماً؟ فالفجور والسفور والانحلال الأخلاقيوالشذوذ والجريمة بكل صورها لم تغذيها إلا السينما وأهلها، ولا يستطيع منصف أو عاقلإنكار هذه الحقيقة. هم أهل فساد وإفساد...ولما لا، وماذا ننتظر من فاشل، يتباهىبأنه خلال فترة الجامعة (العلم) لم يكن جل اهتمامه بالتعليم بل بالمسرح والتمثيل!! يتباهى بفشله ويقدم المثل والقدوة للشباب!! وأنا كأستاذ جامعى أصبحت أواجه صعوباتكبيرة في القيام بدوري، لأن الطرف الآخر من المعادلة (الطالب) لم يعد ذلك الذي كانيجلس في مدرجات الجامعة خلال النصف الأول من القرن العشرين، بل بات مسخاً خاوياًفاقد الملامح، لا يعنيه التعليم ولا أهل التعليم، فأمامه الفنان والمطرب والممثلوالراقصة التي تحقق في دقائق ما لا يستطيع ذلك الأستاذ – الممل بعلمه - ولا أسلافهتحقيقه في عقود...هذا هو الحال، هل تريدون لبلاد الحرمين هذا المصير؟
أرجو من كل منصف وعاقل أن يذهب ويقوم بجولة على دور السينمات فيبلادنا العربية سيجد أن جل مرتاديها (أكثر من 98%) هم من المراهقين والمراهقات، ممنلا يتجاوزون السابعة عشر، حيث تركوا مدارسهم وجامعاتهم للهو والانحلال...أعتقد أنالصورة واضحة لكل ذي بصيرة ولكل راعيٍ بالفعل مسئول عن رعيته...فأنت يا من تدافع عنوجوب سماح بلاد الحرمين بفتح دور للمجون (وكما يقولون مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة) وإذا كنت مسئولاً عن نفسك، فمصيبتك في شخصك عظيمة، أما إذا كنت رب أسرة فمصيبتكأعظم!! لقد أنساك الترف والنعيم الزائل الكثير من الفضائل والقيم، فأفق من هذاالكابوس، وعد إلى الله وتذكر أن نعيم الدنيا لا محالة زائل، فدينك لا يمنعك منالاستمتاع والمرح والسعادة، ولكن في حدود ما لا يغضب الله أو يفسد المجتمعات.
وبصفتي مسلم غير سعودي أنظر إلى هذه البلاد من مكان بعيد، لا يمكنأن أتخيل أن يجتمع محمد بن عبد الله والسينما وأهلها في مكان واحد!! ولهذا فإنالإجابة على السؤال الذي عنونا به المقال هي...لا...ليس الآن، ولا غداً، ولكن إلىأن يرث الله الأرض ومن عليها.