موقف العلماء والأمة مما يحدث لأهل سوريا() فتوى للشيخ صادق بن محمد البيضاني

يقول السائل للشيخ صادق البيضاني : شيخنا الفاضل،هنا سائل يقول : بعدما تدخلت إيران "وحزب الشيطان" ما هو رأي العلماء في ذلك، وعندما سكت الكثيرون عن إخواننا في سوريا فهل نحن –بالمثل- نخذل إخوتنا أيضًا، وما هو السبيل الذي نسلكه، وهل " نصر الله" يعد شجاعًا؛ لأنه يدافع عن النصيري الكافر، وهل أهل السنة في الشام بجميع طوائفهم إخوة لنا؛ كالإخوان والمتصوفة ؟ أنا حائر وعندي الكثير من الأسئلة ، أحسن الله إليك.
فأجاب فضيلة الشيخ : لا شك أن النصيرية فرقة باطنية كافرة ، وأنهم يحاربون الإسلام والمسلمين، وأنهم اليوم قد اجتمعوا على إخواننا في سوريا، فقتلوا من قتلوا وشردوا من شردوا، ومن عقيدتهم أن من أراد أن يقدم خيراً فليقتل مسلماً، لا فرق بين امرأة أو طفل أو شيخ أو صغير أو كبير.
وهذه الفرقة قديمة وقد نشأت في القرن الثالث الهجري، أنشأها محمد بن نصير البصري، وأفعال هذه الفرقة أقرب ما تكون إلى أفعال اليهود والنصارى، إلا أنهم في جرمهم أعظم كفراً وجريمة من اليهود والنصارى، وهم يعتقدون أن علياً ما زال حيّاً حتى هذه الساعة، وأنه يعيش على السحاب وأنه ينزل المطر، ومنهم من بلغ به إلى أن ألّهه وجعله إلهاً للناس أجمعين.
وعلى ذلك فما يحصل لإخواننا في سوريا إنما هو رسالة يقدمها هؤلاء الباطنيون بتأييد من اليهود والنصارى ومن الرافضة في إيران ولبنان ونحوها من دول الرافضة ممن يحاربون دعوة الإسلام.
لذا يجب على العلماء أن يبينوا هذا الأمر، وأن يشرحوه للناس لأن الله -عز وجل- يقول: " الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا " () ، ولا يعني -يا أخي الكريم- أن يكون للعلماء قولٌ كقول بعض التنظيمات شجب وتنديد وغضب، وإنما يجب على العلماء أن يؤدوا الرسالة التي اؤتمنوا عليها؛ فإن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول -كما في جامع الترمذي وغيره-: "*إن*العلماء*ورثة*الأنبيا� � ، إن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهما ، إنما ورثوا العلم ، فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر" ().
فأنتم أيها العلماء مسئولون أمام الله -عز وجل- حول أي قضية وظلم يحدث للمسلمين حتى تقولوا كلمة الحق.
ولا أرى أن كل عالم ينفرد بفتوى فحسب، ولكن الذي أراه أن على كبار العلماء الذين هم قريبون من الحاكم في أي بلدة من أرض الله أن يذهبوا إلى ولي أمرهم، وأن يذكروه بالله، وأن يقولوا له: لقد ظُلِمَ إخواننا في سوريا وشردوا ، وانتهكت أعراضهم، وسفكت دماؤهم وعِيْبَ فيهم، إلى درجة أنه لا يجد أحدهم قوت يومه، ولا يستطيع أن يعيش في أمن ولا استقرار هنالك؛ لأن دول الرافضة اجتمعت بكل قوتها، وبكل جراءة على إخواننا المظلومين المضطهدين.
فيأتي كبار العلماء القريبون من الوالي، ويذكرونه بالله في أن يجد حلاً لهذه القضية أو أن يحدد موقفاً ليكون ورقة ضغطٍ على حاكم سوريا وعلى بقية الحكام ممن أيدوه.
نعم أقول: نصر الله شجاع شجاعة جائرة؛ لأنه وقف مع النصيري.
ومن عادة الرافضة أنهم يربون أبناءهم منذ الصغر على كراهية أهل السنة، وعلى أنهم ليسوا بمسلمين، وأن من قتل مسلماً دخل الجنة، بل في بعض الدول تُسلَّم لبعض الرافضة الذين يقاتلون أهل السنة مفاتيح من علمائهم؛ يزعمون بأن هذه مفاتيح الجنة لمن قتل سنيّاً، وإنه إذا مات الرافضي منهم يضعون له في قبره مفتاح الجنة كما زعموا.
لا شك أن الأمر عظيم والخطب كبير، ونحن في الحقيقة في حاجة إلى مجمع فقهي عالمي مستقل، يرجع إليه الناس من جميع أقطار الدنيا، وتكون مهمة هذا المجمع أن يصدر الفتاوى في أي قضية من قضايا المسلمين حتى يكون مرجعاً للأمة، وقد يقول لي قائل : هناك كثير من المجامع الفقهية في كثير من البلدان.
وأقول له : نعم، ولكن عندما يكون المجمع مستقلاً وللعلماء الحرية في أن يصدروا الفتاوى التي يُجْمِع عليها كبار العلماء في عصر من العصور على ضوء الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، تكون فتاواه مقنعة؛ لأنه المرجعية في المسائل العارضة، كما قال الله تعالى : " وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ" ().
بحيث لا يُختار لهذا المجمع إلا من كان من أهل السنة والجماعة ومن أهل الدين والورع ومن أهل الفقه الذين عرفوا بالسيرة الحسنة ممن لا ينتمي لحزب أو لجماعة، وإنما انتماؤه لكتاب الله ولسنة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فإن الفتوى إذا كانت من فرد لا تكون مقنعة للأمة، لكن إذا كانت الفتوى من جميع من يُعتد بعلمهم تكون فاصلة.
ولذا فإن ما يحصل لإخواننا في سوريا ظلم وجور، ولقد خُذِلوا فيه أيما خذلان.
أخي الكريم : إن لم نجد حيلةً لنصرتهم، فينبغي لنا أن ندعمهم بالمال والدعاء؛ لأن المسلم أخو المسلم كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا " ()، وهكذا ينبغي على المسلمين أن يكونوا يدًا واحدة، وأن يقوموا بالدعاء لإخوانهم والتضرع إلى الله أن يكشف ضائقتهم ، ويزيل بلاءهم، ويتبرعوا لهم بالمال، ومن استطاع منهم أن ينفع إخوانه بشيء فليفعل، فقد جاء في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- : "من استطاع منكم أن ينفعَ أخاه فلْيَنْفَعْه " ()
وفي الحقيقة فإن الكلام كثير في هذا الباب، ذلك لأن الخطب جليل، والأمر يندى له الجبين، ويتفطر لواقعه القلب، وينبغي للمسلمين أن يتعاونوا على البر والتقوى، وأن لا يتعاونوا على الإثم والعدوان، وأن ينصروا إخوانهم ولو بكلمة طيبة، من خلال الدعاء ونحوه، وبالله التوفيق.