أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة و السّلام على رسولنا محمد وعلى آله و أصحابه أجمعين .

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.



أركان الصلاة وواجباتها، وسننها، ومكروهاتها، ومبطلاتها في ضوء الكتاب والسنة



تأليف الفقير إلى الله تعالى سعيد بن علي بن وهف القحطاني.


بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

فهذه رسالة مختصرة في: ((أركان الصلاة وواجباتها))، بيَّنت فيها بإيجاز: مفهوم أركانها، وعددها، وواجبات الصلاة، وسننها، ومكروهاتها، ومبطلاتها، بالأدلة من الكتاب والسنة.

وقد استفدت كثيرًا من تقريرات وترجيحات سماحة شيخنا الإمام العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رفع الله درجاته في الفردوس الأعلى.

والله أسأل أن يجعل هذا العمل القليل مباركًا، وخالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه سبحانه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله، وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

المؤلف
حرر في ضحى يوم الجمعة الموافق 18/8/1420هـ




أركان الصّلاة وواجباتها وسننها

أولاً: أركان الصلاة:

أفعال الصلاة وأقوالها تنقسم إلى ثلاثة أقسام: أركان: وهي ما لا يسقط جهلاً ولا عمدًا ولا سهوًا، وواجبات: وهي ما تبطل به عمدًا ويسقط جهلاً وسهوًا ويجبر بسجود السهو، وسنن: وهي ما لا تبطل به عمدًا ولا سهوًا.

الركن في اللغة جانب الشيء الأقوى، الذي لا يقوم ولا يتم إلا به، وسميت أركان الصلاة: تشبيهًا لها بأركان البيت الذي لا يقوم إلا بها، والركن في الاصطلاح: ماهية الشيء والذي يتركب منه ويكون جزءًا من أجزائه، ولا يوجد ذلك الشيء إلا به، وهو عبارة عن جزء الماهية: وهي الصورة([1]).

وأركان الصلاة أربعة عشر ركنًا على النحو الآتي:

الأول: القيام في الفرض مع القدرة؛ لقول الله تعالى:
] حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ للهِ قَانِتِينَ [([2])؛ ولحديث عمران بن حصين tقال: كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه و سلم عن الصلاة؟ فقال: ((صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطعْ فعلى جنب))([3])؛ ولحديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم : ((صلّوا كما رأيتموني أصلّي))([4]).

الثاني: تكبيرة الإحرام؛ لقول النبي صلى الله عليه و سلم في حديث المسيء صلاته: ((إذا قمت إلى الصلاة فكبر))([5])؛ ولحديث علي رضي الله عنه يرفعه: ((مفتاح الصلاة الطّهور، وتحريمُها التكبير، وتحليلُها التسليم))([6]).

الثالث: قراءة الفاتحة مرتبة في كل ركعة؛ لحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ((لا صلاةَ لمَنْ لم يقرأْ بفاتحة الكتاب))([7])، وفيها إحدى عشرة تشديدة، فإن ترك حرفًا ولم يأت بما ترك لم تصحَّ صلاته.

الرابع: الركوع؛ لقول الله تعالى: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا [([8])؛ ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة المسيء صلاته، وفيه: ((ثمّ اركعْ حتى تطمئنَّ راكعًا))([9]).

الخامس: الرفع من الركوع والاعتدال قائمًا؛ لقوله صلى الله عليه و سلم في حديث الـمُسيء صلاته، وفيه: ((ثمّ ارفعْ حتى تعدلَ قائمًا))([10]).

السادس: السجود على الأعضاء السبعة؛ لقول الله تعالى: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا[([11])؛ ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة المسيء صلاته، وفيه: ((ثمّ اسجدْ حتى تطمئنَّ ساجدًا))([12])؛ ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه و سلم : ((أُمرتُ أن أسجدَ على سبعة أعْظُمٍ: على الجبهة – وأشار بيده على أنفه – واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين))([13]).

السابع: الرفع من السجود؛ لقوله صلى الله عليه و سلم: ((ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا))([14]).

الثامن: الجلسة بين السجدتين، لقوله صلى الله عليه و سلم : ((حتى تطمئن جالسًا))([15]).

التاسع: الطمأنينة في جميع الأركان؛ لأن النبي صلى الله عليه و سلم لَمّا علَّمَ المسيء صلاته كان يقول له في كل ركن: ((حتى تطمئنَّ))([16]) والطمأنينة: هي السكون بقدر الذكر الواجب، فلو لم يسكن لم يطمئن([17]).

العاشر: التشهد الأخير؛ لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وفيه: ((لا تقولوا: السلامُ على الله، فإن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله...))([18]). ولفظه عند النسائي: كنا نقول في الصلاة قبل أن يُفرض التشهد: السلام على الله، السلام على جبريل، وميكائيل، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ((لا تقولوا هكذا، فإنَّ اللهَ هو السلام، ولكن قولوا: التحياتُ لله ...))([19]).

الحادي عشر: الجلوس للتشهد الأخير؛ لأن النبي صلى الله عليه و سلم فعله جالسًا، وداوم عليه، كما تقدم في الأحاديث، وقد أمرنا صلى الله عليه و سلم بالصلاة كصلاته، فقال: ((صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي))([20]).

الثاني عشر: الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم في التشهد الأخير؛ لقول الله تعالى: ] إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [([21])؛ ولحديث كعب بن عجرة([22]) رضي الله عنه وفيه: ((يا رسول الله قد علمنا كيف نُسلِّمُ عليك، فكيف نُصلِّي عليك؟ قال: ((قولوا: اللهم صلِّ على محمد ...)) الحديث))([23])؛ ولحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وفيه: ((أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله، فكيف نصلي عليك؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ((قولوا: اللهمَّ صلِّ على محمد... )) الحديث([24]).

الثالث عشر: الترتيب بين أركان الصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه و سلم علم المسيء صلاته مرتبة بـ ((ثُمَّ))، فقال: ((إذا قمت إلى الصلاة فكبِّرْ، ثم اقرأْ ما تيسَّرَ معك مِنَ القرآن، ثمَّ اركعْ حتى تطمئنَّ راكعًا، ثم ارفعْ حتى تعتدلَ قائمًا، ثمَّ اسجدْ حتى تطمئنَّ ساجدًا، ثمَّ ارفعْ حتى تطمئنَّ جالسًا، ثمَّ اسجدْ حتى تطمئنَّ ساجدًا، ثمَّ ارفعْ حتى تطمئنَّ جالسًا، ثم افعلْ ذلك في صلاتك كلها))([25])، وقال أبو أسامة في الأخير: ((حتى تستويَ قائمًا))([26])؛ ولأن النبي صلى الله عليه و سلم واظب على هذا الترتيب، وقال: ((صلّوا كما رأيتموني أصلّي))([27]).

الرابع عشر: التسليمتان؛ لحديث علي رضي الله عنه يرفعه: ((مفتاح الصلاة الطّهور، وتحريمها التّكْبير، وتحليلُها التسليم))([28])؛ ولحديث عامر بن سعد عن أبيه t قال: ((كنت أرى رسول الله صلى الله عليه و سلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى أرى بياض خده))([29]).


يُتبع بإذن الله....