هل الحياة بشعه ام جميله؟

ام نظرتنا الايجابيه والسلبيه هي مايغير شكل الحياة
كيف ارى الحياة جميله وبإيجابيه واتجاهل الشرور والبشاعه في كل شيء حولي
هل نحن من نحدد اذا كانت الحياة جميله او بشعه واذا كان كذلك اذن مالحياة حقيقة وبعيدا عن نظرتنا
ومن يرى الخير والجمال في كل شيء حتى في ظاهر الشرور هل هو غبي قاصر النظر ام يحلم ليريح نفسه ام انه فعلا في كل شر او مصيبه او حال سيء هناك جمال او خير مخبئ بداخله؟
لأني لا افهم هل المفترض ان ارى الحياة على حقيقتها اللتي كل شخص يراها بشكل ام آراها بنظرة اوجهها بنفسي واخدع نفسي بها


كلا النظرتين لا تستطيع أن تقدم و لا تؤخر, هناك من ملؤوا الدنيا بالتفاؤل والأمل والضحك وأنهوا حياتهم بالمسدس كما حصل لديل كارنيجي والكوميدي روبن ويليامز, وعلى العكس منهم أيضا من لا يرون في الحياة إلا المآسي والموت والجراح ويعددون لك في كل مجلس حالات الوفاة والحوادث والأمراض مع نغمة حزينة ومع ذلك نجدهم يستطعمون الحياة بالخفاء!

أنا لا أرى أن الحياة تتحول إلى نظرتنا عنها كما يحاول إيليا أبو ماضي : " أيها الشاكي وما بك داء.. كن جميلا ترى الوجود جميلا" " قال السماء كئيبة وتجهما قلت ابتسم يكفي التجهم في السما", و لا كما يحاول أًصحاب البرمجة اللغوية العصبية وأصحاب قانون الجذب "كن فيكون" فقل أنا سعيد تصبح سعيد, قل أنا ثري تنجذب إليك الثروة, كن فيكون بيد الله وليس البشر آلهة يفعلون ما يشاؤون. في هذا الزمان, من يرشدون للسعادة أكثر من السعداء, ومن يرشدون للنجاح أكثر من الناجحين!

ليست نظرتنا هي ما يغير شكل الحياة, و الدنيا مزيج من الجنة والنار وفيها الألم وفيها المتعة, {و نبلوكم بالشر و الخير فتنة}. الدنيا هي في نظري ما تضعنا عليه أفكارنا و اختيارنا, حياتنا في الدنيا والآخرة نتيجة لاختيارنا وأفكارنا و أعمالنا, فمن كان على طريق الله و الحق و الخير و الجمال فالله وعد من يسلم نفسه له بحياة طيبة و ألا يؤثر فيه الحزن وبنفس مطمئنة ساكنة من الداخل غير مضطربة ولو اضطرب ما حولها, ودخوله في الجنة والرحمة في العالم الآخر.

الحياة نعيشها وليست نتصورها لأن العقل يلحق وليس يسبق, إذا الإنسان مختار لطريق الصواب سيجد أن روحه ونفسه مثل من يركب على سفينة آمنة في بحر مضطرب, فالدنيا حوله بشعة مخيفة لكن هو بجنة آمنة, ولا يدري بالضبط كيف وصل إلى هذه الحالة الجميلة المريحة بل لم يتوقعها, إنه وعد الله الذي لا يخلف وعده. لا الشخص القلق المضطرب يعرف لماذا ولا الشخص المؤمن المطمئن يعرف لماذا هو مطئمن ولا يحزن وهو يرى وتمر به كثير من مصائب هذه الدنيا وأوضاعها الخاطئة. وعلى العكس نجد أثرياء ومترفين يعانون من الضيق والكآبة والنظرة السيئة للحياة, و السبب ليس ثروتهم طبعا بل أفكارهم واختيارهم وإعراضهم عن الحق, قال تعالى: {من أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا}.

ثم كلمة الحياة بشعة ماذا يُقصَد بها؟ هل الطبيعة بشعة؟ هل أجسامنا وصحتنا بشعة؟ وإذا كانت بشعةً فقط فعكسها الموت سيكون أفضل, هل الموت غير بشع؟ أم كلاهما بشع؟ لماذا لا تكون أفكارنا بشعة فجعلتنا نمشي على شوك الحياة بدلا من وردها؟ و الله يقول : {فنيسره للعسرى}, أي تزيين الشيطان يسهل له العسر فيقع في العسر بيسر.

لاحظ أنه لو أستمر في أسئلتك عن بشاعة الحياة ستوصلها إلى الناس, والناس ما الذي جعل أكثرهم بهذه الصفة؟ نصل في الأخير إلى الأفكار وإذا وصلنا للأفكار سنصل للاختيار, وهنا سنقف, لأن الاختيار لا يسمح بتغيير الأفكار المرتبطة به (قانون). ولو سألتك هل الحياة من دون الشر ويكون الناس كلهم طيبين بشعة؟ ستقول لا, إذن حددنا مصدر البشاعة الأهم وهو الناس وتحديدا في الناس هم من لم يختاروا طريق الخير وآثروا أنفسهم على الحق. مادام البحر ليس بشعا ولا الزهور و لا الكون و لا خالق الكون ولا ال***** ولا الأطفال, بقينا فيمن؟ فيّ وفيك وأمثالنا!

الدنيا فيها ألم من جهنم وفيها نعيم من الجنة, وبالتالي فيها من أهل الجنة و فيها من أهل جهنم, ومن لم يعرف الألم لم يعرف اللذة, ومن لم يعرف البشاعة لم يعرف الجمال, فالمؤمنون يذهبون إلى الجنة وقد قدروا قيمتها غاية التقدير, أحسن من لو نشؤوا فيها من الأساس, وهذا يجعل تنعمهم وفرحهم مضاعف.

لسنا نحن من يحدد جمال أو بشاعة الحياة, بل نوع الحياة هو الذي يحدد, لا أريد أن ننظر إلى الحياة ونحاكمها دون ان ننظر إلى الحي نفسه, لا نجعل من الحياة شماعة نعلق عليها أخطاءنا في الحياة, والكيّس من دان نفسه قبل أن يدين غيره. كيف نطلق حكم واحد على متعدد؟ إن قلنا أنها بشعة فهناك من قال أنها جميلة وإن قلنا أنها جميلة فهناك من قال أنها بشعة, وكلهم شهود على الحياة لسنا وحدنا نشهد عليها. إذن الوضع في الحياة ثنائي, وما حاله الثنائية لا يُحكَم عليه حكم واحد.
هذه الثنائية الممزوجة في الدنيا ستكون مفصولة في الآخرة بوضوح, فالآخرة امتداد منطقي للدنيا في كل أمورها, وما نقص في الدنيا أو اختلط سيكمل ويفصل في الآخرة فهي دار الفصل. و الحياة في الدنيا صورة مصغرة و معكرة عن الحياة في الآخرة, فالنفس المطمئنة ستكون أكثر اطمئنان في الآخرة, ومن صدره حرج في الدنيا بسبب اختياره وطريقه وأعماله سيكون أكثر حرج في الآخرة, إذن الفردوس وجهنم لهما اشعاع على الدنيا تحسه النفوس.