أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


وهو كتاب أعمل فيه على أمر رئيس وهو :

بيان كيف انتقى البخاري أحاديث الأدب وأنه لم ينتقيها على علة أو ضعف, فهي دراسة تحليلية لصنعة البخاري في كتابه الأدب المفرد,

وكذلك سيكون هذا الكتاب بمثابة فتح باب "اعادة النظر" في الحكم على أحاديث الآداب وآثارها وكذا السير والتفسير والتاريخ.
.....................................
وهاكم نموذج من عملي في هذا الكتاب :


بَابُ: عَرْضِ الإِسْلامِ عَلَى الأُمِّ النَّصْرَانِيَّةِ

[34] (صحيح) حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو كَثِيرٍ السُّحَيْمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: " مَا سَمِعَ بِي أَحَدٌ، يَهُودِيٌّ وَلا نَصْرَانِيٌّ، إِلا أَحَبَّنِي، إِنَّ أُمِّي كُنْتُ أُرِيدُهَا عَلَى الإِسْلامِ فَتَأْبَى، فَقُلْتُ لَهَا، فَأَبَتْ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم فَقُلْتُ: ادْعُ اللَّهَ لَهَا، فَدَعَا، فَأَتَيْتُهَا، وَقَدْ أَجَافَتْ عَلَيْهَا الْبَابَ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، إِنِّي أَسْلَمْتُ، فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم فَقُلْتُ: ادْعُ اللَّهَ لِي وَلأُمِّي، فَقَالَ: اللَّهُمَّ عَبْدُكَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأُمُّهُ، أَحِبَّهُمَا إِلَى النَّاسِ "

تخريج:

مسلم 7/165-166

رجال الإسناد:

- أبو الوليد, هشام بن عبد الملك, الطيالسي, ثقة ثبت, روى له الجماعة,
- عكرمة بن عمار العجلي أبو عمار اليمامي, خت م 4, صدوق,
- أبو كثير السحيمي, اليمامي, الأعمى, بخ م 4, ثقة

مناقشة الحديث:

لفظ هذا الحديث مختلف عن لفظ مسلم والبخاري أعلى من مسلم فيه درجة,
ولفظ مسلم كالآتي:

حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْيَمَامِيُّ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: " كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَامِ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ، فَدَعَوْتُهَا يَوْمًا فَأَسْمَعَتْنِي فِي رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم مَا أَكْرَهُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم وَأَنَا أَبْكِي، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَامِ، فَتَأْبَى عَلَيَّ، فَدَعَوْتُهَا الْيَوْمَ فَأَسْمَعَتْنِي فِيكَ مَا أَكْرَهُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَخَرَجْتُ مُسْتَبْشِرًا بِدَعْوَةِ نَبِيِّ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَلَمَّا جِئْتُ فَصِرْتُ إِلَى الْبَابِ، فَإِذَا هُوَ مُجَافٌ، فَسَمِعَتْ أُمِّي خَشْفَ قَدَمَيَّ، فَقَالَتْ: مَكَانَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ الْمَاءِ، قَالَ: فَاغْتَسَلَتْ وَلَبِسَتْ دِرْعَهَا وَعَجِلَتْ عَنْ خِمَارِهَا، فَفَتَحَتِ الْبَابَ، ثُمَّ قَالَتْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَأَتَيْتُهُ وَأَنَا أَبْكِي مِنَ الْفَرَحِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبْشِرْ قَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ دَعْوَتَكَ وَهَدَى أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: خَيْرًا، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُحَبِّبَنِي أَنَا وَأُمِّي إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَيُحَبِّبَهُمْ إِلَيْنَا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: اللَّهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ وَأُمَّهُ إِلَى عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ، وَحَبِّبْ إِلَيْهِمُ الْمُؤْمِنِينَ، فَمَا خُلِقَ مُؤْمِنٌ يَسْمَعُ بِي وَلَا يَرَانِي إِلَّا أَحَبَّنِي "

لفظ البخاري, جعل من سمع بأبي هريرة من هذه الأمة يهودي أو نصراني, إلا أحبه, لكن, لفظ مسلم قصره على المؤمنين فقط.
والحق أني لم أقف على مثل هذا اللفظ إلا ههنا في الأدب المفرد, ولفظ مسلم هو اللفظ المتفق عليه في دواوين السنة,
فقد رواه الفضل بن الحباب الجمحي عن أبي الوليد كما عند ابن حبان 7154 بلفظ مسلم, وكذلك علي بن الحسن الدارابجردي كما في شرح السنة 3762,
ورواه عن عكرمة بن عمار مع هشام أيضا بنفس لفظ مسلم, عبد الرحمن بن مهدي كما عند أحمد 8242, ويعقوب بن إسحاق الحضرمي كما عند ابن سعد في الطبقات 4/480
هذا, وقد روى هذا الحديث مع البخاري, عن هشام, ابن أبي خيثمة كما في السفر الثاني من تاريخ 1228 (جوامع الكلم) بنفس لفظ مسلم,
على أي حال الحديث ثابت, لكن اللفظ أشبه, بهذا العرض, أن يكون انفرد به البخاري, والبخاري إمام, فهل حدث به هشام على الوجهين, ربما, والله أعلم!


---------------------------------------------------


4- بَابُ: بِرِّ وَالِدَيْهِ وَإِنْ ظَلَمَا

[7 ] (صحيح) حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ الْقَيْسِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ لَهُ وَالِدَانِ مُسْلِمَانِ يُصْبِحُ إِلَيْهِمَا مُحْتَسِبًا، إِلا فَتْحَ لَهُ اللَّهُ بَابَيْنِ، يَعْنِي: مِنَ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَوَاحِدٌ، وَإِنْ أَغْضَبَ أَحَدَهُمَا لَمْ يَرْضَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى يَرْضَى عَنْهُ، قِيلَ: وَإِنْ ظَلَمَاهُ؟ قَالَ: وَإِنْ ظَلَمَاهُ "

التخريج:

أخرجه عبد الرزاق (20128), البيهقي في الشعب (7537), ابن أبي شيبة في المصنف (25398), العلل لابن أبي حاتم (2123), ابن المبارك في البر والصلة 31,

رجال الإسناد:

- حجاج, هو ابن المنهال الأنماطي, أبو محمد ثقة, روى له الجماعة.
- حماد بن سلمة, بن دينار البصري, أبو سلمة, ثقة تغير حفظه قليلا, أخرج له الجماعة إلا البخاري فأخرج له تعليقا, وعابوا على البخاري ذلك, لكنه استغنى عنه بمن هو أوثق, وروى له في الأدب في مواضع عدة.
- سليمان, بن طرخان التيمي, أبو المعتمر, ثقة, أخرج له الجماعة.
- سعيد القيسي, ذكرنا في المقدمة في الرجال رقم (3) ما وقع من تصحيف للاسم, وأن الصواب فيه "سعد بن عتيق العبسي", وهو صالح الحديث إن شاء الله, وقد سماه بن أبي شيبة في المصنف سعد بن مسعود (25398), وكذا بن المبارك في البر والصلة 31,
- عبد الله بن عباس, بن عبد المطلب, رضي الله تعالى عنهما, ابن عمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم, ترجمان القرآن, كان عمر يدخله وهو صغير مع أشياخ الصحابة لعلمه وفقهه, توفي سنة 68 هجرية بالطائف.

مناقشة الحديث:

هذا الحديث من الأحاديث التي اختار البخاري موقوفها, ورجحه على مرفوعه, وانتقى أصح أسانيده, وطرقه كما سترى, فرواه عن ابن عباس غير سعد العبسي:
1- عطاء بن أبي رباح القرشي, رواه عنه:
- المغيرة بن مسلم, مرفوعا, وقد أعلّه أبو زرعة كما في العلل لابن أبي حاتم (2123) فقال:"المغيرة لم يسمع من عطاء شيئا", وغفل عن ذلك الحافظ في المطالب العالية (2537) وقال:" إِسْنَادُ أَبِي يَعْلَى حَسَنٌ، وَقَدْ رُوِيَ مَوْقُوفًا", وهو نفس طريق العلل.
- يعقوب بن القعقاع الأزدي, مرفوعا أيضا, كما عند البيهقي في الشعب (7538), لكن في إسناده عبد الله بن يحيى بن موسى السرخسي, اتهمه بن عدي بالكذب ولم يعرفه الحاكم, وبهذا أعل الحديث الحافظ كما في اللسان 4\373.
2- عطاء الخراساني, بن أبي مسلم, مرفوعا, كما عند ابن وهب في جامعه (93), وفي إسناده أبان بن أبي عياش وهو متروك.
3- محمد بن المنكدر, مرفوعا, رواه عنه أبان بن أبي عياش أيضا كما عند ابن أبي زمنين في تفسيره (149, ط.الفاروق)
4- يزيد بن مرثد الهمداني, مرفوعا, كما عند الدولابي في الكنى 2\133, وفي إسناده مكبر بن عثمان التنوخي, منكر الحديث.
5- عَنْ أَبِي سِنَانٍ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، كما في الزهد لهناد (993), وفيه مجهول.
كما ترى كل من رواه عن ابن عباس مرفوعا لا يصح,
ووجدت له شاهدا من حديث زيد بن أرقم, لفظه:" " مَنْ أَصْبَحَ وَالِدَاهُ رَاضِيَيْنِ عَنْهُ، أَصْبَحَ لَهُ بَابَانِ مَفْتُوحَانِ مِنَ الْجَنَّةِ، وَمَنْ أَمْسَى وَالِدَاهُ رَاضِيَيْنِ عَنْهُ، أَمْسَى لَهُ بَابَانِ مَفْتُوحَانِ مِنَ الْجَنَّةِ، وَمَنْ أَصْبَحَا سَاخِطَيْنِ عَلَيْهِ، أَصْبَحَ لَهُ بَابَانِ مَفْتُوحَانِ مِنَ النَّارِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدٌ فَوَاحِدًا.فَقِيلَ: وَإِنْ ظَلَمَاهُ؟ قَالَ: وَإِنْ ظَلَمَاهُ، وَإِنْ ظَلَمَاهُ"
أخرجه ابن الجوزي في البر والصلة (ص96) لكن في إسناده محمد بن يونس بن خباب, لم أعثر له على ترجمة, وبقية رجاله ثقات, ولا أدري إن كان ذلك محفوظا إذ يبدو أن محمد هذا هو المتفرد به, والله أعلم.
لذلك كان إسناد البخاري في الأدب أصح الأسانيد وأجودها, على الإطلاق, فرجاله كلهم ثقات غير سعد, وقد قدمنا أنه معروف وأقل أحواله أن يكون صدوقا لرواية سليمان التيمي عنه, وعدم وجود جرح فيه, فالشاهد من هذا كلّه أن الحديث موقوفا على ابن عباس أصح وأجود كما هو ظاهر, وفي الحديث قصة أيضا سنذكرها في الشرح وهي من الأدلة أيضا على صحة هذا الأثر عن سعد.

شواهد الحديث:
- للأثر شاهد من حديث أبي هريرة عند ابن وهب في جامعه (129) من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الأَسْلَمِيُّ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ: " مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَكُونُ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ فَيَبِرُّهُمَا، إِلا فَتَحَ اللَّهُ لَهُ بَابَيْنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا هَلَكَ أَحَدُهُمَا أُغِلَقَ أَحَدُ الْبَابَيْنِ، وَإِذَا هَلَكَا جَمِيعًا غُلِّقَا جَمِيعًا ", وبن عامر ضعيف, ولم يلق أبا هريرة.

----------------------------------


[41] (صحيح) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: " إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ "
التخريج:
هذا الحديث بهذا اللفظ أخرجه مسلم 2553, 2554, الترمذي 1903, أبو داود 5143,

رجال الإسناد:

- عبد الله بن يزيد, القرشي العدوي, ابو عبد الرحمن المقرئ, ثقة فاضل, روى له الجماعة,
- حيوة بن شريح بن صفوان بن مالك التجيبي, أبو زرعة المصري, ثقة فقيه زاهد, روى له الجماعة,
- الوليد بن أبي الوليد, ابو عثمان المدني, لينه في التقريب, أخرج له الستة دون البخاري, وقد وثقه أبو زرعة كما في الجرح 9/20, والعجلي, وقال عنه الليث بن سعد كان فاضلا من أهل المدينة كما في التاريخ الكبير 8/156, وقول الحافظ فيه لين الحديث لو نظرت في حديث الوليد لوجدته فعلا فيه شيء, فكأنه إذا توبع أفضل, لذلك قال ابن حبان في الثقات, ربما خالف على قلة روايته.

مناقشة الحديثين:

هذان الحديثان من ألطف ما يستدل به في هذا الكتاب على دقة نظر البخاري وتحريه في انتقاءه, وأنه لم يجمعه جامع حطب, وإليك التفصيل:
ضعف الشيخ الألباني الرواية الأولى في الضعيفة 2089 لمخالفة عبد الله بن صالح ليعقوب بن إبراهيم بن سعد عند مسلم, كما سنرى, معتمدا على أن في حفظ عبد الله بن صالح شيء, وقد أجبنا على مسألة تغيره ونقلنا كلام أبا حاتم في الجرح في المقدمة, فأغنى عن إعادته ههنا, ونحن هنا نفصل الروايات لهذا الحديث عن الليث وغيره لنقف على وجهة نظر البخاري في إخراج هذه الرواية على الخصوص:

أولا: من روى هذا الحديث عن الليث غير عبد الله بن صالح, رواه من طريق:

- الليث, عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد, عن عبد الله بن دينار, عن عبد الله بن عمر, ويزيد ثقة مكثر,
ثم, منهم من روى القصة في رواية الأدب الأولى لكن بلفظ حديث الرواية الثانية "إن أبرّ البر أن يصل الرجل أهل ودّ أبيه" وهما,
- أبو نوح عبد الرحمن بن غزوان كما عند أحمد, وأبو نوح, روايته عن الليث خاصة ربما يكون فيها شيء, قال ابن حبان في الثقات :" كان يخطئ, يتخالج في القلب منه لروايته عن الليث, عن مالك, عن الزهري, عن عروة, عن عائشة قصة المكاكيك" ا.هـ.
لذا قال في التقريب ثقة له أفراد, وعلى أي حال فقد تابعه :
- يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم, كما عند مسلم 2554, فقال حدثني أبي والليث,
ومنهم من روى اللفظ الثاني من نفس الطريق, الليث عن ابن الهاد, بدون القصة وهم:
- أبو النضر, هاشم بن القاسم الليثي البغدادي, كما عند أبي داود 5143, وهو بغدادي ثقة ثبت,
- إسحاق بن عيسى بن نجيح البغدادي, كما عند أحمد 5862, وهو صدوق.
- عاصم بن علي, بن صهيب الواسطي, وهو صدوق, واختلف عليه فري عنه هكذا كما في مسند الشهاب, وروي من دون القصة, كما في شعب الإيمان للبيهقي 7515,
وخالف عبد الله بن صالح هؤلاء كلهم, فرواه :

عن اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ, بالقصة وبلفظ "احْفَظْ وُدَّ أَبِيكَ، لا تَقْطَعْهُ فَيُطْفِئُ اللَّهُ نُورَكَ".
فخالفهم في ذكر خالد بن يزيد بدلا من ابن الهاد, وفي لفظ الحديث, وخالف من لم يرو القصة بذكرها.
ثانيا: ومن رواه هكذا, يعني دون القصة, وبلفظ "إن أبر البر", وافق الرواية الثانية التي جاءت من طريق:
- حيوة بن شريح, عن الوليد بن أبي الوليد, عن عبد الله بن دينار, عن عبد الله بن عمر,
وقد تابع حيوة:
- سعيد بن أبي أيوب عند مسلم 2553, لكن أضاف القصة
- ونافع بن يزيد كما في مشيخة بن البخاري 2/973,
ثالثا: اختلف في اللفظ على حيوة أيضا:
- فرواه عبد الله بن المبارك عنه عن الوليد بن أبي الوليد كما في البر والصلة للمروزي 80,
- ورواه بن وهب عن حيوة عن ابن الهاد, به كما عند مسلم 2553 (دون القصة) وفي جامعة (107) بالقصة!, فالله أعلم.
يعني عبد الله بن المبارك, وعبد الله بن يزيد, رواها عن حيوة عن الوليد (بدون القصة), خالفا ابن وهب, الذي رواها عن سعيد بن أبي عن الوليد(بالقصة) كما عند مسلم 2553, ورواها عن حيوة عن ابن الهاد (دون القصة) عند مسلم أيضا.
ربما تكون عند ابن وهب على وجهين, ولم أجد من تابعه على سعيد بن أبي أيوب, لكنه حافظ إمام.
فمن هذا العرض, يتبين لي:

1- أن رواية عبد الله بن صالح أشبه, لأنه لم يسلك جادة سائر الرواة, وهم عراقيون, وهو مصري, ملازم لليث كما تقدم, فمن خالفه في الليث, لا أظنه يقاومه, خاصة إن لم يكن حافظا إماما, كحال من خالفه من الثقات, ورواية مسلم عن يعقوب بن إبراهيم لم يبين فيها أهي حديث الليث أم إبراهيم, وعلى أي حال, فيعقوب ابن إبراهيم ليس بأثبت من أبي صالح في الليث.
2- اللفظ الثاني للرواية لا إشكال فيها, لكن مسلم لم يخرجه من طريق حيوة, كما تقدم, رواه ابن وهب عن سعيد بن أبي أيوب, عن الوليد, خالف ابن المبارك, وعبد الله بن يزيد, ونافع بن يزيد, ثم هو مرة يرويها بالقصة ومرة دونها.
3- فأحسن طرق اللفظ الثاني قطعا هو طريق البخاري, لمتابعة ابن المبارك لعبد الله بن يزيد, وأما الطريق الأول, فقد رجح البخاري رواية كاتب الليث, وهي أصح, بالنظر لرواية عبد الله عن الليث عن خالد بن يزيد, وهو طريق آخر, وقد ذكر ابن حجر في الاتحاف 9883 أن ابن وهب أيضا رواه عن الليث عن خالد, لكني لم أقف عليها في المصادر بين يدي, وهذه المتابعة تعضد رواية أبي صالح, ولله الحمد.
4- وأما قول الشيخ الألباني في الضعيفة 2089, أن المحفوظ من لفظ الحديث "إن أبرّ البر", وأن اللفظ الآخر "لعله اشتبه عليه بما حدث به سعد بن عبادة الزرقي ..الخ ثم ساق لفظ أثر عبد الله بن سلام الآتي برقم (42) ", فلا أدري ما وجهه, وكيف يشتبه عليه في ذلك !؟
أعني ليس هناك قرينة على ذلك, أو أن كاتب الليث أخذ ذلك من الإسرائيليات,

شواهد للحديث:
1- هذا اللفظ روي مرسلا, كما في الأدب لابن أبي شيبة :
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: " لا تَقْطَعْ مَنْ كَانَ أَبُوكَ يَصِلُ، يُطْفَأُ بِذَلِكَ نُورُكَ، إِنَّ وُدَّكَ وُدُّ أَبِيكَ ". وهذا إسناد صحيح, وابن أبي حسين, هو عمر بن سعيد بن أبي الحسين روى له البخاري ومسلم وهو ثقة من التابعين,
ورواه سفيان بن عيينة عن أبي عمرو بن علقمة, عن ابن أبي حسين, عن ابن أبي مليكة, مرسل أيضا صحيح, كما في الشعب للبيهقي 7517,
وكذا رواه المروزي في البر والصلة عن ابن المبارك 89, عن ابن علقمة, عن عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام, وهو ثقة من رجال الشيخين,
فهذه ثلاث مخارج أو مخرجين مرسلين, للحديث يقوى بهما رواية عبد الله بن صالح.
------------------------------------------------
هذا والله الموفق ...