أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


هناك طريقتان في أقل التكبير في صلاة الجنازة:
الطريقة الأولى: لا ينقص التكبير على الجنازة عن أربع: وقد أطبق على ذلك فقهاء المذاهب الأربعة والظاهرية (داود وابن حزم)، ونقل الترمذي: عمل أهل العلم عليه، وحكاه ابن المنذر وابن قدامة عن أكثر أهل العلم، وابن عبد البر عن سائر أهل الحديث، واعتبره الماوردي مذهب أكثر الصحابة، وجمهور التابعين، ومذهب الفقهاء أجمعين.
وحُكي فيها انعقاد إجماع الصحابة: فقد جمعهم عمر رضي الله عنه على أربع بعد أن أخبره كل واحد بما رأى، وكذا اجتمعوا على ذلك في بيت ابن مسعود رضي الله عنه.
قال الماوردي: فكان انعقاد الإجماع مزيلا لحكم ما تقدم من الخلاف.
وقال ابن عبد البر: جمع عمر عليه الناس أصح وأثبت مع صحة السنن فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كبر أربعا، وهو العمل المستفيض بالمدينة، ومثل هذا يحتج فيه بالعمل؛ لأنه قل يوم أو جمعة إلا وفيه جنازة وعليه الجمهور وهم الحجة
واعتبر ابن عبد البر: أن ما سوى الأربع شذوذ لا يلتفت إليه.
تنبيه: أكثر العلماء على تعيين الأربع: فكما لا ينقص عليها فإنه لا يزاد.

الطريقة الثانية: أنه يصح التكبير ثلاثا، جاء ذلك عن ابن عباس، وأنس بن مالك في إحدى الروايات عنه، وابن مسعود، وأبي الشعثاء جابر بن زيد، وبكر بن عبد الله المزني، وابن سيرين.
وقد اعتبر الخلاف في ذلك ابن المنذر، والقاضي عياض.
أما ابن مسعود رضي الله عنه، فإنه أبى أن يوقت للناس عددا في تكبيرات صلاة الجنائز، وأمرهم أن يكبروا ما كبر الإمام لا وقت ولا عدة.
ويحتمل أن مراد ابن مسعود رضي الله عنه: أن ذلك من الاختلاف المباح فيما ورد من التكبير، كما هي طريقة ابن سريج وغيره.
وقد صف ابن حزم: الإسنادين عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم أنهما في غاية الصحة.
ومن هنا فقد تأفف ابن حزم من حكاية الإجماع في المسألة مع خلاف هؤلاء بأسانيد في غاية الصحة.
وقصارى المسألة: هل الإجماع المتأخر يقضي على الخلاف المتقدم؟ فالتكبير على الجنازة ثلاثا لا أثر له في كتب الفقهاء، فهذا القول يصلح أن يكون مثالا على القول المهجور، إضافة إلى أنه لم يرد مرفوعا، وإنما عن بعض الصحابة والتابعين، وإنما يناقش الفقهاء: الزيادة على الأربع، وأكثرهم أيضا على المنع.