في ليلة رمضانية أواخر خمسينات القرن الميلادي الماضي كان الجيران في إحدى هجر الأسياح يجتمعون عند أحدهم في آخر يوم من الشهر الفضيل (ليلة العيد) في انتظار لحظة الإفطار في يوم ماطر اختفت فيه الشمس برهانهم الوحيد للاستدلال على وقت الغروب ولم يكن في القرية وقتها سوى شخص واحد يملك (ساعة وقتية) كان قد جلبها من الكويت في إحدى سفراته الاخيرة وكان كثيرا ما يتباهى بساعته تلك ويمتدح دقتها حتى صدقه أهل القرية الذين لجأوا اليه طوال الشهر واطمأنوا لساعته في الأيام الغائمة لمعرفة دخول الوقت وأوقات الإفطار بما فيه يومهم هذا حتى وإن كان لدى كل واحد منهم ساعته الفطرية أو البيولوجية التي لا يحتاج معها إلى مثل (خربوطة) كما أسموها. وذلك عندما انتظر حتى ترادفت عقاربها (عند الثانية عشرة) وهو وقت غروب الشمس المفترض بالتوقيت الغروبي بل انه زاد ثلاث دقائق للاطمئنان قبل أن يوعز للمؤذن بان يتكل على الله ويؤذن بالصوام المنتظرين فأذن وافطروا وأفطرت القرية وعند ما هموا بالقيام لصلاة المغرب تفاجأوا بقرص الشمس يظهر عليهم من خلف غيمة كان يختفي وراءها قبيل الغروب ليفضح لهم كذب ساعة صاحبهم ويدخلهم في دوامة الشك لكل الأيام التي اهتدوا بها، ومن يومها انخفضت أسهم صاحب الساعة وانطفأ تميزه وصار هو وساعته محل سخرية وتندر اهل القرية والقرى المجاورة كما صارت السنة وكما هي الحال آنذاك تتريخ بحادثة (خربوطة) الساعة الخايبة بل إن احد شعراء القرية المبتدئين هجاه بقصيدة طويلة لا تزال تحفظ وتردد بعض أبياتها لأكثر من ستين عاما والتي قال في مطلعها:
ساعتك (يافلان) خربوطة
خربوطةٍ مثل راعيها
ما هي على الوقت مضبوطة
ودها (السعستي) يسويها :highly_amused: