أعضاد لا أضداد !

محمد النمري
عم السكون والصمت ، هدوء معتاد عند الخسارة ، موسمٌ تجلت تخبطاته تحت عنوان ” محاولات بائس ” ، البائس ليس رئيس او مدرب او لاعب او اعلامي او عاشق ، بل كل مااجتمع على حبه هؤلاء ، مع تفاوت النسب بين الفعل الاكبر من الادارة والمدرب واللاعبين والفعل الاصغر من العاشق ، ولموسمين يعم الهدوء اطراف القلعة زمناً ، حتى تبدأ شعلة الامل في ذوات العاشقين من جمهور الملكي ، الجمهور هو الرمز الابدي لهذا الكيان ، وماإن تبدأ هذه الشعلة حتى تتقد في الذات التي قدمت الكثير لهذا الصرح الاهلاوي ، وهو الرمز الفخري للنادي الاهلي ، وتتقد الشعلة حتى يعم الامل اطراف القلعة من جديد ، في رحلةٍ ساقة تبدأ بمرحلة التعاقدات التي انشق فيها الجمهور بين مؤيد ومعارض ، وهذا الانشقاق ليس سلبياً لنخفي معالم حدوثه ، فالكل يرى من زاويته كيفية ” عودة الاهلي ” لسابق عهده ، تختلف الآراء وتنطلق الاتهامات ويعلو صوت الصراع الداخلي وتتطاير الاسماء من فوق الكراسي ويخلفها اسماء ، ونسمع اصوات تنادي من خلف الاصوات ” اين الاهلي ؟ ” ولكن لا احد يجيبها سوا الايام القادمة ، وكل هذه الاحداث ومايدور في فلك فريق كرة القدم من تشعبات تاتي ضمن رحلة البحث عن ” عودة الاهلي ” ..

على خلاف المواسم السابقة ، دخل النادي الاهلي صراع التعاقدات مبكراً ، وظفر بعدد من النجوم التي ستحمل امانة الشعار وهي تردد ” وعبر الزمان سنمضي معاً ” ، لذلگ وجب علينا الدعم وعلينا ان نكون ” اعضاد لا اضداد ” فخط البداية قد اقترب ، فمن سيكون في قافلة القلعة لهذا الموسم فليسجل حضوره بقلبه ، ومن يريد التولي فلا حاجة للاهلي به …

اخطأت ادارة الاهلي في التعاقدات او أصابت ، فلا ضير فهي من تدير النادي الاهلي الآن ، ننتقد وننصف ونعارض ولكن هنالگ نقطة محددة بزمن محدد ، نقطة لاجتماع الصف ووحدة الراي ، فالحديث عن ” لماذا استمر الامير فهد ” او لماذا لم يأتي ذلك اللاعب تو المدرب او الاداري لم تعد تغني او تسمن ، لننظر الى القمة ونذهب اليها ، دون ان نضع الاشواك في طريق القافلة ، فقد تحقق للفتح والنصر بطولة الدوري بعد ان قدموا مهر البطولة دون النظر لمن حولهم ، فمحترفوا النصر الاجانب في الموسم الماضي فشلوا بنسبة 50٪ ولكن نجح النصر ، والفتح من قبله كان اجانبه في الموعد فحملوا على اكتافهم عبء البطولة حتى نالوها ، فنقص احدى الادوات لا يعني ان الوصول للعمل مستحيل ، فقد عانى الاهلي من نقص اللاعبين في بطولات عدة جميعكم يذكرها ، والان يملك دكة بدلاء قوية ، ستعين المدرب على اختيار الافضل ، اضافة الى خلق تنافس قوي بين اللاعبين في الحصول على اساسية الخانة ، فالعمل له اركان ليصل الى النجاح ، وفي النادي الاهلي دوما مانجد احد الاركان سببا لسقوط الاخرى ، لذلگ علينا ان نتحد من القائد الاعلى في النادي الاهلي الى القائد الاصغر من جمهوره ، قيادةً لهذا الصرح لاعتلاء عرش الكرة السعودية باذن الله ..



أهلاويون حتى الجنون
محمد الزندي

الجمهور الأهلاوي أمة رائعة خرافية .. تغضب فيأتي العمل ، تطمح فيخجل اللامعقول فيصبح معقولا ، تشكل الفرح ولا يشكلها ، تتحدث لغة عشق لم تحضر مصادفة ، هي لغة انتقائية شكلتها عشرات السنين ، ليس صحيحا أن ذلك الجنون وتلك الكيميائية واردة الحضور في المدرجات الأخرى ، ولو كان كذلك لكان هنالك ألف مدرج كمدرجه ، لكن ليس هناك سوى مدرج مجنون واحد ، له خصوصيته في العشق ، وله مرسمه وريشته وألوانه ، تماما كبيكاسو ودفينتشي ..!
الجميل في هذا الجمهور أنه عندما ينتصر أهليهم يسمونه سيد الكبار ، وعندما يخسر يسمونه الكبير ، أو ربما هكذا يقول تاريخ ناديهم ..!

ذات مرة جلست بينهم في المدرج ، سمعتهم يتحدثون عن مراوغات ثعلب لكنه من البشر اسمه : أمين دابو ، وعن الرسم الهندسي الذي يتقنه مهندس لم يدرس الهندسة ، لكنه برع فيها اسمه : أحمد الصغير، وعن ليون الأفريقي الذي قدم من تونس والذي اسمه طارق ذياب ، وعن .. وعن .. وعن ..ويختمون حديثهم بالترحم على " عبد الله الفيصل " كمسك ختام أحاديثهم ..!!

ينزل اللاعبون إلى الملعب فيردد هؤلاء النشيد مع أبنائهم ، كلماته ليست غريبة عنهم ، فهي تتحدث عن تاريخ أو لأكون أكثر دقة تتحدث عن جزء من ذكرياتهم ، من حياتهم .. حتى ينتهون إلى " وعبر الزمان سنمضي معا ".

يصفقون للاعب قد يكون لم يمش على قدميه عندما كانوا يحضرون أول مباراة لهم مع الأهلي ، وقد يكون في عمر أحفاد أحدهم ، دون أن يرد ذلك اللاعب التحية ، بل أنه يبتسم بعد الخسارة وذلك المشجع يترحم على أيام مضت حتى البكاء .!

على الرغم من ذلك يجتمعون في كل مرة ليعلنوا صمود عشقهم في الزمن الأهلاوي المالح ، يحضرون مصطحبين ذكرياتهم ، وعناوين الصحف التي وضعتها ذاكرتهم ، ويبحثون عن أحلامهم القديمة ، و شالاتهم القديمة ، و أهازيجهم القديمة ، وقبل ذلك كله يبحثون عن أهليهم القديم .. لكنهم يستفيقون على حقيقة " راح زمن الطيبين " .

هم يحفظون التاريخ لكن هذا الجيل بدأ يشكك في كل تلك الروايات ، فما يجدونه أمامهم يقول خلاف ذلك تماما ، وذلك يعني أن هناك شهود زور ، أو أن التاريخ قد توقف دولابه عن الحركة ، ونعيش على هامشه .

هذا الجيل يشاهد خرابا ، وذلك الخراب يحتاج لبولدوزر التغيير ليجرف كل تلك البقايا التي تتراكم ، ويبني لهم أهليا جديدا يشبه أهلي زمن الطيبين القدامى .

الأمر لا يحتاج إلى محقق شهير وخيالي كشرلوك هولمز ليكشف لهم الفاعلين والمحرضين وأدوات ذلك الدمار ، فما ذلك الدمار إلا وليد (المتأهلوين ) الجدد ، والذين دمروا كل شيء جميل ، وعمروا جيوبهم سمسرة وشهرة .

هاهو الأهلي ينطلق وحلم كل موسم يتجدد في عودة بعيدة كل البعد مع هذا الإعداد وهذه الطموحات ومع ذلك سيحضرون لأن ما يربطهم بأهليهم لغة كما قلت سابقا لا تشبهها لغة.

سيحضرون لأن العلاقة بناديهم علاقة جنون تجاوزت مفهوم العشق ، سيشجعون ويقومون بترديد أهزوجة أهلاوي والفن أهلاوي ، ويجرون مكالمة هاتفية مع التاريخ ، لا لشيء وإنما ليتأكدوا بأن أهليهم على قيد الحياة ، وأن أمين دابو وذياب وعيد وعبدالرزاق وكيال سيتسابقون ، وسيلعبون بقتالية عالية كعادتهم إذا سمعوا جرس هاتف التاريخ ، ليحتفلوا بالفوز في الجولات الأولى من الدوري .!

قد يكون هذا الحديث حديث مجانين ، ولكن من قال لكم بأن العشق والجنون في الأهلي لا يتشابهان ..؟!!

وقد يكون هذا الحديث من باب الخرافة ، أو خربشات قلم ، أو هذيان كاتب ، لكنني أعترف اليوم مسجلا شهادتي ، بأنني عندما أكتب عن هذا الجمهور فأنني أكتب بجنون ، أكتب دون وعي ، هكذا يجعلني انبهاري بهم ، وافتتاني فيهم ، فعشقهم لناديهم من كتاب اللامعقول - باب الجنون - كفيلا بأن يفجر لغة جديدة ومفهوما جديدا للكتابة .... اقفلوا المحضر .