أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه واستن بسنته واقتفى أثره واهتدى بهداه أما بعد

فقد روى الإمام أحمد في مسنده الحديث المعروف بحديث البطاقة حيث قال:

حدثنا إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، حدثنا ابن المبارك، عن ليث بن سعد، حدثني عامر بن يحيى، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله عز وجل يستخلص رجلا من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا، كل سجل مد البصر، ثم يقول له: أتنكر من هذا شيئا؟ أظلمتك كتبتي الحافظون؟ قال: لا، يا رب، فيقول: ألك عذر، أو حسنة؟ فيبهت الرجل، فيقول: لا، يا رب، فيقول: بلى، إن لك عندنا حسنة واحدة، لا ظلم اليوم عليك، فتخرج له بطاقة، فيها: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، فيقول: أحضروه، فيقول: يا رب، ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقال: إنك لا تظلم "، قال: " فتوضع السجلات في كفة "، قال: " فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة، ولا يثقل شيء بسم الله الرحمن الرحيم ".

قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين خلا أبي عبد الرحمن الحبلي وهو عبد الله بن يزيد المعافري أبو عبد الرحمن الحبلي المصري فمن رجال مسلم وإبراهيم بن إسحاق الطالقاني فقد أخرج له مسلم في مقدمة الصحيح إلا أن هذا المتن فيه شذوذ ونكارة في شيءٍ من ألفاظه.

ففي الحديث بهذه الرواية ألفاظ يحتج أهل الأهواء على أن مجرد النطق بالشهادتين دون التزام لأحكامهما كاف للنجاة من النار ودخول الجنة مع الأبرار

وهو قوله: " إن لك عندنا حسنة واحدة " إذ إن نعت الحسنة بأنها واحدة يفيد نفي التعدد فيفيد الحصر وهو نظير قوله تعالى:

كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً.... (213). البقرة
وقوله تعالى: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) البقرة

وحاشا أن يخرج من في رسول الله صلى الله عليه وسلم حرف واحد يحتج به مبطل أو مبتدع أو متلاعب إذ إنه ثبت عن عبدِ الله بن عمرو، قال: كنتُ أكتبُ كلَّ شيءٍ أسمعُه من رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلم أُريدُ حفْظَه، فنهتْني قريشٌ، وقالوا: أتكْتبُ كلَّ شيءٍ تَسمَعُه من رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، ورسولُ الله صلَّى الله عليه وسلم بَشَرٌ يتكلَّمُ في الغضَبِ والرِّضا، فأمسَكتُ عن الكتاب، فذكرتُ ذلك لرسول الله صلَّى الله عليه وسلم، فأومأ بإصبَعِه إلى فيه، فقال: "اكتُبْ، فوالذي نفسي بيدِه، ما يَخرُجُ منه إلا حقٌّ ". رواه الإمام أحمد في مسنده وابن أبي شيبة في مصنفه وأبو داود في سننه والدارمي في سننه والحاكم في المستدرك وغيرهم.
ورحم الله إمام الأئمة ابن خزيمة رحمه الله إذ قال في مرجئة عصره: ولا يزال يسمع أهل الجهل والعناد ، ويحتجون بأخبار مختصرة ، غير متقصاة ، وبأخبار مجملة غير مفسرة ، لا يفهمون أصول العلم ، يستدلون بالمتقصى من الأخبار على مختصرها ، وبالمفسر منها على مجملها. كتاب التوحيد لابن خزيمة

وقد نظرت في طرق هذا الحديث وسبرت حال رجاله فوجدت الصحيح منه الخالي عن المعارضة مداره على الليث بن سعد من خمس طرق وهي:

1. طريق يحيى بن عبد الله بن بكير "المصري" جار الليث بن سعد وأوثق الناس فيه أخرج له الشيخان في الصحيحين وروايته لحديث البطاقة في مستدرك الحاكم وفيها: " إن لك عندنا حسنات ".

قال الحاكم في المستدرك:

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذَ الْعَدْلُ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ، قَالَا: ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُصَاحُ بِرَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُنْشَرُ لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ سِجِلًّا كُلُّ سِجِلٍّ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: أَلَكَ عُذْرٌ، أَوْ حَسَنَةٌ؟ فَيَهَابُ الرَّجُلُ، فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَاتٍ، وَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ، فَيُخْرَجُ لَهُ بِطَاقَةٌ فِيهَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ، قَالَ: فَيُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ، وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ فَطَاشَتِ السِّجِلَّاتُ، وَثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ.

قال الحاكم عقبه: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.

قلت وهو كما قال فالحديث من عند يحيى فمن فوقه صحيح على شرط مسلم ومن دون يحيى ثقات حفاظ

علي بن حمشاذ هو ابن سختويه بن نصر النيسابوري مترجم في سير أعلام النبلاء قال فيه الذهبي: العدل، الثقة الحافظ، الإمام شيخ نيسابور.

وعبيد هو ابن بن عبد الواحد بن شريك ابو محمد البزار مترجم في تاريخ بغداد وثقه ابن مزاحم وقال الدارقطني: هو صدوق

وأحمد بن إبراهيم بن ملحان هو أبو عبد الله البلخي صاحب يحيى بن عبد الله بن بكير وثقه الدارقطني وهو مترجم في تاريخ بغداد وفي سير أعلام النبلاء وقال فيه الذهبي: الشيخ، المحدث، المتقن.
يحيى هو ابن عبد الله بن بكير القرشي المخزومي مولاهم أبو زكريا المصري الحافظ وقد ينسب إلى جده وهو ثقة محتج بحديثه في الصحيحين

قال الحافظ في التقريب: ثقة في الليث ونقل عن ابن عدي في تهذيب التهذيب قوله: كان جار الليث بن سعد وهو أثبت الناس فيه وعنده عن الليث ما ليس عند أحد.

قلت: فروايته عن شيخه الليث هي الأصح والاوثق وهي المقدمة على رواية غيره عن شيخه الليث بن سعد فما بالك حال متابعته بهذا اللفظ الذي رواه كما سيأتي

2. طريق عبد الله بن صالح "المصري" كاتب الليث بن سعد وقد روى عنه البخاري في صحيحه في المتابعات والشواهد وروايته لحديث البطاقة في كتاب الدعاء للطبراني وفيها: " إن لك عندنا حسنات ". كحديث يحيى بن عبد الله بن بكير


قال: حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ الْأَزْدِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، به

مطلب بن شعيب بن حيان بن سنان بن رستم أبو محمد الأزدي مولاهم البصري المصري ثقة مترجم في الكامل لابن عدي وتاريخ الإسلام للذهبي وغيرهما


3. طريق ابن أبي مريم وهو سعيد بن الحكم "المصري" وهو ثقة ثبت ممن أخرج له الستة وروايته لحديث البطاقة في سنن ابن ماجة وفيها: " إن لك عندنا حسنات ". كحديث يحيى بن عبد الله بن بكير

قال: حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا ابن أبي مريم، حدثني الليث به

قلت: محمد بن يحيى هو ابن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذويب الذهلي الحافظ أبو عبد الله النيسابوري الإمام مترجم في التهذيب روى عنه البخاري في صحيحه وأصحاب السنن قال فيه ابن حجر في التقريب: ثقة حافظ جليل

4. طريق يونس بن محمد المؤدب "البغدادي" وهو ثقة ثبت أخرج له الستة وروايته لحديث البطاقة في مستدرك الحاكم ومن طريقه البيهقي في الجامع لشعب الإيمان وفيها: " إن لك عندنا حسنة " دون زيادة كلمة "واحدة" التي تفيد معنى الحصر

قال الحاكم: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَاضِي بِمَرْوَ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَعَافِرِيِّ الْحُبُلِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ يَسْتَخْلِصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا، كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ هَذَا، ثُمَّ يَقُولُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟ أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: أَفَلَكَ عُذْرٌ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: بَلَى، إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً، وَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ، فَيُخْرِجُ بِطَاقَةً فِيهَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ؟ فَقَالَ: إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ، قَالَ: فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ، وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ فَطَاشَتِ السِّجِلَّاتُ وَثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ، وَلَا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللَّهِ شَيْءٌ .

قلت: عبد الله بن الحسين القاضي هو النضري أبو العباس عبد الله بن الحسين بن الحسن
قال الذهبي في السير: الإمام، الصادق، المعمر، القاضي، أبو العباس عبد الله بن الحسين بن الحسن بن أحمد بن النضر بن حكيم النضري المروزي، قاضي مرو ومسندها.

والحارث هو ابن محمد بن أبي أسامة التميمي مولاهم

قال الذهبي في السير: واسم أبي أسامة: داهر، الحافظ، الصدوق، العالم، مسند العراق، أبو محمد التميمي مولاهم، البغدادي، الخصيب، صاحب المسند المشهور، ولم يرتبه على الصحابة، ولا على الأبواب.


5. طريق عبد الله بن المبارك "المروزي" وهو كما قال ابن حجر في التقريب: ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد جمعت فيه خصال الخير أهـ. وقد أخرج له الستة وفيها: " إن لك عندنا حسنة ". دون زيادة "واحدة" التي انفرد عنه فيها الطالقاني وقد روى ابن المبارك هذا الحديث في مسنده وفي كتاب الزهد من غير الزيادات التي ذكرها الطالقاني

وروى الحديث عن ابن المبارك من غير الزيادة كل من:

أ****. سويد بن نصر بن سويد "المروزي" راوية ابن المبارك وهو ثقة وروايته عند الترمذي في سننه قال: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ لَيْثِ بْنِ سَعْدٍ به.

ب****. عبد الوارث بن عبيد الله العتكي "المروزي" وهو صدوق كما في القريب وروايته للحديث عند ابن حبان في صحيحه قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد قال حدثنا عبد الوارث بن عبيد الله عن عبد الله قال أخبرنا الليث بن سعد به.

قلت: محمد بن عبد الله بن الجنيد أبو عبد الله النيسابوري نزيل جرجان ترجم له ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا وأورده ابن حبان في الثقات فقال فيه: كتبنَا عَنهُ نسخا حسانا مَاتَ سنة أَربع أَو ثَلَاث وثلاثمائة وَكَانَ شَيخا صَالحا. أهـ

وتوثيق ابن حبان له وجاهته في هذه الحال إذ إن هذا الراوي هو أحد شيوخه الذين لقيهم وأكثر عنهم الرواية في صحيحه وابن حبان مع ما يعرف عنه التساهل في توثيق المجاهيل فإن عنده شيء من التعنت في الجرح فهو من أهل الاستقراء للمرويات فإن ما يفوته من تبين ممن قلت روايته وجهل حاله لا يفوته ممن كثر حديثه مما يمكن تبين خطأه فيما رواه خصوصا ممن هم شيوخه


ت****. إبراهيم بن عبد الله بن أحمد الخلال "المروزي" وهو صدوق كما في التقريب وروايته جاءت في كتاب شرح السنة للبغوي قال:

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي تَوْبَةَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكِسَائِيُّ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ، أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلالُ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ ليثِ بْنِ سَعْدٍ به.

* ووافق اللفظ الذي رواه كل من ابن المبارك ويونس بن محمد رواية ذكرها الطبراني في المعجم الكبير والمعجم الأوسط حيث قال:

حدثنا عبد الرحمن بن حاتم أبو زيد المرادي المصري، قال: نا سعيد بن عفير، ويحيى بن بكير، قالا: نا الليث بن سعد، به
وجاء في لسان الميزان:
عبد الرحمن بن حاتم المرادي القفطي قال ابن الجوزي: متروك الحديث قلت هذا من شيوخ الطبراني ما علمت به بأسا يروي عن نعيم بن حماد وجماعة انتهى.

وقد ذكره ابن يونس في تاريخ مصر وقال يكنى أبا زيد تكلموا فيه توفي سنة أربع وتسعين ومائتين وحدث عن أبي صالح كاتب الليث وقال مسلمة بن القاسم ليس عندهم بثقة. أهـ

قلت: فالسند فيه ضعف الى سعيد بن عفير ويونس بن محمد

سعيد بن عفير هو: سعيد بن كثير بن عفير بن مسلم بن يزيد بن الأسود الأنصاري مولاهم أبو عثمان المصري وقد ينسب إلى جده

قال ابن حجر في تقريب التهذيب: صدوق عالم بالأنساب وغيرها قال الحاكم: يقال إن مصر لم تخرج أجمع للعلوم منه وقد رد ابن عدي على السعدي في تضعيفه من العاشرة مات سنة ست وعشرين. أهـ

فالحاصل فإن المحفوظ من الحديث لفظة: "إن لك عندنا حسنات" وهي الأقوى والأظهر والأصح إسناداً ثم يليها لفظة: "إن لك عندنا حسنة" ولا تعارض بينهما ولله الحمد والمنة والأظهر أن الليث كان يروي الحديث تارة بلفظ الحسنة وتارة بلفظ الحسنات.


وعوداً إلى رواية الطالقاني أقول: فكيف إذا علمنا أن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ممن يقول بالإرجاء؟

وكيف إذا علمنا أنه يغرب في روايته عن ابن المبارك؟

فالطالقاني هو: إبراهيم بن إسحاق ابن عيسى البُناني مولاهم أبو إسحاق الطالقاني نزيل مرو وربما نسب إلى جده

جاء في ضمن ترجمته في تهذيب التهذيب:
قال يعقوب بن شيبة: "ثقة ثبت يقول بالإرجاء".
وقال إبراهيم بن عبد الرحمن الدارمي: "روى عن ابن المبارك أحاديث غرائب".
قلت: وقد أخرج مسلم في مقدمة صحيحه في موضعين عن محمد بن عبد الله بن قهزاذ عن الطالقاني عن ابن المبارك كلاما في أحد الرجال وفي بيان علة في أحد الأسانيد ولم يروي له شيئا في ضمن الصحيح لا احتجاجا ولا متابعة


فمع كل ما سبق يترجح لدينا شذوذ هذه الألفاظ التي زادها الطالقاني في متن الحديث لتتفق وأفهام المرجئة قديماً وحديثاً

ومن هنا يتبين لنا كيف أن العلماء لم يقبلوا رواية المبتدع ما يقوي به بدعته وإن كان ثقة إذ إنه قد يرويه بالمعنى فيزيد أو يغير في ألفاظه على حسب فهمه الخاطئ للسنن.
فالبدعة من أسباب الطعن في عدالة الراوي وعدم قبول ما انفرد فيه مما يقوي بدعته
قال الحافظ ابن حجر في نزهة النظر: الأكثرُ على قَبولِ غيرِ الدَّاعيةِ ؛ إِلاَّ إنْ رَوى ما يُقَوِّي بِدْعَتَهُ ، فيُرَدُّ على المذهَبِ المُخْتارِ، وبهِ صرَّحَ الحافِظُ أَبو إِسحاقَ إِبراهيمُ بنُ يعقوبَ الجُوْزَجانِيُّ شيخُ أَبي داودَ ، والنَّسائِيِّ في كتابِه «معرفة الرِّجال» ، فقالَ في وَصْفِ الرُّواةِ: «ومِنهُم زائغٌ عن الحَقِّ - أَيْ: عنِ السُّنَّةِ - صادقُ اللَّهجَةِ ، فليسَ فيهِ حيلةٌ ؛ إِلاَّ أَنْ يُؤخَذَ مِن حديثِه غير ما لا يكونُ مُنْكراً إِذا لم يُقَوِّ بهِ بدْعَتَهُ» اهـ .

قلت: وقد احتج غير واحد في هذا الزمان بهذا الحديث على عدم إكفار تارك الصلاة متجاهلا الإجماع الذي صح عن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين في إكفار تارك الصلاة

ولعل معترضا يقول: أن لا فرق في المعنى بين قول "إن لك عندنا حسنة" وبين "حسنة واحدة"

فأقول مستعينا بالله: إن صيغة الإثبات المجرد لا تفيد الحصر ولا يفهم منها الإفراد ولا يعدو الأمر إلا أن يكون مماثلا لما رواه الشيخين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِئَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ.
قال النووي في شرح صحيح مسلم:
وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيث لَيْسَ فِيهِ حَصْر لِأَسْمَائِهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى ، فَلَيْسَ مَعْنَاهُ: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَسْمَاء غَيْر هَذِهِ التِّسْعَة وَالتِّسْعِينَ ، وَإِنَّمَا مَقْصُود الْحَدِيث أَنَّ هَذِهِ التِّسْعَة وَالتِّسْعِينَ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّة ، فَالْمُرَاد الْإِخْبَار عَنْ دُخُول الْجَنَّة بِإِحْصَائِهَا لَا الْإِخْبَار بِحَصْرِ الْأَسْمَاء ، وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيث الْآخَر : " أَسْأَلك بِكُلِّ اِسْم سَمَّيْت بِهِ نَفْسك أَوْ اِسْتَأْثَرْت بِهِ فِي عِلْم الْغَيْب عِنْدك ".أهـ
وتأمل ما صح عن ابن المبارك وهو أحد رواة الحديث من قوله رحمه الله مما رواه محمد بن نصر المروزي في كتاب تعظيم قدر الصلاة قال:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ، يَقُولُ: " مَنْ قَالَ: إِنِّي لَا أُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ الْيَوْمَ فَهُوَ أَكْفَرُ مِنَ الْحِمَارِ "

قلت: وهذا إسناد قوي
أحمد بن سيار بن أيوب أبو الحسن المروزي الفقيه ثقة حافظ مترجم في التهذيب أخرج له النسائي في سننه
وعلي بن الحسن بن شقيق أبو عبد الرحمن المروزي ثقة حافظ مترجم في التهذيب أخرج له الستة.

والحاصل فإن الأمر لا يقف عند مرجئة العصر على الصلاة فقط بل تعداها إلى الالتزام بجميع أعمال الجوارح الفارقة بين حصول الإيمان من انعدامه إذ إن حصول الإيمان الذي يحقن به الدم و كما هو المتقرر عند أئمة السلف فمن بعدهم من أهل السنة والجماعة ليس قاصرا على النطق بالشهادتين بل يتعداهما إلى حصول الالتزام المتضمن لأعمال القلوب ومطلق أعمال الجوارح فإنهما من حقوق الشهادتين ومقتضياتهما

قال الله عز وجل: ( فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) التوبة

وفي الصحيحين عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله».

قال الحافظ في الفتح: وَفِيهِ مَنْعُ قَتْلِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَلَوْ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ هَلْ يَصِيرُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ مُسْلِمًا الرَّاجِحُ لَا بَلْ يَجِبُ الْكَفُّ عَنْ قَتْلِهِ حَتَّى يُخْتَبَرَ فَإِنْ شَهِدَ بِالرِّسَالَةِ وَالْتَزَمَ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ وَإِلَى ذَلِك الْإِشَارَة بِالِاسْتِثْنَاءِ بِقَوْلِهِ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ. أهـ

وقد فصلت مفهوم الالتزام في مقدمة هذه الرسالة ما يغني عن إعادته هاهنا

وحديث البطاقة روي بطرق أخرى لا تخلوا من مقال في أسانيدها من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وهي:

1. طريق عبد الله بن لهيعة وهو ضعيف ذكر إسنادها الترمذي في السنن عن قتيبة بن سعيد وأخرجها الإمام أحمد في مسنده قال:

حدثنا قتيبة، حدثنا ابن لهيعة، عن عامر بن يحيى، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو بن العاصي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " توضع الموازين يوم القيامة، فيؤتى بالرجل، فيوضع في كفة، فيوضع ما أحصي عليه، فتمايل به الميزان "، قال: " فيبعث به إلى النار، فإذا أدبر به إذا صائح يصيح من عند الرحمن، يقول: لا تعجلوا، لا تعجلوا، فإنه قد بقي له، فيؤتى ببطاقة فيها: لا إله إلا الله،، فتوضع مع الرجل في كفة، حتى يميل به الميزان ".

2. طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي وهو صالح ضعيف في حفظه ، عن عبد الله بن يزيد ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رواها عنه كل من:

أ****. الآجري في كتاب الشريعة قال:
حدثني أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا إسماعيل بن عياش الحمصي ، عن عبد الرحمن بن زياد الإفريقي ، عن عبد الله بن يزيد ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يؤتى يوم القيامة برجل إلى الميزان ، ويؤتى بتسعة وتسعين سجلا ، كل سجل منها مد البصر ، فيها خطاياه وذنوبه ، فتوضع في كفة الميزان ، ثم يخرج بطاقة بقدر أنملة فيها : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، فتوضع في الكفة الأخرى ، فترجح بخطاياه وذنوبه ».

ب****. عبد بن حميد في مسنده قال:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : يُؤْتَى بِرَجُلٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، ثُمَّ يُؤْتَى بِالْمِيزَانِ ، ثُمَّ يُؤْتَى بِتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ سِجِلًّا ؛ كُلُّ سِجِلٍّ مِنْهَا مَدُّ الْبَصَرِ ، فِيهَا خَطَايَاهُ وَذُنُوبُهُ ، فَيُوضَعُ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ ، ثُمَّ يُخْرَجُ لَهُ قِرْطَاسٌ مِثْلُ هَذَا وَأَمْسَكَ بِإِبْهَامِهِ عَلَى نِصْفِ إِصْبُعِهِ الدُّعَاءُ فِيهَا شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، فَيُوضَعُ فِي كِفَّةٍ أُخْرَى ، فَيَرْجَحُ بِخَطَايَاهُ وَذُنُوبِهِ.

ت****. الطبري في تفسيره موقوفا على عبد الله بن عمرو قال:
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال، حدثنا جعفر بن عون قال، حدثنا عبد الرحمن بن زياد الإفريقي، عن عبد الله بن يزيد، عن عبد الله بن عمرو قال: يُؤْتى بالرجل يوم القيامة إلى الميزان، فيوضع في الكِفّة، فيخرج له تسعة وتسعون سِجِلا فيها خطاياه وذنوبه. قال: ثم يخرج له كتاب مثل الأنْمُلة، فيها شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم. قال: فتوضع في الكِفّة، فترجح بخطاياه وذنوبه.

ث****. ابن أبي الدنيا فيما نقله عنه ابن كثير في البداية والنهاية قال:
قال ابن أبي الدنيا: حدثنا أحمد بن محمد بن البراء المقري، حدثنا يعلى بن عبيد عن عبد الرحمن بن زياد عن أبي عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو رفعه قال: " يؤتى برجل يوم القيامة إلى الميزان، فيخرج له تسعة وتسعون سجلاً، كل سجل منها مد البصر، فيها ذنوبه وخطاياه، فتوضع في كفة، ثم يخرج له قرطاس مثل الأنملة فيه شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، فتوضع في كفة أخرى، فترجح بخطاياه " .

3. طريق محمد بن الحارث عند الخرائطي في المجالسة وجواهر العلم موقوفا على ابن عمرو قال:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ حَمَّادٍ ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ ، نَا الْمَدَائِنِيُّ ؛ قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ : يُؤْتَى بِرَجُلٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُخْرَجُ لَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ سِجِلًّا فِيهَا خَطَايَاهُ ، وَتُخْرَجُ لَهُ بِطَاقَةٌ - يَعْنِي رُقْعَةٌ - فِيهَا شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ ، فَتَرْجَحُ بِهَا.

وروي أيضا بمعناه عن اثنان من الصحابة وهما أنس بن مالك رضي الله عنه وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما

فقد أخرجه عن ابن عباس كل من:

1. عبد بن حميد في مسندق قال:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، حَدَّثَنِي أَبِي: أَنَّ أَبَا هَارُونَ الْغِطْرِيفِ، حَدَّثَهُ: أَنَّ أَبَا الشَّعْثَاءِ، حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُ أَنَّ الرُّوحَ الْأَمِينَ حَدَّثَهُ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَضَى أَنْ يُؤْتَى بِعَمَلِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَسَنَاتِهِ وَسَيِّئَاتِهِ، فَيُقَصُّ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، فَإِنْ بَقِيَتْ لَهُ حَسَنَةٌ وَاحِدَةٌ وَسَّعَ اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ مَا شَاءَ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ: قَالَ أَبِي: فَقُلْتُ لِأَبِي سَلَمَةَ بْنِ يَزْدَادَ: فَإِنَّهَا ذَهَبَتِ الْحَسَنَةُ فَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ؟ فَقَالَ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوَعَدُونَ} [الأحقاف: 16].

2. البخاري في التاريخ الكبير وفيه:
قَالَ: قَيس بْنُ حَفص، قَالَ: حدَّثنا مُعتَمِر، قَالَ: حدَّثنا الحَكَم بْنُ أَبان العَدَنِيّ، عَنِ الغِطريف أَبي هَارُونَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيد،، عَنِ ابْنِ عَبّاس، عَنِ النَّبيِّ صَلى اللَّهُ عَلَيه وسَلم، قَالَ: يُؤتَى بِحَسَناتِ العَبد وسَيِّئاتِهِ، فَيُقتَصُّ بَعضُها مِن بَعضٍ، فَإِن بَقِيَت حَسَنَةٌ وسَّعَ اللَّهُ لَهُ فِي الجَنَّةِ.".


3. الطبري في تفسيره قال:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا معتمر بن سليمان، عن الحكم بن أبان، عن الغطريف، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، عن الروح الأمين، قال: "يُؤْتَي بِحَسَناتِ العَبْدِ وَسَيِّئاتِهِ، فَيَنْقُصُ بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ، فإنْ بَقِيَتْ حَسَنَةٌ وَاحِدَةٌ، وَسَّعَ اللهُ لَهُ فِي الجَنَّة"، قال: فدخلت على يزداد، فحدّث بمثل هذا؛ قال: قلت: فأين ذهبت الحسنة؟ قال: (أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتهِمْ فِي أصحابِ الجَنَّةِ وَعْدَ الصّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ).

4. الحاكم النيسابوري في مستدركه قال:
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الشَّيْبَانِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الذُّهْلِيُّ ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَكَمَ ، يُحَدِّثُ عَنِ الْغِطْرِيفِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرُّوحِ الأَمِينِ قَالَ : قَالَ : قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ : يُؤْتَى بِحَسَنَاتِ الْعَبْدِ وَسَيِّئَاتِهِ فَيَقُصُّ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ فَإِنْ بَقِيَتْ حَسَنَةٌ وَسَّعَ اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ قَالَ : فَدَخَلْتُ عَلَى يَزْدَادَ فَحَدَّثَنَا بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ ، قُلْتُ لَهُ : فَإِنْ ذَهَبَتِ الْحَسَنَةُ ؟ قَالَ : {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا} وَقَرَأَ إِلَى قَوْلِهِ - {يُوعَدُونَ} قُلْتُ لَهُ : فَرَأَيْتُ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ} أَعْيُنٍ وَقَالَ : الْعَبْدُ يَعْمَلُ سِرًّا أَجْرُهُ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلاَ تَعْلَمُ بِهِ النَّاسُ فَأَسَرَّ اللَّهُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قُرَّةَ عَيْنٍ.

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ لِلْيَمَانِيِّينَ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ ، وَالْحَكَمُ الَّذِي يَرْوِي عَنْهُ الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ هُوَ : الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ الْعَدَنِيُّ ، وَالْغِطْرِيفُ هُوَ : أَبُو هَارُونَ الْغِطْرِيفُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْيَمَانِيُّ.

حَدَّثَنَا بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْتُهُ أَبُو أَحْمَدَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ الصَّيْرَفِيُّ ، بِمَرْوَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ الْفَضْلِ الْبَلْخِيُّ ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ ، حَدَّثَنِي أَبُو هَارُونَ الْغِطْرِيفُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ ، أَنَّ أَبَا الشَّعْثَاءِ ، حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حَدَّثَهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُ أَنَّ الرُّوحَ الأَمِينَ حَدَّثَهُ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَضَى أَنْ يُؤْتَى بِعَمَلِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَسَنَاتِهِ وَسَيِّئَاتِهِ فَيَقُصُّ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ ، فَإِنْ بَقِيَتْ لَهُ حَسَنَةٌ وَاحِدَةٌ وَسَّعَ اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ مَا شَاءَ.
قَالَ الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ : فَأَتَيْتُ أَبَا سَلَمَةَ ، يَزْدَادَ فَقُلْتُ لَهُ : فَإِنْ ذَهَبَتِ الْحَسَنَةُ وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ ؟ فَقَالَ : {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا} إِلَى قَوْلِهِ - {الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ}.

قلت: ومدار ما روي عن ابن عباس على أبي هارون الغطريف وهو مجهول الحال ترجم له كل من البخاري وابن أبي حاتم الرازي ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً ويصلح ما صح من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص شاهداً يتقوى به ما روي عن ابن عباس.
وأخرجه عن أنس بن مالكابو نعيم الاصفاني في حلية الأولياء قال:حَدَّثَنا سليمان بن أَحمد قال حَدَّثَنا فضيل بن محمد الملطي قال حَدَّثَنا موسى بن داود قال حَدَّثَنا الهيثم بن جماز عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤتى بعمل العبد يوم القيامة فيوضع في كفة الميزان فلا يرجح حتى يؤتى بصحيفة مختومة من يد الرحمن عز وجل فتوضع في كفة الميزان فترجح وهو لا إله إلا الله .
غريب من حديث ثابت تفرد به الهيثم بن جماز وهو بصري قاص

وأخرجه ابن عدي الجرجاني في الكامل في ترجمة الهيثم بن جماز قال:
وَحَدَّثنا علي بن أحمد بن سليمان ، حَدَّثَنا إبراهيم بن يعقوب ، حَدَّثَنا موسى بن داود ، حَدَّثَنا الهيثم بن جماز ، وكان قاصا ، عن ثابت البناني ، عَن أَنَس ، قَال رَسُول اللهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسلَّمَ : يؤتى بعمل المؤمن يوم القيامة فيوضع في كفة الميزان ، فلا يرجح حتى يؤتى بصحيفة مختومة من عند الرحمن ، فتوضع في كفة الميزان فترجح ، وهي لا إله إلا الله.

قلت: إسناده ضعيف فيه الهيثم بن جماز وهو ضعيف منكر الحديث مترجم في لسان الميزان

وفي الختام فللقوم أعني مرجئة العصر وغيرهم ممن تعصف بهم الأهواء ألفاظ منتقاة بعناية على حسب أهوائهم
قد علقت عليها ببيان وافٍ ونظر ثاقب بتوفيق من الله تعالى ستخرج حال الانتهاء منها وقد تعجلت بإخراج هذه الرسالة بسبب إلحاح عدة من إخواني الأفاضل وإلا ففي الجعبة الكثير والحمد لله ولهذه المسائل ذيول لا تكاد تنتهي ولكن الحر بالإشار يفهم وبالمثال يتضح المقال

وصلى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً

كتبه: أبو يعقوب يوسف بن أحمد سمرين
في غرة شهر رمضان من العام 1435 هـ