صبيحة العيد
يستيقظ القوم صباح العيد ـ هذا إن ناموا أصلاً ـ والنشاط يتدفق من جوارحهم ،
والحيوية تتقاطر من وجوههم ، والهمة تنبع من سواعدهم ،
فيتوجهون إلى مصلاهم بجباهٍ مشرقة وضاءة ، وأعناقٍ مشرئبة للغفران تواقة ،
ويعودون مجبوري الخاطر ، طاهري السريرة ، نظيفي الطوية ،
قد أسقطت المصافحة ذنوبهم ، وأدمع العناق عيونهم ، وأزال اللقاء شحناءهم ،
فإذا بهم أخوة لا تقهر ، و أواصر لا تبتر ، ولحمة لا تنفصم ، وقوة لا تنهزم .
فإذا انقضت أيام العيد ، تبدلت الأحوال ، وتغيرت الرجال ،
وتحورت الأقوال ، وتبددت الأفعال ،
وساد الكيد ، و عمَّ الحقد ، وانتشرت الأنانية ،
وحلَّ الكبر محل التواضع ، وأزاح الغلُّ أزاهير التسامح والتصافي ،
وانمحى اللقاء بشواظ التجافي :
[poem=font="Traditional Arabic,6,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/23.gif" border="double,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
ما ضركم يا سادتي لو عشتمُ=أيامكم عيداً مدى الأزمان ؟
ما ضركم يا سادتي أن تنعموا=طول الحياة بنعمة الإخوان ؟
هل عيدكم يومان يحلو لفظكم=فإذا انقضى ، ملتم إلى الأدران ؟
أوَ ما قـرأتم ( إنما) في هـديه=تدعوكـمُ للبـر والإحسان ؟
إبليسُ يرضى أن يرى شحناءكم=تسري فتقـذف ألسن البركان
أما الأخـوة والتراضي بينكم=فتحيلـه خبَـلاً بغيـر جَنَان
صدَّقتـمُ نهج اللعين وحزتـمُ=عن نهـج ربي مبـدع الأكوان
هل رجعة تمحو الشقاق فنـزدهي=في ظلـها ، في طـاعة الرحمـن ؟
هل عودة للـودِّ يكسو قلبنــا=لنعـود أقـوى ، قبل فوتِ أوان؟
العيـد مدرسة المحبـة و الوفـا=لا ينجـحُ المتعجـرف المتوانـي
فإلى رحاب الحبِّ يجري جمعنـا=لنفوز بالأخرى ، مع العدنـاني .[/poem]