أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


(تسهيل الحصول على الجنى من الثلاثة الأصول، نظم الأصول الثلاثة لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ)
النظم لأبي عمر / أحمد محمد الحاج الحسني الأدرعي الجلالي

مقدمة:
الحمدلله البديع الخلقِ
وباعثِ الرسل بحسن الخُلق
نحمده سبحانه، نوحِّده
نرضى به ربًّا، وما إن نجحده

والواصلات الغرُّ من صَلاته
للمصطفى في الوفد من صِلاته

تترى على روضته كالسُّحب
تجرُّ ذيلا فوق نادي الصحب

وبعد: فالتوحيدُ أقصى غايه
به نجاتنا من الغوايه
فياله كهفَ أماننا غدا
به نعيش في الجنان رغَدا
كم ضلَّ في طريقه من النِّحل
فبعضهم زاغ، وبعض في الوحل
من ثَمَّ فالشيخ التميمي اختصر
أصوله وللأدلة انتصر
مختصر اللفظ، ومعناه ثقيل
ففكر من وافى به جد صقيل
فهو لليل الجهل صبحُ الكشف
دواء ذي داءٍ بنص يشفي
فقلت: لونُظم، ما أولاه
بطالب العلم وما أحلاه
لو أنه منتسق المعاني
لسهُل الحفظُ لمن يعاني
من هاهنا عقدت في النظام
دررَه لمرتوٍ وظام
فسم ماوشيت (تسهيل الحصول
على الجنى من الثلاثة الأصول)
إن فاتني بنظمه شيخ الحرم
فإنني في إثره ولا جرم


والله يجزيني وإيَّاه هنا
وفي غدٍ كأسَ القبول والهنا
وكل مافي الأصل أدى غضَّا
ثم على التوحيد أبدى حضا
أهديته للمبتغي وأملي
أن يقبل الله تعلى عملي
فعَلَّه ينفعني في الآخره
به إذا صارت عظامي ناخره
فها أنا أشرع في المقصود
وربنا المرجوُّ للقصود

المسائل الأربع التي يجب تعلمها:


ياهاءك احوِ مَسئلاتٍ لا وصول
إلا بها، فهنَّ أركان الأصول
أولها: معرفة الله الأجلّْ
معرفةً في ضمنها فرط الوجل
ثمتَ معرفة خير البَشر
من بشر الناس بنيل البُشر

كذاك معرفة أزكى ملَّه
معرفة اليقين بالأدله
ثانيةُ المسائل: العملُ به
ثالثها: الدعوة فادع وانتبه
وهكذا الصبرُ على الأذيه
في الدين، في الرابعة الشذيه
واستشهدن بما أتى في العصر
واقرء إلى أن تنتهي بالصبر
من ثم قال الشافعي تكفي
للخلقِ حجة وداءً تشفي
وابدء بعلم قبل قول وعمل
توافق المنطوق غيراً ما احتمل
كما إليه أرشد التبويبُ
من البخاريْ، وله تصويبُ
ومأخذ استنباطه اعلم أنه
قول الإله جل (فاعلم أنه)

المسائل الثلاث التي يجب تعلمها:
أيضا تعلُّم ثلاثٍ والعمل
بهن واجب على الهدي اشتمل
فابدء بأن الله مولانا خلق
جميع مخلوقاته ثم رزق
لم يترك الخلق سُدى وهمَلا
بل أرسل الله إليهم رسلا
فمن أطاعهم فأهل الجَنَّه
وما لعاصٍ دون نار جنه
دليله موضح سبيلا
بقوله:(إنا) إلى (وبيلا)
ثنِّ بأن الله لايرضى معه
ندا،فهل يشرك إلا الإمعه
فلا نبيا مرسلا، ولا ملك
مقربا، أوملكا وما ملك

دليله لمبتغي النَّص (فلا
تدعو مع الله)وتدعو الجفلى
ثلِّث بان من أطاع المصطفى
ووحد الله تعلى قد وفى
ليس له يجوز في الشرع الولا
إما يحادد غيرُه المولى علا
سيان في ذلك أقرب قريب
فحظه البراء منه كالغريب
واطلب دليل ذاك في الذكر تجد
إذ في المجادلة قال:(لا تجد)
ثم الحنيفيَّة ملة الخليل
أن تعبد الرحمن مولاك الجليل
وأن تكون مخلِصا للدين
له، فليس الشك كاليقين
فالله ربنا بذاك أمرا
عباده، لأجله خلقُ الورى
(وما خلقت الجن والإنس)إلى
(ليعبدون) قالها ربُّ الإلى
وأعظم الذي به الله أمر
عباده التوحيد، فهوالمعتبر
تعريفه إفراد رب الناس
أي بالعبادة، بلا إلباس
والشرك أعظم الذي عنه نهى
من دون أدنى الشك أربابَ النهى
وحدًّه: دعوة غيره معه
وفي دعاء ربنا الحق سعه
وفي النساءِ (واعبدوا الله) وفي
(لاتشركوا به) دليله يفي

الأصول الثلاثة:
الأصل الأول
إن قيل ما الأصول أعني ما يجب
عليك معرفته حتما أجِب
معرفة الإله حسبُ المسلم
ودينك اعرف،والنبيَّ تسلم
هذا: وذلك امتحان القبر
فحققنه قبل وقتِ السبر
إن قيل من ربك؟ قل ربي الذي
ربَّى بنعماه الجميع تحتذي
وهو معبودي لا سواه
من ليس في صفاته ساواه
و (الحمد لله)على ما قيلا
دلت ومن أصدق منه قيلا
وكل ماسوى الإله عالّم
وربنا بما احتواه عالِم
فإن يُقل:عرفت ربك بمه؟
فقل: بخلقه وآي محكمه
فالليل والنهار من آياته
وفي الكتاب اقرأ (ومن آياته)
و(إن ربكم) دليل كاف
لخلقه في سورة الأعراف
وربنا جلَّ هو المعبود
بالحق، وهو الأحد المحمود
وقوله: (يا ايها الناس اعبدوا
ربكم الذي) دليلٌ يشهد
ولابي الفداء قولٌ نشره
ينسيك مسكاً إذ يفوح نشره
إذقال:من خلق ما في الآيه
حُقت له عبادة للغايه
وكل نوع للعبادة أمر
به تعلى فهو لله استمر
مثاله: الإسلام والإيمان
ونحو ذينك يُرى الإحسانُ
منها الدعا أيضا، وقوله(فلا
تدعو مع الله )دليلا انجلى
ثم الدعآ من العبادة كما
به (الدعاء مخـ)ها قد حكما
واستشهدن هنا بقول الغافر
(وقال ربكم) أتت في غافر
والخوف منها: ودليله وفَى
(فلا تخافوهم وخافون)،كفى
وآخرُ الكهف دليل للرجا
وهو من عبادة كالخوف جا
و(فتوكلوا)دليل يُرشد
إلى التوكل على من يعبد
وقوله(من يتوكل) تنفي
سوى الرحيم فالرحيم يكفي
ورغبة ورهبة خشوع
دليلها في الأنبيا مسموع
إذقال ربنا تعلى(رغبا
ورهبا)وفي الخشوع رغَّبا
وقوله: (فاخشون) قبله (ولا
تخشوهم) الأمرَبخشية جلا
وبالإنابة عباده أمر
إذ قال جل: (وأنيبوا)في الزمر
وقوله(إذا استعنت فاستعن
بالله) في حديث أحمد يعن
والاستعاذة برب الفلق
قد وردت في الناس مثل الفلق
والاستغاثة به دليلها
(إذ تستغيثون) فما بديلها؟
وليس يَذبح لغير الله
-إن قُصد التعظيم -غيرُ اللاهي
فصرفه للجن أو للملك
شرك كما تقضي به (ونسكي)
وجاء في الحديث لعن من ذبح
لغير خالق الورى إذ لم يُبَح
والنذر من جنس العبادة وفي
(يوفون بالنذر) دليل اقتفي
وما مضى امنع صرفه للخلق
فهو حق من حقوق الحق

الأصل الثاني:

ثاني الأصول العلم بالإسلام
وهو بتوحيدٍ وباستسلام
كذاك بالطاعة وانقياد
لربنا والترك للأنداد
وبالبراءة من اهل الشرك
حتما بهجر فعلهم وترك
وديننا مراتب وتُقسم
إلى ثلاث،كلها سترسم
وخمسة أركان أول بها
قضى الحديث، وعليها نبَّها
فكلمة الإخلاص، فالصلاة
فالصوم، فالحج، كذا الزكاة
فـ(شهد الله)على الشهاده
دلت ،ولا حاجة للزيادة
أي: ليس معبود بحق إلا
إلهنا الخالق ،عز جلا
و(لا إله) يقتضي نفي سوى
إلهنا المعبود إذ ليسا سوآ
وأثبتت عبادة لله
إذ ماله في الخلق من مضاه
وما له في ملكه شريك
- سبحانه - فإنه المليك
تفسيرها يحكيه بالتوضيح
ربُّ السماء عن أبي الذبيح
إذ قال :( إنني براء ) وكذا
ما بعده من حجة فلتحتذى
أما الشهادة بإرسال النَّبي
دليها في توبة لا يختبي
معناتها طاعته إن أمرا
مصدَّقا حديثُه إن أخبرا
ثم اجتناب ما نهى عنه وما
يزجر عنه مطلقا إن علما
هذا وألا يَتعبد الأحد
-إلا بما شرعه له- أحد
وللصلاة والزكاة حجه
تضيئ للموحد المحجه
وهي في الذكر تلوح بينه
فانظر تجدها في مطاوي البينه
أما الصيام فدليله كتب
(يا ايها الذين آمنوا كتب)
والحج إن رمت له دليلا
فاقرء(ولله)إلى( سبيلا)
والرتبة الثانية الإيمان
فإنه لأهله أمان
شعبه سبعون بل تزيد
في سنة لبعضها تقييد
فكلمة الإخلاص أعلى وإذا
أردت أدناها إماطة الأذى
ثم الحياء شعبة جليله
تحجب أهلها عن الرذيله
وستة أركانه بالنص
معلومة تأتيك دون نقص
إيماننا بالله والملائك
وكتبه وحاملي الألائك
واليوم الآخر وتصديق القدر
سيان في ذلك خيره وشر
دليل ما قبل الاخير ثَم عن
في قول رب العرش (ليس البر أن)
أما دليل ما مضى من القدر
فإنه ضمته سورة القمر
وهاءك الإحسان بعد الثانيه
صُره إليك فهو عين الثاليه
أن يعبد الله كأنه يراه
إن لم يكن يراه، فالله يراه
وشاهد الإحسان كالبرق لمع
في قوله في النحل (إن الله مع)
ثم له في يونسٍ أدله
والشعرآ، تلتاح كالأهله
وفي حديث جبرائيل قد ورد
عن عمر الفاروق نصا لا يرد

الأصل الثالث:
معرفة النبي ثالثُ الأصول
بها إلى معارج الهدي الوصول
وهو محمدُ بن عبد الله
من كان ذا فضل عظيم الجاه
نسبه المعروف: عبد المطلب
فهاشمٌ من بعده إذا طلب
إلى قريشٍ ينتهي أهل الحسب
إلى ذبيح الله يا نعم النسب
له من العمر ثلاثٌ بعدها
ستون إن رمتَ السنين، عدّها
وقبل أربعين لم يُنبّا
بل بعدها،حبًّا له وحبا
نبئ بـ(اقرأ)ثم ب(المدثر)
وأختها أُرسل خير البشر
بلده مكة، ثم هاجرا
إلى المدينة، ففضلها جرى
بُعث بالتوحيد صفوا ودعا
إليه فالشرك انثنى وودَّعا
وإنه في سورة ادثار
أمره مولاه بالإنذار
وأول السورة خذ تفسيره
موضَّحا ثم اتخذه سيره
فقوله (أنذر) بمعنى حذر
من شرَك الشرك الورى لا تذر
أيضا ومعنى قوله:( فكبر)
عظم بتوحيد من الشرك بري
وطهر الأعمال من شرك كما
به (ثيابك فطهر) حكما
(والرجز فاهجر)ه ومعناه الصنم
وهجره الترك وأن لايُستلم
ثم على هذا قضى عشرَ سنين
يدعو جموع شِيخةٍ مع البنين
وبعدها عروجه إلى السما
يصحبه جبريل من به سما
ففرض الله-صلاتُه عليه-
صلاتَه خمسين بل خمسا عليه
وفي ثلاث سنواتٍ صلى
بمكةٍ يهدي به من ضلا
وبعدُ هاجر إلى المدينه
فأرشد الناس وبثَّ دينه
والهجرة اعرف حدَّها ورغب
فيها كما رغبنا فيها النبي
وهي انتقالٌ من أراضي الكفره
إلى بلاد المسلمين البرره
وهي فريضة وتبقى أبدا
للناس مثل حالها بادي بدا
وقوله في سورة النساء
(ألم تكن) دليل ذي ائتساء
ومثلها في (إن أرضي واسعه)
أي دليل مشرق فيه سعه
وسبب النزول للآية ما
للبغوي الحبرِ شيخ العلما
إذ قال في الذين لم يُهاجروا
قد نزلت ليفعلوا، فيؤجروا
هذا وفي السنة أيضا لائح
دليلها كالشمس،مسك فائح
معناه:لاتنقطع الهجرة أو
تنقطعَ التوبة، فانظر مارووا
وحينما استقرَّ، بالشرائع
نادى بأسلوبٍ بديع رائع
وبالزكاة والصيام أمرا
والحج مع جهاده أولي المرا
وعرَّف المعروف ثم المنكرا
بالنهي عنه رده ونكَرا
وقد قضى عشرا على هذا السَّنن
حتى استبانت في الدُّجى شمس السنن
وبعدها صارت عقولٌ كالهبا
من حزنها العظيم لما ذهبا
مضى ودينه القويم باق
ليزع الخلقَ عن الإباق
فالخير قد روَّى الجميع منه
والشرك هده وصد عنه
فالخيرُ كل الخير في التوحيد
إليه أقبلْ واخش من محيد
والشرك لا يرضاه بل يأباه
بل كان يستأصل من ربَّاه
فإنه للثقلين بُعثا
طرا،لهدي من أسا ومن عثا
طاعتُه فرض عليهما ترى
كالجنِّ في الإلزام سائر الورى
دليله في الذكر(قل يا أيُّها)
(إني رسول الله)جاء بعدها
وأكمل الله به الديانه
حقا وقد أدى لنا الأمانه
ف(اليوم أكملت لكم)في الآيه
فاقرأ إلى أن تنهي للغايه
وقوله(إنك ميت) على
نقل الهدى دل إلى روض العلى
ومن يَمت فبعثُه لاريب فيه
وكم دليل مثل شمس نقتفيه
(منها خلقناكم)إلى النهايه
دلت فإن البعث كالبدايه
كلاهما أمر على الله يسير
فليس في الكون عليه من عسير
والناس بعد بعثهم إلى الحساب
وكلهم يجزى بقدر الاكتساب
وقوله( ليجزي الذين) دل
فليس في البعث مجال للجدل
ومن به أي بالنشور كذّبا
فإنه بالكفر عند الله بآ
وقوله (لتبعثن)مع ما
من قبله يجلو عن القلب العمى
وأرسل الرسل وبالبشاره
جاءوا من الله وبالنذاره
دليل ذاك قول ربي( رسلا
مبشرين) فاتلها وماتلا
وفي كتاب الله مولانا يلوح
أن ابتداء سمطِ رسْل الله نوح
في قوله: (إنا) و(أوحينا إليك)
تليه شاهد, فضمه إليك
وبعث الله لكل أمة
منه, إلى الهادي رسول النعمة
يأمرهم أي بعبادة الأحد
سبحانه وينذر الذي جحد
كذاك عن عبادة الطاغوت قد
نهى وبالتوحيد أمره فقد
عرفه ابنُ قيمٍ والاعتقاد
تقديم ما أفتى به بلا انتقاد
فقال ما العبد تجاوز به
حدا كمتبوع وكلِّ مشبه
ممن له جناح الاتباع
يخَفض ،من متبوع أو مطاع
إن يعط حق الحق فهو يُبعد
فطاعة الله تعلى أسعد
ثم الطواغيتُ كثيرة العدد
يَقدمهم إبليس، بئس المستمد
واعطف عليه-وهو ذو أمراض-
من عبدوه وهو عنهم راض
ومن إلى عبادة لنفسه
يدعو لربح هو عين بخسه
أو ادعى معرفةً للغيب
فذاك من خواض بحر الريب
ومن بغير منزل الله حكم
يا ليته اعتاض من القولِ البكم
إن تلتمس حجة ذا تراها
في قول رب العرش(لا إكراه)
وذاك معنى كِلمة الإخلاص
أكرم بها مطيةَ الخلاص
ثم حديث رأسِ الأمر فيه
دلالة لمنصف تكفيه

الخاتمة:

ياهاهنا أتممته ترصيعا
نظما يحاكي لؤلؤا نصيعا
نقحته من كل عيبٍ شين
وكم حوى من أي لفظ زين
وليس قصديَ هنا التباهي
إذ لم يكن شنشنةَ الأنباه
فالحمد لله الذي أسدى إليّْ
نعمه وأسبغ الفضل علي
ثم صلاة الله في طي السلام
على حبيب الله دوما والسلام

فُرغ من نظمه عام 1423هـ