أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


«التبصرة» لأبي الحسن علي بن محمد اللخمي، المتوفى سنة 478هـ.
=== === ====
يخلط كثيرون بين تبصرة أبي الحسن علي بن محمد اللخمي القيرواني، وتبصرة عصريِّه وبلديِّه وشيخه أبي القاسم عبد الرحمن بن محرز القيرواني، المتوفى سنة 450 هـ؛ لأن كليهما لخميٌّ قيروانيٌّ، ولكل منهما كتابٌ بنفس الاسم، ونتج عن هذا الخلط أنهم اعتبروا تبصرة اللخمي شرحا على المدونة، وهي أبعد ما تكون عن ذلك، بل هي تأليف مستقل لا يتقاطع مع المدونة واختصاراتها إلا في أسماء كتُبها وشيء من ترتيبها، وتختلف عنها في رد اللخمي إلى الدليل فيما وقع فيه خلاف، لذلك أُخذ عليه مخالفة المذهب في مسائل عديدة، وترتب على هذه المخالفة توقف بعض الفقهاء عن الفتيا بما فيه.
قال ابن مرزوق (كما في المعيار:1 /37): " تجدني أتوقف عن الفتيا بما فيه، وبلغني عن بعض شيوخنا الفاسيين - حفظهم الله- أن كتاب اللخمي لم يُقْرأ عليه، فكان الشيوخ يجتنبون الفتيا منه لذلك"، وقال المقري الجد في "نفح الطيب": 2 /272: "كان أهل المائة السادسة وصدر السابعة لا يسوغون الفتوى من تبصرة الشيخ أبي الحسن اللخمي لكونه لم يصحح على مؤلفه، ولم يؤخذ عنه".
ويردُّ هذا التوقف الشيخ خليل باعتماده اختيارات اللخمي ونصِّه عليها صراحةً، بل وتقديمه صاحبها في ترتيب مصادره الأربعة التي هي لبُّ لباب مختصره الجامع لما به الفتوى في المذهب، بل ذهب أبعد من ذلك فأورد في مختصره اختيارات اللخمي التي خالف فيها من سبقَه من أئمة المذهب وفقهائه، مع أنَّ هذا هو عينُ ما اعتبره غيرُه تمزيقاً للمذهب، ونظم في ذلك – متغزلاً- بعض المغاربة:
لقد مزَّقَتْ قَلبي سِهام جُفُونِها *** كما مزَّقَ اللَّخْمِيُّ مَذهَبَ مالكِ
وضمَّن هذا المعنى العلامة الغلاوي ناظم "بوطليحيَّة" في المعتمد من الأقوال والكتب في المذهب المالكي حيثُ قال:
واعتَمَدوا تَبْصرةَ اللخميِّ *** ولم تَكُن لِجَاهلٍ أُمِيِّ
لكنَّهُ مَزَّقَ باخْتِيارهِ *** مَذهبَ مَالكٍ لَدَى امتِيارِهِ
وقد شرفنا الله بالسبق إلى تحقيق تبصرة اللخمي في طبعة نشرتها سنة 1432هـ/2011م وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة قطر في ثلاثة عشر مجلداً يتلوها مجلد للفهارس العامة، ثم أعاد نشره- في أحد عشر مجلداً- مركز نجيبويه للمخطوطات وخدمة التراث سنة 1433هـ/2012م.
ولازال سعينا جارياً على قدم وساق في البحث عن مخطوطات تبصرة أبي القاسم ابن محرز لعل الله يوفقنا لتحقيقها فنجمع التبصرتين، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.