المسلسلات المدبلجة .. في زمن الأخلاق المستوردة

محمد إبراهيم فايع



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

منذ عُرض المسلسلان التركيان، ونحن نقرأ تحليلات نفسية واجتماعية وفنية عند بعض الكتاب الذين كانوا كعادتهم يحاولون تبسيط كثير من الأمور وكأننا سنكون سذجاً في قبول تحليلاتهم تلك، وسنقبل المزيد من تلك المسلسلات المدبلجة التركية والمكسيكية وغيرها لأننا افتتنا بآرائهم وكأنها المنطق الصحيح، وبكل صدق لم أقرأ لهؤلاء الكتاب الذين حاولوا وضع عدد من الأسباب يرونها زادت من أعداد المشاهدين للمسلسلين (تعليقاً) عن أن المسلسلين قد أظهرا لنا المرأة [ ] كسلعة رخيصة يمكن التلاعب بها، وأن كثيراً من المشاهدين والمواقف التي وضعت فيها كانت تعبر عن صورة من صور الامتهان بها وكأنها فقط مخلوق لإشباع الغرائز ليس أكثر.

ولم يسجل هؤلاء الكتاب ما يمكن أن يحسب لهم فيما كتبوا للتحذير من المشاهد غير الأخلاقية التي حفلت بها مشاهد المسلسلين وقد يراها الصغار، فقد كان المسلسلان يحفلان بمشاهد غير مناسبة واعتبرها هؤلاء الكتاب مشاهد (رومانسية) نفتقدها في حياتنا! هكذا عبروا وكان كل ما وقف عنده أغلب الكتاب هؤلاء من التيار المخالف لرأي الأغلبية من الذين تطرقوا للمسلسلين التركيين أن حللوا أسباب زيادة أعداد المشاهدين، وأن ذلك يعود إلى وسامة أبطال المسلسلين، وإلى ما تعانيه النساء [ ] عندنا، وفي الخليج العربي من حرمان عاطفي رومانسي نتيجة لرؤيتهن لمهند ويحيى وما يفعلانه مع حبيبتيهما، وأحد الكتاب في صحيفة الوطن قال: بأن هناك ردات فعل عند المشاهدين أسهمت في شدة انجذابهم للمسلسلين خصوصاً النساء، فكانت مشاهدتهن المستمرة للمسلسلين من منطلق (الانتقام) من أزواجهن لإجبارهم على تعديل سلوكياتهم! يا سلام! للانتقام.

وهذا أعجب التحليلات من كاتب يصدر رأيه وبدون دراسة بحثية.

وللحق والحقيقة، لقد أصبحنا بحاجة إلى((ميثاق أخلاقي للإعلام العربي الفضائي)) ينظم ما يمكن أن يحمي عقول أبناء وبنات الوطن العربي الذي يعاني في أغلب دوله من مشكلات التوظيف والبطالة، وما تواجه أسرهم من مشكلات الغلاء، فلقد طفح الكيل بنا مما تعرضه على شاشاتها كثير من القنوات الفضائية وتحولت إلى قنوات مقلدة تحاكي في معظم برامجها ما تقدمه القنوات الغربية في الشكل والمضمون، بل زدنا عليها.

فلا تظنوا كثرة المشاهدين للمسلسلين بسبب ظهور فتيات جميلات أو رجال وسيمينلأن هذا إن حدث فهو مؤشر خطير على تفشي ظهور ضعف أخلاقي مستنكر، ولا تستغربوا إذا ما وضعت كل فتاة مواصفات زوج المستقبل في صورة (مهند) أو (يحيى)، ولا تتعجبوا إذا ما طلّق أحد الأزواج الشباب [ ] زوجته بعد فترة لأنها لا تشبه (لميس)، ولا تتركوا الدهشة تأخذكم بعيداً إذا سمعتم بأن كثيراً من الأسر الخليجية حولت رحلتها السياحية هذا الصيف إلى تركيا بسبب تأثرهم بمشاهد الطبيعة في المسلسلين، وهذا يشير إلى سرعة التأثر برغم أن جمال الطبيعة في كل مكان، ولا تلوموا من سمى ابنته (بلميس)، أو مولوده (بيحيى أو مهند)، أو بدّل أسماء أولاده إلى هذه الأسماء، وهناك إحصاءات كبيرة تصل إلى المئات في كل منطقة.. برغم أن هذه الأسماء عربية، فمهند يطلق على السيف الصقيل نسبة إلى موقع صناعته الهند، ولميس ورد هذا الاسم في أشعار العرب كما عند عمرو بن معد يكرب عندما قال:

لما رأيت نساءنا *** يفحصن بالمعزاء شدّا

وبدت ليمس كأنها *** بدر السماء إذا تبدّى
وبدت محاسنها التي *** تخفي وكان الأمر جدا
لمتابعة القراءة اضغط على الصورة