بسم الله الرحمن الرحيم



يايهودي/للكاتب/ احمد الفهيد


(1)
بعد أن مرّ بسلسلة طويلة من إجراءات التدقيق الصارمة، التي لا تتحول إلى "ورقة عبور للأراضي السعودية" إلا بموافقة "وزارة الخارجية" .. دخل إلى البلاد (رسمياً)، وعاش فيها أسبوعين كاملين، وملأت صورة الصحف وشاشات التلفزة، وهو يجول في أرجاء النادي، ويتحدث إلى رجال الإعلام من على منصة مؤتمر صحافي ..

(2)
وبعد هذا كله، انتبه مدير مكتب رعاية الشباب، أو نبهه رجل أكبر منه، إن هناك مدرب كرة قدم، يشتبه في أنه "يهودي" الديانة، موجود بيننا في السعودية، يأكل من طعامنا الحلال، ويشرب من مائنا العذب، الزلال، ويسكن في واحد من منازلنا الطاهرة .. فاستشاط المدير غضباً، أو قيل له: اغضب بسرعة، واسألهم، هل مدربكم يهودي؟!.. وأغلظ في القول معهم، وجادلهم بالتي هي "اشين".

(3)
نهض المدير القدير، من فراشه الوثير، وكتب لهم على ورق "رسمي"، يسألهم: نبهنا بعض "الأخوة" أن مدربكم "يهودي"، فهل ما قالوه صحيح؟!.. أفيدونا، ليستريحوا ونستريح!

(4)
ترك المدير كل البلد، وسأل فقط عن هذا الولد .. تغاضى عن كل الديانات التي عبرت الحدود، وتحمس فقط لمعرفة ديانة المدرب .. وبدلا من أن يوجه سؤاله "الاحترازي" إلى وزارة الخارجية، حيث لا أحد يدخل إلى السعودية إلا بإذنها، وتحت انظارها، وعلى مسمع منها .. وجه سؤاله إلى رئيس النادي، الذي ملأ السخط قلبه، فرد عليه في أكثر من تغريدة: "هذا ترصد بتقصد، مبني على الأكاذيب بغرض التجييش والتأليب، تفوح منه رائحة تعصب مقيت، وتربص مميت!"

(5)
شعر الرئيس أن موسم التطفيش بدأ، وأن المدرب الذي استقبلته الرياض، بـ جندي يجرّه - راكضا - إلى مواقف المطار، ربما يغادرها قريبا، والجندي نفسه الذي استقبله، يلكزه بعصا غليظة، وهو يُركبه طائرة العودة إلى بلاده، قائلا له: "لو علمت أنك يهودي، لما ركضت من أجلك شبرا، ولما خسرت عليك حبة عرق واحدة، ولأرحت رئتيّ من شهيق وزفير لا ينفع".

(6)
خاف الرئيس، أن يتكرر مشهد "الطرد القديم" لابن جلدته، الذي جلدته القرارت في دقائق، وقدّت قميصه، عقابا على قميص ضيّق، ليس له، خلعه "غضباً"، ووضعه على منصة الاحتفال البهيج فيما يلي التتويج، لأنه مُنع من صعود منصة البطولة!

(7)
خاف أيضاً أن يتكرر مشهد "الضغط الأليم" لابن جلدته، الذي فتشوا تحت أكمامه عن "وشم"، يبعده عن الملاعب السعودية بـ "دقة خشم" .. فحدث أن ملّ "المحارب" من هذا الضغط، ولملم أقدامه من الملعب الأزرق، وغادر البلاد بوشمه، و"خشمه" دون أن يُدقّ بقرار "عاجل".

(8)
المهم، استنكر المدير، هذا الغضب المستطير، وقال في "بيان"، رداً على الرئيس، النفيس: "المشايخ وطلّاب العلم سألونا .. فقلنا لهم: لا نعلم، لكن امهلونا .. ولهذا اجتهدنا وسألناكم، وهو اجراء متبع، لا يزعزع الثقة فيكم ولا بيننا، فلماذا يزعجكم النظام؟!"

(9)
صحيح يا سعادة المدير القدير، لا أحد ينزعج من النظام .. لكن هل الإجراء المُتبع في هذه الحادثة، هو من النظام في شيء؟!

(10)
نرجو إفادتنا .. حتى لا نزعجكم بأسئلتنا، إذا سألكم أحد آخر عن "ديانة" كل مدرب ولاعب يدخلون إلى بلادنا ..
نسألكم، لنفهم النظام، أو لنفهمكم على الأقل!