[align=center]
[glow=CC9933]أسعد الله أوقاتكم بكل خير...
بسم الله نبدأ اخبار التعليم ..
لهذا اليوم ..
ليوم الاربعاء 20 / 10/ 1428 هـ [/glow]
الجزيرة :الاربعاء 20 شوال 1428 العدد 12816
------------------------------------------------
الثانوية العامة ولنحسن العزاء
د. مساعد بن عبدالعزيز العبداللطيف
كلٌّ يلوم الآخر. القائمون على التعليم العام يلومون مسئولي التعليم العالي، والعكس كذلك صحيح. وبعيداً عن ذلك كله يجب أن نعترف بضعف مخرجات التعليم العام بشكل عام. إنه ضعفٌ مخيف ومقلق للأكاديميين ومسؤولي التعليم العام على حدٍّ سواء. ويجب أن نعترف كذلك بالبون الشاسع بين مستوى خريجي الثانوية العامة في الآونة الأخيرة، وبين مستوى الخريجين منذ ما يزيد عن خمسة عشرة سنة. هل هي بداية النهاية لمصداقية شهادة الثانوية العامة؟ هل يبدأ الأكاديميون بالمطالبة باعتماد الامتحانات التحصيلية لتحل محل امتحانات الثانوية العامة؟
الشكوك في مصداقية الثانوية العامة تساور مسؤولي التعليم العام قبل غيرهم. وهم يعلمون جيداً أن النسب التي يحصل عليها الكثير من الطلبة مبالغٌ بها. ولا تمييز بين مدرسة حكومية ومدرسة أهلية، فلقد بدأت المدارس الحكومية تنحى ذلك المنحى عندما شعرت بشيء من الظلم الواقع على طلبتها بالمقارنة مع المدارس الأهلية، فبدأت تضخ الدرجات دونما هوادة ليخرج الطالب بشهادة منمقة (بتسعينات) مظللة لمستواه الحقيقي الذي لا يتجاوز السبعينات.
قبل ما يقارب العشرين سنة عندما حصلت على الثانوية العامة كانت أعلى نسبة هي 99% (1416 من 1430 درجة). أما السنة المنصرمة فهناك 16 طالباً نسبتهم 100%، أما الطالبات فهناك 400 طالبة نسبتهن 100%! ولا نعترض هنا على إمكانية حصول طالب على النسبة القصوى، إنما نريد أن نؤكد على أن ذلك لا يتوافق مع التوزيع الإحصائي الطبيعي حتى مع مضاعفة أعداد الطلبة والطالبات.
ثم تأتي أفواج من الحاصلين على الثانوية العامة وتتعجب أيما تعجب عندما تقارن نِسبهم بضعف مستوياتهم وافتقارهم إلى الأساسيات في كثير من الأحيان. ولا يلزمنا إثبات ذلك، يكفيك أخي القارئ أن تختار عينة عشوائية من خريجي الثانوية العامة وتسألهم فرادى عن حساب جمع كسرين أو ضربهما. وربما تردد بعضهم قليلاً في معرفة أيهما أكبر أربع خمسات أم خمس أربعات!!
لننس الرياضيات ولنذهب إلى اللغة الإنجليزية. ست سنوات أو تزيد يتعلمون فيها تلك اللغة الأساسية بمعدل 4 حصص أسبوعياً. لا تكلف نفسك عناء مخاطبتهم بتلك اللغة لأنك ستشعر بإحباط وقلق شديدين، القلة القليلة منهم هي من تستطيع إنشاء عبارة مفهومة ومنطوقة نطقاً سليماً، وليت الأمر توقف عند ذلك، فلقد كان تعليمهم سلبياً، حيث أنهم تعلموا لغة أخرى غير الإنجليزية بنطق ركيك وعبارات مغلوطة وستبقى وبالاً عليهم مستقبلاً إذا ما أرادوا تعلم اللغة من جديد!! أما آن الأوان لوقف ذلك الهدر؟!
وليس الحال مع اللغة الإنجليزية، بل تعداها إلى اللغة الأم، اللغة العربية. عندما تتحدث إلى أحدهم تشعر بافتقاره إلى مهارات التعبير والاتصال، مهارات القراءة والاستيعاب، بل وحتى مهارات الكتابة والإملاء والخط، البعض يخط خطاً لا تكاد تصدق بأن صاحبه طالب جامعي، وكذا الحال بالنسبة للإملاء وضياع أبجدياتها. إذن، لا غرابة في فرار بعض الأسر بأبنائها إلى مدارس ذات كلفة عالية راجيةً أن يتعلم أبناؤها التعليم الرائد الذي طالما تمنته الأسرة العربية.
لسنا هنا بصدد التشخيص أو ذكر أسباب ذلك الانحدار، إلا أننا لا نرى بأساً في أن نطرح ما نعتقده من أن التعليم وطريقة التعليم (المعلم وفن إيصال المعلومة) تحتل الباع الأكبر في رداءة المخرجات، ثم يأتي الطالب وتربيته على التحصيل والتعبير والكشف والإبداع، ثم يأتي بعد ذلك المنهج الذي نرى أنه يتحمل الجزء الأصغر. أما وإن هناك إدارة خاصة بالتطوير والمراجعة فلن نقلق للمنهج كثيراً. إنما القلق جله يدور في دائرة المعلم وطريقة تعليمه ويحوم حول دائرة الطالب،
ولكم استأنست وزارة التربية والتعليم بالحجة التي تلقي باللائمة على مؤسسات التعليم العالي، وذلك فيما يتعلق بالمعلم، حيث إن المعلمين هم مخرجات التعليم العالي، فإن كان هناك ضعف في المعلمين فهم نتاج التعليم العالي، لقد نسيت الوزارة أن نسبة كبيرة من المعلمين والمعلمات هم خريجو كليات المعلمين والمعلمات، وهذه الكليات كانت تحت إشرافها جملة وتفصيلاً، ثم هب أنهم نتاج الجامعات، فهل يتوجب على الوزارة تعيينهم دون إخضاعهم لامتحانات الكفايات والتأهيل وانتقاء الأفضل منهم؟! إن عدداً من أولئك المعلمين يتخرجون بمعدلات ضعيفة جداً، وهذا دور مثالي تؤديه الجامعات، حيث تعطيك المُخرج بمقياس دقيق (على عكس ما تفعله الثانويات العامة حالياً)، فهل يعني ذلك وجوب تعيين مثل أولئك الخريجين من قبل الوزارة؟! إذا كان المطلوب هو التعيين فحسب، فلا يتوقعنًّ راصدُ جودةً عاليةً للتعليم في مدارسنا.
نظام المعدل التراكمي في المرحلة الثانوية التي انتهجته الوزارة مؤخراً يعد خطوة رائدة من ناحية قياس تحصيل الطالب، إلا أن ذلك لا يعالج ضعف المخرجات، ونأمل أن تسعى الوزارة بكل جدية لدراسة ضعف المُخرج ومعالجته جذرياً.
في العدد 12665 من الجزيرة وبتاريخ 16-5-1428هـ كتب الأستاذ صابر المقبل مقالاً مهماً بعنوان: (كيف نطور التعليم الجامعي والتعليم العام لم يتطور!)، وقد حوى المقال العديد من النقاط المهمة، ومنها الإحباط الذي يعانيه طلبتنا وشكوكهم في مدى أهمية الرياضيات والعلوم. وهذا يعود بنا مرة أخرى إلى التعليم وطريقة إيصال المعلومة. هناك فرق شاسع بين من يوصلها بطريقة محببة وجذابة وبين من يوصلها بطريقة جافة مملة؛ ولذا يجب أن تعتمد الوزارة امتحاناً في المهارات التربوية للمعلمين ومهارات إيصال المعلومة، كلٌ في مجاله، وتشترط حداً أدنى لاجتيازه. أمّا الشجرة التي ذكرها الأستاذ صابر وقال: إنه يجب أن يوضع الدواء على جذرها حتى تبرأ وليس على ساقها أو أوراقها، فأخشى من أن العلاج لن يكون إلا باقتلاعها وغرس شجرة جديدة سليمة بدلاً منها.
أمرٌ آخر ما زال يؤرقنا، وهو أمر ثقافي بحت ولا بأس في أن نشير إليه هنا. يظن الكثير من الناس أن على الطلبة جميعهم إتمام تعليمهم الجامعي، وربما يعود ذلك إلى جوانب اجتماعية واقتصادية وتوفر الوظائف وغير ذلك، والصحيح أن الجامعات توفر بيئة للتعلم للعلم ذاته والكشف والإبداع بالدرجة الأولى، أما التعلم للوظيفة فهو أمر ثانوي وقد لا يحتاج في كثير من الأحيان إلى شهادة جامعية، وإنما دبلوم تأهيلي تؤديه كليات خدمة المجتمع والتعليم المستمر أو الدراسات التطبيقية والمعاهد الأخرى. فمتى يفقه المجتمع ذلك؟!
ختاماً، يتحتم علينا أن نشيد بالجهود الجبارة التي يبذلها مركز القياس والتقويم، ليس فقط فيما يتعلق باختبار القدرات الذي يقيس قدرات الطالب فحسب، بل فيما يتعلق بالامتحانات التحصيلية التي تقيس تحصيل الطالب خلال دراسته في المرحلة الثانوية. كما نتمنى من مؤسسات التعليم العالي بجميع كلياتها وتخصصاتها أن تعتمد ولو جزئياً مثل تلك الامتحانات التحصيلية، فهي المعيار الأضمن لقبول الطالب المناسب في المكان المناسب.
د. مساعد بن عبد العزيز العبد اللطيف- أكاديمي، جامعة الملك سعود
http://www.al-jazirah.com/81523/ar7d.htm[/align]