أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .. وبعد :
فهذه وقفات عابرة على بعض ما وقفت عليه في كتاب الشيخ سلطان العميري وفقه الله من أخطاء ومؤاخذات، وقد كتبتها دون التزام بترتيب لأنها في الأساس كانت تعليقاً على بوستات ( منشورات ) متفرقة يعرضها الأخوة فأعلق عليها .. إلى أن نبهني أخونا الشيخ ناصر أبو سعدة إلى ضرورة الالتفات إلى الكتاب حيث إن الشيخ ينقل منه جل ما في هذه البوستات ( منشورات ) مع التنبيه على أنه قد يتكرر مناقشة الخطأ من زوايا مختلفة ويناقش باعتبارات متعددة ،فآمل استحضار هذا المعنى حينما يتكرر ذكر الخطأ.
وقبل أن أبدأ بالتعليق على الكتاب أشير إلى أن صاحب الكتاب الشيخ سلطان العميري وفقه الله طالب علم متميز له قبول وحضور لدى شريحة من الشباب، وهو أقرب إلى التخصص في الطرح الفكري الفلسفي منه إلى الطرح الشرعي، وأنا شخصياً أفيد منه في طرحه الفكري المتعلق بالفكر المعاصر ونقده للطرح الحداثي، وكتاباته في هذا المجال جيدة يستفاد منها ..
وفي هذه الوقفات قد تعتري بعض الألفاظِ شيءُ من القسوة أو الشدة يكون أحيانا سوء تعبير أو فقر لغة، وأحيانا حدة تغلب على نفسي ، لكن سعة صدر الشيخ كفيلة بأن تتجاوز ذلك كله وتغفره إن شاء الله..

وبادئ ذي بدء ..ليس الخلاف مع الشيخ سلطان في خصوص مسألة العذر بالجهل أو عدمه ،فقد أخذت هذه المسألة قدراً كبيراً من النقاش والمباحثة والردود،- وكاتب هذا النقد يميل إلى القول بالعذر بالجهل على تفصيل يذكر في محله - ولكن الخلاف متمركز حول مسائل عقدية وأصول استدلالية أرى أن الشيخ قد أخطأ في تقريرها،حيث أوردها في سياق تخريج المسألة عليها فلم يوفق في ذلك .في حين أنه لو اقتصر في بحث المسألة على الأدلة الشرعية وحُصِر الخلاف حول دلالة هذه النصوص على اعتبار الجهل عذراً من عدمه ،لكانت حينئذ مسألة خلافية يسوغ فيها الخلاف ، ولا يشدد في الإنكار على أي من الطرفين ،وهذا ما كان عليه علماؤنا ابن عثيمين وغيره، فقد اختلفوا في المسألة ،ومع اختلافهم نصوا على أنها خلافية اجتهادية، ولم يكن بينهم أي تناحر أو شقاق ..

• وكتاب إشكالية الإعذار بالجهل لم يأت فيه الشيخ بجديد، فقد اعتمد نفس المقدمات وذات الأدلة التي اعتمد عليها من سبقوه ، وتوصل في النهاية إلى نفس النتائج التي توصلوا إليها وهو القول :" بعموم العذر بالجهل في أصول الدين وفروعه ، والادعاء بأن هذا مذهب ابن تيمية وابن القيم وابن ابن عبد الوهاب " ،هذه هي النتيجة التي توصل إليها كل من كتب في هذه المسألة ممن يقولون بالعذر بالجهل.. فهل نحن بحاجة إلى تأكيد ذلك مرات ومرات ؟!
وقد اختصرت هذا النقد اختصارا أرجو أن يكون غير مخل وركزت فيه على الواضح من الأخطاء والبارز من وجوه الخلل ، ولم أستوعب جميع ما فيه ،ولقد وقفت على ما يربو على المائة خطأ ،وما ذكرته هنا يقارب الخمسين ،ولعلي أستكمل التعليق فيما بعد إن شاء الله .

والان نشرع في الوقفات فأقول وبالله التوفيق :

- لو أردنا أن نلقي نظرة تشريحية نقدية سريعة على الكتاب فإننا سنقسمه إلى أجزاء بحسب ما يلي :
1 - من أول الكتاب إلى صفحة 82 :
وبعد المقدمة والتوطئة ،قام الباحث بعرض أقوال جملة من أهل العلم زعم أنهم يقررون العذر بالجهل في أصول الدين وفروعه بما في ذلك الشرك الأكبر ،وهم ابن حزم وابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب وابن عثيمين رحمهم الله جميعاً, وأرى أن نقاش رأيه في ذلك ليس له أولوية في النقد وإن كنت سأتعرض لبعضه في سياق النقض ،لأننا بصدد دراسة موصوفة بالبحث العلمي ،ومن المفترض أن تعتمد بصورة أساسية على أدلة الكتاب والسنة وإجماع الأمة ،ولا تمثل فيها أقوال أهل العلم إلا توجيهاً لهذه الأدلة وتفسيراً لها دون الاعتماد عليها أو اعتبارها في نفسها أدلة...
فطرح جديد يلزم منه أدلة جديدة ،ودلالات جديدة ..
لذا كان التركيز على إبراز الموافق من العلماء وتصدير الكتاب بهم أولى أوجه النقد الموجهة إلى الكتاب، لاسيما وقد نعى الباحث في مقال له باسم المؤثرات النفسية من يتهمونه بأنه يقلد أقوال العلماء فها هو يضرب لهم المثل الحي في بحثه !!
- ومن جهة أخرى فإن المخالف له لا شك أنه يتبع علماء آخرين يختلفون مع من قدمهم الباحث في الرأي والمذهب - هذا إذا سلم له فيهم – فلو اكتفى كل طرف بتقليد جملة من العلماء لما كنا في حاجة إلى هذا البحث أصلاً، لأننا حينئذ سنكون في منزلة المقلدين لا الباحثين !!
• ومما ينبغي أن يذكر أنه لا يسلم للباحث فيما توصل إليه من نتائج بشأن من ذكر من العلماء فجميع هؤلاء لهم أقوال أخرى غير التي عرضها الباحث يفهم منها نقيض ما توصل إليه، وكان عليه أن يورد جميع الأقوال ويوجهها في سياق واحد ولكنه لم يفعل ؛وهذا يتنافى بلا شك مع قواعد الطرح الصحيحة ،وسيأتي بعض ذلك خلال هذا البحث ..