أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


تحرُّز الإمام مالك وأهل مذهبه من الفتُيا واحتياطهم فيها(1)
قال مالك لابن أبي حازم: إذا جاءك أحدٌ فإن قدرت أن تُنجيَ نفسَك قبل أن تنجيه؛ فافعل.
قال ابن وهب: لما ودعت مالكاً قال لي: لا تجعل ظهرك للناس جسراً يجوزون عليه إلى ما يحبون، فإن أخسر الناس من باع آخرته بدنيا غيره.
قال ابن رشد: المعنى في هذا بيِّن؛ وهو مثل أن يستفتي العالمَ الرجلُ من إخوانه في أمرٍ - يرجو أن يجد عنده فيه رخصة- وذلك الأمر مما تعارضت عنده فيه الأدلة؛ في الحظر والإباحة، وفي وجوب شيء وسقوطه، فيغلِّب من الدلائل ما يوجب إباحة المحظور، أو سقوط الواجب، ويفتيه بذلك، فينقلب عنه مسروراً بما أفتاه به، ورخص له فيه، ويبقى هو مشغول البال بذلك.
وقد قال عبد الله بن أبي بكر ابن حزم لرجل أفتى في الرضاعة بشيء كأنه يقول لم يرها إلا من قِبَل الأم: لا تٌفتِ بفتوى لا تتقلب من الليل على فراشك إلا ذكرتها.

----------------
(1) انظر: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة (العتبية)، للقاضي أبي الوليد ابن رشد: 18/ 524.