أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


من صفات أهل السنة؛ العلم والعدل والرحمة

حرمت كثير من الطوائف من الحق بسبب تعصبهم وجهلهم. ذلك لأنهم ينتقون من الأدلة ما يوافق أهواءهم ويردون ما يخالفها، بل يصل تكذيبهم أحيانا إلى رد صريح القرآن أو تحريف معانيه، لأنهم لا يجدون فيه مايوافق بدعهم. ويحملهم التعصب والهوى إلى اختلاق روايات تزري بهم قبل غيرهم.

أما أئمة أهل السنة والجماعة ففيهم من العلم والعدل والرحمة ما استحقوا أن يكونون شهداء على الفرق، كما كان أهل الاسلام شهداء على أهل الملل الأخرى. لأن فيهم من الاعتدال والرحمة ماليس عند غيرهم.

فهم يقبلون كل الأدلة ويروونها وإن كان ظاهرها عليهم كما قال وكيع: "« أَهْلُ الْعِلْمِ يَكْتُبُونَ مَا لَهُمْ وَمَا عَلَيْهِمْ، وَأَهْلُ الْأَهْوَاءِ لَا يَكْتُبُونَ إِلَّا مَا لَهُمْ ".

ومع علمهم فهم يعدلون في أحكامهم على المخالفين، ولا يتجاوزون الحد، ويقرون لكل فرد أو ملة بما عندهم من الحق، ويردون ما عندهم من الباطل. فهم أسعد الناس بقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى" المائدة 8

وأما غيرهم من الفرق فيوجد فيهم من العداوة والظلم والرغبة في الانتقام ما يحرمهم من أن يكونوا شهداء على الناس. لأن الشهادة تحتاج إلى علم وعدل، وهذه هي التي أهلت أمة الاسلام لتكون شاهدة على سائر الملل كما قال تعالى: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا" البقرة 143.

وأئمة أهل السنة مع علمهم يرحمون الفرق الأخرى، ولا يقصدون الشر بهم، بل يحبون لهم الهداية، ويحرصون على إيصال النفع لهم، وإذا عاقبوهم كان قصدهم بذلك بيان الحق وردهم إليه، وأن يكون الدين كله لله.

وليس المقصود بأهل السنة من يحمل اسمهم فقط ولا يعلم شيئا عن مذهبهم ولا يعمل بشي من دينهم، ولا أًولئك الغلاة الذين يرتكبون كل الموبقات باسم أهل السنة وهم من أجهل الناس بالحق وأشدهم على الخلق، ولا الذين يشتد نكيرهم على المخالف وإن كانت له حجة، لأنهم اعتادوا العيش مع الرأي الواحد والمذهب الواحد وألفوا ما وجدوا عليه آباءهم.
بل أهل السنة هم العالمون بالحق، العادلون مع الخلق، الراحمون لغيرهم.

اللهم اجعلنا منهم.