أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


التشدد والتساهل في الإجازة والرواية


وهذا أمر ملاحظ بين، خاصة لمن جرب وعرف، ورحل وارتحل للشيوخ والمسندين، فتجد أن بعض المسندين يتشددون في مسألة الرواية والإجازة، فيسأل الطالب أسئلة ربما فر من الجواب عليها، كأن يقول له: شرطي أن تقرأ علي كتاب كذا وكذا وكذا أولًا، أو تسمع لي عامًا أو عامين! أو تحفظ الصحيحين ثم تنال الإجازة! وهذا عجيب حقًا، أو كمن لا يجيز بالعامة إطلاقًا، بل لا بد من القراءة عليه في كل كتاب! وهكذا.
بينما نجد آخرين يخالفون هذا النهج كلًا وبعضًا، فيجيزون كل من هب ودب، عالمًا كان أو جاهلًا، ويفرحون بذلك، ويعلنون أنهم أجازوا من الطلاب فلانًا وفلانًا، دون أن يعلوا هممهم لطلب العلم، أو معرفة آدابه، أو الازدياد من حفظ القرآن، والحديث، ودراسة العلوم الشرعية والأصول، كالتوحيد، والتفسير، والفقه وغيرها.
وهنا يصبح الشيوخ طرفي نقيض، والحق أن الأمر فيه وسط واعتدال، فمن عُرف فيه اتباع السنة، وسلوكه طريق العلم، ومطالعته لكتب أهل العلم والسنة والتفسير، ومجالسته لحلق العلم والشيوخ، فهذا يُعطَى الإجازة بلا شرط، وإذا كان من شرط، فمعرفة حاله في العلم، ودراسته وتحصيله على الشيوخ، وكم يحفظ من القرآن، أو الحديث، مع المناصحة له بزيادة الطلب، وعلو الهمة، واتباع السنة، وتوقير العلم وأهله، والحذر من البدع وأهلها، فتقع له الإجازات كالحافز والدافع نحو المعالي.
أما التشدد فيها فينفر طلاب السنة والحديث، ويفتح الباب لأهل البدع والأهواء، لجذب طلاب الحديث والعلم، بل وإعطاء الإجازة بأيسر الطرق وأقربها، وهذا لا شك منزلق خطير، فصيانة العلم وطلابه لا تتم بالتشدد الزائد في غير محله.
كما أن التساهل فيها أيضًا بلا ضوابط مرعية، يجعل العلم مطية سهلة لكل من هب ودب بلا خطام أو زمام، فيدخل في القوم من ليس منهم، ويتصدر من ليس بأهل، والوسط ما ذكرنا، والله أعلم.
_________________
تنبيهات مهمة:
1- هذه الإشارات ربما يكون سبق أحد من الكرام الفضلاء بذكرها أو المناقشة فيها، ولم أطلع عليها، وفي الإعادة إفادة.
2- هذه الإشارات ليست القول الفصل، فهناك أهل العلم والفضل، إنما للإفادة، والمناقشة الهادفة إذا وجدت، ورحم الله من نصح، أو أثرى، أو زاد، أو أفاض.