صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 1 2
النتائج 16 إلى 27 من 27

الموضوع: جميع البحوث والموضوعات المطروحة في قسم البحوث لعام 1428هـ تجدونها هنا <<<<

  1. #16

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    [align=center]التربية المدرسية [/align]

    [align=justify]التربية المدرسية

    لم تعد مسألة التربية وأثرها في السلوك المستقبلي للانسان، مسألة علمية، أو عملية غامضة، فهي من أوضح القضايا في منطق العلم. فالعناصر التربوية في الحياة المدرسية لها أكبر الاثر في تكوين الشخصية، وتشكيل هويتها.
    فالطفل في عالمنا المعاصر يقضي الشطر الهام من حياته في أجواء المدرسة، فهو يبدأ حياته في أحضانها، ومنذ دور الحضانة ورياض الاطفال يتدرج في مراحل حياته بين المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية والجامعة، فهو يقضي حياة الطفولة والمراهقة والشباب في نظام حياتي مخطط ومصمم وفق اُسس وأهداف ومنهج محدد.
    لذا فهو ينشأ وينمو وتتكون شخصيته وفق فلسفة التربية والنظرية الحياتية التي تتبناها المدرسة، سواء المدارس التي تديرها الدولة، أو الافراد والمؤسسات، فهي تعمل على صياغة نمط الشخصية، ولون السلوك.
    فالمدرسة التي تتبنى الفكر المادي من خلال منهجها، والاجواء التربوية فيها وطريقة الممارسات السلوكية المختلفة وتربي الفردية والاباحية ولاتعتني بقيم الاخلاق والايمان بالله، فإنها تنتج شخصية اباحية، تبحث على مستوى السلوك الفردي عن اللذة والمتعة، وتنساق وراء الشهوات والدوافع الغريزية الشاذة من غير ضوابط، وهي على الصعيد الاجتماعي والسياسي تنتج عقلية مادية رأسمالية.
    لذا فإن الاصلاح والتغيير العام، يبدأ بشكل اساس من المدرسة في فلسفتها التربوية، ومناهجها وطرق الحياة فيها، وشخصية المعلم الممارس للتعليم.
    فإن العناصر المدرسية ـ المنهج واسلوب الحياة والتعامل داخل المدرسة والمعلم ـ تساهم بمجموعها بتكوين وبناء الشخصية.
    فالمدرسة تربي الطالب على ان يعيش مع عشرات، أو مئات من الطلبة، ويتعامل مع مختلف الشرائع والاذواق والطبائع، ويكتسب منهم.
    كما تقوم المدرسة التي تبني الحياة التربوية فيها على اُسس فلسفة محددة بغربلة الاوضاع الاجتماعية، وانتخاب ما يوافق فلسفتها، ورفض ما لا ينسجم وأهدافها، لذا فهي نموذج مصغر لمجتمع ودولة.
    وليس هذا فحسب، فالمدرسة تشكل بالنسبة الى الطالب، ومنذ يبدأ بالاحساس بفهم شخصيته، ونمو التفكير بالمستقبل الذي يأخذ بالسيطرة على تفكيره وطموحاته، تكون بالنسبة اليه هي الوسيلة الاساسية التي يحقق من خلالها أهدافه الحياتية، وطموحاته المستقبلية.
    لذا فإن استطلاع الرأي العام وسط الطلبة، يوفر لنا قراءة للامال والاتجاهات والميول التي يحملها الطلبة، وتحديد نمط المستقبل الذي يراودهم، كما وأن الفشل في الدراسة ينتج مشكلة كبرى للكثير منهم، تنعكس على سلوكهم، ومستقبل حياتهم، بل وعلى اُسرهم ومجتمعهم؛ لذا تنبغي دراسة مشاكل الطفل والمراهق المدرسية، قبل أن تستفحل ويصعب حلها فيترك الدراسة في المرحلة الابتدائية أو المتوسطة أو الثانوية، دون ان يكتسب الثقافة، أو المهارة والخبرة العلمية التي تحقق آماله المعقولة.
    وكثيراً ما يكون للمعلم، واُسلوب التربية في المدرسة، أو طريقة التعامل الاثر الكبير في حصول المشاكل للطفل والناشئ والمراهق، مما اقتضى ان يكون في المدرسة باحث اجتماعي ونفسي لدراسة مشكلة الطالب، حسب سنّه وظروفه، ومشاكله من الطفولة والصبا والمراهقة، وحلها بالطرق والوسائل العلمية، قبل أن تتحول الى مشكلة وعقدة تشرد الطالب، وتجني على مستقبله الدراسي، وقد اخذت المدارس الحديثة بهذا الاسلوب.
    كما وتساهم الظروف الاقتصادية السيئة مساهمة كبيرة في ترك الطالب في هذه السن للدراسة، وتوجهه لطلب العيش، أو يتركها بسبب العجز عن تغطية نفقات الدراسة.
    كما ويساهم أصدقاء السوء مساهمة كبيرة في حصول الفشل الدراسي. فالطفل والمراهق يسهل جذبه في هذه المرحلة الى ممارسات اللهو والانشغال، وتحويل الاهتمام من الجدية والتفكير في المستقبل المحترم الى التردي والتسكع والتشرد والعبث.
    ولثقافة الابوين، وتقديرهم لمستقبل أبنائهم، وحرصهم عليهم، ولاسلوبهم في التعامل معهم من التشجيع والتوجيه، أو سوء التعامل والاهمال، الاثر الكبير في الفشل الدراسي، أو تحقيق النجاح والتفوق.
    كل ذلك يدعو الى التعامل مع الشاب والمراهق، أو من هو على أبواب المراهقة بتوجيه سليم، وتعامل يساعده على النجاح في حياته المدرسية.
    ومن الجدير ذكره أن الا سلام اعتبر طلب العلم فريضة على كل مسلم، وعلى المستويين: المستوى العيني، والمستوى الكفائي. اعتبر التعلم بمختلف فروعه، طريقاً الى اكمال انسانية الانسان ، والايمان بالرسالة الالهية، ومعرفة الله تعالى، والاستقامة السلوكية، وبناء المجتمع، وتنظيم الحياة، جاء ذلك واضحاً في قوله تعالى:
    (انمّا يخشى اللهَ من عباده العلماء). (فاطر / 28)
    وبقوله: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين اُوتوا العلم درجات). (المجادلة / 11)
    وبقوله: (اقرأ وربّك الاكرم * الذي علّم بالقلم * علّم الانسان ما لم يعلم). (العلق / 3 ـ 5)
    وربط بين الجهل والانحطاط السلوكي. فقال تعالى: (انكم لتأتون الرجال شهوة دون النساء بل أنتم قوم تجهلون). (النمل / 55)
    وقال تعالى: (والاّ تصرف عني كيدهن أصب اليهن واكن من الجاهلين). (يوسف / 33)
    (وحملها الانسان انّه كان ظلوماً جهولاً). (الاحزاب / 72)
    (اني أعظك أن تكون من الجاهلين). (هود / 46)
    (ولكني أراكم قوماً تجهلون). (الاحقاف / 23)
    وكما أسس القرآن الدعوة الاسلامية على أساس العلم والمعرفة، ونادى باقامة الايمان على أساس العلم والدليل والبرهان، واصل الرسول (ص) الدعوة الى طلب العلم، والحث عليه، ومارس هو(ص) نشر العلم والمعرفة.
    وطلب الرسول (ص) من أسرى قريش في بدر، أن يعلّم كل واحد منهم عشرة صبيان من أبناء المسلمين، كفداء لهم من الاسر، ليوحي بأنّ الفك من أسر الحروب يعادله الفك من أسر الجهل.
    وكم نقرأ في الاحاديث والاوامر والارشادات النبوية الكريمة، الحث والالتزام بطلب العلم. منها قوله (ص): «طلب العلم فريضة على كل مسلم»(9).
    ومنها: «انّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم»(10).
    ومنها: «من سلك سبيلاً يطلب به علماً، سلك الله به سبيلاً الى الجنة».
    من تلك وأمثالها من البيانات والممارسة، نكتشف أهمية العلم، وطلبه في الاسلام. ويتضح لنا الاهتمام بعلوم الحياة، كالطب والهندسة والفيزياء والزراعة والكيمياء، ومختلف المهن والصناعات، اذا عرفنا أنّ الشريعة الاسلامية اعتبرت تلك العلوم والصناعات والمهن، من الواجبات الكفائية، أي يجب توفيرها بقدر الكفاية، نعرف أهمية العلم، وهدف الاسلام العملي من تحصيل العلوم.
    وتتولى الدولة، كما يتولى الافراد تنفيذ هذا الواجب. وذلك يعني اعداد الافراد وتأهيلهم علمياً، وتدريبهم على الخبرات والحرف والمهن المختلفة، لتوفير الكفاية الاجتماعية من تلك العلوم والصناعات والمهن والحرف.
    ويزداد حث الاسلام الآباء على تعليم أبنائهم، والرفق بهم، وحل مشاكلهم، ومن الواضح أن للاُسرة دوراً كبيراً في توفير الاجواء المناسبة لتعليم الأبناء، وتشجيعهم على طلب العلم حتى مرحلة التأهيل الكافي، وتجنيبهم أصدقاء السوء، الذين يساهمون في ارباك الاستمرار الدراسي، كما تستطيع الاُسرة، بالتعاون مع المدرسة، حل مشاكل الأبناء الدراسية.
    ومما ينبغي الاهتمام به، هو توعية الطلبة عن طريق المقررات الدراسية وأجهزة الاعلام على أهمية الدراسة، وتشجيعهم على الاستمرار حتى اكمال المراحل الدراسية، وتعريفهم بالاسباب التي تعيق مواصلة الدراسة، واعطاؤهم النصائح والارشادات الكافية، لانقاذهم من الهروب من الدراسة، أو معاهد التأهيل المهني.
    كما يجب على الدولة أن تساهم مساهمة فعالة في التعليم، وفي حل مشاكل الطلبة الاقتصادية التي تضطرهم لترك الدراسة.
    انّ الشاب مدعو الى التفكير بوعي في الحرص على مستقبله، وانّ مواصلة الدراسة والعلم واكتساب المهارات والخبرات، والتأهيل المهني مسألة أساسية في حياته، يجب عليه أن يهتم بها، وليكن أكثر الناس حرصاً على مستقبله، وعليه أن يجعل الاخرين الذين خسروا مستقبلهم ودراستهم عبرة له، ولا يكون هو ضحية الاخطاء.

    الجديد في التربية المدرسية

    اعتدنا في رسالتنا التدريسية والتربوية الى إعطاء الدور الأول والمباشر للمعلم، حيث يبذل المعلم بدوره الجهود الكبيرة لإيصال المعرفة إلى الطالب بأساليب وطرق مختلفة ومتنوعة، لفظية او باستخدام الأساليب المتنوعة دون ان يكون للطالب في اغلب الوقت دوراً رئيساً سوى الاستماع والإنصات وتدوين الملحوظات، وهذا ما يؤدي اجتماعياً وسلوكياً وتربوياً إلى تنمية بعض منهم إلى التبعية وعدم بذل الجهود الكافية للتفكير البناء والناقد وقبول هذه المسلمات على علاتها دون دراسة وتحليل وتدقيق. قال جون ديوي في كتابه، التعليم والتجربة، عام 1938 \"يعتبر المعلم مسؤولاً عن المعلومات الخاصة بالأشخاص (المعلومات التي يلقنها للأشخاص) وعن المعلومات المتعلقة بالمواضيع التي ستساعد على اختيار النشاطات التي ستصبح جزءاً من التنظيم الاجتماعي الذي يتيح الفرصة لجميع الأفراد بالمشاركة في بناءه\". والسؤال المطروح: هل هذا واقع مدارسنا؟ وكيف تتبلور عملية بناء الشخصية للطالب؟ ألم يحن الوقت للنقلة النوعية في هذا الأسلوب التقليدي من التعليم؟

    نتكلم عن مدرسة المستقبل، مدرسة المجتمع حيث تبلورت الكثير من النظريات التربوية المعاصرة لبناء الطالب وتطوير المجتمع واثبات نجاعتها وفعاليتها في العملية التعليمية التعلمية لبناء الإنسان المتوازن في التعليم البنائي أي بناء المعرفة.

    إنها النظرية البنائية Constructivism التي بناها بياجيه مجيباً على النظريات التقليدية حيث دعى إلى الاهتمام بالإجراءات الداخلية للتفكير والاهتمام بالعمليات المعرفية للتعليم. والهدف هو تطوير وتحسين التدريس والتعليم في المدرسة.

    إن الفرد هو الذي يبني معرفته بنفسه وذلك من خلال مروره باختبارات كثيرة تساعده الى بناء المعرفة الذاتية في عقله. وهكذا يمكن تطبيق هذه النظرية البناء في العملية التعليمية من خلال تمهل المعلم وعدم صب المعلومات في عقل الطالب (كالتعليم البنكي لباولو فوريرو)، فالمعلومات المتوفرة في المصادر المختلفة هي مواد خام لا يستفاد منها إلا بعد القيام بعمل المعالجةلها مثل الطعام الغير مهضوم والطعام المهضوم الذي يستفيد منه الإنسان من خلال إدخال المعرفة وتبويبها وتدقيقها وربطها مع مشابهتها وتصنيفها في ذاكرته وتولد بصياغة جديدة وبفكر خاص وحقيقي. هكذا يتحول الطالب من مستهلك للمعلومات إلى منتج لها.

    عملياً يستطيع المعلم تكليف الطلبة بعمل ما للحصول على المعلومة مثل البحث عنها في مصادر المعلومات المختلفة المتوفرة (مكتبة، انترنيت، البيت...) وبناء مسابقات وحوافز متنوعة في داخل المنهج الواحد والمدرسة الواحدة من خلال بناء الصحافة العلمية أو القراءات الموجهة وإحياء الإذاعة المدرسية والندوات الثقافية بإشراف الطلبة وعمل النشرة الإشرافية في داخل المدرسة....

    هكذا تتحقق النظرية البنائية والمعرفية لبناء الشركة والمشاركة في العملية التعليمية التعلمية وإحياء التطور الفكري وصياغة المعرفة الحديثة ومواكبة تحديات وتطورات العصر لبناء شخصية الطالب المفكر والناقد والإلكتروني والمعاصر والبناء.


    تنظيم المجموعات التربوية في المدرسة للطلاب



    نشأت فكرة تنظيم مجموعات تربوية مدرسية بعد ملاحظة الخلل الكبير في الدور التربوي لكثير من المدارس لعدم وجود علاقة متينة بين التربويين والمستهدفين (الطلاب) رغم التأكيدات على ذلك، فكثيراً ما يلاحظ في المدارس: اكتفاء غالبية المعلمين للصفوف العليا، (وكذلك المرحلة الأولية، بعد تحويل نظام مربي الفصل إلى معلم المادة في المرحلة الابتدائية) بالدور التعليمي التلقيني للمقررات الدراسية دون الجوانب الإنسانية في حياة الطالب.
    فالوكيل يتولى في العادة الإشراف على سير اليوم الدراسي، ومعالجة مشكلات الطلاب اليومية.
    والمرشد الطلابي يتابع التحصيل الدراسي، ويعالج بعض الظواهر بعد تطورها، دون الوقاية منها بشكل مؤثر لمنع حدوثها، لكثرة الطلاب، وعدم تمكنه من تنفيذ البرامج المطلوبة للجميع بمفرده مثل: الزيارات والرحلات والمنافسات المختلفة واللقاءات.
    والرائد الاجتماعي لا يعطي النواحي الاجتماعية في حياة الطالب أهمية للمساعدة على التكيف الاجتماعي؛ لعدم تفرغه لتفعيل الدور؛ لانشغاله بالمساهمة في المناسبات العامة، بالإضافة إلى جدوله اليومي من الحصص، وكذلك قلة المتخصصين في الميدان العملي.
    ورائد الفصل يقتصر دوره على بعض الأمور الشكلية البسيطة إذا كان نشيطاً، دون الاهتمام بشخصيات الطلاب ومشكلاتهم وظروفهم الخاصة المؤثرة في الغالب.
    يتضح لنا من هذا التوزيع عدم تحديد المسؤولية وإبراز الدور، وتداخل التخصصات وعدم اقتراب أحد من الطالب قرباً حقيقياً يشعر معه الطالب باحترام الذات، والثقة والانتماء والمرجعية، فهو لا يعرف هؤلاء إلا بعد ظهور مشكلة تفاقمت. أو يكون طالباً متميزاً تنظر له المدرسة بهدف السمعة والظهور في المحافل.

    نتائج حتمية
    أما بقية الطلاب فلا يعرف عنهم الجميع إلا النزر اليسير رغم وجود المرشد الطلابي، والوكيل لكثرة أعمالهما الكتابية، وعدم استيعاب الدور وأهميته، وكثرة الطلاب، الأمر الذي أفرز خللاً واضحاً في سلوكيات بعض من الطلاب، يلاحظ في التمرد داخل أروقة المدارس المتوسطة والثانوية، وفي عدم انضباط وتأدب، وسرعة انفعال وعدم طمأنينة تصل في بعض الأحيان إلى التصادم ببعض المعلمين والزملاء وإتلاف التجهيزات الداخلية للمدارس، والكتابة على الجدران، وغير ذلك من السلوكيات السيئة التي نبتت بذورها في المرحلة الابتدائية؛ نتيجة لتعرض بعض الطلاب للعنف داخل المدرسة وخارجها، وقلة الرعاية المعنوية، والاحترام، وكثرة اللوم والتقريع، مما نتج عنه الإحباط ورد الفعل، والرغبة في الانتقام.
    ومما يلاحظ، كثرة الحوادث والمشكلات المتكررة في أقسام الشرطة والإصلاحيات من طلاب المدارس نتيجة للمشاجرات والخلافات وحوادث السيارات، واستخدام المخدرات وغير ذلك من الحالات الناتجة عن القلق والارتباك، وعدم التوجيه السليم، وعدم الاستقرار النفسي، ولا يبرر ذلك إلا قلة المساعدة وعدم الإشراف المباشر والمسؤولية غير المحددة للمربين سواء في المنزل أو في البيئة التعليمية.
    لذا تظهر أهمية أن يكون لكل مجموعة من الطلاب مربٍ أو مشرفٌ يساعد على تحقيق النمو الشامل. ويكون له دور واضح ومحدد في غرس ما نحبذ من قيم،. وفق مفاهيم تربوية صحيحة، من خلال برامج معدة سلفاً لهذا الغرض.

    تكوين المجموعات التربوية المدرسية
    1. يقسم طلاب المدرسة على عدد المعلمين على النحو التالي:
    المجموعة = عدد طلاب المدرسة ÷ عدد المعلمين.
    2. يتولى كل مجموعة معلم يشرف عليها تربوياً.
    يسمى المعلم: (مشرف المجموعة التربوية).
    3. للمدير حق تحويل من تستدعي الحاجة تحويله لمجموعة أخرى.
    المشرف
    أحد المعلمين بالمدرسة وهو صاحب العلاقة المباشرة والمختص بشؤون أفراد المجموعة طيلة بقائهم في المدرسة، والمسؤول أمام أصحاب العلاقة من معلمين ومسؤولين في المدرسة وخارجها وكذلك أمام أولياء الأمور.
    دور المشرف مع المجموعة
    يستمر المعلم مشرفاً للمجموعة طيلة بقائه في المدرسة، فالمعلم ثابت، وأفراد المجموعة معه، يشرف عليهم طيلة بقائهم في المدرسة وفق المرحلة فهو ثابت وهم متحركون فكلما ترك الطلاب المدرسة أضيف إليه في بداية العام الدراسي من الطلاب المستجدين أو المحولين، فتكون المجموعة مستمرة مع المشرف بهدف تصحيح مسارات الطلاب وحل مشكلاتهم ووقايتهم، بناءً على ما ينشأ من ثقة وقبول بين المشرف وأفراد المجموعة؛ ومن هنا تتضح أهمية ثبات المعلمين في مدارسهم؛ وفق برامج يهدف من خلالها إلى تقييم وتقويم سلوك الطلاب.
    فالمعلم ركيزة من ركائز المنهج الأساسية: المعلم، البيئة التعليمية، المقرر الدراسي. بل هو المفعل له. وبأدائه هذا الدور يكون المعلم قد أدى المطلوب منه بدلاً من كونه محقنة للمقررات الدراسية المكتوبة في الكتب الدراسية فقط دون إعطاء المعلم فرصة لإظهار إبداعاته وأثره التربوي. فكلما طالت المدة التي يشرف فيها المعلم على الطالب، يكون أكثر قرباً منه ومعرفة بوالده أو ولي أمره وظروفه الأسرية، ومعرفة أكثر بقدراته وإمكاناته وتوظيفها، وناقلاً للخبرات، ومؤثراً إيجابياً ومرجعاً موثوقاً به للجميع. وهذا العمل حري به أن يبعد الملل عن نفوس المعلمين، لما يوجده من منافسات شريفة في الميدان التربوي، ليؤدي الجميع دورهم حسب المطلوب.

    البرامج المقترحة
    لقاءات فردية وجماعية، زيارات ورحلات، معسكرات، اجتماعات، منافسات وأنشطة مختلفة.

    السجلات المقترحة
    يعد سجل أو سجلات مبسطة تسهل على المشرف معرفة الحالات التي يتعامل معها، ورصد تفاعلاتها الاجتماعية من خلال البيئة التعليمية في المدرسة أو في المجتمع خارج المدرسة من خلال معرفة الأصدقاء والمعلومات التي تصل عن طريق الأسرة، مع الاستفادة من سجلات المرشد الطلابي في المدرسة. مثل: (سجل المعلومات الشامل للطالب).

    علاقة المشرف بالأسرة
    يجب تقوية العلاقة بالأسرة وتنظيمها، وتعريفها بدور المشرف وأهمية دوره، وضرورة التعامل معه بوضوح، وأن المشرف هو صاحب العلاقة المباشرة والمختص بشؤون الطالب طيلة بقائه في المدرسة، وأنه مؤهل علمياً ويمكن الرجوع إليه في الأمور التربوية لمساعدة الأسرة عند الحاجة فيما يخص الطالب إلى أن يُسلم هذه المسؤولية إلى مشرف آخر في مرحلة دراسية أخرى.

    أهداف المجموعات التربوية المدرسية:
    1- توزيع الإشراف التربوي بين المعلمين على الطلاب وتحديد المسؤولية يساعد الجميع في لعب أدوار مؤثرة ومباشرة في حياة الطالب.
    2- تساعد المجموعات التربوية على التقارب بين الطلاب ومشرفي المجموعات فتمتد جذور الثقة بين المعلم والطلاب، مما يؤدي إلى مزيد من الاحترام والانضباط والحرص على أن يظهر الطالب بالمظهر اللائق في جميع شؤونه داخل المدرسة وخارجها.
    3- معرفة ولي الأمر لمعلم واحد هو صاحب العلاقة بدلاً من جميع المعلمين والمدير والوكيل والمرشد الطلابي وكل يحيله للآخر، مما تصعب معه الثقة في إيضاح بعض الأمور الأسرية المؤثرة في حياة الطالب.
    4- يتمكن المشرف على المجموعة التربوية من رصد الملحوظات على الأعضاء في المجموعة والاتصال بالمعلمين المشاركين في تعليم الطالب وتربيته ومعرفة ملحوظاتهم ومناقشتهم نيابة عن ولي الأمر، ونقل الملحوظات الهامة إلى ولي الأمر والتفاهم معه بشأنها، إذا لزم الأمر.
    5- تحويل جميع مشكلات الطالب إلى مشرف المجموعة، للعمل على حلها، وتوجيه الطالب إلى المسار الصحيح بالقدوة والمناقشة والحوار، وتحويله إلى النشاط المناسب، لامتصاص طاقته الزائدة وتحقيق ذاته.
    6- إظهار المنافسة بين المجموعات يحقق انتماء الطلاب للمجموعة، ويظهر قدراتهم في المجالات المختلفة، مما يمكّن من دعمها وإبرازها ودفعها في الاتجاه الصحيح.
    7- سهولة رصد المبدعين والموهوبين وتقديم خدمات خاصة بهم، وتهيئة من لا يستطيع مواصلة الدراسة في التعليم العام للدراسة في المعاهد الفنية المناسبة أو البحث عن المهنة المناسبة، إن أمكن ذلك.
    8- الإشراف على نتائج الطالب التعليمية والاطلاع عليها، ومناقشة الزملاء المعلمين حولها سواء كان قصوراً أو تفوقاً.
    9- الاهتمام بالنواحي الوقائية في الحالات الاجتماعية والسلوكية مثل الصداقات غير المتناسبة، والانحراف، والتوجهات غير المرغوب فيها، والتعريف بالمخدرات وأخطارها.
    10- الحاجة إلى معالجة حالات الانحراف التي بدأت تزداد بين الطلاب وأصبحت أو تكاد تكون ظواهر المرحلتين المتوسطة والثانوية مثل العنف والتمرد وعدم احترام الآداب العامة.
    11- إكمال النقص الذي يظهر واضحاً في عجز الآباء عن تربية أبنائهم بشكل صحيح، لعدم قدرة بعض الآباء على متابعة سلوك الأبناء وتوجيههم، إما بالعجز الفعلي أو بالانشغال عنهم بالمسؤوليات الخاصة.

    آلية التنفيذ

    حتى يمكن التنفيذ بشكل صحيح لابد من :
    أولاً: تعريف المعلمين بهذا الدور وأهميته وعقد اجتماعات تعريفية ليكون المعلم على قناعة جيدة به، نضمن معها استعداده لتنفيذه حسب المطلوب.
    ثانياً: تعريف المجتمع بهذه الفكرة من خلال الإعلام التربوي، ووسائل الإعلام العامة.
    ثالثاً: أن يتولى الفكرة اختصاصيون تربويون، وكذلك نفسيون واجتماعيون؛ حتى يسلط الضوء على الجوانب المهمة في مراحل النمو المختلفة وفق المراحل الدراسية الثلاث؛ للاستفادة من خصائصها وتوجيهها التوجيه الصحيح، ولإبراز عوارض الأمراض النفسية، فهي أمراض العصر. تؤثر في القرار وتعوق الإنتاج.
    - رابعاً: إعداد برامج تنفذ من قبل المجموعات التربوية، وترصد نتائجها، ويقاس أثرها على أفراد المجموعة، ومدى الاستفادة منها، وتطويرها حسب الحاجة.
    خامساً: أن يقدم كل معلم مشرف تقريراً مفصلاً لما تم مع مجموعته، وأعماله المنفذة والعقبات لكل فصل دراسي.
    سادساً: أن توضع نقاط في تقويم الأداء الوظيفي لقياس الجهد المبذول والمتميز، حتى يشاد بأصحاب الجهود المتميزة، ويحاسب المقصر والمتساهل في أداء واجبه ومسؤوليته.

    إضافة لما تقدم يمكن التنفيذ من خلال:

    * إعداد خطة أو برنامج يوزع فيه العمل طول العام الدراسي لكل مجموعة:
    - مواعيد المعسكرات والرحلات والهدف منها.
    - المسابقات والمنافسات الثقافية والرياضية.
    - مواعيد اللقاءات الجماعية بالطلاب، وكذلك بأولياء الأمور.
    * تحديد ساعات مكتبية للمعلم (مشرف المجموعة) وذلك بأن يراعى أن تكون استراحات المعلم في الجدول أحد أيام الأسبوع حصتين أو أكثر متتابعتين كأن تكون استراحة المعلم (الحصتين الرابعة والخامسة) مثلاً، وأن يعرف أولياء الأمور بهذه الساعات المكتبية؛ حتى يتمكن أولياء الأمور من زيارة المشرف أو الاتصال به هاتفياً لمناقشته، وكذلك مراجعة طلاب المجموعة والمعلمين له حسب الحاجة.
    * إعداد سجلات تناسب العمل، وتكون ميسرة الاستخدام لا تأخذ من المعلم كثير جهد ووقت، وتفي بالغرض المطلوب مثل سجل الملحوظات اليومية، فتخصص صفحات لكل طالب يسجل فيها المعلم ملخص ما يتم مع الطالب وولي الأمر، والمواضيع التي تمت مناقشتها وعدد مرات الاتصال سواءً زيارات أو مهاتفة أو مكاتبة.
    * أن يكون في تقرير الطالب أو بطاقة الدرجات تقييم للمتابعة وعلاقة ولي الأمر مثلاً:
    - ولي الأمر متعاون
    (نعم) (لا)
    - درجة التعاون (من 100 درجة)
    - أثر التعاون على الطالب ومدى الاستفادة منه:
    جيد - متوسط - ضعيف
    ومن هذه النقاط في التقويم يكون لنا أكثر من فائدة منها:
    - أن يدرك أولياء الأمور أهمية التعاون. وبهذا التقويم يزداد تحقيق الأثر، وأن يحفز الآباء المشغولون بالاطلاع على أحوال أبنائهم. ومشاركة المدرسة المسؤولية ومعرفة ما يجري داخلها.
    * عقد لقاءات خارج وقت الدوام الرسمي كأن تكون يوم خميس معين من كل شهر، أو مساء أحد الأيام، على أن تحدد، ويعرف بها أولياء أمور المجموعة، وأن يوضع لها جدول ويذكّر بها الآباء عند كل لقاء، ويناقش في هذه اللقاءات كثير من المستجدات بصفة جماعية لما يستدعي ذلك، وبصفة فردية للحالات الخاصة فتعالج كل حالة بخصوصيتها، على أن يكون للآباء دور فاعل في المعالجة، والاقتراح، والإسهام، وإبداء الآراء والملحوظات، ولا مانع من حضور الأبناء بعض هذه اللقاءات للإشادة بالمتميزين منهم وتشجيع المجموعة عند تقديم أفرادها ما يستحق إطلاع أولياء الأمور، ومشاركتهم المناسبات الإيجابية والناجحة.


    النشاط المدرسي عنصر هام من عناصر العملية التربوية، وتأتي أهميته في أنه يساعد، إلى جانب النشاط الأكاديمي، في صقل شخصية الطالب وتفتيح مداركه وصيانة ذهنه وإعداده للعب دوره في الحياة العامة.


    مبررات تفعيل النشاط الطلابي في المدارس


    1 - النشاط الطلابي عنصر مكمل للمنهج الدراسي بمفهومة الواسع، وبدون الاهتمام به لا تكتمل العملية التربوية.
    2- تتآزر الأنشطة المدرسية مع الجانب الدراسي البحت لتكون معه شخصية متكاملة متوازنة، وهي تهتم بالتربية خارج الفصل في الغالب (لكن داخل حدود المنهج بمفهومه العام)، ولتحقيق هذا الهدف فإنه يمكن للمعلم النشط أن يوظف برامج النشاط لخدمة مادته العلمية فيؤثر في شخصية الطالب تأثيراً أبلغ من مجرد التوجيه المباشر أو حقن المعلومات والمعارف وحشوها في ذهن الطالب مجردة عن التطبيق والممارسة.
    3- نستطيع أن نوظف الأنشطة المدرسية ونستثمرها بقدر طاقة الإنسان على العطاء، وبقدر ما يحصل الإنسان على محركات وتشجيع ودعم بقدر ما يقبل على الأنشطة ويتحسن مستواه وترتفع كفاءته، ولو أُحسن تخطيط الأنشطة وتنفيذها لتحولت طاقات مهدرة وسلبية إلى فاعلة وإيجابية.


    ضرورة مستقبلية


    4- في ظل الواقع الذي ازداد فيه الازدحام على الجامعات بعد المرحلة الثانوية، وفي ظل إمكانات القبول المحدودة مهما كبرت أمام أعدادهم الهائلة، ووفق النظرية القائلة بأن الجامعة ليست هي الطريق الوحيد للعمل والوظيفة، وفي ظل الحاجة المتزايدة إلى الكوادر الفنية بمختلف تخصصاتها لدفع عجلة التنمية، وإحلال أبناء البلاد محل الوافدين، فإن الضرورة تحتم أن يكون التعليم الثانوي تعليماً نوعياً يمكن الطالب من الانخراط في المهن أو الوظائف الفنية والإدارية المساعدة، وحيث إن هذه المهن تتطلب حركة ونشاطاً وتفاعلاً، فإن الأنشطة المدرسية إذا أحسن إعدادها خير ميدان يعدهم لتلك الحياة العملية، وذلك يدعو إلى تطبيق اختبارات لقياس القدرات ومعرفة الاتجاهات تمهيداً لطرح هذه الأنشطة وضمان انخراط الطلاب فيها.


    استغلال للوقت في المفيد

    5- من أشد الأخطار التي تواجه شبابنا اليوم خطر الفراغ الذي أفرزته المدنية الحديثة فانشغل الأب عن ابنه، وتوفرت تحت يده وسيلة نقل فارهة، وتسللت إلى بيته قنوات إعلامية لا رقيب عليها أو حسيب، وغيرها من المستجدات على مجتمعنا اليوم، ويأتي مبرر تفعيل الأنشطة المدرسية هنا من حيث كونها وسيلة مثلى للقضاء على أوقات الفراغ عن طرق نشاطات محببة للنفس، بل استثمار الفراغ في تعلم مهن أو إجادة حرف أو اكتشاف موهبة فنية أو قدرة رياضية أو غير ذلك، مما يمكن استثماره وتطويره لصالح الشباب نفسه، وهذا يستدعي أن يتنادى المخلصون إلى دعم الأنشطة الموجهة لأوقات الفراغ، وألا تقتصر المسؤولية عنها على وزارة المعارف فقط، بل كل جهة مسؤولة عن الشباب وعن توجيههم سواء كانت حكومية أو أهلية.


    واقع سلبي


    وإذا كنا نشكو الواقع السلبي لممارسة بعض الأنشطة الطلابية على نطاق واسع، فإن من أهم أسباب ذلك عدم وضوح مبررات تفعيل تلك الأنشطة لدى الكثير من العاملين في سلك التربية والتعليم بالدرجة الأولى، فالمعلم على سبيل المثال يعتقد أن دوره مجرد نقل المعلومة وإلقاء الدرس المقرر، وغاية جهده أن يرتفع مستوى تحصيل طلابه الدراسي، لكن ما أثر تدريسه في وجدانهم، في مهاراتهم، في سلوكهم؟ إنه لم يتوقف يوماً ليسأل نفسه هذا السؤال، ويزيد الأمر أسى حين يؤصل المشرف التربوي هذا الاتجاه فيبارك أسلوبه دون نظر في واقع الطلبة التربوي، وقس على هذا الفهم فهم المدير والمرشد والوكيل والمشرف التربوي وولي الأمر، ولا أدل على خطأ هذا المنهج من واقع أبنائنا اليوم فعلى الرغم من جودة المقررات- كمحتوى نظري- إلا أن سلوكياتهم في البيت والشارع والحي بل وفي المدرسة وربما في المسجد لا تنبئ عن أثر سلوكي إيجابي واضح عدا قلة قليلة نراها في سمت وسلوك حسن قد يكون مصدره معلم مجتهد أو أب واعٍ أو جليس صالح، وهذا الواقع المرير يعد في نظري من أهم مبررات تفعيل الأنشطة المدرسية في مدارسنا اليوم.

    التحديات التي تواجه هذا الاتجاه

    يواجه الاتجاه إلى تفعيل الأنشطة الطلابية العديد من التحديات التي يمكن مواجهتها بالتخطيط العلمي، ولعل من المناسب أن نذكر هنا كل تحد من التحديات ونذكر معه الحل المقترح لمواجهته، وفيما يلي أبرز تلك التحديات:

    1. الاهتمام بالجوهر

    إن أبرز تحد يواجه تفعيل الأنشطة المدرسية اليوم هو مفهومها، فنحن في حاجة أكيدة إلى أن نعيد القطار فوق القضبان، والحصان أمام العربة، فالأصل في النشاط الطلابي أنه برامج تربوية يختارها الطالب حسب رغبته وميوله لتحقق فيه هدفاً وجدانياً أو مهارياً، ولا يمنع ذلك من إعلان الفرحة بالنشاط والاحتفال به وخدمته إعلامياً ليعرف الناس حقيقته، لكن التحدي هو تفنيد الاتهام بتجاوز الجوهر والاكتفاء بالمظهر، وظهور اجتهادات فردية قد تعمم على سائر البرامج والنشاطات، ولهذا فإننا في حاجة كما ذكرنا لمراجعة أسلوبنا في الممارسة ليقف عند الإيجابية، ويتوقف عن السلبية.

    2. تكوين اتجاهات إيجابية

    هو الاتجاهات الحالية نحو الأنشطة الطلابية لدى كل من المسؤولين ومتخذي القرار في المؤسسات التربوية والتعليمية، ولدى العاملين في المؤسسات التربوية أنفسهم من مخططي المناهج والبرامج التربوية، ومديري التعليم والمشرفين التربويين ومديري المدارس ووكلائها ومرشدي الطلاب ورواد النشاط والمعلمين، ولدى الطلاب وأولياء أمورهم، والحل أن نبدأ بتكوين اتجاهات إيجابية نحو الأنشطة الطلابية لدى جميع هؤلاء تجعلهم جميعاً يدركون أهدافها وأهميتها ودورها التربوي، بل والتحصيلي الدراسي البحت، ونكون بهذا قد قبلنا التحدي والنتيجة بإذن الله في صالح تفعيل الأنشطة الطلابية.

    3. إعداد الكوادر

    عدم وجود الكوادر المؤهلة لقيادة النشاط وإدارته وتنظيم برامجه وتصميمها والإشراف عليها ومتابعتها وتقويمها، وذلك على الرغم من افتراض أن جميع العاملين في السلك التربوي قد سبق إعدادهم تربوياً قبل التخرج، أو بعده في دراسات تربوية تخصصية، لكن تلك الدراسات لم تتضمن إعداداً فيما يتعلق بالأنشطة الطلابية، بل لم يدرس أولئك مقرراً واحداً في الأنشطة المدرسية0
    ولمواجهة هذا التحدي يجب:
    أ. الإعداد المبكر
    إعداد العاملين في المجال التربوي قبل التخرج في مجال الأنشطة المدرسية مع إدراجها ضمن التدريب الميداني الذي ينفذه الطالب قبل التخرج.

    ب. ثم التدريب المستمر
    إعداد المعلمين وهم على رأس العمل بتنفيذ دورات تدريبية قصيرة في مجال الأنشطة المدرسية والتوسع فيها بقدر حاجة المدارس والإدارات التعليمية.

    ج. نشر الوعي
    نشر الوعي الإعلامي التربوي بين المعلمين بأهمية الأنشطة الطلابية.

    4. الإفادة من الإمكانات المتاحة
    من الحلول لمواجهة تحدي قلة أو انعدام المرافق والتجهيزات اللازمة لممارسة الأنشطة الطلابية عن طريق العمل بالإمكانات المتاحة والاستفادة من مرافق الجهات الأخرى إن وجدت.

    5. الإبداع في تصميم البرامج
    إعداد خطوط عريضة ونماذج للبرامج التي يمكن ممارستها مع التأكيد على الإبداع والتجديد من قبل المعلم، بل وجعل الطالب هو مصدر اقتراح البرنامج وتخطيطه وتنفيذه ومتابعته وتقويمه تحت إشراف معلمه وتوجيهه، وفوق هذا يمكن توفير بعض المراجع والكتب والأدلة في إدارة الأنشطة والتخطيط لها، وتدعيم هذا الاتجاه باللقاءات والاجتماعات الدورية مع المشرفين والمعلمين ورواد النشاط المتميزين لإثراء معارفهم وتبادل خبراتهم.

    6. تنويع مصادر الدعم المادي

    الكلفة العالية للأنشطة الطلابية وخصوصاً إذا أردنا تنفيذ وممارسة نشاطات علمية ومتقدمة، وفتح المجال للطالب أن يمارس النشاط الذي يريده وقد يترتب عليه توفير خدمات مرتفعة السعر، إضافة إلى التكاليف الإدارية المعتادة لتكليف مشرفين على هذه الأنشطة داخل المدرسة أو خارجها، وأثناء اليوم الدراسي وخارجه، لكن هذا التحدي يمكن أن يواجه أولاً: بدعم مخصصات الأنشطة الطلابية باعتبارها استثماراً في الإنسان وهو أغلى ثروات البلاد، وثانياً: بإيجاد آلية تنظم إيرادات المدارس المتوفرة في المقصف المدرسي على وجه الخصوص، إذ تبين بإحصائيات سريعة توفر مبالغ كبيرة من هذه المقاصف تحتاج إلى تنظيم وحسن توزيع، لتشمل فوائدها المدارس الصغيرة وضعيفة الدخل، وثالثاً: يمكن التنسيق مع القطاع الخاص لتبني مشروعات نشاط على مستوى المدارس أو الإدارات التعليمية أو الوزارة، سواء بالتمويل أو التجهيز أو التدريب أو غير ذلك.


    الدرس النموذجي:


    بالأمس كانت الحصة النموذجية تحقق أهدافها، وتوسع مدارك المعلم والمعلمة وتطور أسلوبهما. وتسند إلى من كان لها سنوات عجاف في سلك التعليم. أما اليوم فقد امتدت الأيدي العابثة بمعالم الحصة النموذجية وشوهت صورتها وأصبحت كالجبل في ثقله على قلب المعلم «المكلف» وكاليد الخانقة على نفوس «الطلاب» وأبحرت بعيداً عن تحقيق الأهداف المرجوة منها. وأتمنى ألا تتسع الدائرة وأن تكون على نطاق محدود. من أسباب هذا الانحدار:

    1. الوسائل التعليمية:

    قد تكون سلاحاً ذا حدين إذا لم تستخدم بالطريقة الصحيحة وفي الوقت المناسب. وفي رأيي أنه كلما كانت الوسيلة التعليمية بسيطة وغير مكلفة أدت الوظيفة التي أعدت من أجلها على أكمل وجه. ولكن الواقع أن المعلم المكلف بالحصة النموذجية يعد «وسائل تعليمية» عديدة استنفدت كثيراً من الوقت والجهد والمال، وللأسف ليس بهدف خدمة التعليم وإنما لإرضاء غرور المشرفين التربويين والفوز بتقدير المعلمين الحاضرين ولسان حاله يقول: «مكره أخاك... لا بطل».

    2. وقت الحصة:

    المتعارف عليه أن الحصة الدراسية لا تتجاوز الـ 45 دقيقة. واليوم الحصة النموذجية مستثناة، فالوقت قد يمتد إلى ساعة أو ساعتين. أما السبب فهو أن المعلم يستنفد زمن الحصة في عرضه لوحاته التعليمية ووسائله "المزركشة" والغالية أمام المشرفين... عفواً.. أقصد أمام طلابه ويغوص عميقاً إلى حد الاختناق في عرض المعلومة، فتبحر عقول التلاميذ بعيداً إلى عالم آخر ويصابون بالملل والضجر.

    3. شخصية المعلم:

    لن أبرئ ساحة المعلم وأصرخ أنه بريء من محاولة الاغتيال، فهناك معلمون - وأتمنى أن تكون تلك الفئة قلة - غير مؤهلين لإعطاء درس نموذجي، حيث يتصفون بعدم الثقة والارتباك أمام الجمهور «من معلمين حاضرين ومشرفين» ويختال أمامهم مارد الفشل، فيحاولوا بشتى الطرق ترقيع العيوب فيبادرون بشرح الدرس للطلاب قبل عرضه في الحصة النموذجية خوفاً من عدم تجاوبهم مع عرض الوسائل التعليمية العديدة والمكلفة لأول مرة أمامهم، وقد يكون معظمها لا يخدم الدرس ولكن يفيد في خطف الأبصار المترصدة لصيد عيوبه، وقد ينجح في ذلك!

    4. سلوك الطلاب:
    ولن نلقي عليهم عتباً ولا اتهاماً؛ لأنهم الضحية. فالصورة المثالية لمعلمهم قد شوهت بسلوكه غير المقبول وشخصيته المتناقضة فينعكس ذلك بالتالي على سلوك الطلاب. فمن منا لم يلاحظ أثناء الدرس النموذجي إجاباتهم اللائية، الهدوء البغيض، جو يفتقد إلى الألفة ويسوده كتم الأنفاس.
    جو من البساطة
    وقبل أن أصل إلى المرسى هناك سؤال يقفز دائماً على طرف لساني: ما الضير ألا تختلف الحصة النموذجية عن أي حصة دراسية يغلفها جو من الألفة والبساطة؟ أيجب أن نلبس الأقنعة الزائفة فتتشوه صورتنا الجميلة؟ هذا ينم عن عجز وضعف. فالإطار المذهب لن يجمل الصورة القبيحة. وهمسة قد تصل إلى حد الصراخ أرسلها إلى المشرفين التربويين: كفاكم ما تثقلون به كاهل المعلم من التوجيهات العقيمة والقيود القاتلة، أطلقوا سراحه ليعطي بسخاء بعيداً عن التكلف.


    التربية بالأهداف

    إن في الإسلام منهجاً تربوياً فريداً، يـقـوم على دعائم وأسس من شأنها إن هي لُمست وجُلِّيت وأُبرزت أن تكوِّن نظرية تربوية إسـلامية متكاملة الأهداف، واضحة الخطوات، متناسقة المراحل، مضمونة الثمرات ـ بإذن الله ـ.
    إن النظرات الجزئية للمنهج الإسلامي التربوي مفيدة ولا شك؛ بيد أنها تعجز عن تكوين وصياغة تلك النظرية؛ لأن ذلك فقط هو من شـأن النظرات الشاملة العميقة المتكئة على دعائم قرآنية، وأسس نبويّة، وتطبيقات صحيحة يـجــب أن تـنـداح دائرتـهــا لتشمل النظريات والتطبيقات المعاصرة المفيدة في علوم التربية والنفس والاجتماع ونحوها.
    إن عملية تحديد دعائم وأسس النظرية التربوية الإسلامية ضرورة حتمية لصياغة النظرية وتـكـويـنـهـا، وهي في الوقت ذاته صعبة وشاقة؛ لذا فهي تستحق من أرباب العلم والفكر والإبداع: إجـالـة نظر في النصوص، وتأملاً وتفكراً في التطبيقات، كيما يتضح السبيل لصياغة النظرية التربــويــة المنشودة، وبلورة تفصيلاتها وإجراءاتها، وتجلية أهدافها وغاياتها.
    إن منظومة الدعائم والأسس التربوية تنتظم عدداً كبيراً، لعل من أبرزها وأوضحها ما يلي:
    1- تحقيق التوحيد في النفس الإنسانية.
    2- الأهداف التربوية: تحديداً وربطاً وتذكيراً.
    3- الترغيب والترهيب.
    4- مراعاة مقتضيات الفطرة الإنسانية.
    5- الشمول والتكامل.
    وفي هذا الموضوع سيكون التركيز على أساس ودعامة الأهداف مبيناً كيفية استخدام المنهج الإسلامي وتفعيله لهذا الأساس، ليكون توطئة وتمهيداً للحديث عن التربية بالأهداف.
    معنى الهدف:
    يدور المعنى اللغوي والاصطلاحي للهدف على معنى واحد مفاده: الغاية التي يُسعى إلى الوصول إليها وإلى تحقيقها، والغرض الذي يُراد إدراكه ونيله (1).
    كل له غرض يسعى ليدركه والحر يجعل إدراك العلا غرضاً
    المنهج الإسلامي والأهداف:
    إن الـمـتـأمــل للمنهج الإسلامي ليدرك بجلاء دون أن تلحقه صعوبة أو تعتريه مشقة قدر العناية التي أولاها ذلك المنهج لقضية الأهداف، وكيف أن الإسلام يتكئ بكامل ثقله على أهداف محــــــددة؛ تبني بمجموعها الهدف الأسمى والغرض الأوحد الذي جاء الإسلام لتحقيقه: وهو تحقيق العبودية الحقة لله ـ تعالى ـ، ويُتوصل بذلك إلى تحقيقه ونيله، قال ـ تعالى ـ: ((وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإنسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ)) [الذاريات: 56].
    بعد تأمل للكيفـيــة التي انتهجها المنهج الإسلامي فيما يتعلق بالأهداف، تمكنت من لمس الخطوات التي نفذهــــــا هذا المنهج لتفعيل دور الأهـداف والإفادة منها، وهـي متمثلة ـ بحسب اجتهادي ـ فيما يلي:
    أولاً: تحديد الأهداف بدءاً؛ وذلك بكل دقة ووضوح:
    نقرأ في القرآن الكريم أنه خـاطــب رسـولنا الأمين-صلى الله عليه وسلم- ـ في أول آياتـه نزولاً(2) ـ بأن يقوم عازماً، وينـهـــــض راشداً، ويسير ثابتاً واثقاً صابراً، مزيلاً اللحاف والـدثــــــار ليحقق أهدافاً شاملة عظيمة:((يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ(3) وَثِيَابَكَ فَطـَـهِّـــرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ)) [المدثر:1-6]، ثم توالت بعد ذلك آي القرآن العظيم لتبين هذه الأهداف وتفسرها وتكملها وتفضلها، فهدف العلم محـدد بقـوله ـ تعالى ـ: ((اقْــراً بِاسْمِ رَبِّكَ الَذِي خَلَقَ)) [العلق:1]، وهدف التحلي بجميل الخلق وعاطر المعاملة وحـســـــن السلوك بقوله ـ تعالى ـ: ((وَإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)) [القلــم:4]، وقـوله ـ تعالى ـ: ((فَبِمَـــــا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظاً غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفـِــرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِينَ)) [آل عمران:159]، وهـــــدف التماس الحكمة في الدعوة بقوله ـ تعالى ـ ((ادْعُ إلَـى سَـبـِـيـلِ رَبِّـــكَ بِـالْـحِـكْـمَـــةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)) [النحل:125].
    وهـــــــدف الـثـبـات بقوله ـ تعالى ـ: ((وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَاًتِيَكَ اليَقِينُ)) [الحجر: 99]
    وهدف الانتماء للدين وأهله بقوله ـ تعالى ـ: ((اللَّهُ وَلِيُّ الَذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كـَـفَـــــرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) [البقرة:257]، وقوله ـ تعالى ـ: ((لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) [الأنعام:127]، وغير ذلك من الأهداف التي ناسب تقريرها في المجتمع المكي الـــذي كان يمر بظروف بداياته، ويتطلب التركيز على قضايا محددة.
    ولقد أكد القرآن الكريم على أكثر الأهداف حتى بعد انتقال الجماعة المؤمنة من طور التأسيس العقدي والإيماني (مكة) إلى عهد البناء الشامل المتكامل (المدينة)؛ لأنها أهداف متناسقة متكاملة، بيد أنه قرر أهدافاً أخرى، تستطيع الجماعة المؤمنة من خلالها أن تقيم البناء الإسلامي الحضاري الشامل، فمن ذلك ما قرره القرآن بقوله ـ تعالى ـ: ((وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إذَا رَجَعُوا إلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ))[التوبة: 122] لقد دفع القرآن الكريم الأفواج المؤمنة لاقتحام مجالات الجهاد المتعددة وطرق أبوابه المتنوعة.
    ثانياً: ربط الحياة بهذه الأهداف:
    رَبَطَ الإسلامُ حياة المسلمين بأهدافه السامية التي حددها في البداية بكل جلاء ووضوح عبر قوالب متعددة ووسائل متنوعة، لعل من أكثرها وضوحاً القالب المشكّل بـ ((وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإنسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ))، ((قُلْ إنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ لله162) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ)) [الأنعام: 162، 163]، فهل ثمة جزء من حياة الإنسان بقي دون أن يربط بالعبودية لله ـ تعالى ـ؟! لا وحاشا.
    ثالثاً: التذكير بالأهداف:
    إن المنهج الإسلامي رباني يتعامل مع الإنسان، مدركاً طبعه وجبلّته، ومراعياً نقصه وضعفه؛ لذا فمن غير المستغرب أن تكثر النصوص التي تذكِّر الإنسان ـ الذي يغفل ويذهل وينسى بحكم طبيعته ـ بالأهداف التي يجب أن يحققها، بل إنه يمكن تقرير أن نصوص الشرع جميعها تذكر بالأهداف ولكنها مختلفة في طبيعة التدكيـر وقـوتـه وقالبه، إن قـول الله ـ تعالى ـ: ((إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعِينُ)) [الفاتحة: 5] من أقوى النصوص تذكيراً وأكثرها ترداداً.
    ولعل مما يجدر ذكره وتقريره أن الخطوات الثلاث سالفة الذكر لا تخص المنهج الإسلامي التربوي فحسب، بل هي صبغة اصطبغ الإسلام بها بأكمله؛ لذا فإنه يمكن الإفادة منها عند دراسة وتأصيل المناهج السياسية والاقتصادية والإدارية والنفسية والاجتماعية ونحوها.
    وبعد هذا الاستعراض المجمل للكيفية التي انتهجها الإسلام ـ وذلك حسب فهمي ـ تجاه الأهداف، يمكنني أن أتناول موضوع التربية بالأهداف: مصطلحها ومنطلقاتها ومراحلها(3) وذلك عبر النقاط التالية:
    تعريف التربية بالأهداف:
    يمكن تعريف التربية بالأهداف بأنها (عملية إكساب المتربين سلوكاً جديداً، أو ترسيخ سلوك معين من خلال تحديد الأهداف عبر المربين والمتربين معاً والتي يجب تحقيقها مع تحديد الوسائل الكفيلة بتحقيقها).
    منطلقات التربية بالأهداف:
    تقوم هذه التربية على أسس، منها ما يلي:
    1- ضرورة تحديد الأهداف الواجب تحقيقها في البداية بشكل واضح ودقيق.
    2- ضرورة مشاركة المتربين في عملية تحديد الأهداف أو بعضها، وذلك بحسب استطاعتهم، وقدراتهم العلمية والفكرية والنفسية والعمرية؛ طلباً لتحقيق الأهداف التالية:
    أ - شعور المتربين بتحقق ذواتهم، وذلك لاستشارتهم وأخذ آرائهم.
    ب - شعورهم بالارتياح النفسي التام؛ لأنهم يعملون على تحقيق أهداف ساهموا هم في تحديدها.
    ج - التوفيق بين أهداف المربين والمتربين (في حالة وجود تعارض).
    3- تحديد الوسائل التي تحقق الأهداف المنشودة من خلالها.
    خطوات التربية بالأهداف:
    ثمة خطوات في ضوء التربية بالأهداف، يجب على المؤسسات التربوية (كوزارات المعارف والتربية والتعليم) أن تقوم بها:
    أولاً: تحديد الأهداف الواجب تحقيقها في البداية بكل دقة ووضوح: وتحت هذه الخطوة يجب مراعاة الأمور التالية:
    أ - وصفت الأهداف المحددة المنشودة بالواجبة التحقيق، وهذا يعني عدم ترك المربي ليحقق من الأهداف ما تميل إليها نفسه، أو تتفق معها طبيعته وجبلته، أو أن تحقيق تلك الأهداف سهل المنال، أو أنها مما يتقنه ويقدر عليه!! إن الأمانة التربوية تقتضي تحديد الأهداف التربوية الواجبة التحقيق ليتم تحقيقها في الواقع التربوي، ولهذا ندرك أن ممارسات بعض المربين السلبية مخالفة للأمانة التربوية.. إنهم أولئك الذين لا يحققون إلا الأهداف التي تتفق مع قدراتهم وطبيعتهم وميولهم ورغباتهم.. إن بعضهم مغرم بالكمال، متشدق به، متكلف لأحواله، متلبس بزيه، إنه ليس ثمة نقص يعتريه، ولا عيب يكتنفه!! لذلك فقد استحالت ممارساتهم التربوية إلى (استنساخ تربوي)!! وبعضهم لا يريد ذلك، ولكنهم يتجهون إلى الأهداف التي يتمنون تحقيقها بمقتضى الجبلّة والفطرة، وبهذا نعرف قدر وصية أحد السلف لابنه وأهميتها؛ إذ هو يقول له: (يا بني تعلم العلم كله؛ فإن الإنسان عدو ما جهل، ولا أريدك أن تكون عدواً لشيء من العلم)، إن الإحاطة والإلمام بفنون العلم والثقافة في الوقت الحاضر من الصعوبة بحيث لا مفر من أن يستفيد بعضنا من بعض، فكلنا يكمل الآخر.
    ب - ثمة اعتبارات علمية يجب مراعاتها عند تحديد الأهداف التربوية:
    1- تحديد الأهداف بدقة ووضوح بحيث تفهم من الجميع فهماً واحداً، ولتوضيح المقصود نفترض أن من ضمن الأهداف المحددة: حفظ ما تيسر من القرآن.
    إن هذا الهدف عام وفضفاض، وقابل لتفسيرات متعددة.
    2- تناسق الأهداف وتكاملها وعدم تعارضها.
    3- واقعية الأهداف، وذلك بإمكانية تحقيقها، وهي باعتبارين:
    أ - باعتبار كل هدف على حدة؛ وذلك بكونه ممكن التحقق.
    ب - باعتبار الأهداف مجتمعة؛ وذلك بكونها ممكنة التحقق في وقت واحد.
    4- صياغة الأهداف بشكل قابل للقياس طلباً لتحديد نسبة النجاح في تحقيقها وذلك بربطها بأمر أو أكثر من الأمور التالية:
    أ - الـزمـن: مثل: حفـظ كتاب الله ـ تعالى ـ في فترة لا تتجاوز السنتين.
    ب - الكمية: مثل: حفظ وجه واحد من القرآن يومياً.
    5- ترتيب الأهداف بحسب أهميتها.
    6- أن تكون الأهداف من نوع واحد، فإما أن تكون رئيسة (استراتيجية) أو مرحلية (تكتيكية أو فرعية)، ولا يصح الجمع بينها؛ لأن الرئيسة تشمل المرحلية (مثل هدف: تعبيد الأفراد لله ـ تعالى ـ (رئيس) وهدف: تربية الأفراد على أعمال القلوب (فرعي) أليست التربية من التعبيد لله؟) ومن البدهي وجوب كون الأهداف التربوية مشروعة وشاملة.
    ج - لتسهيل عملية تحديد الأهداف وعملية تحقيقها، يمكن أن تقسم إلى أقسام:
    فمن حيث النوع: يمكن تقسيمها إلى: أهداف رئيسة، وأهداف مرحلية.
    ومن حيث الزمن: يمكن تقسيمها إلى: أهداف طويلة أو متوسطة أو قصيرة الأجل.
    ثانياً: تحديد الوسائل الكفيلة بتحقيق الأهداف المنشودة بأعلى كفاءة ممكنة؛ وعند تحديد مثل تلك الوسائل يجب مراعاة الأمور التالية:
    1- أن تحقق الوسائل (البرامج العملية) الأهداف المحددة بأعلى كفاءة ممكنة.
    2- أن تكون الوسائل مرنة، بحيث يمكن تعديلها عند الحاجة.
    3- أن تتضمن البرامج العملية كيفية مواجهة العقبات المستقبلية (إن وجدت).
    4- الاستفادة من العلوم الحديثة النافعة، كعلوم التربية والنفس والاجتماع والفسيولوجيا والإدارة والاقتصاد وغيرها.
    بالإضافة إلى الاعتبارات العلمية الثلاثة الأولى المذكورة آنفاً (الخاصة بالأهداف).
    ثالثاً: يجب تحديد نسبة النجاح في تحقيق كل هدف عقب فترة محددة طلباً لتشجيع وزيادة الإيجابيات والنجاحات، والتماساً لعلاج الأخطاء والسلبيات وتلافيها، وهذه الخطوة تظهر بجلاء أهمية كون الأهداف قابلة للقياس (الاعتبار العلمي الخاص بالأهداف رقم 4).
    رابعاً: التذكير بالأهداف الواجب تحقيقها على فترات دورية، لئلا يُنسى بعضها!!
    إن شركة (ماتسوشيتا) وهي شركة يابانية استطاعت أن تحقق نجاحات كبيرة لتصبح من كبريات الشركات العالمية، تؤكد على هذه الخطوة، وتعرف أهميتها وثمرتها، وذلك بأنها تطلب من مديريها وعمّالها أن يرددوا أهداف الشركة صباح كل يوم(4).
    خامساً: مراجعة الأهداف المنشودة والوسائل المحددة عقب فترة زمنية مـعـيـنـة؛ وذلــك لإجـــراء الـتـعـديـلات اللازمة لمقتضيات شرعية أو واقعية، وتجدر الإشارة هنا إلى أهمية التجديد في البرامج العملية طرداً لسآمة المربين ودفعاً لملل المتربين!!.
    الخلل التربوي:
    يجمع المربون على وجود خلل واضح في المنتجات التربوية ناتجٍ من وجـود تصدع بيِّن في البنية التحتية للتربية، بيد أنهم يختلفون كثيراً في أســبـاب الظاهــرة وعلاجهـا، وفـي رأيي ـ المتواضع ـ أن للظاهرة أسباباً متعددة يمكن إرجاعـهــــا إلى سـبـب واحد هو غياب الأهداف التربوية الواضحة التي يجب على المربي تحقيقها.
    فكيف ـ والحالة كهذه ـ يحقق المربي نجاحاً مثمراً وهو لا يدري فـي حالات كثيرة ما هي المواصفات التي يجب التقيد بها؟!!
    إن بعض المربين قد يغفل عن بعض الأهداف لمدة قد تصل إلى سنوات؟! فماذا عن المُنتَج..؟ قطعاً إنه معيب!! وهنا يأتي دور المؤسسة التربوية في صياغة وتحديد الأهداف التربوية، ومطالبة المربين بـتـحـقـيـقـهـــا، وذلـك لـئــلا يُـلـجـأ المربي لأن يجتهد.. فيخطئ ويغفل وينسى!(5).
    المعادلة التربوية الفعالة:
    إن خلاصة القول يمكن قراءتها في أحرف هذه المعادلة:
    قصد ونية خالصة نقية <---
    أهداف ووسائل شرعية علمية <---
    صنع أجيال فتية للمجد بانية.
    الهوامش :
    (1) المنجد في اللغة والأعلام، مادة هدف، ص 858.
    (2) ثبت في صحيح البخاري عن جابر أنه كان يقول: (أول شيء نزل من القرآن ((يا أيها المدثر))، والجمهور بأنها ((اقرأ باسم ربك الذي خلق))، والمهم أنها من أول الآي نزولاً.
    (3) استندت كثيراً من فلسفة المدرسة الإداريــــة الحديثة0(الإدارة بالأهداف)، ولمزيد من المعلومات عن هذه المدرسة يمكنك مراجعة كتاب: (الإدارة بالأهداف ـ النظرية والتطبيقية) د. علي عبد الوهاب.
    (4) لم أقصد أن السبب الوحيد في نجاح الشركة هو ترديد الأهداف، وإنما قصدت أنه من ضمن الأسباب الرئيسية في ذلك. ولـمـزيـد مــن المعلومات عن هذه الشركة وفلسفتها، انظر كتاب: (فن الإدارة اليابانية) باسكال وآخر، ترجمة حسن ياسين.
    (5) إن عـمـلـيـة تـحـديـد الأهــداف صعبة وهي مناطة بالمؤسسة التربوية، ولا مناص من الاجتهاد في حالة تقصيرها، ويمكن الاستفادة من بعض الكتب في هذا الموضوع مثل:أهداف التربية الإسلامية، محمد الحريري، وأهداف التربية الإسلامية وغايتها، د. مقداد يالجن.



    [/align]
    [align=center][/align]

  2. #17

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    [align=center]العملة الخليجية الموحدة ... للإخت ميسلووون[/align]

    [align=justify]العملة الخليجية الموحدة بين الطموحات والمغامرات


    اتخذت دول مجلس التعاون الخليجي بالرياض في 19 مارس (اذار) 2005 عدة خطوات اقتصادية تعبد الطريق نحو قيام الاتحاد النقدي الخليجي والعملة الخليجية الموحدة. ومن هذه الخطوات وضع حد أدنى للدين العام لا يتجاوز 60 في المائة من الناتج الوطني لدول الخليج. كما وافق محافظو البنوك المركزية بالدول الست على تحدد مستويات اسعار الفائدة على العملات وعلى حجم الاحتياطات النقدية ونسبة العجز في الميزانيات الحكومية بالنسبة للناتج الوطني على ان يتم الالتزام بهذه الخطوات ابتداء من عام 2007 . فمن هذا المنطلق، فان قرار اصدار عملة خليجية موحدة تشترك في اصدارها ستة اقتصادات متباينة في أحجامها من حيث الناتج الوطني وعدد السكان وايرادات ومصروفات الميزانية، وكذلك التباين الكبير في الميزان التجاري وميزان المدفوعات لأمر يستحق الدراسة الدقيقة والتريث. فبالرغم من جرأة الفكرة وبراعة اهدافها الوطنية إلا انه من المهم جدا ان نتعلم ونستفيد من دروس وتجارب من سبقونا في هذا المضمار الاقتصادي الشائك، وأعني بذلك تجربة قيام العملة الاوروبية الموحدة «اليورو» ليس فقط بعد اصدارها وما حققته من أهداف وطموحات لشعوبها ولكن من المهم ايضا معرفة الخطوات التاريخية التي مرت به هذه العملة قبل إصدارها.
    ان التحضير لقيام اليورو بدأ قبل اكثر من 50 عاما من الاستعدادات الهائلة من اجل بناء الصرح الاقتصادي والسياسي الضروري الذي ستتداول على العملة الموحدة. ففي 19 سبتمبر (ايلول) 1946 بعد الحرب العالمية الثانية، نادى ونستن تشرشل رئيس وزراء بريطانيا آنذاك بقيام اتحاد اوروبي على غرار الولايات المتحدة يسمى الولايات المتحدة الاوروبية. وفي 16 ابريل (نيسان) 1948 وعلى إثر التمويل الاميركي لإعادة بناء اوروبا بواسطة خطة مارشال أنشئت منظمة التعاون الاقتصادي الاوروبي لتنظيم وادارة نحو13 مليار دولار للإنفاق على المشاريع الاوروبية. عقب ذلك العديد من المفاوضات والاجتماعات، تمخضت عنها بعض المعاهدات; اهمها معاهدة باريس في 18 ابريل 1951 لإقامة الاتحاد الاوروبي للفحم والحديد بمشاركة بلجيكا وفرنسا والمانيا وايطاليا ولكسمبورغ وهولندا ومن نتائجها إلغاء التعرفة الجمركية وبعض القيود التجارية بينها عام 1953. وفي روما وقعت معاهدة إنشاء المجموعة الاوروبية (الاتحاد الاوروبي حاليا) ومعاهدة الاتحاد الاوروبي للطاقة النووية اللتان دخلتا حيز التنفيذ في اول يناير (كانون الثاني)1958 . واستمرت اللقاءات الاقتصادية والسياسية بين الدول الاوروبية بين شد وجذب حتى تمخضت عن قيام معاهدة ماستريخت عن الاتحاد الاوروبي بمباركة 15 دولة اوروبية غربية دخلت حيز التنفيذ في اول نوفمبر (تشرين الثاني) 1993 وكانت هذه المعاهدة التاريخية اللبنة الرئيسة لقيام العملة الاوروبية الموحدة التي وافقت 11 دولة على تبنيها بينما تحفظت بريطانيا والدنمارك والسويد واليونان للانضمام لمنطقة اليورو إلا ان اليونان انضمت عام 2001. وقد أخذ طرح اليورو في الأسواق ثلاث مراحل; الاولى في اول يوليو (تموز) 1990 وتهدف الى تحقيق حرية كاملة لانتقال رؤوس الأموال والاستثمارات عبر دول الاتحاد وتحقيق تعاون في السياسات النقدية والمالية. المرحلة الثانية بدأت اول يناير 1994 بانشاء معهد النقد الاوروبي. اما المرحلة الثالثة فبدأت في اول يناير 1999 حيث بدأ العمل من الناحية المحاسبية باليورو وفي اول يناير 2002 بدا تداول اليورو بالاسواق الاوروبية. فعلى ضوء هذه الخطوات الاقتصادية التاريخية الهامة يمكن ان ندرك ان توحيد عدة عملات لاقتصادات متباينة الإمكانات لا يحتاج فقط الى وقت لانجازه بل يحتاج الى تخطيط عميق ومعرفة علمية واسعة بالمراحل الاقتصادية التي يجب ان يتم من خلالها بناء القاعدة السياسية الاقتصادية الصلبة التي سوف تقوم عليها العملة الموحدة. فتوحيد العملة يعني ضم السياسات النقدية الست في سياسة نقدية موحدة تحمل على عاتقها مسؤولية زيادة الناتج الوطني لهذه الدول الى اقصى مستوى وخفض معدلي البطالة والتضخم من اجل رفع المستوى المعيشي لمواطني مجلس التعاون. هناك اسئلة هامة يجب طرحها للنقاش وهي هل توحيد العملة يقوي اقتصادات دول الخليج او يعود عليها بالخسارة؟ ولماذا؟ وكيف؟ ومن سيكون أكثر انتفاعا بالعملة الموحدة؟ ومن سيكون اكثر تضررا بها؟ أين سيكون البنك المركزي الموحد ومن سيديره؟ من المسؤول الأول والأخير عن نجاح او فشل السياسة النقدية الموحدة؟ وهل التكامل الاقتصادي بين دول الخليج يحتاج الى قيام عملة اقتصادية موحدة؟ وهل سترتبط العملة الخليجية الموحدة بالدولار او بسلة من العملات؟ وما هو حجم السيولة المتوقعة لهذه العملة، والتي من شأنه تقوية أركانها؟ وهل يمكن للدول الست الالتزام الكامل بحد أعلى للدين العام لا يزيد عن 60 في المائة وبعجز في الميزانية لا يزيد على 3 في المائة؟ وما مصير هذه العملة اذا انخفضت اسعار البترول الى ادنى حد؟ وحري بنا ايضا ان نتساءل هنا عما اذا انفصلت إحدى دول الخليج الست فجأة عن العملة الخليجية الموحدة، كما حدث أخيرا خلال الاتفاقات الثنائية لبعض دول مجلس التعاون مع الولايات المتحدة؟ وأخيرا وليس آخرا لماذا رفضت بريطانيا والدنمارك والسويد الانضمام الى اليورو؟ اسئلة يجب ان يواجهها محافظو البنوك المركزية بدول مجلس التعاون خلال اجتماعاتهم قبل إصدار العملة الخليجية الموحدة.

    إطلاق العملة الخليجية الموحدة يتصدر مناقشات قمة البحرين



    تناقش القمة الخامسة والعشرون لدول مجلس التعاون الخليجي غداً (الاثنين) في العاصمة البحرينية المنامة عددا من الموضوعات الاقتصادية التي تستهدف تعزيز التعاون المشترك بين هذه الدول منها البرنامج الزمني للاتحاد النقدي.. واطلاق العملة الخليجية الموحدة بحلول عام 2010 .. وقيام السوق الخليجية المشتركة بحلول عام 2007.
    وأكدت مصادر خليجية أن المرحلة الأولى من برنامج اطلاق العملة الموحدة قد انتهى بالفعل عام 2002 حيث تم اعتماد الدولار الأمريكي كمثبت مشترك بين عملات دول المجلس موضحة أن المرحلة الثانية من هذا البرنامج سوف تنتهى نهاية عام 2005 حيث يتم خلالها الاتفاق على معايير الأداء الاقتصادي.. وقد تم حتى الأن مناقشة اربعة معايير منها التضخم ونسبة العجز في الميزانية ومعدل الفائدة والاحتياطيات النقدية.

    أما المرحلة الثالثة من هذا البرنامج فسوف تنتهي في عام 2010 من خلال اطلاق العملة الخليجية الموحدة.

    وبالنسبة للسوق الخليجية المشتركة.. قالت المصادر ان الاتحاد الجمركي لدول المجلس قد بدأ عمله في عام 2003، وتعكس جميع البيانات وجود تقدم كبير ونتائج جيدة على حجم التجارة البينية بين دول الخليج بعد أن كانت مؤشرات التجارة البينية في الفترة السابقة تعكس ضعف حجم التبادل بينها حيث لم يتجاوز 7 في المائة من جملة تجارة تلك الدول الخارجية.

    وتولى دول مجلس التعاون الخليجي اهتماما كبيرا بالتعاون الاقتصادي بينها حيث تملك 46 في المائة من الاحتياطيات الموكدة للنفط الخام في العالم و70 في المائة من احتياطيات النفظ في منطقة الشرق الأوسط و19 في المائة من احتياطيات الغازالطبيعي العالمية و52 في المائة من احتياطيات الغاز في الشرق الأوسط وتصل صادراتها إلى 20 في المائة من اجمالي الصادرات العالمية للنفط.

    وأظهر تقرير أعدته ادارة الدراسات والتكامل بالامانة العامة لمجلس التعاون الخليجي خلال العام الحالي ارتفاع حجم التجارة البينية من 1ر11 مليار دولار عام 93 إلى 18 مليار دولار عام 2002 بزيادة قدرها 63 في المائة وبمعدل نمو سنوى قدره 7ر5 في المائة.

    وأكد محمد عبيد فارس المزروعى الأمين العام المساعد للشئون الاقتصادية لمجلس التعاون الخليجي في تصريحات أدلى بها مؤخرا أن حجم التجارة البينية قد وصل في العام الاول لقيام الاتحاد الجمركي الخليجي عام 2003 إلى 21 مليار دولار وان حجم التجارة البينية للسعودية مع بقية دول الخليج يشكل 36 في المائة من اجمالي تلك التجارة.وتحتل الامارات المركز الثاني بنسبة 28 في المائة وسلطنة عمان 16 في المائة ومملكة البحرين 10 في المائة والكويت 6 في المائة وقطر 4 فى المائة.

    وأشار المزروعي إلى أن انطلاق الاتحاد الجمركي الخليجي سيعمل على تشجيع وتطوير المنتجات الوطنية خاصة أن سوق دول الخليج تضم 30 مليون نسمة.

    وأكد بنك دبي الوطني في تقرير له أن متوسط دخل الفرد في دول مجلس التعاون قد وصل عام 2001 إلى 10350 دولارا.. وأن اجمالي الناتج المحلي لدول المجلس يمثل 47 في المائة من اجمالى الناتج المحلي لجميع دول الشرق الأوسط.وأشار التقرير إلى أن دول مجلس التعاون حققت نموا سنويا بلغ 4 في المائة وذلك خلال الفترة من 1970 إلى 2000 من خلال السيطرة على معدلات التضخم وزيادة مساهمة الانشطة غير النفطية والمحافظة على المخزون الاحتياطي من العملة الاجنبية.وأشارت تقارير صحفية خليجية إلى مطالبة عدد من جمعيات المستثمرين الخليجيين بفتح مجالات جديدة للاستثمار امامهم في اطار دول المجلس الست حيث ان حجم الاستثمارات البينية في دول الخليج تصل إلى 10 مليارات دولار وهي نسبة لا تتعدى واحد في المائة من جملة الاستثمارات الخليجية في الخارج.ويطالب المستثمرون بفتح مجالات الاستثمار في قطاعات البتروكيماويات والنقل الجوي والاتصالات والمياه البنية الأساسية بالاضافة إلى الاستثمار في قطاع الخدمات.

    وكان الأمير سعود الفيصل وزير خارجية المملكة قد انتقد خلال حضوره مؤتمر أمن الخليج بالمنامة يوم 7 ديسمبر الجاري قيام عدد من دول الخليج بتوقيع اتفاقيات اقتصادية ثنائية مع دول اخرى (اتفاقيات تجارة حرة مع الولايات المتحدة) ووصف ذلك بأنه يشكل مخالفة واضحة لمعاهدات المجلس.وأوضح الفيصل أن مثل هذه الاتفاقيات لا تنسجم مع روح ميثاق مجلس التعاون ويقلل القدرة التفاوضية الجماعية ويضعف موقف كل دولة .. كما انها ستعرقل التقدم المطلوب للوصول إلى تكامل اقتصادي خليجي كالسوق المشتركة والاتحاد النقدي.


    العملة الخليجية.. جدل حول الأولويات!!

    2001/01/27
    دبي ـ أحمد حسين

    لا يزال الحلم الخليجي بكيان سياسي واقتصادي على غرار الاتحاد الأوربي يراود الخليجيين رغم العقبات والعثرات التي تحول دون إقامة الكثير من المشروعات الخليجية الكبرى منذ نشأة مجلس التعاون الخليجي أوائل الثمانينيات فما زال الطريق للوصول إلى ما وصل إليها الاتحاد الأوربي طويلا .

    غير أن التطورات السياسية والاقتصادية المتسارعة إقليميًّا وعالميًّا تفرض تحديات على دول الخليج تجاه الإسراع في وحدتها السياسية والاقتصادية، وربما استشعرت قمة المنامة الأخيرة التي عقدت في نهاية ديسمبر 2000 - حجم هذه التحديات، ورأت أهمية اختصار المراحل الزمنية، خصوصًا بالنسبة للمشاريع الاقتصادية التي تعجل بإقامة السوق الخليجية المشتركة؛ لذلك جاء قرار القمة الخليجية الأخيرة بإجازة مرحلة جديدة بإقامة اتحاد نقدي بين دول المجلس من خلال إقرار الدولار الأمريكي كمثبت للعملات الخليجية.

    مثبت مشترك للعملات الخليجية أولا !!

    والحقيقة أن الاتفاق على عملة خليجية موحدة تقود إلى وحدة نقدية خليجية استغرق زمنا طويلا من النقاش الخليجي، كما حدث بالضبط مع التعريفة الجمركية الموحدة التي اتفق على إقرارها في عام 2005 فقد طرح للنقاش منذ عشر سنوات وضع مثبت مشترك بالدولار الأمريكي للعملات الخليجية وذلك من خلال لجنة محافظي مؤسسات النقد والبنوك الخليجية، التي تجتمع مرتين في العام أكثر من مرة، ورأت اللجنة أهمية الوصول إلى وحدة نقدية من خلال تقريب السياسات المالية والنقدية بين دول المجلس ….غير أن الخلاف كان ـ و لا يزال ـ يتركز في عدم الاتفاق على آلية لتقريب السياسات النقدية المتباينة مثل سعر الفائدة وسعر الخصم والأسعار المالية المفتوحة، خصوصًا وأنه لا يمكن الوصول إلى عملة موحدة دون توحيد السياسات المالية والمصرفية، وهو الشيء المفقود حتى الآن بين دول المجلس ناهيك عن عدم الوصول أصلا إلى اتحاد جمركي أو سوق مشتركة.

    النقطة الثانية أن العملات الخليجية كافة مرتبطة بالدولار باستثناء العملة الكويتية (الدينار) مرتبطة بسلة عملات يشكل الدولار الجانب الأكبر فيها غير أن موافقة الكويت في أغسطس 2000 على اعتماد الدولار كمثبت مشترك للعملة الخليجية أعطى مؤشرا إيجابيًّا يسمح بالبدء في الترتيبات الخاصة بتوحيد العملة الخليجية نحو تحقيق الوحدة الكونفدرالية بين الدول الأعضاء.

    وتعتبر دول الخليج التجربة الأوربية نموذجا لتكتل نقدي يمكن الاحتذاء به خصوصًا وأنها تمتلك العديد من المقومات المتشابهة مثل تشابه طبيعة الاقتصاديات والموقع الجغرافي بالإضافة إلى وحدة التاريخ والدين واللغة.

    وجاء قرار قمة المنامة ببدء المرحلة الأولى من الوحدة النقدية الخليجية باعتماد الدولار كمثبت مشترك للعملات الخليجية خطوة على الطريق نحو الوحدة النقدية حيث تتوقع مصادر اقتصادية خليجية أن يتم إطلاق العملة الموحدة خلال السنوات الخمس المقبلة وبعد أن يكون قد تم التوصل إلى تعريفه جمركية موحدة متوقع إقرارها عام 2003، غير أن هناك شروطًا وقواعد يتعين على السلطات النقدية الخليجية اتخاذها قبل التوصل إلى العملة الموحدة أهمها: وضع جدول زمني مدروس يحدد الخطوات التمهيدية الواجب اتخاذها؛ لتحقيق هدف الوحدة وتهيئة اقتصاديات دول المجلس وزيادة قدرتها على التكيف مع التطورات الاقتصادية الإقليمية والعالمية، وكذلك تحديد الالتزامات التي يتوجب على كل دولة من الدول الأعضاء الوفاء بها؛ كي تتأهل دول المجلس كافة إلى الاتحاد النقدي، ومن أبرز هذه الالتزامات رسم حد أقصى للتضخم وهامش مشترك لمعدلات الفائدة ونسبة عامة للدين الحكومي من الناتج المحلى الإجمالي، كما يجب إقرار مصرف مركزي ونظام مصرفي ومالي موحدين قبل إصدار العملة الموحدة.

    عوائق وفوائد للعملة الموحدة

    وفى ضوء التجربة الأوربية وحسب آراء الاقتصاديين الخليجيين فإن التجربة الخليجية سوف تستغرق وقتًا، لكن ربما يكون أقل من المدة الزمنية التي أخذتها التجربة الأوربية للوصول إلى (اليورو) كعملة أوربية موحدة، وربما جاء تحفظ سلطنة عمان في الدخول في الوحدة النقدية مماثلا لتحفظ وعدم دخول بريطانيا والدانمارك حتى الآن في الوحدة النقدية الأوربية حيث تولي سلطنة عمان أهمية لعملتها الوطنية (الريال العماني) وربما أيضا مخاوف من عدم نجاح العملة الخليجية الموحدة في حال إقرارها.

    وحاليا تبرز عوائق عدة أمام التوصل إلى اتحاد نقدي خليجي منها: التأخر في تطبيق التعريفة الجمركية الموحدة، وهو أمر مهم، حيث تساهم التعريفة الجمركية الموحدة في تسهيل حركة البضائع بين الدول الأعضاء وتعزيز التجارة البينية؛ حتى تنتقل السلع كما لو أنها في بلد واحد، الأمر الذي سيكون بمثابة الخطوة الأولى لاستكمال إقامة السوق الخليجية المشتركة؛ وبالتالي عملة خليجية موحدة ..أيضا ما تزال هناك عوائق في تنقل الخليجيين بين دول المجلس، وإن كانت بعض الدول أقرت التنقل بالبطاقة الشخصية أو الهوية بدلا من جوازات السفر وغيرها كما تقف بعض التشريعات الخليجية عائقًا أمام تنقل الاستثمارات الخليجية بين الدول الأعضاء حيث لا تزال قوانين بعض الدول تمنع دخول الخليجيين أسواق المال وتصنفهم على أنهم أجانب، والأمر أيضا ينطبق على تملك العقارات.

    ورغم هذه العوائق فإنه يمكن رصد فوائد جمة من جراء إقرار الوحدة النقدية الخليجية منها تنمية المشاريع المستقبلية للدول الأعضاء، ودعم استقرار التبادل التجاري بين دول المجلس وبين العالم الخارجي، وتعزيز القدرة التنافسية للسلع الخارجية في الأسواق الخارجية إلى جانب الاستقرار في أسعار صرف العملة الخليجية؛ مما يشجع على خفض تكاليف المعاملات الخارجية، وتحقيق نوع من الوحدة والتماثل في النظام النقدي الخليجي، وتنظيم عملية عرض النقود الورقية في السوق لضمان سلامة قيمتها، وتشجيع البنوك في منطقة الخليج على تطوير ورفع أدائها على أسس مصرفية رفيعة المستوى، الأمر الذي يزيد من ثقة المواطن الخليجي بقوة البنوك الخليجية، ومن ثم يرفع حجم الودائع المحلية واستخدامها في تمويل المشاريع الضخمة في المنطقة.

    تباين في المواقف والآراء أيضًا

    وتتباين وجهات النظر بين المصرفيين والاقتصاديين الخليجيين بشأن الوحدة النقدية فالمؤيدون يرون أن الوقت قد حان لتدشين الوحدة النقدية الخليجية في ضوء التحديات التي تواجه دول المجلس في حين يرى المعارضون أو المتحفظون أن دول المجلس لا تزال مكانها عند منجزات بسيطة، لا تؤهلها للدخول في وحدة نقدية لها تبعاتها، وتستلزم قطع شوط طويل من إقرار خطوات عدة… ومن الآراء المؤيدة تلك التي يسوقها مدير التسويق الرئيسي لمجموعة بنك الإمارات الدولي سليمان المزروعي، حيث يرى أن اعتماد عملة خليجية موحدة له مزايا عديدة ستنعكس بشكل إيجابي على اقتصاد دول الخليج من جهة وعلى مواطني دول المجلس حيث ستلغى العملة الموحدة مسألة تبديل العملة عند الانتقال من بلد خليجي إلى آخر مما يعطي حرية أكبر في انتقال الأفراد بين الدول الأعضاء ويشجع التجارة البينية والسياحة بالإضافة إلى أن العملة الموحدة ستجعل من الدول الأعضاء كتلة اقتصادية واحدة لها ثقلها في مواجهة تكتلات اقتصادية عالمية مثل الاتحاد الأوربي الذي سيجد نفسه مضطرا إلى إعادة النظر في علاقته الاقتصادية مع دول الخليج، بعد أن أصبح لها عملة موحدة، ومن هنا يتعين على الخليجيين الاستفادة من التجربة الأوربية في التوصل إلى عملة موحدة ( اليورو) ومحاولة تجنب السلبيات التي واجهها اليورو، ذلك أنه من المتوقع أن تواجه العملة الخليجية الموحدة في حال إقرارها عقبات وسلبيات عديدة سوف تحدث، متمثلة في مخاطر العملة وعدم القدرة على المحافظة على قيمتها كما حدث بالفعل مع اليورو.

    لكن في المقابل كما يقول المزروعي هناك سلبيات سوف تنجم عن استخدام عملة خليجية موحدة أبرزها إلغاء الكيانات الخليجية باعتبارها خصوصية لكل دولة، وربما جاء تحفظ سلطنة عمان على العملة الموحدة ليصب في هذا الاتجاه، حيث ترغب عمان في الحفاظ على خصوصيتها باعتبار أن العملة رمز للثقافة والهوية والعادات والتقاليد، غير أن هناك عوامل مشتركة تربط بين دول الخليج مثل العادات واللغة والدين تجعل إمكانية التوصل إلى عملة موحدة أمر سهل المنال ويمكن - حفاظا على هوية كل دولة- استخدام صور للعملة الموحدة مستوحاة من بيئة الدول الأعضاء كافة.

    في المقابل يتحفظ مدير البحوث والإحصاء بالبنك المركزي العماني علي حمدان على إقرار عملة خليجية موحدة قبل إقرار عدد من السياسات كما يقول أبرزها: وضع آلية لتقريب السياسات النقدية مثل سعر الفائدة وسعر الخصم والأسعار المالية المفتوحة من أجل الوصول إلى المزيد من التنسيق، وتجنب الهزات الخارجية العنيفة، كما أن التوصل إلى عملة خليجية موحدة يحتاج إلى وقت، فالأوربيون لم يوحدوا عملتهم فجأة أو بسرعة، إنما استغرق ذلك وقتا طويلا تم خلاله وضع معايير وسياسات تم التعامل معها بنجاح حتى تم إقرار العملة الأوربية الموحدة.

    النقطة الثانية أنه لا يمكن التوصل إلى عملة موحدة دون توحيد السياسات المالية والمصرفية بين دول المجلس، فليس من المعقول أن يتم الحديث عن اتحاد نقدي دون أن نكون – كما يقول حمدان- قد توصلنا إلى اتحاد جمركي أو سوق مشتركة، وليست لدينا معايير فيما يتعلق بمعدلات وأحجام العجز في الموازنات، ومن هنا أقول: إن هناك شوطا طويلا وجوانب عديدة لا بد من التعامل معها مثل الأمور المتعلقة بالدين العام والميزان التجاري والميزان الجاري وغيرها من المعايير المعروفة عالميًّا.

    مطلوب المزيد من الدراسة

    لا خلاف على أن التوصل إلى اتحاد نقدي خليجي سوف يستغرق وقتا طويلا، فالأمر ليس بالسهولة، ناهيك عن أن دولا بحجم الدول الأوربية قطعت سنوات حتى وصلت إلى عملتها الموحدة، لكن تظل نقطة البداية هي الأهم، وهو ما فعلته قمة المنامة خصوصا وأن قرارها اتخذ بناء على خطوات عملية قطعتها دول الخليج في التقريب بين سياساتها المالية والنقدية، وهو ما يعتقده محافظ مصرف الإمارات المركزي سلطان السويدي حيث يرى أن مجالات التنسيق والتعاون في مجال السياسة النقدية بين الدول الأعضاء شملت معدلات الصرف والائتمان المصرفي والرقابة والإشراف على الجهاز المصرفي وكذلك أجهزة المقاصة والتدريب، لكن يظل الأمر المتعلق بالعملة الخليجية الموحدة يحتاج إلى المزيد من الدراسة التي تحدد الالتزامات التي يجب على كل دولة الوفاء بها؛ كي يتأهل الجميع للاتحاد النقدي.

    والحقيقة أن لجنة محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية الخليجية - تجتمع مرتين في العام - حققت خطوات جيدة يمكن البناء عليها؛ لإقامة الاتحاد النقدي؛ فقد تمكنت اللجنة من تثبيت معدلات الصرف التقاطعية بين عملات خمس من الدول الأعضاء التي لديها معدل صرف ثابت بالدولار الأمريكي، وكان تقلب معدل صرف العملة الكويتية ( الدينار) مقابل العملات الخمس الأخرى ضيقًا للغاية؛ نظرا لارتباط الدينار الكويتي بسلة عملات يشكل الدولار الأمريكي ثقلا كبيرا فيها، وشغل المثبت المشترك حيزا كبيرا من جهد اللجنة وأجريت دراسات عدة في هذا الموضوع.

    مزايا في الأسواق الخارجية

    كانت قضية عدم توصل الخليجيين إلى عملة موحدة، وكذلك تعريفة جمركية موحدة من المبررات التي يسوقها الأوربيون دوما في مباحثاتهم مع الجانب الخليجي ضمن الاجتماعات الدورية للحوار الخليجي الأوربي، وكلما طرح الخليجيون قضية الضرائب التي يفرضها الاتحاد الأوربي على البتروكيماويات والصادرات الخليجية من الألومنيوم وضرورة فتح الأسواق الأوربية أمام المنتجات الخليجية كان الأوربيون يتعللون بأن دول الخليج لم تتوصل إلى تعريفة جمركية موحدة وكذلك عملة موحدة، وفى القمة الخليجية الأوربية التي عقدت في أكتوبر 2000 في دبي جدد الأوربيون دعوتهم إلى توصل الخليجيين إلى عملة وتعريفة جمركية موحدة؛ لذلك يرى المصرفيون والاقتصاديون الخليجيون أن وضع مرحلة للاتحاد النقدي الخليجي سوف يساعد دول المجلس على حسن التفاوض مع الاتحاد الأوربي الذي يدفع الخليجيين نحو استخدام اليورو بدلا من الدولار في تعاملاتهم التجارية، كما أنه من شأن العملة الموحدة أن تقلل كثيرًا من تكلفة الواردات سواء من دول الاتحاد الأوربي الذي تمثل واردات دول الخليج منه حوالي 40% من إجمالي الواردات الخليجية في حين تصدر دول الخليج إليه ما نسبته 20 % من إجمالي صادراتها - أم من الدول الأخرى حيث ستتمتع العملة الموحدة بميزة قوة الاقتصاديات الخليجية مجتمعة، وهو ما يحسن من موقف المستوردين الخليجيين مع المصدرين في الأسواق الخارجية، كما تساهم العملة الموحدة في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى المنطقة حيث ستشكل الدول الأعضاء إقليما استثماريًّا واحدًا تتوفر فيه عوامل جذب متعددة تساهم في اجتذاب المستثمرين الأجانب.

    وأيا كانت طبيعة الجدل الدائر حول الوحدة النقدية الخليجية فإن المؤكد أن الأمر يتوقف على مدى جدية دول الخليج، ورغبتها في أن تصبح واحداً يستطيع أن يحدد موقعه بوضوح على خريطة العولمة.[/align]
    [align=center][/align]

  3. #18

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    [align=center]الطاقة .. للإخت ميسلووون .. newone_01[/align]
    [align=justify]

    الطاقة هي المقدرة على القيام بعمل ما (أى إحداث تغيير)، وهناك صور عديدة للطاقة، يتمثل أهمها في الحرارة والضوء. الصوت أيضا عبارة عن طاقة.

    تستغل مصادر هذه الطاقات لتوليد الكهرباء التي نحتاجها في بيوتنا ومدارسنا ومكاتبنا ومصانعنا سواء للإنارة أم لتشغيل الماكينات والأجهزة الكهربائية. والبترول نحرقه ليدير سياراتنا وغيرها من الأنشطة الخلاقة التي نمارسها ونتمتع بها في حياتنا. فهي ضرورة حياتية للعيش فوق كوكبنا، ومن خلالها صعدت المركبات للفضاء وجاب الإنسان العالم ليتعرف عليه ويستنزف ثرواته

    أ****- مصادر الطاقة لا تشير هذه المصطلحات الى اي تعريف علمي حسب معلوماتي فهي نتاج مضمون اجتماعي اقتصادي : يجب ان نحصل على الدفء والأنارة والتنقل و الطهي وغسل الملابس . وتعد الأدوات التقنية التي اختراعات لهذا الصدد واضحة الأستخدام ولكن على اية حال يوجد في الأصل مصدر مادي يتكون من المادة الأولية (اي المصدر المستخدم) على سبيل المثال للجصول على الدفء يمكننا اشعال نار في المدفئة وهنا يمكننا التعرف بسهولة على مصدر الطاقة وهو الخشب يمكننا كذلك تشغيل زر الدفاية الكهربائية وهنا تبدأ الأمور في التعقيد فعند تتبعنا للسلسلة التكنولوجية سنصل الى مركز توليد الطاقة الكهربائية التي تعمل بفضل مصادر عدة (كاليورانيوم والغاز الطبيعي والبترول وارتفاع الماء المحجوز (بواسطة السدود) retenue d'eau) إذا أننا يمكننا تشبيه تعبير "مصادر للطاقة" sources d'énergie ب" موارد الطاقة "resources énergétique وهكذا تعد موارد الطاقة هي المواد الكيمائية التقليدية القابلة للأشتعال والمفعلات الذرية والشمس والمد والجزر والهواء والماء المحجوز. بعض هذه المورارد متجددة بالنسبة للأنسان (فالهواء والماء المحجوز يعدان من المصادر المتجددة)
    ب****- اشكال الطاقة وانتقالها: عرف منتصف القرن التاسع عشر تكوين شكلية formalisme يضفي اطار تفكير موحد للمجموعة من المجالات والتي تمثل حتى الأن حقول للمعرفة الحرة المستقلة ( كقوانين الحركة والكهرباء وعلوم الحرارة والكيمياء) وتعمل تلك الشكلة على تحديد وجود قيمة ما تسمى "الطاقة" يمكنه ان يظهر في عدة اشكال مختلفة وهي تخضع لمبدا الوقاية فالطاقة لا تخلق ولا تفنى فاذا كان هناك نظام ما يبدو في الظاهر انه يكسب او يفقد طاقة فهذا لانه في الحقيقة قد تبادل هذه الطاقة مع نظام آخر انطلاقا من هذا المبدأ فمن المعتاد ان نقوم بالتوفيق بين مركبين : - اشكال الطاقة التي تختزن في انظمة مواد يمكن التعرف عليها بوضوح ( كالطاقة الحركية التي تعد شكلاً من أشكال الطاقة تختزن في الأشياء المتحركة ، وكذلك الطاقة الكيماوية التى تخزن في المفعلات الكيماوية.... الخ). – التنقلات التي تتم بين الأشياء ( كالحرارة التي تعد انتقال الطاقة من جسم سخنٍ نحو آخر اكثر برودة والطاقة الكهربائية التي تعد انتقالاً يتم مثلا في بطارية اللمبة.. الخ) على اختلاف المصادر الطاقة التي قد نفكر فيها تلقائيا تعد أشكال وانتقالات الطاقة ذات قيم تجريدية التي عبر عنها العلماء بمعدلات رياضية يلعب الحدس دور كبير في هذا المجال وقد كتبت مرة اؤكد فيها انه قد يكون معوقا لعملية تكوين مفهوم خاص بالطاقة في مقال (...) ومن ضمن المصاعب ما يلي: ان مصادر الطاقة تنفذ( باستثناء مصادر الطاقة المتجددة التي تنفذ ايضا الا ان ذلك يحدث عاى نطاق اكبر من الوقت) ولا تنفك الرسائل العلامية ان تذكرنا بذلك في حين ان قيمة الطاقة تبقى ( لا تفقد ولا تخلق) هل يبدو هذا متجانساً ومنطقياً؟ لن استطرد في الطريقة التي تكشف عن هذا التناقض الظاهري فانا لم اتطرق الى هذا التناقض الا لتوضيح مدى تعقيد المفهوم وربطه بما سوف اوضحه في الفقرة ث.
    ت****- انتقال الجسم وعلاقته بمفهوم الطاقة: هو انه بالمقارنة لمستوى الطاولة التي تجري عليها الأختبار يملك الجسم المتحرك طاقة متحركة وذلك ليس لانه يهبط بل لانه يتحرك وبالتالي فانك على حق في نقطة مت: ان ليس هناك اهمية في كون الجسم يهبط او انه يتحرك افقيا او حتى يرتفع ما يهم حقا هو الحركة نفسها ولكن يجب الأنتباه الى ان جسماً غير متحرك فوق الطاولة يملك ايضا طاقة (مقارنة بالطاولة) ففي الحقيقة اذا ما تركناه سوف يحصل على سرعة اي انه يحصل على طاقة حركية وبما ان الطاقة لا تخلق فيجب ان نتفق انه كان يمتلك طاقة قبل ان يتحرك وتسمى طاقة الكتلة المرتفعة اسم الطاقة الكامنة ففي أثناء هبوط الشيء يفقد من طاقته الكامنة ويكتسب طاقة حركية (وذلك كلما زادت السرعة) وهنا لا يتعلق الأمر بعملية ارسال كما تقول في رسالتك بل عملية تحول تحدث في الجسم نفسه ( حيث تغير طاقته من شكلها : فتمر من الشكل الكامن الى الشكل المتحرك) اذا تجاهلنا الأحتكاكات فان السيارة التي تهبط من هضبة (دون فرامل او محرك) فهي لا تستخدم ولا تنتج كذلك اي نوع من انواع الطاقة فهي تطور من طاقتها الثابتة ( وهي تساوي طاقة حركية + طاقة كامنة= طاقة ثابتة. اما اذا كانت السيارة تملك محركاً فهي تستخدمه لكي تحصل على سرعة اكبر من التي تمدها به سقوطها الحر طوال الهضبة اذا فانها تستخدم الطاقة الكيميائية للوقود لتحصل على طاقة متحركة اذا ما كانت السيارة بها فرامل وتهبط بسرعة ثابتة اذا فان طاقتها تقل ( حيث تبقى طاقتها المتحركة ثابتة وتقل طاقتها الكامنة) وبما ان طاقتها تقل فمعنى ذلك انها تعطيها للبيئة ( في صورة حرارة بسبب احتكاك الفرامل ضمن اشياء اخرى) في كل هذا قد اهملت ذكر سخونة المحرك التي تنقل الحرارة الى الهواء المحيط وعض الأشياء الأخرى غير المهمة. كما ترى كل هذا ليس بالسهل او البسيط اذا كيف نتناول ذلك في الفصل؟
    ث****- ما يمكن تناوله في مجال الطاقة للمرحلة الثالثة: من وجهة نظري:
    ١- تجنب اي محاولة لتعريف المفهوم في أثناء سير الحصة كما هو مقترح ، كنت شخصيا سألغي اي مناقشة قد تدور من نوع " هل يمكن تحريك الشيء دون اللجوء لمصدر للطاقة؟ فهي قد تؤدي الى مناقشات مجردة حيث لن تكون الطاقة فيها سوى عبارة عن كلمة تردد للذهاب الى عمق ابعد اظن اننا يجب ان نقوم بالغاء كلمة "طاقة" من مفرداتنا واستبدال المصطلحات ذات المعنى التقني الأقل ولكنها يمكن وصفها بسهولة في كل موقف. مثلا يمكننا ان نقول ان سرعة الهواء تتسبب في تحريك المراوح او ان ضوء الشمس يسخن الجسم الذي يقع عليه كما نحاول في كل مرة استخدام أمثلة من السلاسل التعليمية المقترحة سترى ان هذا ممكن تحقيقه
    ٢- اعمل على الأبقاء على التحدي في أثناء إجراء التجارب إذا كانت لدي يعض التحفظات حول السلاسل العلمية التي يقترحها العلماء على الموقع لا انني اجد التجديات المختلفة التي يطرحونها اثناء اجراء التجارب شيقة جدا مثلا ايجاد عدة طرق لرفع شيء بالهواء وكذلك مع الماء الذي يسيل من الصنبور. كيف يمكن تحريك شيء عن طريق سقوط او تحريك شيء آخر ؟ كيف يمكن اضاءة لمبة دون استخدام البطارية؟ كيف يمكن تسخين جسم بفضل الشمس؟ الخ ان الهدف من هذه التحديات بالأضافة الى الجانب الواقعي التي تتصف بها هو ان افكار التلاميذ يمكن اختبارها والتحقق منها فحين يقول تلميذ " اظنني نجحت حين عملت هكذا" يمكنك ان ترد عليه وتقول " حاول وسنرى" ولكن اذا قال لك " لا اظن ان طاقة الهواء يمكن تن تحرك الطاحونة" كيف يمكنك الأجابة سوى بطريقة متسلطة ؟ واذا قال امكر تلاميذك " ليست الطاقة هي التي تحرك بل السرعة" فماذا تجيب؟ هل ستقول ان ذلك يرجع الى خطأ علمي وتبدأ بشروح ترجع لما يأخذه الفصل الأول بالقسم العلمي؟ يجب ان تعترف ان هذه ليست بالإجابة التي تنم عن نضج
    ٣- ماذا يجب ان يتعلمه التلاميذ؟ بعد حل تلك التحديات الأختبارية سيكون التلاميذ قد بدأوا في تطوير مهاراتهم العملية والتقنية ليس ذلك فقط بل سيتعلمون ( خاصة اذا كان المعلم يساعد تلاميذه لادراك ذلك) ان هناك العديد من الطرق للحصول على نفس التأثير فلاضاءة اللمبة فيجب توصيلها ببطارية وللتبديل على دراجة ( بها مولدها الكهربائي) وهكذا بالتوازي سيدركون ان من المبدأ الواحد قد نحصل على عدة نتائج فالهواء يمكن ان يتسبب في في نقل شيء او بفضل محرك هوائي يمكن اضاءة اللمبة فالعالم يرى تحت تعددية امثلة مبدأ الطاقة ولكن ذلك لحسن الحظ لا يحدث مع التلميذ ولكنه يكون قاعدة امثلة تساعده بالطبع على بناء مفهوم الطاقة في سنوات تعليمه اللاحقة ومثالا على ذلك سوف اقوم بالمقاربة بين الفكرة التي من خلالها اولا ممارسة اللغة (بالمرحلة الأولى والثانية) قبل التحليل والبدأ بعمل النحو بحرص

    الطاقة الشمسية :

    تسخر الطاقة الشمسية حالياً في أنحاء متعددة من العالم ويمكنها أن تؤمن أضعاف معدّل الاستهلاك الحالي للطاقة في العالم إذا ما تمّ استغلالها بشكل صحيح. يمكن استخدام الطاقة الشمسية لانتاج الكهرباء مباشرة أو للتسخين أو حتّى للتبريد. ولا يحدّ الإمكانيات المستقبلية للطاقة الشمسية سوى استعدادنا للاستفادة من الفرصة.

    ثمة طرق عديدة مختلفة لاستخدام الطاقة المتأتية عن الشمس. الاّ أنّ عبارة "الطاقة الشمسية" تعني تحويل ضوء الشمس إلى طاقة حرارية أو كهربائية لكي نستخدمها. إنّ نوعي الطاقة الشمسية الأساسيين هما : "الفولطائية الضوئية" و"الطاقة الحرارية الشمسية".

    الفولطائية الضوئية:
    تعني انتاج الكهرباء من الضوء . يكمن السر في هذه العمليّة في استخدام مواد شبه موصلة يمكن تكييفها لتطلق الكترونات، وهي الذرّات السالبة التي تشكّل أساس الكهرباء.

    إنّ المادة الأكثر استخداماً في الأجزاء الفولطائيّة هي السيليكون، وهي مادّة نجدها عادةً في الرمال. في كافة الأجزاء الفولطائيّة طبقتان على الأقل من هذه المواد شبه الموصلة، احداهما ايجابيّة والاخرى سلبيّة. عندما ينعكس الضوء على الطبقة شبه الموصلة ، يتسبب الحقل الكهربائي في الوصلة ما بين هاتين الطبقتين بتدفّق الكهرباء، مولّداً تيّاراً كهربائيّاً مستمرّاً. وكلما كان الضوء أقوى ، كلّما كان دفق الكهرباء أكبر.

    ولا يحتاج النظام الفولطائي الضوئي إلى ضوء شمس ساطع كي يعمل. فهو يولّد الكهرباء أيضاً حتى عندما يكون الطقس غائماً، مع طاقة تتناسب وكثافة الغيوم. وبسبب انعكاس ضوء الشمس من الغيوم يمكن للأيّام القليلة الغيوم أن تنتج طاقة أكثر من الأيّام التي تكون فيها السماء صافية كلّياً.

    ومن الشائع في أيامنا هذه أن يتم تزويد الآلات الصغيرة، كالآلات الحاسبة مثلاً، بالطاقة عبر استخدام قطع صغيرة جداً تعمل على الطاقة الشمسيّة. كما تستخدم الفولطائيّة الضوئيّة لتأمين الكهرباء في مناطق تفتقر إلى شبكة للطاقة. لقد طوّرنا ثلاّجة تحمل اسم المبرّد الشمسي، وتعمل على الطاقة الشمسيّة. بعد تجربتها، ستستخدمها المنظّمات الانسانيّة للمساعدة في ايصال اللقاحات إلى مناطق تفتقر إلى الكهرباء، كما سيستخدمها أي شخص لا يرغب في أن يعتمد على شبكة الطاقة للحفاظ على برودة طعامه.

    ويستخدم المهندسون المعماريّون بشكل متزايد القطع الفولطائيّة الضوئيّة كميّزة من ميّزات التصميم. فعلى سبيل المثال ، يمكن أن يحلّ قرميد السطوح الشمسي أو اللوحات الشمسيّة مكان مواد بناء السطوح التقليديّة. كما يمكن إدخال قشرة رقيقة مرنة على السطوح المعقودة فيما تسمح وحدات شبه شفّافة بمزيج من الظلال والنور. وتستخدم القطع الفولطائيّة الضوئيّة في تأمين طاقة قصوى للمبنى في أيام الصيف الحارّة حين تحتاج أنظمة التكييف إلى أقصى قدر ممكن من الطاقة، فتساعد بالتالي على خفض شحنة الكهرباء القصوى. يمكن للفولطائيّة الضوئيّة على المستويين العالي والضيّق أن تولّد طاقة لشبكة الكهرباء أو أن تعمل بذاتها.

    مصانع الطاقة الحرارية الشمسية
    تركّز مرايا مصانع الطاقة الحراريّة الشمسيّة الضخمة ضوء الشمس في خط واحد أو نقطة واحدة. وتستخدم الحرارة التي تنتج عن هذه العمليّة لتوليد البخار. بدوره، يُستخدم البخار الحار والمضغوط جداً لتشغيل توربينات تقوم بتوليد الكهرباء . في المناطق التي تكثر فيها الشمس يمكن لمصانع الطاقة الحرارية الشمسيّة أن تضمن انتاج الكهرباء بكميات كبيرة . استناداً إلى التقديرات، فانّ قدرة مصانع الطاقة الحراريّة الشمسيّة التي تعادل ٣٥٤ ميغاوات حالياً ستتجاوز الخمسة آلاف ميغاوات مع حلول العام٢٠١٥. ومع حلول العام ٢٠٢٠ سترتفع القدرة الإضافية بمعدّل يقارب 4500 ميغاوات كلّ عام، وقد تصل الطاقة الحراريّة الشمسيّة الاجماليّة حول العالم إلى قرابة ٣٠٠٠٠ ميغاوات، أي ما يكفي لتزويد ٣٠ مليون منزل بالطاقة.

    أشعة الشمس للتدفئة والتبريد
    تقوم الطاقة الحراريّة الشمسيّة على استخدام حرارة الشمس مباشرةً. يمكن لخزّان تجميع الطاقة الحراريّة الشمسيّة على السطح أن يؤمّن المياه الساخنة للمنزل وأن يساعد في تدفئته. تقوم الأنظمة الحراريّة الشمسيّة على مبدأ بسيط معروف منذ قرون، هو تسخين الشمس للمياه الموجودة في وعاء قاتم. تعتبر تقنيات الحرارة الشمسيّة الموجودة حاليّاً في السوق فعّالة ويمكن الاعتماد عليها بشكل كبير، وهي تؤمّن الطاقة الشمسيّة لمجموعة واسعة من الاستعمالات، بدءاً من المياه الساخنة في المنازل إلى تدفئة الأبنية السكنيّة والتجاريّة مروراً بتدفئة أحواض السباحة فضلاً عن التبريد بواسطة الطاقة الشمسيّة والتدفئة الصناعيّة وتحلية مياه الشفة

    إنّ إنتاج المياه الساخنة للمنازل هو من أكثر استعمالات الطاقة الحراريّة الشمسيّة شيوعاً اليوم. وقد أصبحت في بعض البلدان ميّزة شائعة في الأبنية السكنيّة. ووفقاً للظروف ولبرنامج النظام، يمكن للطاقة الشمسيّة أن تؤمّن قرابة١٠٠% من الحاجة إلى المياه الساخنة. ويمكن للأنظمة الأوسع أن تغطي جزءاّ هاماً من الطاقة اللازمة للتدفئة. ثمة نوعان أساسيان من التكنولوجيا :

    أنابيب مفرّغة
    يعمل الماصّ داخل الأنبوب المفرّغ على امتصاص اشعة الشمس ويسخّن السائل في الداخل كما في اللوح الشمسي المسطح العادي. ويتم تلقي المزيد من الاشعاع بفضل العاكس خلف الأنابيب. ومهما كانت زاوية الشمس، يسمح الشكل الدائري لأنبوب التفريغ للإشعاعات بأن تصل إلى الماص مباشرة. وحتى في الأيام الغائمة، عندما يأتي الضوء من زوايا متعددة في آنٍ معاً يبقى جامع الأنبوب المفرّغ فعالاً جداً.

    خزّان تجميع الطاقة الشمسيّة ذو اللّوح المسطّح هو في الأساس صندوق بغطاء زجاجي يوضع على السطح كالمَنوَر. في داخل الصندوق سلسلة من الأنابيب النحاسيّة مرتبطة ببعضها ببوصلات من النحاس. إنّ التركيبة كلّها مكسوّة بمادّة سوداء مصممة لحبس أشعة الشمس. هذه الأشعة تسخّن مياهاً وخليطاً مضاداً للجليد فيتحرّكان من الخزّان إلى سخّان المياه في القبو.

    التبريد بواشطة أشعة الشمس ـ تستخدم مبردات الشمس الطاقة الحراريّة لاحداث البرد و/أو لازالة الرطوبة من الهواء كما تعمل الثلاجة أو نظام التكييف التقليدي. هذا الاستعمال مناسب جداً للطاقة الحراريّة الشمسيّة، بما أنّ الطلب على التبريد يرتفع غالباً مع ارتفاع حرارة الشمس. لقد تمّ اثبات نجاح التبريد بواسطة الطاقة الشمسيّة ، ويمكن أن نتوقّع استعماله على نطاق واسع في المستقبل، مع انخفاض كلفة التكنولوجيا، لاسيّما بالنسبة للأنظمة الصغيرة.


    الطاقة الحرارية

    وحدة الطاقة الحرارية بالنسبة للانسان هي كمية الحرارة اللازمة لرفع درجة حرارة كيلو غرام واحد من الماء من درجة أربعة سنتغراد الى درجة خمسة سنتغراد فوق الصفر. وقد اتخذت السعرة الحرارية (الحريرة) مقياسا لقوة الغذاء. توفر السعرات الحرارية الطاقة التي يحتاج إليها جسمك ليبقى حياً. وفي الغذاء ، توجد السعرات الحرارية في الكاربوهيدرات (كالنشا والسكر) ، وفي الدهون والبروتينات. أما الدهون فتوفر أكثر من ضعفي عدد السعرات الحرارية بكل جرام مقارنة بالكاربوهيدرات والبروتينات.

    وهكذا فان الغرام الواحد من الغليكوز مثلا قد يولد في الجسم حرارة تعادل 3,74 سعرات حرارية والغرام من الدهون يولد حرارة مقدارها 9,4 سعرات حرارية وغرام واحد من النشاء يولد 4,19.

    مصدر الطاقة قيمة الطاقة
    البروتينات جرام واحد = اربع وحدات حرارية
    الكاربوهيدرات جرام واحد = اربع وحدات حرارية
    الدهون جرام واحد = تسع وحدات حرارية

    الطاقة الهوائية .. طاقة الريح:


    الطاقة الهوائية -طاقة الرياحاطبع ارسل إنّ طاقة الرياح (الطاقة الهوائية)، مصدر الطاقة الذي يشهد النمو الاسرع في العالم، هي تقنية بسيطة أكثر مما توحي. فخلف الأبراج الطويلة، الرفيعة والشفرات التي تدور بشكل متواصل ومطرد، يكمن تفاعل مركب من المواد الخفيفة الوزن، وتصميم انسيابي وإلكترونيات تُشغّل بواسطة الكمبيوتر. تُنقل الطاقة من دوّار عبر علبة تروس، تعمل أحياناً بسرعة متغيّرة، إلى مولّد (علماً أنّ بعض التوربينات تتجنّب علبة التروس عبر استخدام مجرى مباشر).

    طاقة الرياح اليوم

    إنّ عقدين من التقدّم التقني أدّيا إلى توربينات رياح متطوّرة جدّاً، قابلة للتعديل وسريعة التركيب. إنّ توربين ريح واحد حديث هو أكثر قوة مرّة مما كان يعادله منذ عقدين، وتؤمّن مزارع الرياح حالياً طاقة صرفة تعادل محطات طاقة تقليديّة.


    مع بداية العام ٢٠٠٤ ، بلغت تجهيزات طاقة الرياح الشاملة مستوى 40300 ميغاوات، ما يؤمّن طاقة كافية لسد حاجات حوالى ١٩ مليون عائلة أوروبية متوسطة الاستهلاك، ما يقارب ٤

    ومع نمو السوق، سجلّت كلفة إنتاج طاقة الرياح تراجعاً يعادل قرابة ٥٠% خلال السنوات الخمس عشرة الماضية. حالياً، يمكن للرياح في المواقع القصوى أن تنافس المصانع الجديدة التي تعمل على الفحم الحجري كما يمكنها في بعض المواقع أن تنافس الغاز.

    طاقة الريح في العام ٢٠٢٠

    مع نمو طاقة الريح المجهّزة بمعدّل ٣٠% في السنوات القليلة الماضية، يصبح تأمين الرياح ل١٢% من طاقة العالم في العام ٢٠٢٠ هدفا واقعيا كلياً. وهذا من شأنه أن يخلق مليوني فرصة عمل وأن يوفّر أكثر من 10700 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.


    وبفضل التحسينات التي تدخل باستمرار على حجم التوربينات العاديّة وقدرتها، يتوقّع أن تتراجع كلفة طاقة الريح في المواقع الجيّدة، في العام ٢٠٢٠، بمعدّل٤٥,٢ سنت يورو لكل كيلووات ساعة، أي ٣٦ % أقل من كلفتها في العام ٢٠٠٣، وهي٧٩,٣ سنت يورو / كيلووات ساعة.

    لا تندرج شبكة التوصيل في هذه الأكلاف، لكنّها عنصر أساسي في أي موقع طاقة جديد، وليس الريح فقط.

    طاقة الريح بعد ٢٠٢٠

    إنّ موارد الريح في العالم واسعة جدّاً وموزّعة جيّداً في كافة المناطق والبلدان . ومع استخدام التكنولوجيا الحاليّة ، يمكن لطاقة الريح أن تؤمّن حوالى ٥٣٠٠٠ تيراوات ساعة في السنة . ويفوق هذا بمعدل مرتين طلب العالم المتوقع على الطاقة في العام ٢٠٢٠، ما يترك مجالاً هاماً للنمو في الصيانة حتى بعد عقود من الآن. تملك الولايات المتحدة وحدها ما يكفي من الريح لتغطّي أكثر من حاجاتها من الطاقة بمعدل ٣ مرّات.

    إيجابيات الريح

    تحافظ على البيئة إنّ خفض معدلات تغيّر المناخ الذي يتسبب بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون هو أهم ميزات توليد الطاقة بواسطة الرياح. كما أنّه خالٍ من الملوّثات الأخرى المرتبطة بالوقود الأحفوري والمصانع النوويّة.


    توازن طاقة جيّد جداً انّ انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بتصنيع وتركيب وعمل توربين الهواء مدّة المعدّل الوسطي لحياته وهو ٢٠ سنة "تسترجع" بعد تشغيله من ثلاثة الى ستة اشهر-ما يعني عمليا أكثر من ١٩ سنة من انتاج الطاقة من دون تكلفة بيئيّة.


    سرعة في الانتشار يمكن الانتهاء في غضون أسابيع، من بناء مزرعة هواء مزودة برافعات كبيرة تعمل على تركيب أبراج التوربين، وحجيرات المحرّك والشفرات في أعلى قواعد من الاسمنت المسلّح.

    مصدر يعوّل عليه وقابل للتجديد- تحرّك الريح التوربينات مجاناً، ولا تتأثر بتقلّبات أسعار الوقود الأحفوري. كما لا تحتاج للتنقيب أو الحفر لاستخراجها أو لنقلها إلى محطّة توليد. ومع ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري في العالم، ترتفع قيمة طاقة الريح فيما تتراجع تكاليف توليدها.

    فضلاً عن ذلك، فانّ استخدام التوربينات المتوسطة الحجم المجرّبة في المشاريع الكبرى، يؤدي إلى جهوزيّة عملانيّة بمعدل ٩٨% بفضل الريح مما يعني خفض الوقت المخصص للتصليح بمعدل ٢ %، وهو أداء أفضل بكثير مما يمكن أن نتوقعه من مصنع طاقة تقليدي.

    قابليّة الريح للتغيّر

    أدّت قابليّة الريح للتغيّر إلى مشاكل أقل على مستوى إدارة شبكة الكهرباء مما توقّع المشككون. إن التقلّبات في الطلب على الطاقة والحاجة إلى الحماية من فشل المصانع التقليديّة تتطلّب في الواقع مرونة في نظام الشبكة أكثر من طاقة الريح، وقد أظهرت التجربة الفعلية أنّ شبكات الطاقة الوطنيّة بمستوى المهمة المطلوبة منها. في الليالي التي تعصف فيها الرياح على سبيل المثال، تؤمن توربينات الريح حتّى ٥٠ % من الطاقة في الجزء الغربي من الدانمارك، لكن تبيّن أن الشحنة قابلة للادارة.

    كما أنّ انشاء شبكات متطوّرة يخفف أيضاً من قابليّة الريح للتغيّر عبر السماح للتغيّرات في سرعة الريح في مناطق مختلفة بأن توازن كميات الطاقة المولدة في ما بينها.

    المضي قدماً

    بالرغم من نمو طاقة الريح السريع مؤخراً، مازال مستقبل هذه الطاقة غير مضمون. وبالرغم من استخدام ٥٠ دولة اليوم لطاقة الريح، إلاّ أنّ معظم التقدّم تحقق بفضل جهود قلّة منها، وعلى رأسها المانيا واسبانيا والدانمارك. وستحتاج الدول الأخرى إلى تحسين صناعات طاقة الريح لديها بشكل جذري اذا ما رغبت بتحقيق الأهداف الشاملة. وبالتالي، فانّ توقّع أن تشكّل طاقة الهواء ١٢ % من الطاقة المستخدمة في العالم، في العام ٢٠٢٠ لا ينبغي أن يُعتبر أمرا مؤكّدا، بل هدفا مستقبليا ممكنا نستطيع اختياره اذا ما رغبنا في ذلك.

    الطاقة الحيوية:

    إن الطاقة الحيوية (المعروفة بطاقة الكتلة الحيوية) هي استخدام المواد العضوية (نباتات، الخ...) كوقود بواسطة تقنيات كجمع الغاز والتغويز (تحويل المواد الصلبة إلى غاز)، والاحتراق والهضم (للفضلات الرطبة). اذا ما تم استخدام الكتلة الحيوية بشكل مناسب فإنها تشكل مصدراً قيّماً للطّاقة المتجددة، لكن معظمها يعتمد على كيفية انتاج وقود الكتلة الحيوية.

    تتضمن بعض المصادر الهامّة لطاقة الكتلة الحيوية:
    النفايات الرطبة (مسالخ، الطعام وتصنيع
    الطعام)النفايات الصلبة المختلطة (النفايات المنزلية
    والتشذيب)المنتجات الحرجية الثانوية (بقايا من نشر الخشب والعمليات
    الحرجية)
    ايجابيات الطاقة الحيوية
    ان الايجابية الاهم للطاقة الحيوية هي انها تكاد لا تطلق غاز الدفيئة إذا ما استعملت بشكل صحيح. وبالرغم من ان احراق وقود الكتلة الحيوية يؤدي إلى اطلاق ثاني اكسيد الكربون، الا ان الاثر الاجمالي على المناخ محدود، اذا ما استخدم الوقود الجديد كجزء من العملية. ثمة حالات حيث يتم حجز بعض غازات الدفيئة واستخدامها قبل ان تصل إلى الجوّ. فعندما تتحلل البقايا العضوية لعمليّات التشذيب، على سبيل المثال، تُطلق غاز الميثان، وهو غاز دفيئة أقوى بكثير من ثاني أكسيد الكربون.

    إنّ احتجاز الميثان واستخدامه كوقود يبقيه بعيداً عن الجو، ويولّد الكهرباء من منتج نفايات.


    من فوائد الكتلة الحيويّة الأخرى أنّها مورد قابل للتجديد، يمكن استبداله أو زيادته كلّ عام؛ وأنّها طريقة لتدوير النفايات والمياه الآسنة وتخفيف التلوّث الناتج عن النفايات غير المعالجة.


    مشاكل محتملة
    لا يزال حرق وقود الطاقة يُطلق غازات الدفيئة في الجو، كغاز ثاني أكسيد الكربون. يمكن تحقيق فائدة في بعض الحالات التي تنبعث خلالها غازات أكثر قوّة. لكن اذا ما استخدم منتج الوقود في استعمالات أخرى بدلاً من حرقه للحصول على الطاقة، تُعتبر بعض مصادر الطاقة الأخرى غير الكتلة الحيويّة أفضل للمناخ.

    ولعلّ أكبر مشاكل الطاقة الحيويّة هي أنّ بعض وقود الكتلة الحيويّة يأتي من مصادر غير مستدامة أو قد يساهم بطريقة غير مباشرة في التلوّث والتدهور البيئي. فالكتلة الحيويّة الناتجة عن حرق النفايات البلديّة تعيق الحل الأكثر إفادة للبيئة وهو إعادة الاستخدام والتدوير (حل يساعد المناخ عبر توفير الطاقة). ويمكن للطاقة الحيويّة أن تتسبب بتلوّث سام كالديوكسين. وتريد بعض الشركات أن تحرق مواد خشبيّة في غابات قديمة لانتاج "طاقة متجددة".

    يُعارض معظم العاملين في مجال البيئة هذا المشروع، اذ سيشجع أكثر على استثمار خشب غاباتنا القديمة الغالية.


    ولا بدّ من دراسة كلفة الطاقة الإجمالية لانتاج وقود الطاقة الحيويّة. وبالتالي يجب التنبّه إلى ألاّ يتطلّب إنتاج الوقود كميّة من الطاقة أكبر من تلك التي تولّد من استخدامه. يمكن زراعة المحاصيل بهدف استخدامها كوقود طاقة حيويّة. إلاّ أنّ الزراعة الصناعيّة غالباً ما تكون غير مستدامة، وإذا ما أضفنا تكاليف الطاقة للأسمدة الصناعيّة إلى ميزانيّة الطاقة العامّة جاءت النتيجة سلبيّة يتمّ صرف طاقة لانتاج وقود الطاقة الحيويّة أكثر مما يمكن كسبه من حرقها.

    لذا، يجب أن تهتم المقاربة المستدامة لتطوير أنظمة طاقة الكتلة الحيوية بتفادي ما يلي :


    حرق الاخشاب من الغابات القديمة.
    استخدام مواد معدّلة جينيّاً
    استخدام الاسمدة والمبيدات بشكل مكثّف
    فقدان طبقة التربة الخارجيّة
    زيادة الملوحة والانبعاثات السامّة
    فضلاً عن ذلك، تحتاج كافة أنواع وقود الكتلة الحيويّة إلى نظام تصديق معياري. لا بد من الاشارة إلى أنّ هذه المشاكل المحتملة ليست جوهريّة في تقنيّة الكتلة الحيويّة، ويمكن تجنبها عبر التنفيذ المناسب لهذه التقنيّة. في المناطق التي تكثر فيها الزراعة، يمكن للكتلة الحيويّة أن تلعب دوراً هاماً في تأمين التدفئة والكهرباء. كما وتُعتبر الكتلة الحيويّة المعالجة بشكل صحيح حلا يحترم البيئة ويناسب لسد الحاجة إلى الطاقة.

    الطاقة المائية: توليد الكهرباء من المياه

    إنّ هذه الطاقة هي طاقة المياه. تحتوي المياه المتحرّكة على مخزون ضخم من الطاقة الطبيعيّة ، سواء أكانت المياه جزءاً من نهرٍ جارٍ أو أمواجاً في المحيط . فكّروا في القوّة المدمّرة لنهرٍ يتجاوز ضفّتيه ويتسبب بفياضانات أو في الأمواج الضخمة التي تتكسّر على شواطئ ضحلة، فيمكنكم عندئذ أن تتخيلوا كمّية الطاقة الموجودة.

    يمكن تسخير هذه الطاقة وتحويلها الى كهرباء علماً أن توليد الطاقة من المياه لا يؤدّي الى انبعاث غازات الدفيئة. كذلك هي مصدر طاقة قابل للتجديد لأنّ المياه تتجدد باستمرار بفضل دورة الأرض الهيدرولوجيّة. كلّ ما يحتاجه نظام توليد الكهرباء من المياه هو مصدر دائم للمياه الجارية كالجدول أو النهر. وخلافاً للطاقة الشمسيّة أو طاقة الريح، يمكن للمياه أن تولّد الطاقة بشكل مستمر ومتواصل، بمعدّل ٢٤ ساعة في اليوم .

    طاقة الأمواج

    يقدّر المجلس العالمي للطاقة قدرة الموج على انتاج الطاقة باثنين تيراواط في العام، أي ضعف انتاج العالم الحالي من الكهرباء، وما يعادل الطاقة التي تنتجها ألفي محطة نفط، غاز، فحم, وطاقة نوويّة. يمكن أن تزيد الطاقة الاجماليّة القابلة للتجديد في محيطات العالم على ما يفوق حاجة العالم الحاليّة للطاقة بخمسة آلاف مرّة، اذا ما تمّ تسخيرها. في الواقع، لا تزال هذه التقنيّة قيد التطوير، ومن المبكر أن نقدّر متى ستساهم بشكل فعّال في مخطط الطاقة الشامل.

    طاقة النهر

    في العام ٢٠٠٣، كانت المصانع الكهرمائيّة تنتج ١٦% من الكهرباء في العالم . تستغل هذه المصانع طاقة المياه التي تتحرّك من مستوى عالٍ الى مستوى أدنى (مياه تجري مع التيّار نزولاً مثلاً). وكلّما اشتدّ الانحدار، تجري المياه بسرعة أكبر و تزيد القدرة على انتاج الكهرباء .

    لسوء الحظ، إنّ السدود التي تتناسب مع محطات الطاقة الكهرمائيّة الكبيرة يمكن أن تغرق الأنظمة البيئيّة. كما ينبغي أيضاً أخذ حاجات المجتمعات والمزارع والأنظمة البيئيّة القائمة على مجرى النهر بعين الاعتبار. ولا يمكن الاعتماد على المشاريع المائيّة في فصول الجفاف وفي فترات الجدب الطويلة عندما تجفّ الأنهر أو تنخفض كميّة المياه فيها .

    لكن محطات توليد الكهرباء الصغيرة يمكن أن تنتج الكثير من الكهرباء من دون الحاجة الى سدود كبيرة. وتصنّف هذه المحطّات بـ" صغيرة " أو " صغيرة جداً " بحسب كميّة الكهرباء التي تنتجها، وتستفيد الأنظمة الكهرمائيّة الصغيرة من طاقة النهر من دون أن تحوّل كميّة كبيرة من المياه عن مجراها الطبيعي .
    إنّ المحطّات الكهرمائيّة الصغيرة هي مصدر طاقة لا يُلحق الأذى بالبيئة ويتمتّع بامكانيّة نمو كبيرة، لكنّه لن يبلغ مداه ما لم نعطه الفرصة لذلك.


    [/align]
    [align=center][/align]

  4. #19

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    [align=center]أدب الحوار[/align]

    [align=justify]المقدمة

    الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله , وعلى آله وصحبه ومن والاه,وبعد:فما أحوجنا إلى (الحوار)؛لأنه طريق الفهم, وسبيل النجاح, وبوابة الاتفاق.

    والحوار له آداب مشروعة يقوم بها المتحاورون ؛ ليثمر حوارهم وليصلوا إلى الحقيقة من اقرب الطرق وأيسرها .

    وفي هذه الرسالة معالم لمحبي الحوار وطالبيه,أسال الله أن ينفع بها.

    د.عائض القرني



    أدب الحوار

    كلمة الحوار كلمة جميلة رقيقة,تدل على التفاهم والتفاوض والتجانس, وقد ذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم, قال تعالى: (قال له صاحبه وهو يحاوره) ]الكهف:37[, وقال: (والله يسمع تحاوركما) ]المجادلة:1[؛يوم أن تحاور عليه الصلاة والسلام مع المرأة الضعيفة المسكينة التي تشكو من زوجها,فسمع الله هذا الحوار – وسع سمعه السموات والأرض جل في علاه- . ونحن بحاجة إلى الحوار؛ ليفهم بعضنا بعضاً, نحاور بعضنا بعضاً, ونتحاور مع الاخرين ,فنتحاور مع أبنائنا: (يابني ) ]لقمان:13[ كما قال لقمان عليه السلام , ونتحاور مع اهل الكتاب (قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سوآء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله ) ]آل عمران:64[,ونتحاور مع المشركين : (وإن احد من المشركين استجارك اجره حتى يسمع كلام الله ثم بلغه مامنه) ]التوبة:6[.

    وثمرة الحوار: الوصول الى الحق,فمن كان طلبه الحق وغرضه الحق وصل اليه باقرب الطرق , والطفها واحسنها, والطريق الواضح هو طريق الحوار الذي سلكه الرسول صلى الله عليه وسلم قبل ان يحمل السيف ,قال سبحانه : ( لقد ارسلنا رسلنا بالبينات) ]الحديد:25[,فقبل ان يرسلهم بالسيوف القاطعات والرماح المرهفات , ارسلهم بالايات والبينات, وكما يقول ابن تيمية- رحمة الله -: إن الانبياء بعثوا بالحجج والبراهين , والخلاف واقع في الامة , قال سبحانه: (ولايزالون مختلفين (118) الا من رحم ربك ولذلك خلقهم) ]الكهف:119,118[,قيل ( اللام) هنا ليست القصد ولا للسبب عند بعض المفسرين وانما للصيرورة , وقيل : ان الله – سبحانه وتعالى- خلقهم ,فنوع في مفاهيمهم ومواهبهم ,فوقع الخلاف في ذلك ,فلابد ان نعترف ان الخلاف واقع في الامة , وهو على قسمين

    أ****- خلاف تنوع: وهو الذي يُسلك في الفروع ,لا فيث الاصول , وفي الجزئيات , لا في الكليات.

    ب****- خلاف تضاد: وهو المذموم ,قال سبحانه وتعالى: ( ولاتطونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات واولئك لهم عذاب عظيم ) ]آل عمران:105[,وهم الذين يخالفون في القطعيات , وثوابت الامة , واصول الملة,فهذاخلاف مذموم

    كذلك يجب ان يعلم ان الحق واضح وظاهر, وانه كالشمس , وانه لايُختلف فيه, وما يخالف الا عقيم , او سقيم فهم,يقول المتنبي :

    وكيف يصح في الاذهانشيءُ

    اذا احتاج النهار الى دليل فانت اذا قلت لانسان : هذه شمس في السماء , وقال لك : ليست بشمسٍ, هذه خيمة !:,فهذا لا يحاور, بل ليس اهلا للحوار فلا تضيع وقته معه. واما من حاور في امر يحتاج الى جدل ويقبل الخلاف فهذا الذي تحاوره . وعليك- اخي الكريم – ان تقدم نعم قبل لا وانت تحاور خصمك , قال ابن المبارك :

    واذا صاحبت فاصحب ماجد ذا عفاف وحياء وكرم قوله للشيء لا ان قلت لا واذا قلت: نعم , قال : نعم

    فعلينا ان نستدرج المحاور الى ان يوافقنا في (نعم) فمادام انه يقول لك : نعم , فمعناه انه قريب منك , وان قلبه قريب من قلبك, وان روحه قريبة من روحك, ولكن احذر ان يقول: لا , قال اهل العلم: عليك ان تستدرجه الى ان يوافقك في اكثر المسائل, فتبدا بالاصول التى تشاركه انت فيها, فتقول: الست انساناوانا انسان ؟ فيقول: نعم, تقول : اليس لي حق عليك- أي حق الانسان على الانسان-؟ يقول نعم , تقول : اما ينبغي ان احترمك وتحترمني ؟ فيقول : نعم , فتقول : اليس لك عقل فاخاطب عقلك وضميرك , ولي عقل وضمير تخاطبه؟ فيقول: نعم , وهكذا تقلص مسافة اللااءت , لكنك اذا بدت معه منذ البداية ب(لا) ,تهدم جدار الحوار وحينها لا يمكن ان يستمر معك وسوف يتخذ ضدك موقفاً عدائيا من اول الطريق ,فيقول بعض التربويوين : ان كلمة لا تعقب تسع عشرة عضلة في الوجه, فيعبس بسببها الوجه , ويقطب الجبين, واما كلمة (نعم) فتنطلق بسببها الاسارير والافراح , ويظهر الانشراح , وياتي معها الجواب السديد بحمد الله.


    اداب الحوار:

    اعرض هنا ثلاثة عشر ادباً من اداب الحوار:

    1- الاخلاص والتجرد:

    على المحاور ان يتجرد من التعصب ؛ لان بعضهم يعقد التعصب لفرقته ومذهبه وفكرته, ثم لايقبل منك , ويريد ان تسلم وتقر له دون ان يناقشك, او يقبل منك ادلة, وهو يرى في نفسه, بدون ان يدعي النبوة انه معصوم, فيقول: الواجب عليك ان تسمع نصائحي,وان توافقني؛لان الله سددني وهداني ووفقني , وكانه يامر عليك بالحديد والنار ان تستمع له , وهذا ليس بصحيح , فالواجب عليك ان تمثل نفسك بانك مجتهد وقد تخطئ , وهو مجتهد قد يخطئ , وللشافعي كلمة عظيمة يقول فيها : راي صواب يحتمل الخطأ , وراي خصمي خطأ يحتمل الصواب , وقال – رحمه الله - : ما جادلت احدا الا وودت ان يظهر الله الحجة على لسانه, وكان يدعو لخصمه بالتسديد .

    وقال الشافعي – ايضا-: ما حاورني احد فقبل الحق مني الا عظم في عيني , وما رد الحق سقط من عيني . فليكن قصدنا هو الحق , سواء جاء على لسانك , او على لساني, فمن قال لك الحق فعليك ان تقبل منه, سواء ان كان صغيرا او كبيرا, عظمااو حقيرا, امراة او طفلاً, كما قال عمر- رضي الله عنه- : اصابت امراة واخطأ عمر, فقال ضالة المؤمن , وكان بعض السلف يقول: رغم انفي للحق.

    2- احضار الحجة

    فان صاحب الحجة قوي,قال الشافعي : من حفظ الحديث قويت حجته , واما ان ياتي انسان بكلام فضفاض وعاطفي وانشائي ويقول بانه يحاور الناس ويجادلهم , فهذا ليس صحيحاً. والحجة اما ان تكون عقلية قاطعة, او نقلية صحيحة,فعلى المدعي الدليل , وعلى الناقل الصحة ,فاذا اردت ان تجادل في مسألة ؛كمسالة الحجاب او مسألة الوسطية في الاسلام ,فعليك ان تحضر الحجج ,برتابة وهدوء , وليعلم الانسان ان الحجة ليست برفع الصوت والمصارعة , فليس حالة الناس كحالة الثيران, انما هم اناس مركبون على الاحترام والفطرة السليمة التى تقبل الحق, وتزعن له اذا كانوا راشدين, فالمطلوب منا هو احضار الحجج والبراهين للناس, قال سبحانه وتعالى ( قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين ) ]البقرة:111[,وقال سبحانه: ( قل فاتوا بالتوراه فاتولها ان كنتم صادقين) ]ال عمران:93[, وقال صلى الله عليه وسلم: تعالوا بالتوراه نقرا واياكم , ولما اتو بها , حملها صلى الله عليها وسلم احتراماً على وسادته ومخدته عليه الصلاة والسلام, فاذا جاءك خصمك يتحدث معك فقل: اتني بالدليل اناقشه انا وانت , ولا تغضب ولا ترفع صوتك, فبعض الناس من قلة حيلته وحجته , وضعف بصيرته ودليله, يبدأ بالصراخ , وتقطيب الوجه, ثم يتحول الى عالم السب والشتم , وهذا ليس من الحوار في شيء.

    3-السلامة من التناقض:

    فان من الواجب على المحاور ان لا يناقض كلامه بعضه بعضا ؛لان بعض الناس – لقلة بصيرته-, ياتي بكلام ينقض بعضه بعضا , فمثلا قول المشركين عن الرسول صلى الله عليه وسلم : ساحر او مجنون, هذا ليس صحيحاً؛لان الساحر من اذكياء الناس؛ ولان السحر مركب على الذكاء والفطنة والخديعة والعبقرية , والمجنون لا عقل له, فيكيف يكون- في ان واحد- ساحر او مجنونا؟! فهذا تناقض في الدليل لذلك قال سبحانه: ( ساحر او محنون ) ]الذاريات:39[,حكاية عن قولهم المتناقض, او قولهم: (سحر مستمر) ]القمر:2[,فالسحر لا يستمر اصلا ومعروف عند عقلاء العالم ان السحر لا يستمر وان المستمر لا يكون سحراً, فالله سبحانه وتعالى استهزئ بهم في رد هذه المقالة فقال سبحانه: ( وان يروا اية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر) ]القمر:2[.

    فكيف يكون سحر مستمر وهو يقول : (وما صاحبكم بمجنون) ]التكوير:22[؟! وقد كانت الامانات توضع عنده عليه الصلاة والسلام.

    4-الحجة لا تكون هي الدعوى:

    البعض من الناس يجعل دعواه حجة , ويقول: ما دام اني قلت هذا القول , فقولي هذا حجة ودليل , ويزكي نفسه , وبعضهم يحسب قوته بطول عمره ,ويقول: الفت أربعين كتاباً, وشهد لي فلان وفلان , ودائماً الحق معي والحمد لله, ودائماً الله يسددني ! فهذا ليس صحيحاً وليس الانسان نبياًمعصوماً, وقد يعيش سبعين سنة ثم يضل , فليست المسالة بالعمر ولا بالسن, حتى إن شاباً وقف عند عمر بن عبد العزيز – رضي الله عنه- يريد ان يتكلم قبل الناس ,قال له: اجلس , في الناس من هو اكبر منك سناً,فقال الشاب : يا امير المؤمنين لو كان الامر بالسن لكان غيرك من المسلمين اولى بالخلافة منك , فتبسَّم عمر بن عبد العزيز واقرَّ له ؛لان هذه حجة ,فعمر بن عبد العزيز عمره-آنذاك – اربعون سنة , وفي الناس من عمره تسعون ومائة , ولكنهم لم يتولوا الخلافة ,فالخلافة تاتي بالعقل والعلم والايمان .

    5- الاتفاق على المسلمات

    فالاصول لا يُناقش فيها ولايُحاور ,عندنا ثوابت في الملة فلا ينبغي ان نضيع اوقاتنا بالجلوس لمناقشة الاصول الثابتة؛كالوهية الباري سبحانه وتعالى, واستحقاقه للعبودية جل في علاه , وان محمداً- صلى الله عليه وسلم – رسول, وان اركان الاسلام خمسة, وصلاة الظهر اربع ركعات, فهذه امور مسلمات ومررات مجمع عليها , وفي مناقشتها تشويش على الناس , وتضييع لوقتك واوقات الاخرين, فهذا ليس صحيحاً, لان الحوار يكون في مسائل اختلف فيها الناس ,مثل مسالة ( الحجاب) – مثلاً- فقد تقرر في الكتاب ان الله امر بالحجاب , لكن مثلاً يُختلف في حجاب وجه المرأة , وهذا مما يقبل الخلاف ,فلايظننِّ انسان ان هذا من المسلمات ,ولايقبل الخلاف , والقول الصحيح كما هو معلوم انه يُحجب الوجه , ولكن القصد ان نفرق بين اصل مشروعية الحجاب –فهذه مسلمة- وحجاب وجه المرأة وهذا مختلف فيه, خلافاًقويا بين اهل العلم ,ذكره ابن جرير الطبري في سورة النور , فمن اراد ان يحاور فليحاور في مسائل تقبل الخلاف والجدل , وهذا هو خلاف التنوع ؛كدعاء الاستفتاح بانواعه , والتشهد بانواعه, وكثير من المسائل في كتب الفقه

    6- ان يكون المحاور أهلاً للحوار :

    فلا تاتِ برجل مشهور عنه الجهل والنزق والطيش وتحاوره, لان هذا اذاه اكثر من نفعه , وقد يحرجك امام الناس , اما ان يتعرض لك , او يتعرض لنفسه بالاذى وللمسلمين , حتى ان حاتماً- وهو جاهلي – يقول:

    وأُعرض عن سبِّ الكريم ادخاره

    واعرض عن شتم اللئيم تكرما

    يقول: انا لا اسب الكريم لاني ادخره للازمات , والئيم يسبني لانه ليس له عرض يصونه ,فاهل الحوار الحق هم اهل العلم واهل البصيرة واهل العقل, والمعروف عنهم التجرد وطلب الحق , اما ان تاتي الى سفيه وتعرض نفسك وعرضك له , فانه لن يصون عرضك ولا عرضه, وإذن فاهلية الحوار مطلوبة , والواجب اننا اذا اردنا ان نحاور الاخرين ان نختارهم من العلماء الصالحين العميقين الراسخين, يقول ابن تيمية : ان بعض اهل البدع لما حاوروا اهل السنة حاورهم اناس ضعفاء من اهل السنة , فغلب اهل المبتدعة اهل السنة ,فظن العوام ان الحق مع المبتدعة, فذهبوا مع المبتدعة , والسبب ان من يحاور كان ضعيفاً, فعلينا ان نعد للحوار ما استطعنا من قوة , ومن القوة في الحوار ان نكون اقوياء في الامة.

    7- نسبة القرب والبعد من الحق :

    فالامر نسبي , لايشترط دائماً ان يكون مائة بالمائة : اما ان يوافقني في كل شيء فهو اخي اتولاه وادعو له في ادبار الصلوات , او يخالفني فهو عدوي واتبرأ منه وادعو عليه , لا! يقول ابن قدامة في المغني: واهل العلم لا ينكرون على من خالفهم في مسائل الاختلاف , وقال ابن تيمية: وقد اختلف اصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام في مسائل,فلم يكفر بعضهم بعضاً, ولم يقاتل بعضهم بعضاً في مسائل الخلاف , وصلى بعضهم خلف بعض. فقد تختلف معي , في اربع مسائل او خمس , لكن انا اخوك وانت اخي , ونصلي مع بعض , وهذا امر معلوم عند اهل المذاهب الاربعة ؛ الاحناف والشافعية والنمالكية والحنابلة ,ففي مسائل الخلاف لا تطلب مائة في الماة , وكن متوسطاً في اختلافك مع خصمك ,فاذا رفض يبقى كل رايه في المسائل التى تقبل الخلاف ,فالالوان لا يكون جميعها ابيض او اسود ,بل فيها رمادي وبنفسجي , وكذلك النسب مائة بالمائة او صفراً بالمائة , يوجد ستين بالمائة , واربعين بالمائة, والله- عز وجل – ذكر ذلك فقال : (ليسوا سواء) ]ال عمران :113[,فمنهم من يقترب , ومنهم من يبتعد , والنصارى اقرب من اليهود , فهذه مسائل في الاجناس وفي اهل الاديان , لكن الذي يحاورك قد يختلف معك , وان ظفرت بعشرة في المائة فانت الرابح ؛لان بعض الناس يريد ان يحقق في اعماله الدعوية الرقم النهائي ,وهذا ليس صحيحاً, بل اقبل مايسره الله – عز وجل- وما تعسَّر فاتركه, يقول الشافعي لبعض من حاوره في مسالة اختلفوا فيها : اليس من الحق ان نبقى اخوة ولو اختلفنا في مسالة ؟ قالوا: بلى, قال : فنحن اخوة ,او كما ورد عنه في سيرته.

    8- التسليم بالنتائج :

    فاذا توصل المتحاورون في حوارهم الى امور, فعلى المغلوب ان يسلم للغالب, وهذا من طلب الحق , يقول عبد الرحمن بن مهدي : ان اهل الخير واهل السنة يكتبون مالهم وما عليهم , واهل البدع لا يكتبون الا ما كان لهم . فالذي يريد الحق يسلم بالنتيجة ؛ أي اذا كنت مغلوباً في مسالة , فان كان قصدي الحق اسلم , واقول لك: جزاك الله خيراً, فمن فعل ذلك فهو المخلص المأجور , ومن كابر فهذا – والعياذة بالله- لا يريد الحق, ولا يريد أن ينصاع له,وهو غاوٍ,قال عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم:"الكبر بطر الحق وغمط الناس", وبطر الحق: رده . فالتسليم بالنتائج واجب ,سواءً على المحاوِر ,او على المحاوَر ,وهذا يسهل الاتفاق في اول الجلسة , ومن راي ان يتقوى في الحوار فليتفق هو ومن يحاوره على مسائل خلافية , ويكون القصد هو الحق وطلب ما عند الله ,بشرط اذا كان الحق معي وظهر ذلك لك فعليك ان تتبعني , واذا كان الحق معك اتبعتك : (وانااو اياكم لعلى هدى او في ضلال مبين) ]سبا:24[, ومعلوم ان الحق مع المؤمنين .

    9- المحاورة بالحسنى:

    ومن اداب الحوار كما يقول العلماء –كابي حامد الغزالي في الاحياء- ان تحاوره فلا تتعرض لشخصه ,ولا لنسبه وحسبه واخلاقه, وانما تحاوره على القضية , لان بعض الناس يترك الكلام ويتهجم على خصمه المحاور امامه ,فيقول: قليل ادب, وبخيل, وليس لهذا علاقة بالمسالة , فانت تحاور – مثلاً- في زكاة الحلي وفيحاورك ,قائلاً: انت اصلاً لا تحترمني فكيف اجلس معك ؟! والواجب عليك ان تعترف بمكانتي , وانت دائماً يقل ادبك مع العلماء ! والسؤال: ما علاقة هذا الكلام بزكاة الحلي ؟! .. إن عليك ان تعرض تماماً عن كل كلام اخر الا عن المسالة التي امامك , والمحاورة بالتي هي احسن ( وجادلهم بالتي هي احسن ) ]النحل:1257[.

    ومن الأفضل ان تختار لخصمك لقباً او كنية ولو كان مخالفاً لكفتقول: ياابا فلان! وتعطيه من الكلام المبجل المحترم الذي يليق بالناس , فمن احترم الناس احترموه ,فيقول بعض العوام العقلاء في المرادة والمحاورة في الشعر والقصائد : خصمك كالقنفذ فإذا أصبحت عند جحره اخرج لك الإبر التي فيه مستعدا للمقاومة , لكنه قال : إذا نهنهته ودعوته بالحسنى خرج واستقر وتشمس وأحس بالدفء ,ثم اصطدته, فهذا مثل المحاوَر .

    يقول اسحاق نيوتن: كل فعل له رد فعل يساويه في القوة ويعارضه في الاتجاه ,فلذلك كل إنسان تحاوره ترفع صوتك يرفع صوته , ويوم تحترمه يحترمك

    , ويوم تكنيه يكنيك ,يقول احدهم وهو يحاور خصمه :

    اكنيه حين اناديه لاكرمه

    ولا القبه والسوءة اللقبُ

    كذلك اُدبت حتى صار ادبي

    اني وجدت ملاك الشيمة الادبُ

    فبقدر ما تحترم الناس يحترمونك , وقد كان سيد الخلق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم يحترم الناس , وهو الذي غير التاريخ ,فكان صلى الله عليه وسلم يسلم على الاعراب , ويناديهم بكناهم , ويحاورهم بالتي هي احسن.

    10- الانصاف في الوقت

    فاذا حاورت انساناً لابد ان تتفق معه وتقول له : تصبر لي وتسمع مني حتى انتهي , واصبر واسمع منك حتى تنتهي , لك خمس دقائق ولي خمس دقائق –مثلاً-او لك نصف ساعة ولي نصف ساعة , لا تقاطعني ولا اقاطعك , لان بعض الناس ظالم وجائر , يتكلم ثم لا يترك لك مجالاً لتتكلم , واذا اردت الكلام تكلم هو ,يقول ابن الجوزي : نزل عشرة حمقى يشترون حماراً من السوق ,الوا: يتكلم منا تسعة ويسكت واحد , يريدون ان يحرجوا على الحمار ,فهولاء هم الحمقى , والواجب في اصل الاسلام , وفي اداب النملة انك تنصت له مثل ما انصت لك , وهذا ادب المتحاورين , وكان مثل هذا الادب عند علماء الاسلام السابقين المعاصريين- رحمهم الله- كابنوالالباني وغيرهما , فقد كان عندهم من ادب الحوار , بحيث ينصت الواحد منهم حتى تنتهي ولا يقاطعك ابداً, وكأن على راس الواحد منهم الطير ,فاذا انتهيت قال: لا, المقصود كذا وكذا ,ثم يبين لك رايه .بعد ان تاخذ نصيبك من الوقت .

    11- حسن الانصات

    فكما تطلب من محاورك ان يحسن الانصات , والاستماع اليك – وهو من الادب – فعليك ان تستمع له اذا حاورك ؛لان بعضهم ينقصه حسن الانصات , وحسن الانصات من حسن الخلق, يقويل ابو تمام يمدح الخليفة المتوكل :

    وتراه يصغى للحديث بقلبه

    وبلبِّهولعله ادرى به!

    ويقول احد السلف : والله إني كنت انصت للحديث وقد سمعته عشرات المرات كانني سمعته لاول مرة, وهذا من الادب , فاذا قص عليك انسان قصة قد سمعتها من قبل فلا تشعره بانك قد سمعتها , بل اظهر له انك لم تسمعها وانك معجب بها , واذا قال بيت شعر معلوماً لديك ,فاظهر له انك احتفيت به, فهذا من خلق المؤمنين ,لان بعض الناس عبوس لا يريد الا الذي عنده , وبعضهم اذا تكلمت لا ينصت لك ابداً, فتراه شارد الذهن , وهذا ليس من الاحترام , فمادام انك تحاور فاقبل بقلبك وبعينيك الى من تحاوره؛ ليعلم انك تحترمه , وانك تريد الحق .

    وتجنب في الحوار الهزل , والتعليق, والتنكيت؛لان ذلك قد يُحمل على انك تحتقر خصمك, وانك لا تريد الوصول الى الجدِّ والحق.

    وقد ذكرت ان الحق ليس بالصراخ؛ لان بعضهم عنده فن في الزعيق والصراخ اذا فقد الحجة, اما صاحب الحق فيتكلم باطمئنان وبادلة ميسرة , وبصوت هادئ وقور , وكما يقول لقمان عليه السلام: ( واقصد في مشيك واغضض من صوتك ان انكر الاصوات لصوت الحمير) ]لقمان:19[.

    12- احترم المحاوَر:

    فالشخص الذي تحاوره اما ان يكون مسلماً فينبغي ان تخحفظ له حق الاسلام , واما ان لا يكون مسلماً, فهذا يعامل معاملة انسانية ,يُجادل بالتي هي احسن ؛لان هناك اموراً نسبية تَصِلنا بالناس, فالرسول صلى الله عليه وسلم حاور ,لكن لايوجد في قاموس محمد صلى الله عليه وسلم كلمة واحدة نابية ,ايتوني من كتب الرة ان محمدا صلى الله عليه وسلم قال لاحد الناس : يا حمار , او يا خنزير , الان يصف المسلم اخاه المسلم بذلك اذا غضب عليه على امر تافه, اين اخلاق النبوة ؟! إن محمداً e لايوجد في قاموسه سب اولا شتم , ولا اسفاف في الكلام ,ولا خداع في الخطاب ,لماذا؟

    لان الله ادبه فاحسن تاديبه, وهو المرشح لقيادة البشرية عليه الصلاة والسلام , فاخلاقه e موزعة على البشرية جميعها , والخلق كله عنده عليه الصلاة والسلام ,ذهب بالحسن والشجاعة والكرم , ومابقى توزع علينا كلنا منذ ان بعث الى وقتنا هذا عليه الصلاة والسلام ,يقول ربه : ( وانك لعلى خلقٍ عظيم ) ]القلم:4[.

    وفي حواره e لم يكن فظاً,يقول سبحانه: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ) ]ال عمران:159[, وكان يأمر اصحابه ان يكون مبشرين لا منفرين , وميسرين لا معسرين .

    قرات في السيرة لابن اسحاق انه لما انتهى المسلمون من معركة بدر ,وقتل الصحابة سبعين من كفار قريش ,رجع الصحابة مع الرسول e الى المدينة, ولقيهم اهل المدينة فقالوا لهم : كيف فعلتم بالقوم – أي كفار قريش- ؟ قال احد الصحابة من البهجة بالنصر والافتخار بالانتصار: ما وجدنا احداً. وجدنا انعاماً ودواباًذبحناها ورجعنا, مع العلم ان كفار قريشكانوا اشرافاًوسادة , ومن اعقل الناس , لكن الله اضلهم , فقالe : "مه!اولئك الملأ " أي لماذا تقول مثل هذا الكلام ؟ اولئك الملأ , اولئك الاشراف على كل حال , فالواحد منهم يساوي قبيلة , ولكن الله اضلهم ,ابولهب ,وابوجهل , والوليد بن المغيرة, والعاص بن وائل ,كانوا مقدمين , وعندهم كرم وشجاعة وراي, لكن اتبعوا الشيطان فاضلهم , فاخزالهم الله , فلا تظهر لخصمك انك تحطمه تحطيماً , وتلقي عليه بالكلام الجاف الذي لايليق به , يقال ان عيسى عليه السلام راي كلباً تزاحم في طريقه , واراد عيسى عليه السلام ان يدخل من الطريق ,فقال عيسى للكلب مر بسلام ! قالوا: يا روح الله تقول للكلب مر بسلام ! قال: لا اريد ان اعود لساني البذاءة , ويقول عليه الصلاة والسلام : " ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش البذئ " المسلم مثل النخلة ترميها بحجر فترد عليك رطباً, تسب المسلم يقول: سلاماً, (واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) ]الفرقان:63[. وانظر الى حاتم الطائي الجاهلي , فقد كان دستوره الاخلاق بالفطرة ؛يقول

    وكلمة حاسدٍ من غير جرم

    سمعتُ, فقلت مُرّي فانفذيني

    وعابوها عليَّ ولم تعبني

    ولم يندي لها ابداًجبيني

    فمن سبك فسامحه وقل:سلاماً؛ فان الله سوف يعوضك بالمكانة والعزة, ويدافع عنك, لان الله يدافع عن الذين امنوا , والناس يقفون مع المشتوم ولا يقفون مع الشاتم. قرات في سيرة الامام العظيم الزاهد امير المؤمنين عمر بن عبد العزيز – رضي الله عنه وجمعنا به في جنات النعيم – انه قام يصلي الليل في مسجد بني امية , وكان حينها خليفة المسلمين ويحكم ثنتين وعشرين دولة, وكانت السراج مطفأة ,فداس برجله رجلاً نائماً فقام النائم وقال: احمار الذي وطأني ؟ قال : لا , انا عمر بن عبد العزيز ولست حماراً !

    وسالم بن عبد الله بن عمر العالم الكبير زاحمه رجل في الطواف فنظر اليه الرجل ,فقال لسالم: انت رجل سوء , قال : ما عرفني الا انت ! ومن ضمن ذلك يقول ابوبكر الصديق حين اراد رجل سبه فقال له: والله لاسبنك سبا يدخل معك القب – أي مع ابي بكر رضي الله عنه- , قال ابوبكر : بل يدخل معك في قبرك ولا يدخل معي في قبري ! هذه اخلاق المؤمنين التى وصفها الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز , وحري بنا ان نتخلق بها ما دام اننا نحمل هذا الكتاب الكريم , ونتبع هذا الرسول العظيم e .

    13- اختيار المكان المناسب للحوار:

    والاحسن ان يكون الاجتماع في حلقة ضيقة من اهل العلم والراي السديد والرشد, ولا يكون في مكان عام : ( قل انما اعظكم بواحدة ان توقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة ان هو الا نذير لكم من بين يدى عذاب شديد) ]سبإ:46[.

    والمقصود ان يجلس الانسان منفرداً ويفكر, لانك اذا فكرت وحدك هدأ ذهنك , وعاد لك الراي , وفكرت في القضية ,ووضحت لك الصورة , او اثنين اثنين,(مثنى وفرادى) ]سبإ:46[, انت وزميلك على حدة, ولذلك يستجن ان يكون الحوار في مكان مهيّأ يجتمع فيه اهل الراي والعلم , واهل الرشد والبصيرة , ولايجتمع في الاماكن العامة ,فيدخل الكباروالصغار والحمقى ,فتحصل امور منكرة, ثم لايكون حوار بل شغب وفوضى ! فهذا ليس محموداً,فاذا كان في الحوار شغب فليجتنب المسجد؛لان المسجد للعبادة .

    وقد حاور eبعض الناس في المسجد لكن حواراً هادئاً مراده الحخق, وكان الذين امامه من العقلاء , الذين لايصدر منهم السباب والشتائم في بيت من بيوت الله ز وجل , او يسيئون الى قداسة هذا المكان الطاهر .

    قبل الختام :

    اريد ان ابين مسالة , وهو ان المقصود من هذه الكلمات او من امثالها مما يلقيه اهل العلم , اننا انما نحمل الدعوة الاسلامية التى شرفنا الله بها ونريد ان ينتفع بها الناس ,فنحن لانحاور الناس في مسائل اقتصادية , او هندسية, او طبية, بل مقصودنا ان يدخل الناس جميعاً جنات النعيم,فما دام ان هذا هو الطريق ارفق من طريق العنف , وطريق الشطط والشدة ,فلماذا نسلكه ؟ يقول عليه الصلاة والسلام : "فوالذي نفسي بيده لان يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حُمر النعم ", فاذا كان هذا الطريق يوصلنا الى ان يهتدي الناس على ايدينا فلنلزمه , ان الطريق الحوار ولين الكلمة ينتج لك من القبول , وسماع الناس , واحترامهم ما لايدر بالبال ولا يخطر في الخيال, حتىوُجد اناسُ لايصلون , وكانوا يتعاطون المخدرات , ويعقون الوالدين , ويقطعون الرحم ,فلما هيأ الله لهم بعض الاشخاص الرحماء العقلاء والعلماء عادوا الى الهداية ؛ لان النفوس البشرية مفطورة على الحق , وعلى قبول الفضيلة ,وكراهية الرزيلة في الجملة , ورايت في حياتي من بعض الفضلاء الذين هدى الله على ايديهم اناساً كثيرين بسبب دينهم ورقتهم وحوارهم واقناعهم للناس , وهذا يسمى عند الغرب( غسيل الدماغ) ويوجد كتاب مؤلف بهذا العنوان : (كيف تغسل دماغ الاخرين )أي كيف تقنعهم ؟

    فالمقصود ان توجه العقول الى الله بهذا الحوار , وليس من الترف الفكري ان نحاور اناساً على نظريات نسبية او في الاعجاز العلمي , او في الاكتشافات والاختراعات فقط , ولكن المقصود الاكبر ان نحاورهم ليهتدوا ويعودوا الى ربهم ,فهذا الحوار هو تحت مظلة : (قل يا اهل الكتاب.................زيانا مسلمون ) ]آل عمران:64[.

    فالمقصود ان نحاور من خالفنا من اخواننا في خلاف التنوع , على ان نعود نحن وهم ونتفق في مسائل قد تكون راجحة معنا او معهم , واقول لاخواني : على من حاور في مسالة وراى فيها جدلاً ان يوقف هذا الجدل , وقد رايت فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيميين – رحمه الله- في مجالس انه كان يحاور , فاذا راى الرجل لايقبل الا رايه قال :انتهى الموضوع اصبح جدلاً, لان بعض الناس تاتي له بالادلة الصحيحة والبراهين الساطعة , ثم تجده يكابر , ويعاند ويصر على رايه ,فهذا لا تستمر معه في الحوار , ولكن لا نهجره ولا نعامله بقسوة.

    وقد كان الائمة كالشافعي واحمد متصافين متآخين على انهم اختلفوا في كثير من المسائل وكذلك اختلف من هو خير منهم كاصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام .

    واوصي احبتي عند الخلاف بهذا الحديث الذي كان يقوله e في صلاة الليل: اللهم ((رب جبريل وميكائيل واسرافيل ,فاطر السموات والارض , عالم الغيب والشهادة انت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون , اهدني لما اختلف فيه من الحق باذنك, انك تهدي من تشاء الى صرطٍ مستقيم )) .وعلى الانسان اذا اشتبه عليه امر من الامور ان يكثر من الاستغفار , ومن اكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً, ومن كل ضيٍ مخرجاً, ورزقه من حيث لايحتسب , وكان انس بن مالك اذا جادله احد يكثر من قول لا حول ولاقوة الا بالله , وكان بعض الائمة اذا حاور احد يقول : الله الله ربي لا اشرك به شيئاً, وبعضهم يقول: لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين , (فهدى الله الذين امنوا لما اختلفوا فيه من الحق باذنه والله يهدي من يشاء الى صراطٍ مستقيم) ]البقرة:213[.

    نسال الله ان يرينا واياكم الحق حقاً ويرزقنا اتباه, وان يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه, انه على كل شيء قدير وبالاجابة جدير, والله المسؤول ان يتقبل مني ومنكم , وان يزيدني واياكم توفيقاً وهداية ورشداً, وصلى الله على نبينا المصطفى وآله وصحبه , ومن والاه .

    **************

    آداب الحوار - الأستاذ خالد محمد الغماسي

    --------------------------------------------------------------------------------

    إن الأخذ بآداب الحوار يجعل للحوار قيمته العلمية ، وانعدامها يقلل من الفائدة المرجوة منه للمتحاورين . إن بعض الحوارات تنتهي قبل أن تبدأ ، وذلك لعدم التزام المتحاورين بآداب الحوار . والحوار الجيد لابد أن تكون له آداب عامة ، تكون مؤشرا لايجابية هذا الحوار أو سلبيته ، وإن لم تتوافر فيه فلا داعي للدخول فيه ، وهذه الآداب تكون ملازمة للحوار نفسه ، فانعدامها يجعل الحوار عديم الفائدة . وعند الحوار ينبغي أن تكون هناك آداب لضمان استمرارية الحوار كي لا ينحرف عن الهدف الذي من أجله كان الحوار ، وحتى بعد انتهاء الحوار لابد من توافر آداب من أجل ضمان تنفيذ النتائج التي كانت ثمرة الحوار ، فكم من حوار كان ناجحا ولكن لعدم الالتزام بالآداب التي تكون بعد الحوار كانت النتائج سلبية على المتحاورين .

    لذا ستركز هذه المقالة على ثلاثة أقسام:
    آداب عامة للحوار.
    آداب خلال الحوار.
    آداب بعد الحوار.

    آداب عامة للحوار:
    يحتاج الحوار الى آداب عامة ينبغي للمتحاورين أن يلتزمو بها ، لأن الحوار سينهار من قبل أن يبدأ في حالة عدم الأخذ بهذه الآداب العامة ، وهذه الآداب تجعل الحوار مثمرا بإذن الله عز وجل ، وتكون كالمؤشر لايجابية هذا الحوار أو سلبيته ، وهذه الآداب هي من الأخلاق والأسس التي ينبغي أن تتوافر في كل مسلم وليس فقط في المتحاورين . وهذه الآداب العامة للحوار.

    1- اخلاص المحاور النية لله تعالى:
    اخلاص النية لله عز وجل ، وابتغاء وجهه الكريم قبل الدخول في الحوار تجعل أطراف الحوار يحرصون على تحقيق أكبر فائدة منه .

    2- توفر العلم في المحاور:
    قبل أن يدخل المحاور في الحوار لا بد أن يكون لديه العلم بموضوع المحاورة، حتى في الحوار التعليمي، فأحد الطرفين لديه العلم الكافي لدخوله في المحاورة ، والطرف الآخر يعرف شيئا على الأقل عن موضوع المحاورة ، فهو لا يأتي للمحاورة وهو خالي الذهن منه. والمحاور لا يحاور في موضوع يجهله بل لابد من أن العلم إلا إذا كان سائلا يهدف الى معرفة الحقيقة والاستفادة منها.

    3- صدق المحاور:
    إن توافر هذا الأدب في المتحاورين له قيمته الكبيرة في نجاح المحاور فوجود ضد هذه الصفة وهي الكذب يفقد طرفي المحاورة أمانتهم ويتطرق الشك في صدقهم، ان اعتماد المحاور الصدق في كلامه يكسبه قوة في محاورته، فكلما تمسك بهذ الصفة كان لهذا الأثر البليغ في إقناع محاورية بصحة دعواه وسلامة قضيته. والمحاور الصادق يجعل لكل كلمة قيمة واضحة تؤثر فيمن يتحاور أو يستمع له فكل أقواله لها وزنها، وأما لو كان كاذبا في أقواله فإن أغلب كلامه وإن كان ظاهره الصحة فإنه لا يؤخذ به ولا تكون له قيمة عند محاوريه أو حتى المستمعين له؛ لأنه فقد المصداقية التي كان يتمتع بها.

    4- الصبر والحلم:
    إن البعض يضيق صدره بسرعة في المحاورة حتى وإن كان الطرف الآخر لا يخالفه في الرأي ، وهذا أمر خطير لأنه لا يتمكن من شرح أو توضيح وجهة نظره، فضلا على أنه لن يستطيع الدفاع عنها عند المخالفة ، ولذا يجب أن يتصف المحاور بالصبر والحلم قبل دخوله في المحاورة.

    والصبر في الحوار أنواع منها:
    - الصبر على الحوار ومواصلته.
    - الصبر على الخصم سيئ الخلق.
    - الصبر عند سخرية الخصم واستهزائه.
    - الصبر على شهوة النفس في الانتصار على الخصم.
    - الصبر على النفس وضبطها.

    5- الرحمة:
    إن من الصفات التي يتصف بها المحاور المسلم هي الرحمة ، وهي رقة القلب وعطفه، والرحمة في الحوار لها أهمية فالمحاور حين يتصف بها تجد فيه إشفاقا على من يتحاور معه وميلا إلى إقناعه بالحسنى فهو لا يعد على خصمه الأخطاء للتشفي منه.

    والرحمة في الحوار تدل على صدق نوايا وسلامة الصدر والمحاور المسلم لا تكون رحمته لمن يحب فقط بل هي شاملة لكل من يراه، والمتحاورون لو نظر كل منهم الى من يحاوره نظرة رحمة ، تعاطف معة وسعى إلى إقناعة بكل الوسائل الممكنة.

    وتقبل الناس للفكرة ليس بالسهولة المتوقعة ، لأن عقول الناس مختلفة في قدرتها على الفهم ، فقد يفهم أحد الناس أمرا ما في وقت أقصر من غيره، وبالرفق يمكن إقناع الآخرين.

    والرفق بالمحاور يجعله متقبلا لما يطرح عليه من أفكار ، بل قد يرجع وبهوله عن رايه إذا بين الخطا الذي وقع فيه. ولو عومل بشدة لما استجاب ، بل سيكابر ويعاند ويصر على الخأ والباطل الذي كان عليه، وسيلتمس لنفسه المبرات والأعذار في إصراره على ما هو عليه من الخطأ.

    6- الاحترام:
    إن إختلاف وجهات النظر مهما بلغت بين المتحاورين فإن ذلك لا يمنعهم من الاحترام والتقدير ، إن الاحترام المتبادل يجعل الأطراف المتحاورة تتقبل الحق وتأخذ به ، وكل إنسان يحب أن يعامل باحترام فعلى المحاور أن يحب لأخيه ما يحبه لنفسه ، وحتى لو كان هناك رد في الحوار فالواجب بقاء الاحترام، فالمحاور لم يدخل الحوار الا وهو يرغب في الاستفادة ، فإن لم يستفد فعليه أن لا يفقد الاحترام والتقدير لمن يتحاور معه.

    7- التواضع:
    الانصاف والعدل لهما معنى واحد في هذا الأدب ، وأكثر المحاورات تفقد قيمتها عند إنعدام هذا الأدب ، فبعض المتحاورين يغفلون عن هذا الأمر ؛ بما يجعلهم لا يصلون الى ما يرجون من نتائج.

    آداب خلال الحوار:
    يبدأ الحوار في العادة دون مقدمات ، فتوافر آداب الحوار العامة في المتحاورين قد لا يضمن لهم نجاح الحوار ، فالحوار عندما يبدأ قد ينتهي إذا لم تكن هناك آداب يلتزم بها المتحاورون عند حواراتهم، ومن هذه الآداب:

    1- الاتفاق على أصول ثابته يمكن الرجوع إليها:
    قبل بداية الحوار على المتحاورين أن يتفقوا على أصل بينهم يمكن الرجوع إليه عند الاختلاف ، وهذا الأمر راجع إلى طبيعة الموضوع المراد التحاور فيه ، وهذا الأصل إما أن يكون من المنقول أو المعقول ، أو قد يلزمهما إختيار شخص؛ ليحكم بينهما ويفصل في النزاع الذي قد يحدث.

    2- ضبط النفس:
    خلال المحاورة ولطبيعة الموضوع المتحاور فيه ، قد يحدث أن يضعف طرف رأي الطرف الآخر ، ويقوم بتخطئته ، ويرد الأدلة التي بنى عليها هذا الرأي ؛ مما يثير غضب الطرف الآخر، وهذا يجعله يسارع في الرد ولو عن طريق الكذب ورفع الصوت والسب ، وهذا الأمر ينبغي التغلب عليبه بالالتزام بضبط النفس.

    3- البدء بنقاط الاتفاق وتأجيل نقاط الاختلاف مع تحديدها:
    عند تحديد المتحاورين لنقاط الإلتقاء فإنهم بذلك قد وضعوا قاعدة مشتركة فيما بينهم تدفع الحوار للأمام ، والبدء بالنقاط المتفق عليها يوثق الصلة بين المتحاورين ، ويجعلهما يتقبلان ما يطرح في الحوار بنفس طيبة، وبالتالي يقلل ذلك من نقاط الاختلاف فيما بينهم.

    4- تحديد المصطلحات بدقة:
    إن الحوار قد يحدث حول قضايا فيها بعض المصطلحات التي تحتاج الى تحديد وتوضيح، خاصة إذا كان استعمال المصطلح يدل على عدد من المعاني، ونحن في عصر قد تداخلت فيه الثقافات، ويحاول فيه بعض الناس فرض ثقافتهم من خلال وضع تعاريف لمصطلحات توافق ثقافتهم ، وقبل الدخول في الحوار ينبغي للمتحاورين تحديد معاني بعض المصطلحات التي قد ترد في موضوع المحاورة أو التي قد يستخدمونها أثناء الحوار، فقد يتحدث أحد المتحاورين عن أمر له اصطلاح معين عنده لا يتفق مع فهم الآخر مما قد يحدث خلافا بين المتحاورين.

    5- الأمانة العلمية في توثيق المعلومات:
    خلال المحاورة يسعى طرفا الحوار لتأييد رأيه بالأدلة والأقوال، وهنا تظهر الأمانة العلمية لكل طرف ، فكل دليل يذكر في المحاورة يجب توثيقه وكل قول لا بد أن ينسب لصاحبه.

    6- الالتزام بالأدلة :
    من حق كل متحاور أن يطلب من الطرف الآخر الدليل الذي يؤيد رأيه .

    7- التدرج في الحوار :
    المحاور الذي يعرف ما يريد تجده في محاورته يتدرج في نقاط ، وحتى يصل إلى حقيقة يسعى إليها ، وتكون مقنعة ومفحمة لمن يحاوره ، حتى ولو لم يستفد منها محاوره فقد يستفيد منها المستمعون لهذا الحوار ، والتدرج في الحوار له أثر كبير في نفس المتحاورين ، فالبعض قد تتشرب نفسه بفكرة معينه فيرى أنها الحق وأن ما سواها باطل لا ينبغي الأخذ به ، فعند التدرج في الحوار يمكن إقناعه .

    8- التزام القول الحسن :
    إن المحاور المنصف هو الذي يلتزم بالقول الحسن خلال محاوراته ، كما عليه أن يبتعد عن أسلوب الطعن والتجريح والهزء والسخرية ، وألوان الاحتقار والإثارة والاستفزاز .

    9- حسن الاستماع وتجنب المقاطعة :
    يعد هذا الأدب من أكثر آداب الحوار أهمية ، لأنه يلحظ أن بعض الحوارات في هذه الأيام تخلو من هذا الأدب ، ويحق للمحاور أن ينهي الحوار إن لم يستمع له الطرف الآخر ، ولم يعطه حقه في الكلام ، لأن الطرف الآخر قد حرمه من حق له ، والمقاطعة هي أسلوب الضعفاء حين يعجزون عن الرد ؛ فيرغبون في الشعب على غيرهم .

    ولحسن الاستماع فوائد منها :
    - حسن الفهم بين الطرفين .
    - عدم الاعادة والتكرار .
    - يمكن المستمعين من فهم أراء المتحاورين ، وفهم وجهة نظرهم ، والاستفادة من طرحهم .

    وقد يحتج البعض عند مقاطعة الطرف الآخر بأنه يفعل ذلك خوفا من نسيانه لفكرة في الموضوع وهذا خطأ ؛ لأن الواجب عليه تدوين أي ملاحظة أو فكرة في ورقة أمامه كي يتذكرها بعد انتهاء الطرف الآخر من الحديث .
    وللمقاطعة سلبيات منها :

    - تضجر الطرف الآخر من ذلك مما يدفعه للمعاملة بالمثل .
    - إضاعة الوقت .
    - ضياع الحق في المحاورة .
    - عدم تفهم أحدهما لوجهة نظر الآخر.

    10- التركيز على الرأي لا على صاحبه :
    في الحوار تكون هناك قضية معينة يحاول طرفا الحوار إثبات صحتها ، أو أن أحد الطرفين يحاول تعريف الآخر بمعلومة معينة ، فالواجب في هذه الحالة التركيز على القضية المطروحة ومناقشة الرأي بالأدلة العلمية ، واستخدام أسلوب رد الرأي مهما كان صوابا أسلوب يلجأ إليه الضعفاء ، فتراه يغفل القضية المطروحة ويحرج الطرف الآخر باسلوب يتسم بالجهل ففي الحوار لا ينظر إلى من قال القول بل الأهم صحة هذا القول.

    11- عدم السخرية من الخصم :
    يلجأ بعض المتحاورين إلى السخرية من الطرف الآخر ؛ بغية إحراجه ، وبيان ضعفة ، إن السخرية بالطرف الاخر ستجعله يخرج من طوره ؛ وبالتالي سيحاول هو السخرية مما يجعل الحوار يتحول إلى مهزلة ، والسخرية لا تكون بالقول فقط بل قد تدخل فيها الإشارة كالنظرة المصحوبة بالإحتقار ، بما يلابسها من وضوح هذا الإحتقار في ملامح الوجه .

    12- الإلتزام بوقت محدد:
    يدخل بعض المتحاورين في المحاورة وهو يرغب في أن يستأثر بالكلام وحده ، وهذا خطأ لأن في ذلك تضييعا للوقت ، وظلما للطرف الآخر .
    وأسباب الإطالة تتلخص فيما يأتي :

    - الإعجاب بالنفس .
    - الرغبة في الشهرة والثناء .
    - أن يظن أن ما يتحدث به للناس يعد جديدا عليهم .
    - عدم الإهتمام بالآخرين .

    لذا لا بد أن يعطي كل طرف من أطراف الحوار الآخر بفرصة للتعبير عن رأيه وتوضيحه وبيان الأدلة عليه ، على شرط أن تكون فترة كل منهما إن لم تكن متساوية ، فعلى الأقل متقاربة فلا يطيل أحدهما ، وهذا يظهر في بعض الحوارات خصوصا التي تنعدم فيها آداب الحوار فكل طرف يرغب في أن يتكلم وحده ، ولا يعطي الآخرين الفرصة في النقاش وإبداء الرأي .

    13- الرد على كل شبهة بما يناسبها :
    خلال الحوار قد تظهر بعض الشبه عند الطرف الآخر ، وينبغي الرد على الشبهة بما يناسب ، وتفنيدها وبيان عدم صحتها ، لأنه في الحوار يكثر إيراد الشبه التي ربما كانت عائقا أمام اقناع الخصم وإذعانه ، وغالبا ما يطرح الخصم المعاند مثل هذه الشبه للإعراض عن الحق أو للتلبيس على محاوره ، أو لتضييع الوقت والهروب من الحوار والمناقشة .

    14- ضرب الأمثلة :
    في الحوار يفضل للمحاور أن يؤيد كلامه بمثال ؛ ليقرب الفكرة التي يدعو إليها لكي يفهم الآخرين . فالمحاور الذكي هو الذي يحسن ضرب الأمثلة، ويتخذها إما وسيلة لتقريب وجهة نظره من السامع وشرحها ، وإما لاقناعه بفكرته ، والأمثلة الجيدة تفيد مع العالم كما تفيد مع دونه ، وتؤثر على الكبير كما تؤثر على الصغير .

    15- ذكر المبررات عند الإعتراض على أقوال المتحاور :
    عند إعتراض أحد المتحاورين على الآخرين ، الواجب أن يبين للآخر المبرر لهذا الإعتراض والأسباب التي دعته إلى تقديم اعتراضه ، والمتحاور العاقل لا بد أن يحترم الآراء ، ويقدر الإفهام ، ويراي الحقائق ، فإذا أنكر بأدب ، وإذا اعترض فبسبب ، وإذا استدرك على خصمه فبلباقة وحسن أداء ، فإن ذلك مما يساعد النفوس على التنازل عن أرائها القديمة.

    16- إشعار المحاور بالمحبة رغم الخلاف :
    إن اختلاف وجهات النظر لا ينبغي أن تقطع حبل المودة ، ومهما طالت المناظرة أو تعدد الحوار أو تكررت المناقشة ، فلا يليق أن تؤثر على القلوب ، أو تكدر الخواطر ، أو تثير الضغائن .

    17- إنهاء الحوار بأدب ولباقة :
    كما أن للحوار بداية فلا بد أن تكون له نهاية ، وعادة ما ينتهي الحوار إما باقتناع الطرف الآخر أو عدم تقبله ، ولكنه على الأقل استمع لوجهة نظر الآخر . ولكن هناك حالات ينبغي إنهاء حوار المتحاورين فيها ومن ذلك:

    - إقفال الطرف الآخر عقله أو اصراره على رأيه ، وعدم تقبله الاستماع لرأي غيره .
    - تحول المحاورة إلى إستهزاء وسخرية .
    - تحول الحوار إلى كذب وافتراء .
    - وجود اختلاف على أمور أساسية لا يسمح الوقت بالتحاور فيها .
    - عدم وجود الجدية لدى الطرف الآخر أو لعدم قدرته على المحاورة .
    - غضب أحد المتحاورين .
    وعند إنهاء الحوار لا بد أن يكون ذلك بطريقة مهذبة لا تدل على العجز والهزيمة بل على الثقة .

    آداب بعد الحوار:
    بعد الإنتهاء من الحوار فهناك آداب ينبغي الأخذ بها لضمان الاستفادة من الحوار الذي حصل ، وهذه الآداب إن لم يؤخذ بها فإن الحوار قد انتهى بغير فائدة ، ومن هذه الآداب :

    1- الرجوع إلى الحق والإعتراف بالخطأ:
    خلال الحوار أو في نهايته قد تتضح لأطراف الحوار بعض الحقائق والأمور الواضحة التي يتحتم على الطرف المخالف الرجوع إلى الحق عندها . وقبول الحق أو الرجوع اليه ليس بالأمر السهل وفيه من الصعوبة على النفس خصوصا إن لم يعود الانسان نفسه على ذلك .

    2- احترام الرأي المخالف :
    يرى بعض الناس أن رأيه صواب لا يحتمل الخطأ وأن غيره لا يمكن أن يكون على صواب وهذا الأمر غير صحيح ، وذلك أن رأي إنسان قد يتطرق إليه الخطأ ، الا من عصمه الله عز وجل .

    3- اجتناب الاعجاب بالنفس :
    بعد انتهاء المحاورة وخروج أحد الطرفين منتصرا فيها بقوة حجته وقدرته على اقناع خصمه فإن الشعور بالسعادة لهذه النتيجة أمر طبيعي ، غير أن هذا الشعور قد يتحول إلى الاعجاب بالنفس .

    4- تجنب الحسد :
    بعد انتهاء المحاورة قد يتأثر أحد أطراف الحوار بالطرف الآخر إما لقوة حجته أو لحسن عرضه أو لبلاغته أو لسعة علمه أو لغير ذلك من الأمور ، وهذا التأثر له احدى حالتين :
    - الحسد ( وهو أن تكره تلك النعمة وتحب زوالها )
    - الغبطة ( وهي أن لا تحب زوالها ولا تكره وجودها ودوامها ولكن تشتهي لنفسك مثلها ) وقد يطلق عليها المنافسة .
    وفي الحوار قد يحدث نوع من التنافس ويرغب كل منهما في اظهار رأيه وبيان صحته وهذا غير الحسد .

    5- عدم الغل والحقد :
    ينتهي الحوار أحيانا بظهور أحد طرفي الحوار على الآخر وهذا الأمر طبيعي يعود إما إلى قوة حجته أو سلامة أسلوبه أو غير ذلك ، والمتوقع استفادة الطرف الثاني من هذا غير أن بعضهم قد ينتهي به الأمر إلى الحقد و الغل .
    وقد يبدأ الحقد خلال الحوار ، فتجد المحاور لا يأخذ بكلام الطرف الآخر ويزداد الأمر سوءا إذا ظهر الطرف الآخر عليه فإنه بذلك يتربى الحقد في نفسه . والغل والحقد بعد انتهاء الحوار يهلك صاحبه فهو يغلي في داخل نفسه رغبه منه في الانتقام ، وهذا أمر يؤدي به إلى خطر عظيم فهو بهذا الأسلوب سيهلك نفسه ، وعلى المسلم توطين نفسه بتقبل الأمور فإن انتهى الحوار بعدم ظهوره فعليه تقبل الأمر ، والاستفادة من نتائج الحوار .

    6- الابتعاد عن الغيبة :
    بعد انتهاء المحاورة ولم يقتنع أحد طرفي الحوار بوجهة نظر الآخر ، فإنك قد تجد أحدهما في هذه الحالة يلجأ إلى غيبة أخيه ويتكلم فيه في المجالس وهذا من الأمور المحرمة .

    وتحدث الغيبة نتيجة الغل والحقد الذي يكون داخل النفس فتجد المتحاور وقد أقنعه الطرف الآخر خلال الحوار ، يلجأ إلى الغيبة والاساءة إليه ما استطاع إلى ذلك سبيلا .
    وقد يذكر أحد طرفي الحوار الطرف الآخر بكلام فيه نقص من ناحية البدن أو النسب أو الخلق أو اللبس أو المشي أو الكلام أو غير ذلك من الأمور التي تعد من المساوئ وفعله هذا يعود إلى رغبته في إشفاء الغيظ ، ورفع النفس بما ليس فيها .

    المرجع :
    الحوار . آدابة وتطبيقاته في التربية الإسلامية .
    خالد محمد الغماسي .
    مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني .

    المصدر: http://www.edarat.net/modules/news/a...hp?storyid=573

    *************

    الحوار فريضة إسلامية

    د. سلمان بن فهد العودة


    مما أعرف أن الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله- كان يعقد جلسة فقهية دورية لطلابه يجعل لبعضهم رأياً وللآخرين رأياً مختلفاً، ويجعلهم يتحاورون فيما بينهم؛ ليدربهم على أصول الحوار، وفتح باب الجدل العلمي الموضوعي، واحترام الرأي الآخر؛ حتى أصدر ثمرة لذلك كتابه: المناظرات الفقهية.

    وإننا اليوم في حاجة ماسة للتدرب على الحوار وآدابه، الذي يعبر عن قيمة التواصل مع النفس أولاً، والآخرين ثانياً، فالتواصل بين الإنسان وذاته يمر عبر نقدها وتقويمها ونهيها عن الهوى، يقول الله تعالى: "فأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى"، ويقول: "ولا أقسم بالنفس اللوامة"، فالذي يأمر نفسه وينهاها ويعلمها ويطورها ويلومها هو المؤمن الرشيد، ولذلك كان عبد الله بن رواحة يخاطب نفسه في ميدان المعركة ويشجعها قائلا:


    يا نفس إلا تقتلي تموتي *** هذا حمام الموت قد صليتي
    وما تمنيتي فقد أعطيتي *** إن تفعلي فعلهما هديتي
    وإن تأخرتي فـقـد شـقـيتي

    فأرقى دوائر الحوار وأعظمها هو الحوار مع النفس، وأرى أن جملة كبيرة من الناس يفتقدون هذا اللون من الحوار، بل لا يدركون أنه جزء من الحوار.

    لا بد أن يتعود الناس ويتدربوا على الكلام، فلا فائدة من أن نجلس صامتين كالقبور، أو نائمين كالموتى، ينبغي أن تكون هناك لغة حوار راقية تدار بين الصغار والكبار، بين الزوجين وأفراد الأسرة، بين أطياف المجتمع، بين تياراته، حتى ولو كانت في قضايا صغيرة أو ثانوية.

    وكل مجتمع حديث يحتاج إلى حوار اجتماعي جاد يعالج مشكلاته ويبحثها، ويديرها على طاولة التشاور والحوار، ويحتاج إلى حوار فكري علمي يبحث في الموضوع ويتجاوز الأشخاص والأفراد، وإلى حوار سياسي هادئ، فمن خلال الحوار نستطيع مقاربة الرأي الأفضل، فالحوار هو لغة العالم اليوم، لغة الإعلام العالمي والسياسة العالمية، فتجد حوار الثقافات وحوار الحضارات، وحوار المذاهب، ولهذا تعقد مؤتمرات، ويحضر الناس فيها للتحاور في قضايا يتفقون في بعضها، ويختلفون في بعضها الآخر؛ لإيجاد جزء مشترك يتعاونون على العمل من أجله وإقامته.

    وواقعنا المعاصر يشتكي من جملة من المشكلات الحوارية: هناك مشكلة في الاستماع فنحن العرب نميل إلى الحديث أكثر من الاستماع، فأحدنا يتحدث والآخر لا يسمع لهذا المتحدث بل ينتظر دوره في الحديث!، وهناك مشكلة في الفهم وشاعرنا العربي يقول:


    أقول له: عمرا فيسمعه سعدا *** ويكتبه حمدا وينطقه زيدا!

    وهناك مشكلة في النقل والتثبت، وربنا سبحانه يقول: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا"، وفي قراءة "فتثبتوا"، وفي صحيح مسلم يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع).

    وهناك مشكلة أخلاقية وأزمة عامة تتعلق بتعمد التشويه والإيذاء والتزوير والكذب، وإن الذين يديرون الحوارات سواء كانوا من الأطراف الإسلامية أو غيرها يعانون مشكلة كبيرة في إدارة الحوار، سواء في الجوانب الإجرائية، أو الموضوعية، وإذا كانت قضية الإسلام عادلة - وهذا ما يؤمن به المسلمون جميعاً - فمن حق هذه القضية العادلة أن يكون لها محامٍ ناضج وناجح، ومتحدث رشيد، ومن هنا أؤكد على أهمية الحوار وضبطه، وإعداد المحاورين وتدريبهم بشكل علمي وأخلاقي ومعرفي لائق.

    إن الحوار -بداهة- دليل على وجود التنوع والاعتراف به وبحقه، فالحوار يعني أننا نختلف، والإيمان بوجود التنوع والاختلاف لا يعني أبداً الإيمان بكل ما يقوله هذا المختلف، فالحوار حول الخطأ لا يعني الاعتراف بهذا الخطأ كقيمة، بل الاعتراف بوجوده وأهمية البحث حوله، وكثيرون لا يفهمون من حوار الأديان -مثلاً- إلا أنه نوع من التقريب العقدي بينها، بمعنى أن يتخلى هذا عن بعض عقيدته والآخر كذلك؛ ليلتقيان في نصف الطريق بنصف عقيدة!، بينما الحوار هو البحث في تعزيز القضايا المشتركة ودعمها، كالحملة على الفساد والدفاع عن الحقوق الإنسانية، ولا شك أن الدين الإسلامي يرحب بمثل هذه العلاقات واللقاءات التي تدفع بالحق الإسلامي والوجود المسلم إلى حياة أفضل، ورسولنا صلى الله عليه وسلم تحدث عن حلف الفضول الذي يعني نوعاً من التعاون المشترك وقال: (لو دعيت له في الإسلام لأجبت).

    وهذا الحوار العالمي يعني إدراك للغة العالمية التي يتحدث بها للتواصل معها، وبث أدبيات الإسلام وأخلاقياته ومبادئه من خلالها.
    وإن بعض الذين يشغبون على قيمة الحوار يعارضون بما ورد عن بعض السلف أنهم كانوا ينهون عن مجادلة أهل الباطل، فأقول بأن هذا المذهب الذي كان عليه بعض السلف هو صالح في وقته، فهم يرون عدم الحاجة لذلك بسبب غلبة الحق وظهوره، وأن هناك بعض الآراء المهجورة التي لو حاورناها وجادلناها لأسهم ذلك في تقويتها وإشهارها، والمهم أن الأصل في ذلك ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية من أهمية الحوار وفريضته، يقول الله تعالى عن أهل الكتاب: "وجادلهم بالتي هي أحسن".

    ************

    فصل في آداب الجدل والمناظرة

    --------------------------------------------------------------------------------

    كنت قد وعدت في مداخلة لي بأن أنشر طرفا من آداب الجدل والمناظرة كما سطرها جملة من العلماء, فلنشرع في بيان بنودها ثم نشفعه إن سنح الوقت بما يناسبه من تحليل وبيان.

    وهذه البنود هي:

    [1] على المناظر إخلاص النية وذلك ألا يقصد بنظره المباهاة وطلب الجاه, والتكسب والمماراة, والمحك, والرياء, ولا قصده الظفر بالخصم والسرور بالغلبة والقهر.

    [2] وعليه أن يحذر رفع الصوت جهرا زائدا على مقدار الحاجة, فإن ذلك من شأنه أن يورث الحدة والضجر. والضجر يورث البلادة ويقطع مادة الفهم والخاطر.

    [3] ويلزم الخشوع والتواضع, ويقصد الإنقياد للحق فيكون من جملة الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

    [4] وألا يعود نفسه الإسهاب في الجدل بالباطل والمبادرة إلى كل ما سبق إليه الخاطر واللسان.

    [5] و لا يسرع في مكالمة من يستشعر في نفسه منه العداوة والبغض لأنه يقوده إلى الغضب فيورثه ذلك تشوش الخاطر والعي.

    [6] وعليه أن يحذر الاعتماد -أثناء كلامه- على من يظن أنه معه أو يستحسن كلامه في جملة الحاضرين فربما تبين له عدم موافقته لكلامه فيضعف ذهنه وخاطره ويذهب عنه كثير مما لا يستغني عنه.

    [7] وعليه ألا يلتفت للحاضرين خالفوه أو وافقوه.

    [8] وعليه تجنب الكلام في مجلس يخشى فيه على نفسه أو تغلب فيه عليه هيبة ذي سلطان, فإنه يكون منشغلا حينئذ بحراسة الروح عن نصرة المذهب.

    [9] وتجنب مجلس لا يسوي بين الخصوم في الإقبال والاستماع وإنزال كل منزلته ورتبته فإن الكلام هناك يعد ذلا وصغارا يورثان الغم والغضب لكل ذي نفس أبية.

    [10] وتجنب المجلس الذي غرض أصحابه من انعقاده التلهي لا تمييز الحق عن الباطل, وأقل ما فيه مجالسة من لا يحسن بأهل العلم مجالسته.

    [11] وإياك واستصغار من تناظره والاستهزاء به-كائنا من كان- لأن خصمك إن كان المفترض عليك مناظرته فهو نظيرك, ولا يجمل بك إلا مناظرة النظير للنظير. لأنه إن يك من تكلمه غير أهل لأن تناظره, كان الواجب ألا تفاتحه بالكلام, فإذا فاتحته ثم استصغرته واستخففت به لم يجتمع ذهنك ولا صفاء قريحتك ولا اشتد خاطرك.

    [12] وعليك المحافظة على قدرك وقدر خصمك وإنزال كل أحد -في وجه كلامك معه- درجته ومنزلته, فتميز بين النظير وبين المسترشد, وبين الأستاذ ومن يصلح لك. ولا تناظر النظير مناظرة المبتدئ والمسترشد, ولا تناظر أستاذينك مناظرة الأكفاء والنظراء بل تناظر كلا على حقه, وتحفظ كلا على رتبته.

    [13] وكن مع خصمك مستبشرا متبسما غير عبوس, فتبتعدان معا عن دواعي الغضب والضجر.

    [14] وعليك ألا تفاتح بالمناظرة من تعلمه متعنتا, لأن كلام المتعنت ومن لا يقصد تعرف الحق والحقيقة بما تقوله- يورث المباهاة والضجر وحزن القلب وتعدي الأحد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فإن لم تعلمه متعنتا حتى فاتحته بالكلام, وجب عليك حينها الإمساك عن مناظرته.

    [15] وإن كان خصمك منتهيا عالما يقصد المناظرة واستبانة ما التبس, فلا تتعمق في العبارة, فإنك تطول عليه وعلى نفسك الأمر, بل اقصد بأسهل العبارات إلى مربط الفرس.

    [16] وعلى المتناظرين جميعا أن يصبر كل واحد منهما لصاحبه في نوبته وإن كان ما يسمعه منه قد بلغ الغاية في التشويش, لأنهما متساويان في
    حق المناوبة في الكلام. فمن لم يصبر منهما لصاحبه فقد قطع عليه حقه, ولأن ما يظنه السامع تشويشا ربما كان هو موضع الاتباس والشبهة عنده, فلا بد من الصبر على سماعه ليصير عنده معلوم الأول والآخر, ثم يتكلم فيه بعد ذلك على حقه. فإذا لم يصبر له خصمه بل داخله بالاعتراض أو الجواب في نوبته, احتمله ووعظه, فإن أصر عليه, قطع مكالمته. لأنه لا سبيل إلى كشف الحق مع التقطيع بل مع حسن الاستماع.

    [17] وعلى كل واحد منهما أن يقبل بوجهه على خصمه الذي يناظره : المتكلم أثناء كلامه, والمستمع أثناء استماعه.

    [18] وعليه ألا يناظر الأستاذَ إلا على على جهة الاسترشاد مع غاية الاحترام والتواضع وخفض الصوت وقطع اللجاج عند ظهور الرشد.

    [19] وعليه مراعاة كلام الخصم, وتفهم معانيه على غاية الجد والاستقصاء.

    [20] والحذر من إلزام الخصم بما لا يتحقق لزومه له.

    [21] وعليه ألا يقصر في تنبيه الخصم وإعلامه بما يرى من مناقضاته في كلامه, وهكذا إذا رجع فيما سلم, نبههه عليه, لآنه إن لم يفعل ترك معظم المقصود من الجدل. وهو نصرة الحق.

    [22] ولا تواخذ الخصم بما تعلم أنه لا يقصده من أنواع الزلل, بل تعلم أنه لسبق اللسان ولما لا يخلو المتكلم منه. فإن أشكل عليك قصده في ذلك نبهته, فإن قال: هو سبق اللسان ولم أقصده, تجاوزت ذلك, وإن علمته مقصودا منه واخذته به.

    [23] و لا تورد في كل موضع من الكلام إلا قدر ما تحتاج إليه.

    [24] ولا تقدم جواب ما لم يرد عليك سؤاله.

    و ليس للمجيب مع السائل إذا ألزمه منوالا إلا أحد ثلاث:

    - إما الانقياد أو الإسقاط أو الإعراض:

    [أ] فأما الانقياد: فكل موضع ورد عليه ما يؤثر في كلامه ودليله فعليه الانقياد لا محالة, لأنه قد انكشف بسؤاله خطؤه فيما قال.

    [ب] وأما الإسقاط: فهو أن تبين خطأه في سؤاله وتلبيسه والتباسه فالوجه فيه على كل حال إسقاط ذلك السؤال.

    [ج] وأما الإعراض عن مكالمته: فهو إذا عدل السائل عما يورد في كلام المجيب أو ما يشتبه ويلتبس, فلا وجه إلا الإعراض عن مكالمته لأنه إنما يجوز للسائل أن يورد من الكلام ما يقدح في كلام المجيب أو ما يتوهم كونه قادحا, فيكون شبهة. ولا ثالث لهذين إلا المعارضة أو الاستعجال بما يعلم السائل من نفسه بطلانه, وأي ذلك كان فلا وجه لمكالمته.

    [25] وأحسن شيء في الجدال المحافظة من كل واحد من المتجادلين على أدب الجدل.

    ومما يعود بنفع على صنعة الجدل:

    * محافظة كل من المتجادلين على مرتبته ويعلم أن مرتبة المجيب التأسيس و البناء فلا يتعدى عن هذه المرتبة إلى غيرها, ومرتبة السائل الدفع والهدم.

    *1- فحق المجيب أن يبني مذهبه الذي سئل عنه على أساس قويم وأصول صحيحة من الأدلة وغيرها.

    *2- وحق السائل أن يكشف عن عجز المسؤول عن بناء مذهبه على أصل صحيح. أو بيان عجزه عن الخروج مما ألزمه مما له من القول الفاسد, ومتى تم للسائل هذا فقد استعلى, ويكفيه عن الاشتغال بأمر زائد.

    *3- وإن تم للمجيب -بما أقام من البرهان على ما دعاه- تعجيز السائل عن القدح فيما أقام بنقض أو معارضة, أو اشتراك فيماأقام, فقد استعلى المجيب وانقطع السائل.

    *4- وعلى المجيب أن يتأمل ما يورده السائل على كلامه, حتى إن كان فيه شبهة توهم القدح فيما بناه, وجب عليه الكشف بالجواب, ليزول الإيهام. وإن كانت الشبهة مما لا يوهم ولا يبين منها هدم ما بناه لم يلزم المجيب الكلام عليه في حق الجدل, فإن فعل وكشف عنه كان متبرعا.

    *5- وعلى السائل أن يتأمل انفصال المجيب عما ألزمه إياه, فإن كان فيه ما يوهم تحقيق ما بناه أولا, كلمه السائل, وإن لم يكن فيه تحقيق ما بناه, لم يلزم السائل الكلام عليه, بل له أن يسكت عنه, فإن اختار الكشف عن تمويهه, كان متبرعا.

    [26] وعليهما أن ينصفا في حكاية كل واحد منهما كلام صاحبه من غير زيادة ولا نقصان إلا فيما يرجع إلى حذف حشو الكلام وزيادة في الكلام لا يعود بتحصيل في معنى ولا فائدة.

    [27] و لايستحقر أحدهما صاحبه بما يقع له من الخطأ في مذهب أو دلالة أو غير ذلك, فإنه إذا اغتر بخطئه ربما أصاب الخصم فيما لاخروج لمناظره عنه, واستحقار الخصم كاستحقار يسير من النار فإنه ينتشر من يسيرها ما يحترق به كثير من الدنيا.

    [28] والمحافظة على تقوى الله أثناء المناظرة مما يغني المناظر عن كثير من النصيحة ويبلغه إلى أسهل الطرق في الهداية إلى الحق.

    وقد تفع في المناظرة حيل من أحد المتناظرين فيجب التحرز منها, وهذا ما سنتحدث عنه في الحلقة القادمة بحول الله. وسنتكلم بعد ذلك على أقسام السؤال وما يصح من ذلك وكيف ترتيبها.

    --------------------------------------------------------------------------------
    آخر تحرير بواسطة سمير القدوري : 17/11/06 الساعة 10:53.


    سمير القدوري
    عرض الملف الشخصي العام
    إرسال رسالة خاصة إلى سمير القدوري
    البحث عن كل المشاركات بواسطة سمير القدوري

    #2 25/11/06, 19:04
    سمير القدوري تاريخ الانضمام: 12/10/06
    بلد الإقامة: المغرب
    المشاركات: 53

    أقسام السؤال

    --------------------------------------------------------------------------------

    لا يتوصل استدلالا لمعرفة حقيقة إلا بالبحث, وهو قد يكون عن فكر فرد وقد يكون عن تذاكر من اثنين, فإما من معلم إلى متعلم وإما من متناظرين مختلفين باحثين وهذا الوجه من أحسن ما يتوصل به إلى بيان الحقائق لكثرة التقصي فيه.

    - لا بد في أول السؤال عن أي شيء- مما يراد إدراكه بالدلائل- من سؤالات أربعة ولكل واحد منها نوع من الجواب.

    [1] فأولها السؤال بهــــل, فتقول مثلا: هل هذا الشيء موجود أم لا؟, وهل أمر كذا حق أم لا؟

    فلا بد للمجيب(المسؤول) حينئذ من جواب بلا أو نعم.

    -- فإن قال لا أو قال لا أدري سقط السؤال عنه على كل حال.
    وعلى من أراد إلزامه الإقرار بأمر ما أن يبينه له ويثبته لديه, إذ الواجب ألا يصدق أحد بشيء لم يقم عليه دليل وأن يصدق به إذا قام عليه الدليل.
    ويسمى متبرعا كل من أبطل بالبراهين ما أثبته مثبت بلا برهان. إذ المثبت للشيء بلا برهان يكون مدعيا والدعوى ساقطة حتى يصحبها البرهان فيكون مبطلها بالبراهين متبرعا إذ لا يلزمه ذلك.

    -- وإن أجاب المسؤول بنعم -واعتبر السؤال مما يصح سؤاله- نسأله حينئذ بالمرتبة الثانية:

    [2] وهي السؤال: بـــما هــو؟ أي حدد لنا ما ذلك الشيء وبين لنا رسمه أو ما يمكن أن تخبرنا عنه من صفات ذاته الملازمة له.
    فإذا أخبرنا عنه, نسأله بالمرتبة الثالثة:

    [3] وهي السؤال بـ: كـــيـــف؟ أي هذا الذي حققت وجوده كيف حاله أو هيئته.
    فإذا أخبر بما نريد منه سألناه بالمرتبة الرابعة:

    [4] وهي: لِمَ؟ فيقال له: لم كان ما أثبتت كما وصفت؟ وما برهانك على صحة ما ادعيت مما ذكرت؟

    ولا سؤال عليه بعد جوابه عن المرتبة الرابعة إلا أن يدعى عليه التناقض أو النقض ففي هذه المرتبة يقع الاعتراض وطلب الدلائل وإبطالها.

    واعلم أن المسؤول بما؟ وبكيف؟ وبلم؟ مخير في الجواب, يجيب بما أمكنه مما لا يخرج به عن مقتضى السؤال الذي ألقاه عليه السائل, ولكن الازم في السؤال بما؟ أن يخبر سائله بحد(تعريف) الشيء المسؤول عنه أو رسمه, وإذا سئل بكيف هو؟ أن يجيب بأحوال الشيء العامة له ولغيره أو الخاصة له الشائعة في نوعه أو ما يخصه به من غيره هذا إذا كان الشيء المسؤول عنه شخصا.
    وإن سئل بلم؟ أن يجيب بالعلة الموجبة لكون ما أخبر بكونه, ويرسم العلة بما لايشاركها فيه غيرها, وينبغي أن تكون العلة لازمة لما استدل عليه بها.

    فكيف ترتب الأسئلة في المناظرة إذا؟ هذا ما سنبينه في حلقة قادمة بحول الله.


    الأسئلة والجوابات أثناء المناظرة

    --------------------------------------------------------------------------------

    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد.

    أما بعد: تقدم معنا أن السؤال الجدلي على أربعة أضرب وهو كذلك في المناظرة ويقابل كل ضرب منه جواب مخصوص.

    [1] يبدأ السائل مناظرته بعد ذكر الله تعالى والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم, بالسؤال عن المذهب فيقول لمناظره: ما تقول في المسئلة الفلانية؟ يريد بسؤاله هذا التعرف على مذهب المسؤول في المسئلة المعينة.

    فيرد المجيب (المسؤول): أقول فيها كذا.

    [2] ثم ينتقل السائل للسؤال عن الدليل بأن يقول لمناظره: ما دليلك على ما ذكرت؟

    فحينها للمجيب أن يقول: دليلي كذا.

    [3] ثم ينتقل معه السائل إلى السؤال عن وجه الدليل.

    فحينها وجب على المجيب تبيين ذلك.
    وأما السؤال عن وجه الدليل وكيفيته فهو أن ينظر السائل في دليل المجيب فإن كان دليلا غامضا يحتاج إلى بيان وجب السؤال عنه, وإن تجاوزه إلى غيره كان مخطئا لأنه لا يجوز تسليم ذلك إلا بعد أن ينكشف وجه الدليل.

    وإن كان الدليل جليا ظاهرا لم يجز هذا السؤال وكان السائل عنه متعنتا أو جاهلا.



    [4] فإذا انتهى الكلام إلى هذه المرحلة يحق للسائل الاعتراض والطعن في دليل المجيب.

    فإذا فعل ذلك وجب على المجيب أن يبين بطلان اعتراض مناظره وصحة ما ذكره هو من وجه دليله.

    تنبــــيه: لو أن السائل سأل عن حكم مطلق, تعين على المجيب النظر فيما سئل عنه, فإن كان مذهبه موافقا لما سأله عنه نظيره من غير تفصيل, جاز له أن يجعل جوابه مطلقا. وإن كان عند المجيب فيه تفصيل كان مخيرا بين أن يفصل في جوابه وبين أن يقول: هذا مختلف عندي فمنه كذا ومنه كذا فعن أيهما تسأل: فإذا ذكر السائل أحدهما, أجاب خصمه عنه, وإن أطلق الجواب كان مخطئا.

    مثال ذلك من مجال الفقه:
    أن يسأله سائل عن جلد الميتة هل يطهر بالدباغ؟ وعند المسؤول إن جلد الكلب والخنزير وما تولد منهما أو من أحدهما لا يطهر بالدباغ, ويطهر ما عدا ذلك, فيقول للسائل هذا التفصيل, وإن شاء قال له: منه ما يطهر بالدباغ ومنه ما لا يطهر فعن أيهما تسأل؟
    فأما إذا أطلق الجواب وقال: يطهر بالدباغ. فإنه يكون مخطئا بجوابه هذا.

    إذا صح الجواب من جهة المجيب, يقول له السائل: ما الدليل عليه؟

    فإذا ذكر المجيب الدليل, وكان ذلك الدليل مما لا يعتقد السائل صحته, كأن يكون السائل فقيها ظاهريا ويحتج المجيب بالقياس, فيقول السائل: هذا ليس دليلا عندي.
    فجاز للمجيب أن يقول: القياس دليل عندي وأنت مخير بين أن تسلمه لي هنا أو أن تنقل الجدل إلى حجية القياس فأدلل لك على صحته.
    فإن قال الظاهري: لا أسلم لك ما احتججت به ولا أنقل الكلام إلى القياس, كان متعنتا مطالبا لخصمه بما لا يجب عليه.

    بيانه : أن المجيب لا يلزمه أن يثبت مذهبه إلا بما هو دليل عنده, ومن نازعه في دليله, دلل المجيب على صحته وقام بنصرته, فإذا فعل ذلك فقد ارتفع عنه الملام, وإن عدل عن ذلك الدليل الذي نازعه على صحته خصمه إلى دليل غيره لم يكن المجيب بذلك منقطعا في المناظرة لأن انتقاله من الدليل الأول إلى الدليل الثاني إنما هو بسبب عجز السائل عن الاعتراض على ما احتج به, ولأن المجيب لا يلزمه معرفة مذهب السائل لأنه لا تضره مخالفته ولا تنفعه موافقته. وإنما المعول على الدليل.

    ويكفي المسؤول إذا عارضه السائل بما ليس بدليل عند المسؤول أن يرد ذلك الدليل بأن يقول للسائل: هذا مما لا يصح على أصلي, ثم هو مخير بين أن يبين للسائل من أي وجه لا يصح ذلك على أصله وبين أن يرده بمجرد مذهبه.

    وأما السؤال الرابع وهو السؤال على سبيل الاعتراض والقدح في الدليل فإن ذلك يختلف على حسب اختلاف الدليل.


    [/align]
    [align=center][/align]

  5. #20

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    [align=center]الجنة والنار ... لمسات من القران الكريم ... تفسير القران الكريم ... للإخت ميسلووون[/align]
    الملفات المرفقة الملفات المرفقة
    [align=center][/align]

  6. #21

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    [align=center]التربية الوجدانية ... الحب [/align]

    [align=justify]الحب:
    - يستطيع كل فرد أن يصل إلى مرتبة الحب بل ويمتلكه بالفعل فى مختلف علاقاته لكنه مثل أى شىء آخر لابد من تنميته حتى يصل إلى هذه المرتبة "فلا يمكن زراعة بزوره فى أرض جدباء غير خصبة".

    - تعريف الحب:
    الحب هو مشاعر تحقق التقارب والتجاذب والارتياح الداخلى بين البشر، أو الاستمتاع بالتواجد مع طرف آخر. والحب أيضاً يصف مشاعر من العاطفة .. وهو الفعل الذى يتصرف فيه الإنسان عن عمد ولكن باستجابة رقيقة فيها تعاطف تجاه الآخرين (أو طرف واحد آخر).
    وهذه العاطفة متأصلة فى كافة الثقافات، لذا يوصف بأنه أحد السمات البشرية .. أو السمة التى تجعل من الفرد إنسان بشرى، فهناك حب النفس أو العقل - حب العمل - حب الجسد - حب الطبيعة - حب الطعام - حب المال - حب التعلم - حب القوة - الحب الشهوانى - حب الحيوان وتربيته - حب احترام الآخرين. والحب مفهوم تجريدى يُفهم معناه من خلال التجربة وليس من التفسير الشفهى

    - الفرق بين الإعجاب والحب:
    الإعجاب هو المرحلة السابقة على الحب أو تمهيد الحب، وبذلك نجد أن حدوث الحب مرتبط بمرحلتين عندما يكون فى بدايته يسمى "إعجاب" ثم تأتى المرحلة الثانية التى يتحول فيها الإعجاب إلى ما نسميه ونعرفه "بالحب" أو الإعجاب الذى تحيطه العاطفة القوية.
    فالإعجاب يتولد من التعامل المستمر مع الآخرين ومع الأشياء أيضاً التى تحيط بنا، ثم تنمو مشاعر الحب نحو الشخص الذى نعجب به .. وليس من الخطأ أو الإثم فى شىء إذا كان الإنسان منغمساً فى إعجاب أو حب لكن الخطأ يحدث عندما يكون هناك انحراف يشوبهما، وهذا الانحراف يوصف بالتحول من "الآخر" إلى "الذات" والذى يسمى بـ "شهوة الامتلاك الأنانى" أو ببساطة شديدة الأنانية ومن هنا يدق ناقوس الخطأ فى هذه العلاقة البشرية.

    - درجات الحب:
    بما أن الحب مزيج من المشاعر المختلفة مثل الشعور بالأهمية والقبول والتفاهم والتدليل .. الاهتمام بالآخر الاحتياج لغير الذات وأية مشاعر أخرى إيجابية يعيشها طرفان أو أكثر، لذا توجد مشاعر مختلفة للحب لتتناسب مع كل حالة شعورية تنتاب الشخص عندما يمر بتجربته.

    نظرية مثلث الحب: هى التى تزن درجات الحب أو تحددها بمعنى أدق فى العلاقات المتداخلة بين الجنس البشرى وهما ثلاثة مكاييل: الألفة - العاطفة - الالتزام

    أ- الإعجاب أو الصداقة:
    أولى درجات الحب ويحتوى على عنصر واحد من مثلث الحب الألفة وليس معنى ذلك أنه شىء تافه أو غير مهم، بل هو الذى يؤدى إلى الحب. والألفة أو التقارب تكون أقرب فى تشبيهها بالصداقة الحقيقية والتى يشعر فيها الفرد بنوع من الرباط والدفء والاقتراب من شخص آخر .. لكن لا توجد عاطفة حادة أو التزام على المدى الطويل.

    ب- الافتتان:
    ويتكون من العاطفة فقط وهو ما يطلق عليه "الحب من أول نظرة" لكن بدون تقارب أو التزام ومن الممكن أن يختفى فجأة.

    ج- الحب الأجوف:
    لا يوجد فيه التقارب أو العاطفة لكن الالتزام فقط. وقد يتحول الحب القوى أحياناً (أى يتدهور) إلى هذا النوع الأجوف، ويتمثل هذا النوع فى الزيجات المرتبة حيث تبدأ العلاقة بالالتزام ولكن لا يشترط استمراره بهذا الشكل.

    د- الحب الرومانسى:
    وهنا تندمج الألفة والعاطفة بشكل قوى (أى يحدث ارتباط عاطفى) كما فى مرحلة الإعجاب وارتباط جسدى أثناء الرغبة الجنسية بين الطرفين.

    هـ- الحب الرفاقى:
    هو ألفة والتزام، هذا النوع من الحب يوجد فى الزيجات التى انقضى عليها عمر، حيث لا تكون هناك عاطفة بالمعنى المتعارف عليه وإنما تتحول إلى تعلق قوى بالطرف الآخر وكالعلاقة التى توجد بين الأصدقاء وبين أفراد العائلة الواحدة.

    و- الحب الأحمق:
    فيه عاطفة أو التزام لكن لا تقارب أو ألفة ويتمثل فى الزواج الذى يكون فيه الالتزام مُحفز بقدر كبير من العاطفة بدون وجود تأثير ثابت من الألفة.

    ز- الحب الاحتوائى (الاستهلاكى):
    يجمع بين العناصر الثلاث فى مثلث الحب، وهو أكثر أنواع الحب اكتمالاً ويمثل العلاقة المثالية التى يناضل الأشخاص من أجل الوصول إليها .. والقليل الذى يصل. المحافظة على هذا النوع من الحب أصعب من تحقيقه، ولابد من التعبير عنه لأنه من الممكن أن يتعرض للفناء أيضاً.

    - التغيرات الفسيولوجية (الكيميائية) التى تحدث فى الجسد:
    - الطاقة المتدفقة فى الجسم.
    - اتساع حدقتى العين.
    - ازدياد خفقان القلب.
    - احمرار الوجه والصدر.
    - زيادة إفراز العرق.
    - زيادة إفرازات الغدد الزيتية للشعر مما يجعله أكثر لمعاناً.
    - الرغبة فى اتباع عادات غذائية صحية والمحافظة على الوزن الملائم.
    - سهولة الاقتناع بالبعد عن العادات السيئة مثل التدخين.

    - من أين ينشأ الحب عند الإنسان؟
    آليات التجاذب الرومانسى تختلف وتتميزعن آليات التجاذب الجنسى عند البشر، لكنهما يشتركان فى العاطفة والانجذاب من طرف لآخر .. وليس كما يظن البعض أن القلب هو مركز الحب، فالقلب هو مجرد عضو يتأثر بإشارات المخ العصبية التى يرسلها له بالإضافة إلى الهرمونات التى توجد فيه.
    فالمخ هو مركز الحب، وقد لوحظ فى إحدى الدراسات التى قام بها الباحث البريطانى "بارتلز" على 17 رجلاً وإمرأة فى حالة حب وعرض عليهم صورتان مرة صورة الحبيب والمرة الأخرى صورة صديق، ومن خلال الفحص للدماغ بالرنين المغناطيسى عند العرض لكل صورة - أن هناك تدفق دموى غزير غنى بالأكسجين إلى المناطق المسئولة عن المشاعر الإيجابية .. وتدفق بسيط عند النظر إلى صورة الصديق.
    وربط العلماء أن الحالات الشعورية الرومانسية بإفراز مادتى "الدوبامين" و"نوريبينفرين" والتى تظهر آثارهما فى التلذذ بتفاصيل هذه العلاقة الجديدة.

    - المشاعر المختلفة والمرتبطة بالحب:
    هذه المشاعر تختلف عن الحب، لكن من الممكن أن يمر بها الشخص قبل أو أثناء أو بعد معايشته للحالة الشعورية ألا وهى الحب، ولا يتم وصف العلاقة بين الحب وهذه المشاعر لكنها تعريفات مبسطة جداً لكى نفهم الفروقات بينها.

    1- القبول: القبول يوصف من خلال هذه المقولة "الحياة معاناة، أدعو البشر لقبول هذه المعاناة لفهمها والتى هى جزء من الحياة". ولفهم القبول تأتى الكلمة المضادة له المقاومة، فالقبول تجربة الموقف بدون وجود أية نية لتغييره.

    2- السعادة: هى الحالة الشعورية التى يشعر فيها الفرد بالمتعة والاستمتاع، والسعادة هى مزيج من الفرح والانبساط والحب. وفكرة السعادة لا ترتبط بحد معين وإنما ترتبط بالنجاح فى الحياة.

    3- الغضب: شعور عدائى كاستجابة لضغط عصبى ما، أو نوع من التحفيز على الاستجابة المضادة والتى قد تؤدى إلى العنف وهو أقصى درجات الغضب. وأنماط الغضب المتوسطة تتمثل فى عدم التذوق أو عدم الاستمتاع أو الاستثارة، ويعتبر الغضب العنصر الشعورى المسيطر فى الاستجابة المتزايدة للتهديد حيث تفرز مادتى الكورتيزول والأدرينالين بنسب عالية، مما ينعكس بدوره على السلوك بازدياد حالة الضغط العصبى والميل إلى العدوان.
    وقد يشعرالإنسان بالغضب لأربعة أسباب: الأول من خلال تهديدات مدركة مثل الصراع، والثانى من خلال مفاهيم مجردة مثل الظلم، والثالث هو تعرض الإنسان لحالات جسدية مثل الإرهاق أو الجوع أو الإحباط الجنسى أو استخدام أدوية بعينها والسبب الرابع التغيرات الهرمونية مثل الولادة وسن انقطاع الطمث.
    وتوجد فائدتان للغضب: توفير الحماية الذاتية للنفس والأخرى التحرر من الضغوط التى يتعرض لها الإنسان فى المواقف المختلفة.

    4- التوقع: امتزاج مشاعر من السعادة والاستثارة عند انتظار حدث ما.

    5- الملل أو الضجر: المعاناة من الافتقار إلى الأشياء المحببة للإنسان سواء عند رؤيتها .. سماعها أو فعلها. أو يكون الإنسان فى حالة اللاعمل المزاجية، وقد تتعدد الأسباب لحدوث الملل مثل وجود مساحات كبيرة من أوقات الفراغ أو قد يأتى مصاحباُ لأمراض نفسية مثل الاكتئاب أو أمراض جسدية.

    6- الاشمئزاز: ينقسم إلى اشمئزاز جسدى ويفسر بعد النظافة الملموسة، واشمئزاز أخلاقى وهنا يتصل بحالة شعورية تجاه تصرفات معينة.

    7- الحسد: يكون بين الأشخاص وليس الأشياء، ويترجم بالرغبة لامتلاك سمات وقدرات شخص وكل ما هو يكون متصل بالصفات الحميدة.

    8- الخوف: الشعور بوجود خطر، كما يوصف بالكره وحالة من عدم الحب لأشياء مثل الخوف من الظلام أو الخوف من الأشباح.

    9- الإثم: الإثم أو الشعور بالذنب هما مرادفان لبعضهما البعض، مشاعر تنتاب الفرد تجاه أفكار أو تصرفات خاطئة من الناحية الأخلاقية أو يُظن أنها كذلك. ويعانى الإنسان عند الشعور بالإثم بصراع داخلى لفعل شىء كان لا ينبغى فعله (كما فى اعتقاده) أو كما وصفه "فرويد" الصراع بين الأنا (المتمثلة فى الرغبات الغريزية) وبين الأنا العليا، وهذا الشعور الذى يتولد عند الإنسان يكون الوازع فيه الضمير.

    10- الأمل: الإيمان بإمكانية الوصول لنتائج إيجابية تتصل بالأحداث التى يعيشها الفرد فى حياته حتى وإن كانت هناك دلائل تثبت سلبية هذه النتائج. ويتصل بالملل مصطلحات أخرى عديدة لكنها مختلفة فى نفس الوقت:
    أ- الإيمان:
    الإيمان يختلف عن الأمل أن الكلمة الأولى لها دلالة دينية أما الأخرى فلها دلالة شعورية.
    ب- التفاؤل:
    وجهة نظر إيجابية على المستوى الإدراكى والعقلى، أما الأمل فيشير إلى الإيمان الإيجابى على المستوى الشعورى. والتفاؤل يكون عقلانى يستند على الحقائق أم الأمل فيفتقر إلى الاتصال بالواقع.
    ج- الأمل الكاذب:
    هو الذى ينصب على الفانتازيا (كل ما هو خيالى فى تحقيقه) أو مستحيل تحققه.
    د- التفكير الإيجابى:
    هو نوع من الخطوات العلاجية تستخدم فى علم النفس من أجل عكس مفهوم التشاؤم.

    11- الندم: شعور الشخص بالحزن، بالإثم أو بالخزى، ويأتى هذا الشعور بعد قيام الشخص بعمل ثم يتمنى فيما بعد عدم فعله.

    12- الإحباط: يتصل بالحالة المزاجية للفرد ويختلف عن التشخيص الطبى للاكتئاب، ويميل الشخص المحبط إلى الحزن لمدة تقل عن الأسبوعين، وتكون السمات الغالبة الشعور بالأسى، الضياع، التحول الاجتماعى. ومن دوافع هذا الإحساس تغيير المسكن، الزواج، الانفصال، الطلاق، فشل علاقة بعينها، فقد وظيفة، التخرج ... الخ.

    13- المعاناة: تتصل بالألم وعدم السعادة، وأى حالة شعورية تتحول بالسلب توصف بالمعاناة وقد يكون الألم نفسى أو جسدى عندما يصاب الإنسان بمرض.

    14 المفاجأة: الشعور بحدوث شيئاً غير متوقع.

    15- الكراهية: الرغبات المحتشدة من العداوة، عدم التذوق، تجنب شخص أو شىء، الإحساس بالرغبة فى التخلص من شىء. وقد تُبنى خبرات الكراهية سواء للخوف من شىء أو التعرض للظلم خبرة سلبية عند التعامل، وهذه الكلمة هى تضاد لكلمة الحب التى تمتلك كل هذه المشاعر.

    - فهم الحب:
    إذا فهم الشخص ماهية الحب والعلاقات وكيفية توظيفهم، فبوسع أى فرد أن يستفيد من سيكولوجية الحب وأن يحولها إلى علاقة .. وهذه العلاقة بدورها تتحول إلى علاقة ناجحة لأنه مزيج من الأحاسيس الرائعة والمتعددة. وهذه الحالة الشعورية قد "تعترض وتحتج" إذا كان الشخص لا يعرف ما يفعله أو بمعنى آخر لا يفهمه أو عندما يلجأ الفرد بالسؤال المتكرر عن ما هى نصائح الحب التى يريد أن يقدموها له.

    - كيفية الوصول لأسطورة الحب الحقيقى:
    "إظهار الاهتمام فعلاً وليس قولاً"
    الاهتمام ثم الاهتمام .. ثم الاهتمام يقع على قائمة الأولويات والمتطلبات، وإظهار الحب بأفعال غير قوله بكلمات. فالأول مطلوب أما الآخر فغير مرغوب سواء شفاهة أو كتابياً فى التصريح، لأن التصريح بالحب قد يضع ضغوطاً على الشخص لأنه لا يعلم ما الذى يريده فى المستقبل أو حتى إذا كان يعرف فهو يضع لنفسه عبء التنفيذ.. أما الطرف الآخر فسيشعر بالالتزام الذى يتطلب منه مبادلة نفس المشاعر وبالتالى شعور بتقيد فى الحرية والنتيجة النهائية عدم الانجذاب للطرف الآخر، لأن تركيبة الجنس البشرى تميل إلى المواقف التى تحقق لها السعادة والمتعة وليس الضغوط. كما أن عنصر الاقتناع لا يأتى مع الشعور بالالتزام المفروض، والإحساس بالحب عندما يحدث (متمثلاً فى التصرفات) سيكون هناك رد فعل تلقائى من حب الطرف الآخر.

    - كيف تجذب الطرف الآخر لك:
    وتعتبر من خطوات فهم الحب، وبوصفنا بشر أو كائنات حية فقد يتملكنا الإحباط لعدم النجاح فى توطيد علاقاتنا بالآخرين أو كسب قلوبهم وكل ما يتطلبه الشخص هو معرفة كيفية تحفيز القلب البشرى مع التصرف بشىء من الهدوء والصبر أيضاً.
    أ- التواكل الإيجابى: الحب هو نوع من أنواع التواكل الإيجابى فإذا أردت كسب حب شخص تربطك به علاقة زواج وحب، علاقة صداقة، أو أياً من أنواع العلاقات المتعددة والتى تمتد داخل إطار العلاقات الأسرية أيضاً .. فلابد من تلبية الاحتياجات الشعورية للطرف الآخر بالاعتماد عليك. وهذا يتطلب منك مئات الساعات من الإنصات عندما يتحدث الطرف الآخر لك فى حين أنك تلتزم الصمت من جانبك عند الاستماع معظم الوقت.
    ب- الصورة الإيجابية للشخصية: الشخص الجذاب هو الذى تتكون له صورة إيجابية فى نظر الآخرين لثقته بنفسه، لذا فإن مقاومة مشاعر عدم ثبات النفس وتذبذبها هى من مقومات انجذاب الأشخاص لك
    ج- البحث فى أسباب فشل العلاقات المختلفة.

    - أساسيات فى نجاح الحب فى العلاقات:
    - الاستمتاع بصحبة الطرف الآخر والتعايش معه.
    - الحوار، وطالماوُجد الحوار فكل شىء ممكن التغلب عليه إذا كان يمثل مشكلة أو رغبة يُراد الوصول إليها.
    - عدم التفكير فى مدة استمرار هذه العلاقة.
    - الفهم الصحيح للعلاقة، فمن المُحال تغيير الشخصيات لكن الأصح فهم كل طرف للآخر كلما زاد الاقتراب.
    - الإظهار الدائم للحب بمرور الوقت مثل الاحتفال بمناسبة مختلفة.
    - تأييد مشاعر شريكك، الإنصات فى أى علاقة من العلاقات هام للغاية حتى وإن كان رأيك لايوافق ما تم قوله لك أو سماعك إياه.
    - الصداقة لأى ولكل علاقة حيوية للغاية بل هى أساسها، فمع الصداقة تُنّمَى الثقة والاحترام ومن ثِّم يتولد الإعجاب، وبمجرد أن يتحقق الإعجاب يتواجد الحب الذى هو امتداد للصداقة.
    - التواجد عند الاحتياج.
    - احترام الاختلاف فى وجهات النظر، لا تتوقع من الطرف الآخر أن يفكر أو يصدر تصرفات كما تفعل أنت، فالأشخاص مختلفة فى نشأتها وفى طباعها وفى الطريقة التى يفكرون بها .. فاحترام الاختلاف فى وجهات النظر يحل المواقف الصعبة.
    - تجنب الكذب، فإذا كان بهدف نبيل كتجنب إغضاب الطرف الآخر أو تزعزع العلاقة بينكما، فالكذب هو الذى يؤدى إلى تزعزع العلاقة وفقدها.
    - ملاحظة التعامل مع الأبوين، فشريكك سوف يعاملك بنفس الطريقة التى يعامل بها أبويه .. فإذا كان الاحترام هو السمة الغالبة فستحظى أنت أيضاً بهذه السمة أما إذا كانت بالسلب فسينعكس ذلك عليك أيضاً.
    - العاطفة، هى الأساس الأول لنجاح علاقات الحب المختلفة الفرعية التى تتواجد فى إطار العلاقة الواحدة مثل: القرب - الاتصال - الجنس ... الخ، وهذه العلاقات الفرعية تنمى غريزة الاحتياج (احتياج كل طرف للآخر) فإذا توافر المال والصحبة والصداقة والمنزل والوظيفة المرموقة فى علاقة زواج على سبيل المثال بدون العاطفة فكل ذلك لن يُجدى]


    الحب الصادق
    ان حاجتنا الى الحب الصادق,, ضرورة لا يستطيع اثنان الاختلاف على مدى واقعيتها وفاعلية الاحساس بها بين البشر,, لذا نجد عواطفنا تجسد لنا كثيراً من المواقف والتي قد يكون في مواجهتها اصرارنا على احترام من نحبهم,, في جميع سلوكياتهم الايجابية والسلبية,,,!!
    ولعل عواطفنا هذه ايضاً ورغم اختلاف المواقف التي قد نتعرض لها تجعلنا نجمع بين معايير الاشياء على اعتبار اننا بحاجة الى الحنان والدفء والحب حتى لو كان من خلال اشياء نحتفظ بها,
    اننا كبشر جبلنا على حب من أحسن الينا وكره من اساء الينا ايضاً ومع ذلك,, نجد بعضنا بدافع الحب يتحولون الى انقاض,, عندما تفاجئهم الاقدار بالحياة بين مخالب القسوة والظلم لان الحب,, لديهم دافع للتماسك والصبر,, وبعضنا نجد الحب لديهم احساس يرتبط بقشور الاشياء,, ربما اننا هنا نستطيع الحديث عن الحب الصادق في كلمات محددة,, لانك بقدر ما تحب,, بقدر ما تتحمل,, وربما انت تحب ولكنك تنهزم في مواجهة ظلم من تحب!!
    ولذلك سنجد انفسنا ضمن خليط من العواطف وخليط من دوافع الحب,, فحب الوالدية,, دافعها الحنو,, وهذا الحنو قد يتحول الى احساس شديد بمن هم اقرب الناس الينا,, بمعنى ان الابوة والامومة عاطفة تبحر نحو شواطىء بعيدة لا تستطيع اي عاطفة اخرى اللحاق بها,,!!
    وبقدر هذه العاطفة,, يكون ردة فعل الابناء والبنات الا انني هنا امام عاطفة عذبة,, لزهرة من زهرات هذا الوطن الغالي زهرة اسمها جمعة الزهراني استوقفتني بجمال زيها التراثي في ركن التراث لمعرض مركز التدريب المهني الثاني حيث كانت ترتدي زياً شعبياً وحلياً لوالدتها المتوفية والاجمل انها تحتفظ بالحلي كصلة تربطها بوالدتها التي فارقت الحياة منذ نعومة اظافرها فلم ترفل بهناء العيش بين احضانها ومع ذلك ارتبط حبها لوالدتها بحب ما تبقى من اشيائها الخاصة فما اجمل هذا الترابط العاطفي والانسجام بين زينة الاجيال لحلي الباحة وقد كتب على بعضه ملبوس العافية ما اجمل ما تحاوله هذه الفتاة وهي ابنة هذا العصر من العودة الى تراث الجدات وايضاً لبس حلي والدتها التي تشعرها بالحنان والدفء والحب من خلال اشيائها الخاصة,
    ما اجمل اصرارها على حفظ ممتلكات والدتها,, في زمن البنوك التي تحفظ الاموال,, والذهب والمجوهرات,,!!
    لذا اعتصرني شعور غريب في خضم احداث المعرض لمست حنان حديث هذه الطالبة عن ممتلكات والدتها التي جمعتها جدتها لوالدها ثم عاشت تتأمل هذه الحلي وتتخيل والدتها وهي ترتديها في نحرها,, وخصرها ومعصمها,,
    فالحب الصادق,, من الام واليها حب,, له معايير نفسية واجتماعية حب متدفق بين عروق الحياة,, حب لا يخالطه زيف او خداع,,! حب يكن خالص التقدير والاحترام لمن ذكرت في القرآن الكريم بأنها تحمل وتضع كرهاً وتجاهد في التربية فليس كثيراً على جمعة ان تحب والدتها وتحفظ قطع حليها,,!


    المحبة وآثرها على الناس

    عند الحديث عن المحبة يتبادر الى ذهن القارئ او السامع عشق جنس لجنسه الآخر، وهيام الكلف بذات محبوبه غير ان ضروب المحبة شتى، ومهما كانت انواع المحبة فهي قد لا تخرج عن واحد من اثنين او خليط منهما اولها ان تكون المحبة خالصة حتى وان كانت من احد الطرفين المتحابين، والثانية محبة تجلب مصلحة، حتى وان كانت لأحد الطرفين على حساب الآخر, والمحبة من الضرب الثاني من انواع المحبة التي تدخل ضمن صنوف النفاق وان لم تكن كلها كذلك.
    وهي صفة تغلب على المجتمعات التي تبنى علائقها على العاطفة دون المصلحة، فيستغل احد الطرفين عاطفة الآخر ليظهر له المحبة التي لا تعدو كونها وسيلة وصول لا غاية في حد ذاتها، اما المجتمعات التي تؤثر اظهار تغليب المصلحة في العلائق، فتكون محبتها محبة مصلحة ظاهرة، يعرف كلا الطرفين حدود المحبة وغايتها فيسهل عليهما تبادل المحبة في ظل سريان المصلحة لتزول بزوالها عند انتفاء الغرض منها مع علم المتحابين، ولا أراني قادراً على ان ابرح هذه السطور دون الافادة بما كتبه ابن حزم في كتابه المشهور (طوق الحمامة) الذي قد تمت ترجمته الى عدد من اللغات العالمية مثل الاسبانية، والانجليزية، والفرنسية، والروسية، والايطالية، وغيرها كما وانه غفر الله له، قد اعطى الموضوع حقه بقدرة فائقة، كما ان من قاموا بدراسة افكاره مثل الدكتور احسان عباس، والشيخ ابي عبدالرحمن بن عقيل، قد زادوا بذلك ايضاحا وابانة.
    وقد قال ان المحبة ضروب: فأفضلها محبة المتحابين في الله عز وجل، اما الاجتهاد في العمل، واما الاتفاق في اصل النحلة والمذهب، واما لفضل يمنحه الانسان، ومحبة القرابة ومحبة الألفة والاشتراك في المطالب، ومحبة التصاحب والمعرفة، ومحبة البر يضعه المرء عند اخيه، ومحبة الطمع في جاه المحبوب، ومحبة المتحابين لسر يجتمعان عليه يلزمهما ستره، ومحبة بلوغ اللذة وقضاء الوطر.
    ومحبة العشق التي لا علة لها الا باتصال النفوس (ثم قال غفر الله له) وكل هذه الاجناس منقضية مع انقضاء عللها، زائدة بزيادتها، وناقصة بنقصانها، متأكدة بدنوها، فاترة ببعدها، حاشا محبة العشق الصحيح الممكن من النفس فهي التي لا فناء لها الا بالموت (ثم قال غفر الله له) ونفس المحب متخلصة عالمة بمكان ما كان يشركها في المجاورة، طالبة له، قاصدة اليه، باحثة عنه، مشتهية لملاقاته، جاذبة له لو امكنها، كالمغنطيس والحديد، فقوة جوهر المغنطيس المتصلة بقوة جوهر الحديد لم تبلغ من تحكمها، ولا من تصفيتها ان تقصد الى الحديد على انه من شكلها وعنصرها, كما ان قوة الحديد لشدتها تصدت الى شكلها وانجذبت نحوه، اذ الحركة انما تكون دائما من الاقوى .
    كما تحدث رحمه الله عن علامات الحب، ومن احب في النوم، ومن احب بالوصف، ومن احب من نظرة واحدة، ومن لا يحب الا مع المطاولة، كما تحدث عن المحبة بالاشارة بالعين، والمراسلة والسفير، وطي السر، والاذاعة، والطاعة، والمخالفة وغيرها كثير.
    ومهما يكن من امر فان ضروب المحبة المختلفة تجعل المحبين اكثر اقترابا لبعضهم من غيرهم، كما ان المحبة تولد المصلحة مهما كان نوع المصلحة، ولأي طرف رجحت.


    الحب حلال أم حرام


    يقول الله سبحانه: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فاتَّبِعونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنوبَكُمْ) (سورة آل عمران : 31) ويقول النبيُّ ـ صلّى الله عليه وسلم ـ فيما رواه أصحاب السنن عن حبِّه لعائشة ـ رضي الله عنها ـ "اللهم هذا قَسْمي فيما أملِك، فلا تلُمني فيما تملِك ولا أملِك" ويقول فيما رواه مالك في الموطأ "قال الله تعالى: وَجبَتْ مَحبَّتِي للمتحابِّين فيَّ، والمُتجاِلِسين فيَّ، والُمتزاورين فيّ" ويقول فيما رواه مسلم "الأرواح جنود مجنّدة، ما تعارَف منها ائتَلفَ".
    الحبُّ في دنيا الناس تعلُّق قلبي يُحِس معه المحبُّ لذة وراحة، وهو غذاء للرّوح، وشبَع للغَريزة، ورِيٌّ للعاطفة، أفرده بالتأليف كثير من العلماء الأجلاء.
    ومن جهة حكمه فإنه يُعطَى حكم ما تعلَّق به القلب في موضوعه والغرض منه، فمنه حبُّ الصالِحين، وحبّ الوالد لأولاده، وحبّ الزوجين، وحب الأصدقاء ، وحبّ الولد لوالديه، والطالب لمُعلِّمه، وحبّ الطبيعة والمناظر الخَلاّبة والأصوات الحسنة، وكل شيء جميل.
    ومن هنا قال العلماء: قد يكون الحب واجبًا، كحب الله ورسوله، وقد يكون مندوبًا كحب الصالحين، وقد يكون حرامًا كحب الخمر والجنس المحرّم.
    وأكثر ما يسأل الناس عنه هو الحب بين الجنسين، وبخاصّة بين الشباب، فقد يكون حُبًّا قلبيًا أي عاطفيًّا، وقد يكون حبًّا شهويًّا جِنسيًا، والفرق بينهما دقيق، وقد يتلازَمان، ومهما يكن من شيء فإن الحب بنوعيه قد يُولَد سريعًا من نظرة عابرة، بل قد يكون متولدًا من فكر أو ذكر على الغيب دون مشاهدة، وهنا قد يزول وقد يبقَى ويشتد إن تَكرَّر أو طال السبب المولِّد له. وقد يولَد الحب بعد تكَرُّر سببه أو طول أمده، وهذا ما يَظهر فيه فعل الإنسان وقَصده واختياره.
    ومن هنا لابدّ من معرفة السّبب المولِّد للحُبِّ، فإن كان من النوع الأول الحادث من نظر الفجأة أو الخاطِر وحديث النفس العابر، فهو أمر لا تسْلَم منه الطبيعة البشرية، وقد يدخل تحت الاضطرار فلا يحكَم عليه بحلٍّ ولا حرمة.
    وإن كان من النوع الثاني الذي تكرّر سببه أو طالت مدّته فهو حرام بسبب حرمة السبب المؤدِّي له. وإذا تمكَّن الحب من القلب بسبب اضطر إليه، فإن أدَّى إلى محرّم كخلوة بأجنبيّة أو مصافَحة أو كلام مُثير أو انشغال عن واجب كان حرامًا، وإن خلا من ذلك فلا حُرمة فيه.
    والحبُّ الذي يتولَّد من طول فكر أو على الغيب عند الاستغراق في تقويم صفات المحبوب إن أدَّى إلى محرَّم كان حرامًا، وإلا كان حلالاً، وما تولّد عن نظرة متعمّدة أو محادثة أو ما أشبه ذلك من الممنوعات فهو غالبًا يُسلم إلى محرّمات مُتلاحقة، وبالتالي يكون حَرامًا فوق أن سببه محرّم.
    وعلى كل حال فأحذِّر الشّباب من الجِنسين أن يورِّطوا أنفسهم في الوقوع في خِضَم العواطف والشهوات الجنسيّة، فإن بحر الحب عميق متلاطِم الأمواج شديد المخاطِر، لا يسلَم منه إلا قوي شديد بعقله وخُلقه ودينه، وقلَّ من وقَع في أسْره أن يفلتَ منه، والعوامل التي تفكّ أسره تضعف كثيرًا أمام جبروت العاطفة المشبوبة والشهوة الجامِحة.
    وبهذه المناسبة طرح هذا السؤال: أنا فتاة من أسرة متديِّنة، ولكن شعرت بقلبي يُشَدُّ إلى شابٍّ توسمت فيه كلّ خير، ولا أدري إن كان يشعر نحوي بما أشعر به، فهل هذا الحبُّ يَتنافَى مع الدِّين؟
    إن الحبَّ إذا لم يتعدّ دائرة الإعجاب ولم تكن معه محرّمات فصاحبه معذور، ولكن إذا تطوّر وتخطَّى الحدود فهنا يكون الحظر والمنع. وإذا كان للفَتاة أن تُحِبّ مَن يُبادلها ذلك والتزمت الحُدود الشرعيّة فقد ينتهي نهاية سعيدة بالزواج، وإذا كان للزوجة أن تحب فليكن حبُّها لزوجها وأولادها، إلى جانب حبها لأهلها، لكن لا يجوز أن يتعلّق قلبها بشخص أجنبي غير زوجها، تعلُّقًا يُثير الغريزة، فقد يؤدِّي إلى النفور من الزوج والسّعي إلى التفلُّت من سلطانه بطريق مشروع أو غير مشروع، والطريق المشروع هو الطّلاق مع التضحية بما لها من حقوق، وهو ما يسمّى بالخُلع، فقد جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس ـ وهي حبيبة بنت سهل أو جميلة بنت سلول ـ إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تقول له: إن زوجها لا تَعيب عليه في خُلق ولا دين، ولكنها تكره الكفر في الإسلام؛ لأنّها لا تُحبّه لدَمامته، وقد جاء في بعض الروايات أنها رأته في جماعة من الناس، فإذا هو أشدُّهم سوادًا، وأقصرهم قامة، وأقبحُهم وجهًا، فردَّت إليه الحديقة التي دفعها إليها مهرًا وطلَّقها. رواه البخاري وغيره.
    أما أن تستجيب الزّوجة إلى صَوت قلبها وغَريزتها عن غير هذا الطّريق، فهو الخِيانة الكبرى التي جعل الإسلام عقوبتها الإعدام في أشنع صوره، وهي الرّجم بالحجارة حتى تموتَ.
    فلتتّقِ الله الزّوجةُ، ولا تترك قلبها يتعلق بغير زوجها تعلقًا عاطِفيًّا، ولتحذر أن تذكر اسم مَن تُحبُّ أو تتحدّث عنه، أو تُظهر لزوجِها أي ميل نحوه، حتى لو كان الميل إعجابًا بخلق، فإن الزوج يَغار أن يكون في حياة زوجتِه إنسان آخر مهما كان شأنه، والله ـ سبحانه ـ جعل من صفات الحور العين، لتكمل متعة الرّجال بهِنّ، عدم التطلُّع إلى غير أزواجهن فقال فيهن: "فِيهِنّ قاصِراتُ الطّرْفِ لم يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهُمْ ولاَ جَانٌّ" (سورة الرحمن : 56) وقال تعالى: (حُورٌ مَقْصوراتٌ في الخِيام" (سورة الرحمن : 77) وذلك لتحقُّق الزوجة قول الله تعالى: (ومِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدّةً ورَحْمةً ) (سورة الروم : 21).
    وأنتهز هذه الفُرصة وأقول للفَتاة غير المتزوِّجة، إذا رَبطتْ عَلاقة الحُبِّ بين فتى وفتاة واتّفقا على الزّواج ينبغي أن يكون ذلك بعلم أولياء الأمور؛ لأنهم يعرفون مصلحتهما أكثر، ولأن الفتى والفتاة تدفعهما العاطفة الجارِفة دون تعقُّل أو رَوِيّة، أو نظر بعيد إلى الآثار المترتِّبة على ذلك، فلابد من مساعدة أهل الطرفين، للاطْمئنان على المَصير وتقديم النُّصح اللازِم، مع التّنبيه إلى التزام كل الآدابِ الشرعيّة حتى يَتمَّ العقد، فربّما لا تكون النهاية زواجًا فتكون الشائعات والاتِّهامات.
    والدّين لا يوافِق على حُبِّ لا تلتزم فيه الحدود.


    المصدر http://www.islamonline.net/servlet/S...=1122528606994


    الحب وأثره في النفوس


    إن ديننا الإسلامي يركز على الجوهر مع عدم إهمال الشكل في أي شيء حتى في اللباس، فالإسلام أوصى بستر العورة والتزين والتجمل باللباس، ومع حرصه على الشكل، ركز ولفت النظر إلى الجوهر فقال تعالى: {ولباس التقوى ذلك خير}.

    أما الحضارة الغربية اليوم فإنها تركز على الشكل في كل شيء في اللباس والمكياج والزينة والديكور وشمل ذلك حتى العلاقات الإنسانية، فهي حضارة مزيفة ويسوّقون هذه الأفكار على مستوى العالم، حتى شمل ذلك «الحب» على الرغم من أنه خلق قلبي، الأصل فيه الجوهر لا المظهر، ولكنهم لا يفرقون في ذلك حتى جعلوا له عيداً سموه «عيد الحب» (سان فالنتين) وفلسفته أن يتذكر العشاق بعضهم بعضاً من خلال هدية تهدى من أحدهم للآخر وردة أو بطاقة بريدية أو أي شيء آخر، وقد كشفت الإحصاءات أن الأمير كيين أنفقوا (2.6 مليار دولار) على شراء الهدايا عام 2000 ميلادية في يوم عيد الحب، حتى ابتكرت بعض الجهات والشركات مناسبات في هذا اليوم تعبر عن الحب منها (شركة فايزر لصناعة الأدوية) حملة دعائية عن (الفياجرا) وكيف أنه يزيد الحب، وأعلنت «الجمعية الأمير كية للحياة البرية» على الخط الرومانسي الساخن عشرة مواقع طبيعية بأمريكا يمكن للعشيقين أن يطلقوا شرارة الحب من جديد عند الزيارة الأولى للموقع، كما:
    حقق حبيبان سابقان كانا يعشقان بعضهما منذ الطفولة، هما كانت روز (28 عاماً) ودارين ويلسون (21 عاماً) حلمهما في نيل هدية عيد الحب أمس الأول.. بعد فوزهما بالطلاق في مسابقة أجرتها إحدى الإذاعات المحلية في مدينة مانشستر ببريطانيا، وسيكون في مقدور الزوجين الفكاك من قيد الزواج بعد فوز قصتهما عن الأسباب التي جعلتهما يريدان الانفصال، بمعظم الأصوات في مسابقة قصص مستمدة من الحياة أجرتها إذاعة مستقلة في مانشستر.
    وبينما ذكرت روز أن أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى فشل الزواج من وجهة نظرها كان عادة زوجها المتمثلة في دأبه على عدم تغطية مقعد التواليت بعد استخدامه. قال الزوج: إنه بات يشعر بالنفور من زوجته إلى حد لا يطيق معه سماعها وهي تتنفس.
    وبمجرد إتمام إجراءات الانفصال سوف تمنح الإذاعة كلاً منهما تذكرة مجانية لقضاء «شهر عسل طلاق» كل مع شريكه الجديد، وقال كل منهما أنهما يريدان الذهاب إلى المكسيك، وإن كان إلى جهات مختلفة من البلاد.
    بمثل هذه المظاهر يعبرون عن حبهم، وهو مفتعل ولهذا جعلوا لهم عيداً، فالحضارة الغربية أعيادها تؤسس على أزمات ومشاكل (فعيد العمال) جاءت فكرته من ظلم العمال و(عيد الأم)، جاءت فكرته من ظلم الأم وعدم تقديرها، وكذلك (عيد الحب)، أرادوا أن يحيوا الحب الحقيقي في نفوس أبنائهم وأجيالهم، وأذكر أنني جلست مرة مع عائلة أمريكية، كان الوالدان يتحدثان عن الحب الزائف في الأجيال الصاعدة، وأن الحب الحقيقي هو ما عاشه الوالدان في زمانهم.
    أما نحن المسلمين فأعيادنا انبثقت من فرح وانتصار (فعيد الفطر) فرح المسلم بطاعته التي أداها من صيام وصلاة وقيام وذكر لله، (وعيد الأضحى) فرح المسلم بنجاة إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام وفرحه بعطايا الفقراء والمساكين.
    فهناك فرق جوهري بين أعيادنا وأعيادهم ولهذا فإننا لا نحتاج لأن يكون الحب عيداً عندنا، لأن حياتنا قائمة على الحب بدءاً من حبنا لله تعالى ورسوله ( والأنبياء والصحابة والصالحين.. وحبنا ديننا وحب أهلنا ووالدينا وأبنائنا وزوجاتنا وأنفسنا، فديننا دين الحب وأول عمل عمله نبينا محمد ) عند تأسيس الدولة في المدينة أنه وثق علاقة حب الإنسان بربه والناس، فالحب الأول للرب تمثل في بناء المساجد، والحب الثاني تمثل في المؤاخاة بين الأوس والخزرج.

    وإني أتساءل عن زماننا لماذا كثرت فيه الخيانة الزوجية والمعاكسات الهاتفية وخيانة المشاعر؟!
    لأن الحب أصبح غير حقيقي ومزيفاً، وحب الأفلام والسينما هو المسيطر على العقول من خلال روايات الأدب المنشورة، والتي يتربى عليها شبابنا وبناتنا، فهم لم يتربوا على منوال ومثل حب النبي لأزواجه والحب العفيف وإنما حب العشاق وحب المؤقت، ولقد أعجبتني كلمة قالها الشيخ «علي الطنطاوي» رحمه الله في تعليقه على السؤال: هل يبنى الزواج على الحب؟ فقال: و أنا من مدمني النظر في آداب الأمم كلها ولا أحصي القصص التي قرأتها لكبار الأدباء، في موضوع الزواج الذي يبنى على الحب، ونهايتها كلها الشقاق والفراق، ولا تغتروا بأمثال آلام فوتر ورفائيل وماجدولين وبول وكرازبيلا وجوسلان والأجنحة المتكسرة، فهذه كلها صور لمرحلة الرغبة التي تكلمت عنها، ولو تزوج كل واحد من أبطالها بالتي يعشقها زواج حب فقط لكانت خاتمة القصة الطلاق.
    لا، لا يصح أن يبنى الزواج على الحب وحده إلا إن صَحَّ أن تبنى العمارة الضخمة على أساس من الملح في مجرى الماء.
    إنما يبنى الزواج على التوافق في التفكير والسلوك والوضع الاجتماعي والحالة المالية، وبعد هذا كله تأتي العاطفة، فينظر إليها وتنظر إليه، أي ينظر إلى وجهها وكفيها فقط بحضور وليها أو أحد محارمها: لا كما أفتى ذلك الشيخ الخباص الباقوري، فإن ألقى الله في قلب كل منهما الميل إلى الآخر صار هذا الميل مع الزواج حباً هادئاً مستمراً، وإن أحسا نفرة أو عزوفاً أغنى الله كلاً منهما عن الآخر.

    أثر الحب في تغيير النفوس
    هناك طريقتان لتغيير سلوك أي إنسان إلى سلوك آخر ومن عقيدة إلى عقيدة أخرى..
    فأما الوسيلة الأولى فهي: الترغيب والترهيب، وهذه الوسيلة تنفع في التغيير ولكن عمرها قصير، فبمجرد أن يزول الترغيب أو الترهيب يرجع الإنسان إلى طبعه وسلوكه القديم..
    وأما الوسيلة الثانية فهي: الحب، وهذه الوسيلة تنفع للتغيير الدائم المستمر.. ولهذا نلاحظ أن النبي كان يغرس الحب ويشيعه طوال فترة وجوده بمكة وتأسيس الدولة في المدينة، حتى تغيرت الجزيرة كلها، فالحب هو أفضل سلاح لتغيير معتقدات البشر وسلوكهم.
    وبالحب يستطيع الزوج أن يغير زوجته.
    وبالحب تستطيع الزوجة أن تغير زوجها.
    وبالحب يستطيع الوالدان أن يغيرا أبناهما.
    وبالحب يستطيع الأبناء أن يغيروا والديهم.
    وبالحب تُعالج المشاكل، بل وحتى عند الأطباء فإن الحب يداوي من الأمراض، ولهذا فإننا نعرض أربعة مواقف وقصص حصلت في عهد الصحابة رضي الله عنهم، تبين كيف أن الحب كان سبباً في تغيير النفوس والعقيدة، فالقصة الأولى بطلتها زينب بنت رسول الله رضي الله عنها، والثانية بطلها الطفل بن عمر الدوسي ].
    والثالثة بطلتها أم حكيم بنت الحارث بن هشام رضي الله عنها.
    والرابعة بطلتها أم سليم رضي الله عنها.
    1- فهذا أبو العاص بن الربيع زوج زينب بنت النبي [ يخرج من مكة فراراً من الإسلام، فتبعث إليه ليرجع إلى مكة ويدخل في الإسلام، فيبعث إليها برسالة هذا بعض نصها:
    والله ما أبوك عندي بمتهم، وليس أحب إلي من أن أسلك معك يا حبيب في شعب واحد، ولكني أكره لك أن يقال: إن زوجك خذل قومه فهلا عذرت وقدرت.
    وواضح من الرسالة أنّ أبا العاص كان يحب زينب بدليل أنه يود ويحب أن يكون معها في طريق واحد أياً كان هذا الطريق، كما أنه كره لها أن يقال فيها ما يضايقها، ثم إنه يطلب منها في النهاية أن تعذر وتقدر، ومن أجل هذا الحب فإن زينب استطاعت أن تذهب إليه وتأتي به مسلماً.
    2- وهذا الطفل بن عمر الدوسي يدخل في الإسلام فتأتي امرأته لكي تقترب منه فيمنعها ويقول لها: لقد أصبحت عليّ حراماً.
    قالت: ولم؟ قال: أسلمت فكان ردها: أنا منك وأنت مني وديني دينك.. وأسلمت.
    وواضح من هذا الرد أنها اعتنقت الإسلام من خلال إحساسها بزوجها حيث قالت: أنا منك وأنت مني وأخذت من إحساسها أساس اعتناقها للإسلام عندما قالت: وديني دينك.
    3- وهذه أم حكيم بنت الحارث بن هشام أسلمت يوم الفتح بمكة، وهرب زوجها عكرمة بن أبي جهل من الإسلام حتى قدم اليمن، فارتحلت أم حكيم حتى قدمت عليه باليمن، فدعته إلى الإسلام فأسلم فقدم على رسول الله مسلماً.
    4- وهذه أم سليم يأتي أبو طلحة ليتزوجها وهو مشرك فتأبى، وتقول له: إن أسلمت تزوجتك وصداقي إسلامك، فأسلم فتزوجته.
    وإني أتذكر الآن أن إحدى الزوجات جاءت تشتكي من زوجها وسلوكه السى فقلت لها: كيف حبه لك؟ فقالت مستغربة: وما علاقة هذا السؤال بسلوكه؟ فشرحت لها أن أفضل طريقة للتغير الدائم «الحب، الحب»، فتحوّل الحوار معها إلى: (كيف أجعله يحيي؟ ومن ثم يتكفل الحب بتغيير سلوكه).
    فإذا كان الحب موجوداً بين الزوجين تنفر الأخطاء والعيوب البسيطة، وتصغر العيوب والأخطاء الكبيرة وعندها تحلو الحياة بالحب.

    أفكار تساعدك على تربية الأبناء على الحب
    إن موضوع الحب واسع وكبير وخاصة في تربية الأبناء، وواجب الوالدين أن يربوا أبناءهم على:
    1- حب أنفسهم: لأن الطفل إذا أحب نفسه أحب لها الخير، وإذا كره نفسه أحب لها الشر والانتقام.
    2- حب إخوته: فهو أساس التعاون معهم في الحياة.
    4- حب الذي لا يحب: المعاصي والمنكرات والمحرمات ويكره المفسدين والظالمين.
    5- حب الله ورسوله: وهو رأس الحب وأصله.
    ولكننا نريد أن نركز على الأفكار التي فيها يحب الابن الآخرين وهي:
    1- تعويده على أن يفصح عن حبه لمن يحبه ويعبّر عنه بالقول.
    2- تدريبه على إعطاء هدية لمن يحب.
    3- تقوية عقيدته الدينية حتى يحب للآخرين ما يحب لنفسه.
    4- تعليمه أن المشاركة في الألعاب والترفيه من المحبة.
    5- بيان قصص الظالمين والمفسدين وأنهم مبغضون من الله والناس.
    6- إرشاده إلى محبة من يتفوقّ عليه وتعليمه مبادئ التنافس الشريف والخيري.
    7- إعطاؤه مكافأة من حين لآخر إذا تصرف بسلوك فيه حب.
    8- استماعه لكلمات الحب من الوالدين تربي عنده التعبير عن الحب، فكل إنما بما فيه ينضح.
    9- ذكر القصص التي فيها الإيثار والمحبة مثل قصة الماء في عزوة تبوك.
    10- الإكثار من احتضانه وتقبيله حتى يشبع عاطفياً، فالشبعان يعطي الآخر عاطفياً.
    11- تدريسه أحاديث النبي [ في الحب] .


    مفهوم الحب في الإسلام

    من أكثر الموضوعات التي قد تراود"المسلم المتديّن" في مضمونها وحكمها شكّ موضوع "الحب". فتوجّس المسلم المتديّن من الحب يتبع إحساسه الداخلي عندما يتعدّى شعور الإعجاب أو الاهتمام بشخص ما حدّه الطبيعي. وأحد أهمّ الأسئلة التي يطرقها الإنسان المتديّن: هل الحب في الإسلام حلال أم حرام؟ وهو سؤال يفتح بابا واسعا من القراءة الشرعية في ضوء الفواعل النفسية وتحكمها في الفرد.
    من الخطأ ابتداء اختزال مفهوم الحب في العلاقة بين الجنسين، فالحب في الإسلام مفهوم متعدد الأبعاد. والإسلام يقوم بمعناه العام مبنيّ على الحبّ: حبّ الله والرسول (صلى الله عليه وسلّم) وحبّ هذا الدين والقرآن الكريم وحبّ الأنبياء جميعا والملائكة. والحبّ في الله من أعمدة الإيمان الراسخة التي لا يختلف عليها اثنان، وقد ورد ذكر الحبّ والمودّة مرارا و تكرارا في القرآن الكريم كما في السنّة النبويّة، فالقرآن أورد كلمة الحبّ أربعا وثمانين مرّة: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّه…" (البقرة/165).. "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِين" (المائدة/54)، "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ" (آل عمران/31)، "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً" (مريم/96). وفي السنّة النبويّة العديد من معاني الحب وأصوله، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عليه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المتحابين في الله تعالى لترى غرفهم في الجنة كالكوكب الطالع الشرقي أو الغربي. فيقال من هؤلاء؟ فيقال: هؤلاء المتحابون في الله عز وجل".
    وقد حدّد الإسلام شروط الحبّ بأن يكون ضمن رضا الله وتحقّق أوامره، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وأن يسير هذا الحبّ في اتجاهه الطبيعي من غير غلوّ ومبالغة. ويوضح أحد هذه الأبعاد الحديث النبوي "من أحب لله وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان" (أبو داود:4681).
    الحب في الإسلام لم يكن مجرّد كلمة أو نظريّة من غير تطبيق، فالحبّ بين المسلمين يحمل معاني وممارسات سامية لربّما لا يوجد لها مثيل في كافة شرائع وأعراف الدنيا. والحبّ في الإسلام هو حالة واقعيّة ممثّلة بصدق وشفافيّة مع الآخر، ومفردات الحبّ الإسلامي هي الدعاء للآخر والنصح والتوجيه له إذا ما حارت به السبل كما تفقّده إذا ما غاب لسبب ما والتضحية والإيثار لأجله بعيدا عن المصالح الدنيوية، ولعلّ أعظم مثال في هذا الصدد ما غرسه الرسول(صلى الله عليه وسلّم) من مبادئ وأسس حب وإخاء ما بين المهاجرين والأنصار، ويمكن اقتباس شيء من معاني هذا الحب من الحديث القدسي "وجبت محبتي للذين يتحابون ويتجالسون ويتزاورون ويتبادلون فيّ".
    ومن مرفأ الحب لله وفي الله وحب الرسول صلى الله عليه وسلّم وكل ما يتعلق بأسس الإيمان والتوحيد من حب القرآن والأنبياء والصالحين، سيكون الإبحار نحو الحبّ الأسري الذي لا جدال في حلّه مثل ذلك الذي بين الأزواج وبين الآباء والأبناء وحبّ الوالدين والإخوة وحب أولئك الذين تربطهم صلة الرحم، فحبّ الرسول (صلى الله عليه وسلّم) لبناته كان مثالاً حيّاً لمعين الحبّ الذي لا ينضب والذي غرسه الله في النفس البشرية بما فيها نفس رسول الأمّة لتكون خير نموذج واقعي للحبّ. فلم يؤثر قطّ أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام حزن لميلاد أيّ واحدة من بناته فها هو يفرح ويستبشر بميلاد ابنته فاطمة رضي الله عنها، وتوسّم فيها البركة واليمن فسمّاها فاطمة ولقّبها بالزهراء وكانت كنيتها أمّ أبيها.
    أمّا ما كان على صعيد حبّه لزوجاته، فالرسول صلى الله عليه وسلّم كان مثالا للعاطفيّة والرومنسيّة من دون منازع. فبينما كانت تتخافت الأصوات عند ذكر الصحابة أسماء نسائهم، نجد رسولنا الكريم يجاهر بحبه لزوجاته أمام الجميع. فعن عمرو بن العاص أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم :"أي الناس أحب إليك. قال: عائشة، فقلت من الرجال؟ قال: أبوها". وقد جعل معيار الخير في الرجل بمقدار حبّه ورفقه بأهل بيته فقال صلى الله عليه وسلم "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي".
    وبالعودة للسؤال الأوّل عمّا إذا كانت مشاعر الحبّ بين الجنسين غير المتزوجين جائزة في الإسلام أم أنّها تندرج ضمن نطاق المحرّم الذي يجب على المسلم تجنّبه؟ وإذا جازت هذه المشاعر فما هي حدودها وضوابطها وما هو مصيرها؟
    على المسلم أن يضع في اعتباره بداية قول الرسول(صلّى الله عليه وسلّم) "الأرواح جنود مجنّدة، ما تعارَف منها ائتَلفَ وما تناكر منها اختلف". إذاً فمشاعر الارتياح والميل نحو شخص ما أو حتى النفور منه هي مشاعر تلقائية لا تعرف عند نشوئها التخطيط المسبق إلاّ أنّها لابدّ وأن تسير ضمن نسق وإطار محدّد رسمته الشريعة كي لا تكون مشاعر الحب للآخرين معول هدم وتدمير لحياة الفرد.
    فالإسلام لم يطارد المحبّين ولم يطارد بواعث العشق والهوى في النفوس ولم يجنح لتجفيف منابع العاطفة، بل على العكس قال الرسول صلى الله عليه وسلّم مخالفاً في ذلك الكثير من الأعراف الإجتماعية القديمة في عدم تزويج المحبّين خوفاً على سمعة الفتاة: "لم يُر للمتحابين مثل النكاح" فجعل النهاية المأمولة لكلا الطرفين بالزواج الذي حضّ عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم متّبعاً في حديثه هذا طريقة غير مباشرة في التوصية على عدم الوقوف في وجه المتحابّين وعرقلة اجتماعهما على الخير.
    كما أنّ الحب في الإسلام حبّا راقيا لا يضع معايير الشكل الخارجي في الحسبان فقط. فكان حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن صفات الفتاة التي يعدّ الزواج والقرب منها ظفراً للمسلم فقال"تنكح المرأة لأربع، لحسبها ولجمالها ولمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك".. وبذات الوقت الذي تفهّم فيه الإسلام نفسيّة الإنسان وأقر له باحتمالية وجود ونشوء مشاعر الحبّ نحو الآخر إلاّ أنّه قد وضع لها من الضوابط ما يهذّبها ويسير بها نحو طريق الأمان فكان الزواج هو واحة المتحابّين الوحيدة في التشريع الإسلامي.
    والحب قد يُولَد سريعا من نظرة عابرة، بل قد يولد بسماع الأذن دون مشاهدة، وهنا قد يزول وقد يبقَى ويشتد إن تَكرَّر أو طال السبب المولِّد له من رؤية للشخص المحبوب أو الحديث معه أو تذكّره والتفكير فيه، فبمعرفة السبب الموّلد له نكون قد وضعنا أيدينا على حكم الحبّ، فإذا كان من ذلك الذي قد يصيب الإنسان من النظرة الأولى وبالمصادفة فيكون ضمن الحبّ الاضطراري والذي لم تتدخّل النيّة البشرية في حدوثه أو تغذيته وهذا بفتاوى العديد من الأئمّة يدخل ضمن المصادفة ولا يحكم عليه بحلّ ولا حرمة. أمّا النوع الثاني وهو ذلك الذي يغذّيه مسبّبّه من رؤية وحديث مع المحبوب على هيئة لقاءات ونزهات وأحاديث هاتفية وخلوة أو رسائل وتبادل صور ومتعلّقات فذلك من النوع المحرّم قطعاً والذي قد يقود الإنسان نحو الهاوية إذا لم يتراجع ويحكّم شرع الله في كبح جماح عاطفته. فالحبّ الذي لا يتعدّى حدود الإعجاب والذي لم يصاحبه محرّمات فصاحبه يدخل ضمن نطاق المعذور. لكن إذا ما بدأت المحرّمات تتولّد بسببه فحكمه بدون جدال عند الفقهاء هو "الحرمة".


    أنواع المحبة وأحكامها

    تنقسم المحبّة إلى محبة خاصّة ومحبّة مشتركة والمحبّة الخاصّة تنقسم إلى محبّة

    شرعية ومحبة محرمة .
    فالمحبة الشرعية أقسام :
    1- محبة الله وحكمها أنها من أوجب الواجبات وذلك لأن محبته سبحانه هي أصل دين الإسلام فبكمالها يكمل الإيمان . وبنقصها ينقص التوحيد ودليل ذلك قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ )البقرة 165 ، وقوله : ( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) التوبة 24 . وغيرها من الأدلة في القرآن والسنة . وهي تتمثل في إيثار ما أحبه الله من عبده وأراده على ما يحبه العبد ويريده ، فيحب ما أحب الله ويبغض ما يبغضه الله ، ويوالي ويعادي فيه ، ويلتزم بشريعته والأسباب الجالبة لها كثيرة .
    2- محبة الرسول وهي أيضاً واجبة من واجبات الدين ، بل لا يحصل كمال الإيمان حتى يحب المرء رسول الله أكثر من نفسه كما في الحديث : " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ . " رواه مسلم رقم 44 وحديث عبد الله بن هشام قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلاّ مِنْ نَفْسِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَإِنَّهُ الآنَ وَاللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الآنَ يَا عُمَرُ . " رواه البخاري فتح رقم 6632 . وهذه المحبّة تابعة لمحبة الله تعالى وتتمثل في متابعته صلى الله عليه وسلم وتقديم قوله على قول غيره .
    3- محبة الأنبياء والمؤمنين وحكمها واجبة لأن محبة الله تعالى تستلزم محبة أهل طاعته وهؤلاء هم الأنبياء والصالحون ودليله قوله عليه السلام " من أحب في الله " أي أحب أهل الإيمان بالله وطاعته من أجل ذلك ، ولا يكتمل الإيمان أيضاً إلا بذلك ولو كثرت صلاة الشخص وصيامه ، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لقد رأيتنا في عهد رسول الله وما منا أحد يرى أنه أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم .
    والمحبة المحرمة :
    منها ما هو شرك : وهو أن تحب من دون الله شيئاً كما يحب الله تعالى فهو قد اتخذ نداً وهذا شرك المحبة وأكثر أهل الأرض قد اتخذوا أنداداً في الحب والتعظيم .
    ومنها ما هو محرّم دون الشرك : وذلك بأن يحب أهله أو ماله أو عشيرته وتجارته ومسكنه فيؤثرها أو بعضها على فعل ما أوجبه الله عليه من الأعمال كالهجرة والجهاد ونحو ذلك ودليله قوله تعالى : ( إن كان آباؤكم ... إلى قوله تعالى : أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره )

    فهذا الذي مضى هو المحبة الخاصة بأقسامها .
    أما المحبة المشتركة فهي ثلاثة أنواع :
    أحدها : طبيعية كمحبة الجائع للطعام ،والظمآن للماء وهذه لا تستلزم التعظيم فهي مباحة .
    الثاني : محبة رحمة وشفقة كمحبة الوالد لولده الطفل وهذه أيضاً لا تستلزم التعظيم ولا إشكال فيها .
    الثالث : محبة أنس وألف كمحبة المشتركين في صناعة أو علم أو مرافقة أو تجارة أو سفر لبعضهم بعضاً فهذه الأنواع التي تصلح للخلق بعضهم بعضاً وكمحبة الأخوة بعضهم لبعض ووجودها فيهم لا يكون شركاً في محبة الله تعالى .


    الحب في الاسلام
    الحمد لله رب العالمين ..
    وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ... يقول في محكم تنزيله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الأنفال:45] سأل رجل الإمام بن تيمية : كيف يأمرهم بذكره وقت الأزمات، أما هناك وقت للذكر إلا وقت مصارعة الأعداء ؟
    فقال الإمام بن تيمية :إن المحبين يتشرفون بذكر محبوبيهم وقت الأزمات .. أما سمعت لقول عنترة لما يقول لمحبوبته :
    ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني وبيض الهند تقطر من دمي
    فوددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسم
    وأشهد أن نبينا ورسولنا وقائدنا وقدوتنا وحبيبنا محمداً رسول الله ... وقف قبل معركة أحد يشاور أصحابه : أنقاتل في المدينة أم نخرج خارج المدينة ؟ فقال كبار الناس: يا رسول الله ! دعنا نقاتل هنا , فقام شاب من بني سالم، فقال: يا رسول الله ! لا تحرمني دخول الجنة، فوالله الذي لا إله إلا هو! لأدخلن الجنة, فقال عليه الصلاة والسلام وهو يتبسم: بم تدخل الجنة ؟ قال: بخصلتين، قال: ما هما ؟ قال: إني أحب الله ورسوله ولا أفر يوم الزحف، قال عليه الصلاة والسلام: إن تصدق الله يصدقك .
    وبدأت المعركة يوم السبت ودارت رحاها وأتى الصادق -يوم يوف الله الصادقين بصدقهم- فصدق الله فقتل، ومرّ عليه الصلاة والسلام على البواسل من الجنود فوجد هذا فأخذ يمسح التراب عن جبينه وتدمع عيناه صلى الله عليه وسلم ويقول: صدقت الله فصدقك الله }
    اللهم صل وسلم على هذا النبي الكريم .....
    أما بعد : أيها المؤمنون الأفاضل : من المسلَّمات التي لا يختلف فيها اثنان أن الإنسان روح تسمو ، وعقل يدرك ، و قلب يحب ، و جسم يتحرك ، وأن الروح غذاؤها الإيمان ، و أن العقل غذاؤه العلم ، و أن القلب غذاؤه الحب ، و أن الجسم غذاؤه الطعام والشراب .
    والحب غريزة فطرية ، تعني تعلق القلب بالمحبوب ، وطلب القرب منه حتى في أشد الشدائد وأحلك الظروف .
    وكلمة الحب تهتز لها الأفئدة .. وتلهج بذكرها الألسنة ..
    الحب : كلمة ساحرة ذات ظلال رقيقة في النفس الإنسانية ...
    ولكن ما موقف الإسلام منها ؟
    هل يعترف الإسلام بعاطفة الحب ؟
    إن الإسلام كله حب ، فإذا أحب الإنسان فإنه يصبح طاقة تفوق حد الخيال ... وإذا أحب يصبح مرجلاً يغلي ... وإذا أحب يصنع المعجزات .
    بماذا تميز عصر الصحابة ؟
    بالحب ... فبالحب بذلوا الغالي والرخيص ... وبذلوا النفس والنفيس ... وبالحب فتحت البلاد ... وبالحب انتشر العدل في الآفاق .


    أيها الأحبة : لا أعتقد أن كلمةً في الإسلام من حيث الأهمية تأتي بعد كلمة الإيمان ككلمة الحب ، ولكنها مسخت إلى معصية آثمة ، وإلى علاقة محدودة .
    المشكلة الخطيرة أن كلمة حب إذا ذكرت لا تعني إلا ذلك الحب الذي تلهج به أجهزة الإعلام ... وتتحدث عنه الأغاني ... هذا النوع من الحب بين المرأة والرجل كجسد فقط ..
    كلمة الحب كلمة أكبر بكثير ، إنها غذاء قلب كل إنسان ... إنها علة اختياره ... إنها سر وجوده ...


    وأسمى مراتب الحب وأعلاها هو حب الله تعالى : (يحبهم ويحبونه)
    وقد ورد في الأثر عن الحبيب صلى الله عليه وسلم : ((أحبوا الله لما يغدوكم به من النعم)) .

    فمن علامات حب العبد لله : أن يحب الخلوة .. ويأنس بمناجاة الله .. وتلاوة كتابه ..
    لله قومٌ أخلصوا في حبه فرضي بهم واختصهم خدَّاما

    قومٌ إذا جنَّ الظلام عليهم باتوا هناك سجداً وقياماً

    خمص البطون من التعفف ضمّراً لا يعرفون سوى الحلال طعاماً




    أوحى الله إلى بعض عباده :
    إنَّ لي عباداً .. يحبوني ، وأحبهم .. وأشتاق إليهم ، ويشتاقون إلي .. ويذكروني ، وأذكرهم .. فإذا حذوت طريقهم ..أحببتك .. وإن عدلت عنهم ..مقتك ..
    قال يا ربي : وما علاماتهم ؟!..
    قال : يرعون الظلال بالنهار ، كما يرعى الراعي الشفيق غنمه .. ويحنون إلى غروب الشمس ، كما تحن الطير إلى أوكارها عند الغروب ..
    فإذا جنَّ الليل .. واختلط الظلام .. وفُرشت الفرش .. وخلا كل حبيب بحبيبه .. نصبوا أقدامهم .. وافترشوا وجوههم .. وناجوني بكلامي .. وتملقوني بإنعامي .. فبين صارخ ، وباكي .. وبين متأوه ، وشاكي .. وبين قائم ، وقاعد .. وبين راكع ، وساجد .. بعيني ما يتحملون من أجلي .. وبسمعي ما يشكون من حبي .. فهنيئاً لهم ..أنَّ الله ..يُحِبُّهُمْ ..وهم يُحِبُّونَهُ ..
    قال الله عنهم واصفاً ليلهم ونهارهم : { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً ، وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً }
    فمن كان النوم والاشتغال بالحديث .. ألذ عنده ، وأطيب من .. مناجاة الله .. كيف تصح محبته !!..
    فلا شيء ألذ للمحب من الخلوة بمحبوبه .. فلما أحبوه خلوا به .. وتضرعوا إليه بدعائهم .. فلما أحبوه .. فرحوا بظلام الليل .. لأنه أحلى ساعات .. المناجاة .. والدعاء .. والخلوة برب الأرض والسماء..

    يقول أحدهم : أحب الليل للقاء ربي.. وأكره النهار لملاقاة الناس ..
    اشترى أبو عبد الله النباجي جارية سوداء للخدمة فقال لها : قد اشتريتك .. فضحكت .. فحسبها مجنونه .. فقال : أمجنونة أنت ؟!..
    فقالت : سبحان من يعلم خفيات القلوب ، ما بمجنونة أنا ..
    ثم قالت : هل تقرأ شيئاً من القرآن ؟.. فقال : نعم .. فقالت : اقرأ علي ..
    فقرأ عليها : بسم الله الرحمن الرحيم .. فشهقت شهقة وقالت : يا الله .. هذه لذة الخبر ، فكيف لذة النظر .. فلما جنَّ الليل وطأ فراشاً للنوم ..
    فقالت له : أما تستحي من مولاك .. أنه لا ينام ، وأنت تنام ..
    ثم أنشدت :
    عجباً للمحب كيف ينام جوف الليل وقلبه مستهام
    إنَّ قلبي وقلب من كان مثلي طائران إلى مليك الأنام
    فارض مولاك إن أردت نجاةً وتجافى عن اتباع الحرام

    قال النباجي : فقامت ليلتها تصلي .. فقمت من نومي أبحث عنها .. فإذا هي تناجي ربها ساجدة وتقول : بحبك إياي لا تعذبني ..
    فلما انتهت .. قلت لها : كيف عرفت أنه يحبك ؟!..
    قالت : أما أقامني بين يديه ، وأنامك .. ولولا سابق محبته لي ..لم أحبه .. أما قال : { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } ..
    ومن علامات حب الله فعل طاعاته وترك معاصيه ..
    أن يكون العبد مؤثراً ما أحبه الله تعالى على ما يحبه في ظاهره وباطنه .. فيترك معصية الله محبة لله .. فإنَّ المحب للمحب مطيع ..
    وأفضل الترك .. الترك لله ..
    كما أن أفضل الطاعة .. طاعة المحبين .. فالطاعة للمحب عنوان محبته .. وإنه لعجيب أن يدعي عاص حب الله :
    تعصي الإله و أنت تظهر حبه هذا لعمري في القياس شنيع
    لو كان حبك صـادقاً لأطعتـه إن المحب لمن يحب يطيـع

    ومن علامات حب الله (حب الجهاد في سبيل الله ، وطلب الشهادة في سبيل الله ، وحب لقاء الله ) قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (المائدة:54)
    اعلم أنك لن تلقى الله حتى تموت .. فينبغي للمحب الصادق .. أن يكون محباً للموت غير فارٍ منه ..
    قال رسول الله صلى اله عليه وسلم :( من أحب لقاء الله أحبَّ الله لقاءه .. ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ) ..
    روي أن ملك الموت جاء إلى إبراهيم عليه السلام ليقبض روحه ، فقال له إبراهيم عليه السلام : هل رأيت خليلاً يميت خليله !!..
    قال : فأوحى الله إليه : يا إبراهيم ، وهل رأيت حبيباً يكره لقاء حبيبه !!.. فقال إبراهيم عليه السلام : يا ملك الموت اقبضني الآن ..
    ولما خُيّر نبينا صلى الله عليه وسلم بين الحياة الدنيا ، لقاء الله عز وجل ، قال : ( بل الرفيق الأعلى ..بل الرفيق الأعلى ) ..
    يقول الربيع بن حيثم : لما احتضر أبي بكت أختي فقال لها : يا بنية لا تبكي .. ولكن قولي يا بشرى فاليوم ألقى ربي ..
    وكانت امرأة متعبدة تقول : والله لقد سئمت الحياة ..ولو وجدتُ الموت يباع لاشتريته شوقاً إلى الله تعالى وحباً للقائه ..
    قيل لها : أفعلى ثقة أنت من عملك ؟!..
    فقالت : لا .. لكن لحبي إياه .. وحسن ظني به .. اشتقت إلى لقياه .. افتراه يعذبني ، وأنا أحبه !!.. أفتراه يعذبني ، وأنا أحبه !!..

    حب الله هو الذي أخرج حنظلة الغسيل من بيته وهو في أول يوم من أيام عرسه إلى لقاء الله , وأتى إلى أحد وكسر جفن سيفه على ركبته، وقال: [[اللهم خذ من دمي هذا اليوم حتى ترضى ]] .. وفي الأخير قال عليه الصلاة والسلام: { سلوا أهل حنظلة عن حنظلة ماله، فسألوهم، قالوا: خرج جنباً ولم يغتسل، قال: رأيت الملائكة بين السماء والأرض تغسله في صحاف الذهب بماء المزن } .
    وحب الله هو الذي أخرج جعفر بن أبي طالب إلى مؤتة يقاتل في سبيل الله ويرتجز :
    يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وبارد شرابها
    والروم روم قد دنا عذابها كافرة بعيدة أنسابها
    علي إن لاقيتها ضرابها


    فقاتل والراية في يمينه حتى الظهر فقطعت يمينه , والذي يقاتل لله لا يفر ولا ينسحب , فأخذ الراية بيده اليسرى فقاتل حتى قطعت .. فضم الراية بعضديه , فكسرت الرماح في صدره فهوى شهيداً وأبدله الله بجناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء , وهذا أعلى الحب.
    وحب الله تعالى هو الذي أخرج عمير بن الحمام إلى بدر يقول له صلى الله عليه وسلم وللناس: فخرج عمير بن الحمام -الذي لا يملك إلا الرمح, ولا يملك إلا الثياب البالية, ولا يملك إلا حفن التمر في يده-: يا رسول الله! أسألك بالله ما بيننا وبين هؤلاء إلا أن يقتلنا هؤلاء؟ قال: إيه والذي نفسي بيده, قال: والله إنها لحياة طويلة إذا بقيت إلى أن آكل هذه التمرات، ثم رمى التمرات فقاتل حتى قتل .
    حب الله تعالى هو الذي جعل أنس بن النضر يزحف حتى يقول سعد : [[ إليك عني ياسعد ! والذي نفسي بيده! إني لأجد ريح الجنة من دون أحد ، فقاتل حتى قتل ]] فما عرف إلا ببنانه ، ووجدوا فيه بضعاً وثمانين ضربة .
    لماذا هذا؟ إنه حب الله عز وجل ... فمحبة الله عز وجل هي أعلى المطالب وأعلى ما يطمح إليه المؤمن بلغني الله وإياكم محبته سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.


    الخطبة الثانية
    هل في الإسلام حبُّ المرأة ؟
    نعم ، إِي وربِّي ، المسلم يحب المرأة بنتًا من صلبه ، يحب المرأة أمًّا كانت سبب وجوده ، يحب المرأة أختًا غالية عليه ، يحب المرأة زوجةً يسكن إليها ، أما أن تحب امرأة لا تحل لك ، أما أن تحب امرأة لتعتدي عليها فهذا الذي انتهى إليه العالم ، وقبل يومين كانت المظاهر طافحةً بعيد الحب .
    أيّ حب هذا ؟ الحب الآثم ؟ الحب خارج نطاق الزوجية ؟
    ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها قناةً نظيفةً تسري خلالها ، ليس في الإسلام حرمان إطلاقاً ، ولكن في الإسلام تنظيم .. في الإسلام حب مودة .. وحب رحمة بين الجنسين .. بشرط أن يكونا زوجين .. لا عاشقين .. قال تعالى : (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ) [ سورة الروم : 21]
    لكن إنسان العصر الذي مُسخ قرداً وخنزيرًا يكرس ويعزز الحب الآثم ، ويضعف الحب الذي أراده الله بين الزوجين ، النبي عليه الصلاة والسلام يقول : ((الحمد لله الذي رزقني حب عائشة)) ، أحبَّ خديجة ، وأحب عائشة ، وأحب زوجاته ، وأحب بناته .
    عيد الحب .. أو عيد العشاق : من أعياد الرومان الوثنيين ، إذ كانت الوثنية سائدة عند الرومان قبل ما يزيد على سبعة عشر قرنا .
    من أهم شعائرهم فيه :
    · إظهار الفرحة والسرور .
    · وشيوع اللون الأحمر .
    · تبادل الورود الحمراء .
    · تبادل الهدايا بين العشاق .
    · توزيع بطاقات التهنئة ، وفي بعضها صورة (كيوبيد) وهو طفل له جناحان يحمل قوسا ونشابا ، وهو اله الحب عند الأمة الرومانية الوثنية تعالى الله عن إفكهم وشركهم علوا كبيرا .
    · تبادل كلمات الحب والعشق والغرام في بطاقات التهنئة المتبادلة بينهم عن طريق الشعر أو النثر أو الجمل القصيرة ، وفي بعض بطاقات التهنئة صور ضاحكة وأقوال هزلية، وكثيرا ما كان يكتب فيها عبارة (كن فالنتينيا) .
    · تقام في كثير من الأقطار الغربية .. بل والإسلامية حفلات نهارية وسهرات وحفلات مختلطة راقصة .

    يتبع ...
    [/align]
    [align=center][/align]

  7. #22

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    [align=justify]الحـب في الإســلام

    ما معلوماتك عن الإسلام؟

    الويكبيديا تعرفه بأنه: الانقياد التام للخالق بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله. فهو تسليم كامل من الإنسان لله تعالى في كل شئون حياته

    ونحن كلنا نعرف وتربينا وكبرنا على أن الإسلام يضم بين دفتيه كل معاني الدنيا الراقية والسامية من إخلاص وتسامح وتقارب وألفة وسكن ومودة و...حب

    إذن الإسلام قائم على الحب ويدعو إلى الحب..

    ***********

    لكن أي حب هذا؟

    علماء الدين يقسمون الحب في الإسلام إلى أكثر من نوع

    أولها وأعظما بالطبع هو "الحب الإلهي" وهو بدوره ينقسم إلى نوعين

    الأول هو محبه الله تعالى لعباده من خلال نعمه عليهم وإكرامه لهم وتوفيقه إياهم في أعمال الخير والصلاح لهم ولدينهم ولوطنهم

    والثاني فيتمثل في محبة العباد لله سبحانه وتعالى والتقرب إليه والولاء لدينه والمحافظة على شرعه والتدبر في خلقه وصنعه وتنفيذ ما أمرنا به من فعل للعمل الطيب وابتعادا عن العمل الشرير


    أما النوع الثاني من الحب في الإسلام فهو "حب النبي" عليه الصلاة والسلام، وذلك يتأتى بأن تقتدي بشخصه الكريم في كل أفعالك وتصرفاتك وأن تسير على نهجه وتتبع سيرته وسنته مخلصا ومحبا


    وهناك أيضا حب ثالث في الإسلام وهو "الحب في الله" وهو الذي يحدث بين ناس لا تجمعهم مصلحة فيتبادلون النصح والمحبة والإخلاص لوجه الله تعالى دون انتظار أي مكافأة دنيوية لأفعالهم سوى أن يبادلهم الآخرون هذا الحب الخالص لوجه الله تعالى


    وهذا النوع الأخير من الحب يحدث بين الرجال وبعضهم البعض وبين النساء وبعضهن البعض ويحدث أيضا بين الرجال والنساء معا.. هذا هو الحب الذي يجمع بين قلبين فيقرب ما بينهما ويمتزجان معا وكأن كل واحد منهما هو نصف متمم ومكمل للآخر.. ليكون السؤال هل هذا الحب الذي يجمع ما بين شاب وفتاة هو حب يتفق مع الإسلام؟


    الإجابة المنطقية والفورية وربما الصادمة: طبعا.. أكيد


    ***********


    الحب.. أساس الوجود




    مندهش وغير مصدق لما نقول؟


    اقرأ ما كتبه د.محمد المسير أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر في كتابه "الحب والجمال والإسلام" فهو يصف الحب الذي يجمع بين الرجل والمرأة بأنه "الحب الذي بدأت به الحياة البشرية مضيفا أنه هو أساس الوجود وذلك استنادا لأن الله عز وجل قد خلق "آدم وحواء" وأسكنهما الجنة ثم أهبطهما الأرض لتنتشر الذرية من بعد ذلك


    تريد دليلا آخر.. إليك الحديث النبوي الشريف الذي روي فيه عن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام قوله: حُبـِّبَ إليّ النساء، والطيب وجُعِلتْ قرةُّ عيني في الصلاة
    لاحظ هنا أنه "حب النساء" الطاهر الشريف جاء في مقدمة الحديث ليؤكد لنا رسولنا الكريم أن الشعور بالميل والانجذاب نحو النساء وبالعكس هو أمر فطري وطبيعي يؤيده الإسلام ورسوله شريطة أن يكون في الإطار الشرعي لذلك، وهو الزواج بطبيعة الحال


    وعلماء الدين استقروا على قاعدة فقهية مهمة وهو أنه لا حكم شرعي فيما استقر في القلب وإنما الحكم يتعلق بآثار ذلك الشعور وما يترتب عليه من حلال وحرام.. هو ذات القاعدة المطبقة تماما على الحب بين الرجل والمرأة


    فالحب -بمعنى ما استقر في القلب من شعور معين نحو فتاة أو شاب- لا يتعلق به حكم شرعي لأنه مكنون في صدر الشخص، وإنما ما يتعلق به الحكم هو نتيجة هذا الحب الساكن في الفؤاد فلو أخذت هذه المشاعر طريقها السوي الصحيح فنمت وكبرت في إطار شرعي علني يحيط به الأهل ويتوج في النهاية بالزواج فهذا أمر لا غبار عليه ولا يستطيع أحد أن يصفه بالحب الحرام


    فالله قد رفع الحرج عن عباده فيما هو بداخل النفس، بشرط ألاّ يؤدي إلى معصية، وهو ما يعني أن شعور الحب الذي يهاجم أي واحد منا لا شبهة حرام فيه مطلقا بشرط أن يتبع هذا استكماله بالزواج أما إذا أخذ طرقا أخرى غير ذلك -وهي لا تغيب عن الكثيرين- فلا يمكننا أن نصفه بالحب أصلا


    ***********


    حب الرسول.. وحب أبي بكر




    كتب السيرة والصحابة والتابعين فيها من الروايات والقصص التي تؤكد أن الإسلام يراعي ويحافظ على الحب بين الرجل والمرأة، بل ويعظم كثيرا هذه المشاعر النقية الخالصة وهي في صورتها الأصلية الخالية من أي تلوث قد يضيقه عليها البشر بأفعالهم وسلوكياتهم


    ولنا في رسول الله أسوة حسنة، فبرغم كل أعبائه ورغم تحمله لرسالة سماوية جليلة فإنه لم يجد حرجا في أن يلاطف زوجته السيدة عائشة بل كان يضحك معها ويتودد إليها ولم يجد حرجا عندما سُئل عليه الصلاة والسلام: من أحبّ الناس إليك؟ في أن يقول: عائشة
    قيل: فمن الرجال؟ قال: أبوها


    وهناك رواية جاءت في الصحيحين "البخاري ومسلم" ورغم ذلك لا يعرفها كثيرون وهي تؤكد رعاية الإسلام ورسوله الكريم واحترامها لمشاعر الحب.. والرواية تقول بأن "خنساء بنت خدام" زوَّجها أبوها رجلا فكرهت ذلك وجاءت إلى النبي عليه الصلاة والسلام لتقول له: إن أبي أنكحني أي زوّجني وإنّ عم ولدي أحن إليّ


    أي أنها ترى أن أخا زوجها سيكون أحنّ عليها وعلى أولادها.. ولربما كانت تحمل نحوه مشاعر طيبة إلا أن حياءها منعها من أن تبوح بذلك للرسول الكريم بشكل مباشر


    ترى ماذا كان حكم الرسول العطوف عليه الصلاة والسلام؟


    حَكم الرسول الكريم بألاّ تتزوج الرجل الذي اختاره أبوها لها وأن تطلق منه، ولا يرد بعد ذلك توضيح ما إذا كانت تزوجت ذات السيدة من أخي زوجها أم لا، لكن الشاهد والمؤكد في هذه الرواية أنه لا إجبار في الزواج... ولا زواج دون حب وألفة.. وهو ما يؤكد أن الحب في الإسلام مباح.. بل لعلنا لا نغالي إذا قلنا بأنه ضروري ومهم


    ***********


    وإذا كان لنا المثال والقدوة في رسولنا الكريم فلا نجد من بعده خيرا من أبي بكر رضي الله عنه مثالا ونموذجا نتبع خطاه.. الحب ورقة المشاعر المتبادلة بين الرجل والمرأة كانت حاضرة أيضا وبقوة في هذه القصة


    كان أبو بكر رضي الله عنه يمشي في أحد طرق المدينة وسمع امرأة تنشد وهي تطحن بالرحى قائلة
    وهـــويته من قبل قطع تمائمي
    متـــمايساً مثل القضـيب الناعم
    وكأن نور البدر سُنَّـة وجــهـــــه
    ينمي ويصعد في ذؤابة هاشــم


    كانت تغني بألم وحرقة ويعلو صوتها بالبكاء.. رقّ لها قلب خليفة المسلمين أبي بكر الصديق فدقّ عليها الباب.. ولما خرجت إليه قال لها: أحرة أنت أم مملوكة؟
    فقالت: بل مملوكة يا خليفة رسول الله
    سألها عمن تغني وتنشد له: من هويت؟
    فبكت ثم قالت: بحق الله عليك اتركني وشأني.. لكن أبا بكر -رضي الله عنه- ألح في طلبه وقال لها إنه لن يترك المكان حتى تخبره: لا أريم أو تعلميني


    فقالت
    وأنا التي لعب الغرام بقــلبها
    فبكت لحب محمد بن القاسم


    فلما علم منها أبو بكر الصديق اسم الشخص الذي تهيم به ذهب إلى المسجد وبعث إلى مولاها فاشتراها منه ليعتقها.. ثم بعث إلى محمد بن القاسم بن جعفر بن أبي طالب وقال: هؤلاء فِتَنُ الرجال.. وكم مات بهن من كريم، وعطب عليهن من سليم


    أرأيت؟




    المرأة باحت بحبها ولم تخجل منه وإن فعلت ذلك في إطار خلوق ومهذب ويتماشى مع المسموح به في صدر الإسلام


    وماذا فعل "أبو بكر"؟


    لم ينهرها أو يعنفها وإنما تقبل مشاعرها الرقيقة هذه وسعى -بعد أن عتقها- إلى أن يزوجها بمن تحب ويحبها

    هذا هو الإسلام.. وهذا هو الحب الذي يعيش في ظلاله.. فمن يستطيع أن يفعل مثل هذا

    *********

    (¯`·._.·(مفهوم الحب
    معنى الحـب وأصل اشتقاقه )·._.·°¯)

    قيل : إن المحبة أصلها من : الصَّفاء ، ذلك أن العرب تقول في صفاء بياض الأسنان ونضارتها: ( حَبَبُ الأسنان ).
    وقيل : إنها مأخوذة من الحُباب . وهو الذي يعلو الماء عند المطر الشديد. فكأنَّ غليان القلب وثوراته عند الاضطرام والاهتياج إلى لقاء المحبوب يُشبه ذلك.


    وقيل : مشتقة من الثبات والالتزام ، ومنه : أَحَبَّ البعير، إذا برك فلم يقُمْ، لأن المحبَّ لزم قلبه محبوبه .
    وقيل : النقيض ، أي مأخوذة من القلق والاضطراب، ومنه سُمى (القرط) حبّاً لقلقه في الأذن ، قال الشاعر :
    تبيتُ الحية النّضْناض منه
    مكان الحَبِّ تستمع السِّرارا

    وقيل : بل هي مأخوذة من الحُبِّ جمع حُبَّة وهي لباب الشيء وأصله ؛ لأن القلب أصل كيان الإنسان ولُبّه ، ومستودع الحُبِّ ومكمنه.
    وقيل : في أصل الاشتقاق كثير غير هذا، لكننا نعزف عن الإطالة والإسهاب . ولتعريف الماهية نقول إن الحب هو: الميْل الدائم بالقلب الهائم، وإيثار المحبوب على جميع المصحوب ، وموافقة الحبيب حضوراً وغياباً ، وإيثار ما يريده المحبوب على ما عداه ، والطواعية الكاملة ، والذكر الدائم وعدم السلوان ، قال الشاعر:

    ومَنْ كان من طول الهوى ذاق سُلْوَةً
    فإنِّيَ من ليْلى لها غيرُ ذائقِ
    وأكثر شيء نِلتـُهُ من وصالها
    أَمانِيُّ لم تصدُق كلَمْعةِ بارقِ

    أو عمى القلب عن رؤية غير المحبوب ، وصَمَمهُ عن سماع العذل فيه، وفي الحديث الذي رواه الإمام "أحمد" تصديق ذلك، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [حُبُّك الشيءَ يُعْمي ويُصمّ ].
    أو الحضور الدائم ، كما قال الشاعر:

    يا مقيماً في خاطري وجَناني
    وبعيداً عن ناظري وعِياني
    أنت روحي إن كنتُ لستُ أراها
    فهي أدنى إليّ من كُلِّ دانِ

    وقال آخر:

    خيالك في عيني، وذكراك في فمي
    ونجواك في قلبي، فأيْن تغيبُ ؟!

    ~¤¦¦§¦¦¤~ أسماء الحب ومراحله ~¤¦¦§¦¦¤~


    وضعوا للحب أسماء كثيرة منها ][||ioi||][المحبة والهوى والصبوة والشغف والوجد والعشق والنجوى والشوق والوصب والاستكانة والود والخُلّة والغرام والهُيام والتعبد.][||ioi||][ وهناك أسماء أخرى كثيرة أمسكنا عن ذكرها التقطت من خلال ما ذكره المحبون في أشعارهم وفلتات ألسنتهم وأكثرها يعبر عن العلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة.

    الهوى : يقال إنه ميْل النفس ، وفعْلُهُ: هَوِي، يهوى، هَوىً، وأما: هَوَىَ يَهوي فهو للسقوط، ومصدره الهُويّ.
    وأكثر ما يستعمل الهَوَى في الحبِّ المذموم، قال تعالى: (وأمَا من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ،، فإنَّ الجَنَّة هي المأْوى ) [النازعات 40-41] .
    وقد يستعمل في الحب الممدوح استعمالا مقيداً، منه قول النبي صلى الله عليه وسلم: [لا يؤْمن أحدكم حتى يكون هَواهُ تبعاً لما جئتُ بِه].صححه النووي
    وجاء في الصحيحين عن "عروة بن الزبير" - رضي الله عنه - قال: (كانت خولة بنت حكيم: من اللائي وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم، فقالت "عائشة" رضي الله عنها : أما تستحي المرأة أن تهَبَ نفسها للرَّجُل؟ فلمّا نزلت ( تُرْجي من تشاء مِنْهُنَّ )(الأحزاب51 ) قلت: يا رسول الله ما أرى ربَّك إلا يُسارعُ في هواك "
    والصَّبْوة : وهي الميل إلى الجهل، فقد جاء في القرأن الكريم على لسان سيدنا "يوسف" عليه السلام قوله تعالى:
    ( وإلا تَصرفْ عني كيدَهن أصبُ إليهنَّ وأكنُ من الجاهلين ).[يوسف30]
    والصّبُوة غير الصّبابة التي تعني شدة العشق، ومنها قول الشاعر:

    تشكّى المحبون الصّبابة لَيْتني
    تحملت ما يلقون من بينهم وحدْي

    والشغف: هو مأخوذ من الشّغاف الذي هو غلاف القلب، ومنه قول الله تعالى واصفاً حال امرأة العزيز في تعلقها بيوسف عليه السلام ( قد شغفها حُباً ) ، قال "ابن عباس" رضي الله عنهما في ذلك: دخل حُبه تحت شغاف قلبها.

    والوجد : وعُرف بأنه الحب الذي يتبعه الحزن بسبب ما.
    والكَلَفُ : وهو شدة التعلق والولع، وأصل اللفظ من المشقة، يقول الله تعالى: ( لا يُكلف الله نفساً إلا وُسْعَهَا )[البقرة286] . وقال الشاعر:

    فتعلمي أن قد كلِفْتُ بحبكم
    ثم اصنعي ما شئت عن علم

    ثم العشق: وكما يقال عنه: أمرّ هذه الأسماءُ وأخبثها، وقلّ استعمال العرب القدماء له، ولا نجده إلا في شعر المتأخرين، وعُرِّف بأنه فرط الحب. قال الفراء:
    العشق نبت لزج، وسُمّى العشق الذي يكون في الإنسان لِلصُوقهِ بالقلب.
    والجوى : الحرقة وشدة الوجد من عشق أو حُزْن.
    والشوق: هو سفر القلب إلى المحبوب، وارتحال عواطفه ومشاعره، وقد جاء هذا الاسم في حديث نبوي شريف، إذ روى عن "عمار بن ياسر" رضي الله عنه أنه صلى صلاة فأوجز فيها، فقيل له: أوجزت يا " أبا اليقظان " !! فقال: لقد دعوت بدعوات سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم" يدعو بهن:
    [اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني إذا كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي، وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضى، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيماً لا ينفد، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضى بعد القضاء، وأسألك بَرَد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مُضرة، ولا فتنة ضالة، اللهم زيِّنَّا بزينة الإيمان، واجعلنا هُداة مهتدين] . وقال بعض العارفين :
    (لما علم الله شوق المحبين إلى لقائه، ضرب لهم موعداً للقاء تسكن به قلوبهم).
    والوصَب ُ: وهو ألم الحب ومرضه، لأن أصل الوصب المرض، وفي الحديث الصحيح: [ لا يصيب المؤمن من همّ ولا وصب حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه ] .
    وقد تدخل صفة الديمومة على المعنى، قال تعالى:
    ( ولهم عذابٌ واصبٌ ) [الصافات9]وقال سبحانه: ( وله الدينُ واصباً ) .[النحل 52]
    والاستكانة: وهي من اللوازم والأحكام والمتعلقات، وليست اسماً مختصاً، ومعناها على الحقيقة : الخضوع ، قال تعالى:
    ( فما استكانوا لربهم وما يتضرعون )[المؤمنون 76] ، وقال: ( فما وَهَنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضَعُفوا وما استكانوا )[آل عمران146] .
    وكأن المحب خضع بكليته إلى محبوبته، واستسلم بجوارحه وعواطفه، واستكان إليه.
    والوُدّ : وهو خالص الحب وألطفه وأرقّه، وتتلازم فيه عاطفة الرأفة والرحمة، يقول الله تعالى: (وهو الغفور الودود)[البروج14] ، ويقول سبحانه: (إن ربي رحيم ودود)[هود90] .
    والخُلّة: وهي توحيد المحبة، وهي رتبة أو مقام لا يقبل المشاركة، ولهذا اختص بها في مطلق الوجود الخليلان "إبراهيم" و"محمد" صلوات الله وسلامه عليهما ، قال تعالى: (واتَخَذَ اللهُ إبراهيم خليلاً)[النساء125] .
    وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ إنّ الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً ] وقال صلى الله عليه وسلم: [ لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن صاحبكم خليل الرحمن ]، وقال صلى الله عليه وسلم: [ إني أبرأ إلى كل خليل من خلته].
    وقيل: لما كانت الخلّة مرتبة لا تقبل المشاركة امتحن الله سبحانه نبيه "إبراهيم" - الخليل - بذبح ولده لما أخذ شعبة من قلبه ، فأراد سبحانه أن يخلّص تلك الشعبة ولا تكون لغيره، فامتحنه بذبح ولده ، فلما أسلما لأمر الله، وقدّم إبراهيم عليه السلام محبة الله تعالى على محبة الولد، خلص مقام الخلة وصفا من كل شائبة ، فدي الولدُ بالذبح.
    ومن ألطف ما قيل في تحقيق الخلّة : إنها سميت كذلك لتخللها جميع أجزاء الروح وتداخلها فيها، قال الشاعر:

    قد تخلَّلْتِ مسلك الروح مِني وبذا سُمِّي الخليل خليلاً

    وقال بعض العلماء المحققين :
    قد ظن بعض من لا علم عنده أن الحبيب أفضل من الخليل، وقال: "محمد حبيب الله، و"إبراهيم خليل الله، وهذا باطل من وجوه كثيرة:
    منها : أن الخلّة خاصة، والمحبة عامة، فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، وقال في عباده المؤمنين: ( يُحبُّهم ويُحبونه )[المائدة54] .
    ومنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم نفى أن يكون له من أهل الأرض خليل، وأخبر أن أحب النساء إليه عائشة رضي الله عنها، ومن الرجال أبوها .
    ومنها : أنه صلى الله عليه وسلم قال: [لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن أُخوّة الإسلام ومودته ]
    ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم قال: [إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً].
    والغرامُ : وهو الحب اللازم، ونقصد باللازم التحمل ، يقال: رجلٌ مُغْرم، أي مُلْزم بالدين ، قال "كُثِّير عَزَّة":

    قضى كل ذي دينٍ فوفّى غريمه و"عزَّة" ممطول مُعنًّى غريمُها

    ومن المادة نفسها قول الله تعالى عن جهنم: (إنَّ عذابها كان غراماً ) أي لازماً دائماً.
    والهُيام : وهو جنون العشق، وأصله داء يأخذ الإبل فتهيم لا ترعى، والهيم (بكسر الهاء) الإبل العطاش، فكأن العاشق المستهام قد استبدّ به العطش إلى محبوبه فهام على وجهه لا يأكل ولا يشرب ولا ينام، وانعكس ذلك على كيانه النفسي والعصبي فأضحى كالمجنون، أو كاد يجنّ فعلاً على حد قول شوقي :

    ويقول تكاد تُجَـنُّ به فأقول وأوشك أعبُده
    مولاي وروحي في يده قد ضيّعها سلِمت يده

    ونصل إلى قمة الهرم صعوداً في معنى الحب ومرادفاته، وهو: التعبد، وقيل فيه: التعبد هو غاية الحب وغاية الذُل يقال: عَبّده الحبُّ أي ذلّله وطريق معبّد بالأقدام، أي مذلل، وكذلك المحب قد ذلـلّه الحب ووطّأه، ولا تصلح هذه المرتبة إلا لذات الله تعالى فمحبة العبودية أشرف أنواع المحبة، وهي خالص حق الله على عباده . وجاء في الصحيح عن "معاذ بن جبل" رضي الله عنه قال:
    (كنت سائراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: [ يا معاذ] … قلت: لبيك يا رسول الله وسَعدَيك ، قال: [ أتدري ما حق الله على عباده ؟ ] قلت : الله ورسوله أعلم، قال: [حقه عليهم أن يعبدوه لا يشركوا به شيئاً… أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك ؟ ألا يعذبهم بالنار] . وقد ذكر الله سبحانه وتعالى رسله بالعبودية في أشرف مقاماته، وهي مقام التحدي، ومقام الإسراء، ومقام الدعوة.
    فقال في التحدي: (وإن كنتم في ريبٍ مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورةٍ من مثلهِ)[البقرة23] .
    وقال في مقام الإسراء: (سُبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله)[الإسراء1] .
    وقال في مقام الدعوة: ( وأنه لما قام عبد الله يدعوه )[الجن19] .
    وإذا تدافع أولو العزم الشفاعة الكبرى يوم القيامة، يقول "عيسى" عليه السلام لهم" اذهبوا إلى "محمد"، عَبْدٌ غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فهو عليه الصلاة والسلام قد نال ذلك المقام بكمال العبودية وكمال مغفرة الله له، فأشرف صفات العبد صفة العبودية، وأحب أسمائه إلى الله: عبد الله، وعبد الرحمن ، وأصدقها حارث، وهمّام، وأقبحها حرب ، ومُرة… كما جاء عن الصادق الأمين صلوات الله وسلامه عليه.

    ~،،¤ô§ô¤،،~أنواع الحـب : ~،،¤ô§ô¤،،~
    الحب معنًى من أوسع المعاني ، فهو أكبر من أن يحصر في حيز علاقة بين مخلوق ومخلوق، إنه كالنهر الذي تستمد منه القنوات ماءها ثم قد تتشعب كل قناة بدروها فيشمل الحب حب الإنسان لنفسه ، ويتفرع من ذلك حب الوجود وحب كمال الوجود .
    ومن حب الوجود يخرج حب البقاء في الدنيا ثم حب الخلود في الجنة في الآخرة ومن حب كمال الوجود ينشأ حب النساء والأبناء والمال والجاه. وهكذا الحال في أنواع الحب الأخرى .
    فحب الإنسان لغيره يشمل حب الدين والوطن والآباء والعشيرة والإخوان والأمة بجميع أعضائها المؤمنين وأعلاهم الأنبياء وأشرفهم محمد صلى الله عليه وسلم وهذا كله حب لهم لا لذاتهم بل لأجل حب الله عزوجل وهو الذي يُحبّ لذاته سبحانه
    قال ابن القيم في الدواء الكافي :
    هناك أنواع من المحبة :

    أحدها : محبة الله ولا تكفي وحدها في النجاة من عذاب الله والفوز بثوابه فإن المشركين وعبّاد الصليب واليهود وغيرهم يحبون الله .
    الثاني : محبة ما يحبه الله وهذه هي التي تدخله في الإسلام وتخرجه من الكفر.
    الثالث: الحب لله وفيه وهي من لوازم محبة ما يحبه الله.
    الرابع : المحبة مع الله وهي المحبة الشركية وكل من أحب شيئاً مع الله لا لله ولا من أجله ولا فيه فقد اتخذه نِداً من دون الله وهي محبة المشركين .
    وبقي قسم خامس وهو المحبة الطبيعية وهي ميل الإنسان إلى ما يلائم طبعه كمحبة العطشان للماء والجائع للطعام ومحبة النوم والزوجة والولد فتلك لا تذم إلا إذا ألهت عن ذكر الله وشغلت عن محبته ) .

    ********

    الحب في القرآن

    الحب في القرآن نريد أن نعرض قلوبنا على القرآن الكريم ؟ ما هو ذاك الحب الذي يسودها ويمحورها ويستحوذ عليها ؟ إن كل حب يستقطب قلب الإنسان يتخذ إحدى درجتين.

    الدرجة الأولى: أن يشكل هذا الحب محوراً وقاعدة لمشاعر وعواطف وآمال وطموحات هذا الإنسان، قد ينصرف عنه في قضاء حاجة في حدود خاصة ولكن سرعان ما يعود إلى القاعدة لأنها المركز وهى المحور وقد ينشغل بحديث، وقد ينشغل بكلام، وقد ينشغل بعمل، بطعام، بشراب، بعلاقات ثانوية، بصداقات، لكن يبقى ذلك الحب هو المحور.

    الدرجة الثانية من هذا الحب: ان يستقطب هذا الحب كل وجدان الإنسان، بحيث لا يشغله شيء عنه على الإطلاق، ومعنى ذلك أنه سوف يرى محبوبه أينما توجه.

    وهذا التقسيم الثنائى ينطبق على حب الله وحب الدنيا، الحب الشريف لله عز وجل يتخذ هاتين الدرجتين

    الدرجة الأولى: يتخذها في نفوس المؤمنين الصالحين فهؤلاء يجعلون من حب الله محوراً لكل عواطفهم ومشاعرهم وطموحاتهم وآمالهم، قد ينشغلون بمتعة من المتع المباحة، ولكن يبقى هذا المحور هو الذى يرجعون إليه بمجرد أن ينتهى هذا الانشغال الطارئ. كما قال واصفاً المؤمنين في غزوة أحد حينما تطلعت نفوسهم إلى الغنائم ﴿ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ ﴾[آل عمران:152] وهذا هو شأن المؤمن الصالح يرجع ويتوب ويعود إلى حب الله بعد ما شغلته الدنيا لأن حب الله عنده هو الأساس و المحور.

    أما الدرجة الثانية، فهى الدرجة التي يصل إليها الصديقون وأولياء الله وهم الصفوة كأبي بكر الصديق وعمر وعثمان وعلى رضي الله عنهم وأرضاهم. قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ﴾[البقرة:165]، وقال أيضاً:﴿ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾[المائدة:54].

    وفي الحديث (ما سبقكم أبو بكر بكثرة صلاة ولاصيام ولكن بشيء وقر في صدره) يعني والله تعالى أعلم أن أبا بكر رضي الله عنه كان يحب الله ويحب الإسلام حباً عظيما لا يقدر بشيء وهذا الحب إستقطب كل وجدانه وكل مشاعره بحيث لا يقدم أي شيء على حب الله وحب الإسلام وأكبر دليل يدل على ذلك أن أبا بكر رضي الله عنه استلم قيادة جزيرة العرب وأغلب أهلها قد إرتدوا عن الإسلام ونكثوا العهود فثبت ولم يهتز لأنه يحب الإسلام ويحب مرضاة الله حباً لا مثيل له ولأجل ذلك ضحى في قتال المرتدين بالنفس والنفيس.

    ونفس هذا التقسيم الثنائي يأتى في حب الدنيا.

    الدرجة الأولى: أن يكون حب الدنيا محوراً للإنسان في تصرفاته وسلوكه يتحرك حينما تكون المصلحة الشخصية في أن يتحرك، ويسكن حينما تكون المصلحة الشخصية في أن يسكن، يتعبد حينما تكون المصلحة الشخصية في أن يتعبد وهكذا، الدنيا تكون هي القاعدة، ولكن أحيانا يمكن أن يفلت من الدنيا ويشتغل أشغالاً أخرى طاهرة قد يصلى وقد يصوم لله لكن سرعان ما يرجع مرة اخرى إلى ذلك المحور وينشد إليه، فهى فلتات يخرج بها من إطار ذلك الشيطان ثم يرجع إلى الشيطان مرة أخرى، هذه هى الدرجة الأولى من هذا المرض الوبيل ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴿ 16 ﴾ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾[الأعلى:16-17]

    الدرجة الثانية هى المهلكة حينما يُعمي حب الدنيا هذا الإنسان، يسد عليه كل منافذ الرؤية بحيث لا يرى شيئاً إلا ويرى الدنيا فيها وقبلها وبعدها.حتى الأعمال الصالحة تتحول عنده إلى دنيا وتتحول إلى متعة إلى مصلحة شخصية حتى الصلاة حتى الصيام، هذه الألوان كلها تتحول إلى دنيا لا يمكنه أن يرى شيئاً إلا من خلال الدنيا، إلا من خلال مقدار ما يمكنه لهذا العمل أن يعطيه من حفنة مال أو من حفنة جاه، وهذا لا يستمر معه إلا بضعة أيام معدودة.

    قال تعالى: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾[الأعراف:175/176]

    فأعلم يا أخي أن حب الله هو الذى يعطى للإنسان الكمال والعزة والشرف والاستقامة، والقدرة على مغالبة الضعف في كل الحالات.

    حب الله سبحانه هو الذى جعل أولئك السحرة يتحولون إلى رواد على الطريق، فقالوا لفرعون:﴿ فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴾[طـه:72]

    حب الله هو الذى جعل ماشطة بنت فرعون تعلن بكل فخر أن ربها هو الله وهو رب فرعون وهو الذى ثبتها أمام عذاب فرعون القاسي الذي أحرق جسدها وجسد أبنائها بالنار حتى الموت فأين نحن اليوم من شبابنا الذين يقولون لا نستطيع الصبر على الشهوات وأين نحن اليوم من أخواتنا اللائى يقلن لا نقدر على إرتداء الحجاب فأين أنتن يا أخواتى من ماشطة بنت فرعون والتي عذبها فرعون بالنار وقتل أبنائها أمام عينيها وهي صابرة محتسبة لأنها أحبت الله وأحبت ما عند الله من الثواب فقدمت حب الله على حب الدنيا.

    وأعلم يا أخى الكريم أن من أعظم الأسباب المعنية على حب الله سبحانه وتعالى قراءة القرآن بالتدبر والتفهم لمعانيه ومعرفة المراد منه والعمل به ودوام ذكر الله تعالى والصحبة الطيبة والبعد عن رفقاء السوء.


    عبادة الحب في الله

    عبادة عظيمة وأجر وافر يغفل عنه كثير من الناس مع أن الحاجة ماسة إلى تلك العبادة في كل حين، وفي الآونة الأخيرة أشد.

    الحب أصله في لغة العرب الصفاء لأن العرب تقول لصفاء الأسنان حبب.

    وقيل مأخوذ من الحـُباب الذي يعلوا المطر الشديد.

    وعليه عرفوا المحبة بأنها: غليان القلب عند الاحتياج للقاء المحبوب.

    وقيل مأخوذ من الثبات ومنه أحب البعير إذا برك.

    فكأن المحب قد لزم قلبه محبة من يحب فلم يرم عنه انتقالا ً......وقيل غير ذلك.

    والحب من طبيعة الإنسان، فالحب عمل قلبي، ولذا كان الحب موجود منذ وجد الإنسان على ظهر هذه الأرض، فآدم يحب ولده الصالح، وابني آدم كان ما بينهما بسبب المحبة، وتظل المحبة على وجه الأرض ما بقي إنسان.

    ولما كانت المحبة بتلك المنزلة جاء الإسلام ليهذبها، ويجعل هذا الرباط من أجل الله، فالمؤمن يحب من أجل الله ويبغض لله يوالي له ويعادي له، وهكذا الحياة كلها لله.

    "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له"

    وقد امتن الله عز وجل بهذا التأليف للقلوب قال سبحانه وتعالى:

    "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء ً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون"

    وقال جل وعلا :"وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ًما ألفت بين قلوبهم".

    "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم"

    هذه المحبة امتدت لتشمل من رأيناهم ومن لم نرهم.تأملوا في تلك الآية

    "والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا"

    فسبحانك ربي محبة تربط أجيال بأجيال أخرى لم يحصل بينهم أي تلاقى ٍ للأجساد ولكن جمعتهم المحبة في الله.

    يجلس النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه فيقول وددت لو لأني رأيت أحبابي قالوا يا رسول الله ألسنا أحبابك قال أنتم أصحابي أحبابي يأتون بعدي آمنوا ولم يروني.

    تخيل.. بل تأمل.. النبي صلى الله عليه وسلم يحبك أنت ويشتاق لك.

    ولذا وجد في الأمة من يتمنى رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بما له من أهل ومال.

    فانظر إلى جيل التابعين ثبت في مسند الإمام أحمد عن محمد بن كعب القرظي قال : قال فتى منا لحذيفة بن اليمان يا أبا عبد الله رأيتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتموه ؟ قال نعم يا ابن أخي، قال فما كنتم تصنعون ؟ قال والله لقد كنا نجهد، قال والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الأرض ولجعلناه على أعناقنا.

    محبة المؤمنين من الإيمان

    وهذه المحبة الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم ممتدة لأهل الإيمان وإن كانت في حق النبي صلى الله عليه وسلم ينبغي أن تقدم على النفس والأهل والمال، فإن محبة المؤمنين أيضا هي من الإيمان.

    نعم المحبة لها علاقة بالإيمان : في الصحيحين من حديث البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الأنصار : لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق.

    بل إن بها حلاوة الإيمان : في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار.

    وبها يستكمل الإيمان : فعن أبي أمامة رضي الله عنه من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان. رواه أبو داود.



    بل هي أوثق عرى الإيمان : عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا ً : أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله. رواه الطبراني وحسنه الأرناؤط.

    وهي طريق إلى الجنة : روى مسلم من حديث أبي هريرة والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم.

    وتجلب محبة الله : في موطأ مالك بإسناد صحيح وصححه بن حبان والحاكم ووافقه الذهبي عن أبي إدريس الخولاني قال دخلت مسجد دمشق فإذا فتى براق الثنايا ( أي أبيض الثغر كثير التبسم ) وإذا الناس معه فإذا اختلفوا في شيء أسندوه إليه وصدروا عن رأيه فسألت عنه فقيل هذا معاذ بن جبل رضي الله عنه، فلما كان من الغد هجرت فوجدته قد سبقني بالتهجير ووجدته يصلي فانتظرته حتى قضى صلاته ثم جئته من قبل وجهه فسلمت عليه ثم قلت والله إني لأحبك في الله فقال آالله ؟ فقلت الله، فقال آلله ؟ فقلت الله، فأخذني بحبوة ردائي فجبذني إليه، فقال أبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله تعالى : وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتباذلين في.

    روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى فأرسل الله له على مدرجته ملكا ً..... فقال إن الله قد أحبك كما أحببته فيه.

    بل تجلب محبة الملأ الأعلى أجمعين مع القبول في الأرض : في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : إذا أحب الله عبدا دعا جبريل فقال يا جبريل إني أحبه فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض.

    هذا غيض من فيض في الدنيا، فإذا حقت الحاقة ووقعت الواقعة وزلزلت الأرض زلزالها ودنت الشمس من الرؤوس فحدث و لا حرج عن الكرامات لهؤلاء المتحابين بجلال الله.

    يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، وتأمل في هذا الرابط الوثيق بين كون المحبة لله وكون الظل في ظل عرش الله.

    في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

    وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الله يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي.

    الحب في الله سبب في دخول الجنة، فهو من الأعمال الصالحة التي تستوجب حسن الثواب، وله ثواب خاص .

    روى الترمذي بسند حسن صحيح عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : المتحابون بجلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء.

    وأخرج ابن حبان بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن من عباد الله عباداً ليسوا بأنبياء يغبطهم الأنبياء والشهداء قيل: من هم لعلنا نحبهم ؟ قال : هم قوم تحابوا بنور الله من غير أرحام ولا أنساب، وجوههم نور، على منابر من نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس، ثم قرأ:"ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون" فجثا رجل من الأعراب من قاصية الناس، وألوى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: ناس من المؤمنين ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء على مجالسهم وقربهم؛ انعتهم لنا. فسر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بسؤال الأعرابي فقال: هم ناس من أفناء الناس، ونوازع القبائل، لم تصل بينهم أرحام متقاربة، تحابوا في الله وتصافوا، يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسهم عليها، فيجعل وجوههم نورا، وثيابهم نورا، يفزع الناس يوم القيامة ولا يفزعون وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون" رواه أحمد ورجاله ثقات.

    اللهم أظلنا في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك.

    في الصحيحين من حديث أنس أن النبي قال : المرء مع من أحب.

    اللهم إنا نحب نبيك والصالحين أجمعين فاحشرنا معهم بمنك وكرمك.

    من شروط المحبة في الله :

    1ـ أن تكون لله، فكل عمل لغير الله لا يقبله الله، ومعنى كونها لله أنها لا تتأثر ببياض أو سواد أو حزب أو جماعة أو بلد أو عرق بل هي لله وحده لا شريك له.

    2ـ أن تكون على الطاعة، فالحب في الله طاعة لله، فهل تستغل طاعة الله لشيء محرم؟!.

    3ـ أن تشتمل على التناصح، فالمؤمن ناصح للمؤمنين أجمعين، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في صحيح مسلم من حديث أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه : الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة.

    من واجبات المحبة في الله :

    1 ـ إخبار من يحب.

    فعن المقداد بن معدِيكرب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه. رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.

    2 ـ أن تحب له ما تحب لنفسك.

    لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.

    3ـ الهدية.

    في سنن البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : تهادوا تحابوا.

    4ـ إفشاء السلام.

    في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم.

    5 ـ البذل والتزاور.

    والمقصود البذل بمعناه الواسع بذل من الوقت والجهد والعلم والمال.

    إن أخاك الحق من كان معـك * * * ومن يضـر نفسه لينفعك

    ومن إذا ريب الزمان صـدعك * * * شتت فيك شمله ليجمعك

    6-حرارة العاطفة :

    روى الطبراني في الأوسط من حديث عائشة قالت : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلمفقال يا رسول الله إنك لأحب إلي من نفسي وإنك لأحب إلي من ولدي وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتي فأنظر إليك وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين وإني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم..."

    من أخبار الأعلام :

    في البخاري وغيره عن عبد الرحمن بن عوف قال : آخى النبي صلى الله عليه وسلم بيني وبين سعد بن الربيع، فقال سعد : إني أكثر الأنصار مالاً، فأقسم لك شطر مالي، وانظر أي زوجتيَّ هويت نزلت لك عنها فإذا هي حلت تزوجتها، فقال له عبد الرحمن:لا حاجة لي في ذلك ولكن هل من سوق ٍ فيه تجارة ؟.

    وهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول لابنه الحسن : يا بني الغريب من ليس له حبيب.

    وقال الحسن البصري : إخواننا أحب إلينا من أهلينا، إخواننا يذكروننا بالآخرة وأهلونا يذكروننا بالدنيا.

    وقال بعض السلف إن الذباب ليقع على صديقي فيشق علي.

    وهؤلاء سافروا فلما أظلم عليهم الليل دخلوا غار وكان البرد شديد وليس للغار باب فانظروا لروعة فعل أحد المحبين يقول فقمت مقام الباب أي أنه اشتغل في تلك بعمل جسده بابا للغار حتى لا يدخل البرد فيؤذي أحبابه.

    وأختم بهذه الأبيات الرائعة للإمام الشافعي رحمه الله :

    إذا المرء لا يلقاك إلا تكلفــا فدعه ولا تكثر عليه التأسفــــا

    ففي الناس أبدال وفي الترك راحة وفي القلب صبر للحبيب ولو جفـا

    فما كل من تهـواه يهواك قلبـه ولا كل من صافيته لك قد صفــا

    إذا لم يكـن صـفو الوداد طبيعـة فلا خيـر في ود يجيء تكلفـــا

    ولا خير في خِل ٍ يخـون خليـله ويلقـاه من بعـد المودة بالجـفـا

    وينـكر عيشا ً قد تقـادم عهـده ويظهـر سرا ً كان بالأمس قد خفا

    سلام ٌ على الدنيا إذا لم يكـن بها صديقا ٌصدوقا ٌصادق الوعد منصفا

    --------------------------------------------------------------------------------

    الحب في السنة النبوية الشريفة

    1- عن أبي مالك الأشعري أنه قال: لما قضى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلاته أقبل علينا بوجهه. فقال: "ياأيها الناس اسمعوا واعقلوا. إن لله عزوجل عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء, يغبطهم الأنبياء والشهداء على منازلهم وقربهم من الله". فجثا رجل من الأعراب من قاصية الناس, وألوى بيده إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: يا رسول الله, ناس من المؤمنين ليسوا بأنبياء ولا شهداء, يغبطهم الأنبياء والشهداء على مجالسهم وقربهم. انعتهم لنا, حلهم لنا-يعني صفهم لنا, شكلهم لنا-فسر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بسؤال الأعرابي, فقال: "هم ناس من أفناء الناس ونوازع القبائل, لم تصل بينهم أرحام متقاربة, تحابوا في الله وتصافوا. يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسهم عليها, فيجعل وجوههم نورا وثيابهم نورا, يفزع الناس يوم القيامة ولا يفزعون, وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون" ( رواه كله الإمام أحمد والطبراني بنحوه وزاد "على منابر من نور من لؤلؤ قدام الرحمان" ورجاله وثقوا )

    وفي رواية: قال: يا رسول الله سمهم لنا. قال: فرأينا وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل.

    وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عيه وسلم قال: "إن لله جلساء يوم القيامة عن يمين العرش - وكلتا يدي الله يمين - على منابر من نور, وجوههم من نور, ليسوا بأنبياء ولا شهداء ولا صديقين". قيل يا رسول الله من هم؟. قال: "هم المتحابون بجلال الله تبارك وتعالى". رواه الطبراني ورجاله وثقوا.

    2- وعن أبي سعيد الخدري رضوان الله عليه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المتحابين في الله تعالى لترى غرفهم في الجنة كالكوكب الطالع الشرقي أو الغربي. فيقال من هؤلاء؟ فيقال: هؤلاء المتحابون في الله عز وجل". رواه أحمد برجال الصحيح ( انظر مجمع الزوائد )

    3- روى الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل. فقال: إني أحب فلانا فأحبه قال: فيحبه جبريل, ثم يوضع له القبول في الأرض. وإذا أبغض عبدا دعا جبريل عليه السلام, فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه. قال: فيبغضه جبريل, ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه, ثم يوضع له البغضاء في الأرض".

    4- فعن أبي الدرداء رضوان الله عليه يرفعه, قال: "مامن رجلين تحابا في الله بظهر الغيب إلا كان أحبهما إلى الله أشدهما حبا لصاحبه". رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح, غير المعافى بن سليمان وهو ثقة.

    5- وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أحب رجلا لله فقد أحبه الله. فدخلا جميعا الجنة, وكان الذي أحب لله أرفع منزلة, ألحق الذي أحبه لله". رواه الطبراني والبزار بنحوه بإسناد حسن.

    6- عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "حقت محبتي للمتحابين في, حقت محبتي للمتواصين في, حقت محبتي للمتبادلين في. المتحابون في على منابر من نور, يغبطهم بمكانتهم النبيون والصديقون والشهداء". رواه الإمام أحمد وابن حبان و الحاكم والقضاعي.

    وفي رواية : "حقت محبتي للذين يتناصرون من أجلي, وحقت محبتي للذين يتصادقون من أجلي". رواه الطبراني في الثلاتة وأحمد بنحوه ورجال أحمد ثقات.

    "المتحابون لجلالي في ظل عرشي يوم لاظل إلا ظلي". رواه الإمام أحمد والطبراني وإسنادهما جيد عن العرباض بن سارية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى .

    7- عن معاذ رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : "قال الله تبارك و تعالى : وجبت محبتي للمتحابين فيّ ، و المتجالسين فيّ و المتزاورين ، و المتباذلين فيّ " (رواه مالك و غيره )

    8- عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما من عبد أحبّ عبدا لله إلا أكرمه الله عز وجل " ( أخرجه أحمد بسند جيّد )

    9- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "إنّ الله تعالى يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم أظلّهم في ظلّي يوم لا ظلّ إلاّ ظلّي ( رواه مسلم )

    10- قال عليه الصلاة و السلام : " من أحبّ أن يجد طعم الإيمان فليحبّ المرء لا يحبه إلا لله ( رواه الحاكم و قال : صحيح الإسناد و لم يخرجاه و أقرّه الذهبي )

    11- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من سرّه أن يجد حلاوة الإيمان، فليحبّ المرء لا يحبه إلا لله" ( رواه أحمد و الحاكم و صححه الذهبي )

    12- عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ثلاث من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله و رسوله أحبّ إليه مما سواهما ، و أن يحبّ المرء لا يحبه إلا لله ، و أن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه ، كما يكره أن يلقى في النار " (متفق عليه)

    13- عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من أحبّ لله ، و أبغض لله ، و أعطى لله ، و منع لله ، فقد استكمل الإيمان " ( رواه أبو داود بسند حسن )

    14- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا و لا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم " ( رواه مسلم )

    15- عن أبي مالك الأشعري قال : " كنت عند النبي صلى الله عليه و سلم فنزلت عليه هذه الآية :" يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم" (المائدة 101) قال : فنحن نسأله إذ قال : 3 إنّ لله عبادا ليسوا بأنبياء و لا شهداء ، يغبطهم النبيون و الشهداء بقربهم و مقعدهم من الله يوم القيامة ، قال : و في ناحية القوم أعرابي فجثا على ركبتيه و رمى بيديه ، ثم قال : حدثنا يا رسول الله عنهم من هم ؟ قال : فرأيت في وجه النبي صلىالله عليه و سلم البِشر ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " هم عباد من عباد الله من بلدان شتى ، و قبائل شتى من شعوب القبائل لم تكن بينهم أرحام يتواصلون بها ، و لا دنيا يتباذلون بها ، يتحابون بروح الله ، يجعل الله وجوههم نورا و يجعل لهم منابر من لؤلؤ قدام الناس ، و لا يفزعون ، و يخاف الناس و لا يخافون " ( رواه أحمد و الحاكم و صححه الذهبي )

    16- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ،كيف تقول في رجل أحبّ قوما ولم يلحق بهم ؟ قال : "المرء مع من أحبّ" ( الصحيحان )

    17- في الصحيحين أيضا عن أنس رضي الله عنه أنّ رجلا سأل النبي صلى الله عليه و سلم متى الساعة ؟ قال : " ما أعددت لها ؟ " قال : ما أعددت لها من كثير صلاة و لا صوم و لا صدقة ، و لكني أحبّ الله و رسوله، قال :" أنت مع من أحببت" ، قال أنس : فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي صلى الله عليه و سلم :"أنت مع من أحببت" فأنا أحب النبي صلى الله عليه و سلم و أبا بكر و عمر ، و أرجو أن أكون معهم بحبي إياهم ، و إن لم أعمل بمثل أعمالهم

    18- وعن علي رضي الله عنه مرفوعا:" لا يحب رجل قوما إلا حشر معهم" ( الطبراني في الصغير )

    19- قال صلى الله عليه و سلم : " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " (رواه أبو داود و غيره)

    20- قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه " ( رواه الشيخان )

    21- عن أنس بن مالك قال : مر رجل بالنبي صلى الله عليه و سلم و عنده ناس ، فقال رجل ممن عنده : إني لأحب هذا لله ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم :"أعلمته؟" قال : لا ، قال : " قم إليه فأعلمه " فقام إليه فأعلمه ، فقال : أحبّك الذي أحببتني له ثم قال ، ثم رجع فسأله النبي صلى الله عليه و سلم فأخبره بما قال فقال النبي صلى الله عليه و سلم :"أنت مع من أحببت ، و لك ما احتسبت " ( رواه أحمد و الحاكم و صححه الذهبي )

    22- عن المقداد بن معدى كرب عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :" إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه " ( رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن )

    23- جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال إن الله تعالى ، قال : ( من عادى لي وليـًا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرّب إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مما افترضته عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنتُ سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطشُ بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينَّه ، وإن استعاذني لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن ، يكره الموت وأنا أكره مساءته )

    24- وفي حديث أنس – أيضاً – قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ) [البخاري (1/9)[

    25- في حديث عبد الله بن هشام، رضي الله عنه، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء، إلا نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك)) فقال عمر: والله لأنت أحب إلى من نفسي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((الآن يا عمر)) [البخاري (7/218)[

    26- يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما " .

    27- وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف يوضح أسباب حبِّ الناس له حيث قال "أحبُّ الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحبُّ الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربةً، أو تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً، ولئن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً، في مسجد المدينة، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يثبتها له ثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام" المعجم الصغير".

    28- قال صلى الله عليه وسلم : ( مثل المؤمنين في توادهم ، وتراحمهم ، وتعاطفهم ،مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) رواه مسلم .

    29- عن سهل بن سعد الساعدي قال: جاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس فقال: ((ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس)) [رواه ابن ماجة وغيره، والحديث صحيح].

    30- عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الانصار : « لا يُحِبُّهُمْ إِلاَّ مُؤمِنٌ ، وَلا يُبْغِضُهُمْ إِلاَّ مُنَافِقٌ ، مَنْ أَحَبَّهُمْ أحبَّه اللَّهُ ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّه » متفقٌ عليه .

    31- وعن عائشةَ رضي اللَّهُ عنها ، أَن رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، بعَثَ رَجُلاً عَلَى سرِيَّةٍ ، فَكَانَ يَقْرأُ لأَصْحابِهِ في صلاتِهِمْ ، فَيخْتِمُ بــ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } فَلَمَّا رَجَعُوا ، ذَكَروا ذلكَ لرسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فقال : « سَلُوهُ لأِيِّ شَيءٍ يَصْنَعُ ذلكَ ؟ » فَسَأَلوه ، فَقَالَ : لأنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا، فقال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّه تعالى يُحبُّهُ » متفقٌ عليه

    32- روى الطبراني في الأوسط من حديث عائشة قالت : « جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنك لأحب إلي من نفسي وإنك لأحب إلي من ولدي وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتي فأنظر إليك وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين وإني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك ، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله { ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم ... }

    33- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « تهادوا تحابوا » رواه البيهقي

    34- روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (( أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى فأرسل الله له على مدرجته ملكا ً ..... فقال إن الله قد أحبك كما أحببته فيه )) .

    35- عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعا ً : (( أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله )) رواه الطبراني وحسنه الأرناؤط

    36- جاء في الحديث القدسي قول المولى سبحانه وتعالى : " مازال عبدي يتقرب إلىّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التى يبطش بها ، ورجله التى يبطش بها ، ولئن سألنى لأعطينه ، ولئن استعاذنى لأعيذنه " رواه البخاري.

    37- قال صلى الله عليه وسلم : (( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه قلنا :يا رسول الله ! كلنا يكره الموت ؟ قال :ليس ذلك كراهية الموت ، ولكن المؤمن إذا حضر جاءه البشير من الله ، فليس شيء أحب إليه من أن يكون قد لقي الله فأحب الله لقاءه ، وإن الفاجر أو الكافر إذا حضر جاءه ماهو صائر إليه من الشر ، أو ما يلقى من الشر ، فكره لقاء الله ، فكره الله لقاءه )) صحيح التغريب بسندٍ صحيح

    38- قال صلى الله عليه وسلم : قال الله تبارك وتعالى : (( إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقاءه، وإذا كره لقائي كرهت لقاءه )) صحيح على شرط الشيخين

    39- قال صلى الله عليه وسلم : (( إن رجلا زار أخا له في قرية ، فأرصد الله تعالى على مدرجته ملكا ، فلما أتى عليه الملك قال : أين تريد ؟ قال : أزور أخا لي في هذه القرية ، قال : هل عليك من نعمة [تربها] ؟ قال : لا ، إلا أني أحببته في الله ، قال : فإني رسول الله إليك أن الله عز وجل قد أحبك كما أحببته له )) صحيح على شرط مسلم

    40- قال صلى الله عليه وسلم : (( ما من رجلين تحابا في الله بظهر الغيب؛ إلا كان أحبهما إلى الله أشدهما حباً لصاحبه )) السلسلة الصحيح ورجاله ثقات

    41- قال صلى الله عليه وسلم : (( ما تحاب رجلان في الله إلا كان أحبهما إلى الله عز وجل أشدهما حبا لصاحبه )) السلسلة الصحيحة بسندٍ صحيح

    42- قال صلى الله عليه وسلم : (( إذا أحب أحدكم أخاه في الله فليبين له ، فإنه خير في الألفة ، و أبقى في المودة )) السلسلة الصحيحة بسندٍ حسن

    43- قال صلى الله عليه وسلم : (( أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقا )) السلسلة الصحيحة بسندٍ جيد

    44- قال صلى الله عليه وسلم : (( ما أحب عبد عبدا لله إلا أكرمه الله عز وجل )) السلسلة الصحيحة بسندٍ جيد

    45- قال صلى الله عليه وسلم : (( من سره أن يحب الله و رسوله فليقرأ في " المصحف" )) السلسلة الصحيحة بسندٍ حسن


    ************[/align]
    [align=center][/align]

  8. #23

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    [align=center]تقنية البلوتوث[/align]


    [align=justify]تعريف البلوتوث :
    بلوتوث هو معيار تم تطويره من قبل مجموعة من شركات الالكترونيات للسماح لأي جهازين الكترونيين - حاسوبات وتلفونات خلوية ولوحات المفاتيح - بالقيام بعملية اتصال لوحدهما بدون أسلاك أو كابلات أو أي تدخل من قبل المستخدم .

    صمم بلوتوث كمعيار من أجل أن يعمل على طبقتين :
    1) يوفر أرضية للاتفاق من خلال الدرجة المادية - فمعيار بلوتوث هو معيار درجات تردد الراديو
    2) ويوفر أرضية للاتفاق في الدرجات التي هي أعلى من الدرجة المادية، فهو يحل مسائل من قبيل متى سيتم ارسال البيانات ومعدل ارسال البيانات والتأكد من وصول البيانات بصورة خالية من الخطأ .

    الشركات التي تنتمي إلى مجموعة الاهتمام الخاص ببلوتوث ، والتي يقدر عددها بحوالي 1000 شركة ، تريد أن تحل اتصالات الراديو البلوتوثية محل الأسلاك لوصل خطوط الهاتف والكمبيوترات .

    كيفية التخلص من الأسلاك في الاتصالات؟

    في الواقع ، هناك طريقتين للتخلص من ازعاج الأسلاك .
    الطريقة الأولى : هي عن طريق نقل البيانات من خلال أشعة الضوء خصوصا الأشعة تحت الحمراء . الأشعة تحت الحمراء تُستعمل كثيرا في أجهزة التحكم عن البعد الخاصة بالتلفزيونات remote controller . وتُستعمل أيضا في وصل بعض الكمبيوترات مع أجهزة خارجية باستعمال معيار خاص يسمى IrDA Infrared Data Association أو جمعية البيانات تحت الحمراء

    سلبيات الأشعة تحت الحمراء
    اتصالات الأشعة تحت الحمراء يُعتمد عليها ولا تكلف كثيرا لاضافتها إلى الأجهزة. ولكن هناك سلبيتين اثنتين في الأشعة تحت الحمراء .

    أولا: الأشعة تحت الحمراء هي تكنولوجيا تعتمد على خط النظر. فعلى سبيل المثال، يجب عليك أن توجه جهاز التحكم عن البعد باتجاه التلفاز لكي تقوم باصدار الأوامر .
    ثانيا: الأشعة تحت الحمراء هي تكنولوجيا تعتمد على الفردية. فمن خلال الأشعة تحت الحمراء تستطيع أن ترسل البيانات من كمبيوترك الشخصي إلى المحمول، ولكنك لا تستطيع أن ترسل هذه البيانات من كمبيوترك الشخصي إلى المحمول وكمبيوتر آخر في نفس الوقت.

    الطريقة الثانية : للتخلص من الأسلاك هو استعمال عملية تزامن الكابل أو cable synchronizing . اذا كان لديك Palm Pilot أو أي PDA فأنت اذن تعرف شيئا ما عن عملية تزامن البيانات ،ففي عملية التزامن يقوم الفرد بوصل الـPDA إلى كمبيوتره الشخصي - غالبا عن طريق كابل - ويبدأ بعملية تزامن البيانات بحيث أن البيانات الموجودة في الكمبيوتر الشخصي هي نفس البيانات الموجودة في الـPDA. هذه العملية تجعل الـPDA مفيدة جدا لبعض الناس، ولكن عملية تزامن البيانات هي مزعجة ومملة على المدى البعيد لأنك تضطر في الغالب إلى وصل الـPDA بكمبيوترك الشخصي.

    الهدف من إنشاء بلوتوث
    الهدف من انشاء بلوتوث هو التخلص من المشاكل التي تصاحب الأشعة تحت الحمراء وعملية تزامن الكابل. فقد قامت بعض الشركات العملاقة المساهمة في هذا المشروع من أمثال سيمينز وانتل وتوشيبا وموتورولا وايريكسون قامت بصنع جهاز دائري صغير يُوضع في أجهزة الكمبيوتر والتلفون.

    فوائد بلوتوث
    فمن وجهة نظر المستخدم العادي، فإن لبلوتوث ثلاثة فوائد :
    1) بلوتوث هو لاسلكي، فلا تحتاج إلى حمل الكثير من الأسلاك عند الانتقال من مكان إلى آخر! وأيضا تستطيع أن تصمم غرفة الكمبيوتر من دون القلق بشأن الأسلاك
    2) رخيص الكلفة
    3) لا تحتاج أن تفكر في الأمر: بلوتوث لا يطلب منك القيام بأي شيء، فأجهزة بلوتوث تجد بعضها الأخر بنفسها، وتقوم بالتحدث إليها بنفسها بدون الحاجة إلى التدخل من قبل المستخدم.

    تردد البلوتوث
    بلوتوث يرسل اشاراته بتردد يبلغ GHz 2.45 وقيمة هذا التردد قد تم الاتفاق عليه من قبل الاتفاقية العالمية لاستعمال الأجهزة الصناعية والعلمية والطبية ISM . بعض من الأجهزة التي أنت على علم بها تستثمر هذا التردد في صالحها من مثل أدوات مراقبة الرضع وأجهزة التحكم عن بعد التي تفتح كاراجات السيارات، والجيل الجديد من التلفونات اللاسلكية - جميعها تستعمل قيم التردد التي تم استحداثها من قبل ISM . عملية التأكد من أن اشارات بلوتوث لا تتداخل مع اشارات بقية الأجهزة أصبح من الأمور المهمة أثناء تطوير بلوتوث.

    كيفية التخلص من عملية تداخل الاشارات؟
    من احدى الطرق التي يتجنب بها بلوتوث التداخل مع بقية الأنظمة هو ارسال اشارات ضعيفة جدا تبلغ قوتها 1 ملي وات. ومن أجل المقارنة، نقول بأن أقوى تلفون خلوي يستطيع ارسال اشارات تبلغ قوتها 3 وات. ضعف قوة اشارات البلوتوث - والتي تبلغ مداها 10 أمتار فقط - يمنع تداخل موجات كمبيوترك الشخصي مثلا مع أجهزة التلفون أو التلفزيون. ولكن على الرغم من ضعف قوة هذه الاشارات، فإن الحوائط الموجودة في منزلك لا تستطيع منع اشارات بلوتوث من المرور، مما يسمح لهذه التكنولوجيا الجديدة بالتحكم في الأجهزة الموجودة في غرف مختلفة.

    Spread Spectrum Frequency Hopping
    قد تظن أن اشارات الأجهزة التي تعمل بتكنولوجيا بلوتوث والموجودة في غرفة معينة، قد تظن أن اشاراتها ستتداخل فيما بينها مما يؤثر في عملية الاتصال. ولكن هذا أمر بعيد الحدوث لأن الأجهزة ستكون على ترددات مختلفة وفي أوقات مختلفة مستخدمة تقنية معينة تسمى وثبة تردد الطيف المتد spread-spectrum frequency hopping . باستخدام هذه التقنية فإن جهاز ما سيستعمل 79 تردد فردي مختلف بصورة عشوائية في دائرة معينة وقيمة التردد ستختلف بطريقة دورية.

    ولكن في حالة بلوتوث، فإن الجهاز المرسل سيغير قيمة التردد 1600 مرة في كل ثانية، مما يعني أن أجهزة أكثر تستطيع الاستفادة من طيف الراديو المحدد. وعلى ذلك، فإن هناك احتمال بعيد جدا أن يقوم جهازا بلوتوث باستعمال نفس التردد في نفس الوقت.

    الشبكات الشخصية
    عندما يتقارب جهازي بلوتوث من بعضهما البعض، فإن حديث الكتروني سيجري لمعرفة إن كانت هناك بيانات للمشاركة أو اذا على الجهاز الأول التحكم في الجهاز الثاني. هذا الأمر كله يجري بدون الحاجة إلى ضغط إي زر أو اصدار أي أمر، فهذا الحديث الالكتروني سيأخذ مجراه بشكل تلقائي. وعندما يتم الاتصال ما بين الجهازين، فإنه يتم تكوين شبكة معينة ما بين الجهازين. وتقوم أنظمة بلوتوث بعدئذ بانشاء شبكة شخصية قد تمتد لغرفة كاملة أو تمتد لمتر أو أقل. وعندما يتم تكوين الشبكة الشخصية فإن الجهازين يقومان بتغيير التردد بطريقة واحدة وفي وقت واحد حتى لا يتم التداخل مع شبكات شخصية أخرى التي قد تكون موجودة في نفس المكان.

    مثال على تقنية بلوتوث
    لننظر الآن إلى مثال لنرى كيف أن أجهزة بلوتوث تقوم بانشاء الشبكات الشخصية وكيف أن الترددات المختلفة تمنع حدوث عمليات التداخل. لنفترض مثلا بأنه لديك غرفة اعتيادية تحوي الأمور الاعتيادية. فهناك استريو، DVD وجهاز مستقبل للساتيلات وتلفزيون بالاضافة إلى جهاز تلفون لاسلكي وجهاز كمبيوتر شخصي. كل هذه الأجهزة مزودة ببلوتوث.

    فالتلفون اللاسلكي يحوي على نظام بلوتوث مرسل في قاعدة التلفون ونظام آخر في محمول التلفون. الشركة المصنعة لهذا التلفون أعطت عنوان معين لكل وحدة. وهذا العنوان يقع ضمن مجموعة من العناوين الخاصة بجهاز معين. عندما يتم تشغيل قاعدة التلفون، فإن قاعدة التلفون تبدأ بارسال اشارات الراديو في كل جهة بحثا عن أي وحدة تحوي عنوانا في مدى معين. ولأن محمول التلفون يحوي ذلك العنوان، فإنه يستقبل هذه الاشارات ويتم انشاء شبكة شخصية. والآن، حتى اذا لو تم ارسال اشارات إلى أحد الأجهزة المكونة لهذه الشبكة، فإن هذه الأجهزة ستتجنبها لأنها لم تأتي من داخل الشبكة. نفس المرحلة تبدأ ما بين الكمبيوتر وجهاز الاستريو. ومن ثم فإن كل شبكة شخصية تغير تردد الاتصال فيما بينها وعلى ذلك فإن أي شبكة لا تستطيع التأثير في شبكة أخرى.

    والآن لدينا ثلاث شبكات شخصية ما بين:
    1) قاعدة التلفون اللاسكلي ومحموله
    2) الكمبيوتر وجهاز الاستريو
    3) التلفزيون ومستقبل الساتيلايت
    وإنه لأمر بعيد الحدوث أن تتداخل موجات كل شبكة مع شبكة أخرى لأن كل شبكة تغير ترددها ألاف المرات في كل ثانية. واذا حدث التداخل، فإن الاضطراب سيستمر لأجزاء من الثانية ومن ثم تعاد الأمور إلى حالتها الطبيعية. "

    ********
    نجحت تقنية البلوتوث في فرض نفسها كأمر واقع ناتج عن تطور تقني سريع سيطر على العالم بلا هوادة، لتصبح جزءاً أساسياً من أى هاتف محمول ووسيلة سهلة لتبادل المضامين بين الأجهزة المختلفة فى غمضة عين، والكل يتذكر بالطبع لقطة إعدام الرئيس العراقى الراحل صدام حسين التى تناقلتها ملايين الأجهزة من الهواتف المحمولة مابين عشية وضحاها بفضل تقنية البلوتوث.!



    وحظيت هذه التقنيّة منذ ظهورها في مطلع العام 1998م باستقبال كبير وتم تداول رسائلها على قدم وساق، وكغيرها من التقنيات الحديثة لها سلبيات وإيجابيات، ومنافع ومضار, وبمرور الأيام بدأ يظهر الوجه القبيح لاستخدامها فقد أصبحت وسيلة رخيصة لتحقيق مآرب سيئة تتجاوز الخصوصيات، وانقسم مستخدموها ما بين مروّج لمقولة (إيه الجديد عندك) من صور ومقاطع كوميديّة أو حتى خليعة، ومن يدعو إلى استثمار الجانب الإيجابي فيها دون النظر لأى اعتبارات أخري.

    في البداية .. ما هي تقنيّة البلوتوث؟


    كما أشير في موسوعة ويكيبيديا العالمية تعود تسمية "البلوتوث" لأحد ملوك الدول الاسكندنافية الذين عاشوا في القرن العاشر الميلادي وهو (هيرالد بلوتوث) الذي قام بتوحيد مملكتي الدانمارك والنرويج.

    واحتراماً لهذا الملك تمت تسمية التقنية ببلوتوث على اسمه خاصة أن أغلب الشركات المؤسسة لتقنية البلوتوث هي من الدول الاسكندنافية نوكيا من فنلندا ، وإريكسون من السويد.

    والبلوتوث تكنولوجيا جديدة متطورة تمكن الأجهزة الإلكترونيّة مثل الكمبيوتر والهاتف المحمول ولوحة المفاتيح وسماعات الرأس من تبادل البيانات ونقل المعلومات من غير أسلاك أو كوابل أو تدخل من المستخدم.



    ونشأت شراكة بين عدد من الشركات العالمية : نوكيا، اي بي إم، أريكسون، إنتل وتوشيبا والإعلان عن ما يعرف باسم مجموعة: The Bluetooth Special Interest Group والتي يرمز لها بالاختصار Bluetooth SIG لتعتمد تقنية البلوتوث كخدمة أساسية في منتجاتها، ثم شهدت الساحة انضمام العديد من الشركات المتخصصة في مجال الاتصال وتقنية المعلومات لهذه المجموعة.



    البلوتوث والإنفراريد.. وجهان لعملة واحدة


    تقنية البلوتوث تعتمد على الاتصال اللاسلكي عن بعد باستخدام نطاق محدود، ويمكن تعريفها بأنها شبكة الاتصال الشخصية اللاسلكية Personal Area Network واختصارها Wireless PAN وبطبيعة الحال ليست الوحيدة في هذا المجال ولكن هناك تقنية الاتصال عبر الأشعة تحت الحمراء IrDA.

    والفرق ما بين التقنيتين هو أن البلوتوث يغطي مساحة أوسع تتعدى المائة متر، ومن وراء الحواجز وفي أي اتجاه وأنها توفر الاتصال لأكثر من جهاز.


    البلوتوث سلاح ذو حدين


    لكل تقنية جديدة عيوبها وسلبياتها التى لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تقلل من أهميتها ولعل أبرز السلبيات لهذه التقنية بعد إساءة استخدامها من خلال تناقل الملفات ذات المضمون السيئ، هى المخاطر الأمنية المترتبة على هذه التقنية فالاتصال من خلالها يتم عبر موجة قصيرة يبلغ ترددها 2,4 جيجاهيرتز، وفي هذا الإطار أجرت شركة A.L. Digital بحثاً أشارت فيه إلى وجود ثغرة أمنية خطيرة صاحبت إدخال هذه التقنية في الهواتف المحمولة لكل من نوكيا وأريكسون، حيث يمكن من خلال هذه الثغرة انتهاك خصوصية المستخدمين وسرقة بياناتهم وعناوينهم الهاتفية وهو ما دفع نوكيا إلى إضافة اختيار "الإخفاء" عند فتح البلوتوث فى بعض أجهزتها إلا أن ذلك لا يكفى فقد يفيد مع الأجهزة فيما بينها، لكن ماذا عن البرامج الخاصة بسرقة البيانات عبر البلوتوث من دون إجراء اقتران سواء تلك التي في الأجهزة المحمولة أو بالأجهزة الكبيرة ؟؟؟

    فقد تكون الهواتف المحمولة عرضة للهجوم والاختراق في حالة ضبطها على الوضع "discoverable" أو "visible" حيث أن الهاتف في هذا الوضع يكون مرئياً من قبل الأجهزة المتوافقة الموجودة ضمن مجال الاتصال ويسمح لها ذلك بالاتصال ببعضها وتبادل البيانات فيما بينها. ويمكن للمستخدم بالطبع أن يقوم بإيقاف وتعطيل هذا الوضع إلى "Off" لكن بعض أجهزة نوكيا يمكن اختراقها حتى لو كانت على وضع التعطيل.. فكل ما يحتاجه المهاجم هو عنوان البلوتوث للجهاز الضحية وهو ما يمكن اكتشافه باستخدام بعض برامج الاختراق المتوفرة على الإنترنت .

    ومن خلال التقارير المنشورة.. ظهر أن أسوأ الأجهزة في مقاومة هذه الهجمات هي أجهزة نوكيا وسوني اريكسون وظهرت بعض المشاكل في أجهزة موتورولا أيضاً بينما كانت أجهزة سيمنس أقوى الأجهزة في الحماية ضد هذه الهجمات.

    لذلك فقد يكون المستخدم عرضة للاختراق طالما أن الخدمة في وضع تشغيل، والحل في هذه الحالة هي الحرص على عدم الاحتفاظ بوثائق وصور ذات طابع شخصي في هذه الأجهزة، والعمل على إيقاف الخدمة وعدم تشغيلها إلا عند الحاجة ولوقت قصير ثم يعاد إيقافها، مراعاة عدم فتحها في الأماكن العامة والطرقات.

    آخر التقاليع لاختراق الخصوصيات


    وبالطبع لم يجد القراصنة فرصة أكبر من ذلك فى التفنن فى اختراع أساليب مبتكرة لاستغلال هذه التقنية، فقد نجح مجموعة من الهاكرز سموا أنفسهم فليكسيليس Flexilis فى تصميم بندقية تخترق الأجهزة العاملة بتقنية البلوتوث وسموا هذه البندقية بلو سنايبر "BlueSniper".

    ويمكن لهذه البندقية استهداف أي جهاز محمول يدعم بلوتوث على مسافة تصل إلى ميل ونصف وسرقة البيانات الموجودة على الهاتف الضحية كدفتر العناوين والرسائل وغيرها كما يمكنه زرع رسائل داخل الجهاز.

    وقد قام مخترعو هذه البندقية بإجراء تجربة حية لإثبات إمكانية عملية الاختراق بواسطة بندقيتهم المزودة بهوائي موصل بجهاز كمبيوتر محمول يدعم بلوتوث (ويمكن وضعه في حقيبة على الظهر). حيث قام أحدهم بتصويب البندقية من نافذة في الدور الحادي عشر لأحد الفنادق في مدينة لاس فيجاس إلى موقف لسيارات الأجرة في الشارع المقابل وتمكن من جمع دفاتر العناوين من 300 جهاز هاتف نقال!

    الخطير في الأمر أن المهاجم يستطيع استخدام الهاتف الضحية لإجراء اتصال إلى أي هاتف آخر دون أن يشعر صاحب الجهاز، فلك أن تتخيل أنك جالس مع شخص ما في مطعم وهاتفك في جيبك أو على الطاولة وقام المهاجم بالتحكم في جهازك للقيام بمكالمة إلى هاتفه دون أن تشعر وعندما يرد المهاجم سيصبح هاتفك جهازاً للتصنت يمكن المهاجم من الاستماع إلى كل ما يدور بينك وبين صديقك في المطعم ومعظم الهجمات يمكن أن تتم بدون ترك أي أثر للمهاجم.

    قبل فترة قام باحث ألماني بتطوير برنامج سماه Bluebug يمكنه التحكم في الأجهزة المحمولة العاملة بنظام بلوتوث وتحويلها إلى أجهزة تصنت عن بعد. مثلاً من خلال كمبيوتر محمول يمكن تشغيل البرنامج للتحكم في هاتف محمول للقيام بمكالمة إلى المهاجم دون أن يشعر الضحية بذلك وبالتالي يستطيع المهاجم التصنت على المحادثات التي تتم بالقرب من الهاتف سيظهر رقم هاتف المهاجم في فاتورة الضحية.. لكن بعد فوات الأوان.. ومن الصعب أن يتذكر الضحية حينها هل اتصل أم لا بذلك الرقم وفي ذلك الوقت! ويمكن أن يستخدم المهاجم شريحة محمول مؤقتة حتى لا تدل على شخصيته في حال اكتشاف الرقم.

    يمكن للمهاجم أيضاً التجسس على مكالمات الضحية مع الأشخاص الآخرين وتسجيلها كما يمكنه إرسال رسائل من هاتف الضحية إلى أطراف أخرى دون أن ينتبه لذلك صاحب الجهاز.

    مزيداً من الرفاهية .. مزيداً من الإشعاع


    ولا تقتصر أضرار البلوتوث على الجانب التقنى فقط ولكن تمتد إلى ما هو أخطر ألا وهو الجانب الصحي فقد أشارت دراسات عديدة إلى الأخطار الناجمة عن الافراط في التعرض لموجات البلوتوث، وأوضحت كيفية تأثير هذه الموجات على الصحة العامة خاصة بعد أن بات من المعتاد لدى بعض الناس تعليق سماعة الأذن التي تعمل مع الهاتف المحمول بتقنية البلوتوث بدلاً من التحدث مباشرة عن طريق سماعة الهاتف ورغم ما تحملة هذه الصورة من رفاهية للمستخدم، إلا أنها تحمل معها سؤالاً جديراً بالاهتمام؛ أيهما يحمل تهديداً أكبر لصحّة المتحدّث ورأسة؛ الإشعاع الصادر من المحمول مباشرة ، أم الإشعاع الصادر من أجهزة البلوتوث؟

    وفى هذا الصدد ، يفرق الدكتور علي حسين مقيبل الاستاذ المساعد بقسم الهندسة الكهربائية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن بين إشعاعات المحمول وموجات البلوتوث حيث أن كليهما أشعة كهرومغناطيسية على النحو التالي:

    * تردد الموجات: حيث تعمل تقنية الهاتف المحمول على موجات بترددات مختلفة أكثرها استخداماً 900 ميجاهيرتز تقريباً، بينما تعمل موجات البلوتوث على تردد 2450 ميجا هيرتز، فالتردد المستخدم في تقنية البلوتوث هو نفس التردد (تقريباً) المستخدم في أفران المايكروويف لطهي الطعام، فهل يعني هذا أننا -ومع استخدامنا لسماعات البلوتوث- نعرض رؤوسنا للطهي على نارٍ باردة؟ وهل يعني هذا أن علينا ألا نقف بين جهازين يتواصلان بهذه التقنية ؟

    دعونا نؤجل الإجابة حتى ننظر إلى الفرق الآخر......
    فمع وجود اختلاف في التردد فهناك إختلاف في القدرة على الإختراق، فكلما زاد التردد أصبحت قابلية الإختراق أقل، فعلى افتراض أن موجات المحمول تسير لعمق اثنين ونصف سم، فإن موجات البلوتوث، لا تتجاوز واحد ونصف سم، يعني أن موجات البلوتوث، قدرتها على إختراق جسم الإنسان أقل من موجات المحمول.

    الجانب الآخر هو قوة الموجات: فهناك فرق كبير بين كمية الطاقة المستخدمة في أفران المايكروويف، وأجهزة البلوتوث، و أجهزة الهاتف ، فتعادل قوة الموجات المستخدمة في هذه الأفران مليون ضعف لقوة الموجات المستخدمة في أجهزة البلوتوث، وأما بالمقارنة مع قوة الموجات المنبعثة من جهاز الهاتف مباشرة فإن موجات البلوتوث أقل بكثير حيث لا يتعدى مداها 10-100 متر، ومع ضعف الطاقة المستخدمة في تقنية البلوتوث يصبح من الصعب جداً قياس أي تأثير حراري على جسم الإنسان.


    الفوائد والإيجابيات


    كل ما سبق لا يمنع من القول ان الاتصال عبر البلوتوث خدمة ليس لها مثيل، حيث وسعت نطاق التواصل والمشاركة ليس على مستوى أجهزة الكمبيوتر فحسب بل أن الذين من لم يسبق لهم التعامل مع الكمبيوتر أصبحوا يستفيدون من هذه الخدمة أيما استفادة كل حسب توجهه واهتمامه، ومن التطبيقات التي وفرتها هذه الوسيلة الاتصال ما بين الكمبيوتر وجهاز الهاتف المحمول وأجهزة الكمبيوتر فيما بينها حتى أنه صار بالإمكان عمل شبكات محلية باستخدام هذه التقنية، وأصبح بالإمكان حفظ نسخة من البيانات الشخصية وأرقام الاتصال من الهواتف.

    وجعلت التقنية أجهزة الاتصال تعمل كوسائط تخزين متنقلة فمن خلال البلوتوث يمكن أن يتم نقل الملفات إلى جهاز المحمول خاصة مع وجود بطاقات بلوتوث تشبه أقلام التخزين تباع بأسعار رخيصة يمكن استخدامها للأجهزة المكتبية أو الحواسيب المحمولة التي لا تتوفر فيها تقنية البلوتوث، بالإضافة إلى فائدة أخرى وهي توفير بيئة اتصال مجانية ما بين الزملاء أو الأهل داخل المكان الواحد حيث يمكنهم التحادث فيما بينهم دون الحاجة لاستخدام خط الهاتف المحمول. وهناك الكثير من الفوائد الأخرى كمساهمتها في التقليل من استخدام الأسلاك التي لا يتسع المجال لذكرها.

    البلوتوث فى المستقبل


    قد يتبادر إلى أذهاننا سؤال مهم حول مستقبل هذه التقنية وهل فائدتها محصورة فقط في أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة ؟


    والإجابة بالطبع بالنفي.. فهي أعم وأشمل من أن يتم حصرها في تشغيل جهاز أو تحقيق اتصال ما بين الهواتف والحواسيب، لذلك من المتوقع أن يأتي اليوم الذى نقوم فيه بتشغيل السيارة باستخدام البلوتوث من أي مكان وقد نشعل أنوار المنزل ونطفئها باستخدام جهاز تحكم عن بعد من أي مكان داخله والكثير الكثير، فنحن نرى وسائل التحكم عن بعد (الريموت كنترول) كيف تتحكم بالأجهزة، لكن فى حالة وجودنا خارج الغرفة هل يعمل جهاز الريموت؟


    بالطبع لا.. لأنه يحتاج إلى توجيه الإشعاع لمكان الاستقبال في الجهاز المراد التحكم به، بينما مع البلوتوث لا يشترط ذلك.

    **********

    أطلق إسم بلوتوث بعد ملك دنماركي كان إسمه هارولد بلوتوث… و شارك في عمليات دبلوماسية لعمل محادثات بين الفرق المتخالفة… فرأى مخترعين البلوتوث أن الإسم يناسب حيث أن التكنولوجيا سمحت للأجهزة بالتواصل
    أما عن الشعار بذاته فيرمز لحرفين B و H وهما إسم الملك و لكن بالطريقة الرونية لكتابة الأحرف و هي طريقة كان يكتب بها قديماً في المنطقة الإسكندنافية..



    فكرة عمل البلوتوث Bluetooth


    الشيء الرئيسي هو: الاتصال بين الاجهزة المختلفة بدون اسلاك



    تكنولوجيا الاتصال (بلوتوث) اللاسلكية هي مواصفات عالمية لربط كافة الاجهزة المحمولة مع بعضها البعض مثل الكمبيوتر والهاتف النقال والكمبيوتر الجيبي والاجهزة السمعية والكاميرات الرقمية. بحيث تتمكن هذه الاجهزة من تبادل البيانات ونقل الملفات بينها وبنها وبين شبكة الانترنت لاسلكياً. تم تطوير تكنولوجيا الاتصال اللاسلكي البلوتوث بواسطة مجموعة من المهتمين يطلق عليهم اسم Blutooth Special Interest Group GIS





    هناك الكثير من الطرق التي من خلالها يمكن ربط الاجهزة الالكترونية مع بعضها البعض مثل توصيل الكمبيوتر بلوحة المفاتيح او بالماوس أو بالطابعة أو بالماسحة الضوئية وذلك من خلال اسلاك التوصيل المؤلوفة. كما يمكن توصيل المفكرة الشخصية الالكترونية بجهاز الحاسوب لتبادل المعلومات من خلال اسلاك خاصة. كما ان جهاز التلفزيون وجهاز الفيديو وجهاز استقبال المحطات الفضائية كلها تتصل مع بعضها من خلال كوابل خاصة ويتم التحكم بها من خلال اجهزة الرموت كنترول التي تعمل في مدى الاشعة تحت الحمراء. اما جهاز التلفون المتنقل يتصل بالقاعدته من خلال امواج الراديو تعمل على مسافة محدودة (50 متر). وجهاز الستيريو يتصل بالسماعات من خلال اسلاك توصيل.
    الاجهزة السابقة الذكر وغيرها الكثير تتواجد في كل بيت ويطلق عليها اجهزة الكترونية. وحتى هذا اليوم تترابط هذه الاجهزة من خلال اسلاك توصيل. إن توصيل هذه الاجهزة في اغلب الاحيان مزعج من الناحية الجمالية ومربك من الناحية العملية. وقد يشعر المرء أنه عليه دراسة تخصص الهندسة الالكترونية ليتمكن بنسه من ضبط هذه الاجهزة والاستفادة القصوى منها.
    في هذا الموضوع من تفسيرات فيزيائية سوف نقدم شرح مبسط لتكنولوجيا جديدة تعرف باسم البلوتوث التي ستخلصنا من كل هذه المتاعب بالاضافة إلى توصيل اجهزة عديدة مع بعضها البعض لم تكن تخطر على بالنا ان ذلك سيصبح ممكنا في يوم من الايام.






    توضيح مشكلة التوصيل بين الاجهزة


    ان توصيل جهازين الكترونين مع بعضهما البعض يحتاج إلى توافق في العديد من النقاط، من هذه النقاط نذكر
    (1) كم عدد الاسلاك اللازمة لتوصيل جهازين؟ ففي بعض الاحيان يكون سلكين فقط مثل توصيل الستيريو بالسماعات وفي احيان اخرى يتطلب الامر 8 اسلاك أو 25 سلك كالوصلات المستخدمة في الكمبيوتر واجهزته الطرفية.
    (2) ما نوع التوصيل المستخدم بين الأجهزة لتبادل المعلومات؟ هل هو على التوالي أم على التوازي؟ فمثلا الكمبيوتر يستخدم الطريقتين للتوصيل من خلال المخارج المثبتة في لوحة الأم فتصل الطابعة مع الكمبيوتر على التوازي أما لوحة المفاتيح والمودم فيتصلا مع الكمبيوتر على التوالي.
    (3) ما نوع البيانات المتبادلة بين الأجهزة؟ وكيف تترجم إلى اشارات خاصة تستجيب لها الاجهزة؟ هذا ما يعرف باسم البروتوكول Protocol. وهذا البروتوكولات يتم استخدامها من قبل جميع الشركات المصنعة فمثلاً يمكن توصيل جهاز فيديو من نوع Sony مع جهاز تلفزيون من نوع JVC. وذلك لان البروتوكولات المستخدمة لتبادل المعلومات موحدة مسبقاً.
    هذه النقاط التي استخدمها المنتجون (الشركات المصنعة للاجهزة الالكترونية) جعلت من الصعب التحكم في كمية الوصلات المستخدمة حتى ولو تم استخدام اسلاك ملونة للتميز بينها كما أنه لا يمكن ربط كافة الاجهزة الالكترونية مع بعضها البعض مثل الكمبيوتر وملحقاته واجهزة الاتصالات واجهزة الترفيه المنزلية بعضها البعض لان ذلك يتطلب اعداد بروتوكولات جديدة واضافة المزيد من الاسلاك.



    فكرة التوصيل اللاسلكي (البلوتوث Bluetooth)


    البلوتوث هي تكنولوجيا جديدة متطورة تمكن من توصيل الاجهزة الالكترونية مثل الكمبيوتر والتلفون المحمول ولوحة المفاتيح وسماعات الرأس من تبادل البيانات والمعلومات من غير اسلاك أو كوابل أو تدخل من المستخدم.
    وقد انضمت أكثر من 1000 شركة عالمية لمجموعة الاهتمام الخاص بالبلوتوث Bluetooth Special Interest Group وهي ما تعرف اختصارا بـ SIG وذلك لتحل هذه التكنولوجيا محل التوصيل بالاسلاك.







    ما الفرق بين البلوتوث والاتصال اللاسلكي


    لاشك أن الاتصال اللاسلكي مستخدم في العديد من التطبيقات مثل التوصيل من خلال استخدام اشعة الضوء في المدى الاشعة تحت الحمراء وهي اشعة ضوئية لا ترى بالعين وتعرف باسم تحت الحمراء لان لها تردد اصغر من تردد الضوء الأحمر.
    تستخدم الاشعة تحت الحمراء في اجهزة التحكم في التلفزيون (الرموت كنترول) وتعرف باسم Infrared Data Association وتختصر بـ IrDA كما انها تستخدم في العديد من الاجهزة الطرفية للكمبيوتر. بالرغم من ان الاجهزة المعتمدة على الاشعة تحت الحمراء إلا أن لها مشكلتين هما:
    المشكلة الأولى: أن التكنولوجيا المستخدمة فيها الاشعة تحت الحمراء تعمل في مدى الرؤية فقط line of sight أي يجب توجيه الرموت كنترول إلى التلفزيون مباشرة للتحكم به.
    المشكلة الثانية: أن التكنولوجيا المستخدمة فيها الاشعة تحت الحمراء هي تكنولوجيا واحد إلى واحد one to one أي يمكن تبادل المعلومات بين جهازين فقط فمثلا يمكن تبادل المعلومات بين الكمبيوتر وجهاز الكمبيوتر المحمول بواسطة الاشعة تحت الحمراء أما تبادل المعلومات بين الكمبيوتر وجهاز الهاتف المحمول فلا يمكن.
    تكنولوجيا البلوتوث جاءت للتغلب على المشكلتين سابقتي الذكر حيث قامت شركات عديدة مثل Siemens و Intel و Toshiba, Motorola و Ericsson بتطوير مواصفات خاصة مثبته في لوحة صغيرة radio module تثبت في اجهزة الكمبيوتر والتلفونات واجهزة التسلية الالكترونية لتصبح هذه الاجهزة تدعم تكنولوجيا البلوتوث والتي سيصبح الاستفادة من ميزاتها على النحو التالي:
    اجهزة بدون اسلاك: وهذا يجعل نقل الاجهزة وترتيبها في السفر او في البيت سهلا وبدون متاعب.
    غير مكلفة بالمقارنة بالاجهزة الحالية.
    سهلة التشغيل: تستطيع الاجهزة من التواصل ببعضها البعض بدون تدخل المستخدم وكل ما عليك هو الضغط على زر التشغيل واترك الباقي للبلوتوث ليتحوار مع الجهاز المعني بالامر من خلال الموديول مثل تبادل الملفات بكافة انواعها بين الاجهزة الالكترونية.
    تعمل وسيلة اتصال البلوتوث عند تردد 2.45 جيجاهيرتز وهذا التردد يتفق مع الاجهزة الطبية والاجهزة العلمية والصناعية مما يجعل انتشار استخدامه سهل. فمثلا يمكن فتح باب الكراج من خلال اشعة تحت الحمراء يصدرها جهاز خاص لذلك ولكن باستخدام البلوتوث يمكن فتح الكراج باستخدام جهاز الهاتف النقال.




    ماذا عن التشويش الذي قد يحدث نتيجة للتداخلات بين الاشارات المتبادلة؟


    من المحتمل أن يتسائل القارئ إذا كانت الاجهزة سوف تبادل المعلومات والبيانات باشارات راديو تعمل عند تردد 2.45 جيجاهيرتز. فماذا عن التداخلات التي قد تسبب في التشويش الذي قد نلاحظه على شاشة التلفزيون عندما تتداخل مع اشارات لاسلكية!!
    مشكلة التداخل تم حلها بطريقة ذكية حيث أن اشارة البلوتوث ضعيفة وتبلغ 1 ميليوات إذا ما قورنت باشارات اجهاز الهاتف النقال التي تصل إلى 3 وات. هذا الضعف في الإشارة يجعل مدى تأثير اشارات البلوتوث في حدود دائرة قطرها 10 متر ويمكن لهذه الاشارات من اختراق جدراان الغرف مما يجعل التحكم في الأجهزة يتم من غرفة لاخرى دون الحاجة للانتقال مباشرة للأجهزة المراد تشغيلها.
    عند تواجد العديد من الاجهزة الالكترونية في الغرفة يمكن أن يحدث تداخل لاننا ذكرنا أن مدى تأثير البلوتوث في حدود 10 متر وهو اكبر من مساحة الغرفة ولكن هذا الاحتمال غير وارد لان هناك مسح متواصل لمدى ترددات اشارة البلوتوث، وهذا مايعرف باسم spread-spectrum frequency hopping حيث أن المدى المخصص لترددات البلوتوث هي بين 2.40 إلى 2.48 جيجاهيرتز ويتم هذا المسح بمعدل 1600 مرة في الثانية الواحدة. وهذا ما يجعل الجهاز المرسل يستخدم تردد معين مثل 2.41 جيجاهيرتز لتبادل المعلومات مع جهاز أخر في حين أن جهازين في نفس الغرفة يستخدموا تردد آخر مثل 2.44 جيجاهيرتز ويتم اختيار هذه الترددات تلقائيا وبطريقة عشوائية مما يمنع حدوث تداخلات بين الاجهزة، لانه لا يوجد اكثر من جهازين يستخدما نفس التردد في نفس الوقت. وان حدث ذلك فإنه يكون لجزء من الثانية.



    بيتك يدعم (البلوتوث Bluetooth)


    لنفترض انك حصلت على بيت عصري اجهزته تعمل بتكنولوجيا البلوتوث مثل جهاز تلفزيون ورسيفر وجهاز DVD واجهزة ستيريو سمعية وكمبيوتر وهاتف نقال. كل جهاز مما سبق يستخدم البلوتوث. كيف ستعمل هذه الاجهزة؟
    عندما تكون الاجهزة مزودة بتكنولوجيا البلوتوث فإن هذه الاجهزة تتمكن من معرفة المطلوب منها دون تدخل من المستخدم حيث يمكنها الاتصال فيما بينها فتعرف فيما اذا كان مطلوب منها نقل بيانات مثل بيانات البريد الالكتروني من جهاز الهاتف المحمول إلى الكمبيوتر أو التحكم بأجهزة أخرى مثل تحكم جهاز الستيريو بالسماعات. حيث تنشئ شبكة تواصل صغيرة بين الأجهزة وتوابعها تعرف باسم الشبكة الشخصية personal-area network وتختصر PAN أو باسم البيكونت piconet تستخدم كل شبكة احد الترددات المتوفرة في المدى من إلى 2.48 جيجاهيرتز.
    لنأخذ على سبيل المثال جهاز الهاتف النقال وقاعدته فالشركة المصنعة قد وضعت شريحتي بلوتوث في كل منهما، وتم برمجة كل وحدة بعنوان address محدد يقع في المدى المخصص لهذا النوع من الاجهزة. فعند تشغيل القاعدة فإنها ترسل اشارة راديو لاجهزة الاستقبال التي تحمل نفس العنوان وحيث أن الهاتف النقال يحمل نفس العنوان المطلوب فإنه يستجيب للاشارة المرسلة ويتم انشاء شبكة (بيكونت) بينهما. وعندها لا يستجيب هذين الجهازين لأية اشارات من أجهزة مجاورة لانها تعتبر من خارج تلك الشبكة.
    كذلك الحال مع الكمبيوتر واجهزة الترفيه الالكترونية تعمل بنفس الالية حيث تنشئ شبكات تربط الاجهزة بعضها ببعض طبقا للعناوين التي صممت من قبل الشركات المصنعة. وعندها تتواصل هذه الاجهزة التي تصبح ضمن الشبكة الخاصة وتتبادل المعلومات بينها باستخدام الترددات المتاحة. ولا تتدخل اجهزة شبكة بأجهزة شبكة مجاورة لان كل منها يعمل بتردد مختلف.
    وقد تمت برمجة هذه شرائح البلوتوث بكل المعلومات اللازمة لتشغيلها وعمل المطلوب منها دون تدخل من المستخدم.



    لماذا سميت هذه التكنولوجيا باسم بلوتوث؟

    تعود التسمية إلى ملك الدينمارك هارولد بلوتوث Harald Bluetooth الذي وحد الدنمارك والنوروي وادخلهم في الديانة المسيحية توفى في 986 في معركة مع ابنه. واختير هذا الاسم لهذه التكنولوجيا للدلالة على مدى اهمية شركات في الدينمارك والنوروي والسويد وفنلند إلى صناعة الاتصالات، بالرغم من أن التسمية لا علاقة لها بمضمون التكنولوجيا…


    **********

    تقنية البلوتوث بين الضرورةوإساءة الاستخدام


    البلوتوث تقنية حديثة في عالم الهواتف النقالة، تحكي ثورة الاتصالات المعاصرة، وما يميز هذه التقنية أنها تمكن من نقل مقاطع الفيديو والصور ضمن مسافة محددة دون معرفة المصدر المرسل لهذه الصور.. وهذه التقنية كغيرها من التقنيات لها سلبيات وإيجابيات، ومنافع ومضار، ومما يؤسف له أن فئام من الناس بات يخفي نفسه الدنيئة ويستخدم هذه التقنية في تحقيق مآرب سيئة تتجاوز خصوصيات الآخرين، في مجاهرة بالمعصية عن طريق بثها، وانهمك الشباب في تتبع المقاطع والصور بشكل ينذر بخطر..

    إنها حلقات من التتابع تنذر بخطر داهم يتطلب معه تلمس الدواء قبل استفحال الداء على جميع المستويات رجال ونساء، أبناء وبنات، شباب وفتيات؛ لنلمس نقطة علّها توقظ مراقبة الله في الذات وخوفه في السر والعلانية.. فإلى التحقيق..

    أضرار عقدية
    في البداية تحدث لنا فضيلة الشيخ بسام بن سليمان اليوسف رئيس مركز البحوث والدراسات المساعد بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مجال بيان أضرار استعمال البولوتوث حيث يقول: غالب استخدام هذه التقنية الذي نراه حالياً في الشر ومعصية الله عز وجل للأسف الشديد، ولذلك ما زال المجتمع يعاني من أضرارهما، وتتنوع أضرارهما من عقدية إلى أخلاقية إلى تجاوز الخصوصيات، ومن أهم أضرارهما العقدية، والأخلاقية وغيرهما من الأضرار يمكن أن نخلص التالي:

    أضرار البلوتوث العقدية: وذلك من خلال بعض الرسائل التي تحتوي على طُرف ونكات، لكنها لا تخلو غالباً من الاستهزاء بالدين وأهل الخير والصلاح، وقد قال الله سبحانه وتعالى: (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ).. وأيضاً باستحلال ما فيه من الصور والمقاطع ونشرها وسرقتها وغير ذلك، ولا شك أن أعراض المسلمين محرمة عليهم، كما قال النبي صلى الله عيه وسلم: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا) رواه البخاري ومسلم، وإذا كان المسلم مطالباً بستر عورة أخيه المسلم، كما ورد في الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة) فما بالنا بمن يقوم بخلاف ذلك.

    المجاهرة بالمعصية
    من جانبه يوضح إمام جامع الجهيمي بالرياض الشيخ عبدالرحمن بن محمد العامري أن ما يحدث عبر هذه التقنية من استخدامات سيئة وأعمال عابثة أنها من المجاهرة بالمعصية حيث يقول فضيلته: من أعظم البلاء ومن أعظم المصائب المجاهرة بالمعاصي وهو مرض نفى العافية عمن وقع فيه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين)، ومعناه أن كل واحد من الأمة يعفى عن ذنبه ولا يؤاخذ به إلا الفاسق المعلن بالمعصية..) والمجاهر بالمعصية قد وقع في مصيبة بل أعظم من المصيبة من عدة وجوه: الأول: أنه هتك ستر الله عليه. الثاني: أنه جعل الله أهون الناظرين إليه. الثالث: أنه يعلم أنها حرام ويعملها على حد قول القائل:

    إن كنت لا تدري فتلك مصيبة .....وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

    وأضاف العامري والمجاهرة بالمعاصي تؤثر على صاحبها وتكسبه عدم الخوف من الله سبحانه وتعالى والاستمراء في فعل الباطل وتكسبه ظلمة في الوجه لأنه: (جعل الله أهون الناظرين إليه) وذلك لأن الله ستره فيما عمل بالليل فأصبح يخبر به الناس وكأنه يقول: هذا حلال لأنه قد نسي أو تناسى أن الله يمهل ولا يهمل، ونسي أنه ظالم لنفسه وأن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ولو أنه استشعر أنه الله يراه لم يفعل ذلك.


    قال الشاعر الأندلسي :

    وإذا خلوت بريبة في ظلمة .....والنفس داعية إلى الطغياني

    فاستحي من نظر الإله وقل لها ......إن الذي خلق الظلام يراني



    أضرار أخلاقية

    ثم تطرق الشيخ بسام إلى أضرار البلوتوث الأخلاقية فقال: ما زال هؤلاء الشباب الذين أغواهم الشيطان، يتصيدون عورات المسلمين، عبر كاميرات الجوال أو عن طريق البلوتوث، فالمقاطع المخزية، والأفلام الإباحية، وصور نساء المسلمين من حيث يعلمن أو لا يعلمن، تنشر بين عشية وضحاها، فتهتز البيوت، وتعظم المصيبة، ويتخلخل كيان المجتمع، حتى أصبحنا نسمع من العلماء والإعلاميين ورجالات الإصلاح، ومنابر الجمع، تلك القصص المؤلمة لبنات المسلمين، والتي ضاعت بسببها أعراض، ودمرت بيوتات، وانداست فيها كرامات، فالبنت المسكينة تعتقد أن الأمر سهل، فإذا بها تفقد حياءها وعرضها بسبب تقنية أساء الجميع استخدامها.. وأصبحت تلك التقنيات شر معين على نشر الفاحشة بين المؤمنين بسبب سوء الاستخدام، (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ)، إن هذه الصفة البغيضة من صفات المنافقين، قال شيخ الإسلام رحمه الله: وأما ما يكون من الفعل بالجوارح فكل عمل يتضمن محبة أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا داخلٌ في هذا.. بل يكون عذابه أشد، فإن الله قد توعد بالعذاب على مجرد محبة أن تشيع الفاحشة! فكيف بالذي يعمل على ذلك؟



    فإذا كان الذي يحب فقط أن تشيع له عذاب أليم في الدنيا وفي الآخرة، وليس فقط في الآخرة، فكيف إذا اقترن بالمحبة أقوال وأفعال لإشاعة الفاحشة في الذين آمنوا؟!!

    حشر الله امرأة لوط من قومها في العذاب لأنها رضيت بفعلهم.. وكما أفسدت هذه التقنيات بيوتات المسلمين، فكم فرقت بين زوجين متحابين متوافقين.. كم وكم.

    ولذلك زادت دعوات المظلومين والمظلومات لرب السماوات والبريات، فليتق الله الجميع، وليخشوا من عقوبات الله سبحانه وتعالى إذا لم نأخذ على أيدي أهل السفه والفسق.


    تجاوز الخصوصيات

    وتطرق الشيخ اليوسف إلى أضرار البلوتوث في تجاوز الخصوصيات فقال: لقد حفظ ديننا الحنيف للمسلم خصوصياته، وأغدق عليه ستره، وظلله بظلال الصيانة، فلم يخالف أحد من علماء المسلمين في تحريم الاطلاع على عورات الغير سواء بالنظر المباشر، أو من ثقب الباب، أو الشباك، أو من وراء الزجاج، وعدُّوا ذلك من الكبائر، حتى أنهم منعوا فتح النوافذ التي يطلع منها على عورات الغير، لأنها تعتبر وسيلة إلى المحرم، وما كان وسيلة إلى المحرم فهو حرام.. وشرع الاستئذان لدخول البيوت، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا) والأستئناس هو الاستئذان، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يستأذن ثلاثاً) رواه أحمد، ولذلك ورد في الحديث بجواز فقأ عين من اطلع على أخيه المسلم من ستر بابه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن فخذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح) رواه البخاري ومسلم.




    وأردف اليوسف بقوله أما اليوم فنشكو الحال إلى الله عز وجل، فأصبحت تلك الأجهزة تستخدم في هتك أستار المسلمين، والاطلاع على خصوصياتهم بل أخصها وأدقها، فطار الشرر، وذلك عن طريق البلوتوث والذي يمكن أن يرسل مقاطع الفيديو والصور إلى أشخاص في محيط هذا الجوال بعشرات الأمتار، وستمتد هذه المسافة بتقدم هذه التقنية، ليكون كل من في محيط جوال من هذه الجوالات يلتقط هذه اللقطات المختلفة، أو بسرقة ما تحتويه جوالات الآخرين بهذه المسافة.. وتكمن الخطورة في غزو هذه الهواتف النقالة التي تحمل تلك الميزات والتقنيات أسواق المسلمين، حتى ذكر بعض الخبراء أن هذه الأجهزة ستطغى على الأسواق، على مستوى العالم، وهذا نذير خطير وشر، (فويل للعرب من شر قد اقترب).


    الشباب والبلوتوث

    وقد تعرضنا لجانب من المشكلة التي تتمثل في إساءة استخدام تقنية يفترض بها الفائدة يجدر بنا السؤال ما حال الشباب وفلذات الأكباد مع البلوتوث؟
    الشيخ عصام بن عبدالله الشايع المرشد بالإدارة العامة للتوعية والتوجيه بالرئاسة يقول: وممن خاض في تلك التقنية واستخدمها استخداماً سيئاً وجعلها وسيلة لتحقيق أهدافه السيئة فئة من الشباب والفتيات المعاكسين، زاعمين أنها طريقة آمنة ومختصرة، كثيرا من القضايا التي تضبط في ربط العلاقة المحرمة تكون باتصال على رقم لا يعرف من صاحبه يكون قد حصل عليه عن طريق هذه التقنية. كما أن هذه التقنية لها أثر خطير على الأحداث، حيث إن داعي الفضول لديهم أقوى، فوجود مثل هذه التقنية بمتناول أيديهم يهيئ لهم أسباب الانحراف، حيث إن ما ينقل عبر هذه التقنية ليس مجرد كلام مكتوب أو مسموع فحسب بل ينقل عبرها مقاطع الفيديو السيئة فماذا سيكون حال صغير السن الذي يكون في متناول يده تلك الأفلام الخليعة والإباحية ويستطيع النظر إليها بكل سهولة وتكون محفوظة عنده في شريحة ذاكرة لا تزيد خمس برامات بينما كان في الماضي من الصعب على الكبار الحصول عليها، فضلاً عن الصغار.


    دور الهيئة

    وعن دور الهيئة في التعامل مع البلوتوث يقول الشيح أحمد بن عبدالله البرقان وكيل رئيس هيئة النسيم: إن هذه التقنية نستطيع أن نقول إن مستخدميها في ازدياد، حيث يعيش العالم الآن كالقرية الصغيرة لسرعة تناقل المعلومة وانتشارها وسرعة الاتصال وذلك عبر هذه الوسائل من التقنية، وبالنظر لهذه التقنية فقد استفادت منها أجهزة كثيرة (هاتف- كاميرات- كمبيوترات- طابعات) إلى غير ذلك من تلك الأجهزة، وقد اختلف الناس في استخدامه وما يتداولونه بينهم من خلاله من ضار ونافع، وتواجهنا بين الفينة والأخرى وقائع من فضائح وجرائم وكشف للمحرمات وهتك للحرمات كان للبلوتوث السبق في نشرها، حيث يتبين لنا وبشكل جلي ما استخدمت فيه هذه التقنية وما وجهت إليه من توجيه خاطئ مخزٍ، ولمواجهة هذا الاستخدام السيئ قامت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بوضع بعض التدابير لمواجهة هذا الخطر الداهم وهي كالتالي:



    1- النصح والتوجيه وهو في الدرجة الأولى ويحتل المجال الأكبر فالتذكير بالترغيب والترهيب له مكانة في ديننا الحنيف.
    2- مراقبة محلات الاتصالات وأجهزة الكمبيوتر فيها وبخاصة في الأسواق وتكثيف الجولات عليها وتزويدهم بمقاطع دعوية لإنزالها في أجهزة مرتاديهم.
    3- قيام المركز بتزويد أجهزة الحاسب الآلي لديهم بوصلات خاصة وانتقاء بعض المقاطع بعناية لنقلها إلى أجهزة من يقبض عليه ويضبط معه بعض المقاطع بين التحذير من مشكلات اجتماعية وصور معبرة وبعض الآيات بتلاوة بعض المشايخ بأصوات مؤثرة وهكذا.
    4- توزيع النشرات في التحذير من سوء استخدام البلوتوث وضرورة تفعيله فيما يعود بالنفع للشخص والمجتمع.

    الداء لا بد له من دواء

    ويبين الشيخ بسام اليوسف: أنه ينبغي على المسلمين بكافة طبقاتهم وأحوالهم (حكومات، وشعوب، علماء، وإعلاميين، أساتذة وطلاب، عقلاء وأولياء) أن يواجهوا هذه الأخطار المحدقة من إساءة استخدام البلوتوث والبال توك والإنترنت والكاميرات وغيرها، ويشارك الجميع في حسن استخدام هذه الوسائل في طاعة الله ومرضاته، وخدمة ديننا الحنيف، دعوة وتربية وتوجيها، وأن نبين عواقب سوء استخدامها الدنيوية والأخروية.. وإذا لم نقم جميعاً بهذا الواجب، فإن الله عز وجل يغار، وغيرته أن تنتهك محارمه، وإذا أخذ أهل الصلاح على يد السفيه والظالم نجا الجميع، وإلا هلك الجميع، ولذلك قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: (أنهلك وفينا الصالحون) قال: (نعم! إذا كثر الخبث).

    أما الشيخ عصام الشايع رئيس هيئة (العزيزية) فيقول: هذه التقنية كغيرها من التقنيات التي دخلت علينا كشبكة المعلومات والقنوات الفضائية وغيرها من حيث ترشيدها واستصلاحها فأبرز وأهم أمر في ذلك هو مزاحمة الشر الذي يعرض فيها، فيمكن نشر ملفات ومقاطع فيديو فيها وعظ ونفع للناس لكي تزاحم هذا الغثاء الذي يبثه أصحاب المآرب السيئة. ومما يعين على ترشيدها وإصلاحها تبصير الناس وتوعيتهم بخطرها على الكبار والصغار من الجنسين وحثهم على حسن استخدامها والانتفاع بها وشكر الله تعالى عليها حتى لا تكون وبالاً عليهم، ويبين أساليب الانتفاع بها وطرق ذلك. وقبل كل هذا وبعده غرس محبة الله تعالى وتعظيمه وإجلاله في نفوس الناس بجميع بقاعهم وكذا مراقبة الله تعالى وخشيته في السر والعلن لتكون حصنا واقيا لهم من شر هذه التقنية ومما سيأتي بعدها من شرور هذه التقنيات.

    ********

    1- ماهو الــ Bluetooth
    هو معيار تم تطويره من قبل مجموعة من شركات الالكترونيات للسماح لأي جهازين الكترونيين - حاسوبات وتلفونات خلوية ولوحات المفاتيح - بالقيام بعملية اتصال لوحدهما بدون أسلاك أو كابلات أو أي تدخل من قبل المستخدم .
    2- من أين جاء الاسم
    تعود التسمية إلى ملك الدينمارك هارولد بلوتووث Harald Bluetooth الذي وحد الدنمرك والنوروي وأدخلهم في الديانة المسيحية توفى في 986 في معركة مع ابنه . واختير هذا الاسم لهذه التكنولوجيا للدلالة على مدى أهمية شركات في الدينمارك والنوروي والسويد وفنلندا إلى صناعة الاتصالات، بالرغم من أن التسمية لا علاقة لها بمضمون التكنولوجيا...
    3- من هي أول الشركات التجارية التي ظهرت فيها تقنية الــ Bluetooth
    تقنية «بلوتووث» Bluetooth هي نتيجة تعاون بين الشركات الرائدة المعنية بالاتصالات وأتمتة المعلومات. إذ اشتركت خمس من كبرى هذه الشركات العالمية، وهي «آي بي أم» وإنتل وإريكسون ونوكيا وتوشيبا، بالتفكير بتطوير وسيلة تتيح للناس ربط أجهزتهم الرقمية النقالة، كالهواتف الجوالة والكومبيوترات الجوالة والمساعدات الرقمية الشخصية PDA، بدون استخدام أي نوع من الأسلاك أو الكوابل. ولتحقيق ذلك قرروا في شهر مايو (أيار) من عام 1998 تأسيس مجموعة الاهتمام الخاصة بلوتووث Bluetooth Special Interest Group (SIG) لكي تعمل على تصميم تقنية مفتوحة لا يمتلكها أحد تتيح تحقيق ذلك، وخلال فترة قصيرة من تأسيس هذه المجموعة بدأت باقي الشركات بالانضمام لها واحدة تلو الأخرى، حيث كانت من بينها مايكروسوفت و«ثري كوم» ولوسنت تيكنولوجيز وموتورولا، وغيرها.
    4- عدد بعض الشركات التجارية التي تعمل بعض أجهزتها بتقنية الــ Bluetooth
    شركة Nokia للأجهزة الالكترونية شركة موتورولا Motorola
    شركة «آي بي أم » IBM شركة سيمنس Siemens
    شركة إنتل Intel شركة إريكسون Ericsson
    5- ماهي الأجهزة التي يمكن أن تعمل بتقنية الــ Bluetooth
    الهواتف المحمولة، الكمبيوترات، التلفزيونات , الرسيفر, وغيرها.......
    6- ماهو أقصى مدى ( Range ) ممكن أن تصله أشعة(الـ Bluetooth)
    أقصى مدى ممكن أن تصله أشعة البلوتوث هو 300 متر.
    7- ماهي سرعة نقل البيانات ( Data transmission Rate ) في تقنية (الـ Bluetooth)
    تصل سرعة نقل البيانات من 721 كيلوبت/ثانية إلى 1 قيقابت/ثانية.
    8- ماهو مدى التردد ( Frequency Range ) المستخدم في تقنية (الـ Bluetooth)
    تبث أجهزة البلوتوث ارسالها على موجات الراديو بتردد 2.45 جيجاهيرتز
    9- ماهي المعدات( Equipments )الواجب توفرها في أي جهاز حتى يعمل ب(الـ Bluetooth)
    تضع الشركة المصنعة في جهاز الهاتف النقال وقاعدته شريحتي بلوتوث في كل منهما، وتتم برمجة كل وحدة بعنوان محدد يقع في المدى المخصص لهذا النوع من الأجهزة فعند تشغيل القاعدة فإنها ترسل إشارة راديو لأجهزة الاستقبال التي تحمل العنوان وحيث إن الهاتف النقال يحمل العنوان المطلوب نفسه فإنه يستجيب للإشارة المرسلة ويتم إنشاء شبكة بيكونت بينهما، وعندها لا يستجيب هذان الجهازان لأية اشارات من أجهزة مجاورة لانها تعتبر من خارج تلك الشبكة•
    10- افترض وجود جهازين يعملان بتقنية (الـ Bluetooth) , وضح باختصار كيف يتفاهم كلا الجهازين على بعضهما البعض
    عندما يتقارب جهازي بلوتوث من بعضهما البعض، فإن حديث الكتروني سيجري لمعرفة إن كانت هناك بيانات للمشاركة أو اذا على الجهاز الأول التحكم في الجهاز الثاني. هذا الأمر كله يجري بدون الحاجة إلى ضغط إي زر أو اصدار أي أمر، فهذا الحديث الالكتروني سيأخذ مجراه بشكل تلقائي. وعندما يتم الاتصال ما بين الجهازين، فإنه يتم تكوين شبكة معينة ما بين الجهازين. وتقوم أنظمة بلوتوث بعدئذ بانشاء شبكة شخصية قد تمتد لغرفة كاملة أو تمتد لمتر أو أقل. وعندما يتم تكوين الشبكة الشخصية فإن الجهازين يقومان بتغيير التردد بطريقة واحدة وفي وقت واحد حتى لا يتم التداخل مع شبكات شخصية أخرى التي قد تكون موجودة في نفس المكان.
    11- وضح على شكل خطوات كيف تعمل أشعة (الـ Bluetooth)
    أجهزة بلوتووث تقوم بإنشاء الشبكات الشخصية وكيف أن الترددات المختلفة تمنع حدوث عمليات التداخل. لنفترض مثلا بأنه لديك غرفة اعتيادية تحوي الأمور الاعتيادية. فهناك أستريو، DVD وجهاز مستقبل للساتيلات وتلفزيون بالإضافة إلى جهاز تلفون لاسلكي وجهاز كمبيوتر شخصي. كل هذه الأجهزة مزودة ببلوتوث فالتلفون اللاسلكي يحوي على نظام بلوتووث مرسل في قاعدة التلفون ونظام آخر في محمول التلفون. الشركة المصنعة لهذا التلفون أعطت عنوان معين لكل وحدة. وهذا العنوان يقع ضمن مجموعة من العناوين الخاصة بجهاز معين. عندما يتم تشغيل قاعدة التلفون، فإن قاعدة التلفون تبدأ بإرسال إشارات الراديو في كل جهة بحثا عن أي وحدة تحوي عنوانا في مدى معين. ولأن محمول التلفون يحوي ذلك العنوان، فإنه يستقبل هذه الإشارات ويتم إنشاء شبكة شخصية. والآن، حتى إذا لو تم إرسال إشارات إلى أحد الأجهزة المكونة لهذه الشبكة، فإن هذه الأجهزة ستتجنبها لأنها لم تأتي من داخل الشبكة. نفس المرحلة تبدأ ما بين الكمبيوتر وجهاز الستريو. ومن ثم فإن كل شبكة شخصية تغير تردد الاتصال فيما بينها وعلى ذلك فإن أي شبكة لا تستطيع التأثير في شبكة أخرى.

    12- تكلم عن الأمان في تقنية (الـ Bluetooth)
    نشرت جريدة نيويورك تايمز خبر اكتشاف باحثين في معامل بل بشركة لوسنت التي تمتلك مقعد عضوية في المجموعة الخاصة ببلوتوث(Bluetooth Interest Group) سهولة التلصص على المحادثات وسهولة فك تشفير البيانات, وقال أحد خبراء علم التشفير عند سماع الخبر بأنه واثق في أن مكتب التحقيق الفيدرالي ووكالة الأمن القومي يترقبان بفارغ الصبر القدرة على اختراع أجهزة استقبال تعمل بتقنية البلوتوث على شكل أقلام رصاص وكابلات هاتف ومنافذ إلكترونية.وفي أوروبا خصص فرع شركة انتل نصف ميزانية التقنية اللاسلكية لاكتشاف سبل علاج ثغرات الأمان في استخدامات البلوتوث. وقال أحد الخبراء بمركز أبحاث تقنية المعلومات باستكهولم بأن قضية الأمان في تقنية البلوتوث هي السبب في احجام خبراء التقنية المحمولة عن الاستخدام والتطبيق الواسع لهذه التقنية, وتقنية البلوتوث كافية لتشغيل التطبيقات الصغيرة ولكن لا ينبغي ارسال أي بيانات حساسة من خلال تقنية البلوتوث.
    13- ماهي فوائد تقنية (الـ Bluetooth)
    1- أنها تقنية لا تعتمد على الأسلاك.
    2-أنه لايوجد فيها تكاليف مادية غير جهاز البلوتوث.
    3- أن الأجهزة تتعارف بنفسها دون أن يتدخل الِأنسان بذلك.
    14- هل أنت من مؤيدي استعمال تقنية (الـ Bluetooth)
    بالتأكيد أن البلوتوث تقنية من التقنيات الحديثة التي ستقدم للبشرية خدمات كبيرة ولكن يعاب عليها حتى الآن عدم الأمان فهي سريعة ورخيصة وهي تعتبر من الأجهزة ذوات الحدين فيجب استغلالها بما يفيد.[/align]
    [align=center][/align]

  9. #24

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    [align=center]التعليم بالأستبصار[/align]

    [align=justify]معني التعلم:

    هو كل ما يكسبه الفرد من معلومات ومعارف وأفكار واتجاهات وعواطف وميول وعادات ومهارات حركية

    ويعتمد على عدد من المصادر منها

    1- التعليم النظامي الذي يتم داخل المؤسسات التعليمية.

    2- التعليم الذي يتم من خلال التنشئة الاجتماعية.

    3- التعليم الذي يتم عن طريق طلبه والسعي أليه لحاجة من الحاجات الضرورية للفرد.

    تعريف التعلم:-

    هو عبارة عن تعديل السلوك عن طريق الخبرة التي يتلقاها الفرد والمران عليها في إثناء تفاعله مع بيئته وتعامله معها وتأثيره فيها وتأثره بها. كما يصبح التعلم عاملا من عوامل الكفء مع متطلبات البيئة والتكيف معها.

    أهمية التعلم وأهدافه:-

    ويعتبر للتعليم أهمية في التصدي لحل المشكلات اليومية التي تصاف الفرد في حياته. ويهدف إلى أن يكسب الفرد إلى مهارات سلوكية جديدة تتفق وميوله وتؤدي ألي إشباع حاجاته وتعمل على تحقيق أهدافه.

    أساليب التعلم:-

    يتم التعلم بأساليب عديدة منها:

    1- التعلم بالاقتران ويعتبر جثري أحد الذين عملوا في هذا النوع من التعلم.

    2- الاقتران الزمني .

    3- التكرار.

    4- التعزيز.

    التعليم بالمحاولة والخطأ:-

    وهو أسلوب يتم عن طريق القيام بعدد من المحاولات إلى أن يتوصل المتعلم إلى الاستجابة الصحيحة.

    ويعتمد هذا النوع من التعلم على مجموعة عوامل منها:-

    1- استعداد المتعلم ( أي كلما كانت رغبة الفرد كبيرة في التعلم أسرع في التعلم وإتقانه).

    2- الحالة الصحية والنفسية.

    3- انتقال أثر التعلم ( أي أن يتقن الفرد أي موقف تعليمي فان ذلك يساعده في المواقف التعليمية القادمة).

    التعلم بالاستبصار:-

    وهو نوع من التعلم يقوم على الفهم الكلي للموقف الذي يتعرض له الفرد فهماً يعتمد على التفكير والتأليف والابتكار وصولاً إلى حل يناسب الموقف وهو ما يطلق عليه ((الاستبصار)).

    ومن خصائص التعلم بالاستبصار:-

    1- يعتمد الاستبصار على ما وصل أليه المتعلم من نضج جسمي وما لديه من خبرات ومهارات وذكاء.

    2- يتم الاستبصار غالباً عن طريق مجموعة من المحاولات والأخطاء .

    3- أن الاستبصار بالحل الصحيح قد يكون فجائياً وقد يكون تدريجياً وهو في الحالتين نوع من الخبرات التراكمية.

    كما أن نظرية الاقتران تعتبر التعلم ترابطاً شرطياً يفسره قانون الاقتران وهو ابسط أنواع التعلم.

    ونظرية المحاولة والخطأ تعتبر التعلم يتم نتيجة للأثر الذي تحدثه المحاولات الناجحة .

    واما نظرية الاستبصار فتعتبر الوصول إلى التعلم نتيجة لاعادة تنظيم المجال الادراكي بحيث يسمح هذا التنظيم لظهور الحل الصحيح.

    شروط التعلم:-

    1- النضج 2- الدافع 3- التدريب

    العمليات المساهمة في التعلم:-

    1- الإحساس: وهو النشاط العقلي للفرد اذ يحقق له التعرف على الأشياء والتصور الذهني لها.

    2- الإدراك : يعني الإدراك العملية العقلية التي نتعرف من خلالها فيما حولنا عن طريق التنبيهات الحسية .

    وتتأثر بعاملين:

    1- طبيعة الشيء المدرك نفسه كأن يكون سهلاً أو معقداً

    2-طبيعة الحواس فقد تكون قوية أو ضعيفة صحيحة أو معتلة.

    العوامل الذاتية المؤثرة في الإدراك:-

    1- نوع الوسط الذي يكون فيه الفرد وأثره على إدراكه.

    2- إشباع حاجات الفرد يؤثر على الإدراك.

    3- القيم التي يتمسك بها الفرد.

    4- انفعالات الفرد والضغوط الاجتماعية التي يتعرض لها.

    العوامل الخارجية المؤثرة في الإدراك:-

    1- قانون التقارب: (بمعنى ندرك المثيرات المتقاربة كوحدة مستقلة منفصلة عن المجال الذي تعرض فيه).

    2- قانون التشابه : ( إننا ندرك الأشياء المتشابهة قبل أن ندرك الأشياء المختلفة).

    3- قانون الاستمرار(حيث يدرك الفرد المثيرات التي تكون استمرار للمثيرات الشبيهة بها على أنها وحدة أدرا كية متكاملة).

    الخداعات:-

    أنواع الخداع :- 1- خداع الحركة 2- الخداع العمودي والأفقي 3- خداع الأقواس

    التذكر:-

    هو استعادة المعلومات والخبرات التي سبق تعلمها واكتسابها في المواقف التعليمية التي مررنا بها.

    و أما النسيان هو الفرق بين ما سبق تعلمه وما تم تذكره.

    والقدرة على التذكر يستدل عليها من خلال العمليات التالية:-

    1- الاسترجاع التلقائي ( أي حضور الذكريات في الذهن دون أن يكون هناك سبب واضح لذلك).

    2- الاستدعاء : ( وهو القيام بالتذكر المتعمد ).

    3- التعرف : ( وهو مطابقة ما ندركه أمامنا الآن على ما سبق لنا اكتسبناه من تجارب سابقة).

    وتمر عملية التذكر بثلاث مراحل : 1- مرحلة الانطباع 2- مرحلة الاستيعاب 3- مرحلة الاستدعاء

    بعض الطرق التجريبية لقياس التذكر:-

    1- قياس سعة الذاكرة 2- مدة التدريب. 3- الجهد المدخر.

    التعليم الكلي والتعليم الجزئي:-

    وينقسم الى طريقتين : الطريقة الكلية ( وتفيد في توضيح كل المعاني ).

    الطريقة الجزئية ( تفيد في تقسيم الحفظ إلى أجزاء يسهل تناولها واستيعابها ومن ثم حفظها).

    ولو جمع بين الطريقتين في الحفظ لكان افضل.

    التعلم المركز والتعلم الموزع:-

    التعلم المركز : هو حفظ موضوع ما في جلسة واحدة.

    التعلم الموزع : هو توزيع الحفظ لنفس الموضوع على عدد من الجلسات.

    فالحفظ المركز يتطلب درجة عالية من الجهد والنشاط والذكاء.

    واما الحفظ الموزع يتطلب مستوى اقل من ذلك.

    والحفظ الموزع افضل من الحفظ المركز لكونه يمكن المتعلم من الاحتفاظ به فتره أطول ومن ثم سرعة تذكره فضلاً عن انه اكثر ملاءمة للمادة العلمية الصعبة أو ذات الحج الكبير.

    التسميع كعامل مساعد على الحفظ:-

    ويفيد استخدام المتعلم لأسلوب التسميع من إجادة الحفظ ويوضح له مباشرة مدى تقدمه في الحفظ بالإضافة ألي انه يزيد من كفاءة الحفظ والاحتفاظ به فتره طويلة.

    الانتبــــــــــــاه:-

    وهو العملية التي يتم بمقتضاها توجيه الذهن إلى شيء ما.

    ومن شروط الانتباه الجيد أن يكون موجهاً لشيء واحد فقط.

    وأنواع الانتباه نوعان:-

    1- تلقائيـــــا ً : عندما يكون لدوافع فطرية مثل الانتباه إلى أنواع الطعام الموجود على المائدة ).

    2- إراديـــاً : عندما يكون برغبة الإنسان مثال حفظ الطالب لدرس من دروسه ).

    3- غير ارادياً : عندما يحدث بدون رغبة الإنسان مثال سماع صوت مزعج أو ضوء شديد ).

    4- حســــــــــياً : هو عندما تتوجه الحواس الى شيء ما مثال: (النظر إلى منظر جذاب).

    5- عقلياً : عندما يتم توجه الذهن مثال توجيه الذهن لحفظ قصيده من الشعر) .

    ومن الأشياء التي تثير الانتباه : ارتفاع الصوت/ شدة الضوء/ الحركة الزائدة/ التغير المفاجيء/ التكرار المستمر.



    نواتج عملية التعلم:-

    نواتج التعلم: 1- زيادة المعارف والخبرات 2- تعديل العادات 3- تنمية السلوك.


    ميادين الحياة المهنية:-

    1- الميدان الصناعي:- ويهتم علم النفس في هذا المجال بدراسة:-

    أ****- اهتمامه بقضية الكفاية الإنتاجية التي يحققها العاملون الذين تم انتقائهم بأفضل الوسائل الموضوعية.

    ب****- دراسة مكان العمل ووضع قواعد وضوابط التي تجعل منه مكاناً مهيئاً للعمل والإنتاج.

    ت****- تحديد أنماط العلاقات الاجتماعية السائدة في مجال العمل ونظم الاتصالات التي تتم في مجال العمل.

    وعلم النفس الصناعي يعتمد في ممارسة نشاطه على موضوعات عديد منها:-

    *- المواءمة المهنية : وهي وضع الفرد في المكان المناسب حسب إمكانياته ومؤهلاته العلمية وخصائصه الذاتية

    والجسمية والنفسية والاجتماعية.

    ولتحقيق ذلك الأبد من توافر معلومات عن تحليل الأعمال و الأفراد

    تحليل العمل : يهدف الى تحديد وتنظيم وسائل الانتقاء المهني والتوجيه المهني وتنظيم برامج التدريب

    وتحسين طرق العمل وتحيد معايير تقويمه .

    طرق التحليل: ملاحظة العاملين في أثناء قيامهم بالعمل والتعرف منهم على إجراءاته. مقابلة رؤسائهم لمعرفة

    طبيعة العمل متطلباته تصميم استبيان يتضمن أسئلة حول العمل يجيب عنها العاملون والرؤساء

    تحليل الفرد : ( يهدف إلى التعرف على إمكاناته ) .

    طرق تحليل الفرد: - تقديم طلب الالتحاق بالعمل. متضمناً كافة بياناته.

    - المقابلة المبدئية وتعقد للذين اجتازوا المرحلة الأولى.

    - الاختبارات النفسية.

    - المقابلة النهائية .


    * - الكفاية المهنية:- يقصد بها الوصول بالإنتاج إلى أقصى حد ممكن كماً ونوعاً.

    ومن أهميتها للفرد ( تشعر الفرد بأنه منتج في مجتمعه ، مما يولد لديه الاعتزاز بالنفس والانتماء ).

    أما أهميتها للمجتمع ( توفر الإنتاجية التي تفي بإحاطات المجتمع وتهيئ له العيش الكريم ).

    أقسامها:-

    1-الانتقاء المهني : هي العملية التي يتم بمقتضاها اختيار افضل المتقدمين لشغل وظيفة ما ويكون هذا الاختيار بمثابة

    مواءمة بين متطلبات الوظيفة من القدرات و الإمكانات .

    والانتقاء المهني يتطلب ثلاث عمليات : 1- تحليل العمل 2- تحليل الفرد 3- المطابقة والمواءمة.

    2- التوجيه المهني: يهتم بالتعرف على سمات الأفراد وخصائصهم الفنية و مقدراتهم الذاتية واستعداداتهم الفطرية.

    3- التدريب المهني: يهيئ الفرد ليكون قادراً على أدائه المهني بأعلى قدر من الكفاية .

    ويجب أن يوجه التدريب لكافة العاملين بلا استثناء نظراً لكونه يمد الأفراد بالمعلومات والمعارف.


    *- علم النفس الهندسي:- ( ويهتم علم النفس الهندسي او الهندسة البشرية بتصميم الآت وأدوات العمل وتهيئة كافة ظروف العمل

    وهذا العلم من عوامل جذب العامل إلى العمل لانه يشعر في إثناء العمل بأنه في مأمن من الأخطار وبعيد عن أمراض المهنية.

    واهم العناصر التي تؤدي الى زيادة دوافع العاملين نحو العمل منها: الأجر/ الترقية/ عدد ساعات العمل/ جودة الخامات والآلات.


    *- الحوافز المهنية:- وهي نوعان :-

    1- حوافز إيجابية / تهدف ألي رفع الكفاية الإنتاجية عم طريق التشيع والإثابة والتقدير.

    2- حوافز سلبية / تعمل على زيادة الكفاية الإنتاجية باستخدام وسائل التخويف والعقاب المادي والمعنوي.



    الميدان التربوي:-

    ويعني علم النفس في هذا الميدان بدراسة خصائص مراحل النمو المختلفة لتحديد المناهج الدراسية المناسبة لكل مرحلة من حيث نوع المادة العلمية ومستواها وكذلك دراسة الشروط الأساسية للتعلم حتى يتسنى للمعلمين توجيه التلاميذ ألي طرق الاستيعاب والتحصيل الجيد.

    ومن الموضوعات التي يدرسها:- 1- النمو الإنساني .

    2- التقويم. (ولبرنامج التقويم بعض الخصائص والسمات منها أن يتسم بالشمول والاستمرار وان يعطي صورة عن الفرد

    تمكن من الحكم علية باعتباره دعامة رئيسية من دعائم العملية التربوية).


    الميدان التجاري:

    ووسائل الميدان التجاري / هي* العرض والطلب* الإعلان عن المبيعات * التعرف على اتجاهات المستهلكين

    · توجيه الاستهلاك لدي المستهلكين.

    1- العرض والطلب: ويهتم عادة في السوق الذي يضم الأفراد الذين تتوفر لديهم الرغبة في بيع سلع أو خدمات معينة والأفراد

    المتجهين لشراء تلك السلع.

    2- الإعـــــــــــلان: ويعرف بأنه فن أغراء الأفراد على السلوك بطريقة معينة فهو عملية اتصال تؤدي إلى نشر خصائص

    ومزايا السلع المعلن عنها.

    ومن أهم أهدافه: 1- التأثير في سلوك الجمهور بحيث يدفع بعضهم إلى اقتناء السلعة المعلن عنها بسبب ما يقدمه الإعلان عن

    السلعة من معلومات وبيانات تخاطب رغبات المستهلكين.

    وللإعلان عدد من الأنواع: 1- منها الأعلام التعليمي الذي يتولى شرح وتوضيح مزايا السلع والخدمات المعلن عنها .

    2- الأعلام الإرشادي الذي يقدم افضل استخدامات تلك السلع.

    3- الإعلان التذكيري الذي يعمل على استمرار تذكر المستهلكين للسلع المعلن عنها تلافياً لنسيانها

    3- اتجاهات المستهلكين.

    4- توجيه النمط الاستلاكي.


    الميدان الحربي:-

    ويهتم بتقديم الخدمات التالية:-

    1- زيادة كفاءة القوات المحاربة وحسن رعايتها في أوقات السلم.

    2- تصنيف الجنود وتوزيعهم على الوحدات العسكرية.

    3- تخطيط برامج التدريب والتقويم الشامل في إمكانات كل جندي وطاقاته.

    4- العمل على رفع الروح المعنوية للجنود.

    5- شن الحرب النفسية على الأعداء.

    6- علاج المصابين بالصدمات النفسية.

    7- رعاية المعاقين وتوجيههم إلى أفضل الإعمال المناسبة لما تبقى لديهم من إمكانات.


    الميدان العيادي:-

    يقدم علم النفس لهذا الميدان دراسات واسعة حول السلوك السوي الذي حدده الإطار الثقافي للمجتمع وارتضته العادات والتقاليد السائدة . وكذلك السلوك الشاذ والمنحرف عن الحدود التي وضعها.

    ويهتم بدراسة أسباب هذا السلوك ودوافعه ويضع المبادئ النفسية التي تحاول تعديله وتنميته في الاتجاه الصحيح .

    ويهتم علم النفس بصفة خاصة في هذا الميدان بالأمراض النفسية والعقلية فيعكف على دراسة أسبابها ومحاولة الوصول إلى احسن الوسائل للوقاية منها وعلاجها.

    ومن بين الموضوعات التي تهتم بها العيادة النفسية:-

    ²- الإرشاد النفسي والديني :

    الإرشاد النفسي: (عملية تهدف إلى مساعدة الفرد أن يفهم نفسة من جوانبها الجسمية والعقلية ومعرفة مشكلاته ).

    ويعتمد الإرشاد النفسي على معطيات الدين إرشاداته وتوجيهاته أوامره ونواهيه فالتربية الصحيحة هي التربية الدينية والنمو السوي هو النمو المرتكز على دعائم الدين والصحة النفسية في المجتمع المسلم هي تنمية المواطن صاحب الإرادة والعقيدة والأيمان تنمية تجعله محباً لنفسه وللآخرين.

    والإرشاد الديني: يعتمد الإرشاد الديني ويؤسس على أن الله سبحانه وتعالى هو خالق الإنسان وقد حدد له الحلال والحرام وبين له الطريق السوي الشاذ .

    ويكون الإرشاد ضرورياً في حالات اقتراف الفرد بعض الذنوب باتباع هوى النفس ومخالفة القوانين الإلهية.


    ë- الإرشاد الوقائي

    ²- الإرشاد العلاجي ( هو أسلوب تربية وتعليم يهدف إلى أن يقدم للفرد صورة واضحة عن نفسة وعلاقتها بخالق الكون سبحانه والقيم الأخلاقية التي حثنا عليها وهو أسلوب يرمي إلى تخليص النفس من الشعور بالإثم والخطئية ويبعث فيها الأمل والرجاء ثم الأمن والطمأنينة ومقومات نجاحه وجود مرشدين صادقين الأيمان ذوي عقول متفتحة قادرة على الإقناع . وكذلك أن يكون طالب الإرشاد على استعداد للإفضاء بأسراره للمرشد مهما كانت والاعتراف بذنوبه والتوبة عنها ليتخفف مما يشعر به من آثام ويحل محلها التفاؤل والراحة النفسية).

    ²- الإرشاد السلوكي : ويعرف مفهوم ( الإرشاد السلوكي القيام بمحاولة حل المشكلات السلوكية لدى فرد ما عن طريق فهم وتشخيص سلوكه الراهن وتقديم المعونة له في صورة إرشاد. ويهدف إلى تعديل سلوكه ليسير في الاتجاه الصحيح. على أسس و مبادي قوانين التعلم بصفة عامة والنظريات الإرشادية بصفة خاصة ، ويعمل الإرشاد السلوكي على تعديل السلوك المنحرف عن طريق إعادة تعلم جديد ومن الأساليب المستخدمة في الإرشاد السلوكي استخدام الثواب والعقاب لتعديل السلوك).

    علم النفس وعلم الفضاء :- فتحت علوم الفضاء الفرصة أمام علم النفس لتطبق الكثير من النظريات التي يخضع لها السلوك الإنساني في مجالات متعددة ، ولقد تم عمل الكثير من التجارب والمختبرات ومن أهما إرسال الكلبة( لايكا) في رحلة حول الأرض والهدف الأساسي من الرحلة دراسة تأثير الفضاء الخارجي على أجهزة الكائن الحي وتسجيل ورصد نوع تلك المؤثرات ، ولقد تقدمت الدراسات النفسية السلوكية في هذا المجال واتسعت لتشمل مجالات جديدة كالاختيار والتدريب واختيار رواد الفضاء عملية دقيقة حيث لابد من أن يكون سليماً من الناحية الجسمية والعصبية والعقلية والانفعالية.

    ملاحظة : طريقة الأسئلة الشائعة تقريباً


    1- عدد أو اذكر

    2- التعريفات

    3- الفرغات

    4- الصح و الخطاء

    5- علل أو اذكر السبب

    6- اشرح

    7- بين[/align]
    [align=center][/align]

  10. #25

    مشـرف سابق


    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,141
    [align=center]التربية في الإسلام[/align]


    [align=justify]مفهوم التربية الإسلامية وتعريفها.
    أولا: مفهوم التربية:
    1) عند علماء اللغة العربية:
    يجد الباحث في كتب اللغة العربية ومعاجمها أن للفظ التربية جذرين هما (ربا – يربو)و(ربّ – يربّ)، وأن المعاني المأخوذة منها للفظ التربية لا تخرج عن :" الزيادة والنمو، والنشأة والترعرع، والتغذية، والسياسة والتفوق، والتعليم، وإصلاح الشيء وحفظه ورعايته، وتكفل الصغير وحسن القيام على أموره حتى يدرك".(انظر : لسان العرب والقاموس المحيط وتاج العرس ومعجم مقاييس اللغة).
    ويلاحظ أن المعاني اللغوية تشمل الكثير من جوانب النمو عند الفرد، ولا تقتصر على الجانب العقلي فقط، وقد لا نجد مثل هذا الشمول في غير اللغة العربية.
    2) عند علماء التربية الغربيين:
    يختلف علماء التربية في تعريف " التربية" اختلافا واسعا، وذلك لاختلافهم في فلسفاتهم التربوية، ولتعقد العملية التربية ذاتها، ولا ختلافها من مجتمع لآخر، ولتطورها عبر القرون وتغير مدلولها.
    يرى البعض أن التربية هي " عملية تنشئة الطفل في جميع مراحل حياته، حتى يستطيع الاعتماد على نفسه، والاستغناء عن الآخرين (انظر محب الدين أبو صالح، مقداد يالجن، عبد الرحمن النحلاوي: دراسات في التربية الإسلامية).
    ويرى آخرون أنها تعني" جميع الوسائل والطرق التي تسهم في إكساب الطفل ثقافة مجتمعه، أو مجموعة العادات التي تكون لدى الطفل أنماط سلوكه العقلي والاجتماعي والنفسي والخلقي (2- أنظر المرجع السابق)، ويرى غيرهم أنها تعني " العملية التي تسهم في تنمية جوانب الفرد كلها أو إحداها"، أو خدمة الفرد والمجتمع(أنظر المرجع السابق)، ويؤكد آخرون أن " التربية عملية شاملة واسعة، فيعرفونها بألفاظ قليلة، ذات مدلولات واسعة عريضة(أنظر المرجع السابق).
    ومن أهم التعريفات للفظ التربية عند علماء التربية ما يلي:
    أ – تعريف ( أميل دور كهايم): " التربية هي العمل الذي يمارسه أجيال الراشدين على أجيال لم يتم نضجها بعد للحياة الاجتماعية(أنظر انجيلا ميديسي: التربية الحديثة، محمد أحمد سليمان : سلسلة الألف كتاب).
    ب – تعريف (كارل مانهايم): " التربية هي إحدى وسائل تشكيل السلوك الإنساني، كي يتلاءم مع الأنماط السائدة للتنظيم الاجتماعي(أنظر الشعبة العربية للتربية والعلوم الثقافية- معجم العلوم الاجتماعية).
    ج- تعريف (هربارت سبتر): التربية هي " الإعداد للحياة العامة".(أنظر عمر محمد الشيباني: تطور النظريات والأفكار التربوية)
    د- تعريف (جون ديوي): التربية هي " الحياة وليست الإعداد للحياة(انظر المرجع السابق)، بل هي الحياة، وهي عملية النمو، وعملية التعلم، وعملية بناء وتجديد مستمرين للخبرة وأنها عملية اجتماعية (أنظر المرجع السابق).
    هـ_ يقول آخرون: التربية هي " عملية تكيف وتكييف".(أنظر فاخر عاقل: معالم التربية).
    3) عند العلماء المسلمين:
    نجد تعريفات متعددة للفظ" التربية" عند بعض العلماء المسلمين في ثنايا كتبهم المتعلقة بالتفسير أو الأخلاق، أو التصوف أو التهذيب وغيرها، ومن هذه التعريفات ما يلي:
    一- تعريف (الراغب الأصفهاني):" التربية، إنشاء الشيء حالا فحالا إلى حد التمام"(أنظر الراغب الأصفهاني: المفردات في غريب القرآن).
    二- تعريف (البيضاوي):" التربية هي تبليغ الشي إلى كماله شيئا فشيئا" (انظر البيضاوي: أنوار التنزيل، وأسرار التأويل).
    ج – تعريف (ابن سينا): " التربية عادة، وأعني بالعادة فعل الشي الواحد مرارا كثيرا، وزمانا طويلا في أوقات متقاربة".(أنظر ابن سينا: الأخلاق).
    د- تعريف (محمد عبد الله دراز):" التربية هي تعهد الشيء ورعايته بالزيادة والتنمية، والتقوية، والأخذ به في طريق النضج والكمال الذي تؤهله له طبيعته، والتربية الإنسانية هي التي تتناول قوى الإنسان، وملكاته جميعها.( انظر محمد عبد الله دراز: كلمات في مبادئ علم الأخلاق).
    نلحظ من العرض السابق لتعريفات" التربية" أن المعاني لدى العلماء المسلمين تلتقي مع بعض ما ذهب إليه علماء التربية الغربيين، وأن التربية هي عملية تنشئة ونمو وتعويد وإكساب خبرات وبناء سلوك، وأن التربية في الدراسات التربوية مقصورة على التفاعل بين طرفين من البشر، أحدهما كبير والآخر صغير، وأنها عملية مقصودة لتحقيق هدف معين، أو أهداف محددة تتعلق بسلوك الإنسان، وأن هذه الأهداف تختلف من مجتمع لآخر حسب عقيدته أو فلسفته وحسب رقيه أوتدنيه في سلم الحضارة، ولذا فالتربية تتم لأفراد معينين في مجتمع معين.
    ثانيا: مفهوم التربية الاسلامية
    1- لم يكن مصطلح التربية الإسلامية" مستعملا لدى المسلمين قديما، وذلك لأن المجتمعات الإسلامية القديمة لم تكن تعرف من الأنظمة التربوية سوى التربية في ظلال القرآن الكريم والسنة النبوية، ولذا كانت جميع كتابات العلماء المسلمين المتعلقة بالتربية والتعليم أو التأديب والتهذيب، تعتمد على نصوص القرآن والسنة وما يستنبط منهما.
    2- ويلحظ أن مصطلح التربية الإسلامية" قد بدأ استعماله بعض الباحثين ليشيروا به إلى ما كان لدى المسلمين من مؤسسات تربوية، وبعض ممارسات وتوجيهات تتعلق بالتربية والتعليم، وكأن مفهوم التربية الاسلامية لديهم يعني" تاريخ التربية عند المسلمين" أو ما كان لدى المسلمين من مؤسسات تربوية ومناهج وطرق تدريس.
    3- واستعمل مصطلح " التربية الإسلامية" آخرون بمفهوم " تاريخ الفكر التربوي عند المسلمين" حيث بحثوا تحت ذلك المصطلح الفكر التربوي الذي كان يسود المجتمعات الإسلامية، وربطوه ببعض العلماء المهتمين بذلك أمثال(ابن سحنون، والقابس، والغزالي، وابن سينا، وابن خلدون)
    4- ووجد مصطلح " التربية الإسلامية" في بعض الدول الإسلامية ليدل على اسم مقرر دراسي يتضمن بعض السور القرآنية، والأحاديث النبوية، والسيرة والتوجيهات الخلقية وبعض أحكام العقائد والعبادات وبعض ما يتعلق بأنظمة الاسلام الاجتماعية.
    5- ولكن بعض الباحثين المحدثين من رجال الفكر الاسلامي، ومن المهتمين بقضية التربية والتعليم في العالم الإسلامي استعملوا مصطلح" التربية الاسلامية" بمفهوم يختلف عن المفاهيم السابقة، وأصبح يعني لديهم:
    النظام التربوي الذي جاء به الإسلام ليكون أداة التغيير الثقافي والاجتماعي في جميع المجتمعات البشرية، وأداة صياغة الإنسان وتوجيهه ورعاية جوانب نموه بما ينسجم مع فطرته" ، أو أنها: التربية الشاملة القائمة في كل جانب منها على الإسلام، والمنبثقة أساسا من حدود الإسلام، ومفاهيمه".
    تحليل عناصر هذا المفهوم
    إن التربية الإسلامية نظام تربوي متكامل، يقوم كل جانب فيه على تعاليم الإسلام ومفاهيمه ومبادئه ومقاصده، ولذا فهي تختلف عن جميع الأنظمة التربوية من حيث مصادرها وأهدافها، وبعض أسسها ومبادئها ومؤسساتها وأساليبها، وخصائصها. وهي التي بدأت بتربية رسول الله عليه السلام صحابته الكرام وإعدادهم، وتنشئتهم ورعاية نموهم، وتفتيح استعدادتهم، وتوجيه قدراتهم وتنظيم طاقاتهم حتى أصبحوا خير الأجيال عبر التاريخ الإنساني.
    والتربية الإسلامية هي العملية التربوية التي سار عليها المسلمون بعد نبيهم عليه السلام في تنشئة أجيالهم واعدادهم حتى أصبحوا بها رجال الإسلام والإيمان والفكر والعلم، والتهذيب والخلق، وسادة العالم وخير أمة عرفتها البشرية.
    والتربية الإسلامية هي النظام التربوي الذي فرض الله على المسلمين أن يربوا أولادهم، ويوجهوا أهاليهم، ويرعوهم في ضوئه دون غيره من الأنظمة التربوية الكافرة الملحدة، أو العلمانية اللا دينية، أو الدينية المنحرفة، وهي النظام التربوي الذي افترض الله على القائمين على شؤون التربية والتعليم ومؤسساته المباشرة وغير المباشرة- أن يعملوا على تحقيق أهدافه من خلال تلك المؤسسات وأنظمتها وممارستها.
    مما سبق يوضح أن مفهوم " التربية الاسلامية" في الدراسات و البحوث التربوية لم يعد يعني" تاريخ التربية، أو الفكر التربوي عند المسلمين" أو اسم مقرر دراسي" وإنما هو النظام التربوي المنبثق من نصوص القرآن الكريم، والسنة النبوية، والهادف لتنشئة المسلم وتوجيهه، ورعاية جوانب نموه، لبناء سلوكه وإعداده لحياتي الدنيا والآخرة، والذي افترض الله على المربين آباء ومسؤولين أن يأخذوا به وحده دون غيره من الأنظمة التربوية.
    ثالثاً: تعريف التربية الاسلامية:
    توصل بعض الباحثين في ضوء المفهوم السابق للتربية الإسلامية إلى وضع تعريفات علمية محددة للتربية الإسلامية، ومنها ما يلي:
    1) التربية الإسلامية " تنشئة، وتكوين إنسان مسلم متكامل من جميع نواحيه المختلفة من الناحية الصحية والعقلية والروحية والاعتقادية والأخلاقية والإبداعية، وذلك في ضوء المبادئ العامة التي جاء بها الإسلام، وفي ضوء أساليب وطرق التربية التي بينها"(أنظر محب الدين ابو صالح). ويقول صاحب هذا التعريف: " هي بتعريف أبسط: تنشئة المسلم وإعداده إعدادا كاملا للحياة الدنيا والآخرة".
    2) التربية الإسلامية هي: " تلك المفاهيم التي يرتبط بعضها ببعض في إطار فكري واحد، يستند إلى المبادئ والقيم التي أتى بها الإسلام، والتي ترسم عددا من الإجراءات والطرائق العلمية، يؤدي تنفيذها إلى أن يسلك سالكها سلوكا يتفق وعقيدة الإسلام".(انظر سعيد إسماعيل علي_ أصول التربية الإسلامية).
    3) وأرى أن التعريف الذي توصلت إليه للتربية الإسلامية قد يكون أكثر شمولا واتساعا، وأنها" مجموعة التصرفات العملية والقولية، المأخوذة من نصوص القرآن الكريم، والسنة النبوية، أو الاجتهاد في ضوئها، والتي يمارسها إنسان بإرادته مع إنسان آخر، بهدف مساعدته في اكتمال جوانب نموه، وتفتيح استعدادته، وتوجيه قدراته، وتنظيم طاقاته، ليتمكن من ممارسة النشاطات، وتحقيق الغايات التي يحددها الإسلام، وقد يؤكد هذا التعريف أن التربية الإسلامية عملية :
    أ – مرتبطة بنصوص القرآن الكريم، والسنة النبوية، والاجتهاد في ضوئها.
    ب – طرفاها من البشر، قد يكونان كبيرين، أو أحداهما كبير والآخر صغير وهذا الأغلب.
    ج – مقصوده، تقوم على إرادة واعية، وموجهة، وهذا لا يمنع أن تحدث أحيانا من خلال مواقف مربية غير مقصوده.
    د- شاملة تتناول جميع جوانب النمو في الفرد- العقلي والجسمي والنفسي، والاجتماعي، والصحي، والروحي، والخلقي وجميع جوانب قدراته وطاقاته.
    هـ – مستمرة مع الإنسان في جميع مراحل نموه، منذ تكوينه حتى وفاته.
    و- هادفة لتمكين الإنسان من القيام بالأنشطة والممارسات المحققة لغايات الإسلام وأهدافه في بناء الفرد والمجتمع والحضارة.

    مصادر التربية الاسلامية
    أشرنا في موضوع " مفهوم التربية الإسلامية" إلى أن مما تختلف به التربية الإسلامية عن غيرها من الأنظمة التربوية في مصادرها التي تقوم عليها، والمحددة بالقرآن الكريم، والسنة النبوية، والاجتهاد والبحث العلمي في ضوئهما ومقاصدهما، وهذا ما سنبحثه هنا- إن شاء الله- .
    أولا: القرآن الكريم المصدر الأول للتربية الإسلامية:
    يجمع العلماء المسلمون أن القرآن الكريم هو المصدر التشريعي الأول لجميع الأنظمة التي ينبغي أن تطبق في المجتمع الإسلامي، ومنها النظام التربوي الذي يعتبر أداة التطبيع الاجتماعي والتغيير الثقافي، وصياغة الإنسان المسلم وإعداده وتنشئته، ولذا كان طبيعيا أن يكون القرآن الكريم هو المصدر الأول للتربية الإسلامية، تستمد منه أساسياتها، وأهدافها، ومبادئها، وقيمها، ووسائلها، وأساليبها، وبعض ما يتصل بالأنماط السلوكية المكونة لمضمونها، فتصبغ التربية بصبغة القرآن وتتأثر ببعض خصائصة، وتسير في ضوء نصوصه ومقاصده.
    لقد تنبه لهذا القضية المسلمون القدامى الذين كتبوا في قضايا التربية والتعليم، أو التهذيب والتأديب، أو التصوف والسلوك، ولذا كانوا يعتمدون نصوص القرآن الكريم في كل قضية تربوية أو تعليمية أو سلوكية يريدون عرضها، أو تأكيدها، أو التوجيه اليها، أو بيان أهميتها في حياة الفرد أو المجتمع(انظر القابسي : الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمين، وأحكام المعلمين والمتعلمين، وكتاب التربية في الإسلام لأحمد فؤاد الأهواني).
    ويؤكد الباحثون المحدثون في التربية الإسلامية أن القرآن الكريم هو كتاب تربية وتهذيب، وينبغي اعتباره المصدر الأول للتربية الإسلامية، يقول فاضل الجمالي:" القرآن الكريم هو كنز عظيم من كنوز الثقافة الإسلامية، ولا سيما الروحية منها، وهو أول ما يكون كتاب تربية وتهذيب على وجه العموم، وكتاب تربية اجتماعية وأخلاقية وروحية على وجه الخصوص" (أنظر محمد فاضل الجمالي : تربية الإنسان الجديد).
    1) أدلة اعتبار القرآن الكريم مصدرا للتربية الإسلامية
    إننا إذا أردنا أن نستدل بكل آية في القرآن تتعلق بقضية من قضايا التربية والتعليم، أو بجانب من جوانبه لوجدنا أنفسنا مضطرين لإيراد الكثير من آيات القرأن الكريم لأنها تتعلق- نصا أو استنباطا- بقضية من قضايا التربية، أو ببناء جانب من جوانب سلوك الإنسان- إكسابا أو إلغاء أو تعديلا- سواء في تعامله مع ربه، أو مع نفسه، أو مع غيره، أو مع مفردات الكون الذي يعيش فيه، ولصعوبة ما سبق ولضيق الوقت سنكتفي بعرض موجز مركز للأفكار التي تدل عليها آيات القرآن الكريم وما يتعلق بالتربية الإسلامية، ومن ذلك :
    1 – نجد آيات كثيرة تتعلق بتحديد التصورات والمفاهيم للقضايا الأساسية- أو ما يسمى بالفلسلفة التربوية، التي يقوم عليها الإطار النظري للتربية الإسلامية، وهي قضايا (الألوهية- العبودية- الإنسان- الكون- الحياة) (انظر سورة الرعد:16، الأنعام:102، مريم:93، المؤمنون:12، الحج: 5و17، الجاثية: 13، العنكبوت:64.)
    2 – نجد آيات كثيرة تتعلق بتحديد أبعاد الإطار النظري للتربية الإسلامية وجوانبه، وهي الآيات التي تقدم الإجابات عن التساؤلات الأساسية المحددة للإطار النظري أو نظام تربوي. وهذه التساؤلات هي :
    أ – من نعلّم : بمعنى :
    ما أصل الإنسان ؟ وكيف وجد ؟ وما طبيعته؟ وما جوانبه؟ وما مدى قابليته للتعلم؟.(أنظر سورة الحجر:28-29، المعارج:19-22، النمل:78.
    ب – لماذا نعلم: بمعنى:
    ما الغايات والأغراض، والأهداف والمقاصد التي نسعى إلى تحقيقها من عملية التربية والتعليم؟(انظر سورة الذاريات 56-57،طه:14، الجمعة :3.
    ج – من أين نعلم وماذا : بمعنى:
    ما مصادر التعليم والمعرفة التي منها نستخرج المعلومات والحقائق والمبادئ والمفاهيم والميول والاتجاهات والقيم ومناهج التفكير وألوان التذوق التي تكون المادة التعليمية للمتعلم.(انظر سورة النجم2-4، العنكبوت:20، يوسف:109، فصلت:53.
    د- كيف نعلم ؟ بمعنى :
    ما الطرق والوسائل والإجراءات التي ينبغي أن تسلك أو يستعان بها في عملية التربية والتعليم؟ والمبادئ والقوانين التي ينبغي أن تقوم عليها تلك الطرق والإجراءات؟(انظر سورة الكهف:45، الأحزاب:12، الأعراف:176.
    هـ- أين نعلم؟ بمعنى:
    ما المؤسسات التربوية والتعليمية التي ينبغي أن تتولى عملية التربية والتعليم؟ وما شروط بنائها وأسسه ومبادئه؟.(انظر سورة لقمان 13، التحريم:6.
    و- متى نعلم؟ بمعنى :
    هل ترتبط عملية التعليم بسن معينة؟ وهل هي موقوفة على الصغار دون الكبار؟ وهل تقف عند سن معينة؟ أم أنها مستمرة مدى الحياة؟.(انظر: سورة يوسف 76، الاسراء: 85، طه: 114.
    3 – نجد آيات كثيرة تتعلق بعملية التربية والتعليم- التي ينبغي أن تتم في ضوء الإطار النظري للتربية الإسلامية- وهي التي تدعو إلى وجوب وجود عملية التربية والتعليم في البيت، والمسجد والمجتمع، وتبين أهمية ذلك في حياة الجماعة والفرد، وسعادته في الدنيا والآخرة، وتوضح مكانة المتعلم عند الله ودرجته، وعدم استوائه مع الجاهل وتحدد مجالات عملية التربية والتعليم وآفاقها وجوانبها، وما يتعلق بمضمونها؟(انظر سورة التحريم:16، البقرة:114، التوبة:18، الجن : 18، التوبة :122، الزمر:9.
    ولا بد من الإشارة أخيرا إلى أن الأفكار والمفاهيم والتصورات وإجابات الأسئلة السابقة تؤخذ من آيات القرآن الكريم نصا أو استنباطا وفهما.
    ثانيا : السنة النبوية: المصدر الثاني للتربيةالاسلامية:
    أ) تعريف السنة النبوية ووظائفها:
    توجد للسنة النبوية تعاريف كثيرة، وهي في اصطلاح المحديثن"كل ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو صفة خلقية أو خلقية، أو سيرة، سواء أكان ذلك قبل البعثة كتحنثه في غار حراء، أم بعدها (انظر محمد عجاج خطيب: السنة قبل التدوين).
    ويحدد علماء أصول الفقه وظائف السنة فيما يلي:
    1 – تأكيد ما جاء في القرآن الكريم: لذا نجد في السنة النصوص الكثيرة التي تؤكد بعض الأفكار والمبادئ والتصورات المتعلقة بأساسيات التربية الإسلامية أو إطارها النظري، أو عملية التربية والتعليم والتي أشرنا إليها في المصدر الأول للتربية الإسلامية.
    2 – بيان وتوضيح ما جاء في القرآن الكريم: لذا نجد في السنة نصوصا تفسر وتوضح الكثير مما جاء في القرآن الكريم من أحكام ومبادئ وحقائق ومعلومات لها صلة بالتربية والتعليم.
    3 – تشريع قضايا جديدة لها أصل في القرآن الكريم: فنجد مثلا السنة النبوية تربي المسلمين على اعتقاد حرمة الجمع بين الزوجة وعمتها أو خالتها، مع أن القرآن الكريم قد تعرض للمحرمات من النساء ولم يذكر ما أشارت إليه السنة في قول رسول الله عليه السلام:( لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها). ( انظرالصنعاني: سبل السلام شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام).
    4 – تشريع قضايا جديدة لا أصل لها في القرآن الكريم: نحو تربية السنة النبوية للرجال المسلمين أن يحرموا على أنفسهم لبس الذهب والحرير بقوله عليه السلام: ( أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورها) (انظر الصنعاني: سبل السلام شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام).، علما أن القرآن الكريم لم يتعرض لتحريم أي شيء من الألبسة، أو بعض أنواع الزينة.
    ويجمع العلماء المسلمون على أن السنة النبوية هي المصدر التشريعي الثاني بعد القرآن الكريم لجميع الأنظمة التي ينبغي أن تحكم المجتمع المسلم، والتي فيها النظام التربوي، ولذا كان طبيعيا بل واجبا أن تعتبر السنة النبوية هي المصدر الثاني للتربية الإسلامية.
    ب – أدلة اعتبار السنة النبوية مصدرا للتربية الإسلامية:
    1 – يربي القرآن الكريم المسلمين على وجوب طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم استقلالا، ووجوب الالتزام بالسنة النبوية والأخذ بها في جميع جوانب الحياة ونظمها، والتي منها النظام التربوي الإسلامي، قال تعالى: ( ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) سورة الحشر: آية 7.
    2 – إعلان القرآن الكريم أن وظيفة رسول الله صلى الله عليه وسلم تربية الناس وتعليمهم، قال تعالى: ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) سورة الجمعة:آية2.
    3 – تأكيد رسول الله عليه السلام أنه معلم، ووصف الصحابة له بذلك: قال عليه السلام:( أن الله لم يبعثني معنتا، ولا متعنتا، ولكن بعثي معلما ميسرا). (انظر أحمد بن حنبل: مسند الإمام أحمد بن حنبل).
    4 –تأكيد السنة وشرحها ما جاء في القرآن الكريم مما له صلة بأساسيات التربية الإسلامية: تناولت السنة النبوية من خلال وظائفها- التي سبق ذكرها- تأكيد وشرح وبيان الكثير من آيات القرآن المتعلقة بتحديد بعض المفاهيم والتصورات الأساسية- الألوهية العبودية، الإنسان، الكون، الحياة- التي تقوم عليها التربية الإسلامية، أو المتعلقة بتحديد أبعاد جوانب الإطار النظري للتربية الإسلامية- من نعلم؟ لماذا نعلم؟
    5 – تأكيد السنة النبوية الأسس والأساليب والمبادئ التربوية التي تعرضت لها آيات القرآن الكريم، أو شرحها وتفسيرها، أو الزيادة عليها مما أقره الوحي، وطبقه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثناء تدريسه وتعليمه صحابته رضوان الله عليهم.
    6 - تأكيد السنة لما ينبغي أن تكون عليه الأنماط السلوكية لجوانب النمو في الفرد التي وردت في آيات القرآن الكريم، أو شرحها، وتفسيرها، أو الزيادة عليها.
    ولا شك أن أكثر نصوص السنة النبوية تتعلق بهذا الجانب، حيث تمثل السنة النبوية الجانب التطبيقي للتربيةالإسلامية التي نظمت أنماط سلوك الفرد في أثناء تعامله مع خالقه، ومع نفسه، والآخرين، وبقية الكائنات والموجودات.
    7 – تأكيد السنة لما ينبغي أن يكون عليه سلوك المجتمع المسلم في رعايته لأفراده وناشئته، وفي تعامله مع غير المسلمين أفرادا ومجتمعات في أيام السلم والحرب من خلال بناء جميع مؤسساته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتعبدية والترويحية والتعليمية على مبادئ الإسلام ومفاهيمه، واعتبارها من مؤسسات التربية الإسلامية.
    ثالثا: الاجتهاد والبحث العلمي في ضوء القرآن والسنة من مصادر التربية الإسلامية:
    أ ) مفهوم الاجتهاد:
    يعرف الأصوليون الاجتهاد بأنه " بذل الجهد والطاقة للوصول إلى حكم شرعي". وباعتبار" التربية الإسلامية" مشتقة من الإسلام ومقاصده فهي تنتمي إلى الأحكام الشرعية أيضا، ومجال الاجتهاد فيها واسع وعريض.
    ومفهوم الاجتهاد في مجال التربية والتعليم يعني بذل العلماء المسلمين جهدهم وطاقتهم وقدراتهم في فهم نصوص القرآن الكريم، والسنة النبوية المتعلقة بالمفاهيم أو التصورات أو القضايا المتعلقة بأساسيات التربية الإسلامية، وأبعاد جوانب النظام التربوي، لاستنباط هذا النظام بأسسه وأبعاده وجوانبه.
    ويقصد بالبحث العلمي، الدراسات العلمية، أو التجارب العملية، أو التطبيقات الميدانية، مما له صلة بالعملية التربوية التعليمية، ويسهم في تحقيق أهدافها المرجوة منها، أو يسهم في رفع مستوى الأداء التعليمي والتعلمي ويعتبر" البحث العلمي" من الاجتهاد في ضوء " المصالح المرسلة" أحد مصادر التشريع الاسلامي.
    وطبيعي أن الأحكام والنتائج التربوية التي يتوصل إليها العلماء من خلال الاجتهاد والبحث العلمي لا تعتمد في التربية الإسلامية إذا كانت مخالفة لنصوص القرآن الكريم أو السنة النبوية، أو معارضة لمقاصد الشريعة وأغراضها، ولذا لا يجوز باسم البحث العلمي قبول الأنظمة التربوية الوافدة إلى المجتمع الإسلامي والمخالفة للقرآن الكريم والسنة والنبوية ومقاصد الشريعة.
    2 ) دور الاجتهاد والبحث العلمي في إثراء التربية الإسلامية:
    أ – كان لانتباه العلماء المسلمين إلى الاجتهاد والبحث العلمي في مجال التربية والتعليم، وقيامهم بذلك، الأثر الكبير في تنمية التربية الإسلامية، وإثرائها، فألفوا كتبا في بعض قضايا التربية والتعليم وأحكامه، ومبادئه، وأسسه ومؤسساته، وأساليبه، كان لها الأثر في تطبيق التربية الإسلامية، وظهور أسماء العلماء الكبار الذين أسهموا في ذلك نحو(ابن سحنون، وابن جماعة، وابن خلدون)، وغيرهم كثير من الذين لم تبرز أسماؤهم بعد – في مثل هذا المجال- مثل: (النووي، وابن الجوزي، وابن تيمية، وابن قيم الجوزية).
    ب – يلحظ أن مجال الاجتهاد والبحث العلمي في ميدان التربية الإسلامية يكون قليلا في أساسيات التربية الإسلامية وأبعاد جوانب نظامها التربوي، ويكون واسعا وعريضا في إبراز المفاهيم التربوية، والمبادئ الخاصة، أو التوجيهات المتعلقة ببعض جوانب العملية التربوية، أو التنظيمات الإدارية لمؤسسات التعليم، او مناهج التدريس، وطرقه، ومهاراته، وغيرها مما يعتبر قابلا للنمو والتغيير والتبديل تبعا لنمو المجتمع المسلم وحاجاته، ونتائج البحوث والدراسات العلمية وتحقيق مصالح المسلمين.
    ج – انعكست حركة الاجتهاد في مجال التربية والتعليم في المجتمع فكان لها الأثر الكبير في بروز دور التربية الإسلامية في المجتمع الإسلامي حتى:" ما أن بزغ القرن الثاني للهجرة إلى حيز الوجود، حتى كان ثمة جهاز تربوي متغلغل في كل ناحية من نواحي المجتمع الإسلامي، ابتداء من الكتاتيب التي تعلم الأطفال والصبيان إلى المدارس العليا التي تقوم بتعليم الكبار.(انظر فتحية عمر رفاعي الحلواني: دراسة ناقدة لأساليب التربية المعاصرة في ضوء الإسلام).
    وتناولت مجالات الاجتهاد التربوي جوانب تربوية متعددة، منها:
    1 – مناقشة بعض القضايا والآراء والمبادئ التربوية، ومن ذلك البحث في :
    وجوب تعليم الآباء للأبناء، والبدء بتعليم القرآن، ومدى جواز أخذ الأجرة على التعليم، وهل يعلم الطفل شيئا آخر مع القرآن؟ آداب المعلمين والمتعلمين، العقاب والثواب، تعليم المرأة، مبادئ التعليم ومؤسساته، وأساليبه، ومناهجه، التربية الخلقية، والروحية والاجتماعية والجسمية والصحية.(انظر:أ- القابسي مرجع سابق، ب – ابن سحنون: مرجع سابق).
    2 – التوسع في إقامة المؤسسات التربوية الإسلامية وتنوعها:
    نمت مؤسسات التربية الإسلامية وتنوعت تبعا لنمو المجتمع الإسلامي وتنوع حاجاته، فظهرت إلى جانب الأسرة والمساجد والكتاتيب، المدارس وبيوت العلماء، وقصور الخلفاء، ودور الكتب، والحكمة، والخانقاه والأربطة، والزوايا، والبيمارستانات، وكان الطلاب يتوزعون عليها حسب أعمارهم، ودرجاتهم العلمية، ومكانتهم ووظائفهم، وأدوارهم الاجتماعية.
    3 – ظهور المكتبات العلمية:
    كان من آثار نمو الحركة العلمية في المجتمع الإسلامي، إقامة المكتبات العامة ليستعين بها الطلاب والباحثون والعلماء، فوجدت المكتبات العامة التي أقامتها الدولة في المساجد، والمدارس، والمكتبات الخاصة التي أقامها العلماء والأدباء مثل مكتبة الفتح بن خاقان ومكتبة عماد الدين الأصفهاني ومكتبة جمال الدين القفيطي.(انظر محمد عطية الأبراشي: التربية الإسلامية وفلاسفتها).
    4 – التنوع في المواد الدراسية وتأسيس العلوم التي انبثقت من القرآن والسنة:
    كانت مواد الدراسة في بدء ظهور التربية الإسلامية مرتبطة بالقرآن والسنة، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة والحساب والفرائض، وبعد فترة من الزمن ونتيجة للاجتهاد والبحث العلمي ونمو حركة الترجمة والنقل والتأليف ظهرت علوم جديدة، وأصبحت موادّ دراسية معتمدة، ودرسها أبناء المسلمين وبرزوا فيها، وتفوقوا على بعض مؤسسيها، ومن هذه المواد الدراسية: علوم الفلك والجغرافية، والمنطق، والنحو، والهندسة، والجبر، والطبيعة، والتاريخ والكيمياء والطب، وكان قد سبق وجود هذه المواد الدراسية، مواد تتعلق بالعلوم الإسلامية نحو : التفسير، والقراءات والفقه، وأصوله، والعقائد، واللغة العربية وآدابها والنحو.
    5 – اختلاف مناهج التدريس:
    اختلفت مناهج التدريس في أطرف العالم الاسلامي، تبعا لاجتهادات المعلمين والقائمين على المؤسسات التعليمية ، وقد عرض ابن خلدون في مقدمته هذا الاختلاف تحت عنوان " في تعليم الولدان واختلاف مذاهب الأمصار الإسلامية في طرقه"، وكان خلاصة ما ذكره:" أن جميع الأقطار تبدأ بتعليم القرآن، غير أن أهل المغرب يقتصرون عليه، ويخلط القرآن بالحديث والخط، ويهتم أهل الأندلس مع القرآن بعلوم العربية والخط، ويخلط أهل المشرق أيضا في التعليم، فيضيفون إلى القرآن بعض العلوم، ولا يهتمون بالخط في الكتاتيب".(أنظر أحمد فؤاد الأهواني: مرجع سابق).
    ووصف القاضي أبو بكر بن العربي منهج التعليم في المشرق، فيقول: وللقوم في التعليم سيرة بديعة، وهي أن الصغير منهم إذا عقل بعثوه إلى المكتب، فإذا عبر المكتب أخذوه يتعلم الخط والحساب والعربية، فإذا حذقه كله، أو حذق ما قدر له، خرج إلى المقرئ فلقنه كتاب الله، فحفظ منه كل يوم ربع حزب أو نصفه، أو حزباً، حتى إذا حفظ القرآن خرج إلى ما شاء الله من تعليم أو تركه).(انظر: المرجع السابق).
    6 – نحو طرق التدريس وتعددها:
    وجدت عدة طرق تدريس لدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، منها: " القراءة، فالإلقاء والشرح، والأسئلة والأجوبة، وبظهور مواد دراسية جديدة، ولطبيعة بعضها الخاصة، ومن خلال حركة الاجتهاد التربوي، والبحث العلمي، نمت طرق التدريس لدى المسلمين وتعددت، فوجدت طرق: المناظرة، والمحاضرة، والإملاء، والتجريب في العلوم التجريبية التطبيقية، نحو الطب، والصيدلة، والهندسة، والميكانيكا..


    مرادفات مصطلح التربية في تراثنا الإسلامي :
    لم يرد مصطلح " التربية الإسلامية " بهذا اللفظ في القرآن الكريم ، ولا في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه ورد بألفاظ أُخرى تدل في معناها على ذلك . كما أن هذا المصطلح لم يُستعمل في تراثنا الإسلامي لاسيما القديم منه ؛ وإنما أشار إليه بعض من كتب في المجال التربوي بألفاظٍ أو مصطلحاتٍ أخرى قد تؤدي المعنى المقصود ؛ أو تكون قريبةً منه . وقد أشار إلى ذلك ( محمد منير مرسي ، 1421هـ ، ص 48 ) بقوله :
    " تعتبر كلمة التربية بمفهومها الاصطلاحي من الكلمات الحديثة التي ظهرت في السنوات الأخيرة مرتبطةً بحركة التجديد التربوي في البلاد العربية في الربع الثاني من القرن العشرين ؛ ولذلك لا نجد لها استخداماً في المصادر العربية القديمة ".

    أما الألفاظ والمصطلحات التي كانت تُستخدم في كتابات السلف للدلالة على معنى التربية ؛ فمنها ما يلي :
    1) مصطلح التنشئة : ويُقصد بها تربية ورعاية الإنسان منذ الصغر ؛ ولذلك يُقال : نشأ فلان وترعرع . قال الشاعر العربي :
    وينشأُ ناشئ الفتيان فينا *** على ما كانَ عَودهُ أبـوهُ
    وممن استخدم هذا المصطلح العالِم عبد الرحمن بن خلدون (المتوفى سنة 808هـ) في مقدمته الشهيرة .

    2) مصطلح الإصلاح : ويعني التغيير إلى الأفضل ، وهو ضد الإفساد ، ويُقصد به العناية بالشيء والقيام عليه وإصلاح اعوجاجه ؛ وقد ذكر ذلك (خالد حامد الحازمي ، 1420هـ ، ص 23 ) بقوله :
    " والإصلاح يقتضي التعديل ، والتحسين ، ولكن لا يلزم أن يحصل منه النماء والزيادة ، فهو إذاً يؤدي جزءًا من مدلول التربية ".

    3) مصطلح التأديب أو الأدب : ويُقصد به التحلي بالمحامد من الصفات والطباع والأخلاق ؛ والابتعاد عن القبائح ، ويتضمن التأديب معنى الإصلاح والنماء . وهو ما يُشير إليه ( علي إدريس ، 1405هـ ، ص 13 ) بقوله :
    " عند قدماء العرب كانت كلمة ( تأديب ) هي المستعملة والمتداولة أكثر من كلمة تربية ، وكان المدلول الأول لكلمة ( أدب ) في تلك البيئة العربية يُطلق على الكرم والضيافة ، فكان يُقال :فلانٌ أَدَبَ القومَ إذا دعاهم إلى طعام…وهكذا كان مدلول كلمة ( تأديب ) منصرفاً بالدرجة الأولى إلى الجانب السلوكي من حيث علاقة الإنسان مع غيره ".
    وهنا نلاحظ أن مصطلح الأدب أو التأديب وثيق الصلة بمصطلح التربية حيث يمكن أن تُشتق منه تسمية المعارف آداباً ؛ وتسمية التعليم تأديباً ، وتسميةُ المربي أو المعلم مؤدباً . وقد أشار إلى هذا المعنى ( أحمد شلبي ، 1978م ، ص 58 ) في معرض حديثه عن التعليم في القصور ؛ فأورد نقلاً عن ( رسالة المعلمين ) للجاحظ قوله :
    "والمعلم هنا ( أي في القصور ) لا يُسمى معلم صبيان أو معلم كُتاب ، وإنما يُطلق عليه لفظ "مؤدِّب " وقد اشتق اسم المؤدب من الأدب ، والأدب إما خُلقٌ وإما رواية ، وقد أطلقوا كلمة مؤدب على معلمي أولاد الملوك إذ كانوا يتولون الناحيتين جميعًا ".

    و مصطلح الأدب أو التأديب مصطلحٌ شائعٌ ورد في بعض أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي منها :
    * ما روي عن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" لأن يؤدب الرجل ولده خيرٌ من أن يتصدق بصاع" ( الترمذي ، د.ت ، ج 4 ، رقم الحديث 1951 ، ص 337 ) .
    * وما روي عن أيوب بن موسى عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ما نحل والدٌ ولده أفضل من أدبٍ حسن" ( الترمذي ، د.ت ، ج 4 ، الحديث رقم 1952 ، ص 337 ) .
    * وما روي عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أكرموا أولادكم ، وأحسنوا أدبهم" ( ابن ماجة ، د.ت ، ج 2، الحديث رقم 3671، ص 1211 ) .
    وهنا نلاحظ من معاني هذه الأحاديث أن لفظ الأدب يدل على معنى كلمة تربية الأبناء وتنشئتهم على التحلي بمحاسن الأخلاق ، وجميل الطباع .
    كما أن هذا المصطلح قد شاع استعماله عند كثيرٌ من العلماء والفقهاء والمفكرين المسلمين القدامى ومنهم : الماوردي ( المتوفى سنة 450هـ) في كتابه ( أدب الدنيا والدين ) ، و محمد بن سحنون التنوخي ( المتوفى سنة 256هـ) في رسالته (آداب المعلمين والمتعلمين ) ، والخطيب البغدادي ( المتوفى سنة 463هـ) في كتابه ( الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ).

    4) مصطلح التهذيب : ويُقصد به تهذيب النفس البشرية وتنقيتها ، وتسويتها بالتربية على فضائل الأعمال ومحاسن الأقوال . جاء عند ( الفيروزآبادي ، 1415هـ ، ص 132 ):
    "رجُلٌ مُهَذَّبٌ : مُطَهَّرُ الأَخْلاقِ" .
    كما جاء في ( المعجم الوجيز ، 1400هـ، ص 647 ) :" وهَذَّبَ الصَّبيَّ رَبَّاه تربيةً صالحةً خالصةً من الشوائب " . وقد استعمل هذا المصطلح ابن مسكويه ( المتوفى سنة 421هـ) في كتابه ( تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق )، كما استخدمه الجاحظ ( المتوفى سنة 255هـ) في رسالته ( تهذيب الأخلاق ).

    5) مصطلح التطهير : ويُقصد به تنـزيه النفس عن الأدناس والدنايا ؛ وهي كل قولٍ أو فعلٍ قبيح . وحيث إن للتطهير معنيين أحدهما حسيٌ ماديٌ والأخر معنوي ؛ فإن المقصود به هنا المعنى المعنوي الذي يُقصد به تطهير سلوك الإنسان من كل فعلٍ أو قولٍ مشين .

    6) مصطلح التزكية : ويأتي بمعنى التطهير ، ولعل المقصود بذلك تنمية وتطهير النفس البشرية بعامةٍ من كل ما لا يليق بها من الصفات السيئة ، والخصال القبيحة ، ظاهرةً كانت أو باطنة . قال تعالى : ]كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون[ ( سورة البقرة : الآية 151) . وقد جاء في تفسير ( عبد الرحمن بن ناصر السعدي ، 1417هـ ، ص 57 ) أن المقصود بقوله تعالى : "ويُزكيكم" في هذه الآية : " أي يُطهر أخلاقكم ونفوسكم ، بتربيتها على الأخلاق الجميلة ، وتنـزيهها عن الأخلاق الرذيلة ".
    وقال تعالى :] قد أفلح من زكَّاها [ ( سورة الشمس : الآية 9 ) . وقد جاء في بيان معنى هذه الآية عند ( ابن كثير ، 1414هـ ، ص 547 ) قوله : " وطهرها من الأخلاق الدنيئة والرذائل ". ومعنى هذا أن تزكية النفس تعني تربيتها على الفضائل وتطهيرها من الرذائل .
    وهنا تجدر الإشارة إلى أن مصطلح ( التزكية ) يُعد أكثر المصطلحات قرباً في معناه لمصطلح " التربية الإسلامية " لاسيما وأنه قد ورد في بعض آيات القرآن الكريم دالاً على معنى التربية ؛ ولكونه يدل على محاسبة النفس و العناية بها ، والعمل على الارتقاء بجميع جوانبها ( الروحية ، والجسمية ، والعقلية ) إلى أعلى المراتب وأرفع الدرجات . وهو ما يؤكده ( محمد الغزالي ، 1400هـ ، ص 1) بقوله :
    "..والتزكية ، وهي أقرب الكلمات وأدلها على معنى التربية ؛ بل تكاد التزكية والتربية تترادفان في إصلاح النفس ، وتهذيب الطباع ، وشد الإنسان إلى أعلى كلما حاولت المُثبطات والهواجس أن تُسِفَّ به وتعوجّ ".

    7) مصطلح التعليم : وهو مصطلح شائع ورد ذكره في بعض آيات القرآن الكريم مثل قوله تعالى : ]هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويُزكيهم ويُعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلالٍ مبين [ ( سورة الجمعة : الآية 2) .
    كما ورد هذا المصطلح في بعض أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد روي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "خيركم من تعلم القرآن وعلمه " ( البخاري ، 1407هـ ، ج 4 ، الحديث رقم 4739 ، ص 1919 ) .
    وممن استخدم هذا المصطلح العالم برهان الدين الزرنوجي ( المتوفى سنة 620هـ تقريباً ) في كتابه القيّم ( تعليم المتعلم طريق التعلم ) ، والإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت ( المتوفى سنة 150هـ ) في رسالته ( العلم والمتعلم ) . وهنا تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن مصطلح ( التعليم ) شائع وكثير الاستعمال في كتابات علماء السلف ؛ إلا أن استخدامه كان محصوراً - في الغالب - للدلالة على تنمية الجانب المعرفي المتمثل في طلب العلم .

    8) مصطلح السياسة : و يُقصد بها القيادة ، وحُسن تدبير الأمور في مختلف شئون الحياة . وتأتي بمعنى القدرة على التعامل ، أو الترويض . وقد استخدم العالم ابن الجزار القيرواني ( المتوفى سنة 369هـ) مصطلح السياسة بمعنى التربية في كتابه ( سياسة الصبيان وتدبيرهم ) ، كما استخدمه الشيخ الرئيس ابن سينا ( المتوفى سنة 428هـ) في كتابه ( السياسة ) .

    9) مصطلح النصح والإرشاد : ويعني بذل النصح للآخرين ودلالتهم على الخير وإرشادهم إليه ؛ وممن استخدم هذا المصطلح أبو الفرج بن الجوزي ( المتوفى سنة 597هـ) في رسالته ( لفتة الكبد إلى نصيحة الولد ) ، والإمام أبو حامد الغزالي ( المتوفى سنة 505هـ) في رسالته ( أيها الولد ) ، والحارث المحاسبي ( المتوفى سنة 243هـ) في رسالته ( رسالة المُسترشدين ) .

    10) مصطلح الأخلاق : وهو مصطلح يُقصد به إصلاح الأخلاق وتقويم ما انحرف من السلوك . وعلى الرغم من أن هذا المصطلح يهتم في الواقع بجانبٍ من جوانب التربية ؛ إلا أنه قد يُستخدم للدلالة على التربية بعامةً . وممن استخدم هذا المصطلح أبو بكر الآجُري ( المتوفى سنة 360هـ) في كتابه ( أخلاق العلماء ) .
    وهنا يجدر بنا أن نُشير إلى أن معظم الكتاباتٍ في التربية الإسلامية عند سلفنا كان مرتبطاً بمرحلة الطفولة عند الإنسان ، وهو ما يؤكده ( فتحي علي يونس وآخرون ، 1999م ، ص 42 ) بقولهم :
    " إن لفظ التربية في الكتابات الإسلامية يرتبط أولاً بمرحلة الطفولة ، بينما لفظ التربية في الحقل التربوي يرتبط بجميع مراحل العمر التي يمر بها الإنسان ".
    يضاف إلى ذلك ما يُلاحظ من اهتمام وعناية تلك الكتابات التُراثية - غالباً -بالجانب الأخلاقي عند الإنسان ، وهو ما يتضح في كثرة كتاباتهم عن الأدب والتأديب والأخلاق ونحو ذلك .
    من ذلك كله يمكن القول : إن معنى كلمة التربية يدور ويتركز في العناية التامة ، والرعاية الكاملة لمختلف جوانب شخصية الإنسان في مختلف مراحل حياته ؛ وفي كل شأنٍ من شئونها . وهو ما يُشير إليه (خالد حامد الحازمي ،1420هـ ، ص 18) بقوله :
    "من هذه التعريفات اللغوية يتضح أن التربية تدور حول الإصلاح ، والقيام بأمر المتربي ، وتعهده ، ورعايته بما يُنميه . وأن المفهوم التربوي مرتبط بجميع تلك المعاني ".
    والخلاصة : أن المرادفات التي استخدمها السلف الصالح للدلالة على معنى التربية تدور حول تنمية ، وتنشئة ، ورعاية النفس البشرية وسياستها ، والعمل على إصلاحها ، وتهذيبها ، وتأديبها ، وتزكيتها ، والحرص على تعليمها ، ونصحها وإرشادها ؛حتى يتحقق التكيف المطلوب ، والتفاعل الإيجابي لجميع جوانبها المختلفة ؛ مع ما حولها ، ومن حولها من كائناتٍ ومكونات .


    معنى التربية في اللغة والاصطلاح :
    يعود أصل كلمة التربية في اللغة إلى الفعل ( رَبَـا ) أي زاد ونما ، وهو ما يدل عليه قوله تعالى :] وترى الأرض هامدةً فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوجٍ بهيج [ ( سورة الحج : الآية 5 ) .
    كما أن كلمة تربية مصدر للفعل ( ربَّى ) أي نشَّأَ و نَمَّى ، وقد ورد هذا المعنى في قوله تعالى :] وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً [ ( سورة الإسراء :الآية 24).
    وفي قوله عز وجل :] ألم نُربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين[ ( سورة الشعراء : الآية 18 ) .
    وهذا يعني أن كلمة التربية لا تخرج في معناها اللغوي عن دائرة النمو و الزيادة والتنشئة . وفي ذلك يقول الشاعر العربي القديم :
    فمن يَكُ سائلاً عني فإني **** بمكةَ منـزِلي وبها رَبيتُ
    ولأن المعاجم اللغوية تُرجع الكلمة إلى حروفها الأصلية لإلقاء الضوء على مفهومها ؛ فإن كلمة " تربية " التي تتكون من خمسة حروف تعود في أصلها إلى حرفين أصليين هما الراء والباء ( رب ) ، ولهذين الحرفين عند اجتماعهما العديد من المعاني التي أشار إليها ( محمد خير عرقسوسي ، 1419هـ ، ص ص 18 - 19) بقوله :
    " وهكذا نجد أن ( الراء و الباء ) يجتمعان على معنى السمو والإصلاح ، وتقوية الجوهر ، مع فروق طفيفة في تدرج هذا المعنى حيث يُستعمل للأمور المادية ( ربا يربو ) تعبيراً عن زيادةٍ ماديةٍ في جسم الأشياء ، بينما يُستعمل للإنسان والحيوان ( ربَّى يُربي ) مثل خَفَّي يُخفي ، بمعنى ترعرع في بيئة معينة ؛ ويستعمل للأمور المعنوية ( ربأ يربأ ) لتكريم النفس عن الدنايا ، ويُستعمل للرُقي بالجوهر : ربَّ يَرُبُ على وزن مدَّ يمُدُّ ، حتى نصل إلى ( الرَّب ) وهو خالق كل شيءٍ وراعيه ومصلحه ؛ فهو التربية الكاملة ".
    وانطلاقاً من ذلك فقد كانت تعريفات سلفنا الصالح للتربية متقاربةً ومتشابهةً إلى حدٍ ما لأنها اعتمدت في ذلك على المعنى اللغوي للكلمة ؛ فقد عرَّفها ( ناصر الدين البيضاوي ، د . ت ، ص 3 ) بقوله :
    " الرب في الأصل مصدر بمعنى التربية .وهي تبليغ الشيء إلى كماله شيئاً فشيئاً ".
    و يُعرَّفها الشيخ الرئيس ابن سينا ؛ كما أورد ذلك ( مقداد يالجن ، 1406هـ ، ص 22 ) بقوله :
    "التربية هي العادة ، وأعني بالعادة فعل الشيء الواحد مراراً كثيرةً ، وزماناً طويلاً في أوقاتٍ مُتقاربة " . كما أنه أورد تعريفاً آخر يرى فيه أن التربية " إبلاغ الذات إلى كمالها الذي خُلقت له " .
    في حين يُعرِّفها ( الراغب الأصفهاني ، 1412هـ ، ص 336 ) بقوله:
    " الرب في الأصل التربيَةُ ، وهو إنشاءُ الشيءِ حالاً فحالاً إلى حَدِّ التمام ، يُقالُ رَبَّهُ ، ورَبَّاهُ ، و رَبَّبَهُ . وقيل : ( لأنْ يَرُبَّنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَرُبَّنِي رَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ ). ..ولا يُقالُ الرَّبُّ مُطْلَقاً إلا لله تعالى .. وبالإضافة يُقالُ له ولغَيْـرِهِ ".

    أما المعنى الاصطلاحي لكلمة التربية فعلى الرغم من كونه يعتمد كثيراً على المعنى اللغوي ؛ إلا أنه يختلف من عصرٍ إلى عصر ، ومن مكانٍ إلى آخر ، وما ذلك إلا لأن العملية التربوية كثيراً ما تتأثر بالعوامل والتغيرات الزمانية والمكانية والاجتماعية التي تؤثر بصورةٍ مباشرة أو غير مباشرة على شخصية الإنسان في مختلف جوانبها على اعتبار أن كل نشاط ، أو مجهود ، أو عمل يقوم به الإنسان يؤثر بطبيعة الحال في تكوينه ؛ أو طباعه ، أو تعامله ، أو تكيفه مع البيئة التي يعيش فيها ويتفاعل مع من فيها وما فيها ؛ إما سلباً أو إيجاباً .

    لذلك كله فإن للتربية معاني اصطلاحية كثيرة ومتنوعة يُشير إليها ( عبد الرحمن بن حجر الغامدي ، 1418هـ ، ص 3 ) بقوله :
    "يرى كثيرٌ من رجال التربية والتعليم أن مصطلح " التربية " لا يخضع لتعريفٍ محدد ، بسبب تعقد العملية التربوية من جانب ، وتأثرها بالعادات ، والتقاليد ، والقيم ، والأديان ، والأعراف ، والأهداف من جانبٍ آخر . بالإضافة إلى أنها عملية متطورة متغيرة بتغير الزمان والمكان ، ويمكن القول بأن التربية تدخل في عداد المسائل الحية لأنها تتسم بخاصية النمو".
    وعلى الرغم من ذلك إلا أنه يمكن القول : إن المعنى الاصطلاحي للتربية - عموماً - لا يخرج عن كونها تنمية الجوانب المُختلفة لشخصية الإنسان ، عن طريق التعليم ، والتدريب ، والتثقيف ، والتهذيب ، والممارسة ؛ لغرض إعداد الإنسان الصالح لعمارة الأرض وتحقيق معنى الاستخلاف فيها .


    ********

    مفهوم التربية الإسلامية وتعريفها :
    لا شك في أن هناك فرقاً بين المفهوم والتعريف ؛ فالمفهوم كما جاء في ( المعجم الوجيز ، 1400هـ ، ص 483 ) : " مجموع الصفات والخصائص الموضحة لمعنى كلِّي " . أما التعريف فيُقصد به كما أشار إلى ذلك ( المعجم الوجيز ، 1400هـ ، ص 415 ) : " تحديد الشيء بذكر خواصه المُميزة " . ومعنى هذا أن المفهوم يكون شاملاً ، وواسعاً ، ومعتمداً على ما يتم استيعابه عن طريق العقل . أما التعريف فهو توصيفٌ لشيءٍ مُحدد ودقيق ومتفق عليه إلى حدٍ ما . وعلى الرغم من كثرة الكتابات حول مفهوم التربية وتعريفها عند المهتمين في الميدان التربوي ؛ إلا أن هناك تداخلاً فيما بين المصطلحين عند كثيرٍ من الكُتاب والباحثين ، فهناك من يتحدث عن المفهوم ثم لا يلبث أن ينتقل مباشرةً إلى التعريف في تداخل لا يمكن معه الفصل بينهما ، والعكس صحيح . وفيما يلي محاولةٌ لبيان وتوضيح المقصود من مصطلح مفهوم " التربية الإسلامية " كعمليةٍ شاملةٍ ونظامٍ متكاملٍ ، ثم تحديدٍ دقيقٍ لتعريفها كمصطلحٍ علميٍ مستقل .

    أولاً / مفهوم التربية الإسلامية :
    هناك اختلافٌ بين المهتمين بالقضايا التربوية حول مفهوم التربية حيث تتعدد الآراء ووجهات النظر في هذا الشأن ؛ نظراً لتعدد الأطراف المُشاركة في العملية التربوية ، واختلاف الزوايا التي يُنظر من خلالها لهذه العملية ؛ إضافةً إلى اختلاف الاتجاهات ، والآراء ، والثقافات ، والفلسفات ، واختلاف ظروف الزمان ، والمكان ، والجوانب التي يتم معالجتها ، ونحو ذلك من العوامل الأخرى .
    ومع أن هذا الاختلاف في تحديد مفهوم التربية يُعد أمراً مقبولاً - نسبيًّا - عند أصحاب الفلسفات والنظريات والأفكار التربوية البشرية ؛ إلا أنه ينبغي ألاَّ يكون كذلك في ميدان التربية الإسلامية . وهو ما ألمح إليه ( مقداد يالجن ، 1406هـ ، ص 23) بقوله :
    " إذا نظرنا إلى الدراسات التربوية المعاصرة وجدنا مفهوم التربية الإسلامية لم يكن موضع الاتفاق بين الدارسين بعد . ويمكن إجمال أغلب المفاهيم في النقاط التالية :
    1) أنه منهج مقررات المواد الإسلامية في المدارس .
    2) أنه تاريخ التعليم ، أو تاريخ المؤسسات التعليمية ، أو تاريخ أعلام الفكر التربوي والتعليمي في العالم الإسلامي .
    3) أنه تعليم العلوم الإسلامية .
    4) أنه نظام تربوي مستقل ؛ ومنبثق من التوجيهات والتعاليم الإسلامية الأصيلة ، ويختلف عن النظم التربوية الأخرى شرقيةً كانت أو غربية ".
    ومن المؤكد أن معظم هذه المفاهيم قد حصرت " التربية الإسلامية " في نطاقٍ ضيقٍ لا يتفق مع ما ينبغي أن يكون عليه هذا المفهوم من شموليةٍ واتساع لكل ما يهم الإنسان في حياته وبعد مماته ؛ فهو مفهومٌ ينظر إلى الإنسان نظرةً شموليةً لكل جوانب شخصيته وأبعادها المختلفة . وهو مفهومٌ يُعنى بجميع مراحل النمو عند الإنسان ، وهو مفهومٌ يوازن بين مطالب الفرد وحاجات المجتمع ، ويهتم بجميع الأفراد والفئات ، ويوائم بين الماضي والحاضر . إضافةً إلى أنه يُشير إلى نظامٍ تربوي مُستقلٍ ومتكاملٍ ، يمتاز بأصوله الثابتة ، ومناهجه الأصيلة ، وأهدافه الواضحة ، وغاياته السامية ، ومؤسساته المختلفة ، وأساليبه المتنوعة...إلخ . التي تُميزه عن غيره ، وتوسع دائرته ليُصبح منهجاً كاملاً وشاملاً لجميع مجالات الحياة .
    والخلاصة أن مفهوم التربية الإسلامية يتضح في كونها أحد فروع علم التربية الذي يتميز في مصادره الشرعية ( المتمثلة في القرآن الكريم ، والسُّنة النبوية المطهرة ، وتُراث السلف الصالح ) ؛ و غاياته ( الدينية الدنيوية ) ، ويقوم على نظامٍ تربوي مُستقل و مُتكامل ، ويعتمد اعتماداً كبيراً على فقه الواقع ، ولابد له من متخصصين يجمعون بين علوم الشريعة وعلوم التربية ؛ حتى تتم معالجة القضايا التربوية المختلفة من خلاله معالجةً إسلاميةً صحيحةً ومناسبةً لظروف الزمان والمكان .

    ثانياً / تعريف التربية الإسلامية :
    انطلاقاً من الاختلاف - الذي سبقت الإشارة إليه - بين المهتمين في المجال التربوي حول مفهوم التربية فإن هناك اختلافاً مشابهاً في تحديد تعريف " التربية الإسلامية " كمصطلحٍ علمي حيث إن معظم من كتب في هذا الميدان من سلفنا الصالح لم يحرصوا على إيراد تعريفٍ محددٍ لهذا المصطلح بقدر اهتمامهم وحرصهم على معالجة الموضوعات والقضايا التربوية المختلفة . ولذلك فإن تعريفات الباحثين المعاصرين الذين اهتموا بالكتابة والبحث في ميدان التربية الإسلامية جاءت مختلفةً رغم اتفاقهم في الإطار العام لها ؛ إلا أنهم لم يصلوا إلى صيغةٍ واحدةٍ يتفقون عليها جميعاً لتعريفٍ محددٍ وواضحٍ لهذا المصطلح ، ولعل ذلك راجعٌ إلى اختلاف مشاربهم ، وتباين تخصصاتهم ، وتعدد وجهات نظرهم التفصيلية . وهو ما يُمكن أن نلحظه في عرضنا التالي لبعض التعريفات التي اجتهد فيها أصحابها ، فقد عرَّفها ( مقداد يالجن ، 1409هـ ، ص 20 ) بأنها :
    " إعداد المسلم إعداداً كاملاً من جميع النواحي في جميع مراحل نموه للحياة الدنيا والآخرة في ضؤ المبادئ والقيم وطرق التربية التي جاء بها الإسلام ".
    وعرَّفها ( زغلول راغب النجار ، 1416هـ ، ص 85 ) بأنها :" النظام التربوي القائم على الإسلام بمعناه الشامل ".
    أما ( عبد الرحمن النقيب ، 1417هـ ، ص 17 ) فيرى أن المقصود بالتربية الإسلامية : " ذلك النظام التربوي والتعليمي الذي يستهدف إيجاد إنسان القرآن والسُنة أخلاقاً وسلوكاً مهما كانت حرفته أو مهنته " .
    في حين يرى ( عبد الرحمن النحلاوي ، 1403هـ ، ص 21 ) أن " التربية الإسلامية هي التنظيم النفسي والاجتماعي الذي يؤدي إلى اعتناق الإسلام وتطبيقه كُلياً في حياة الفرد والجماعة " .

    وهنا يمكن القول بأن التعريفات السابقة تؤكد جميعاً على أن التربية الإسلامية نظامٌ تربويٌ شاملٌ يهتم بإعداد الإنسان الصالح إعداداً متكاملاً دينياً و دُنيوياً في ضوء مصادر الشريعة الإسلامية الرئيسة .

    علاقة التربية بالدولة والقانون

    من تعريف التربية وتحديد أهدافها استطعنا أن ندرك خطورة المسؤولية التي تقع على عاتقها، وبعد الغور الذي تنفذ اليه من أوساط الامة، ومدى الاثر الذي تحدثه في نوعية الفرد والجماعة.
    واذا كانت مسؤولية التربية هي اعداد الانسان الصالح، فان مسؤولية القانون والدولة هي الحفاظ على صلاح هذا الانسان وحماية خيره وطمأنينته، وتحقيق سلامة الحياة وتنظيم علاقة الافراد والجماعات بعضها مع بعض على أسس تلك المصالح والقيم والمبادي الاساسية في حياة الانسان. واذن فالتربية هي العملية الاولى التي تقدم النموذج الصالح للحياة. والقانون والدولة هما الاداة والقوة الالزامية التي تتحمل مسؤولية الحفاظ على هذا النموذج وحمايته; وبقدر ماتكون التربية ناجحة في مسؤوليتها فان القانون والسلطة يكونان ناجحين في بلوغ أهدافهما وتحقيق غاياتهما. فالتربية الاسلامية هي التي تسهل مهمة القانون الاسلامي، وتجعل منه حقيقة مرعبة ومحترمة في نفوس الافراد، ومعترفاً بها لدى الجماعة قابلة للتطبيق والالتزام. والتربية هي التي تمكن السلطة الاسلامية من تنفيذ سياستها وبرامجها الاصلاحية والتنموية. ولكي يتمكن القانون من تنظيم الجماعة البشرية وتنسيق شؤون الحياة، يجب أن يتوفر التناسق والاتفاق بينه وبين التربية من حيث الاساس والمنطلق. أي من حيث القيم والمبادي والاسس الفكرية التي تتبناها التربية ويعمل القانون على حفظها ومراعاتها، لانه في مثل هذه الحال يستقبل كيانات مستعدة لان تدخل في دائرة نشاطه وتلتزم بروحه. لثبوت هذه المبادي سلفاً في أعماقها حتى صارت جزءاً من حياتها، ومنطلقاً لتفكيرها وسلوكها، فالافراد في هذه الحال لايعانون مشقة ولايجدون حرجاً ولا صراعاً نفسياً حال الالتزام بالقانون والانصياع له، فقد صار بالنسبة لهم الضابط والمنظم المتوافق مع دوافعهم وأهدافهم. أما الدولة (فهي الكيان السياسي الاكبر والظل المعنوي لشخصية الامة وارادة مجموعها) وهي الجهة التي تملك حق التصرّف في الافراد وتطبيق القانون استناداً الى طبيعة مسؤوليتها ومبرر وجودها لخدمة مجموع الامة وحماية مبادي الحق والعدل والخير.
    وبما أن للدولة سلطة تمثل قوة قاهرة فوق الافراد، وتسعى لتطبيق القانون، فان للافراد والجماعات مواقف منها وآراء فيها. فمتى ما ربي الافراد والجماعات على أساس من مبادي الدولة السليمة، وقيمها ومفاهيمها الحقة في الحياة، كان الافراد ينظرون اليها نظرة الراعي لمصالحهم والممثل لارائهم والمندمج مع ذواتهم في حالة استقامة سلوكها وشرعية تصرفها، فيعترف الافراد لها بالمركز القيادي، ويمنحونها ثقتهم، ويقرّون لها ذاتياً بالولاية وحق التصرف، وبالعكس عندما تنحرف عن هذه المبادي وتتخذ لها مساراً شاذاً عن المبادي والقيم الاسلامية، فانها تقابل بالمقاومة والتصدي وتجابه بالمحاسبة والمراقبة. فتصنع التربية الاسلامية في هذه الحال من مجموع الامة قوة حارسة لمبادئها واداة فعالة لممارسة نقد الدولة ومراقبتها... أما اذا انحرف خط التربية عن خط الدولة الاسلامية والقانون الاسلامي فان التمرد والصراع وعدم الاحترام سيحل حتماً في سلوك الافراد ومواقف الجماعة، ولعل هذا هو السبب الاعمق فيما نشاهده اليوم من قلق سياسي يعم الشعوب مع حكوماتها، كما أن سوء تصرف التربية وعدم دقتها هو الذي يخلق الافراط والتفريط في المهادنة والاقرار بالامر الواقع من فساد الدولة وانحرافها، أو التمرد وعدم الانصياع للسلطة الشرعية وارباك مسيرتها والذي يصطلح عليه سياسياً باليمينية واليسارية، فان الدراسات النفسية تقدم لنا حقيقة يجب أن لاننساها في هذا المجال، وهي أن نوعية المعاملة وطبيعة التربية التي عاشها الافراد في طفولتهم لها الاثر الكبير على مواقفهم من الدولة وعلاقتهم بها وبالقانون، فمثلاً الاغراق في الحبّ والوداعة والدلال والميوعة ينتج في الغالب التفكير المهادن والسلوك الخانع، وبعكس ذلك فان الطفل الذي يعيش في ظل القسوة والعنف والتشرد وعدم الاهتمام والعناية، فانه ينشأ عنيفاً متمرداً معارضاً يقلق بال السلطة، ويهدد أمن المجتمع، ويتجرأ على هيبة القانون وسلطته حتى ولو كان الحق قائماً والعدل باسطاً جناحيه.
    وقد بدت نتائج هذا التناقض وعدم الانسجام والافراط والتفريط واضحة في المجتمعات الحديثة، وخصوصاً في أوربا وأميركا، حيث تعاني هذه الدول الان من التشرد والتمرد والعصابات وجرائم الاحداث والعجز عن السيطرة عليها، بسبب ماتبنته المدارس الطبيعية والنفعية من سياسة تربوية تجاهلت معها وجود القيم والمبادي والاهداف الثابتة للتربية السليمة، فسرى هذا الداء إلى الاسرة، فانحرفت التربية العائلية، وتعطلت مسؤولية الوالدين وأسلم الطفل للفوضى والانحراف السلوكي في المدرسة والبيت، فتشكلت شخصيته واشتد قوامه على هذا السلوك، فشب متمرداً على القانون، مستهيناً بكل القيم، يعاني القانون والمجتمع المتاعب من ضبطه والسيطرة عليه. فكثر الاجرام،وانتشر جنوح المراهقين،وازدادت مشاكل المجتمع، وتعقدت مأساة الانسان.
    أما التربية الاسلامية فانها تنظر باهتمام بالغ للتوفيق بين القانون والدولة والتربية، فالرسالة الاسلامية تعتمد أولاً على تربية الفرد واعداده إعداداً فكرياً وروحياً وسلوكياً على أسس مبادئها وقيمها، بشكل يجعل من هذه التربية أرضية صالحة، وتربة خصبة لنمو القانون فيها. فالفرد المسلم يُربى وينمو وهو يمارس الحياة الاسلامية في الاسرة والمدرسة والمجتمع، فيشب وهو يشعر أن القانون هو مبادئه التي يؤمن بها، ورسالته المقدسة التي يجب أن يحترمها. والدولة التي تقوم على أساس هذه المبادي، وتحمي هذا القانون، هي القوة التي تمثل ارادته، وتحمي أهدافه، فيجب عليه أن يحترم القانون، ويتعاون مع الدولة. وهو يشعر أنه مسؤول أمام الله عن ذلك، وأمامه عقاب وثواب إلهي على فعله ومواقفه، لانه رُبي على العقيدة الاسلامية، ودُرّب على السلوك والاخلاق الاسلامية، حتى صار انساناً ناضجاً يشارك في بناء الحياة، وهو يعرف أن عقيدته تملي عليه واجباً مقدساً تجاه الدولة والقانون (ياأيها الذين آمنوا اطيعوا الرسول وأولي الامر منكم). (النساء/59)
    وكما يدرك هذه المسؤولية تجاه الدولة فانه يدرك أيضاً أنه مسؤول عن اصلاح الدولة إذا انحرفت، وعدم اطاعتها اذا اصرت على الانحراف والاستهانة بعقيدة الامة وحقوقها.
    فانّه يقرأ في كتاب الله: (ولاتركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار).
    ويقرأ المنهج النبوي في التعامل مع السلطة: (لاطاعة لمخلوق في معصية الله) والى جانب كل هذا يدرك أن أمامه طريقاً مستقيماً واحداً يوصله الى الخير والسعادة وهو الاسلام الذي فهمه وآمن به عن وعي وقناعة (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولاتتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) وهو يدعو الله في عبادته وصلاته أن يوفق الى الالتزام والتمسك بهذا القانون الذي تستوعبه الشريعة الاسلامية، وتحميه الدولة القائمة على أساس تلك الشريعة; فيناجي ربه فيقول في صلاته: (اهدنا الصراط المستقيم* صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين).


    التربية الاسلامية السليمة من خلال نصائح لقمان لابنه:

    نصائح غالية دونها القرآن العظيم وتُتلى الى ماشاء الله تعالى, تلك التي أوصى بها لقمان الحكيم ابنه في هاته الآيات الكريمات:"واذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لاتشرك بالله, ان الشرك لظلم عظيم.ووصينا الانسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن أشكر لي ولوالديك الي المصير, وان جاهداك على أن تشرك بي ماليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب الي ثم الي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون. يابني انها ان تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أوفي السماوات أو في الارض يأت بها الله , ان الله لطيف خبير. يابني أقم الصلاة وامر بالمعروف وانه عن المنكر, واصبرعلى ماأصابك,ان ذلك من عزم الامور ولاتصعر خدك للناس ولاتمش في الارض مرحا , ان الله لايحب كل مختال فخور, واقصد في مشيك واغضض من صوتك, ان أنكرالاصوات لصوت الحمير".من سورة لقمان..الايات.
    إن هاته الايات الكريمات من سورة لقمان تنضَحْن بمعاني سامية جليلة, وبدروس في التربية الاسلامية غاية في الرقي والسمو والتحضركأنها ُزْبدة مايسمونه اليوم بلغة العصر:علم التربية الحديثة والبيداغوجيا ..
    ان من أهم أهداف التربية :تعريف الفرد بخالقه وبناء العلاقة بينهما على أساس ربانية الخالق وعبودية المخلوق واعداد الفرد للحياة الاخرة, وكذلك تطوير وتهذيب سلوك الفرد وتنمية أفكاره وتوجيهه لحمل الرسالة الاسلامية الى العالم, وغرس الايمان بوحدة الانسانية والمساواة بين البشر والتفاضل لايكون الا بالتقوى, كما تسعى التربية الاسلامية السليمة الى تحقيق النمو المتكامل المتوازن للطفل في جميع جوانب شخصيته..وهذا غيض من فيض جاء في مجمل وصايا العبد الحكيم لقمان لابنه وهو يعظه في القرآن الكريم..ولقد جاء في الاخبار والروايات الكثير من لآلئ المعاني التي سطرها التاريخ وهي تخرج كالدرر النفيسة من في لقمان الى أذني ابنه وقبلهما الىعقله وقلبه..ومن بين هاته المعاني السامية والراقية في الاخلاق والسلوك الناضج القويم ماقاله :
    *"يابني إذا جلست لذي سلطان فليكن بينك وبينه مقعد رجل, فلعله يأتيه من هو آثرعنده منك فينحيك فيكون نقصا عليك".
    *"يابني ان أردت أن تواخي رجلا, فأغضبه فان أنصفك في غضبه والا فدعه."
    *يابني لاتضحك من غيرعجب ولاتمشي في غيرأدب ولاتسأل عما لايعنيك."..
    وعن خالد الربيعي أن لقمان كان عبدا حبشيا قال له مولاه:إذبح لنا هذه الشاة, فذبحها وقال له:أخرج أطيب مضغتين فيها,فأخرج لقمان لسانها وقلبها..ثم مكث ماشاء الله ثم قال له يوما: اذبح لنا هذه الشاة, فذبحها.. وقال له مولاه:أخرج أخبث مضغتين فيها فأخرج اللسان والقلب مرة أخرى..قال له مولاه: أمرتك أن تخرج أطيب مضغتين فيها فأخرجت القلب واللسان, ثم أمرتك باخراج أخبث مافي الشاة فأخرجت القلب واللسان..كيف ذلك..فأجابه لقمان:"انه ليس أطيب منهما اذا طابا, وليس أخبث منهما اذا خبثا"...
    وهنا بالذات يظهرتركيزلقمان المربي الفاضل على مضغتين في جسد الفرد هما: القلب واللسان ..فلو حفظهما المرء من السوء ومن الآثام والمعاصي لفازفوزا عظيما, ولكنهما أحيانا كثيرة يكونان مجلبة لكثيرمن الفضائح والزلات والعصيان ,لالشيء سوى لأنهما لايخضعان لمراقبة المسلم وخشيته من الله تعالى في حله وترحاله..
    ولنعد الى الايات الكريمات في سورة لقمان حيث يعظ ابنه بعدة وصايا ونصائح نفيسة ولنستخرج منها هاته العبر والفوائد الجليلة.. لكن قبل ذلك,هناك ملاحظات أساسية لابد من إبدائها والمرتبطة بالشكل الذي قدم بها لقمان نصائحه الغالية لابنه منها:
    -مبدأ الحوار بين الأب والابن بطريقة سلسة دون اثارة مشكلة عدم التواصل بين جيل الاباء مع جيل الأبناء, وهي القضية التي تعاني منها كثير من الاسر في واقعنا اليوم..لقمان كان يخاطب ابنه بأسلوب كله حوار راقي وحضاري, فالاب يسدي النصائح والمواعظ والابن ينصت أحسن الانصات,وتمر الامور في هدوء وروية بين الطرفين..
    -وسيلة الاقناع بحيث أن لقمان الحكيم كان يورد الامر أو النهي ويُتبعه بالشرح والتبرير..مثلا يعظ ابنه بأن لايصعر خده للناس وبأن لايتكبر, فيفسر له للتو بأن ذلك السلوك يكرهه الله تعالى بالقول :"ان الله لايحب كل مختال فخور". ولما أمره باللين بأن لايرفع من صوته وأن يقصد فيه, أردف ذلك بالقول:" ان أنكر الاصوات لصوت الحمير"..
    -بدء الخطاب بالرفق والاسلوب الذي كله رقة وعذوبة: "يابني"..وهي لفظة تصغير لكلمة "ابني" من أجل التحبب والتقرب بغية ايصال الخطاب بطريقة سليمة وكاملة ولفت الانتباه للمُخاطَب..
    -الرد على التساؤلات المحرجة للطفل مهما كانت حتى لوجاءت في موضوع الجنس, وذلك بالجواب اللطيف والذكي دون قمع الطفل السائل او ابداء تيرم من سؤاله أو ضجرمن الحاحه في السؤال..
    -تقديم البديل: حين قال لقمان لابنه بأن لايمشي في الارض مرحا أتى له بالبديل وهوأن يقصد في مشيه..وهكذا دواليك تتاسس التربية الاسلامية السليمة للابناء..
    أما البناءات التي تضمنتها كلمات لقمان الى ابنه فتتشكل ركائزها على مايلي:
    1*بناء العقيدة الصحيحة للطفل المسلم:
    + التوحيد: وهو الأمرالذي بدأ به لقمان كلامه لابنه لأنه أساس كل كلام بعده..فالتوحيد حق الله على العباد. قال الله تعالى :" وماخلقت الجن والانس الا ليعبدون" الذاريات56.وقال أيضا:"ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" النمل36.وقال: "واعبدوا الله ولاتشركوا به شيئا"...وفضل التوحيد كبير, ففي حديث عتبان الله تعالى حرم على النار من قال لااله الا الله ليس باللسان فقط وانمايلزم ترك الشرك باللسان وبالقلب وبجميع الجوارح..وعن انس بن مالك رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"قال الله تعالى ياابن آدم لو آتيتني بقُراب الارض خطايا ثم لقيتني لاتشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة"..وهكذا من حقق التوحيد دخل الجنة بغيرحساب.لهذا نجد لقمان الحكيم يحذر ابنه من الشرك ويبرره بكونه أعظم الظلم..واستهل نصائحه بهذا التحذير لعلمه أن الاصل هو التوحيد..
    + طاعة الوالدين: قرنها الله تعالى في كثيرمن الآيات القرآنية بطاعة الله تعالى:"وقضى ربك ألا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا". بل ان من طاعة الله تعالى طاعة الوالدين الا أن يدعوا الى الشرك به..وحتى في هذه الحالة الاستثنائية يجب مصاحبتهما ومعاشرتهما بالمعروف مع عدم طاعتهما في مايدعوان اليه. كما أمرالله عزوجل العبد بالشكرله وبوالديه بشكل مترابط اذ قال:" ووصينا الانسان بوالديه أن اشكر لي ولوالديك الي المصير"..فلولا الوالدان لما كان لنا أثرولاوجود في هذه الدنيا,ومن ثَم فهما السبب المباشر لحياتنا, لكن ينبغي التذكر دوما أن الله تعالى هوالسبب في وجود كل الخلائق..
    +مراقبة الانسان لله تعالى: أضاف لقمان عظة غالية من عظاته لابنه جواباعلى سؤال سابق كما جاء في الروايات التي تناولت حياة لقمان, فقد سأله ابنه يوما قد يكون محرجا للأب الذي لايحسن الاجابة ولايملك الدراية بفنون القول في اطار من اللين والرفق..لم يتضايق لقمان ولم ينهرابنه ولم يأمره بالصمت أو ينعته بالغباء او الجهل حين سأله عندما رأى البحر متلاطم الأمواج هل بامكان الله تعالى أن يعلم تواجد حبة اذا ألقيت في أعماق بحر كهذا, فأجابه بأن الله تبارك وتعالى يعلم أقل من الحبة فقال له مقدما لفظة التحبب لابنه:"يابني" انها ان تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله.ان الله لطيف خبير".
    وهكذا فقد أورد لقمان أمثلة غير البحرالذي ذكره له ابنه, فأعطى له المثال بالصخرة وبالسماوات وبالأراضين..ففي هذا الفضاء الواسع اللامنتهي, يعلم سبحانه مثقال حبة من خردل ,فانظرإلى صغرهذه الحبة حتى في الصخرة الصماء أو في الليلة الظلماء يعلم كل أمر مَهما حقر شأنه أو عظم..يقول ابن حجر"إن أعظم زاجر عم الذنوب هو خوف الله تعالى وخشية انتقامه وسطوته وحذر عقابه وغضبه وبطشه".إن قوام التربية الإسلامية ان يشعر الانسان منذ أن يكون طفلا صغيرا بأن الله قريب منه يسمعه ويراه ويحصي سيئاته وحسناته. يقول الله عز وجل" وهو الله في السماوات وفي الأرض يعبم سركم وجهركم ويعبم ماتكسبون"آية3 الانعام, وقوله في سورة الحديد " وهومعكم أين ماكنتم والله بماتعملون بصير"...ومما يعمق مراقبة الله تعالى في نفس الإنسان المداومة على صلوات الفرض. لهذا انتقل لقمان مباشرة إلى وصية ولده بالصلاة بعد أن وعظه بمراقبة الله تبارك وتعالى..
    +إقامة الصلاة: لاشك أن الصلاة تحمي المسلم من الفواحش والمنكرلقول الله تعالى في سورة العنكبوت "إن الصلاة تنهىعن الفحشاء والمنكر" ..والأمربالصلاة هو أمر بإقامة الصلة بالله حتى تطهر نفس الإنسان ويغلق على الشيطان منافذه الكثيرة, والعجيب أن الوضوء الذي يسبق الصلاة هو أيضا طهارة للمرء المسلم من الذنوب التي تخرج مع آخر قطرة ماء..وفضلا على ذلك, الصلاة تمده بالطاقة الروحية التي تزين الشعور بالطمأنينة والأمن النفسي وهدوء البال وراحة العقل, ولقد أدرك ذلك أحد الأطباء الغربيين وهو ديل كارينجي في كتابه"دع القلق وابدأ الحياة"
    بالقول" إن الصلاة هي أهم أداة عرفت إلى الآن لبث الطمأنينة في النفوس وبث الهدوء في الاعصاب".
    2*بناء العبادات:
    +الأمربالمعروف والنهي عن المنكر: أمرلقمان ابنه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكرلأنه يعلم حق اليقين أنها رسالة عظيمة حاملُ لوائها ينفع نفسه وينفع الأمة الإسلامية جمعاء,إذ ان المعروف الذي يحث عليه الاسلام هو الأمر النافع للمجتمع بجلبه الخيرله وتحقيق التعاون بين أفراده, أما المنكرفهو كل أمريؤدي إلى الخصومات والاعتداء على حرمات الإنسان في ماله وعرضه وماله ونفسه..ولقمان في وعظه ابنه بأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر, يكون ضمنيا قد نهاه على أن لايكون حياديا كما هو شأن الكثيرين من الناس اليوم, فموقف الحياد في معركة الحق مع الباطل في واقعنا هو موقف سلبي يهدم المجتمع أكثر مما يبنيه, فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لاتكونوا إمَعة تقولون إنْ أحسن الناس أحسنا,وإن ظلموا ظلمنا,ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا أن لاتسيئوا".وهذا هوخلق المؤمنين والمؤمنات ومن سمات المجتمع المسلم.قال الله تعالى:" والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.." من سورة التوبة.
    + الصبرعلىالمصيبة: إنه خُلق كريم نصح به لقمان ابنه وعَبْره يجب على كل أب أن يوصي به أبناءه, فبفضل الصبر تُبنى شخصية الفرد المسلم وتُصقَل توجهاته في الحياة وتُزرع فيه دعائم القوة والصلابة , أما الجزع والتخاذل أمام أدنى مشكلة أو مصيبة فإنها من علامات ضعف الشخصية ووهنها..والصبرفوق كل هذا وذاك يثيب عنه الله تعالى خاصة إذا احتسب المؤمن الأجر عند الله تعالى عند تلقيه أول مرة للمصيبة..
    3*بناء الاخلاق: هو بناء شيده لقمان في الآيات الكريمات المذكورة أعلاه على أساس دعامتين اثنتين هما:
    + النهي عن التكبر: بقوله تعالى "ولاتُصَعرخدك للناس ولاتمش في الارض مرحا"..وتصعيرالخد للناس هو كناية عن التبرم وإدارة الوجه عنهم وعدم الاقبال عليهم بمؤانستهم والأُلفة معهم, بل التعالي عنهم للإحساس بالغروروالتكبرالمشينين وزكى لقمان نصيحته الاولى بالقول: "ولاتمش في الأرض مرحا", ليبرر بعد ذلك قوله كأسلوب للإقناع
    بأن الله تعالى لايحب كل مختال فخور,ومادام الله يكره هذه الخصال فالأجدى أن يبتعد عنها الفرد المسلم..
    + الإقتصاد في الاُموركلها: يقول لقمان لابنه واعظا إياه بأن يقصد في مشيه ويغض من صوته..ودائما في أسلوب راقي في الاقناع, يضيف لقمان:" إن أنكرالأصوات لصوت الحمير" حتى تعاف النفس هذا الصوت وتهرب منه فيتحرى الانسان عدم الرفع من الصوت بدون حاجة..والمعنى الضيق للاقتصاد في المشي والغض من الصوت هو عدم المشي ببطء قاتل ولا السرعة المفرطة, وأيضا عدم الرفع من الصوت يشكل يؤذي السامعين ولاخفضه بطريقة لاتُسمع الآخرين, بل اللازم هو أن يكون المشي بين السرعة والهرولة والصوت بين المنخفض والعالي, لكن المعنى العام والشامل هو سلامة نهج الاقتصاد دون إفراط ولاتفريط في أمورالحياة كلها حتى في جزئياتها من قَبيل المشي والصوت..وهذه دعوة عجيبة منذ زمان بعيد هو زمان لقمان إلى سلك الاقتصاد الوسط بمعناه العلمي الحديث الحالي.وقد أثبتت التجارب العلمية أن هذا النوع من السلوك الاقتصادي هو الأأمن والأسلم في اقتصادات اليوم...

    نظرات في التربية بالأهداف


    إن في الإسلام منهجاً تربوياً فريداً، يـقـوم على دعائم وأسس من شأنها إن هي لُمست وجُلِّيت وأُبرزت أن تكوِّن نظرية تربوية إسـلامية متكاملة الأهداف، واضحة الخطوات، متناسقة المراحل، مضمونة الثمرات ـ بإذن الله ـ.
    إن النظرات الجزئية للمنهج الإسلامي التربوي مفيدة ولا شك؛ بيد أنها تعجز عن تكوين وصياغة تلك النظرية؛ لأن ذلك فقط هو من شـأن النظرات الشاملة العميقة المتكئة على دعائم قرآنية، وأسس نبويّة، وتطبيقات صحيحة يـجــب أن تـنـداح دائرتـهــا لتشمل النظريات والتطبيقات المعاصرة المفيدة في علوم التربية والنفس والاجتماع ونحوها.
    إن عملية تحديد دعائم وأسس النظرية التربوية الإسلامية ضرورة حتمية لصياغة النظرية وتـكـويـنـهـا، وهي في الوقت ذاته صعبة وشاقة؛ لذا فهي تستحق من أرباب العلم والفكر والإبداع: إجـالـة نظر في النصوص، وتأملاً وتفكراً في التطبيقات، كيما يتضح السبيل لصياغة النظرية التربــويــة المنشودة، وبلورة تفصيلاتها وإجراءاتها، وتجلية أهدافها وغاياتها.
    إن منظومة الدعائم والأسس التربوية تنتظم عدداً كبيراً، لعل من أبرزها وأوضحها ما يلي:
    1- تحقيق التوحيد في النفس الإنسانية.
    2- الأهداف التربوية: تحديداً وربطاً وتذكيراً.
    3- الترغيب والترهيب.
    4- مراعاة مقتضيات الفطرة الإنسانية.
    5- الشمول والتكامل.
    وفي هذا الموضوع سيكون التركيز على أساس ودعامة الأهداف مبيناً كيفية استخدام المنهج الإسلامي وتفعيله لهذا الأساس، ليكون توطئة وتمهيداً للحديث عن التربية بالأهداف.
    معنى الهدف:
    يدور المعنى اللغوي والاصطلاحي للهدف على معنى واحد مفاده: الغاية التي يُسعى إلى الوصول إليها وإلى تحقيقها، والغرض الذي يُراد إدراكه ونيله (1).
    كل له غرض يسعى ليدركه والحر يجعل إدراك العلا غرضاً
    المنهج الإسلامي والأهداف:
    إن الـمـتـأمــل للمنهج الإسلامي ليدرك بجلاء دون أن تلحقه صعوبة أو تعتريه مشقة قدر العناية التي أولاها ذلك المنهج لقضية الأهداف، وكيف أن الإسلام يتكئ بكامل ثقله على أهداف محــــــددة؛ تبني بمجموعها الهدف الأسمى والغرض الأوحد الذي جاء الإسلام لتحقيقه: وهو تحقيق العبودية الحقة لله ـ تعالى ـ، ويُتوصل بذلك إلى تحقيقه ونيله، قال ـ تعالى ـ: ((وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإنسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ)) [الذاريات: 56].
    بعد تأمل للكيفـيــة التي انتهجها المنهج الإسلامي فيما يتعلق بالأهداف، تمكنت من لمس الخطوات التي نفذهــــــا هذا المنهج لتفعيل دور الأهـداف والإفادة منها، وهـي متمثلة ـ بحسب اجتهادي ـ فيما يلي:
    أولاً: تحديد الأهداف بدءاً؛ وذلك بكل دقة ووضوح:
    نقرأ في القرآن الكريم أنه خـاطــب رسـولنا الأمين-صلى الله عليه وسلم- ـ في أول آياتـه نزولاً(2) ـ بأن يقوم عازماً، وينـهـــــض راشداً، ويسير ثابتاً واثقاً صابراً، مزيلاً اللحاف والـدثــــــار ليحقق أهدافاً شاملة عظيمة:((يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ(3) وَثِيَابَكَ فَطـَـهِّـــرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ)) [المدثر:1-6]، ثم توالت بعد ذلك آي القرآن العظيم لتبين هذه الأهداف وتفسرها وتكملها وتفضلها، فهدف العلم محـدد بقـوله ـ تعالى ـ: ((اقْــراً بِاسْمِ رَبِّكَ الَذِي خَلَقَ)) [العلق:1]، وهدف التحلي بجميل الخلق وعاطر المعاملة وحـســـــن السلوك بقوله ـ تعالى ـ: ((وَإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)) [القلــم:4]، وقـوله ـ تعالى ـ: ((فَبِمَـــــا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظاً غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفـِــرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِينَ)) [آل عمران:159]، وهـــــدف التماس الحكمة في الدعوة بقوله ـ تعالى ـ ((ادْعُ إلَـى سَـبـِـيـلِ رَبِّـــكَ بِـالْـحِـكْـمَـــةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)) [النحل:125].
    وهـــــــدف الـثـبـات بقوله ـ تعالى ـ: ((وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَاًتِيَكَ اليَقِينُ)) [الحجر: 99]
    وهدف الانتماء للدين وأهله بقوله ـ تعالى ـ: ((اللَّهُ وَلِيُّ الَذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كـَـفَـــــرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) [البقرة:257]، وقوله ـ تعالى ـ: ((لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) [الأنعام:127]، وغير ذلك من الأهداف التي ناسب تقريرها في المجتمع المكي الـــذي كان يمر بظروف بداياته، ويتطلب التركيز على قضايا محددة.
    ولقد أكد القرآن الكريم على أكثر الأهداف حتى بعد انتقال الجماعة المؤمنة من طور التأسيس العقدي والإيماني (مكة) إلى عهد البناء الشامل المتكامل (المدينة)؛ لأنها أهداف متناسقة متكاملة، بيد أنه قرر أهدافاً أخرى، تستطيع الجماعة المؤمنة من خلالها أن تقيم البناء الإسلامي الحضاري الشامل، فمن ذلك ما قرره القرآن بقوله ـ تعالى ـ: ((وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إذَا رَجَعُوا إلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ))[التوبة: 122] لقد دفع القرآن الكريم الأفواج المؤمنة لاقتحام مجالات الجهاد المتعددة وطرق أبوابه المتنوعة.
    ثانياً: ربط الحياة بهذه الأهداف:
    رَبَطَ الإسلامُ حياة المسلمين بأهدافه السامية التي حددها في البداية بكل جلاء ووضوح عبر قوالب متعددة ووسائل متنوعة، لعل من أكثرها وضوحاً القالب المشكّل بـ ((وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإنسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ))، ((قُلْ إنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ لله162) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ)) [الأنعام: 162، 163]، فهل ثمة جزء من حياة الإنسان بقي دون أن يربط بالعبودية لله ـ تعالى ـ؟! لا وحاشا.
    ثالثاً: التذكير بالأهداف:
    إن المنهج الإسلامي رباني يتعامل مع الإنسان، مدركاً طبعه وجبلّته، ومراعياً نقصه وضعفه؛ لذا فمن غير المستغرب أن تكثر النصوص التي تذكِّر الإنسان ـ الذي يغفل ويذهل وينسى بحكم طبيعته ـ بالأهداف التي يجب أن يحققها، بل إنه يمكن تقرير أن نصوص الشرع جميعها تذكر بالأهداف ولكنها مختلفة في طبيعة التدكيـر وقـوتـه وقالبه، إن قـول الله ـ تعالى ـ: ((إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعِينُ)) [الفاتحة: 5] من أقوى النصوص تذكيراً وأكثرها ترداداً.
    ولعل مما يجدر ذكره وتقريره أن الخطوات الثلاث سالفة الذكر لا تخص المنهج الإسلامي التربوي فحسب، بل هي صبغة اصطبغ الإسلام بها بأكمله؛ لذا فإنه يمكن الإفادة منها عند دراسة وتأصيل المناهج السياسية والاقتصادية والإدارية والنفسية والاجتماعية ونحوها.
    وبعد هذا الاستعراض المجمل للكيفية التي انتهجها الإسلام ـ وذلك حسب فهمي ـ تجاه الأهداف، يمكنني أن أتناول موضوع التربية بالأهداف: مصطلحها ومنطلقاتها ومراحلها(3) وذلك عبر النقاط التالية:
    تعريف التربية بالأهداف:
    يمكن تعريف التربية بالأهداف بأنها (عملية إكساب المتربين سلوكاً جديداً، أو ترسيخ سلوك معين من خلال تحديد الأهداف عبر المربين والمتربين معاً والتي يجب تحقيقها مع تحديد الوسائل الكفيلة بتحقيقها).
    منطلقات التربية بالأهداف:
    تقوم هذه التربية على أسس، منها ما يلي:
    1- ضرورة تحديد الأهداف الواجب تحقيقها في البداية بشكل واضح ودقيق.
    2- ضرورة مشاركة المتربين في عملية تحديد الأهداف أو بعضها، وذلك بحسب استطاعتهم، وقدراتهم العلمية والفكرية والنفسية والعمرية؛ طلباً لتحقيق الأهداف التالية:
    أ - شعور المتربين بتحقق ذواتهم، وذلك لاستشارتهم وأخذ آرائهم.
    ب - شعورهم بالارتياح النفسي التام؛ لأنهم يعملون على تحقيق أهداف ساهموا هم في تحديدها.
    ج - التوفيق بين أهداف المربين والمتربين (في حالة وجود تعارض).
    3- تحديد الوسائل التي تحقق الأهداف المنشودة من خلالها.
    خطوات التربية بالأهداف:
    ثمة خطوات في ضوء التربية بالأهداف، يجب على المؤسسات التربوية (كوزارات المعارف والتربية والتعليم) أن تقوم بها:
    أولاً: تحديد الأهداف الواجب تحقيقها في البداية بكل دقة ووضوح: وتحت هذه الخطوة يجب مراعاة الأمور التالية:
    أ - وصفت الأهداف المحددة المنشودة بالواجبة التحقيق، وهذا يعني عدم ترك المربي ليحقق من الأهداف ما تميل إليها نفسه، أو تتفق معها طبيعته وجبلته، أو أن تحقيق تلك الأهداف سهل المنال، أو أنها مما يتقنه ويقدر عليه!! إن الأمانة التربوية تقتضي تحديد الأهداف التربوية الواجبة التحقيق ليتم تحقيقها في الواقع التربوي، ولهذا ندرك أن ممارسات بعض المربين السلبية مخالفة للأمانة التربوية.. إنهم أولئك الذين لا يحققون إلا الأهداف التي تتفق مع قدراتهم وطبيعتهم وميولهم ورغباتهم.. إن بعضهم مغرم بالكمال، متشدق به، متكلف لأحواله، متلبس بزيه، إنه ليس ثمة نقص يعتريه، ولا عيب يكتنفه!! لذلك فقد استحالت ممارساتهم التربوية إلى (استنساخ تربوي)!! وبعضهم لا يريد ذلك، ولكنهم يتجهون إلى الأهداف التي يتمنون تحقيقها بمقتضى الجبلّة والفطرة، وبهذا نعرف قدر وصية أحد السلف لابنه وأهميتها؛ إذ هو يقول له: (يا بني تعلم العلم كله؛ فإن الإنسان عدو ما جهل، ولا أريدك أن تكون عدواً لشيء من العلم)، إن الإحاطة والإلمام بفنون العلم والثقافة في الوقت الحاضر من الصعوبة بحيث لا مفر من أن يستفيد بعضنا من بعض، فكلنا يكمل الآخر.
    ب - ثمة اعتبارات علمية يجب مراعاتها عند تحديد الأهداف التربوية:
    1- تحديد الأهداف بدقة ووضوح بحيث تفهم من الجميع فهماً واحداً، ولتوضيح المقصود نفترض أن من ضمن الأهداف المحددة: حفظ ما تيسر من القرآن.
    إن هذا الهدف عام وفضفاض، وقابل لتفسيرات متعددة.
    2- تناسق الأهداف وتكاملها وعدم تعارضها.
    3- واقعية الأهداف، وذلك بإمكانية تحقيقها، وهي باعتبارين:
    أ - باعتبار كل هدف على حدة؛ وذلك بكونه ممكن التحقق.
    ب - باعتبار الأهداف مجتمعة؛ وذلك بكونها ممكنة التحقق في وقت واحد.
    4- صياغة الأهداف بشكل قابل للقياس طلباً لتحديد نسبة النجاح في تحقيقها وذلك بربطها بأمر أو أكثر من الأمور التالية:
    أ - الـزمـن: مثل: حفـظ كتاب الله ـ تعالى ـ في فترة لا تتجاوز السنتين.
    ب - الكمية: مثل: حفظ وجه واحد من القرآن يومياً.
    5- ترتيب الأهداف بحسب أهميتها.
    6- أن تكون الأهداف من نوع واحد، فإما أن تكون رئيسة (استراتيجية) أو مرحلية (تكتيكية أو فرعية)، ولا يصح الجمع بينها؛ لأن الرئيسة تشمل المرحلية (مثل هدف: تعبيد الأفراد لله ـ تعالى ـ (رئيس) وهدف: تربية الأفراد على أعمال القلوب (فرعي) أليست التربية من التعبيد لله؟) ومن البدهي وجوب كون الأهداف التربوية مشروعة وشاملة.
    ج - لتسهيل عملية تحديد الأهداف وعملية تحقيقها، يمكن أن تقسم إلى أقسام:
    فمن حيث النوع: يمكن تقسيمها إلى: أهداف رئيسة، وأهداف مرحلية.
    ومن حيث الزمن: يمكن تقسيمها إلى: أهداف طويلة أو متوسطة أو قصيرة الأجل.
    ثانياً: تحديد الوسائل الكفيلة بتحقيق الأهداف المنشودة بأعلى كفاءة ممكنة؛ وعند تحديد مثل تلك الوسائل يجب مراعاة الأمور التالية:
    1- أن تحقق الوسائل (البرامج العملية) الأهداف المحددة بأعلى كفاءة ممكنة.
    2- أن تكون الوسائل مرنة، بحيث يمكن تعديلها عند الحاجة.
    3- أن تتضمن البرامج العملية كيفية مواجهة العقبات المستقبلية (إن وجدت).
    4- الاستفادة من العلوم الحديثة النافعة، كعلوم التربية والنفس والاجتماع والفسيولوجيا والإدارة والاقتصاد وغيرها.
    بالإضافة إلى الاعتبارات العلمية الثلاثة الأولى المذكورة آنفاً (الخاصة بالأهداف).
    ثالثاً: يجب تحديد نسبة النجاح في تحقيق كل هدف عقب فترة محددة طلباً لتشجيع وزيادة الإيجابيات والنجاحات، والتماساً لعلاج الأخطاء والسلبيات وتلافيها، وهذه الخطوة تظهر بجلاء أهمية كون الأهداف قابلة للقياس (الاعتبار العلمي الخاص بالأهداف رقم 4).
    رابعاً: التذكير بالأهداف الواجب تحقيقها على فترات دورية، لئلا يُنسى بعضها!!
    إن شركة (ماتسوشيتا) وهي شركة يابانية استطاعت أن تحقق نجاحات كبيرة لتصبح من كبريات الشركات العالمية، تؤكد على هذه الخطوة، وتعرف أهميتها وثمرتها، وذلك بأنها تطلب من مديريها وعمّالها أن يرددوا أهداف الشركة صباح كل يوم(4).
    خامساً: مراجعة الأهداف المنشودة والوسائل المحددة عقب فترة زمنية مـعـيـنـة؛ وذلــك لإجـــراء الـتـعـديـلات اللازمة لمقتضيات شرعية أو واقعية، وتجدر الإشارة هنا إلى أهمية التجديد في البرامج العملية طرداً لسآمة المربين ودفعاً لملل المتربين!!.
    الخلل التربوي:
    يجمع المربون على وجود خلل واضح في المنتجات التربوية ناتجٍ من وجـود تصدع بيِّن في البنية التحتية للتربية، بيد أنهم يختلفون كثيراً في أســبـاب الظاهــرة وعلاجهـا، وفـي رأيي ـ المتواضع ـ أن للظاهرة أسباباً متعددة يمكن إرجاعـهــــا إلى سـبـب واحد هو غياب الأهداف التربوية الواضحة التي يجب على المربي تحقيقها.
    فكيف ـ والحالة كهذه ـ يحقق المربي نجاحاً مثمراً وهو لا يدري فـي حالات كثيرة ما هي المواصفات التي يجب التقيد بها؟!!
    إن بعض المربين قد يغفل عن بعض الأهداف لمدة قد تصل إلى سنوات؟! فماذا عن المُنتَج..؟ قطعاً إنه معيب!! وهنا يأتي دور المؤسسة التربوية في صياغة وتحديد الأهداف التربوية، ومطالبة المربين بـتـحـقـيـقـهـــا، وذلـك لـئــلا يُـلـجـأ المربي لأن يجتهد.. فيخطئ ويغفل وينسى!(5).
    المعادلة التربوية الفعالة:
    إن خلاصة القول يمكن قراءتها في أحرف هذه المعادلة:
    قصد ونية خالصة نقية <---
    أهداف ووسائل شرعية علمية <---
    صنع أجيال فتية للمجد بانية.
    الهوامش :
    (1) المنجد في اللغة والأعلام، مادة هدف، ص 858.
    (2) ثبت في صحيح البخاري عن جابر أنه كان يقول: (أول شيء نزل من القرآن ((يا أيها المدثر))، والجمهور بأنها ((اقرأ باسم ربك الذي خلق))، والمهم أنها من أول الآي نزولاً.
    (3) استندت كثيراً من فلسفة المدرسة الإداريــــة الحديثة0(الإدارة بالأهداف)، ولمزيد من المعلومات عن هذه المدرسة يمكنك مراجعة كتاب: (الإدارة بالأهداف ـ النظرية والتطبيقية) د. علي عبد الوهاب.
    (4) لم أقصد أن السبب الوحيد في نجاح الشركة هو ترديد الأهداف، وإنما قصدت أنه من ضمن الأسباب الرئيسية في ذلك. ولـمـزيـد مــن المعلومات عن هذه الشركة وفلسفتها، انظر كتاب: (فن الإدارة اليابانية) باسكال وآخر، ترجمة حسن ياسين.
    (5) إن عـمـلـيـة تـحـديـد الأهــداف صعبة وهي مناطة بالمؤسسة التربوية، ولا مناص من الاجتهاد في حالة تقصيرها، ويمكن الاستفادة من بعض الكتب في هذا الموضوع مثل:أهداف التربية الإسلامية، محمد الحريري، وأهداف التربية الإسلامية وغايتها، د. مقداد يالجن.


    التربية الإسلامية والعناية بالموهوبين

    ليس هناك من شكٍ في أن التربية الإسلامية قد اعتنت بالمواهب الإنسانية التي غرسها الله تعالى في النفس البشرية ، وحرصت على تنميتها والاهتمام الإيجابي بصاحبها ، ودعت إلى حُسن توجيهها والإفادة الكاملة منها بصورةٍ تُحقق النفع والفائدة المرجوة سواءً كان ذلك على المستوى الفردي أو الجماعي .

    ويأتي اهتمام التربية الإسلامية بهذا الجانب في شخصية الإنسان انطلاقاً من إدراكها أن الثروة البشريــة تُمثل الثروة الحقيقية لأي مجتمع من المجتمعات ، وأن من يوصفون بالمتفوقين والموهوبين في أي مجتمع إنما هم بمثابة القلب النابض والعقل المُفكر له ، نظرا لأهميتهم البالغة ، وأثرهم الفاعل والإيجابي في مواجهة مختلف التحديات في أي زمانٍ ومكان .
    من هنا فإن على المهتمين بشؤون التربية والتعليم أن يزيدوا من اهتمامهم بالطلاب الموهوبين في مختلف المجالات العلمية ، وأن يحرصوا على اكتشاف المتفوقين والموهوبين ومن لديهم قدرة على التفكير الابتكاري ؛ لغرض رعايتهم و العناية بهم وحُسن توجيههم ، وصقل مواهبهم وأفكارهم والعمل الجاد على تعرف جوانب التميز لديهم ، ومن ثم العمل على تحديد أفضل الوسائل الممكنة لاستثمار تفوقهم ، وتسخيره لما فيه الصالح العام لاسيما وأنهم بما وهبهم الله من تفوق عقلي وقدرات خاصة على الفهم والتطبيق والتوجيه والقيادة والإبداع قادرون – بإذن الله تعالى - على إحداث التقدم المنشود ، وقيادة مسيرة التنمية والتطور الحضاري ، والتصدي لمختلف المعوقات والتحديات المعاصرة ، و الإسهام الفاعل في حل المشكلات المختلفة للمسيرة التنموية الشاملة . وليس هذا فحسب فإن هؤلاء الموهوبين يُعدون – بإذن الله تعالى- أمل المستقبل ورجاله المنتظرين لقيادة البلاد في مختلف المجالات العلمية والتقنية والإنتاجية و الخدمية والمعرفية .
    وحيث إن مؤسساتنا التعليمية والتربوية – ولله الحمد والمنة - تزخر بالكثير من الموهوبين والمتميزين من أبناء المجتمع في مختلف الميادين والمجالات العلمية والمعرفية فإن تربيتنا الإسلامية تفرض علينا جميعاً مزيداً من الاهتمام بأفراد هذه الفئة والعناية بهم وبمواهبهم المختلفة ، وهذا أمرٌ لا يمكن تحقيقه إلا بالتعاون بين مختلف عناصر العملية التربوية الرئيسة والتي يمكن الإشارة إلى بعض أدوارها فيما يلي :

    أولاً / دور المعلم المسلم في رعاية الموهوبين من الطلاب :
    تنطلق أهمية دور المعلم في العناية بالطلاب الموهوبين على اعتبار أنه الركيزة الأساسية في العملية التعليمية والتربوية . وعليه الاعتماد – بعد الله سبحانه وتعالى – في تحقيق الأهداف التربوية والتعليمية ، لاسيما وأن على عاتقه مسئولية عظيمة في تربية النشء ، و توجيههم التوجيه الإسلامي الصحيح ، والعمل الجاد على تنمية مواهبهم، وكشف استعداداتهم ، والإفادة من جوانب تميزهم ، إلى غير ذلك من المسئوليات التي لا يمكن أن تتحقق دون توافر المعلم المسلم المبدع الذي يدرك أهمية الإبداع ، ويحرص على تنمية التفكير الإبداعي عند الطلاب ، وربطه في كل شأنٍ من شؤونه ، وكل جزئيةٍ من جزئياته بما جاء في المصادر الخالدة للتربية الإسلامية المُتمثلة في كتاب الله العظيم وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم .
    كما أن دور المعلم المسلم يمكن أن يتضح من خلال إيجاد المواقف التعليمية التي تستثير الإبداع عند الطلاب في الفصل الدراسي ، وتشجيعهم على ممارسته بمختلف الطرائق والأساليب الممكنة ، والحرص على توجيههم بطريقةٍ إيجابية وفاعلة .

    ثانياً / دور المدرسة في رعاية الموهوبين والعناية بهم :
    يمكن الإشارة إلى دور المدرسة كمؤسسةٍ اجتماعيةٍ تربويةٍ في رعاية الموهوبين والعناية بهم و المشاركة الفاعلة والإيجابية في هذا الشأن من خلال تقديمها للمواد الدراسية وما يتبعها من نشاطات فصليةٍ أو غير فصلية بصورةٍ حديثةٍ و شائقةٍ و جذابةٍ ، والعمل على التخلص من النمط التقليدي الذي يُركِّز دائماً على أسلوب تلقين المعرفة للطلاب بصورةٍ يكون الطلاب معها سلبيين وغير متفاعلين .
    كما يمكن للمدرسة أن تعمل على وضع خطة شاملة لرعاية الطلاب الموهوبين ، وتوفير الجوّ التربوي الملائم لنمو المواهب المختلفة ، والعمل على توفير ما أمكن من الأدوات والتجهيزات اللازمة لممارسة مختلف الأنشطة التي يمكن من خلالها التعرف على المواهب وتنميتها وتطويرها . كما أن من مهام المدرسة الحرص على تدريب بعض المعلمين على كيفية التعامل مع الطلاب الموهوبين ، وتوجيه المعلمين إلى استخدام طرائق وأساليب تعليمية فاعله وإيجابية لهذا الشأن ، والاتصال بأولياء الأمور وتعريفهم بمواهب أبنائهم ليتحقق التكامل بين دور الأسرة ودور المدرسة في رعايتهم .

    ثالثاً / دور المجتمع في رعاية الموهوبين والعناية بهم :
    ويتمثل هذا الدور في أهمية الاهتمام الجماعي لمختلف القطاعات والمؤسسات الاجتماعية الأخرى في المجتمع بهذه الفئة من أبنائه عن طريق المشاركة الفاعلة ، والإسهام الجاد في توفير مختلف الظروف المدرسية والبيئية الداعمة للإبداع والمُبدعين ؛ والمُساعدة على تنميته وتطويره ، والحرص على تحقيق الفوائد والأهداف المرجوة منه . فالأسرة والمسجد ووسائل الإعلام وأماكن العمل والنوادي وغيرها من المؤسسات الاجتماعية مطالبة بالإسهام في العناية بالموهوبين ورعايتهم سواءً كان ذلك بطريقٍ مباشرٍ أو غير مباشر .ولن يُعدموا طريقةً أو وسيلةً لتحقيق ذلك متى ما تضافرت الجهود وصلُحت النيات .

    يتبع ....


    [/align]
    [align=center][/align]

  11. #26
    مراقبـــة الصورة الرمزية (* الوفـاء طبعي *)
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    المشاركات
    10,249
    الله يعطيك العافية..
    لا تحسبني يوم ابتسمت في وجهك أبيك..........
    ................بعض الوجوه اهينها بابتسامه


  12. #27
    ~ [ عضو مؤسس ] ~

    الصورة الرمزية كاسب العز
    تاريخ التسجيل
    May 2005
    الدولة
    جــــــــــــده
    المشاركات
    26,890

    رد: جميع البحوث والموضوعات المطروحة في قسم البحوث لعام 1428هـ تجدونها هنا <<<<

    شـكـــــرا وبارك الله فيك

    لك مني أجمل تحية

    تقبل مرورى

    كاسب العز
    {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ }

    أنت الزائررقم

    لمــواضيعي





    جـــده

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 1 2

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. معرض عن البيئة
    بواسطة سيزوت في المنتدى المطويات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 26-03-2010, 06:12 PM
  2. تحاضير لغة عربية متوسط جميع المراحل جديد وحصري لعام 1428هـ
    بواسطة رافع البيرق في المنتدى لغتي متوسط -النصف الأول
    مشاركات: 66
    آخر مشاركة: 17-10-2009, 01:01 AM
  3. البيوت أسرار !!!
    بواسطة زاد الركب في المنتدى منتدى الخواطر والشعر الفصيح
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 30-11-2006, 07:37 PM
  4. البيئة
    بواسطة سارهـ في المنتدى النشاط والاذاعة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 20-11-2006, 01:39 AM
  5. اين اصحاب البحوث
    بواسطة د/البجيدي في المنتدى ملتقى الصفوف الأولية لأوراق العمل وعروض البور بوينت
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 16-12-2005, 10:29 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •