على مر العصور والأزمان يكافح البشر لكي يكونوا ذواتهم ويكونوا عظماء، فقرارك أن تعيش ذاتك هي مسؤوليتك أنت، فبعض الناس يخطئون ما بين أن يكونوا ذواتهم وأن يكونوا عظماء وما بين أن يتكبروا ويتعالوا على الآخرين، فبمجرد التعالي هذا يعني أننا على هامش الحياة الحقيقة لذواتنا ولا نعرفها حق المعرفة.
عندما تكون نظرتك لذاتك نظرة متدنية فلا تستطيع أن تسمع إنجازات الآخرين فأسهل لك أن تسمع إخفاقاتهم بدلا من نجاحاتهم، لأنك تريد الكل أقل من مستواك أو على أكبر تقدير في مستواك، لذالك أنت أو أنا نتكبر عليهم لأن نظرتنا لأنفسنا متدنية.
يخلط الكثير من الناس بين الثقة بالنفس وبين التكبر، التكبر آفة بغيطة لا يجيدها القيادي الفعال ولا يجيدها الناجحون من الناس ولا يجيدها المتواضعون، سأخبرك الآن بسر من الأسرار،المتواضعون فقط هم من يفرحون لنجاحات غيرهم لأن لديهم نظرة عالية للذات ويُقدرون أنفسهم جيداً وعندما يسمعون أخبارا رائعة عن الغير يفرحون مثلهم لتحقيق إنجازاتهم لأنهم يعلمون من دواخلهم أنهم يقدرون أن يحققوا هم أيضًا إنجازات عظيمة، بل وأكثر من ذالك فالذين يتسمون بالتواضع هم من يبرزون مواهب ونجاحات وإنجازات الآخرين، وهناك ميزة إضافية للمتواضعين هي أنهم يجيدون فن التعامل مع الآخرين ويفضلون البقاء بجانب المتميزين من البشر لأن ذالك لا يؤثر عليهم بشي، فالعلاقة هنا طردية، كلما زدت تواضعًا كلما أبرزت قدرات الآخرين والعكس صحيح،العظماء فقط هم من يٌشعرون من بحضرتهم أنهم عظماء فتزيد عظمتهم في قلوب الآخرين، فكلما ازدادت تواضعًا ازدادت عظمة، أما التكبر فبأن أجعل من معي هو أقل مني وأنسف مواهب وقدرات الآخرين وأتعالى عليهم وأبرز قدراتي أنا فقط وكأن الكون لا يوجد أحد فيه إلا أنا، فلا يتكبر إلا كل وضيع ولا يتواضع إلا كل رفيع.
المتعالون يحكمون على قدرات ونجاحات غيرهم من عالمهم الخاص الذي في رؤسهم وليس من الواقع، لأن رؤسهم دائما تقلل من قدرات الغير، فنصيحتي هنا للذين يعانون من تكبر الآخرين عليهم ألا ينزعجوا ولا يضربوا، بل التمسوا لهم الأعذار لأنهم يعانون من التقدير الذاتي المتدني لأنفسهم، وأختم بمقولة جميلة "التواضع هو الأب الشرعي لكل الفضائل الأخرى، فكن متواضعًا تكن عظيما".