أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


يبالغ بعضنا في حجية اعتبار فهم السلف للنصوص الشرعية والرجوع الدائم له حتى كان سببا وعائقا في الوصول المباشر إلى الكتاب والسنة المعصومان, بحيث لا يمكن أن تصل إلى النص إلا من خلال هذه القنطرة, فبالتالي حرمان الأمة من أثرهما المباشر عليها.
وقبل الدخول في الحديث عن هذه الحجية, لابد من الإقرار على حجية "الإجماع" بالرغم من قلة تطبيقاته, وأيضا قول الصحابي فيما ليس له فيه اجتهاد. وكل ما سواهما فيأخذ منه ويرد, فالعبرة هما الكتاب والسنة فقط, فلهما مجمل العبرة والعناية والدراية.
بل المبالغة في الرجوع إلى فهم السلف -على حساب الكتاب والسنة- هو سبب في التنطع والغلو وانقياد الأمة إلى طرق حذر منها كتاب الله وسنة رسوله محمد صصص .
فأحيانا يُتشدد بالأخذ برأي صحابي, ويتجاهل وجود رأي صحابي آخر يخالفه فلا يُعتبر في المسألة, وأحيانا يأخذ رأي واحد أو أكثر من التابعين أو من بعدهم, وبلا شك هناك الكثير من معاصريه من لهم رأي آخر وهذا يحصل في مسائل لا حصر لها, فسلفي المشرق ليس كسلفي المغرب في آراءه الاجتهادية وثقافته المحلية ونظرته للأمور, ولو قُدّر أن أتينا بأحد أئمة السلف ليرى كيف أخذنا اعتبرنا اجتهاده لتبرأ منا واحتج باختلاف الحال والمآل, ونحن هنا نتحدث عن آراء المجتهدين لا الأدوات والمناهج.

طالما ادعينا أن الكتاب والسنة صالحان لكل زمان ومكان, فلماذا نجعل "فهم السلف" عائقا للوصول النقي إليهما, ومن ثمّ التسبب في البعد عنهما, لاسيما وأن الأمة اليوم هي أحوج إلى الأخذ بالأصول فيهما والمبادئ والمسائل والدقائق من أي وقت مضى؟
أين أثر الأقوال السلفية التي طالما رددناها: كـ "كلٌ يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر" و "لا تقلدني ولا تقلد مالكاً، ولا الثوري، ولا الأوزاعي، ولكن خذ من حيث أخذوا".
من أهم الآثار المترتبة على المبالغة في الأخذ بفهم السلف هي عدم القدرة على تكييف الواقع المتشعب وفهمه فهما صحيحا وشرعيا لأن واقع السلف ونظرهم يختلف عن واقعنا, بخلاف النصوص الشرعية الثابتة والتي لها القدرة المطلقة في معالجة أي واقع مهما كان.
نعم, نستفيد من فهم السلف واجتهاداتهم ونستعين بها لاسيما أقوال الصحابة, لكن الحجية هي للكتاب والسنة فقط.