أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


السليقة اللغوية عند الجرجاني
دور الاحتياج المعنوي في السليقة اللغوية
يقول منكرو النظم وكونه في معاني النحو:
لو كان النظم يكون في معاني النحو،لكان البدوي الذي لم يسمع بالنحو قط ،ولم يعرف المبتدأ والخبر ،وشيئامما يذكرونه،لا يتأتى له نظم كلام ، وإنا لنراه يأتي في كلامه بنظم لا يحسنه المتقدم في علم النحو .فيقول الجرجاني- رحمه الله- في معرض رده على هذا القول :أترى الأعرابي حين سمع المؤذن يقول:" أشهد أن محمدا رسولَ الله" بالنصب،فأنكر وقال:صنع ماذا؟أنكر عن غير علم أن النصب يخرجه عن أن يكون خبرا ويجعله والأول في حكم اسم واحد،وأنه إذا صاروالأول في حكم اسم واحد ،احتيج إلى اسم آخر أوفعل،حتى يكون كلاما ،وحتى يكون قد ذكر ما له فائدة؟ إن كان لم يعلم ذلك،فلماذا قال:"صنع ماذا،فطلب ما يجعله خبرا؟
من هذه القصة يتضح أن السليقة اللغوية تعني : أن العلاقة بين الكلمات تقوم على الطلب المعنوي أو الاحتياج وعدم الاستغناء،وأن العربي يراعي منزلة المعنى وأهميته بين أجزاء الكلام ،فهو يقول وهو يفكر ويفكر وهو يقول ، فيرفع وينصب ويجر ويجزم بحضور الألفاظ ،فعندما يحرك شفتيه ، وينطق بالعبارة ، فإنه يمارس عملية اختيار على صعيد المعنى ،ثم تتوالى الكلمات محققة انسجام العلاقات المعنوية القائمة على مبدأ الطلب أو الاحتياج المعنوي،والسليقة اللغوية تقوم على الاحتياج المعنوي ،والإنسان يتحدث تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس، وقد قدّم الأعرابي "صنع" على "ماذا " بحسب الأهمية المعنوية ، للتعبيرعن شدة دهشته واستنكاره لما صنعه المؤذن ، وكلامه صحيح ومفهوم ، ولوكان هذا الأعرابي في زماننا وقدّم "صنع"على "ماذا"التي لها صدر الكلام لاتهم وكلامه بالشذوذ أو الخطأ اللغوي ،مع أنه عالم باللغة ، ومع أن سيبويه يقول" ويحتملون قبح الكلام حتى يضعونه في غير مواضعه ،لأنه مستقيم ليس فيه تناقض " ،فالكلام مفهوم ، والاحتياج المعنوي واضح بين أجزاء التركيب .