أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


من يصنع علامة المنزلة والمكانةالمانعة للبس؟
من المتعارف عليه أن علامة الإعراب(علامة المنزلة والمكانة المانعة للبس) هي أثر ظاهر أو مقدر يجلبه العامل في في نهاية الكلمة،فهل هذا صحيح أم أنه كلام فلسفي؟يقول الشاطبي - رحمه الله - "الرافع والناصب والجار والجازم إنما هو المتكلم،والألفاظ لا عمل لها،لكن لما كان المتكلم يرفع عند حضور بعض الألفاظ،وينصب عند اّخر،ويجر عند اّخر،فكانت (علامات الإعراب) أو(علامات المنزلة والمكانة المانعة للبس)تجري مع أنواع الإعراب وجودا وعدما نسبوا العمل إليها اتساعا،ولما رأى الناظم(ابن مالك)هذا الاصطلاح مما قد يخفى على كثير من الناس حرر عبارته على الأصل المقصود فقال:فانصب به مفعوله،ففاعل انصب هو المتكلم،والباء في "به" للسبب،كأنه قال:انصب أيها المتكلم مفعول الفعل بسببه وبحضوره،فلم ينسب العمل إلا للمتكلم لكن بقرينة الفعل الطالب للنصب،والدليل على صحة رأي الناظم أن أصل العمل الطلب والطالب للمفعول ليس شيئا غير الفعل"(1)فالإنسان يتحدث تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس الموجودة في ذهنه والتي يتحكم بها بحسب الاحتياج المعنوي بين أجزاء التركيب ،وهذا يعني أنني إذا قلت :ضرب زيد(بالتسكين) فإن كلمة زيد تبقى مفتوحة على احتمالات متعددة ، فإن أردته أن يكون الضارب رفعته ،وإن أردته أن يكون المضروب نصبته ،وكل ذلك بحسب المعنى الذي يقصده المتكلم والاحتياج المعنوي بين أجزاء التركيب ، لأن المتكلم عندما يتكلم يمارس عملية اختيار على صعيد المعنى ،وهذا يعني كذلك أن علامات الإعراب أو علامات المنزلة والمكانة المانعة للبس،ليست بأثر ظاهر أو مقدريجلبه العامل في نهاية الكلمة،بل هي نابعة من منزلة المعنى بين الكلمات داخل التركيب،ودلالة ذلك أننا نقول:
عمرو ضرب زيدا
و عمرا ضرب زيد
والفعل السابق لزيد هو هو والعلامة مختلفة، أليس كذلك؟ وهذا يعني أن العلامة ليست بأثر ظاهر أو مقدر يجلبه العامل في نهاية الكلمة ،والمسألة ليست شكلية بل معنوية ،والمتكلم هو المتحكم بالعلامة وفق الاحتياج المعنوي.
-----------------------
(1)الشاطبي-المقاصد الشافية، ج 1، ص ص 133-134