أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


تبادل الأهمية المعنوية بين الضر والنفع
قال تعالى:واتخذوا من دونه اّلهة لا يخلقون شيئا وهم يُخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعاولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا*(الفرقان3)
وقال تعالى"ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم.....(الفرقان55)
في هاتين الآيتين عدة أمور:
أولا:في الآيتين تقدم شبه الجملة "من دون الله" نحو الفعل على المفعول ،وكأن هناك استنكارا لهذا العمل ،واستنكارا لعبادة غير الله ،كأن يقول أحدنا:اتخذت من دوني خالدا أنيسا ،فالمتكلم منزعج ومتأسف لهذا العمل ،وفي تقديم شبه الجملة أمن للبس يسببه التأخير ، وفي تقديمه تقصير للمسافة بين الطالب والمطلوب ،ولهذا تقدم بسبب الحاجة المعنوية إليه ، وتأخر المفعول من أجل أن يتصل بصفته الطويلة أو أوصافه المتعددة،وبهذا يترتب الكلام بحسب الحاجة وقوة العلاقةالمعنوية ،وبهذا يتحدث الإنسان تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس .
ثانيا:في الآية الأولى كذلك،تقدم ذكر الضر على النفع ،لأن الآية مبنية على تعداد صفات الآلهة وبيان عجزهم ،فهم لا يخلقون شيئا وهم يخلقون، فهي معبودات عاجزة ،وهذا يناسبه تقديم الضر على النفع ،لأن الإضرار بالنفس أو الغير أسهل من النفع ،وبالتالي فهم غير قادرين على عمل الأسهل ومن عجز عن عمل الأمور السهلة عاجز لا يستحق العبادة،ثم جاء بعد ذلك قوله تعالى"ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا" بتقديم الأسهل على الأصعب ،مبالغة في ذمهم ،فهم لا يستطيعون حتى مجرد الموت ،ثم جاء بالأصعب وهو الإحياء ثم الأصعب وهو البعث والنشور،فالسياق يقتضي تقديم الضر على النفع وتقديم الموت على الحياة على البعث والنشور من أجل بيان عجزهم.
أما الآية الثانية فقد جاءت بتقديم النفع على الضر،لأنها مبنية على العبادة وأسبابها ، والأصل في العبادة أن تكون من أجل المنفعة والفائدة،كعبادة المال أو عبادة ذوي السلطان من أجل الحظوة، كما عبد الكفار الأصنام من أجل أن تكون واسطة بينهم وبين الله تعالى ،وفي ديننا الإسلامي فإننا وإن كنا نعبد الله لأنه يستحق العبادة أولا ، فإن النفس الإنسانية تفعل الفعل من أجل الثواب ومخافة العقاب،وبهذا تتحقق لها الفائدة،كما قال تعالى"يدعون ربهم خوفا وطمعا".
وبهذا يتقدم الضر أو النفع بحسب تغير المبني عليه وذلك بحسب الاحتياج المعنوي بين المبني عليه والمباني.