( الجزء الأول )
عندما درست المواد التربوية
علمـــــــوني ..
أن العدل من صفات المعلم المثالي
وليتهم ما علموني ..
في أروقة اللقاءات التربوية
أطربوني ..
بكلمات رنانة عن الإخلاص والمصداقية
وليتهم ما أطربوني
عن سمو الرسالة التربوية
حدثوني ..
ثم مزقوني ..
بتناقضاتهم بين المرونة تارة والجمود والآلية
وليتهم تركوني ..
حاولوا إيهامي بتقصيري ..
إن حصل أحد تلاميذي على درجة غير مرضية
وأغروني ..
بإعادة الاختبارات الدورية ..
وبعد رفضي ..
هددوني ..
بأساليب تخلو من الإنسانية ..
صفقوا لي طوال العام على جدي واجتهادي ..
ثم صفقوني ..
عند صدور النتائج الفصلية ..
لأن درجات تلاميذي لم ترق لمزاج المرشد الطلابي ..
وليتهم ما صفقوا لي ..
بعد أن
حدثوني عن الدقة في تصحيح الاختبارات التحصيلية ..
أدهشوني ..
بعد أن
عقدوا وعقدوا العديد من اللقاءات والحلقات التنشيطية ..
حطموني ..
بعد أن
علموني فيها كيف أحقق معياراً عالياً في التصحيح من الصدق والموضوعية..
قتلوني ..
نعم قتلوني ..
لأنهم وبعد كل هذا
طالبوني ..
بالمساواة بين الطالب المهمل والجدي ..
بدعوى مراعاة الفروق الفردية ..
أرادوني
سلما يمتطونه لترقيع إخفاقاتهم الشخصية
وهذا لا يكون ـ في رأيهم ـ حتى ينجح الجميع بنسبة مية في المية ..
بعثروا أوراقي ..
شتتوا أفكاري ..
مزقوا أوقاتي ..
بدعوى أهمية الأنشطة اللاصفية ..
وكل هذا ـ فقط ـ من أجل أن تعبأ التقارير اليومية ..
وترفع لمكاتب الإشراف الإدارية ..
حاولوا إفهامي أن الحزم في المواقف التربوية
لا يعدو إلا أن يكون قسوة وهمجية ..
هددوني ..
إن أنا تجرأت على طرد طالب
يحاول قلب درسي لمسرحية هزلية ..
إن كان ولا بد من الطرد فليكن من نصيبي ..
لأن في هذا حرمان ـ للمستهترين ـ من حقه في التعلم حسب القرارات التربوية ..
حاصروني
حاولوا قتل همتي
وتسميم دوافعي الذاتية ..
حاولوا سلب حلمٍ طالما نسجته بندى زهور الخزامى البرية ..
حاولوا إعدام أفكاري
بمشنقة نصبت لوأد الحرية ..
احتفلوا بي ـ فقط ـ على صفحات الجرائد اليومية
وعلى ممرات الساحات المدرسية
داسوني ..
مرغوني ..
جعلوني متهماً ـ دائماً ـ بالتقصير
وعلي إثبات براءتي من تهمٍ نسجتها مخيلاتهم الهوليودية ..
أرهقوني ..
وطالبوني ..
بملأ ملفات وأوراق لا تخدم العملية التربوية
ـ فقط ـ من أجل أن أتابع تحركات ذلك التلميذ الغير جدي ..
من أجل أن أبرئ نفسي ..
من تهمة التقصير حينما يخفق تلميذي في آخر السنة الدراسية ..
وتعقد لي المحاكمة تلو المحاكمة في أروقة المحافل التربوية ..
عندما درست المواد التربوية علمـــــــوني
أن العدل من صفات المعلم المثالي
وليتهم ما علموني ..
في أروقة اللقاءات التربوية
أطربوني
بكلمات رنانة عن الإخلاص والمصداقية
وليتهم ما أطربوني ..
شجعوني على توعية التلاميذ بأهمية الصحة الجسمية ..
ثم راحوا
وتركوني
عندما طالبتهم بتزويد المقصف المدرسي بأغذية صحية ..
أبكوني نعم بحرقةٍ ومرارة ٍأبكوني
عندما وجدت تلاميذي يخفقون في إتمام أبسط العمليات الحسابية ..
قهروني
عندما عاتبت تلاميذي على ضعفهم في القواعد الإملائية ..
وأخبروني
ببراءة طفولية ..
معلمنا كف عن العتاب ..
أن هذا ليس ذنبنا بل ذنب من غطى على عيوبنا في المرحلة الابتدائية ..
وأوهمنا
أننا نجيد ـ وببراعة ـ الحساب والقراءة ..
بل وحتى كتابة النصوص الشعرية..
وهكذا تتوالى فصول عدة لهذه المسرحية ..
ويتوالى الضعف والانهيار في أنظمتنا التعليمية ..علمـــــــوني ..
أن العدل من صفات المعلم المثالي وليتهم ما علموني ..
في أروقة اللقاءات التربوية
أطربوني ..
بكلمات رنانة عن الإخلاص والمصداقية
وليتهم ما أطربوني ..
قهروني
طرحوني
قذفوابي
لأصارع وحدي الإحساس بالمسؤولية
وما زالوا يتشدقون بأن كل هذا
من صميم سياساتنا التعليمية ..
صحت ـ سحقا ـ
لن تطرحوني أرضاً
فأنا معلم تربوي
قبل أن أكون موظف في دائرة حكومية
للحديث بقية
أخوكم
أ0 الأحيـــــــــــــــــــا ء