تحقيق - مناحي الشيباني: تصوير - حاتم عمر
لا تختلف حياته عن حياة غيره ممن لم يجد مكاناً في المجتمع فاختار لينام على الرصيف.. ويأكل على الرصيف.. وتنتهي فيه الحياة اليومية إلى السجون وعندما تنقضي محكوميته يستقبله صديقه الرصيف الذي لا يرفضه ولا يرفض غيره من الهائمين في الشوارع ولا يمل من جلوسهم طال بقاؤهم أم قصر بعد أن رفضهم المجتمع الكبير وعجزت مؤسسات المجتمع عن حل مشكلاتهم التي بدأت تطفو على السطح.
شاهدته سارح الذهن يفترش أحد الأرصفة.. وبجانبه قوارير من الماء.. وعدد من القطط التي تبحث عن بقايا أكل وتهرب تصارع الجوع لانهاء لن تجد هنا في هذا الممر الضيق ما يسد جوعها رغم أن ساكن الرصيف ممتلئ الجسم يظهر عليه الشبع لكنه يعاني الوحدة والفراغ وانعدام الثقة بالنفس والنظر للمستقبل وللماضي بمنظار أسود قال لي إن حياته أصبحت رتيبة اليوم مثل الأمس مثل غد لا يهمه ماذا سيئول عليه حاله ولا يعترف بالوقت وكم ساعة هو اليوم أو كم يوم هو الشهر أو كم شهر في السنة عن حياته قال لي درست المرحلة الابتدائية فقط والتحقت بالمعهد المهني قسم السباكة وحصلت على شهادة وحاولت من خلالها أن أحصل على عمل لكن لم أجد حاولت مع عدد من الشركات والمؤسسات لكن دون فائدة ومع السنوات حصلت على عمل في إحدى المؤسسات لكن ليس في تخصصي وبراتب لا يغطي احتياجاتي ومع مرور الوقت تركت العمل وحكم عليّ بالسجن في إحدى القضايا بالسجن خمس سنوات وبعد خروجي من السجن زادت معاناتي ولم أعد قادراً على الحصول على عمل حضرت من جدة للرياض بعد أن أصبحت أشعر أن أقاربي يتضايقون من وجودي والمجتمع يرفضني وجدت كثيرين يعيشون نفس ظروفي من خريجي السجون والمدمنين في الشوارع وتحت الكباري وعلى الأرصفة وأصبحت حياتي مثل حياتهم!!
وإذا تم القبض علينا قد يحكم علينا وقد نخرج بعد فترة ونعود للرصيف والرصيف كل يوم يجلب لنا أصدقاء جدد وأحياناً نتعرض للخطر فبعض من يسكنون الرصيف من المرضى النفسيين أو المجانين سألته وكيف تأكل ومن أين تحضر النقود قال لي الحمد لله نجد ما نأكل وما نشرب وأي شخص يوفر لنا بعض النقود التي تكفينا ليوم أو يومين وبعض ساكني الرصيف لديهم نقود لا تسألني من أين نأتي بها!
سألته وهل يوجد لك أسرة؟
قال لي نعم لكني لا أذهب إليهم لأني أشعر أني عالة عليهم.
وماذا عن اللجنة الوطنية لرعاية السجناء ألم تسأل عن وضعكم أو تدرس مشاكلكم بما أنكم أصحاب سوابق وخريجي سجن؟
قال لي: أول مرة اسمع عن هذا الموضوع منك.
قلت له :ماذا استطيع أن أقدم لك من مساعدة؟
قال لي: لا.. شكراً مستورة والحمد لله.
تركته ينام على رصيفه وينتظر زملاءه الهائمين في الشوارع ليقضي معهم بقية حياته اليومية وهو لا يدرك خطورة حياته بهذه الصورة وعن المخاطر الصحية والأمنية التي قد يتعرض لها أو قد يسببها للآخرين من حوله لكن هل سيدرك الآخرون خطورة أين يعيش شاب وغيره على الرصيف بهذه الصورة المؤلمة لا أدري.