خرجتْ من المسجد بعد أن صلّت العيد مع أهلها و إخوتها .. تأملت الناس من حولها ... الكل في أبهى لباس .. و الكل فرحون يهنئون بعضهم بعضاً .. تلفتت حواليها .. وقعت عيناها العسليتين على بقعةٍ ما .. تنهدتْ ...
(كنتَ في عيد العام السابق هنا تنتظرني .. متلهفاً لنظرةٍ أجود بكَ عليها ..)
تابعت المسير نحو منزلها .. و الذكريات تتابع ...
أهدته عشقاً تغار منه جولييت أو عبلة ... و بادلها حباً لم يرقى له عنترة أو روميو ... استمر حبهم أربع سنوات .. لكن - للأسف – فَضح أمرهما أمام أهلها ... فلم يجد بُدّاً من أن يتقدم لخطبتها و هو لم يكوّن نفسه بعد .. لكنه قوبل بالرفض .. حاول و حاول .. و أعاد الكرة مراراً .. لكنه رُفض .. فعلما يقيناً أنهما لن يكونا من نصيب بعض ,,,
فافترقا في نفس اليوم الذي اجتمعا فيه ... افترقا بعد أربع سنين عاشا خلالها أروع قصة عشق .. لو سُطرت عبر الأزمان ، لسُطرت بماء الذهب ... عشقٍ طاهرٍ نقي ... وعدها بأنه لن يحب بعدها أبداً سوى زوجته .. و هي وعدته كذلك ..
ومضى على فراقهما خمسة أشهر ... تمنت خلالها ( بسمة ) لو ترفع سماعة الهاتف لتسمع صوته .. لتطمأن عليه ..
خلالها تمنى ( هيثم ) لو يرفع سماعة الهاتف فيسأل عنها ...
برغم الفراق إلا أنه كان يملؤها أملٌ بالعودة ... فكانت تنتظره كل يومٍ في النافذة ... علّها تلمحه يمر من أمام منزلها تبكيه كل ليلة ...تذكركم كانت تحبه ... تذكر عيناه البنيتان اللتين هامت بهما .. تذكر عنفوانه .... تذكر رجولته الشرقية التي كانت تسحرها ... تذكر طيب أخلاقه ... حنانه ... عطفه ... و روعة حديثه ...
كان هو يبكيها ليلة ... يذكر كم كان يحبها ... كم كان يعشق عينيها العسليتين ... خصرها النحيل .. يذكر كيف كان يهيم بسمرة جسدها الغض ... و بشعرها المتناثر حول وجهها البيضاوي .. يذكر صوتها الملهوف ... و حنانها .. يذكر كم كان يحبها ، و كم كانت ..
لم يجرحها بكلمة ... و لم تغضبه بفعل ... كان أميرها المدلّل .. و كانت جاريته المطيعة ...
اليوم مرّ على فراقهما خمسة أشهر ... تنهدتْ تريد وأد الذكريات في صدرها ... وصلت إلى المنزل ... جهزت الإفطار ، و جلست مع الأسرة حول المائدة ...
مرّ اليوم الثاني للعيد ، و جاء اليوم الثالث ...
دخلت بسمة غرفتها تريد أن تستريح ، فإذا بهاتفها المحمول يرن .. نظرتْ إلى شاشته الزرقاء ...
( رقمٌ غريب !!!.. من يا تُرى صاحب هذا لرقم ..؟؟!!.... لن أرد على أي رقمٍ غريب ...)
أعادت الهاتف مكانه ، و استلقت على السرير .. صمت الرنين ، و ثرثر الفضول ... أخذت الهاتف و راحت تتأمل الرقم ...
( من يا تُرى صاحب الاتصال ؟؟..!!!!.... و من سيتصل في مثل هذا الوقت .. إنها العاشرة صباحاً .. و أعتقد أن الناس نيام في وقتٍ كهذا ..!!!)
قطع تسلسل أفكارها عودة رنين الهاتف .. نفس الرقم .. لم تقاوم هذه المرة .. بل استسلمت لفضولها ..
( ألو ، نعم ...)
جاءها صوتٌ أنثوي .....
( بسمة ؟؟)
( أجل أنا بسمة .. من معي ؟؟)
( أنا سحر .. أتذكرينني ؟... سحر العبد الله )
جلست بسمة فور سماعها إسم المتصلة ..
إنها ... إنها ... سحر .. جارت هيثم ...